الفيلسوف المسيحي والمرأة
«يذهب القديس بولس إلى أن الوضع الثانوي — بل المتدنِّي — للمرأة ينسجم تمامًا مع النظام العامِّ للكون، وهو في ذلك يشبِه أرسطو فيما ذكَره عن الهيراركية (أو الترتيب التصاعدي) القائمة في الأشياء والموجودات التي يزخر بها الكون. ومن ثَم فقد أقام المعلِّم الأول دونيةَ المرأة على أساسٍ ميتافيزيقي، وهكذا يفعل القديس بولس.»
صُبِغت العادات والتقاليد القاهرة للمرأة، المرتكِزة على التُّراثَين اليوناني-الروماني واليهودي، بصِبغةٍ دينية مسيحية وصلت إلى حدِّ القداسة، زادت من وضع المرأة سوءًا؛ إذ عمَد اللاهوتيون والفلاسفة المسيحيون إلى العهد القديم والتراث اليوناني الروماني، وانتقَوا منه ما يدعم العُرف الاجتماعي السائد الذي يُعلي من قِيمة الرجل إلى حدِّ السيادة على المرأة، ويُدني من قِيمتها إلى حدِّ العبودية للرجل، على نحوِ ما فعل القديس «بولس». وهذا ما نكتشفه في هذا الكتاب الذي خصَّصه الدكتور «إمام عبد الفتاح» للحديث عن علاقة الفيلسوف المسيحي بالمرأة ونظرته إليها التي تمحورت حول الجسد، واعتبارها مصدرًا للغواية وبابًا للرذيلة مثلما أغوَت «حواء» «آدم». ويضرب لنا الكتاب أمثلةً بكثيرٍ من هؤلاء الفلاسفة، مُلقِيًا الضوء على ظروف نشأتهم وحياتهم الأولى قبل الرهبنة والانقطاع للعلم والفلسفة.