ثناء على الكتاب
يُذكِّرنا كلُّ فصلٍ من فصول هذا الكتاب بمكوِّن مهم في تنشئةِ شبابٍ «يقرءون» بنَهَمٍ! فيتناول الكتاب كل سمة ينبغي للقارئ اكتسابها على نحوٍ سلسٍ وبارع وهادف؛ بدءًا من التوقيت، مرورًا بالاختيار، وصولًا إلى الجودة.
إن كتاب دونالين ميلر هو الدليل الذي نحتاج إليه لفَهم تعقيدات توجيه القرَّاء؛ فميلر على درايةٍ بالكتب والأطفال والمعلِّمين. يمنحني هذا الكتاب أساليبَ جديدة للتفكير في قائمة قراءات أدبية شخصية، وفي قصورِ مستويات مقياس ليكسل. إذا سبق لك التردُّد بشأن التشاوُر مع القرَّاء، فسوف يدفعك هذا الكتاب للبدء مستعينًا بوعي جديد بالهدف وبالأدوات التي تحتاج إليها لتشخيصِ عاداتِ غيرِ القرَّاء. إن التصوير الصادق الذي تقدِّمه دونالين لتحديات تأسيس عادات القراءة مُلهِمٌ وعمليٌّ.
بينما يقدِّم كتاب «الهامسون بالكتب» خارطةَ طريقٍ لتبنِّي منهجيةٍ لتعليم القراءة تتميَّز بالقوة والتمكين، فإن هذا الكتاب يجعلك تنطلق في سبيل تحقيق ذلك بأقصى سرعة. تتحدى دونالين ميلر مرةً أخرى الآلياتِ الداخليةَ في فصولنا المدرسية، وكذلك في فصلها؛ وتسأل قائلةً: «إذا كان الطلاب قرَّاءً مستقلين بحق، فلماذا لا يزالون بحاجةٍ إلى معلم لتوجيه حياتهم كقرَّاء؟» وبالتعاون مع سوزان كيلي، تُعِيد دونالين تعريفَ ما تعنيه القراءة «على نحو مستقل»، وتستند إلى البحث والممارسة داخل الفصول المدرسية لمساعدة كل طفل في أنْ يصبح قارئًا نَهِمًا حقيقيًّا.
يُعَد هذا الكتاب التَّتمة المثالية لكتاب «الهامسون بالكتب»! فلم تتوسع المؤلِّفتان فحسب في الأفكار التي تتناول إحياء القارئ الداخلي لدى كل طفل، وإنما أيضًا ترشدان بحقٍّ المُعلِّمين على اختلاف مستويات خبراتهم ليتيحوا الفُرَصَ لطلابهم كي يُصبحوا قرَّاءً جامحين. إذا كنت تبحث عن كتاب يحفِّز جميع المُعلِّمين والإداريين على مساعدة الطلاب في الانضمام إلى رَكْب القرَّاء؛ فاجلسْ واستمتِعْ بقراءة هذا الكتاب.
في هذا الكتاب أبدعَتْ دونالين ميلر وسوزان كيلي في صياغة كتاب زاخر بالإمكانية والواقعية. أشعر كما لو أنهما قد رأتا فَصْلِي بحقٍّ، وسمِعَتا أسئلتي، وتوقَّعتا ما قد أتعثَّر فيه، وعرفتا طلابي جيدًا لدرجةٍ سمحَتْ لهما بتوجيهي لرؤيتهم في ضوء مختلف. هذا الكتاب فريد من نوعه؛ يقدِّر المعلمين، ويُقرُّ بقيمتهم ويشجعهم. وبما أن هذا الكتاب قائم على الممارسات الاحترافية للمؤلِّفتين وعلى أبحاثهما الشخصية المهمة، فإنه يلفت انتباه المعلمين ويقدِّم لهم نماذجَ يُحتذَى بها، ويدعمهم دعمًا حقيقيًّا في رفع مستوى أدائهم، عندما يصطحبون الطلاب القرَّاء من بيئة التجارب الهادفة داخل الفصل المدرسيِّ إلى بيئةِ تنميةِ عادات «القرَّاء الجامحين» وهُوِيَّاتهم الحقيقية. ميلر وكيلي قارئتان رائدتان، ومعلمتان مثاليتان ترفعان مستوى التوقعات، وتتوقعان من الطلاب التطور من مرحلة الامتثال إلى الإنجاز، لا نتيجةً للإجراءات المدرسية المحدودة، وإنما لأن القرَّاء الحقيقيين لديهم هدفٌ ومجتمع وهُوِيَّة. هذا هو الكتاب الذي يتوجَّب علينا تمريره بين زملائنا، وإهداؤه للمستجدِّين في مجالنا، والرجوع إليه مرارًا وتكرارًا. إنه يثير نَهَم القراءة بداخلنا «ويُثْريها».
بأسلوبها الفذِّ، كتبَتْ دونالين ميلر كتابًا رائعًا آخَر عن العلاقات: العلاقات بين المعلمين والأطفال، والعلاقات بين الأطفال بعضهم مع بعض، والعلاقات الوثيقة بين القرَّاء الجامحين والكتب. تُقِرُّ ميلر بالضرورة الحتمية للمشاعر والتواصل إذا كنَّا نطمح في جعل الطلاب ينجذبون للقراءة التي ستؤثِّر في حياتهم، وتوضِّح لنا أن القرَّاء الجامحين يجدون الوقت، ويدافعون عن خياراتهم، ويشعرون بالراحة، ويجدون هدفًا محوريًّا في الكتب وفي التحدُّث بعضهم إلى بعض. يزخر هذا الكتاب بآراءِ الأطفال والحلولِ العملية للعقبات الشائعة، وبدلًا من تركنا نتخبَّط في الظلام، يأخذنا من أيدينا ليوجِّهنا مِهْنيًّا وأخلاقيًّا إلى الوجهة الصحيحة والمثالية.
استكمالًا لما انتهى إليه كتاب «الهامسون بالكتب»، يتوسع هذا الكتاب في الحوار التعليمي إلى نطاقٍ يتجاوز الفصلَ المدرسيَّ لجعل الطلاب يفكرون في حياتهم كقرَّاء، بعيدًا عن الدعم الذي نقدِّمه لهم في أثناء اليوم الدراسيِّ. وبفضل ما يتمتع به هذا الكتاب من صراحة وصدق، فضلًا عن العملية، فإنه حكيم ومناسب في توقيته. وسواء أكنتَ مُعجَبًا بكتاب «الهامسون بالكتب»، أم تتعرَّف للمرة الأولى على دونالين ميلر من خلال هذا الكتاب الأحدث لها؛ فسوف تجد فيها صديقةً مشجِّعةً، يثير فيك صوتُها الواقعي التحفيزي جذوةَ الاهتمام والحماس في الوقت نفسه.
هذا الكتاب ذو طابع مميز؛ حيث تطبِّق ميلر ما تَعِظُ به. إنه كتاب عن التواصل والاحتفاء والاختيار. إنه عن القرَّاء والكتب.