الفصل العاشر

لماذا أصبح اليورو منجم ذهب لصُنَّاع النقود؟

لا توجد منتجات صناعية كثيرة جدًّا في يومنا هذا ما زال بمقدور الأوروبيين أن يزعموا قيادة العالم فيها. وطباعة أوراق النقد في أوسع معانيها واحدة من صناعات القطاع الخاص التي ضَمِنت هذا النجاح. لذا ربما توقَّع المرء أن إنتاج عُملة أوروبا الموحَّدة الجديدة سيتمخض عن نموذج لورقة نقد يجمع بين الحداثة في التصميم، والكمال الفني في الأمن، والمعقولية في الثمن. وعلى الرغم مما بُذل من جهود جبارة، لم تُنجَز هذه المهمة الهائلة. صحيح أن تحويل العملة أُعِدَّ له حتى أدق التفاصيل؛ إذ تولَّى هذه المهمة — على طريقة هيئة الأركان العامة — الإسباني أوخينيو دومِنجو سولانس، العضو المُعيَّن بدائرة البنك المركزي الأوروبي، والفنلندي آنتي هاينونِن، مدير أوراق النقد، بالإضافة إلى البنوك المركزية الوطنية المعنية. مضى الأمر بسلاسة وﺑ «معنويات عالية» كالتي تُميِّز المحتفلين بالعام الجديد، حسبما ذكرت الصحف في عموم أوروبا في اليوم التالي. كان الثلاثمائة مليون أوروبي لا يعرفون إلا القليل عن الجهود والمتطلبات التي تضمَّنتها التحضيرات الفنية التي استمرت عشر سنوات لهذه التجربة النقدية الكبرى. لكن لم يَغِب الغرور والطموح الفردي من جانب كل دولة من دول الاتحاد عن هذا المشروع المليء بالتحديات الاقتصادية والنفسية؛ حيث انتزعت الأنانية، الحاضرة دائمًا والمفهومة جيدًا، تسويات تدعو إلى التزام الحد الأدنى من القاسم المشترك على طول الطريق. وبهذه الطريقة تحوَّل اليورو — السمة المميِّزة لأوروبا الموحدة — بنجاح إلى «ورقة نقد سياسية» أثَّرَتْ أحيانًا بالسلب على المعايير الصارمة عادةً في هذه الصناعة المُؤَمَّنة. لم يتسرَّب إلى الأحاديث العامة بالطبع إلا القليل عن هذه الأمور؛ نظرًا لصدور أمرٍ بحظر النشر تمامًا من قِبَل البنوك المركزية المشارِكة والمعهد النقدي الأوروبي — باعتباره النموذج الأوَّلي للبنك المركزي الأوروبي — بدايةً من مرحلة التخطيط المبكرة. اضطر أعضاء مجالس الإدارات بهذه الصناعة ذات التدابير الأمنية الصارمة، الذين كانوا معنيين بالتحضيرات، إلى الالتزام خطيًّا بالسرية المطلقة. حتى موظفوهم وعمَّالهم، وصولًا إلى التلامذة الصناعيين، أقسموا على الصمت. كان مفهومًا تمامًا أنَّ «مَن يتحدث عن هذا وهو يحتسي شرابًا بعد انتهاء ساعات العمل يُجازف بفقدان وظيفته.» إن تطوير منظومات تسليح جديدة ربما ما كان ليجري في ظروف أشد سرِّية من ذلك.

اتُّخذت هذه التدابير الاحتياطية لأسباب وجيهة. كان كل وزراء الخارجية ووزراء المالية الذين وضعوا توقيعهم على مشروع إنشاء عملة أوروبية موحَّدة في ماستريخت الهولندية في فبراير عام ١٩٩٢م يُدرِكون جيدًا أن هذا لن يكون مشروعًا باهظ التكلفة فحسب، بل سيكون أيضًا مشروعًا سياسيًّا وفنيًّا غير مسبوق.1 كانت المجموعة الأوروبية آنذاك تتألَّف من اثني عشر بلدًا. البنوك المركزية بطبيعتها معتادة على درجة كبيرة من الاستقلالية في تصميم أوراق نقدها الوطنية وطبعها. فبجانب العَلَم الوطني، فإن العملة الوطنية بأوراق نقدها هي أهم رمز للسيادة الوطنية في أي بلد. كان يُفترض آنئذٍ أن يُلغَى رمز الشخصية الوطنية هذا ليُفسِح المجال لعُملة مشتركة تكون مشروعًا مشتركًا بين اثنَيْ عشر بنكًا مركزيًّا في إنتاجها واستخدامها. كانت الهيبة الوطنية على المحك، ومثلها كان المال. قدَّر فِم دويزنبرج، أول رئيس للبنك المركزي الأوروبي، ذات مرة تكلفة كل التدابير المرتبطة بتحويل العُملة بما يصل إلى ٠٫٨ في المائة من مجموع النواتج المحلية الإجمالية للاثني عشر بلدًا التي صنعت اليورو. كان ذلك يساوي ٥٢ مليار يورو. بطبيعة الحال، لم يُنفَق جزء كبير من هذا المبلغ على عملية طبع أوراق النقد وحدها، ومع ذلك ظلَّت صفقة اليورو هذه بالتحديد مثيرةً للشهية، وأراد كل واحد الحصول على جزء منها لو استطاع. وما كان ممكنًا التعامل مع هذا الموقف دون صراعات.

مجرد تحديد مختلف فئات اليورو ثم تقرير العدد الإجمالي من الأوراق الذي تحتاجه كل دولة عضو على انفراد من كل فئة فيما يخص الطرح النقدي الأوَّلي تسبَّب في مناقشات لا تنتهي، وتأجيل استمر لسنوات. كان هناك افتقار إلى تجربة سليمة يُلجأ إليها عند الضرورة. كانت أعرافُ تداول النقد في بلدان اليورو متباينة. قرَّر المعهد النقدي الأوروبي في تمحيصه أن نصيب الفرد من أوراق النقد في فنلندا في نهاية عام ١٩٩٦م هو ٢١ ورقة، فيما يبلغ متوسط نصيب الفرد في إيطاليا والنمسا ٥١ ورقة. وليست مصادفةً أن كلا هذين البلدين وجهة سياحية مفضَّلة. كان مثار الخلاف عدد الفئات المُصدَرة، وتوزيع النقد وبطاقات الائتمان، ونطاق تكدُّس النقدية الشائع تمامًا في المناطق الريفية، والنقد الشارد الذي يأخذه السُّيَّاح معهم إلى أوطانهم، ونطاق الاقتصاد غير الرسمي، وأشياء أخرى كثيرة. في فنلندا مثلًا، يستطيع المرء أن يدفع أُجرة التاكسي ببطاقة ائتمان حتى في الدائرة القطبية الشمالية، وأما في شبه جزيرة أيبيريا أو في شبه جزيرة بيلوبونيز، فيُنصح المرء بحمل نقد في جيبه، وبالأخصِّ من الفئات الصغيرة. كانت صعبة بالمثل تقديرات المعهد النقدي الأوروبي للعملات المحتفَظ بها في الخارج، وبالأخص المارك الألماني باعتباره ثاني أهم عملة احتياطي في العالم بعد الدولار.

أخيرًا وقُرب نهاية تسعينيات القرن العشرين، صدر الأمر بطبع ١٥ مليار ورقة نقد في إطار إصدار التحويل الأوَّلي؛ من بينها ٤٠ في المائة خُصِّصت ﮐ «احتياطي لوجستي» يُحبس عن الإصدار الفوري (انظر الجدول رقم ١٠-١). كان يُفترض أن تحلَّ تلك الأوراق محلَّ «الأوراق القديمة»، وعددها ١٢٫٧ مليارًا، وهي تكملة أولية مناسبة إذا أخذ المرء في اعتباره أن أوراق اليورو أعلى قيمةً بكثير من أوراق النقد التي كان يفترض أن تحل محلها، كالفرنك الفرنسي والليرة الإيطالية والشلن النمساوي. وإذا حسبنا احتياطي الطوارئ الاستراتيجي للبنك المركزي الأوروبي البالغ ١٫٨ مليار ورقة، والذي أُمِر أيضًا بطبعه في عام ٢٠٠١م على نحو مفاجئ تمامًا، بالإضافة إلى متطلب الإصدار الأوَّلي البالغ ٤٫٨ مليارات ورقة في عام ٢٠٠٢م، وصلت الدفعة بأكملها إلى ٢١٫٦ مليار ورقة نقد. يساوي هذا الرقم تقريبًا رُبع الاحتياج العالمي من أوراق النقد في سنة. ولو وُضعت هذه الأوراق جنبًا إلى جنب، لشكَّلت سلسلة ورقية تصل بين الأرض والقمر أربع مرات ذهابًا وإيابًا، كما يُمكن لفُّها كحزام حول الأرض عند خط الاستواء خمسًا وسبعين مرة.
جدول ١٠-١: طبع اليورو للطرح الأوَّلي حسب البلد والفئة (المصدر: البنك المركزي الأوروبي).
البلد كمية الطبع النهائية للإصدار الأولي (بالمليون ورقة) الكمية الإجمالية
٥ يوروهات ١٠ يوروهات ٢٠ يورو ٥٠ يورو ١٠٠ يورو ٢٠٠ يورو ٥٠٠ يورو
المجموع ٣١٥٥٫١ ٣٢٢٠٫٧ ٣٤٠٦٫٣ ٣٢٨٣ ١٢٣٠٫٥ ٢٢٣٫٦ ٣٧٠٫٧ ١٤٨٨٩٫٩
بلجيكا ١٢٥ ١١٠ ١٤٠ ١٠٠ ٥٠ ١٠ ١٥ ٥٥٠
ألمانيا ١١٥٨٫٧ ١٠٢٧٫٢ ٧٧١٫٩ ١١٤٤ ٣٦٢٫٩ ٩٩٫٦ ٢١٨٫٦ ٤٧٨٢٫٩
فنلندا ٤٠ ٦٠ ٦٦ ٣٠ ٢٠ ٧ ٢ ٢٢٥
فرنسا ٣٥٠ ٦٢٥ ٧١٠ ٣٦٠ ١٥٠ ٢٠ ٥٠ ٢٢٦٥
اليونان ١٥٨ ١٨٣ ١٧٨ ٦٧ ٢٦ ٤ ١ ٦١٧
أيرلندا ٦٠ ٤٥ ١٣٠ ٥٠ ٨٫٣ ٠٫٢ ٠٫٢ ٢٩٣٫٧
إيطاليا ٥٤٠٫٥ ٥١٦ ٤٤١٫٢ ٥٢٥ ٣٦١ ٣٢ ٢٤ ٢٤٣٩٫٧
لكسمبورج ٦ ٣ ١٣ ١١ ٣ ٢ ٨ ٤٦
هولندا ١٣٥ ١٣٠ ١٠٥ ٢٢٣ ٣٥ ١٥ ١٦ ٦٥٩
النمسا ١٥٠ ١٥٠ ٤٥ ٦٠ ١٠٥ ٢٠ ٢٠ ٥٥٠
البرتغال ١٢٣ ٩٠ ٢٥٩ ٥٨ ٦ ١ ٠٫٥ ٥٣٧٫٥
إسبانيا ٣٠٨٫٩ ٢٨١٫٥ ٥٤٧٫٢ ٦٥٥ ١٠٣٫٣ ١٢٫٨ ١٥٫٤ ١٩٢٤٫١
كان يتوارى وراء هذا العدد من أوراق النقد احتياج هائل من المواد اللازمة لإنتاج النقد. كانت هذه أكبر طلبيَّةِ طبعٍ في تاريخ النقود الورقية، وكان يفترض أن يُدفَع ثمنُها وفق صيغة مُجزية هي «التكاليف المؤكدة إضافة إلى ربح ملائم». كان سعر أوراق النقد في السوق العالمية تحت ضغط. بشَّرت أوراق اليورو بأرباح وفيرة من جديد؛ لأن كلمة «مؤكدة» يمكن أن تعني أشياء كثيرة. سرعان ما بات الحديث عن «منجم ذهب اليورو»، الذي يُتيح للمرء تحديد سعره بنفسه، على كل لسان في هذه الصناعة.2 تطلَّبت أوراق اليورو — وانطبق الأمر ذاته تقريبًا على النقود المعدنية — استثمارًا ضخمًا لزوم آلات الطباعة ومستشعرات الرقابة على جودة الإنتاج، وأجهزة الفحص اللازمة للتأكُّد من الأصالة وفرز الأوراق القديمة بمعرفة البنوك. وأخيرًا تطلَّبت أيضًا آلات خاصة تتميز بدرجة عالية من الأمن ومعزولة عن التدخل البشري لإعدام الأوراق القديمة المسحوبة من التداول؛ وأعني تحديدًا ما يُسمَّى فرَّامة الورق. كان الصراع على مَن سيُسمح له بالتوريد حتميًّا.

أصدقاء وأعداء

كان الوضع ملتبسًا ومفعمًا بالصراع؛ فالطاقة الطباعية في القارة العجوز، إذا قيست حسب عدد السكان، أعلى منها في أي مكان آخر على سطح الأرض. ثمانية من بلدان اتحاد العُملة الأحد عشر كانت لديها مطابعها الحكومية وقت تدشين اليورو عام ١٩٩٥م، لكن كانت هناك استثناءات. فمنذ زمن نابليون، وهولندا تستطبع حصريًّا أوراق الجلدر الممتازة فنيًّا بمعرفة شركة طباعة النقد الخاصة إنسخيده. وفي ألمانيا أيضًا، لم يسبق لبنك الرايخ ولا البنك الاتحادي امتلاك مطبعة، وكان البنك الاتحادي يحصل على نصف أوراق المارك من المطبعة الاتحادية المملوكة للحكومة والنصف الآخر من جيزيكه أوند ديفريَنت، وهو ما عاد بالنفع على جودة المارك الألماني وتكاليف صنعه. وأما شعب لكسمبورج، المعروف بحرصه في الإنفاق، فلم يكن يطبع نقوده بنفسه، مفضِّلًا استطباع كمياته المتواضعة من الفرنك اللكسمبورجي بمعرفة تشكيلة من شركات طباعة النقد العامة والخاصة في الخارج. وكانت البرتغال تفعل المثل، وإنْ لأسباب مختلفة، على نحو ما سنتناول بمزيد من العمق في موضع لاحق. وكما لو أن الوضع السوقي لم يكن معقدًا بما يكفي بالفعل، كان لدى أوروبا مع ذلك أكبر شركات خاصة مُؤَمَّنة لطباعة النقد في العالم: دي لا رو، وفرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير، وجيزيكه أوند ديفريَنت، لكن الشركتين الخاصتين البريطانية والفرنسية كان يتم استبعادهما عادةً من طبع عملتهما الوطنية.

ثمة كراهية حقيقية بين شركات طباعة النقد الحكومية والخاصة. فالتعليقات التي تتحدَّث عن «انعدام الكفاءة الصادم» بين شركات طباعة النقد الحكومية، والردود السريعة عليها التي تتحدَّث عن «أساليب الأعمال الوحشية» بين شركات طباعة النقد الخاصة، شيء اعتيادي. والواقع أن الطلب المتزايد على التكنولوجيا المُؤَمَّنة لأوراق النقد في إطار مكافحة التزييفات المتقدِّمة فنيًّا يجبر كلا المعسكرين على التعاون. إنهما يظلان «أصدقاء وأعداء في الوقت ذاته» كما قيل ذات مرة. كانت شركات طباعة النقد الحكومية لا ترغب كثيرًا في إشراك منافسيها من القطاع الخاص في إنتاج اليورو. في مرحلة مبكرة، فعَّل محافظو البنوك المركزية فرقة عملٍ خاصة باسم «الفريق العامل المعني بأوراق النقد»، وكان يُفترض أن يتعامل في لجانه الفرعية مع تطوير اليورو، وجودة ورقه وطبعه، وخصائصه الأمنية، ومكافحة المزيفين عمومًا. أُسندت رئاسة هذا الفريق إلى ألِكس جارفِس، مدير عام مطبعة دِبدِن التابعة لبنك إنجلترا آنذاك، وكانت مشاركة بريطانيا في اليورو لا تزال لم تُحسم بعد. كان مديرو خزائن البنوك المركزية كافة وممثلو المطابع الحكومية ينتمون إلى هذا الفريق ذي النفوذ، الذي يُعرف اليوم باسم «لجنة أوراق النقد». لكن الفريق لم يكن يضم أي شركة طباعة نقد خاصة كعضو كامل العضوية به. كان واضحًا أن جهود بعض البنوك المركزية ذات النفوذ لتقييد دور شركات طباعة النقد الخاصة في إنتاج اليورو قدر المستطاع تؤتي ثمارها. اقترح أعضاء ذوو نفوذ في الفريق العامل المعني بأوراق النقد أن تتخلى المطبعة الاتحادية عن عضويتها الكاملة في الفريق لذلك السبب، وكان التفسير الرسمي هو خصخصتها الوشيكة. أما على المستوى غير الرسمي، فكان السبب هو تجنُّب خَلْق سابقة لشركات طباعة النقد الخاصة الأخرى. كانوا يفكرون على الأرجح في جيزيكه أوند ديفريَنت.

استخدمت البنوك المركزية اتصالاتها الوثيقة بالحكومة لمحاولة التأثير بشدة على الوزارات والبرلمانات واللجان بحجة ضرورة حماية الوظائف والمعرفة الفنية ورأس المال المستثمَر في المطابع الحكومية. كانت النية واضحة، أما تنفيذها فكان أصعب؛ لأنه كان جليًّا أنه لا توجد شركة طباعة نقد خاصة في أوروبا قادرة فنيًّا ولوجستيًّا على تولي هذه المهمة الضخمة وحدها. فبالإضافة إلى أوراق اليورو الجديدة، كانت الحاجة إلى أوراق نقد وطنية ما زال يجب أخذها في الاعتبار؛ لأن هذه الأوراق ستظل ضرورية إلى أن يحين وقت تحويل العملة. بالنسبة إلى بلدان العملة الموحدة، كان هذا المتطلَّب في النهاية يعادل نحو ٣ مليارات ورقة نقد سنويًّا. كان يلزم إنتاج مخزون من هذه العُملات يغطي الفترة بين نهاية طبع العملات الوطنية وإصدار اليورو.

لأسباب سياسية، استُبعد إنشاء مطبعة نقد مركزية أوروبية على غرار الولايات المتحدة. وحتى تجميع طلبيات الطباعة بحيث تُكلَّف شركة طباعة نقد معينة بطبع فئة نقد ما لبلد أو أكثر تبيَّن في البداية أنه صعب جدًّا بالنسبة إلى بلدان العملة الموحدة. كان من شأن هذا أن يسهِّل التنسيق ويوفر المال. قيل إن العدد الهائل من المتقدمين للعطاء سوف يعني تفاوتًا هائلًا في التكاليف. وهكذا تقرَّر أن يتولى كل بنك وطني مسئولية الكمية الأولية من أوراق اليورو اللازمة لبلده. تم التخلي عن استدراج العروض على الرغم من وجود تصور لإجراء مناقصات فيما يخص متطلبات إحلال اليورو. كنتيجة حتمية، قَبِل البنك المركزي الأوروبي، الذي كان في طور التكوين، على مضضٍ القيام بدور المنسِّق والمشرف على رقابة الجودة، وهو دور بالغ الصعوبة في ظل تلك الظروف.

كقاعدة، لم تكن المؤهلات الفنية للعاملين في المطابع الحكومية موضع شك. كانت جودة أوراق النقد لها الأولوية، وكان بعض هذه المطابع ينتج أعلى جودة في العالم. لكن إدراك حقيقة أن للتكلفة أيضًا دور في طبع أوراق النقد لم يكن له تأثير ملموس بسبب كبرياء شركات طباعة النقد الحكومية. كان بعض هذه الشركات تعمل حتى دون حسابات تكلفة. كانت هذه الشركات — باستثناءات تُثبت القاعدة لا تنفيها — عبارة عن مؤسسات خرقاء تضم أعدادًا ضخمة من موظفين يتقاضَوْن أجورًا مبالغًا فيها، وفي أغلب الأحوال كان هؤلاء الموظفون محصَّنين ضد الإقالة. كذلك كانت هناك آلات باهظة التكلفة تعمل مناوبة واحدة، بينما يقف عمال كثيرون بلا عمل يؤدونه في أرجاء المطابع التي حُوِّلت منذ زمن طويل إلى التحكُّم الإلكتروني الكامل. لم تكن شركات طباعة النقد الحكومي تجسيدًا للكفاءة الصناعية بأي حال من الأحوال.

نشوة اليورو الاستثمارية

كانت تدابير رفع كفاءة المطابع الحكومية حتمية في التمهيد لطبع اليورو، لكن لم يكن أحد متحمسًا للدخول في صراع مع العمال، الذين يمكنهم ضرب العصب الاقتصادي لأي بلد باحتجاجاتهم؛ مما يضع الحكومة في موقف صعب. ولتشجيع الحوار بين النقابات والبنوك المركزية وشركات طباعة النقد الحكومية، عُقد اجتماع طاولة مستديرة، لكن تدابير تقليص الأيدي العاملة أو تحسين معدلات تشغيل الآلات كان يصعب تنفيذها. دافعت النقابات العمالية الوطنية واتحاد النقابات الأوروبي الكائن في بروكسل بشدة عن الامتيازات التي حقَّقها العمال. على هذا النحو سارت البنوك المركزية في المسار السياسي الأسلم لها، دافعة في اتجاه التحديث من خلال توسيع الطاقة الإنتاجية بالدرجة الأولى. مسألة ما إذا كانت هذه الطاقة ستُحتاج فيما بعد أم لا، لم يُلتفت إليها كثيرًا. كانت الحاجة الهائلة إلى أوراق اليورو على المدى القصير هي الحُجَّة. وفي خضم استعراض العضلات بين شركات طباعة النقد الحكومية، لم يكن المال عائقًا. فالشركات التي تستطيع عمليًّا طبع رأسمالها ليست مضطرة للانشغال بأمر المال. كان المبدأ السائد هو: الطباعة وحدها هي كل شيء.

افتَتحت المطبعة الاتحادية هذا التنافس المحموم بمركزها الجديد للطباعة المُؤَمَّنة الملاصق لجدار برلين السابق. تكلَّفت هذه الجوهرة الصناعية المنشأةُ من الفولاذ والزجاج ما لا يقل عن ١٠٠ مليون يورو دون العقار، ومُوِّلت من أرباح المطبعة الاتحادية المحتجَزة، التي كانت لجنة الموازنة بالبرلمان الألماني (بوندستاج) قد أتاحتْها بسخاء على مر السنوات. بزيادة الطاقة الإنتاجية بإضافة خط جديد إلى الطابعات القديمة، لم تكن المطبعة الاتحادية الجديدة متواضعةً في حجمها بأي حال من الأحوال. كان المرجو الحصول على طلبيات إضافية من بلدان أخرى لطبع اليورو. كانت إيطاليا، التي يُفترض أن تطبع أكبر عدد من أوراق اليورو بعد ألمانيا، لديها خُطط تكاد لا تقل بذخًا؛ فمطبعة النقد التابعة لبنك إيطاليا كانت تضم خطين حديثين كان ينبغي أن يكفيا لتغطية الاحتياج الإيطالي الحالي وأي احتياج مستقبلي من أوراق اليورو، إذا استُغلت الطاقة الإنتاجية بعقلانية. غير أن نقابات المطبعة الحكومية، التي كانت معروفة بشراستها، نجحت في الحيلولة دون زيادة مرونة توزيع العمال على المناوبات واستغلال طاقة الآلات، فاضطر البنك المركزي إلى تركيب خط ثالث كامل من الآلات هناك. بطبيعة الحال لم تشأ البلدان الأعضاء الصغيرة أن تتخلَّف عن الركب، فأقدمت أيرلندا — التي لا تحتاج سنويًّا من أوراق النقد إلا ما يكفي ٤ ملايين نسمة هم تعداد شعبها، وهي كمية لا يصْغرها إلا احتياج فنلندا ولكسمبورج — على ترقية مطبعتها فنيًّا إلى أحدث مستوًى (سوبر)، وبمساعدة سخية من بروكسل خُلقت طاقة إنتاجية تتجاوز بكثير احتياجات البلد الذاتية. صارت هذه المطبعة تُعرف في الدوائر المهنية بأنها أجمل مطبعة نقد في العالم. كذلك كانت اليونان والبرتغال، وهما بلدان آخران متطلباتهما من أوراق النقد متواضعة واقتصاداهما ضعيفان هيكليًّا، تلتهمان من قصعة الاتحاد الأوروبي لتهيئة مطبعتَي نقدهما بما يناسب إنتاج اليورو. وما كان ذلك ضروريًّا أيضًا.

لكن جائزة الأداء الأسوأ كانت من نصيب البنك الوطني النمساوي. ففي وسط فيينا حيث ارتفاع التكلفة — وهو منطقة ضيقة محمية عمرانيًّا — أُقيمت مطبعة فخمة بحقٍّ، استُوفيت فيها كل شروط رفع التكاليف. ابتلع هذا المركز النقدي، الذي افتُتح بعد ثماني سنوات من التخطيط والبناء، نحو ٣٣٠ مليون يورو (المبنى وحده تكلَّف ٢٢٥ مليون يورو قبل حساب الضرائب) بحسب البيانات الرسمية؛ مما جعله أغلى ثلاث مرات من مقر مطبعة برلين الجديد الذي هو مرتفع التكلفة فعلًا؛ وذلك حتى دون حساب التجديدات التي تلت ذلك. حصل سكان فيينا في المقابل — على نحو يُعيد إلى الأذهان ظلال فيلم «الرجل الثالث» للمخرج أورسون وِلز — على نفق طوله ١٠٠ متر يصل المطبعة بالمقر الرئيسي للبنك الوطني. من جديد، كان الدافع هنا اعتبارات أمنية مبالغًا فيها فيما يخص مرونة الإنتاج، وآمال لا تقل عظمةً في الحصول على طلبيات تصدير. تجاوز الاستثمار الحاجة بكثير. في زمن الشِّلن، كان متطلب البلد السنوي لأوراق الإحلال يزيد نوعًا ما عن ١٥٠ مليون ورقة؛ بسبب الحاجة الكبيرة إلى إحلال الأوراق الصغيرة فئة ٢٠ شلنًا، التي تساوي اليوم أقل من ١٫٥ يورو. تحظى أوراق النقد المنتَجة في النمسا باحترام كبير في العالم المهني بفضل جودة تصميماتها وطبعها وخصائصها الأمنية. لكن يُخشى الآن ألا تؤخذ أوسترايشِشه بنكنوتِن أوند زِشرهايتسدروكراي (مطبعة النقد والسندات المالية النمساوية) — بافتراض اتِّباعها التسعير الواقعي — في الاعتبار في أي استدراج دولي لعروض طبع النقد، لا لشيء إلا بسبب تكاليفها الثابتة. كما تسبِّب أيضًا بذخ البنك الوطني النمساوي في إنفاق موارده في ضجة سياسية محلية. امتنع فكتور كليما، المستشار الاتحادي آنذاك وعضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي، عن القيام بجولة في المطبعة متعلِّلًا ﺑ «ضيق الوقت» أثناء مراسم افتتاح المشروع المهيب. كان منزعجًا بسبب مقدار ما استُثمر من أموال في المطبعة الجديدة. بعد طبع إصدار اليورو الأوَّلي، أنتجت القوة العاملة المؤلَّفة من ٣٤٠ فردًا في المتوسط نحو ٢٠٠ مليون ورقة نقد سنويًّا. في بعض الأحيان تجاوزت الخسائر السنوية لشركة طباعة النقد هذه حجم أعمالها السنوية. وقد سعى البنك الوطني النمساوي مرارًا إلى مشاركة رأس المال الأجنبي في مركزه النقدي، فلم يقبل أحد.

في صمت، راقبت شركات طباعة النقد الخاصة ذات التدابير الأمنية الصارمة نشوة الإنفاق من جانب المنافسين الحكوميين. أحد الأسباب هو توقُّع صعوبة استغلال هذه الطاقة الإنتاجية على المدى الطويل، وأن هذه الطاقة سرعان ما ستشقُّ طريقها إلى السوق الحرة. من الواضح أن العملة المشتركة ستكون مثيرة جدًّا للاهتمام من منظور الأمن الفني؛ ومن ثم ستكون مشاركة شركات طباعة النقد الخاصة في طبع اليورو ضرورية من أجل جهودها اللاحقة في أسواق التصدير. بحسب الوضع آنذاك، كان يمكن لكلٍّ من إنسخيده وجيزيكه أوند ديفريَنت أن تتوقعا المشاركة. لم تكن هذه المشاركة على نفس القدر من التأكيد لكلٍّ من دي لا رو وفرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير. كان على كلتيهما محاولة إيجاد فرصة مشاركة في مكان ما، وأتاحت البرتغال إمكانية ذلك؛ فقد كان البلد يستطبع عادةً نقده في الخارج. كان البرتغاليون قد وقعوا ضحية مؤامرة تزييف دولية في عشرينيات القرن العشرين، وهي الفضيحة التي دفعت البلد إلى شفا الإفلاس.3 بعد ذلك تحوَّلت لشبونة إلى استطباع نقدها عادةً بمعرفة دي لا رو أو إنسخيده، لكنْ لأسباب أمنية، كانت آنذاك تستورد الصفحات غير مقصوصة ودون ترقيم أوراق النقد. كانت تتولى اللمسات الأخيرة شركةُ طباعة محلية صغيرة تسيطر عليها وزارة المالية. كان فرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير قد أمضى سنتين محاولًا التأثير على وزارة المالية في لشبونة بمقترح بناء مطبعة نقد مشاركةً بينهما، ولم يدخر وسعًا فيما يخص التكلفة ولا المجهود، لكن المحادثات طالت دون نتيجة، ولا سيما منذ ظهور أطراف أخرى ذات مصلحة من ضمنها المطبعة الاتحادية. فجأةً ظهر ممثلو دي لا رو ومورِّد الآلات دي لا رو جوري في لشبونة، وتفاوضوا لفترة وجيزة مع البنك الوطني، وسرعان ما غادروا وفي أيديهم عقد إنشاء مطبعة جديدة رفيعة الأمن. عرض البريطانيون — بالإضافة إلى حصة كبيرة نسبتها ٥٠ في المائة من رأس المال — بصورة خاصة استغلال أيِّ طاقة إنتاجية متاحة في البرتغال بطلبياتهم. في دوائر هذه الصناعة، كان الناس يتحدَّثون باحترام عن «إنجاز مبهر» و«جهات اتصال ممتازة» في لشبونة.

فيما بعد لم يَعُدِ البريطانيون يتذكَّرون الاتفاق على الاستفادة من الطاقة غير المستغلة في المطبعة البرتغالية، لكن العقد أكسب دي لا رو حصة أقلية بنسبة ٢٥ في المائة في مطبعة البنك الوطني البرتغالي الجديدة فالورا سيرفيسوس جي أبويو إميسو مونيتاريا إس إيه في كاريجادو. كان الأصدقاء في لوزان قد نبَّهوا البرتغاليين لئلا يتيحوا أكثر من هذا. ومن خلال هذا التعاون، ضَمِنت شركة طباعة النقد البريطانية الخاصة مدخلًا إلى إنتاج اليورو. بل تمكَّنت دي لا رو من ضمان عدم استقلال البرتغاليين أكثر مما ينبغي على الرغم من مطبعتهم الجديدة؛ حيث أقنعت البنك الوطني البرتغالي بعدم ضرورة شراء البرتغال آلات خاصة باهظة التكلفة لأداء العمل المعقَّد فنيًّا، وهو إضافة الخصائص الأمنية المختارة إلى أوراق اليورو الجديدة، وتكرَّم البريطانيون بعرضِ تولِّي هذا الأمر بأنفسهم، فقبلت لشبونة. منذ ذلك الحين لم يعد نقد البرتغال يؤخذ من جيتسهيد، حيث مطبعة دي لا رو، إلى لشبونة، بل من لشبونة إلى جيتسهيد. كانت شركة فرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير هي الأقل حظًّا؛ فبعد انهيار اندماجها مع الشركة الهولندية إنسخيده، كان هناك احتمال لأنْ تكون الشركة الفرنسية هي شركة طباعة النقد الخاصة الوحيدة في منطقة اليورو المستبعدة من طبع اليورو، لكن بفضل الصعوبات المستمرة أمام طبع أوراق النقد في بنك فرنسا، أُتيحت للشركة الفرنسية فرصة في النهاية.

بطبيعة الحال، نال صانعو المعدات، وبالأخص دي إل آر جوري، حظًّا وافرًا من سباق الاستثمار هذا؛ ففي أواخر ثمانينيات القرن العشرين، قبل انطلاق ماراثون اليورو، طرحت لوزان في السوق خطَّها السوبر، وهو نسخة حُسِّنت بزيادة قدرتها الطباعية وأُضيفت إليها عناصر تحكُّم إلكترونية بالكامل. يجمع خط الآلات الطباعية هذا في نسخته العادية طابعة سوبر-سيمولتان لطباعة الخلفية، وطابعة أو اثنتين سوبر-إنتاليو للطبع من لوح فولاذي محفور، وجهاز نوتا-تشِك لمراقبة جودة الطبع، وآلة سوبر-نوميروتا لترقيم أوراق النقد بالتسلسل، وآلة تعبئة وتغليف كتْباك للقص النهائي والفحص والتحزيم والتغليف. في حالة إنتاج اليورو، كانت هناك حاجة إلى ملحقات تكميلية سواءً للمهمة الصعبة فنيًّا المتمثلة في تثبيت أشرطة ورُقَع الهولوجرام أو من أجل الشاشة الحريرية. كان هذا الخط السوبر، بصورته العادية التي تضم ست آلات، يتكلَّف نحو ٥٠ مليون فرنك سويسري (٣٥ مليون يورو). على الرغم من هذا السعر، كانت لوزان قد تمكَّنت بالفعل من نيل عدد كبير من الطلبيات، ولا سيما من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، ومن جمهورية الصين الشعبية، ومن الهند. وأعطى اليورو هذه الطفرة دفعة أخرى قوية (انظر الجدول رقم ١٠-٢). فيما بين عامَيْ ١٩٩٤ و٢٠٠١م، باعت لوزان نحو ٤٠٠ من آلاتها الطابعة الغالية الثمن حول العالم. وفي وقت ما حقَّقت المبيعات رقمًا قياسيًّا عند نحو نصف مليار فرنك سويسري.
جدول ١٠-٢: الطاقة الطباعية واحتياجات طبع اليورو في أوائل عام ٢٠٠٣ (بالمليون ورقة)* (المصدر: صناعة الطباعة المُؤَمَّنة وبحوث المؤلف).
البلد الطبَّاع الوضع الآلات الطاقة الطباعية كمية طبع اليورو المعدَّلة
بلجيكا البنك الوطني البلجيكي مطبعة حكومية ١ ٢٠٠ ٥٥٠ (٤٦٠)
ألمانيا المطبعة الاتحادية مطبعة تجارية ١ ٣٠٠ ٤٧٨٣ (٤٠٠٠)
جيزيكه أوند ديفريَنت ميونخ مطبعة تجارية ١ ٣٠٠
جيزيكه أوند ديفريَنت ليبزيج مطبعة تجارية ٣٠٠
فنلندا سِتِك أُوي مطبعة حكومية ١ ٢٠٠ ٢٢٥ (١٢٤)
فرنسا بنك فرنسا مطبعة حكومية ٢ ٧٠٠ ٢٥٤٠ (٢٢٦٥)  
بنك فرنسا مطبعة حكومية ١ ٢٠٠
فرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير مطبعة تجارية ٢ ٦٠٠
اليونان البنك الوطني اليوناني مطبعة حكومية ١ ٢٠٠ ٦١٧ (…)
أيرلندا البنك الوطني الأيرلندي مطبعة حكومية ١ ٢٠٠ ٢٩٤ (١٥٠)
إيطاليا بنك إيطاليا مطبعة حكومية ٣ ٦٠٠ ٢٤٤٠ (٢٢٠٠)
لكسمبورج بنك لكسمبورج الوطني لا شيء لا شيء لا شيء ٤٨ (…)
هولندا إنسخيده مطبعة تجارية ٢ ٦٠٠ ٦٥٩ (٦٠٠)
النمسا البنك الوطني النمساوي مطبعة حكومية ٢ ٤٠٠ ٥٥٠ (٤٦٠)
البرتغال مشروع البنك الوطني البرتغالي/دي لا رو المشترك مطبعة حكومية/مطبعة تجارية ١ ٢٠٠ ٥٣٨ (٤٠٠)
إسبانيا البنك الوطني الإسباني مطبعة حكومية ٤ ٨٠٠ ١٩٢٤ (١٩٠٠)
بريطانيا (خارج منطقة اليورو) دي لا رو-جيتسهيد مطبعة تجارية ١ ٣٠٠ (٥٠٠)
بنك إنجلترا/دي لا رو دبدن مطبعة تجارية ٢ ٥٠٠ لا شيء
ملاحظات: تعكس المقادير متوسط الطاقة الطباعية محسوبة لمناوبة تشغيل واحدة. المقادير المذكورة بين قوسين هلاليين تشير إلى الكمية الأصلية التي خُطِّط لطبعها.
تتضمَّن حسابات الطاقة الطباعية معايير كثيرة تشمل: معدل تكرار تغيير نوع الورقة المراد طبعها (إعادة تهيئة الآلات)، ومساحة الورقة الجاري طبعها (عدد الأوراق في كل صفحة)، ومقدار استخدام طباعة الإنتاليو، إلخ. إنتاج ٢٠٠ مليون ورقة نقد لكل خط سوبر في مناوبة تشغيل واحدة لا يُعتبَر رقمًا طموحًا جدًّا، ولا سيما باعتبار أن شركات طباعة النقد الحكومية تنتج إصدارات تستمر لفترة طويلة وما يقابل ذلك من انخفاض في الوقت المهدر في إعادة التهيئة. بالنسبة إلى شركات طباعة النقد الخاصة، يصل الإنتاج إلى ٣٠٠ مليون ورقة على الأقل على الخط في السنة، وهم في أحوال كثيرة يعملون على مناوبتين. بل إن مكتب سكِّ وطباعة العملة الحكومي الأمريكي يشغِّل آلاته على مدار الساعة ويحقِّق وُفورات في المقابل. الأرقام الخاصة بإنتاج الطباعة الشبكية من جانب بنك فرنسا تُعَدُّ تقديرات في أعلى نطاق لها.
†  طباعة شبكية، وكل ما عداها طباعة بآلات تُغذَّى بالصفحة.
‡  حصة طباعة من احتياطي طوارئ البنك المركزي الأوروبي فقط.
استفادت شركات أخرى من هذا، وأبرزها كوينج أوند باور بصفتها الصانع الحصري لطابعات دي لا رو جوري، لكن هناك شركات توريد أصغر حجمًا وأقل شهرةً نالت أيضًا نصيبًا من الكعكة الكبيرة. كانت هناك مثلًا أتلانتك زايسر، شركة تصنيع المعدات المخصوصة التي تطبع الأرقام الإلزامية على أوراق النقد. قلة قليلة من خارج الصناعة هي مَن سَمِعَتْ عن أتلانتك زايسر التي يوجد مقرُّها في بلدة إمنجن-لبتنجن الصغيرة بمنطقة شوابيا، ومع ذلك فهي تقود السوق العالمية في تكنولوجيا آلات الترقيم، بحصة سوقية تبلغ ٩٥ في المائة. لا يوجد إلا قليل من أوراق النقد في العالم اليوم لم تساهم أتلانتك زايسر في طبع أرقامها المتسلسلة. أوراق النقد التي تُنتَج بطابعات يابانية من إنتاج كوموري تُعَدُّ استثناءً من هذا. يُستخدم في ترقيم أوراق النقد أسلوب كتابة معين ليس متاحًا بحرِّية في السوق التجارية. آلات الترقيم عجيبة من العجائب الفنية، وهي باهظة التكلفة. فعلى الرغم من عدم الحاجة إلا إلى آلة ترقيم واحدة لكل خط طباعي في طبع أوراق النقد، لا بد من طبع مجموعة فريدة من الأرقام على كل ورقة. يصعب على أي شخص تخيُّل عدد الخطوط المركَّبة لطبع اليورو لتصوُّر ما يلزم من استثمار من أجل هذه التفصيلة الصغيرة وحدها، وهي ترقيم أوراق النقد. في حالة الورقة فئة ٥ يوروهات مثلًا، تضم الصفحة ٥٤ وحدةً، وبازدواج تسلسل الترقيم على ظهر الورقة، يكون المطلوب ١٠٨ ترقيمات مختلفة. وكل مجموعة أرقام تتكلَّف عدة آلاف من اليوروهات.4

المريض الفرنسي

تُعتبر طباعة أوراق النقد، بما تتطلَّبه من تصميمات ورسوم جرافيكية وجودة في الطبع والحبر والورق، جوهرةَ تاج الفن التخطيطي؛ لما تتطلَّبه من دقة متناهية. فيتم التحكم في تنسيق الألوان، ولا سيما عندما يتدرَّج لونٌ ما بسلاسة في اللون التالي، بدقة وجهد بالغَيْن. وتُقاس الانحرافات في عمق حفر الألواح الفولاذية بدقة تصل إلى جزء من ألف جزء من الملِّيمتر. وشركة الطباعة التي تجرِّب حظَّها في هذا القطاع السوقي الشاقِّ لا تحتاج إلى التقدم بطلب إلى هيئة ما، ولا إلى اجتياز اختبارٍ تُجريه هيئة ما من الخبراء، ولا إلى الانضمام إلى طائفة حرفية ما. كل ما عليها أن تُقنِع البنك المركزي الذي تختاره بأنها تملك الأدوات والتقنيات المطلوبة لتطوير الأصول اللازمة لصنع اللوح الطباعي. وعندئذٍ عليها أن تُثبت أنها تستطيع إنتاج أوراق نقد هذا البنك مع التزامها بأعلى معايير الجودة في الإنتاج، والأمن في تخزين الأوراق المنجزة في سردابها. وفيما يخص اليورو أيضًا، ما كان يلزم على شركات الطباعة الراغبة، التي كانت مؤهلة تمامًا، سوى تسجيل نفسِها لدى البنك المركزي الأوروبي، وما كان عليها لهذا التسجيل إلا تحديد ما لديها حاليًّا، أو ما تخطِّط لاقتنائه من معدات فنية، والتعهد خطيًّا بقدرتها على تنفيذ طلبية الطبع في الزمن المحدَّد ووفقًا للمواصفات الفنية المطلوبة. وعندئذٍ كانت هذه الإقرارات تُمحَّص. كان يلزم كل شركة طباعة نقد أن تُنتِج «ورقة نقد اختبارية» تتضمَّن كل المطالب التي يمكن أن تؤخذ في الاعتبار فيما يخص اليورو. كشفت هذه الورقة الاختبارية للخبراء كل نقاط الضعف الفنية في الطباعة. ثمة واقعة هنا سَلَّطت الضوء على الموقف المتناقض لبيروقراطيي الاتحاد الأوروبي، الذين في إطار بحثهم عن القاسم المشترك الأدنى، سينبذون فورًا ما هو مجرَّب وموثوق، وفي الوقت نفسه يشغلون بالَهم بالتفاهات بشكل بيروقراطي. الورقة الاختبارية التي استُخدمت للتحضير لطبع اليورو كانت ورقة صورية ذات ظلال مصفرَّة، وُضِع في منتصفها تمامًا، عند تقاطع خطين سميكين، رقمُ الفئة واسم شركة الطباعة. لم تكن تربطها مطلقًا أيُّ علاقة بالمظهر الحقيقي لأوراق اليورو التي جاءت فيما بعد. وعلى الرغم من ذلك، اقتُرحت فئة شاذة لهذه الورقة هي فئة «سبعة يوروهات» للحيلولة دون إساءة استعمالها، ثم أُلغيت هذه الفكرة. لكن ناتج اختبار الطبع كشف، كما كان يجب أن يُتوقع، عن اختلافات هائلة بين المطابع، وتطلَّبت النتائج شهورًا عديدة من التنسيق الشاقِّ. إن جودة أوراق النقد لا تعتمد ببساطة على الآلات وحدها.

لم تَسْلَم شركة طباعة من الانتقاد، لكنْ في حالة فرنسا كانت نتيجة الاختبار مدمِّرة، مع أنَّ بنك فرنسا كان قد انتزع سابقًا تنازلات من البنك المركزي الأوروبي بشأن مواصفات الجودة. يقتضي الأمر استطرادًا فنيًّا لاستيعاب لماذا سيكون لهذا تبعات بعيدة المدى بالنسبة إلى اليورو. كان بنك فرنسا قد نقل إنتاجه للنقد بأكمله إلى منطقة كليرمون-فيران في وسط فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى؛ خشية غزو ألماني آخر. لم يكن البنك يستخدم مُشاطة القطن — منتج ثانوي لإنتاج الغزل — في مصنعه في بلدية «فِك لو كُمت» لصنع الورق المُؤَمَّن، بل كان يستخدم بدلًا من ذلك نوعًا من قنب سيام (الرامي)، يُعرف أيضًا باسم عشبة الصين، كان يُؤتى به من المستعمرات الآسيوية السابقة. هذا اللُّباب الورقي يصعب جدًّا تصفيته وتجفيفه، لدرجة أنه لا يمكن إلا صنع ورق رقيق نسبيًّا منه. لهذا السبب كانت أوراق الفرنك المصنوعة من ورق الرامي دائمًا ما تذكِّر المرء نوعًا ما بورق الأرز.

حتى في طبع النقود، كان بنك فرنسا يفعل ما يحلو له. كانت مطبعته في شماليير تعمل بنظام الطباعة الشبكية بدلًا من الطباعة بنظام التغذية بالصفحة الشائعة الاستخدام. في الطباعة بالتغذية بالصفحة، يتم تلقيم صفحات الورق صفحة بصفحة في الآلة، وتُطبع أوراق النقد عليها في خطوة منفصلة. في الطباعة الشبكية، الشائعة في طباعة الصحف، تُطبع أوراق النقد في تسلسل خطوات على بكرة مستمرة من الورق تُمرَّر في الطابعة كما لو كانت بكرة ورق حَمَّام. طُوِّرت الطباعة الشبكية في خمسينيات القرن العشرين على يَدِ فنِّيِّي المطبعة الحكومية التابعة لبنك إنجلترا بالتعاون مع بنك الرايخ في السويد وشركة ماشينِنفابريك جوبِل في دارمشتات بألمانيا. وُظِّفت على نطاق كبير بعد عام ١٩٦٢م لطباعة الورقة الجديدة فئة جنيه واحد.5 كانت الفكرة واضحة من منظور الإنتاجية، لكن الطباعة الشبكية لأوراق النقد اتسمت بنقاط ضعف كبيرة، وأخفقت تجاريًّا في النهاية. بالإضافة إلى فرنسا، الجزائريون والدنماركيون والنرويجيون والسويديون هم الوحيدون الذين ما زالوا يستخدمونها.6 وقد قام الإنجليز منذ زمن طويل بتكهين آخر طابعة شبكية لديهم بحلول عام ١٩٨٩م، وفي ذلك الوقت قام الفرنسيون على نحوٍ أثار الاستغراب بتركيب آلتين من هذا النوع.
ينظر بنك فرنسا وراءه إلى إرثٍ مشرق من أوراق النقد الناجحة في تصميمها وأمنها الفني على السواء.7 كان قبل ذلك يطبع نقده بطريقة التغذية بالصفحة أيضًا على آلات من إنتاج شركة لامبير بباريس، لكنها اعتبرت فيما بعد آلات عتيقة الطراز. جازف بنك فرنسا بالتغيير لتعويض التوقفات المتكرِّرة في الإنتاج بسبب النقابات العمالية الشرسة في «فِك لو كُمت» وشماليير بإنتاجية الطابعات الشبكية الهائلة. كانت توقفات العمل، وهي في الغالب مجرد إضرابات مدفوعة بالتعاطف السياسي، قد تسبَّبت مرارًا في اختناقات محرجة في تزويد فرنسا بأوراق النقد. ومع ذلك كان هذا الأمل وهمًا؛ ففي حين أن الشبكة تُحقِّق سرعةَ إنتاج أعلى، فإنه يتم تجنُّبها بسبب تعرُّضها للأعطال، كما أنها سيئة السمعة في إهدارها الشديد للورق المُؤَمَّن، وهو مرتفع التكلفة. علاوة على ذلك فإن إنتاج أوراق النقد بأكمله يتوقَّف أوتوماتيكيًّا عند توقف الآلة، وأما في الطباعة بالآلات التي تُغذَّى بالصفحة فيمكن أن تُنجَز خطوات إنتاج أخرى خلال هذا التوقف. بمعنًى آخر، الطباعة الشبكية لا تتسبَّب في تكاليف إضافية عالية فحسب، بل يمكنها أيضًا التسبُّب في فوضى شديدة فيما يخص الجداول الزمنية. كان بنك فرنسا على وشك أن يذوق هذا في ظل المواعيد النهائية الدقيقة المرتبطة بطبع اليورو.

المطابقة التامة للصورة المطبوعة على كلا جانبي ورقة النقد التي تُتِيحها طباعة التغذية بالصفحة لا يمكن تحقيقها إلا بصعوبة في الطريقة الشبكية. والحفر على اللوح الفولاذي يكون أيضًا أقل عمقًا؛ مما يفقد الورقة بروزَها الملموس، وعلى هذا النحو تضيع خصائص أمنية مهمة. عندما صار تراجع الجودة من خلال الطباعة الشبكية واضحًا جدًّا، ركَّبت شماليير ببساطة طابعة إنتاليو بلوح فولاذي من إنتاج دي لا رو جوري بجانب الآلات الأخرى، حتى في زمن الفرنك. لا تتوافق الطابعات الشبكية وطباعة التغذية بالصفحة على الإطلاق، لكن فيما يبدو أن التكلفة لم تكن تمثِّل أي شاغل. رفض بنك فرنسا بعنادٍ أن يستعيض عن طابعاته كلها بطابعات تُغذَّى بالصفحة لأجْل طبع اليورو. كان هذا يعني أن بصمة الإنتاليو ستكون شديدة التسطُّح؛ مما يُقلِّص بشدة قيمتها كخاصية أمنية. لكن تحت ضغط من البنوك الوطنية الأخرى، حوَّل الفرنسيون مصنع الورق في «فِك لو كُمت» إلى استعمال القطن كمادة خام. كان هذا المصنع قد تقرَّر إغلاقه منذ سنوات، وجنَّبته هذا المصير مقاومةُ النقابات العمالية؛ ولهذا السبب لم يكن هناك اهتمام بالاستثمار فيه. ومن ثم فمن أجل تحقيق التجانس، كان على كل المشاركين الآخرين أن يَرضَوا باستخدام ورق أخفَّ؛ ومن ثم أرقَّ؛ مما كان مقبولًا عمومًا. لم يكن هذا يخلو من التداعيات فيما يخص جودة أوراق اليورو وأمنها. وللورق الرقيق أثر مزعج بخاصة على الورقة فئة ٥ يوروهات؛ مما تسبَّب في شكاوى من المواطنين فيما بعد.

كان لوجهة نظر خبراء البنك الاتحادي الكائن في فرانكفورت تأثيرٌ كبير في هذه المناقشات، وأيضًا في تجهيز أوراق النقد بالخصائص الأمنية، لكن في أغلب الأحيان كان البنك يلتزم الصمت. كانت هذه أوقاتًا عصيبة لممثلي البنك الاتحادي. كان الصراع الذي دار على مقر البنك المركزي الأوروبي على أشُدِّه؛ إذ أراده البنك الاتحادي أن يكون في فرانكفورت، دون شروط، وكان على الطاولة طلب الفرنسي جان-كلود تريشيه ليكون أول رئيس للبنك المركزي الأوروبي. كان البنك الاتحادي متحفِّظًا نوعًا ما بشأن ترشحه. لم يكن ممثلو هذه الصناعة الألمان وحدهم هم الذين راودهم من حين لآخر شعور بأن البنك الاتحادي الألماني يُمارس «تسامُحًا سياسيًّا» في مناقشته التجهيزات اللازمة لعُملة اليورو.

ورقة النقد السياسية

اليورو عملة سياسية، كما صار أيضًا «ورقة نقد سياسية»، وقد نال هذه السمعة بين الخبراء فور البَتِّ في تصميم أوراق النقد؛ حيث كُلِّف روبرت كالينا، فنان الرسوم الجرافيكية التابع للبنك الوطني النمساوي، في ديسمبر عام ١٩٩٦م بتصميم فئات اليورو السبع كلها، وجاء اختياره بفضل تصميمه الذي تضمَّن «نوافذ وأبوابًا وجسورًا» ترمز إلى انفتاح أوروبا وتوجهها نحو المستقبل ومساندة شعوبها بعضهم لبعض. بالنسبة إلى فلسفة أوروبا، كانت تلك الفكرة بالتأكيد فكرة تتسم بالأصالة، لكنَّ رسم هذه الصور الخيالية استغرق جهدًا كبيرًا. لم يكن ممكنًا تصنيف الرموز كرموز وطنية تخص دولة بعينها تحت أي ظرف من الظروف. ومع ذلك، فإن الأغلبية في لجنة اختيار خاصة لم تستغرق إلا أيامًا قبل أن تعلن استحسانها الصور التي على أوراق اليورو، ولسبب وجيه. فعلى مرِّ الألفيات، تعلَّم الإنسان أن يتعرَّف على الوجوه بسرعة ودقة؛ فهو يلاحظ على الفور أي شيء خاطئ في الصورة المطبوعة على ورقة نقد. فوجود صورة مطبوعة بدقة ووضوح طباعةً نافرةً من سطح لوح فولاذي محفور على وجه ورقة نقد، والتظليل المتكرِّر المدمج في الورق الخام كعلامة مائية جميلة متعددة الدرجات اللونية، ما زالا يعتبران من الاحتياطات الفعالة ضد التقليد، على الرغم من التقدُّم الكبير في التقليد والتزييف. ولا يتخلى عن هذه الخصائص الأمنية المؤكدة إلا البلدان الإسلامية المتزمِّتة؛ وذلك لدواعٍ دينية.8
أوراق النقد الأوروبية معروفة حول العالم بصورها ورسومها المنفَّذة بشكل ممتاز، ويمكن أن يقول المرء دون مبالغة إن فن رسم الصور الذي أتقنتْه شركات طباعة النقد الأوروبية، فحسَّن أمْنَ الورقة بتصعيب تقليدها، فريدٌ من نوعه. مراعاةً للمشاعر الوطنية لكل دولة، ما كانت الهيئة التي منحت الجائزة تستطيع على الأرجح اختيار أيِّ شخصية تاريخية. على سبيل المثال، بدلًا من رأس ليوناردو دا فنشي أو كولومبوس أو فولتير أو مارتن لوثر، كان يُفترض استنساخ رأسٍ مصوَّر بطريقة مثالية يعود لشخص نمطي لكنْ مُختَلَق. كان يُفترض أن يعكس هذا الرأس السمات الشكلية للشعوب الأوروبية. كان يُفترض أن تجد امرأة فنلندية في بلدية سالا نفسَها فيها مثلما يجد نفسَه فيها تمامًا رجل صقلي من مدينة تراباني. دراسات الصور التي قدَّمها فنانو الرسوم الجرافيكية ملأت مجلدات. بعض المسودات كانت مبتكرة تمامًا، وكان من الممكن أن تؤسِّس اتجاهًا للتصميم الحديث لأوراق النقد فيما يتصل بالرسم الجرافيكي والأمن الفني. بدلًا من هذا، ضُيِّعت فرصة تاريخية استحياءً. أشار تعليق من أحد الضيوف نشرتْه الصحيفة اليومية الفرنسية لوموند فيما بعدُ إلى هذا «الخواء وانعدام الهُوية» في أوراق اليورو كبرهان على الأزمة الحالية في الهدف والهُوية في الاتحاد الأوروبي.9 لجنة تحكيم الجائزة لم تُدهِش فقط الصناعة المُؤَمَّنة بأكملها بتغييرها رأيها فجأةً لصالح رموز معمارية عقيمة مجردة، بل أثارت شبهات حول كون التحضير لمسابقة التصميم «المجهول الهوية»، التي أُجريت تحت إشراف موثَّق عام، ربما لم ينطوِ على إخفاء هُوية على الإطلاق. بل إن الشك ما زال قائمًا في أن ضغطًا سياسيًّا قد مورس على أعضاء اللجنة كي يُرتِّبوا لانخراطٍ أقوى حتى من جانب الأعضاء الصغار في اتحاد العملة. ولا ننسَ أن أعضاء لجنة منح الجائزة رُشِّحوا من قِبَل محافظي البنوك الوطنية.
أيًّا ما كانت الخلفية السياسية لهذا القرار من جانب لجنة التحكيم، أفسح التصويت على التصميم الجرافيكي لليورو الطريق أمام تثبيت الخصائص الأمنية للورقة. عندئذٍ فقط كان يمكن أن يقرِّر المرء ما الشيء الذي يضعه وأين يضعه في مساحة ورقة النقد المحدودة. لعبت الخصائص الأمنية دورًا مهمًّا؛ لأن اليورو كان يُفترض أن يكون بمأمن من التزييف إلى أعلى درجة. للخصائص الأمنية وظائف متعددة؛ إذ المفترض أن تحمي الجمهور من الاحتيال، وأن تمكِّن من التعرُّف على الأوراق وفحصها وفرزها آليًّا؛ لأن العمليات المميكنة بالكامل ضرورية قطعًا؛ نظرًا لكميات النقود الورقية الهائلة التي تُجمَع يوميًّا لفحص أصالتها وحالتها. تنقسم هذه الخصائص الأمنية إلى ثلاث فئات.10 فعلى أدنى مستوًى توجد الخصائص التي يُميِّزها عامة الجمهور؛ كالطباعة النافرة والعلامات المائية والهولوجرام وأثر الحبر المتبدِّل الألوان وأنماط زخرفة الحواف والخيوط الأمنية وطيف الشفافية وما إلى ذلك. بعد هذا تأتي الخواص التي يمكن التأكد منها بواسطة أجهزة خاصة بمعرفة بائعي التجزئة والبنوك والمراكز ذات الإيرادات النقدية الكبيرة، وهي الخيوط الأمنية المشفَّرة إلكترونيًّا والخواص فوق البنفسجية وتحت الحمراء والمغناطيسية. وعلى المستوى الثالث والأعلى توجد الخواص الكيميائية والفيزيائية غير المرئية المدمجة في أوراق النقد، بما في ذلك الخاصية إم التي توفِّرها حصريًّا جيزيكه أوند ديفريَنت. هذه المجموعة الأخيرة من الخصائص الأمنية تكتنفها سرية مطلقة؛ إذ تسمح للبنك المركزي بالتعرُّف على أوراق نقده بما لا يَدَعُ أيَّ مجال للشك. والنقود أيضًا هي الحكم فيما يخص المزيج الصحيح من الخصائص الأمنية. في يومنا هذا، أكثر الإنفاق في إنتاج أوراق النقد لم يَعُدْ يذهب في مجرد الطبع؛ إذ تأتي هوامش ربح أكثر جاذبية من العمل في الخصائص الأمنية كالورق الرفيع الأمن والخصائص المتنوعة المتضمنة في حبر الطباعة، أو التي توضع على الورق أو تُدمَج فيه. الورق وحده خاصية أمنية مهمة بفضل خصائصه المميزة. هذه الخصائص هي مجال عمل مورِّدين من القطاع الخاص على أعلى مستوًى في التكنولوجيا الأمنية بفضل نفقاتهم العالية دومًا على البحوث والتطوير. طبيعي أن شركات الطباعة الحكومية أيضًا تطوِّر خصائص أمنية وتُحسِّن منها، لكن هذا لا يجري بانتظام نوعًا ما. فشركات كثيرة من شركات الطباعة الحكومية ليست لديها حتى دائرة خاصة بها للبحوث والتطوير.

كان هذا يعني تعقيدًا إضافيًّا قلما يُعترَف به بالنسبة إلى البنوك الوطنية في تخطيطها لليورو؛ إذ كان هناك عدد كبير على غير العادة من المورِّدين المحتملين لمشروع العملة المتعددة الجنسيات هذا، وكلهم يجب أخذهم في الاعتبار. كان الحصول على أسعار مواتية وإمداد لا ينقطع يستدعي تجنُّب الاعتماد على مورِّدين معيَّنين. من ناحية أخرى، كان هدف حماية أوراق اليورو من التزييف يتطلَّب تقنين المواد المسانِدة والمواد الخام. كان هناك اتفاق على ضرورة أن يكون هناك مصدران على الأقل للتوريد، على ألا يؤخذ في الاعتبار إلا مورِّدون داخل الاتحاد الأوروبي، ولا تُدفع رسوم ترخيص. كان يلزم تسجيل تركيبات المواد، حتى بالغة السرية منها، لدى البنك المركزي الأوروبي. لم يكن هذا برهانًا بمعنى الكلمة على المنافسة المفتوحة. ومع ذلك فإن الاقتصار على إقليم الاتحاد الأوروبي لم يكن على الإطلاق مزعجًا لموردي القطاع الخاص أيضًا. كان البعض سيفضِّل قصر المنافسة على منطقة اليورو، مجادلين بوجود قَدْر كبير من التدخل لإبعاد المنافسة عن حياديَّتها في سوق أوراق النقد العالمية على أيِّ حال. لكن طبَّاعي ومورِّدي القطاع الخاص، الذين عملوا جاهدين لتحقيق تفوقهم التكنولوجي، اكتشفوا أيضًا في المواصفات محاولةً من قِبَل بعض البنوك الوطنية للحصول على التكنولوجيا التي يوفِّرها هؤلاء الطبَّاعون والمورِّدون بالمجان. جيزيكه أوند ديفريَنت بالأخص رفعت صوتها بالشكوى.

تحطيم المنافسين بالإسراف في المعدات

تلا ذلك صراع شديد على الخصائص الأمنية لليورو انطوى على مسألتَيْ ما إذا كانت الطباعة من لوح فولاذي محفور ستُستخدم على جانب واحد أم على كلا الجانبين، وما إذا كانت الخيوط الأمنية ستكون ميكانيكية أم إلكترونية. كان هناك أيضًا احتراب على الصورة المستترة والحبر المتبدِّل الألوان والهولوجرام وأشياء أخرى. وبينما كان أحد اللاعبين يستشعر أن خصائصه الأمنية تُرفَض عمدًا، كان آخَر يشكو لئلا تكون أوراق النقد الجديدة مزيَّنة كشجرة عيد الميلاد. كان الخبراء المهنيون يشكون مِن تدخل الساسة في أغلب الأحيان في آرائهم فيما يتعلَّق بهذه الاختيارات. لكن حتى آراء ونصائح هؤلاء الخبراء لم تكن دائمًا مجرَّدة من الانحياز، وأبرز مثال على هذا الورقُ والخيوطُ الأمنية. فداخل منطقة اليورو في ذلك الوقت، لم يكن يتمتع برفاهية امتلاك مصنع ورق حكومي سوى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. كان المصنع الإسباني هو الأكثر كفاءةً، فيما خُصخص المصنع الإيطالي منذ ذلك الحين. كانت البلدان الأخرى تشتري ورقها اللازم لإنتاج النقد من السوق، في الأغلب من بورتالز ولويزنتال وأرجو وِجنز. فيما يخص اﻟ ١٥ مليار ورقة التي يتضمَّنها طرح اليورو الأوَّلي وحده — تحديدًا ثلثي الاحتياج الإجمالي — كانت هناك حاجة إلى ما يزيد بكثير عن ١٢٠٠٠ طن متري من الورق المُؤَمَّن، دون حساب الفواقد نتيجة القص والأخطاء المطبعية. لم يكن بوسع مصانع الورق الحكومية الأوروبية ببساطة توريد كل هذا. كان على المرء أن يلجأ إلى مصنِّعي القطاع الخاص.

لعقود ظلَّ مصنع لويزنتال المورِّد الحصري للورق المخصوص اللازم لإنتاج كل أوراق المارك الألماني، لكنه لم يبرم قط عقد توريد ملزِمًا طويل الأجل مع البنك الاتحادي؛ حيث رفض الأخير الكائن في فرانكفورت هذا بعناد. مواصفات ورق إنتاج اليورو موحَّدة، وشراء هذا الورق متاح؛ لذا كان على مصنع لويزنتال أن يفترض أن علاقة التوريد المميزة التي تجمعه بالبنك الاتحادي ستنتهي في وقت ما. كان هناك مصير مماثل سيهدِّد بورتالز، الصانع الحصري لورق إنتاج الجنيه الاسترليني منذ عام ١٧٢٤م، إذا اعتمدت بريطانيا اليورو في مرحلة ما. كلا هذين المصنِّعين منهمك تمامًا في منافسة شديدة على السوق، لكنَّ أيًّا منهما لم يكن راغبًا في التضييق على الآخر فيما يخص اليورو؛ ومن ثم كان بورتالز دائمًا أعلى ثمنًا بمبلغ ضئيل من لويزنتال في المناقصة الهادفة إلى تلبية الاحتياج الألماني من ورق إنتاج اليورو. لم يكن ذلك كل شيء. فقد حاول كلا المورِّدين منع المنافسين الأقل منهما مقدرةً من دخول السوق بوضع عقبات تكنولوجية كبيرة في مواصفات الورق، فاقترح كلاهما تضمين خيط أمني عريض للغاية في اليورو يكون مدمَجًا في الورق.11 هذا الخيط الأمني مصنوع من البوليستر، ويتراوح عرضه بين ٠٫٩ و٤ ملِّيمترات، ويُقص بدقة بالغة، وتُنضَح عليه طبقة من معدن ثمين أو من الألومنيوم، ثم تطبع عليه بيانات من قبيل فئة الورقة بحروف مجهرية يحدَّد موضعها بدقة. وكلما كان الخيط أعرض وكانت الحروف المجهرية تحت غشاء الورق مقروءة بدرجة أكبر؛ كان استنساخها — على الأقل بتكاليف ميسورة — على أيدي المزيفين أصعب. إدخال الخيط في عجينة الورقة أمر معقَّد، وقد طوَّر مصنع لويزنتال وبورتالز تقنية خاصة لهذا الغرض؛ حيث توضع طبقتان من الورق الرطب بسمكين مختلفين معًا لصنع هذا الورق، وتُضمَّن خيوط الأمان في ذات الوقت في حين يتم تشبيك ألياف طبقتَي الورق كلتيهما على نحو محكَم. لم يكن أحدٌ آخَرُ لديه تكنولوجيا التشكيل الخاصة هذه في ذلك الزمان. كان يُفترض أن يجد المنافسون تحديًا شديدًا في هذا الأمر، وهي استراتيجية مشروعة بالنسبة إلى مورِّد معيَّن لديه تكنولوجيا متفوِّقة. بعض مصانع الورق الحكومية والخاصة، ولا سيما الفرنسية، فهمت النوايا من وراء هذا المقترح فرفضته. وخرج اليورو بخيط دقيق مدمج في ورق رقيق بدلًا من خيط أمني عريض، ولم يكن أيٌّ من هذا مفيدًا لأمن اليورو.

منجم ذهب اليورو

يومًا بعد يوم، تولَّدت رغبة لدى كثير من البنوك الوطنية في تولي عملية الطباعة على الأخص بمفردها، إن أمكن، وألا يُسنَد إلى القطاع الخاص إلا دور صغير في إنتاج اليورو، إذا لزم الأمر. بدت هذه الرغبة منفصلة عن الواقع خلال أعمال التخطيط لليورو. لم يكن ثمة سبيل للالتفاف حول لاعبي القطاع الخاص، سواء كطبَّاعين أو صنَّاع ورق مُؤَمَّن أو مورِّدي مواد مساندة، وأحيانًا يلعب الواحد منهم دور الاثنين معًا. بطبيعة الحال، سمح مورِّدو القطاع الخاص لأنفسِهم بالحصول على تعويض سخي نظير هذا، كما في حالة مورِّد ورق إنتاج النقد. فعلى الرغم من عدم وجود أرقام رسمية فيما يخص الورق، يمكن أن يَفترض المرء للمخصَّص الألماني سعرًا في حدود ١٢٥٠٠ يورو للطن المتري، متضمنًا الخاصية إم والخيوط الأمنية. بل وإذا وُرِّد هذا الورق مشتملًا على أشرطة كاينجرام — كما هو مستخدم في أوراق اليورو فئات ٥ و١٠ و٢٠ يورو — فسيتضاعف السعر مرتين. وإذا قسنا هذا على الأسعار التي تقاضتها في الوقت نفسه الشركة السويسرية لاندآرت بصفتها مورِّد الورق لكلٍّ من الفرنك السويسري — الذي لا يكاد يقل عن اليورو تحديًا في الأمن الفني — والشلن النمساوي، نجد علاوة سعرية كبيرة. بل إن مكتب سكِّ وطباعة العملة الأمريكي لا يدفع إلا ١٠٥٠٠ دولار (٨٧٥٠ يورو) ثمنًا للطن من ورق إنتاج الدولار، وإن كان هذا الورق يفتقر إلى الخاصية إم الباهظة التكلفة.

طُوِّرت مجموعة الخصائص الأمنية الجديدةُ التي تضم الكاينجرام والهولوجرام، اللذين يبدوان وكأنهما يتحرَّكان عند النظر إليهما من زوايا مختلفة، في أواخر ثمانينيات القرن العشرين على يد شركة طباعة النقد السويسرية أورِل فوسلي واختصاصي البصريات لاندِس آند جاير، وليونهارد كورتس آند كومباني الكائنة في فورت بألمانيا، بدعم مالي للبحوث من البنك الوطني السويسري. هذه الخصائص الثابتة والمتحركة من كاينجرام وهولوجرام هي أغشية معدنية رقيقة للغاية تُنقش عليها — على التوالي — صورٌ ثنائية وثلاثية الأبعاد بأدوات يتحكَّم فيها الكمبيوتر، بحيث تغيِّر الصور منظرها ولونها مع تغيُّر زاوية الضوء الساقط عليها أو زاوية النظر إليها. حتى قبل السويسريين، صار النمساويون أول مَن استخدم هذه الخاصية الجديدة في طباعة ورقتهم فئة ٥٠٠٠ شلن (ورقة «موتسارت»). كما زوَّد البنك الاتحادي الألماني ورقته فئة ٥٠ ماركًا (ورقة «بَلتزار نويمان») والورقة فئة ١٠٠ مارك (ورقة «كلارا شومان») والورقة فئة ٢٠٠ مارك (ورقة «بول إرلِخ») بصور كاينجرام ثنائية الأبعاد.

ما زالت سوق هذه المجموعة من الخصائص الأمنية في تطوُّر. حتى إدخال اليورو، كانت أوراق النقد المزوَّدة بالكاينجرام أقل من ٥ في المائة من كل أوراق النقد المُصدَرة. وبما أن هذه الأغشية يمكن استخدامها في المراحل الثلاث كلها لتحصين ورقة النقد أمنيًّا — من مستوى المواطن إلى مستوى البنك المركزي — يُعتبر نمو هذه السوق مبشِّرًا بوجه خاص. بل واعتبر الخبراء الهولنديون هذه الأغشية المعدنية منتهى الخصائص الأمنية.12 صُنْع الكاينجرام صعب فنيًّا؛ حيث يتطلَّب غرفة نظيفة خالية تمامًا من الغبار. علاوة على ذلك، يجب ألا تتفاعل هذه الأشرطة والرُّقَع الفضية البراقة الرقيقة للغاية كيميائيًّا مع الورق، ولا يجوز أن تسقط من ورقة النقد حتى إذا حُكَّتْ أو جُعِّدتْ؛ مما يفسر جزئيًّا غلوَّ ثمنها. قرَّر البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية أنَّ وضع هذه الصورة على الحافة (كشريط أو رقعة) ينبغي أن يلعب دورًا بارزًا كخاصية أمنية لليورو. صار البنك الاتحادي من أقوى أنصار الأغشية المعدنية، استنادًا إلى تجربته الجيدة المشجعة مع هذه الخاصية في إصداره الأخير من المارك الألماني. كما بُرِّر هذا أيضًا بالرغبة في التوفير، لكن هذه الوُفورات في التكلفة لم تتحقَّق فعليًّا قط بسبب الصعوبات الفنية في دمجها والفواقد الهائلة التي انطوى عليها ذلك. كانت هولوجرام إندَسْتريز الكائنة في باريس ترجو في الحقيقة دخول هذا المجال، لكنها أَرسلت خلال المرحلة التجريبية قالبًا طباعيًّا شديد السرية يخص دفعة كاينجرام إلى شركة كورتس في نورمبرج بالشحن الجوي العادي، فُسرق فورًا خلال نقله جوًّا، ولم يظهر مرة أخرى قط. لم تساعد هذه الحادثة هولوجرام إندَسْتريز على دخول السوق. عاد هذا بالنفع على كورتس؛ الشركة الألمانية المتخصصة في طباعة الأغشية، التي كانت قد ورَّدت بالفعل رُقَع الكاينجرام المعدنية البراقة لآخر إصدار مارك ألماني. وأما الرقاقات، التي كانت تُدمج عادةً أثناء صنع الورق، فكان مصنع لويزنتال قد نال براءة اختراعها باسم «وسيلة اقتصادية طويلة الأمد ضد النسخ» بعد أن طوَّرها لمرحلة الإنتاج الشامل وسبق أن وضعها في عملات العديد من البلدان الأفريقية والآسيوية.

تقاسم ليونهارد كورتس وجيزيكه أوند ديفريَنت تصنيع هذا «الشيء الغالي غلاءً فاحشًا»، كما وصف أحد الخبراء صور الكاينجرام. استولت شركة فورت، بصفتها مورِّد الرُّقَع، على شركة أو في دي كاينجرام كورب السويسرية الكائنة في زيورخ صاحبة براءة الاختراع التي كانت سابقًا شركة تابعة لشركة لاندِس آند جاير، وبدأت الإنتاج على نطاق هائل في منطقة بالاتينات العليا. دخلت جيزيكه أوند ديفريَنت وهوك فولين الكائنة في فيدن في مشروع مشترك باسم هاي سِكيوريتي فِلمز، وبدأتا إنتاج أشرطة غشائية في بلدية باومجارتنبرج النمساوية القريبة. آتت هذه الجهود ثمارها بغزارة؛ حيث تُستخدم الأشرطة في فئات اليورو الصغرى التي تخضع للإحلال بمعدل كبير. الجانب المميز في هذا النشاط التجاري هو أن الأشرطة الغشائية تُدمج عادةً في إنتاج الورق؛ مما يضاعف ثمن الورق المُؤَمَّن المستخدَم لإنتاج اليورو، الذي هو بالفعل غالي الثمن كما سبق أن ذكرنا. وأما تركيب الرُّقَع الذي يتم بعملية دمغ صعبة على الساخن، فيمكن أن تصاحبه خسائر كبيرة. كانت هناك حاجة إلى أكثر من ٥ مليارات منها للفئات بدءًا من ٥٠ يورو، وكان ثمنها على الأرجح نحو ٧ يوروهات للألف وحدة. فجأةً فقد مصنع لويزنتال اهتمامه بالمشروع المشترك مع هوك فولين لمَّا أدرك مقدار ما يمكن ربحه من وراء الكاينجرام والهولوجرام، فأقام وحدةً خاصة به لإنتاج الأشرطة الغشائية في مجمع مصانع الورق التابع له في جموند، وقد برَّر هذا بضرورة الحصول على جودة متسقة باستمرار. هناك مورِّدون آخرون بدءوا بشِقِّ الأنفس نشاطهم في مجال الأغشية المعدنية اللازمة للطرح الأوَّلي لليورو، وكان ذلك بسبب مشكلات فنية في بعض الأحيان.

أخيرًا، إن العمل في مجال الأحبار الخاصة يستحق أيضًا تصنيفه بأنه أحد مناجم ذهب اليورو. تشكِّل حصة كل الأحبار المُؤَمَّنة المستخدمة في طباعة أوراق النقد ١٥ في المائة من إجمالي تكاليف صنع الورقة، بل وأحيانًا أكثر. تتوقَّف حسابات الاحتياجات من الأحبار في طبع أوراق النقد على مساحة الورقة النقدية وتصميمها ونسبة ما تتضمَّنه من طباعة إنتاليو. فطباعة الإنتاليو بالأخص استهلاكها كبير لضرورة وضع طبقة سميكة نسبيًّا من حبرها المخصوص لتحقيق الأثر المحسوس. ونتيجة عملية مسح أسطوانات الألواح وتنظيفها من الحبر الآخر الدخيل، يُفقَد نحو ثلث حبر الإنتاليو. هناك نسبة مماثلة فيما يخص الحبر المتغير بصريًّا المتبدِّل الألوان، الذي يجب أن يوضع أيضًا على هيئة طبقة سميكة نافرة لكي يتحقَّق التغيُّر الأمثل في الألوان، وبسبب تكلفته يقتصر استخدامه على الفئات التي تبدأ من ٥٠ يورو، ويوضع بشكل مقتصد بشاشة حريرية.13 بالنسبة إلى اﻠ ١٥ مليار ورقة يورو التي تضمَّنها الطرح الأولي وحده، كانت هناك حاجة إلى نحو ١٥٠٠ طن متري من مختلف الأحبار المُؤَمَّنة، استحوذت أحبار الإنتاليو على أكثر من ٨٠ في المائة منها والحبر الغالي المتغيِّر بصريًّا على نحو ٦ في المائة. وباستثناء الكميات الضئيلة التي سُمح لجلايتسمان بتوريدها، ذهبت هذه الأعمال حصريًّا لسيكبا السويسرية.
جرتْ أيضًا مناقشات حامية حول استخدام الخاصية إم التي توفرها ميونخ حصريًّا وتتيح للبنوك المركزية البت في أصالة أوراق النقد بما لا يدع مجالًا للشك. حرص البنك الاتحادي على استخدام نسخة خاصة من الخاصية إم محجوزة حصريًّا للعُملة المشتركة، وظلت جيزيكه أوند ديفريَنت المورِّد الحصري بطبيعة الحال. فيما يخص إنتاج اليورو، تُخلَط الخاصية إم، التي لا تُرَى بتاتًا، في لون حبري خاص يُسمَّى «الرمادي البارد».14 لكن المعتاد هو أن تُنفخ الخاصية إم على طبقة الورق التي ما زالت رطبة، تاركةً علامة مختلفة لكل فئة. ويُستخدم معظم المسحوق في إنتاج الورق. لا توجد بطبيعة الحال بيانات محدَّدة حول الكميات المستخدمة، لكن يستطيع المرء المجازفة بفرضية. فبافتراض الاحتياج إلى ٣ جرامات لكل ١٠٠٠ ورقة نقد — في حالة اليورو هذا محض افتراض، لكنه واقعي في حالة نقد بلدان أخرى — فإن ١٥ مليار ورقة نقد ستستهلك نحو ٤٥ طنًّا متريًّا من هذا المسحوق الشديد السرية. سعر الكيلوجرام من هذا المسحوق ليس أقل سريَّة من تركيبته، لكن يمكن فعلًا مقارنته بأسعار المعادن الثمينة. وبما أن الخاصية إم لا قيمة لها دون مستشعرات خاصة، فإن بنوك منطقة اليورو المركزية اضطرت أيضًا إلى تجهيز أجهزة الفحص لديها بهذه المستشعرات، وهي منتج آخر حصري توفِّره جيزيكه أوند ديفريَنت. ثمن المستشعر الواحد — وليس جهاز الاختبار بأكمله — يساوي ثمن سيارة صغيرة.

هفوات وحوادث وأخطاء مطبعية

أفسح الاتفاق على تفاصيل خصائص اليورو الأمنية الطريق إلى صنع الألواح الطباعية. ولتحقيق التجانس المنشود، تقرَّر أن تُطبع كل أوراق اليورو من فئة معينة من لوح طباعي أصلي واحد يُستنسخ وتستخدمه كل شركات طباعة النقد. كان يُفترض أن تشارك شركات طباعة اليورو الحكومية والخاصة في إنتاج الألواح، كلٌّ قدْرَ استطاعته الفنية. قُدِّر لهذا التقسيم للعمل أن يتسبَّب في متاعب؛ فإنتاج ما تُسمَّى النُّسخ الأصلية معقَّد، وزادت مواصفات البنك المركزي الأوروبي العملية تعقيدًا. فيما يخص طبع خلفية ورقة النقد، الذي يتم بنظام الطباعة غير المباشرة من سطح بارز، تُنسخ الصورة المطبوعة من طبقة رقيقة إلى لوح طباعي حساس للضوء. لكن اللوح الأصلي يُحفر يدويًّا، بإزميل أو بالحامض، لأغراض طباعة الإنتاليو باللوح الفولاذي بما تتسم به من بروز ملموس. في هذه العملية، يجب النقش في صورة مقلوبة. إنتاج الألواح الطباعية عمل شديد التعقيد يستدعي كثيرًا من الخبرة، وكان هذا يفوق طاقة كثير من المطابع، التي اضطر كثير منها إلى الاستعانة بغيره، بل وفي أحيان كثيرة اضطرت إلى إيكال إنتاج لوحها الطباعي بأكمله إلى شركة طباعة زميلة، وهو في الحقيقة فعل مستنكَر بقوة في هذه الصناعة. مضتْ شهور من التنسيق والتصحيح قبل أن تتسنَّى المجازفة بطبع الإصدار التجريبي لأوراق اليورو الحقيقية. شاركتْ دبدن، مطبعة بنك إنجلترا، في هذه التجربة الطباعية الكاملة بعدة ملايين من الأوراق.

ما تحقَّق من درجة تناغم في هذه العملية كان مثار إعجاب شديد، عندما يأخذ المرء في اعتباره كثرة عدد شركات الطباعة المشاركة وإلى أيِّ مدًى سار الإنتاج كما ينبغي، حتى على الرغم من أن الظروف لم تكن مهيَّأة تمامًا للإنتاج الصناعي، كما أكَّد على ذلك البنك المركزي الأوروبي بافتخار. على الأرجح قدَّمت بعض شركات الطباعة أوراقًا منتقاة بعناية من أجل فحصها. وعلى الرغم من ذلك، اكتشف مختبر المطبعة الاتحادية وجود انحرافات بتمحيصه كل أوراق الإصدار التجريبي بالكامل. كانت الاختلافات بين البلدان المشارِكة عظيمة جدًّا في قواعد الإنتاج، والرقابة على الجودة والمعدات والإمكانيات. كانت هناك حاجة إلى شهور أخرى من التنسيق الأوثق بين عواصم أوروبا قبل أن يتسنَّى النطق بالعبارة التقليدية «جاهز للطباعة» فيما يخص كل فئة من فئات اليورو، وتوثيق هذه الإجازة على مسوَّدة صفحة أوراق النقد بتوقيع شركة الطباعة والعميل. خلال هذه الفترة، صار اليورو الوليد «العملة الأكثر خبرة في التنقلات في العالم»، كما قال أحد الخبراء مازحًا. والحقيقة أن التجارب الطباعية تأخرت إلى درجة تسبَّبت مثلًا في فوضى هائلة في تخطيط المطبعة الاتحادية لسنة ٢٠٠٠م.

ومع ذلك كان عدد الأخطاء المطبعية مرتفعًا على نحو صادم في مرحلة الإعداد للإنتاج الصناعي لأوراق اليورو. قال العاملون في ردهات الطباعة في حنق إن بعض المواصفات التي طُرحت على طاولة التخطيط كانت غريبة على الممارسات الاعتيادية. وحتى أفضل العاملين أبلغوا في البداية عن نماذج طباعية مرفوضة في نطاق نسبة مئوية من خانتين؛ مما يمثِّل أضعاف معدلات الخطأ الشائعة في الإنتاج الاعتيادي. بل إن زوار شماليير في فرنسا أفادوا عن وجود نسبة خطأ صادمة بدرجة أكبر، فقط بسبب مشكلات الطباعة الشبكية التي سبق أن ذكرناها. لم تصدر كلمة رسمية بهذا الخصوص، لكن هذه الملاحظات أكدتْها بطريق غير مباشر الدفعات التي استُلمت هناك من المواد المساندة؛ ومنها مثلًا الحبر، الذي تجاوز بكثير الاحتياج العادي لطباعة فرنسا مخصَّصَها الوطني من اليورو. كان هناك الكثير من الأعطال والأخطاء في ضبط الألوان والتفاوتات غير المقبولة بين الجانبين الأمامي والخلفي، والبقع الحبرية على الأوراق، ومشكلات أخرى من هذا النوع. أيضًا كانت هناك إخفاقات أكبر. فجيزيكه أوند ديفريَنت، من بين كل شركات طباعة النقد، ارتكبت خطأً في الورقة فئة ١٠٠ يورو. كانت هذه الحادثة الإنتاجية ذات صلة بجهاز لمكافحة النسخ طُوِّر في منتصف تسعينيات القرن العشرين بمعرفة فريق من الاختصاصيين من بنوك مركزية عديدة بالتعاون مع اتحاد الآلات التجارية الياباني. كان ما يسمَّى «تأثير أومرون» يَحُول دون استنساخ أوراق النقد بواسطة ماكينة نسخ ملونة. ولكي يُفعَّل هذا التأثير، يُطبع عدد كبير من النقط الصفراء الصغيرة على ورقة النقد بترتيب يبدو عشوائيًّا. فقط عدد محدَّد تحديدًا دقيقًا من هذه النقط يكون له وظيفة فعلية. كان بعض هذه النقط — الموجودة على كلا جانبَي ورقة اليورو — مفقودًا من الورقة فئة ١٠٠ يورو المطبوعة في ميونخ. أُجري تعديل في برنامج الكمبيوتر، يُفترض أنه حدث أثناء ترقية هذا الجهاز الأمني، لكنه لم يخزَّن كما ينبغي. وقع خطأٌ في المراقبة. كانت الحادثة غير سارة لجيزيكه أوند ديفريَنت. فشركة طباعة النقد الخاصة كانت قد تصدَّرت عناوين الأخبار بالفعل في خريف عام ١٩٩٧م بأوراق نقد فئة ١٠٠ مارك ألماني مطبوعة على جانب واحد فقط؛ حيث تسبَّبت الكهرباء الاستاتيكية وقتها في التصاق أربع صفحات؛ ومن ثم انطبعت كل صفحة على جانب واحد، ولم يُكتشف الأمر حتى طرح البنك الاتحادي الأوراق للتداول. كانت الواقعة مسلية آنذاك، أما هذه المرة فلم تَرُقْ لأحد.

عندما علم البنك الاتحادي بهذا الخطأ الجديد، كانت شركة ميونخ قد طبعت بالفعل وشحنت معظم اﻟ ٣٦٣ مليون ورقة فئة ١٠٠ يورو التي طُلبت منها. لم تقلَّ كفاءة منع الاستنساخ. ودَّ البنك الاتحادي أن يواري المسألة في هدوء، لكن الخطأ المطبعي أُذيع على العلن بطيش مقصود.15 انتشر الخبر في أرجاء العالم. كان المنافسون فرحين. أعلن البنك المركزي الأوروبي في بيان له عن إعدام الأوراق المعيبة وطبعها من جديد. لم يكن هذا يعني خسارة مالية كبيرة لشركة جيزيكه أوند ديفريَنت فحسب، بل كان سيمنع الشركة من الوفاء بالمواعيد النهائية لالتزاماتها فيما يخص طبع اليورو. لم تكن هناك طاقة إنتاجية لذلك. خاضت شركة ميونخ معركة شرسة، مشيرةً إلى أخطاء لا تكاد تقلُّ خطورة قد تم قبولها من شركات طباعة يورو أخرى. كانت الغلبة لشركة جيزيكه أوند ديفريَنت في النهاية؛ حيث اقترحت أن تُصلِح كل الأوراق المعيبة. وبما أن هذا كان ينطوي على أوراق نقد مقصوصة بالفعل وجاهزة للإصدار، كانت الاحتياطات الأمنية المطلوبة لسحب الأوراق معقَّدة بشدة وباهظة التكلفة. شاء القدر أن تشغل هذه العملية الشركة حتى قبيل إصدار اليورو بقليل. كلَّف هذا «الخطأ التافه» — حسبما وصفه متحدِّث رسمي باسم الشركة في عجرفة — شركة ميونخ ما لا يقلُّ عن ١٥ مليون يورو إضافية، حسب تقديرات الصناعة.
استمرت سلسلة الأخطاء والهفوات التي تعرَّض لها اليورو، فجاءت الصدمة التالية من شركة عائلية إيطالية صغيرة قريبة من ميلانو، هي مانتيجاتسا أنتونيو أرتي جرافيكه، مورِّد الخيوط الأمنية، التي كان إصدار اليورو الأوَّلي وحده يحتاج إلى ١٫١ مليون كيلومتر منها. قالت مانتيجاتسا إنه يُفترض أن تورِّد ٦٠ في المائة من كل الخيوط الأمنية المطلوبة لإنتاج اليورو. وكانت جيزيكه أوند ديفريَنت قد تلقَّت عقد توريد اﻟ ٤٠ في المائة الأخرى. قدر كبير من التكنولوجيا مكدَّس في هذا الخيط الصغير الدقيق للغاية الذي لا يكاد المرء يراه. مجرد قصِّ هذا الخيط الرفيع يتطلَّب أقصى درجة من الدقة. وإذا أخذنا في الاعتبار منطق تسعير اليورو، فإن هذا بدوره كان مبرِّرًا لسعر توريد يفوق سعر السوق العالمية بكثير. يفترض أن مانتيجاتسا حسبت نحو ١٥ يورو للكيلومتر من الخيط الأمني؛ ومع ذلك لم تكن سعيدة بطلبيتها المربحة. بل وكانت جيزيكه أوند ديفريَنت أشد غلاءً في سعرها. كان خيط اليورو الأمني «مثقَلًا» بالمتطلَّبات الفنية؛ إذ كان يلزم استيعاب رغبات كثيرة جدًّا في شيء واحد. كان خيط البوليستر أسمك مما ينبغي، وبدأت الحروف المجهرية المطبوعة عليه تتقشَّر بعد بعض الوقت في ركيزة الورق. ساهم التقشُّر أيضًا في مشكلات في معجون الورق بعد دمج الخيط الأمني فيه. كان ذلك يذكِّر المرء بتقنية الورق الحصرية التي يملكها مصنع لويزنتال وبورتالز ورُفضت. كانت المشكلة في الواقع قد لوحظت من قبل في خريف عام ٢٠٠٠م، لاحظها فنِّيُّو مصنع الورق الإيطالي كارتييه مِلياني دي فابريانو، الذي كان لا يزال مملوكًا للدولة. ومن الصعب تصديق أن البنك المركزي الأوروبي لم يعلم بهذا الأمر بعدها مباشرةً. لكنه تقاعس لفترة طويلة، ولعلَّ الرعب هو الذي أقعده. كانت مانتيجاتسا تمد بالدرجة الأولى مصانع الورق الحكومية في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وشركة صناعة الورق الخاصة أرجو وِجنز وشركته التابعة فان هاوتِم إن بالم. كانت التقديرات الأوَّلية تتحدَّث عما يصل إلى ٤ مليارات ورقة معيبة. بدا الموعد النهائي لطرح العُملة الموحدة في خطر. عندما صار الخطأ علنيًّا، لم يعد الضرر المفترض مكلِّفًا للغاية.16 كان هناك حديث في دوائر الصناعة عما يصل إلى ٥٠٠ مليون ورقة متأثِّرة، بعضها طُبع فعلًا. عندئذٍ خُفِّضت نسبة الخطأ بقليل من الضغط إلى نحو ١٠٠ مليون ورقة. لكن بعض البلدان كان لا يزال عليها أن تطلب طباعة الفئات المخصصة لها من جديد. الغطاء التأميني وحده هو الذي أنقذ مانتيجاتسا من الانهيار، لكن الشركة بيعت في أبريل ٢٠٠٤م لشركة فِدرِجوني للورق في فيرونا، التي كانت قد استولت من قبل على مصنع الورق المُؤَمَّن الحكومي كارتييه مِلياني دي فابريانو. لم تكن هذه بأيِّ حال الأخطاء الوحيدة. فقد ظهرت أوراق فئة ٥ يوروهات من إنتاج النمسا مطبوعة على الوجه فقط. وفي ألمانيا، طُرح عدد كبير من الأوراق فئة ٥٠ يورو من إنتاج المطبعة الاتحادية للتداول بترقيم خاطئ، وهناك أوراق أخرى فئة ٥٠ يورو كان ينقصها رقم الفئة المكتوب بخط كبير في الركن الأيمن العلوي. وفي فنلندا، كان غشاء الكاينجرام مفقودًا من أوراق اليورو. وفي إيطاليا، لم يكن يعمل نظام الفحص لوجود عيب في الخيط الأمني.

كل هذه الأشياء لم تكن بالهينة، خاصةً في عالم طباعة أوراق النقد ذي التدابير الأمنية الصارمة، الذي هو معتاد على أعلى درجة من الدقة. لكنَّ هذه الأخطاء لم تَعُدْ تُثير اهتمامًا كبيرًا. كانت هناك أخطاء مطبعية قد وقعت في العملات الوطنية الأوروبية في الماضي، وقد اعتاد الجمهور سماع تقارير عن الإخفاق في إتقان صنع عملة اليورو. كان المرء يظن على الأرجح أن شيئًا كهذا لم يَعُدْ ممكنًا. بُعيد خطأ جيزيكه أوند ديفريَنت المطبعي مباشرةً، ركَّبت بعض شركات طباعة النقد أنظمة إلكترونية إضافية لمراقبة الجودة لمنع مثل هذه الأخطاء الإنتاجية. لكن لم يكن المرء حتى يستطيع التحدث عن توحيد مراقبة الجودة. صارت معايير الجودة والدرجة اللازمة من التناغم موضوعَي نقاش دائمَيْن.

المنقذون غير المحبوبين

إذا أخذنا كل شيء بعين الاعتبار، نجد أن طباعة اليورو لم تكن أقل صعوبةً من التخطيط له. واجه البنك المركزي البرتغالي مشكلات في مطبعته الجديدة، واضطر إلى الاستعانة بشركة دي لا رو وغيرها مرارًا وتكرارًا على الرغم من تخلِّيه من قبلُ بالكلية عن طبع الفئات الكبرى من أوراق اليورو. احتاج اليونانيون — وهم آخر مَن انضم إلى اتحاد العملة — إلى مساعدة؛ لأن مطبعتهم لم تكن تتمتع بالكفاءة اللازمة للمهمة. من حسن الحظ أن البرتغال واليونان بَلَدَان صغيران. تبيَّن أن المشكلات الأكثر خطورةً كانت في إيطاليا؛ إذ كانت تحتاج إلى طباعة ٢٫٥ مليار ورقة، وهي ثاني أكبر كمية على الإطلاق من أوراق اليورو، كما أسلفنا. كان واضحًا أنَّ هذا يصعب للغاية إنجازه في الوقت المناسب. طلب بنك إيطاليا من جيزيكه أوند ديفريَنت المساعدة؛ مما أثار ثورة النقابات العمالية في مطبعته في روما. كانت هذه المطبعة تتمتع بسمعة سيئة بين المطَّلعين على الأمور باعتبارها «جُحْر ثعابين». وبما أن أوراق اليورو لم تكن كلها مطلوبة في الموعد المحدد، آثرت روما أن تكون «مرنة». لم تبدِّل موقفها القاضي بأن تطبع كل أوراقها بنفسها، لكن قرَّرت ببساطة أن تكمل في السنة التالية طبع الجزء الذي تعذَّرت طباعته في حينه من أوراق اليورو. ولا ننسَ أن هذا هو الاحتياطي اللوجستي والاستراتيجي الذي كان يلزم توريده بعد إدخال اليورو أثناء عام ٢٠٠٢م.17 كذلك اضطر الإسبانيون، الذين تخلَّوْا عن طبع الأوراق فئة ٢٠٠ و٥٠٠ يورو بأنفسهم على أيِّ حال، إلى اللجوء إلى «الحل الإيطالي»، على الرغم من طاقتهم الإنتاجية السخية مقارنةً بمخصصهم الطباعي. كان مزعجًا أيضًا الوضع في مطبعة بنك فرنسا؛ حيث خاضت الإدارة والمسئولون النقابيون حربًا حتى النهاية على تدابير إعادة الهيكلة والتحديث. وقع العديد من الإضرابات التي استمرت أحيانًا أسابيع. وفوق هذا جاءت المشكلات السالفة الذكر في المطابع الشبكية. غُيِّرت الإدارة تغييرًا شبه كامل في مطبعة شماليير. بعد ذلك ركَّزت مطبعة شماليير على طبع الأوراق فئة ٥ و١٠ و٢٠ و٥٠ يورو فقط، دون أن تتمكَّن حتى من الاضطلاع بهذه المهمة بكفاءة، وحوَّلت طبع الفئات الكبرى إلى شركات طباعة نقد أخرى. واضطرت إلى طلب المساعدة من المطبعة البلجيكية الحكومية ومطبعة فرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير. كما طُلبت المساعدة أيضًا من جيزيكه أوند ديفريَنت التي كان قد جرى معها نزاع كبير جدًّا حول رغبة الفرنسيين في تخفيض معايير الجودة. كان هذا الطلب اعترافًا بالفشل. وأضيفت التكلفة إلى حساب دافعي الضرائب الفرنسيين.

عندئذٍ استُحسنت من جديد، وعلى نحو غير متوقع، فكرة تخصيص فئات معينة من اليورو لشركات طباعة معينة لتقوم بإنتاجها. في ظل ضغط الموعد النهائي للطرح الوشيك لليورو، بدأت شركات طباعة النقد، التي امتنعت سابقًا عن أي تعاون، تتعاون فيما بينها. فقبل كل شيء، تبيَّن أن فئات اليورو العليا بكمياتها الصغيرة نسبيًّا أشد كثافةً في العمالة وأعقد فنيًّا مما ينبغي. فجأةً بدأت عملية نشطة لمبادلة المخصصات الطباعية. جمَّع الهولنديون والنمساويون بعض الكميات، وكلاهما معًا طبَعَا لليونان. وطبع البلجيكيون لفرنسا وإسبانيا. وطبعت المطبعة الاتحادية لليونان ولكسمبورج. أما شركة دي لا رو فلم تساعد البرتغال فحسب، بل طبعت أيضًا لفنلندا وأيرلندا. وطبع الأيرلنديون أيضًا للبرتغال في النهاية، في حين طبعت جيزيكه أوند ديفريَنت لفرنسا واليونان وهولندا والبرتغال وإسبانيا. صارت هذه أشبه برقصة حلقية أوروبية مفعمة بالحيوية. أصاب التوتر البنك المركزي الأوروبي، فقرَّر طبع كميات إضافية في إطار احتياطي الطوارئ الخاص به الذي كان يُفترض أن يسدَّ الفجوات في طرح أوراق النقد يوم المهلة النهائية. لم يكن لدى شركات طباعة النقد الحكومية طاقة إنتاجية تستغني عنها؛ ومع ذلك قاتلت باستماتة للفوز بالطلبية. بعد مفاوضات مطوَّلة، ذهبت طلبية الطباعة إلى اتحاد شركات طباعة خاصة يتألَّف من جيزيكه أوند ديفريَنت ودي لا رو ويو إنسخيده والمطبعة الاتحادية التي كانت قد خُصخصت في تلك الأثناء، فأنتجت هذه الرباعية نحو ١٫٨ مليار ورقة، استحوذت منها جيزيكه أوند ديفريَنت على نصيب الأسد بصفتها قائد الاتحاد. لم يُسمح للشركة السويسرية أورِل فوسلي بالمشاركة، على الرغم من طاقتها الإنتاجية غير المستغلَة وسعرها الجذاب.

في النهاية، لم تنجز شركات طباعة النقد الحكومية طبع ٥٢ في المائة من أوراق اليورو إلا بصعوبة، على الرغم من طاقتها الإنتاجية الهائلة مجتمعةً، فتقرَّر طبع الباقي بمعرفة خمس شركات طباعة نقد خاصة.18 لو كان هناك فائز بالتزكية في ماراثون اليورو لكان على الأرجح جيزيكه أوند ديفريَنت؛ إذ طبعت وحدها أكثر من ٢٥ في المائة من أوراق اليورو كافةً. كانت ميونخ قد فرضت ترشيدًا جبارًا من أجل هذا التحدي، وخاطرت بتوسعة طاقتها الإنتاجية على هذا النحو الذي كانت ستحجم عنه أي شركة طباعة نقد خشية معدلات التشغيل المستقبلية. كانت الظروف الغالبة مغرية جدًّا، وأعني سخاء العائد من طبع اليورو والدعم الحكومي لخلق فرص عمل في الولايات الألمانية الشرقية. وعلى هذا النحو، حُدِّثت مطبعة الشركة الأصلية في ليبزيج — التي أُعيد شراؤها من الصندوق الاستئماني الحكومي الذي أُنشئ للتعامل مع الموجودات الصناعية فيما كان يُعرف بألمانيا الشرقية — وجُهِّزت بطاقة طباعية تناسب طبع اليورو. لكن التكامل الرأسي التام لهذه الشركة الرفيعة الأمن لم يقتصر على طبع أوراق النقد؛ إذ كانت جيزيكه أوند ديفريَنت تورِّد كل شيء تقريبًا، من الورق والمواد المساندة إلى آلات معالجة أوراق النقد ومستشعرات مراقبة الإنتاج وفرَّامات الورق. إن هذه الظاهرة، ظاهرة اليورو، هي المسئولة عن تحقيق أعلى مبيعات للمجموعة في تاريخ الشركة في السنة المالية ٢٠٠١م، في الوقت المناسب تمامًا للاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين بعد المائة لتأسيس الشركة.

جودة اليورو

تم تصنيع أوراق اليورو في ظل ظروف غير عادية. تحوَّلت العملة المشتركة للبلدان الاثني عشر، خلال مخاضها العسير، إلى مشروع مشترك حقيقي على نحو لم يخطر ببال أصحاب فكرة اليورو الأوائل. ففي نهاية المطاف، شاركت تسعة مصانع ورق وخمس عشرة شركة طباعة نقد وأكثر من ٢٠ مورِّدًا في الإنتاج. كان هذا كابوسًا برأي الخبراء من حيث العمل واحتياطات الأمن الفنية. انتهك تفتُّتُ الإنتاج قاعدةً أساسيةً من قواعد طباعة النقد ذات التدابير الأمنية الصارمة؛ وأعني ضرورة تركيز التعامل مع كل مراحل العمل قدْرَ المستطاع منعًا لإساءة استعمال المواد الأصلية. إضافة إلى ذلك — وكما يقولون — فإن كثرة الطُّهاة تُفسِد الحساء، حتى في طبع أوراق النقد. شرط تماثُل أوراق النقد في الشكل والملمس، وتطابقها تمامًا في كلٍّ من الخواص البصرية واللمسية، لم يكد يتسنَّى تحقيقُه بتفتُّت الإنتاج على هذا النحو. بالطبع كانت هناك تفاوتات في إنتاج الإصدارات الصغرى من أوراق النقد، حتى في زمن المارك الألماني في ألمانيا. فإلى أي حدٍّ يزداد عدد المصادر المحتملة للخطأ عند الحاجة إلى طبع ١٥ مليار ورقة في مرة واحدة؟ ربما يغضب سكان قوصرة أو لنبذوشة لغياب بعض الجزر الإيطالية عن خريطة أوروبا المطبوعة على ظهر كل أوراق اليورو. ومع ذلك ليس هذا بكارثة، فهناك سوابق شهدتها عملات أخرى. وحتى غياب اللقب تحت توقيع رئيس البنك المركزي الأوروبي غير المقروء يقل تأثيره المزعج عندما يأخذ المرء في اعتباره عدد اللغات في منطقة العُملة المشتركة وضيق المساحة المتاحة على ورقة النقد. يسري الاعتبار نفسُه على كتابة برايل الموجودة على الورقتين فئة ٢٠٠ و٥٠٠ يورو. هذه الكتابة محل نزاع بين جمعيات المكفوفين على أيِّ حال، فهي تخشى تخفيض عتبة احترام المكفوفين وضعاف البصر. ويتجنَّب المزيِّفون عادةً الاحتيال على مثل هؤلاء الأشخاص.

تُفرض على تصنيع أوراق النقد معايير جودة عالية؛ لأنها تمثِّل وعدًا حكوميًّا بالقيمة، ولم يَرْقَ اليورو إلى المستوى المنشود في هذا الصدد؛ إذ توجد نقطة ضعف صارخة في أوراق اليورو، وهي بلا شك شدة تسطُّح طباعة الإنتاليو المقصور استخدامها على الوجه. ولم يكن أكثر من ذلك ممكنًا بسبب الطباعة الشبكية الفرنسية. بعض العلامات المائية بالغ البساطة، وكثير منها هزيل في تدرُّجه من الفاقع إلى الداكن. أما سبب تفوق جودة العلامة المائية في الورقة فئة ٥ يوروهات على جودتها في الورقة فئة ٥٠ يورو — الورقة الأكثر عرضةً بكثير للتزييف — فيجب أن يظل سرًّا من أسرار بيروقراطيِّي منطقة اليورو. لقد تقرَّر استخدام خصائص الكاينجرام الأمنية، من أشرطة أو رُقَع، على الرغم من غلائها الملحوظ، ووُضعت على المساحات غير المطبوعة في أوراق النقد، وأسوأ من هذا استغناء بيروقراطيي منطقة اليورو عن طباعة الإنتاليو المهمة النافرة من سطح لوح فولاذي على رُقَع الكاينجرام. فيما يخص أوراق النقد الألمانية والفنلندية والهولندية والنمساوية، كان وجود خلفية ملونة تحت الكاينجرام والطباعة من سطح غائر على الرقعة هو العرف المتبع. لم يحدث ذلك مع اليورو؛ لأن معظم المطابع الحكومية لم تكن تملك المقدرة الفنية اللازمة، ولا سيما الفرنسيين بطابعاتهم الشبكية؛ ومن ثم اضطُر إلى تنحية هذه الخاصية الأمنية المهمة ضد النسخ والتزييف جانبًا، على الرغم من تحذيرات خبراء التزييف الصريحة؛ مما ترتب عليه عواقب وخيمة على أمن فئات اليورو العليا، كما نعرف الآن. ومما زاد الأمر سوءًا، وقعت أيضًا انحرافات في الألوان. فعلى سبيل المثال، في الأرقام الدالة على الفئة أسفل يسار وجه الورقة فئة ١٠ يوروهات، انحرف الجزء المحدَّد بدقة ذو اللون المتدرِّج من الأحمر إلى البني انحرافًا كبيرًا في بعض الأوراق، أو كانت تظهر ظلال خضراء، تكون فاقعة أحيانًا وداكنة أحيانًا أخرى على ظهر الورقة فئة ١٠٠ يورو، على حسب بلد الصنع والشركة المنتجة. بل إن تأثُّر أوراق اليورو بالضوء فوق البنفسجي يختلف بناءً على بلد تصنيعها. ففي حين أن أثر الحبر المتغيِّر بصريًّا كان يتغيَّر كما هو محدَّد بالنسبة إلى أوراق اليورو من الفئات العليا، غالبًا ما كان هذا الأثر متباينًا. وختامًا لهذا، يجب أن نتطرَّق بإيجاز إلى الحروف المجهرية التي لزم تكبيرها، بناءً على طلب بعض شركات طباعة النقد، حتى كادت لا تستحق وصفها ﺑ «المجهرية».

لعل الإنسان العادي لم يلاحظ في الإصدار الأوَّلي من أوراق اليورو كل هذه النقائص والتفاوتات، التي لم تكن مقبولة بالنسبة إلى الاحترافيين في المجال. لكنَّ هذا الموضوع يُعَدُّ من المحرَّمات إلى يومنا هذا. وفيما يخص جودة طبع اليورو، تعامل البنك المركزي الأوروبي بأسلوب منهجي ونقدي مع الأمر، لكنه يتخذ موقفًا قوامه عدم إزعاج الجمهور. لا يُفترض تحديد هُوية المنتجين كأفراد. فبسبب الخوف من تعريض قبول أوراق يورو معينة للخطر مثلًا، لم يُنشر إلا رمزٌ قُطري لأوراق اليورو، ويحدِّد هذا الرمز البنك الوطني الذي أصدر ورقة معينة. يَظهَر الرمز القُطري أو رمز البلد على ظهر ورقة النقد ضمن الرقم المسلسل المكوَّن من اثنتي عشرة خانة، ويحدِّد حرفه الابتدائي هُوية البنك الوطني المُصدِر، فيرمز حرف U مثلًا إلى فرنسا، وحرف S إلى إيطاليا. لكنَّ ورقة اليورو الخاصة بأي بلد في منطقة اليورو لا يمكن نسبتها إلى مطبعة نقدها إلا من خلال رمز مطبعة سرِّي على الوجه. لا شك أنه يمكن العثور على الإنترنت على تفاصيل دلالة توليفات الأرقام الظاهرة على وجه ورقة اليورو وظهرها، أو تفاصيل مَن طبعها ولصالح مَن19 (انظر أيضًا الجدولين ١٠-٣ و١٠-٤). بيانات مطبعة النقد مضمَّنة فيما يسمَّى الرمز القصير، المخبَّأ في مواضع عديدة على وجه الورقة حسب فئتها. والمصادفة أن اقتراح الشرطة بطبع الرمز في موضع واحد على كل الأوراق رُفض بحجة أن هذا فيه تعدٍّ على إبداع الرسام الجرافيكي. يحدِّد الرمز القصير هُوية مطبعة النقد، ويشتمل على ترميز متنوع للَّوح الطباعي المستخدَم والإصدار وموضع الورقة من الصفحة. بناءً على ذلك، فإن رمز البلد U على الظهر بالإضافة إلى رمز المطبعة L على الوجه يدلان على أن هذه الورقة جزء من إصدار فرنسا الأولي وطُبعت بمعرفة مطبعتها. أما رمز البلد نفسه مقترنًا برمز المطبعة T على الوجه فيكشفان عن أن هذه الورقة صادرة عن بنك فرنسا لكنها طُبعت بمعرفة مطبعة بلجيكا الحكومية. وأما الرمز القصير F002C2 على ورقة يورو فيدل على مطبعة النقد والسندات المالية النمساوية، ويشير إلى إصدار أوراق النقد ٢٠٠٢، ويبين بدقة موضع هذه الورقة ضمن الصفحة.

ما كان حتى للبنك المركزي الأوروبي أن يؤكد أن أوراق اليورو — بصُوَرها التي تفتقر إلى الحيوية وإلى إطار هيكلي، والمطبوعة في جزء منها بألوان باهتة — تمثِّل المستوى الجرافيكي أو الفني لطباعة النقد في أوروبا؛ إذ كان بمقدور شركات طباعة النقد الأوروبية أن تفعل ما هو أفضل، لو سُمح لها. هذه الأوراق هي القاسم المشترك الأدنى لعدد يفوق الحصر من الحلول الوسط؛ مُنتَج ربما يكون حتميًّا كبداية لمثل هذا المشروع الطموح، لكن يا لها من بداية مؤذية! فهي تساعد المزيِّفين أيَّما مساعدة.

جدول ١٠-٣: رمز البلد (الظهر).*
Z: بلجيكا S: إيطاليا
X: ألمانيا R: لكسمبورج
L: فنلندا P: هولندا
U: فرنسا N: النمسا
Y: اليونان M: البرتغال
T: أيرلندا V: إسبانيا
رموز محجوزة لبلدان حال انضمامها فيما بعد؛ W: الدنمارك، J: إنجلترا، K: السويد. ملحوظة: يستخدم موقع البنك المركزي الأوروبي على الإنترنت أيضًا للإشارة إلى لكسمبورج رموز البلدان الخاصة بالبنوك الوطنية التي طلب البلد منها طباعة نقده، وأعني: بلجيكا Z وألمانيا X وهولندا P … إلخ.
جدول ١٠-٤: رمز المطبعة (الوجه).
T: مطبعة البنك الوطني البلجيكي، بلجيكا
R: المطبعة الاتحادية (قطاع خاص)، ألمانيا
P: جيزيكه أوند ديفريَنت (قطاع خاص)، ألمانيا
D: سِتِك أُوي (شبه حكومية)، فنلندا
L: مطبعة بنك فرنسا، فرنسا
E: فرنسوا شارل أوبرتور فيدوسيير (قطاع خاص)، فرنسا
N: مطبعة البنك المركزي اليوناني، اليونان
H: دي لا رو (قطاع خاص)، بريطانيا
K: مطبعة بنك أيرلندا، أيرلندا
J: مطبعة الأوراق الثمينة ببنك إيطاليا، إيطاليا
G: إنسخيده (قطاع خاص)، هولندا
F: مطبعة البنك الوطني النمساوي، النمسا
U: مطبعة بنك البرتغال، البرتغال
M: المطبعة الوطنية للنقود والطوابع، إسبانيا
رموز محجوزة لبلدان حال انضمامها فيما بعد:
A: مطبعة بنك إنجلترا، إنجلترا
C: تومبا (قطاع خاص)، السويد
S: مطبعة البنك المركزي الدنماركي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤