الفصل السادس

سولون (١)

الإصلاح الاجتماعي – إسقاط الدين.

***

لم يكد يملك سولون سلطان الأركون حتى حرر الشعب، فحظر أن يتخذ في الحال أو المستقبل شخص المدين رهينة بدينه.

شرع قوانين وأسقط جميع الديون١ العامة والخاصة،٢ وهذا هو الإصلاح الذي يُسمى «ساي سكتيا» (وضع الثقل)، كأنه قد وضع عن أعناقهم حملًا ثقيلًا.
حاول بعضهم أن ينكر على سولون هذا الأمر، وذلك أنه حين كان يفكر في إسقاط الديون أفضى برأيه إلى بعض أصحابه من الأرستوقراطية،٣ وهؤلاء كما يقول الديمقراطيون حاولوا إحباط مسعاه، ويقول الذين يريدون أن يسيئوا صوته إنه استفاد من سعي هذه الطبقة من الأرستوقراطية.

اتفق هؤلاء الناس على أن يقترضوا مالًا وأن يشتروا كثيرًا من الأرض، فلما أسقط سولون الديون بعد قليل أصبحت لهؤلاء الناس ثروة ضخمة، ويقال إن هذا منشأ كثير من الغنى الذي يزعم أهله أنهم به قديمو عهد.

ولكن رواية الديموقراطيين أقرب إلى الحق، والرواية الأخرى لا تكاد تُقبل، فكيف لرجل بلغ من القصد وحب المنفعة العامة ما بلغه سولون كان قادرًا على أن يحول القوانين لمنفعته الخاصة، وأن يثبت سلطانه على المدينة فلم يفعل شيئًا من ذلك، بل جعل نفسه موضع بغض الفريقين؛ لأنه وضع الشرف وسلامة الدولة فوق سلامته الخاصة، نقول: كيف لرجل هذه حاله أن يفعل ما يتهمه به خصومه من الأرستوقراطية؟ أكان يمكن أن يدنس نفسه بعمل حقير دنيء كهذا؟ وليس الذي منعه من هذا قلة سلطانه، وهو الذي طب لأدواء المدينة، على أنه قد ذكر ذلك أكثر من مرة في شعره، والمؤرخون لا يختلفون فيه.

إذن فليس من شك في أن مثل هذه التهم ليست إلا كذبًا صريحًا.

١  غير أرسطاطاليس من المؤرخين يروي أن سولون لم يُسقط الديون، وإنما حظر قهر الأشخاص.
٢  أي ديون الدولة والأفراد.
٣  هم كونون وكلينياس وهيبوتيكوس، (انظر «بلوتارخ» سولون فصل ١٥).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤