مفاجأة … لم يتوقعها «أحمد»

خرج الشياطين في مغامرة «عش النسر» للبحث عن قاتل السنيور «كالوتشي»، وهو واحد من دعاة السلام في العالم، كانت ظاهرة التخلُّص من دعاة السلام قد انتشرت دون أن يعرف أحد مَن يقف خلف هذه الجرائم، وإن كانت النتيجة هي التوصُّل إلى أن تجار السلاح هم الذين يقفون خلفها فهم وحدهم الذين يحقِّقون المكاسب الضخمة، نتيجة الحروب وبيع السلاح، إنهم ضد أن يتحوَّل العالم إلى السلام، وأن إلى مشاكله، عندما قتل السنيور «كالوتشي» في إيطاليا، عثر على ريشة للعزف على الجيتار، وعندما تكرَّرت نفس الجريمة في الهند، عثر أيضًا مع جثة المجني عليه على ريشة للعزف على الجيتار؛ ولذلك خرجت مجموعتان من الشياطين، مجموعة إلى إيطاليا، وتضم «أحمد» و«مصباح» و«بو عمير» و«إلهام» و«خالد» … أما المجموعة التي ذهبت إلى الهند فهي تضم «قيس» و«فهد» و«عثمان» و«رشيد». عملت مجموعة الشياطين في ملهى «إيطاليانا» الذي يملكه «باولو» ويُديره «مانسيني» مساعد «باولو». وفي الملهى يوجد أيضًا عازف جيتار مشهور اسمه «ماتي».

لقد عمل الشياطين تحت اسم «ستانا جروب» أو فريق الشياطين، وقد لفتوا النظر من أول مرة؛ لأنهم يعزفون ببراعة بجوار أن «إلهام» كانت مغنية رائعة، لقد هيَّأ عميل رقم «صفر» في إيطاليا، فرصة عمل للشياطين في الملهى، وحتى يحتفل بهم «باولو» دعاهم إلى قضاء يوم في ضيعته. وهناك أعلن عن مسابقة لصيد الحمام، وظهر عازف الجيتار «ماتي» كصياد ماهر، لكن عندما نزل «أحمد» المسابقة لفت الأنظار. وجعل «باولو» يمدحه بلا حدود … ولم يكُن «أحمد» وحده الذي نزل المسابقة فقد نزل بقية الشياطين، وكانت مفاجأة للجميع، أن «ستانا جروب» يجيدون الرِّماية، تمامًا كما يجيدون العزف. وكانت المفاجأة الخاصة بالشياطين، هي ظهور عميل رقم «صفر» بين المدعوين. وحتى يقترب «أحمد» من الهدف، وكشف المجرم الذي شكَّ فيه الشياطين، طلب «أحمد» من «باولو» أن ينتقلوا إلى شقةٍ، بدلًا من بقائهم في «جراند أوتيل» وكانت فرحة «باولو» غامرة بهذا المطلب. مما جعل «أحمد»، يعتقد أنه يقترب فعلًا من هدفه.

انتقل الشياطين إلى فيلَّا فاخرة، يملكها «باولو» وفي نفس الليلة التي وصلوا فيها إلى الفيلَّا. اكتشف الشياطين عدسات سرية ترقبهم، وكان عليهم أن يستمروا في المغامرة حتى النهاية، فقد كان اكتشاف العدسات السرية، هو الدليل الأخير على أنهم في الطريق الصحيح … وانتهى الجزء الأول من المغامرة ليبدأ الجزء الثاني.

قال «أحمد» بلغة الشياطين: إن علينا أن نكون حذرين تمامًا. فهذه العدسات السرية ليست ضدنا، ولكنها في صالحنا، إنها فعلًا تضع النهاية لمغامرتنا التي استغرقت وقتًا طويلًا!

قال «بو عمير»: لا تنسَ أن الزعيم يعرف أن المغامرة تحتاج لوقت. ثم إننا بذَلْنا جهدًا كبيرًا.

أضاف «مصباح»: إنني أتوقَّع أحداثًا أخرى، قد تكون مفاجئة لنا!

ابتسم «أحمد» وهو يقول: إنني فعلًا أتوقَّع هذه الأحداث؟

ثم أضاف بسرعة: ينبغي أن ننصرف الآن … حتى لا نلفت النظر!

وفي دقائق. كان كلٌّ منهم قد اتَّجه إلى غرفته، عندما أصبح «أحمد» وحده، قال في نفسه: إنني أظن أن «باولو» هو زعيم هذا الفرع، وأنه سوف يحاول معنا؟ ثم ابتسم. وقال: إننا محاصرون بهذه العدسات السرية لكننا سوف نجد حلًّا!

وضع يده في جيبه ثم بدأ في استخدام جهاز الإرسال، أرسل رسالة إلى عميل رقم «صفر». كانت رسالة شفرية تقول: «٥٢ - ٤٦» وقفة «٢ - ٥٠ - ٦» وقفة «٣٦ - ٤٦ - ٥٨» وقفة «٢ - ٦ - ٢٨ - ٢ - ٤٦» وقفة «٤ - ٢ - ٤٦ - ٢٢ - ٣٦ - ٥٨ - ٤٨» انتهى.

وفي لحظة كان الرد قد وصل. قال العميل: نعم والزعيم يطلب الاستمرار.

شعر «أحمد» بالارتياح، دقَّت الساعة الثانية صباحًا، فقال «أحمد» في نفسه: ينبغي أن أنام الآن. فالمشوار أمامنا لا يزال طويلًا.

دقائق كان قد استغرق في النوم، ولكنه مع ذلك استيقظ مبكِّرًا كعادته.

ولم يغادر السرير ظلَّ يتسمَّع لأية حركة في الفيلَّا … لكن الصمت كان يحوط كل شيء. أدَّى بعض تمارين التنفس وهو راقد في السرير. ثم قفز منه في نشاط وأخذ حمامًا دافئًا. وما إن غادر الحمام حتى رنَّ جرس التليفون في غرفته. انتظر لحظة، ثم ابتسم وقال في نفسه: إنه ليس أحدًا من الشياطين.

رفع السماعة فجاء صوت رئيس الخدم «جلاكسو» يقول: صباح الخير يا سيدي «بورو»!

ابتسم «أحمد» وقال: صباح الخير يا سيد «جلاكسو»!

قال «جلاكسو»: هل تأمر بشيء؟

ابتسم «أحمد» وهو يقول: لا شيء يا سيد «جلاكسو»!

مرَّت لحظة قبل أن يأتي صوت «جلاكسو» قائلًا: إن الزملاء جميعًا في قاعة الطعام.

رد «أحمد»: سوف أكون هناك حالًا!

جاء صوت «جلاكسو»: أظن أنك تعرف أن قاعة الطعام في الدور الأرضي!

ضحك «أحمد» ضحكة متعمَّدة وهو يجيب: أظن أنني أعرف!

وضع «جلاكسو» السماعة في الطرف الآخَر، فوضع «أحمد» السماعة، فكر بسرعة: إن «جلاكسو» تصرَّف بطريقة غير ذكية، فكيف عرف أنني استيقظت في هذا الوقت؟ مرَّت لحظة قبل أن يجيب بينه وبين نفسه: إنها العدسات السرية، ولكن لا بأس. بسرعةٍ أخذَ طريقه إلى الطابق الأرضي، ولفت نظره كثرة آنيات الزهور في جوانب الممرات، والسلالم، ابتسم وهو يقول لنفسه: إنه احتفال مبكِّر … أو طعم جميل لصيدنا … ثم استمرَّ في طريقه إلى قاعة الطعام، كان الشياطين في انتظاره حول المائدة … ألقى عليهم تحية الصباح، ثم أخذ مكانه. قالت «إلهام»: أتمنَّى أن أستمر في العمل في «إيطاليانا» فنحن نعيشُ أحلى أيامنا!

ابتسم «مصباح» وهو يقول: هذا صحيح. وأرجو أن يوفِّق «أحمد» في الاتفاق مع السيد «باولو»! رشَفَ «أحمد» رشفة شاي طويلة، ثم قال: لقد تحقَّقت أمنية «إلهام» بالفعل. وعقد الاتفاق الذي وقَّعته مع السيد «باولو» مفتوح أمامنا بلا حدود!

كان الشياطين يعرفون حكاية العقد الذي تمَّ بين «باولو» و«أحمد». إلا أنهم تعمَّدوا الحديث عنه، حتى تنقل الكاميرات السرية ذلك، فجأة اقترب «جلاكسو» وانحنى على أذن «أحمد» وهمس بكلمات، ثم انتظر.

ابتسم «أحمد» وقال: سوف أكون في الطريق إليه حالًا!

هزَّ «جلاكسو» رأسه، ثم انصرف. في حين همس «أحمد» بلغة الشياطين: إن «باولو» في انتظاري!

وفي دقائق، كانت سيارة «باولو» تقِل «أحمد» وحده، إلى حيث يوجد «باولو».

كان مقر «باولو» عبارة عن فيللا من طابق واحد. تحوطها حديقة رائعة واسعة، عندما دخلت السيارة حديقة الفيلَّا، لم تتجه إلى المبنى مباشرة، بل اتجهت إلى عمق الحديقة، كانت هناك خميلة بديعة عند ركن الحديقة، وليس خلفها سوى سور حديدي، نزل «أحمد» وكان هناك «مانسيني» الذي لقيه بترحاب عظيم، وهو يضحك قائلًا: لعلَّك نمت جيدًا يا عزيزي «بورو»!

ابتسم «أحمد» وقال: جيد جدًّا يا عزيزي «مانسيني». إن الفيلَّا رائعة تمامًا ومريحة جدًّا!

قال «مانسيني»: هذا ما يريد أن يطمئن عليه السيد «باولو».

ثم تقدَّم «أحمد» إلى داخل الخميلة مع أول خطوة. لم يصدق «أحمد» نفسه عندما رأى هذا الجمال الذي يحيط بالمكان. وفي الصدر كان يجلس «باولو» وقد علت وجهه ابتسامة عريضة. ما إنْ ظهر «أحمد» حتى صاح «باولو»: تبدو عليك الراحة الكاملة، إن ذلك يسعدني ويجعلني متأكدًا من أنني كنت على صواب حين اخترت لكم المكان!

حيَّاه «أحمد» ثم أضاف: الحقيقة أننا نعيش أحلى أيامنا بفضل رعايتك لنا يا سيدي، ونرجو أن نكون عند حُسن ظنك دائمًا!

ضحك «باولو» وهو يقول: بالتأكيد سوف تكونون عند حُسن ظني.

ثم أضاف بعد لحظة: وعند حسن ظن السيد «فريدي»!

لم تظهر الدهشة على وجه «أحمد» فقد كان يرسم ابتسامة ثابتة على وجهه حتى لا يظهر ما في أعماقه فقد كاد يطير فرحًا من السعادة.

قال «باولو» إن «فريدي» هو صاحب ملهى «إيطاليانا». وأنا فقط أُديره. وإن كان كثيرون يتصوَّرون أنني أنا المالك الحقيقي للملهى.

ثم نظر إلى «مانسيني» وقال: سوف أخرج أنا والعزيز «بورو» في جولة سريعة. هل السيارة جاهزة؟

انصرف «مانسيني» بسرعة في نفس الوقت الذي قال فيه «باولو»: إن السيد «فريدي» يمتلك عددًا من الملاهي في دول متعددة، فلديه ملهى «أنديانا» في الهند. و«باريزيانا» في فرنسا. و«أمريكانا» في «إثيوبيا».

صمت لحظة ثم أضاف: هي سلسلة منتشرة في العالم.

عاد «مانسيني» وأعلن أن السيارة جاهزة، فوقف «باولو» مباشرة، وأخذ طريقه إلى الخارج، تبعه «أحمد» الذي كان يفكِّر بسرعة، أن التفاصيل الجديدة التي قالها «باولو» تشير إلى أن «فريدي» هو المحرك الأول، قال في نفسه: من المؤكد أنني سوف أسمع المزيد، ومن المؤكد أننا سوف نحقِّق أعظم مغامرة قمنا بها.

كان «باولو» يقف عند باب السيارة، بينما السائق قد وقف جانبًا … ابتسم «باولو» وقال: هيا يا عزيزي «بورو» سوف نكون وحدنا.

ركب «أحمد» وانطلق «باولو» بالسيارة، كان ينظر أمامه مباشرة، بينما تعلو وجهه ابتسامة صغيرة في حين كان «أحمد» يراقبه بإمعانٍ شديد، وإن كان يخفي ذلك تحت ابتسامة هادئة، لم ينطق «باولو» ظلَّ صامتًا لفترة، بينما كان «أحمد» يفكِّر: هل أخطأ الشياطين؟ واكتشف «باولو» شيئًا وإلى أين يمكن أن يذهب به؟ ولماذا طلبه وحده؟ وهل سيحقِّق ما فكَّر فيه؟ وما توقعه هو أو «مصباح»؟ ظلَّت الأسئلة تتردَّد في خاطره. فجأةً اتسعت ابتسامة «باولو» حتى تحولت إلى ضحكة عالية. واتسعت أيضًا ابتسامة «أحمد» فجأة قال «باولو»: أعرف أنك مندهش، وربما تكون قد سألت نفسك، لماذا استدعيتك وحدك، وإلى أين سوف نذهب، لكن «أحمد» لم يستطع إخفاء دهشته، ولذلك ابتسم وهو يقول: لا أنكر أنني فكَّرت في ذلك!

ضحك «باولو» بعنفٍ، ثم قال: لكنك لن تفكر في الأهم، فما أعرضه عليك الآن سيفوق كل ما تحلم به.

صمت «باولو» وإن ظلَّت ابتسامته ثابتة في نفس الوقت الذي كان «أحمد» يفكِّر فيه: ماذا يقصد «باولو»؟!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤