الأيديولوجيا والوعي التاريخي الزائف

كثيرون قد يهيمون على غير هدًى بعيون مغلقة قانعين بثقتهم في التراث بدلًا من بحث وتأمل ما يجري من تغيير .. إنه لأمر مروع.

دانييل دنيت
لم يكن التحرر الوطني ساحة للمواجهات السياسية فقط بل والمواجهات الثقافية، ولهذا كانت معارك التحرر الوطني في البلدان المستعمرة، سابقًا، مناسبة للاهتمام بالدراسات التاريخية. واقترن هذا بتنامي الشعور بالنزعة القومية. وبرزت قضية الخصوصية أو الأصالة أو الهوية تعبيرًا عن جهود استكشاف عناصر ومظاهر وحدة الذات التاريخية. وظهر الاهتمام بالتاريخ كدراسة علمية نقدية مواكِبة لحركة التحرير لأسباب عدة:
  • (١)

    رد فعل ضد ما كتبه المستعمرون؛ أي إعادة صوغ صورة موضوعية عن الذات القومية غير الصورة التي رسمها الآخر «المستعمر»، وليكون التاريخ قوة دفع.

  • (٢)

    استكشاف الوحدة التاريخية للهوية كعملية متطورة، ولتأكيد الانتماء أو التوحد والتطابق مع الجماعة.

ولقد تباينت مواقف الأمم من تاريخها أثناء وبعد التحرير؛ إذ هناك من لم ينزع إلى النظر إلى تاريخه نظرة علمية نقدية، بينما حرصت أمم أخرى على تأكيد استقلالها الفكري وصياغة بنية ذهنية موضوعية من خلال جهودها البحثية. ونذكر هنا ما قاله المفكر والمؤرخ الهندي R. K. Panikar عام ١٩٤٧م: «تعي الهند الآن ماضيها .. لقد تعاظمت الحاجة إلى تاريخ الهند على نحوٍ يعيد بناء الماضي بحيث يهيئ لنا فكرةً عن تراثنا. إن تاريخ الهند الحقيقي أثناء الفترة البريطانية لا يتألف من أنشطة شركة الهند الشرقية ولا ممن خلفها ممثلًا للتاج البريطاني، وإنما قوام تاريخنا الانتفاضة الكبرى التي قادت إلى تحول المجتمع الهندي .. وهذا على خلاف الرؤية الغربية ..»

لهذا يتصدر التاريخ كمبحث علمي وأداة إعادة بناء صورة الذات أولويات الأمة حين تهم بالنهوض عاقدة العزم على الحركة نحو المستقبل. ذلك أن المستقبل هو علة التاريخ، بمعنى أن نظرة الإنسان للتاريخ وصورة وعيه به، رهن السعي نحو بناء مستقبل محدد المعالم تحفز إليه حاجة عملية .. أولها اطراد البقاء في مواجهة تحديات الصراع؛ إذ بدون ذلك لا مكان للتاريخ كرؤية عقلانية نقدية، بل لماضٍ متوهَّم. وبدون سعي الإنسان/المجتمع إلى مستقبل تحفزه وترسمه ضرورات عملية، وتستثيره تحديات التكيف والبقاء في سياق صراع الوجود، إما البناء أو الفناء الحضاري .. بدون ذلك يكون الحديث عن التاريخ ضربًا من التحليق في الفراغ، بل لن يكون الحديث هنا عن تاريخ قوامه وحدة الوجود والوعي الاجتماعي، أو لنقُل فعالية الذات الاجتماعية قرين وعي اجتماعي في سياق من الدينامية المطردة، وإنما سيكون التاريخ مجرد ماضٍ أو تاريخ أسطورة .. أو أيديولوجيا.

إن الأمة تفكر لنفسها وبنفسها؛ أي يكون لها فكرها المستقل، ويتوفر لها ركن من أركان الإرادة الجمعية، حين تعي ذاتها التاريخية في استجابة لتحديات مفروضة على هدي مشروع عملي مستقبلي. أو بمعنى آخر أن تحديث وتطوير المجتمع رهن شرطين:
  • (١)

    وعي عقلاني نقدي بالذات أو بالتاريخ في وحدته وحركته.

  • (٢)

    استراتيجية تطوير شاملة.

والوعي العقلاني النقدي يستلزم بداية إسقاط جميع التحيزات السائدة التي تحكم نظرتنا، وأن نبدأ النظر إلى التاريخ؛ أي نبدأ المراجعة النقدية للتاريخ، تأسيسًا على منهج علمي في اتساق مع متطلبات النهضة. وحريٌّ بنا أن نعترف أننا لا نملك هذا الوعي بالتاريخ في وحدته وشموله وموضوعيته لأننا لا نملك الحافز إليه ولا الجرأة على توظيف المنهج العلمي في البحث، خاصة وأننا عشنا أسرى ثقافة مندمجة مع وفي ثقافة لها قوة دمج طاغية ومتماهية مع الدلالة الدينية، وفي ضوء تراث ديني اتسع قسرًا ليشمل السياسي والتاريخي وكل مكونات وعناصر الوعي الاجتماعي؛ أي أسرى أيديولوجيا.

وإن الهدف من إسقاط الانحيازات والأهواء هو الابتعاد عن الانتقائية، وتأكيد وحدة التاريخ في عراقته المطردة عميقة الجذور، وفي حركته بين المتناقضات، وبفعل هذه المتناقضات، وذلك التماسًا لوحدة الأنا أو الذاتية القومية وصولًا إلى حس تاريخي صادق يدعم روح الانتماء. ولن تكون صورة الأنا هنا وعاءً نَثار من معارف وأحداث متراكمة، بل أنا نسقيَّة غير متصدِّعة؛ فاعلة ومنفعلة جمعيًّا، ومتطورة ومتغيرة سلبًا وإيجابًا في وحدة جدلية تاريخية؛ أي تأكيد شعور التوحد مع الجماعة من خلال الفعل والتفاعل على صعيد جمعي.

والتاريخ في ضوء هذا ليس هو الماضي، وليس شتاتًا من وقائع نرويها، بل هو البعد الزماني لوعي المجتمع في إطار وظيفي هادف. إنه الصياغة النظرية لهذه الوقائع في نسق يكشف عن طبيعة العلاقة بينها داخل تجمع دينامي لقوًى تعبر عن ذاتها وتتجلى في صيرورة مطردة .. وبدون هذا النسق النظري الذي يضع الإنسان؛ ومن ثَم المجتمع، باعتباره وجودًا ممتدًّا بامتداد الأحقاب والعصور نفقد القدرة على فهم الذات وتأكيد وحدتها ضمانًا لفعاليتها الإيجابية في حركتها نحو المستقبل؛ بل أقول نفقد دعامة أولى وشرطًا مسبقًا، من بين شروط أخرى، للقدرة على تصور المستقبل كهدف نابع من ذاتنا وننتمي إليه.

ولهذا أصبح علم التاريخ هو البعد الزماني للعلوم الاجتماعية، وهو حصاد إسقاط العلوم على أحداث التاريخ من حيث هي تعبير عن ذات فاعلة «المجتمع» داخل بنية وفي سياق محلي وإقليمي وعالمي بكل تحدياته؛ ولهذا ارتبط التاريخ في تقدمه بتقدم العلوم الإنسانية والعلوم بعامة، حتى إن هناك من يرى أن التاريخ والعلوم الأخرى أجزاء من متصل واحد وصولًا إلى نظرة شاملة إلى وعي الإنسان/المجتمع. ودفع هذا البعض إلى القول إن التاريخ القومي، والنظرية التاريخية القومية، جزءٌ من نسقٍ أشمل هو نظرية تاريخ الإنسان؛ لأن النوع الإنساني بعضُ هذا الكون الطبيعي على اتساعه؛ إذ هل يستغني عالم البيولوجيا عن التاريخ؟ وهل لا توجد صلة بين الزمن التاريخي والزمن البيولوجي؟ أو بين التاريخ من حيث هو البعد الزماني للإنسان وبين الجيولوجيا وتأثير عناصر الجيولوجيا في تطور الكائنات الحية وتطور الحضارة؟ وهل هناك قطيعة في التاريخ بين الحضارات والشعوب؟ أليس التاريخ المروري أو المكتوب يمثل رأيًا ورؤية في صياغة لغوية داخل سياق اجتماعي له شروطه ومن ثم يلزم فهم الرواية في ضوء التحليل اللغوي والاجتماعي؟ ويلزم الكشف عن المسكوت عنه أو ما نسميه المنفي الفعال؟

لهذا لم يعد ممكنًا دراسة التاريخ أو دراسة الإنسان في بعده الزماني باعتباره حدثًا أو أحداثًا مفردة، بل التاريخ منتج اجتماعي جامع لعناصر كثيرة تتكامل في دراستها وتحليلها وفهمها علوم متباينة. وأضحت القاعدة أن يضم أي مؤتمر لعلم التاريخ علماء من تخصصات مختلفة توافروا على بحث ظاهرة مشتركة من زوايا متكاملة. ويأتي هذا اتساقًا مع منهج البحث الجامع أو منهج البحوث البينية interdisciplinary.

وأفضى هذا إلى أن تحوَّل الاهتمام من الخاص إلى العام، ومن الحدث المفرد إلى الإطار البنيوي الأساسي الذي تعمل فيه الأحداث والشخصيات؛ أعني رؤية الحدث التاريخ، وهو المنتج الاجتماعي، في سياقه الاجتماعي الكامل، وباعتباره دالة على الفعالية وعلى البنية الاجتماعية معًا. ومن هنا لم يعد بالإمكان وجود عالم تاريخ ولا علم تاريخ في بيئة «علمية» منعزلة عن العلوم الأخرى وإنجازاتها، وعما طرأ على مناهج البحث من تحولات. ومن هنا أيضًا لا يمكن أن ينهض علم التاريخ إلا في إطار نهضة علمية متكاملة تشكل ركيزة حركة مستقبلية شاملة المجتمع كله. والعكس صحيح أيضًا؛ إذ لا يمكن أن ينهض مجتمع ويمضي قدمًا نحو المستقبل بدون نهضة علمية متكاملة شاملة علم التاريخ منهجًا ونهجًا ونظرية.

وإذا كان البعد العلمي شرطًا للنهضة، فإنه بالأولى شرط لفهم الذات في بعدها الزماني ووحدتها التاريخية، ففي هذا حصانة ووقاء ضد الشعور بالدونية عند التعامل مع الغير، وتأكيد للذاتية عند التصدي للحركة المستقبلية، وضد التهويم في الفراغ أسرى أهواء وأساطير تقتلعنا من واقع الحياة وتحدياتها .. وإن مقتضيات التحديث الإجابة عن سؤال ماذا أفعل بالتاريخ، أو بما هو تاريخي، أو بما هو موروث ثقافي عن التاريخ؟ تمامًا مثلما أسأل وماذا أفعل بما هو غير عقلاني في المجتمع والتاريخ وفي الموروث الثقافي؟ وأيضًا كيف أفهم المعلومة التاريخية على نحو موثوق ومعتمد لتوظيفها في إطار حركة المجتمع المستقبلية؟

ذلك لأننا في رؤيتنا لصورتنا الذاتية التاريخية تعرَّضنا لما يمكن أن نسميه انتهاكًا لموضوعية التاريخ؛ إذ تناوبتنا قوًى غازية عديدة، وحاولت كل قوة من هذه القوى أن تقدم نفسها باعتبار أنها هي «الأصيل»، بينما ماضينا هو «الآخر»، والعدو، أو الزائف، أو الجاهلية. ونجد هذا متحققًا سواء كان الوافد عقيدة دينية أم قوى استغلال سافرة. وأدى هذا إلى نشوء علاقة جدلية متوترة بين الماضي السابق على الغزو وبين الرؤية الأيديولوجية الجديدة؛ إذ قد نرى الفن الفرعوني؛ أيديولوجيًّا، عملًا مرذولًا ننسلخ عنه؛ أعني أن تنسلخ الذات عن تاريخها لحساب نظرة أيديولوجية جديدة. هذا بينما نجد مجتمعات أخرى عمدت في تأكيد وحدتها القومية إلى استيعاب كل عناصر التاريخ في بنية واحدة ممتدة على الرغم من التوترات والتناقضات. نجد هذا في رؤية الهند لتاريخ المغول، ورؤية شعوب المكسيك للمسيحية الوافدة.

ونحن لا نزال في رؤيتنا التاريخية تحت سطوة منهج السلف المعتمد على الرواية والمنبثق عن أيديولوجيا. والرواية رؤية تحكمها أيديولوجيا وسياق اجتماعي (اقتصاد وسياسة ولغة .. إلخ). وننزع في اتجاهنا التاريخي نحو التجميع والتوليف دون التحليل، بل قد تجبرنا الرؤية الأيديولوجية على إغفال النظر إلى وقائع أو تحويرها. ونلحظ أن الرواة تعاملوا مع الماضي على نحو ما يتعاملون مع الواقع؛ أعني التعامل في ضوء حاجة تمليها السلطة وسطوة السلطان. ويشهد التاريخ المكتوب أن السلطة كان لها دائمًا دور مركزي انعكس على النهج السائد في كتابة التاريخ، فجاء التاريخ المكتوب تاريخ القوى المتسلطة. وتعذَّر التحقق من صدق الرواية الواقعة، نظرًا لغياب الوثائق والتوثيق في حياتنا الثقافية. وغالبًا ما تكون الرواية للتبرير، وليس للتسجيل.

وأفضى هذا إلى إغفال كل قوى المعارضة في التاريخ؛ مما يجعلنا نسأل، ما الذي أهمله التاريخ؟ ومن الذين أهملهم التاريخ المروري أو زيَّف تاريخهم من قادة فكر أو حركات سياسية أو قبائل أو معتقدات أو حضارات؟ ولنا أن نسأل ما هو التاريخ المسكوت عنه، أو التاريخ الصامت، بفعل سلطان الأيديولوجيا .. أيديولوجيا سياسية أو دينية .. إلخ. لقد اشتمل تاريخنا على مساحات متواترة صماء مظلمة ولكنها ليست خرساء، بمعنى أن الرواية التاريخية لا تلغي الواقع؛ فالتاريخ الممنوع، أو غير المعلن، موجود تحت السطح، فاعل وله دلالته التاريخية، بل ودوره الاجتماعي الذي يتعين الكشف عنه.

وأفضى نهج التبرير الأيديولوجي في رواية التاريخ إلى إنكار واستنكار مراحل كاملة من تاريخنا. وهكذا بات من أخطر أمراضنا عَرَضُ اختلال الأنا، وافتقاد الحس التاريخي بوحدة الذاتية القومية في بعدها الزماني كوحدة جدلية على الرغم من التناقضات أو من خلال تفاعل التناقضات. واعتدنا أن نعيش أسرى الحدث المرحلي الأخير؛ مما دفع البعض إلى قول ما يقوله العلامة المؤرخ البريطاني بترفيلد: «إن الساميين يرون الحدث التاريخي نقطة فصل لا وصل بين الماضي والمستقبل، حيث قد نبدأ من الحدث وننفي أو نشوه ما سبق تعزيزًا وتبريرًا للجديد. ولا يهم التسلسل، فإن الحدث كيان مستقل، ولهذا ينتهي التاريخ عند حدث معين هو الخاتم المبين، ونرى فيه أيديولوجيا النهاية والغاية وننشد العودة إليه .. بينما الصواب أن الحدث نقطة فصل ووصل في امتداد أو متصل كوني.»

إننا على المستوى الثقافي الاجتماعي، بل وعلى المستوى التعليمي والعلمي، نعيش تاريخًا ممزَّقَ الأوصال، يدعم اختلال الأنا، ويشوه الحس التاريخي في وحدته، وهذا من شأنه أن يطمس عوامل التضافر الاجتماعي ويثير عوامل الفُرقة على أساس عرقي أو طائفي أو عقيدي. وها نحن نرى كتابات أهل السنة تُصادر على الشيعة، والعكس بالعكس، ونرى الاثنين معًا يصادران على الخوارج، وبين هذا وذاك نملك روايات مقطوعة الصلة بواقعها الاجتماعي، ومساحات مهملة أو مغفلة عن عمد .. لذا بات مشروعًا السؤال: ما هي حقيقة التاريخ وسط هذا الركام المتنافر. وتفاقم هذا الخطأ والخطر لما له من تأثير يكاد يهدد حياتنا على نحو ما رأينا في التاريخ، ونرى الآن، من صراع دموي معلن أو مضمر تغذيه في العراق وفي العربية السعودية ومصر، كمثال، نزعاتٌ طائفية مذهبية تنفي المواطنة والوطنية وتعطي الأولوية المطلقة للطائفية أو المذهب على حساب الوطني وبقائه؛ أي السلطة، كل السلطة للأيديولوجيا على حساب الحقيقة.

إذا كنا ننشد تغييرًا جذريًّا للمجتمع، فإن أول شروط ذلك فهم التاريخ علميًّا فهمًا نقديًّا في وحدته وحركته الدينامية ليكون ولاؤنا إبداعيًّا، وليكون حسُّنا التاريخي صادقًا، فتقوى لُحْمة المجتمع وتتماسك عناصره. إننا نريد تاريخًا حقيقيًّا لا التاريخ الأسطورة. وسبيلنا إليه التزام بمنهج بحث علمي لدراسة واقع التاريخ والعوامل الاجتماعية المحرِّكة له بكل ما في هذه الحركة من تناقض، وواقع العوامل المؤثرة سلبًا وإيجابًا على هذا التاريخ إلى حد أن وصل إلينا؛ وتحليل هذا الواقع في إطاره الثقافي للمجتمع الذي نشأ فيه .. والواقع مفهوم واسع يشمل الأبنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية .. إلخ، حتى تتوافر لنا من خلال تعاون علم التاريخ مع علوم الإنسان الأخرى رؤية شاملة مقننة عن المجتمع والفرد، ونهج استجاباته وفعاليته؛ ومن ثَم تتيسر آلية تعبئة طاقة المجتمع في حركة نحو المستقبل.

ويُدعم هذا النهج اتباعٌ أو ابتداع منهج بحث جديد لأركيولوجيا التاريخ يكشف عن حقيقة البُنى المفهومية القائمة وراء شتى مراحل التاريخ .. ليغدو التاريخ خريطةً معرفية «جيولوجية» أو تراتبية للأمة .. ونفهم أنفسنا، ونستكشف على هديه الطبقات التاريخية للمجتمع على مدى الزمان في ضوء دراسات اجتماعية ولغوية واقتصادية وسياسية وفكرية بحيث تمهد لنا هذه الدراسة الطريق إلى صياغة نظرية عن الإنسان في تطوره على هذه الأصعدة؛ مما يخلق أرضًا صلبة تدعم حركة المجتمع المستقبلية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤