خاتمة

منذ ذاك فصاعدًا، بات العالَمُ ملكها؛ لأنها تقرأ!

بيتي سميث، «شجرة تنمو في بروكلين»

لم تكن أليسون قارئةً متحمِّسة عند بداية العام الدراسيِّ، ولكونها مُطِيعةً وتسعى إلى إرضاء مُعلِّميها، تظاهرَتْ باهتمامها بالكتب؛ لأنني كنتُ أتوقَّع منها ذلك، لكنَّ كلَيْنا كان يعرف أنها ليست قارئةً متحمِّسةً؛ فعددُ الكتب التي هجرتها يفوق تلك التي أتمَّتْ قراءتها، وكانت تزعم أن كل كتابٍ منها «ممل»، أو «ليس من نوعية كتبها المفضلة». كانت تتردَّد على مكتبة المدرسة كثيرًا أو تسألني إنْ كنتُ في حاجةٍ إلى المساعدة في شئون الفصل بدلًا من أن تقرأ، وحين تحدَّثْتُ معها عن القراءة في المنزل، أقَرَّتْ أنها لا تقرأ في المنزل. كانت أليسون تريد أن تصبح قارئةً، وحاوَلَتْ، لكنها فقط لم تكن تستطيع الالتزامَ بالقراءة، وأخبرَتْني أنها تشعر بالانهزام.

كانت أليسون — التي تهجر الكتب يوميًّا تقريبًا — تقضي معظم وقت القراءة المستقلة في معايَنةِ مجموعات الكتب التي كنتُ أختارها لها بنفسي، وقد نجح معها بعضُ الكتب التي رشَّحْتُها مثل «في انتظار حياة طبيعية» لليزلي كونور، بينما لم تفلح معها كتبٌ أخرى مثل «لا مزيد من الركاب بعد هذه المحطة» لجينيفر شولدينكو. وفي مقابل كل كتاب تُتِمُّ قراءتَه، كانت تهجر كتابين أو ثلاثة. تخوَّفْتُ من أن تكون معاينتها الكتب معي قد أصبحَتْ أحدثَ طرقها في تجنُّب القراءة، ومع ذلك، بدأَتْ تنمو لدى أليسون بوادرُ ثقةٍ بخصوص القراءة ومزيد من الجَلَد؛ حيث كانت تُتِمُّ قراءةَ كتبٍ عديدةٍ، وتختار كتبًا بنفسها من حينٍ إلى آخَر. ومع ذلك، كان مستوى انخراطها يزيد ويقل من كتابٍ إلى آخَر؛ فحين لا يأسر خيارُها انتباهَها، كانت ترجع إلى عاداتِ عدم القراءة مرةً أخرى.

كانت لينزي أقربَ صديقةٍ لأليسون في الفصل. وعلى النقيض من أليسون، كانت لينزي تقرأ حوالي ثلاثة أو أربعة كتب أسبوعيًّا؛ حيث تلتهم السلاسل وتبحث باستمرارٍ عن كتب جديدة لتقرأها. ومع نمو صداقتهما، رشَّحَتْ لينزي — التي كان يبدو أنها غير مُدرِكة لرفض أليسون للقراءة — سلسلةَ «الشفق» لها. لقد هامَتْ لينزي حبًّا بسلسة الشفق، ورشَّحَتِ السلسلةَ بشغفٍ بالغ لقرَّاءٍ آخَرين في الفصل، حتى إنها أقنعَتِ الفِتْيَة بقراءتها، فاستعارَتْ أليسون — التي كانت صديقة لطيفة بقدر ما كانت تلميذة لطيفة — نسخةَ لينزي من كتاب «الشفق». لم أكن متفائلةً بأن أليسون ستُتِمُّ قراءةَ الكتاب، وكنتُ أخشى أنها لن تهجر «الشفق» إذا لم تستمتع به لأنها لم تكن تريد مضايقة لينزي. إن أليسون لم تقرأ قطُّ كتابًا في حجم «الشفق»، وكنت أعرف أن حبكة الكتاب تكون مُمِلَّةً في بعض المواطن؛ ما قد لا يساعد قارئةً ناشئة، لكني أخفيتُ وساوسي لأنني تمنَّيْتُ نجاحَ التجربة.

وبعد مرور أسبوع وهي تقرأ رواية «الشفق»، أخبرتني أليسون بأنها أحبَّتْها، فاحتفيتُ معها بذلك، وناقشتُها في النقطة التي وصلت إليها في الكتاب، وعن توقُّعاتها لمثلث الحب الذي يجمع بين إدوارد وجيكوب وبيلا، وآرائها في بيلا، وأفكارها عن مصاصي الدماء والمستذئبين. عندما فرغَتْ أليسون من قراءة «الشفق»، انتقلَتْ إلى «قمر جديد»، ثم إلى «خسوف». ومع سعادتي بأنَّ أليسون قد وجدَتْ أخيرًا عدة كتب متوالية تستمتع بقراءتها، نبذتُ مشاعري الفاترة تجاه السلسلة، وكنت أتوقَّف عند مكتبها كثيرًا أتبادل معها الحديثَ حول الكتب.

وبينما كانت في منتصفِ آخِر كتابٍ في سلسلة الشفق «بزوغ الفجر»، تناقشتُ معها حول خططها المستقبلية للقراءة قائلةً: «ما الذي تخططين لقراءته عند الانتهاء من «بزوغ الفجر»؟»

بَدَا أن أليسون قد بُوغِتَتْ بالسؤال وقالت: «إنني لم أفكِّر حقًّا فيما أحبُّ أن أقرأه بعد ذلك.»

وبقدرِ ما كانت مثيرةً فكرةُ أن أليسون قد وجدت أخيرًا سلسلةً استطاعَتْ أن تلتزم بقراءتها إلى النهاية، كنت أعرف أنها إنْ لم تجد كتابًا آخَر عمَّا قريب، فإنها سرعان ما قد تعود إلى عادات عدم القراءة. وبتقييمي لتجارب أليسون المتفاوتة في القراءة، لم أستطع أن أرى تفضيلاتٍ واضحةً يمكنها توجيه اختيارات الكتب في المستقبل. ومع ذلك، فقد أحبَّتْ سلسلةَ «الشفق»؛ ومن ثَمَّ فقد كانت هذه نقطةَ انطلاقٍ، فسألتُها قائلةً: «ما الذي أعجبك في سلسلة «الشفق»؟ هل هو مصاصو الدماء أم الرومانسية؟»

هزَّتْ أليسون كتفها قائلةً: «لستُ متأكدةً. أعرف أن علاقة بيلا وإدوارد تُبقِيني مهتمةً بالقصة. لا بد أن أستمر في قراءة السلسلة لأرى إنْ كانا سيبقيان معًا، أم أن أحدهما سيموت. كنتُ قَلِقةً من أن تكون الكتب مخيفةً، لكنها ليسَتْ كذلك.»

رَدَدْتُ على أليسون قائلةً: «إذا استطعتِ تحديدَ ما يروق لكِ في سلسلة «الشفق»، فإن هذه المعلومة يمكنها أن تقودك إلى مزيدٍ من الكتب التي قد تستمتعين بقراءتها. فكِّرِي في ذلك بينما تقرئين «بزوغ الفجر»، وأخبريني برأيك حين نتحدَّث معًا في المرة القادمة.»

حين توقَّفْتُ للنقاش مع أليسون في اليوم التالي، أخبرَتْني بأنها أحبَّتْ سلسلة «الشفق» بسبب الرومانسية، وليس بسبب مصاصي الدماء والمستذئبين. ومع حصولي على هذه المعلومة، فكَّرْتُ في ماهية الكتب التي أرشِّحها لها بعد ذلك، والتي يمكن أن تُبقِي على قوتها الدافعة مستمرةً، فكانت سارة ديسن هي الخيار الأمثل من المؤلِّفين لأليسون؛ لأن إنتاجها غزيرٌ، وكُتُبها معتدلة بالمقارنة بالإصدارات الرومانسية الأخرى للمراهقين؛ وهذا ملائم جدًّا لأليسون. طلبتُ من زوي — خبيرة الفصل في الكتب الرومانسية — أن ترشِّح أفضلَ عنوانٍ لشخصٍ يقرأ أعمال سارة ديسن للمرة الأولى، فاقترحَتْ زوي «لوك والمفتاح» بحماسٍ، وهو الترشيح الذي اتَّفَقَ عليه باقي قرَّاء الروايات الرومانسية في الفصل كذلك.

أنهَتْ أليسون «لوك والمفتاح» في أيام قليلة، وقرأت باقي كُتُب سارة ديسن المتاحة على رفِّ كتبِ البالغين. وفي صباح أحد أيام الإثنين، دخلَتْ أليسون إلى الفصل — محمَّلةً بحفنةٍ من الكتب — وقالت لي: «سيدة ميلر، لقد فُوجِئ أبي برغبتي في الذهاب إلى متجر الكتب في عطلة نهاية الأسبوع، حتى إنه اشترى لي أربعةَ كتب! اشتريتُ بعض كتب سارة ديسن التي لا تملكينها.» جذب نبأ أليسون هذا حشدًا من القراء الآخَرين الذين راحوا يمرِّرون الكتبَ ويقرءون النبذةَ المطبوعة على الغلاف الورقي الخارجي، ويقارِنون بين الأغلفة، ويدوِّنون العناوينَ في دفاترهم.

وعند نقاشي مع الطلاب لاحقًا، لاحظتُ أن أليسون ولينزي تتبادلان أطرافَ الحديث، وتنظران إلى كتب أليسون الجديدة. وبينما تتحدثان، أخرجَتْ أليسون رواية «لوك والمفتاح» من حقيبة كتبٍ وقدَّمتها لصديقتها؛ ابتسمتُ وأنا أفكِّر في أن أليسون التي كانت تعتمد سابقًا على ترشيحات الكتب التي يقدِّمها لها الآخَرون، أصبحت الآن ترشِّح كتبًا لواحدةٍ من أكثر القارئين نَهَمًا في فصلنا.

حين انتهت أليسون من مجموعة كتب سارة ديسن، وجدَتْ كُتُبًا أخرى لتقرأها؛ باستكشافها في المكتبة، وبطلب ترشيحات، وبقراءة الاستعراضات النقدية على الإنترنت. وحين اكتشفَتْ أنني لا أحب سلسلةَ «الشفق» ولا أستمتع بالروايات الرومانسية بدرجةٍ كبيرةٍ، مازحَتْني قائلةً: «إنك بالتأكيد تعلمين كثيرًا عن هذه الكتب على الرغم من عدم محبتك لها.»

فضحكتُ قائلةً: «أليسون، يجب عليَّ أن أقرأ قليلًا من كل شيء، حتى يتسنَّى لي أن أساعدكم في العثور على ما تحبون.»

بالمعرفةِ أكثر عن الكتب والمؤلفين، والقراءةِ كل يوم، وبناءِ علاقات مع قرَّاء آخَرين، مثل لينزي وزوي، والالتزامِ بسلاسل أطول مثل «الشفق»، وتأمُّلِ تفضيلاتها وخبراتها الناشئة؛ اكتسبَتْ أليسون الثقةَ والكفاءةَ الذاتية. وعبر نجاحاتها، بدأت أليسون ترى نفسها كقارئة لا تقل عن أي طالب آخَر في الفصل. لقد اكتسبَتْ أدواتٍ للحفاظ على عادات القراءة في حياتها دون مزيدٍ من الاعتماد عليَّ في الحصول على ترشيحات الكتب، أو على مكتبة الفصل، أو على النقاش معي للإبقاء على حماسها. لقد أصبحَتْ قارئةً نَهِمةً وهي في الصف السادس.

وفي آخِر يومٍ من العام الدراسيِّ، احتضنَتْني أليسون وقالت: «مَن كان يصدِّق يا سيدة ميلر؟ مَن كان يعلم أنني سأصبح بارعةً في القراءة؟»

ضمَمْتُها في حضني وعيناي مغرورقتان بالدموع وقلتُ: «أنا كنتُ أعلم، أليسون. طالما علمتُ ذلك، والآن أنتِ أيضًا تعلمين ذلك.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤