عودة «سايبرسبيس»!

نفض الشياطين عنهم آثار السفر … وتناولوا غداءَهم، وانطلقوا إلى ساحة المقر يتريضون ويستمتعون بالسير بين الزراعات المختلفة التي تغطِّي المساحة الضخمة المحيطة بالمقر، وهم يتذكَّرون عملية «جواسيس الفضاء»، التي وقعَت في سماء المنطقة … والنفايات الذرية التي وجدوها في زراعات البطاطس في عملية «نهاية القتلة».

وهنا بدر سؤال ﻟ «إلهام»، عبَّرَت عنه قائلة: أستكون هذه نهاية للقتلة؟

أحمد: تقصدين جماعة «سايبرسبيس»؟!

إلهام: نعم.

أحمد: لا أعتقد، وحتى لو انتهت «سايبرسبيس»، ستقوم جماعةٌ أقوى منها وأكثر شراسة.

ريما: أي لا جدوى من مواجهتهم؟!

أحمد: أنا لا أقصد هذا، فعدم مواجهتهم يعني سقوطَنا وضياعنا.

عثمان: إذن، سنظل في مواجهة دائمة معهم.

أحمد: إنها مهمتنا … إننا جزء من «الجهاز المناعي» للأمة … نقاوم مع الأجهزة الأخرى الأمراض التي تريد الفتك بها.

إلهام: لقد لاحظت يا «أحمد» أن يدك اليسرى تهتزُّ اهتزازات غير طبيعية!

أحمد: لا شيء … لا شيء.

ريما: لا تهوِّن الأمر … فيدك تهتزُّ بصورة غير طبيعية.

أحمد: إنه إرهاق.

عثمان: طبيب المقر هو الذي سيحدد ذلك.

أحمد: قلت لكم إن الموضوع بسيط.

قيس: لا مفر … سأتصل به وأُخبره أننا في الطريق إليه.

وبالفعل، قام «قيس» بالاتصال بقيادة المقر، وشرح لهم الأمر … فطلبوا منه الحضور بعد ساعة.

وأثناء سيرهم في طريقهم إلى العيادة، لاحظَت «ريما» أن نفس الشيء حدث ﻟ «عثمان». وعند باب العيادة كانت اليد اليسرى لكل المجموعة التي اشتركَت في عملية «وحش الأعماق» ترتجف بصورة غير طبيعية.

فتبادلوا جميعًا نظراتِ الدهشة والقلق … ودارت في مخيلتهم الكثيرُ من التصورات. فما تعرضوا له في منطقة «رأس محمد» كان كثيرًا؛ ما بين سماد مشع، وسوائل تحوي جينات معدلة لحيوان «نجمة البحر»، وعصارات هاضمة تؤثر على الجهاز العصبي قبل باقي أجهزة الجسم، فهل أصابهم شيء من هذا؟ وهل هذه الرجفة هي من تأثير هذا الشيء؟!

وحتى حان موعدهم مع طبيب المقر … كانت كثرةُ الأفكار والتصورات قد أعيَت رءوسهم.

وحين رآهم الطبيب، طلب منهم رفْعَ أيديهم التي ترتجف لأعلى، ثم طلب منهم خلْعَ ساعاتهم، ثم رفع أيديهم مرة أخرى.

ووسط مشاعر الدهشة والارتياح، شعروا بالاتزان يعود إلى أيديهم اليسرى.

وهنا اندفع «أحمد» وسأل الطبيب، قائلًا: أتكون ساعاتنا هي السبب؟ إن الرجفة موجودة … وهي التي تُظهرها.

الطبيب: لا أستطيع الإجابة عن ذلك إلا بعد أن تخضعوا للفحص على أكثر من جهاز، أنتم وساعاتكم.

أحمد: أنا أرى أن يستبدل المقر لنا ساعاتنا بأخرى جديدة، على أن يتمَّ تحميل نفس البرامج عليها.

إلهام: نعم … ويمكننا وقتَها معرفة إذا ما كانت هي السبب أم لا.

الطبيب: أوافق.

واتصل الطبيب بقيادة المقر الكبير، وطلب منهم استبدالَ ساعات الشياطين الذين يشتكون من الرجفة، وحفظ القديمة في خزانة واقية للإشعاع … تحسُّبًا لأية مفاجآت، سترد في التقرير بعد الفحص.

وبالفعل، تم استبدال الساعات بأخرى جديدة، وخضع الشياطين بعدها للفحص فلم ترتجف أيديهم.

فتبيَّن من ذلك أن الساعات ربما قد حدث بها خلل ما، أو أن مصادر الطاقة المزودة بها، قد تأثرت بأية أنشطة إشعاعية في العملية السابقة.

ومع ذلك … رأى الطبيب أن يخضع الشياطين لمجموعة من الفحوص؛ لأن احتمال تأثرهم بهذه الأشعة قائم، وقد يؤثر عليهم ذلك على المدى الطويل.

وسيحدد مدى خطورة ما تعرَّضوا له من نتيجة فحص الساعات.

وقضى الشياطين ليلتَهم مؤرقين … وقد استبد القلقُ ببقية الشياطين، أكثر مما أصاب مجموعة عملية «وحش الأعماق»، فهم على استعداد لتحمُّل نتيجة ما حدث، مهما كانت خطورته.

وفي تمام الساعة الثانية عشرة ليلًا، اتصل «بيتر» ﺑ «أحمد»، إلا أن ساعته لم تَقُم بوخزه؛ لتنبِّهَه أن هناك اتصالًا … وقد عرف ذلك حين أتاه «بو عمير» في غرفته، وأخبره أن «بيتر» يطلبه على الكمبيوتر.

وعبر الشبكة، كان اللقاء بينهما جميعًا عندما سأله «أحمد» عما يعنيه من أن الموضوع له علاقة بأحداث سابقة، سمع كلَّ ما كان يتوقعه هو والشياطين … حيث قال «بيتر»: لقد تقدَّمَت أجهزة الكمبيوتر والوسائل المتعاملة مع شبكة الإنترنت تقدُّمًا مذهلًا … وقد مكَّن ذلك جماعة «سايبرسبيس» التي أعادَت تكوينَ نفسها، من أن تصل إلى موقعي على الشاشة، ويقوم أعضاؤها بتتبُّع أخباري واتصالاتي لفترة طويلة.

وقد اكتشفت ذلك عندما حضرت اجتماعًا لهم بالمصادفة … وعرفت عنهم الكثير … ولحسن حظي أنهم حتى الآن لا يعرفون أني قد اكتشفتُ أمرهم.

أحمد: وهل هناك ما يهمنا في هذا الاجتماع؟

بيتر: هناك الكثير … عرفته من خلال اجتماعات أخرى، غير هذا الاجتماع.

أحمد: وماذا عرفت؟

بيتر: «شولتر» الذي فرَّ منكم في عملية «ثورة الأخطبوط» … هو الذي أعاد تكوين الجماعة، وقد انتخبوه رئيسًا لهم.

أحمد: إذن، فالخطر قادم، فهذا الرجل قد ناله منَّا الكثير.

بيتر: نعم … وقد قام بنفسه بإعداد ملف لكم، يتضمن العمليتَين السابقتَين.

أحمد: ومقتل «كول».

بيتر: وتدمير مركز أبحاثهم الرهيبة.

أحمد: ثم ماذا؟

بيتر: إنهم الآن يقومون بعملية مزدوجة تستهدف تنفيذَ مخطط تخريبي لصالح دولة معينة.

أحمد: مثل تدمير المقومات السياحية لمنطقة البحر الأحمر؟

بيتر: نعم، وفي نفس الوقت اغتيالكم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤