ما ينبغي أن يُقال

جونتر جراس، ٢٠١٢م
لماذا أصمتُ؟ ولماذا صمتُّ طويلًا طويلًا
عما هو واضح للجميع؟ عما يُمارَس كألعاب
تحاكي الواقع، وفي نهايتها سنكون، نحن الناجين؟
مجرد ملاحظات هامشية.

•••

إنه الحق المزعوم في توجيه الضربة الأولى
التي قد تمحو من الوجود الشعب الإيراني
المقموع من بطل صوتي جَعْجَاع.
والمُقتاد إلى التهليل المنظم؛
لأنهم يشتبهون في حيازته
قنبلة ذرية تحت الصنع.

•••

ولكن لماذا أمنع نفسي
من ذِكْر ذلك البلد الآخر بالاسم
الذي يمتلك ومنذ سنوات
— ولكن في سِرِّية — قدرات نووية تتزايد،
غير أنها خارج نطاق المراقَبة؛ لأنه لا يُسمح لأحد
بإجراء تفتيش؟

•••

الصمْتُ العام عن هذا الفعل الإجرامي،
الذي يندرج تحته صمتي،
أشعر به مثل كذبةٍ تدينني
إنه إرغام، إذا لم أرضخ له،
لاحت العقوبة،
الحكم الشائع: «معاداة السامية».

•••

ولكن الآن؛ لأن بلدي
الذي تلاحقه وتُعرضه للمساءلة،
المرة تلو الأخرى،
جرائم عتيدة لا نظير لها،
سيورِّد غواصة أخرى إلى إسرائيل،
مجرد صفقة معهودة،
وإنْ كانت الشفاه تسرع في وصفها بأنها تعويض.
ما يميز هذه الغواصة
أنها تستطيع أن تُوجِّه رءوسًا متفجرة
تدمر كل شيء،
هناك، حيث لم يثبت وجود قنبلة نووية واحدة،
لكن المخاوف تزعم لنفسها قوة الدليل،
لهذا أقول ما ينبغي أن يقال.

•••

لماذا صمتُّ حتى الآن؟
لأني رأيت أن أَصْلِي،
الذي التصقَتْ به وصمة عار لا تُمْحَى أبدًا،
يمنعني من البوح بهذه الحقيقة
وأن أواجه بها إسرائيل، البلد
الذي أتضامن معه
وأريد أن أبقى كذلك.

•••

لماذا لم أَقُل إلا الآن،
طاعنًا في العمر، وبآخر قطرات الحبر:
إن إسرائيل، القوة النووية، تهدد
السلام العالمي الهش بطبيعته؟
لأنه ينبغي أن يُقال
ما سيكون في الغد قد فات أوانه،
ولأننا أيضًا
— كألمان مُدانِين بما يكفي —
قد نصبح المُورِّدِين لجريمة
متوقَّعة، فنحن شركاء في ذنبٍ
لن يُمحَى
بالأعذار المعهودة.

•••

ولكنني أعترف: لن أصمتَ بعد اليوم
لأنني سئمتُ نفاق الغرب،
ولأنني آمل أن يُحرِّر كثيرون
أنفسهم من أغلال الصمت،
ليطالبوا المتسبِّب في الخطر البيِّن
بنبذ العنف،
والإصرار في الوقت نفسه
على مراقبة دائمة لا يعوقها عائق
لقدرات إسرائيل النووية
ومنشآت إيران الذرية،
تقوم بها هيئة دولية
توافق عليها حكومتا كلا البلدين.

•••

هكذا فقط يمكن تقديم المساعَدة للجميع،
للإسرائيليين والفلسطينيين،
بل لكل البشر
الذين يعيشون،
في عداوةٍ جنبًا إلى جنب،
في هذه المنطقة التي يَحتلُّها الجنون
ونساعد، في خاتمة المَطاف، أنفسنا أيضًا.
(ترجمة: س. ج)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤