الفصل الرابع عشر

قصر هيندون

استغرقت الرحلة إلى قصر هيندون عدة أيام على ظهور الخيل، وأخيرًا قال مايلز: «انظر يا سيدي.» وأشار إلى منزل كبير قابع على تل. «هذا هو منزلي! قصر هيندون.» لاحظ إدوارد عيون مايلز وقد اغرورقت بالدموع.

قال مايلز: «أتساءل هل سيتذكرني أحد. هل لا يزال جميع الخدم أنفسهم هناك؟ لا، هذه سذاجة مني.» وهز رأسه قليلًا: «سيجن والدي وأخواي وليدي إيديث من الفرحة عندما يرونني.» ونظر إلى إدوارد، وقال: «كما سيسعدون للغاية لمقابلتك.»

ترجل مايلز عن حصانه، وسار إلى المنزل واندفع عبر الباب الأمامي. وكان إدوارد خلفه على مقربة منه.

كان المنزل من الداخل كئيبًا ويغلفه الحزن. وبدت الغرف باردة بالرغم من النيران القوية في المدافئ. سار مايلز برشاقة إلى داخل الغرفة الأمامية، وكان هناك رجل يجلس أمام النار، وظهره للباب.

صاح مايلز: «هيو! كم أنا سعيد لرؤيتك. فلتقف وتعانق أخاك.»

وقف هيو سريعًا، وعندما رأى مايلز، ارتد للخلف فجأة. وقد بدا في أول الأمر مندهشًا، لكنه سرعان ما استعاد هدوءه، وأمعن النظر في مايلز.

«أخشى، أيها الغريب، أنه قد اختلط عليك الأمر. فأنا لست أخاك.» عبس هيو في وجه مايلز. لقد تعرف على أخيه في التو، لكنه لم يرد أن يعلم مايلز ذلك.

قال مايلز: «عذرًا» وسار خطوة أخرى للأمام ثم قال: «ألست هيو هيندون؟»

فقال: «نعم، أنا هيو. لكن من أشك فيه هو أنت.»

– «أنا مايلز! أعلم أنني قد غبت طويلًا، لكن لا يمكن أن أكون قد تغيرت بهذا القدر.»

وقف هيو منتصبًا، وقال: «كيف تجرؤ! أخي توفي من سبع سنوات. اخرج الآن، وإلا سأجعل الشرطة تقبض عليك بتهمة الاحتيال.»

حاول مايلز أن يبدي اعتراضه، لكن هيو رفع يده، وقال: «تلقينا خطابًا يقول إن أخي مايلز قُتل في إحدى المعارك، وبكيناه منذ سنوات عديدة.»

قال مايلز: «دعني أرى والدنا.» وكاد يصرخ، فلماذا لا يصدقه أخاه؟ «سيتعرف عليَّ أبونا على الفور.»

قال هيو بهدوء: «لا يستطيع المرء استدعاء الموتى.»

«أبونا مات؟» أمسك مايلز برأسه بين يديه. «والدنا الحبيب المسكين.» ونظر إلى هيو مرة أخرى. «وماذا عن ليدي إيديث؟ هل هي بخير؟ هل لا تزال تعيش في قصر هيندون؟»

قال هيو: «بالطبع.»

فسأل مايلز: «وأخونا آرثر؟ هل لا يزال على قيد الحياة؟»

قال هيو: «لا، أخي توفي منذ نحو ست سنوات.»

– «فلتستدع الخدم إذن، سيتعرفون عليَّ. فأي شخص عرفني وأنا صغير سيتعرف عليَّ. لقد عملوا جميعًا هنا سنوات عديدة.»

قال هيو: «للأسف، معظمهم رحلوا، لكنني سأستدعي البعض إلى هنا إذا كان ذلك سيثبت وجهة نظرك.» وغادر هيو الغرفة.

أخذ مايلز يمشي جيئة وذهابًا، وهو يقول: «لا أفهم شيئًا مما يحدث. فبعد سنوات عديدة في معسكر الأسر، وهروبي، والصعوبات التي قابلتني لأعود إلى المنزل، لا أحد يتعرف علي. هذا أشبه بالحلم المزعج.» واستدار إلى إدوارد: «أرجو أن تصدقني جلالتك. هذا منزلي، وهذا كان أخي هيو. وأدعى مايلز هيندون.»

قال إدوارد ببساطة: «لا شك لدي فيك. فأنت لم تشك فيّ، وسوف أمنحك التقدير ذاته.»

سالت الدموع مرة أخرى من عيني مايلز، وقال: «شكرًا لك يا سيدي، إنني أشكرك من كل قلبي.»

فجأة، انفتح أحد الأبواب، ودخلت سيدة جميلة يتبعها على مسافة قريبة هيو. سارت السيدة بتمهل، ورأسها منخفض، وعيناها مثبتتان على الأرض. وقد بدت في شدة الحزن.

قال مايلز: «إيديث! عزيزتي.»

لاحظ إدوارد أن السيدة ارتعدت قليلًا عندما تحدث مايلز، وبدأ وجهها يحمر.

رفع هيو يده ووقف بينهما، واستدار ناحية إيديث، وقال: «انظري إلى هذا الرجل، هل تعرفينه؟»

صمتت لحظات قليلة قبل أن تنظر إلى أعلى وتقول سريعًا: «لا أعرفه.» وعادت لتحملق في الأرض. وبعد لحظة، ركضت خارج الغرفة، وهي تغالب دموعها.

انهار مايلز على أحد الكراسي، وأمسك رأسه، وتأوه.

دخل الخدم الغرفة، وسألهم هيو هل يعرفون مايلز، فهز الجميع رءوسهم منكرين في صمت.

قال هيو: «إذن هذا ما قد طلبته. لا بد من وجود خطأ ما. فلم يتعرف الخدم عليك، وكذلك زوجتي لم تتعرف …»

رفع مايلز بصره إلى هيو وقال: «زوجتك؟!» وفي لحظة، كان هيو مثبتًا قبالة الحائط. «الآن علمت ما فعلته. لقد كتبت هذا الخطاب بنفسك، وأقنعت الجميع أنني توفيت وأخذت مكاني. فأي سبب آخر كان سيدفع إيديث للزواج منك؟ لقد أردت أموالها، فلفقت قصة وفاتي. لقد سلبتني حبي!»

نادى هيو على الخدم ليساعدوه.

قال أحدهم: «لكن يا سيدي، إنه مسلح.»

فصرخ هيو: «هل جميعكم جبناء؟»

قال مايلز: «يمكنهم فعل ما يشاءون، لدي شيء واحد فقط أود قوله: أنا مايلز هيندون، سيد قصر هيندون، ولن أغادر. وعليك أن تتيقن مما أقوله!»

أشار هيو ثانيةً إلى الخدم، فسحبوا مايلز بعيدًا عن سيدهم. ونظر هيو إلى مايلز مستهزئًا قبل أن يندفع خارج الغرفة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤