ثلاثة اقتراحات ختامية في سبيل إحياء السلاح البحري الملكي المصري

الآن — وقد أشرف الكتاب على نهايته — أسوق إلى ولاة الأمور اقتراحات ثلاثة عسى أن يكون لها نصيب من الإصغاء فحظ من التنفيذ.

  • الاقتراح الأول: إنشاء متحف بحري، على مثال المتحف الحربي، يضم بين جوانبه كل ما يتعلق بالبحرية المصرية منذ عصر الفراعنة حتى اليوم، وتُعرَض فيه هياكل مصغرة لدور صناعة السفن ولمختلف أنواع المراكب — حربية أم تجارية — التي جابت عباب البحار ورفرف على سارياتها العلم المصري من السواحل المصرية إلى شواطئ القارات الخمس. كما يُخصَّص جزء من الدار لأزياء وملابس وأوسمة وأعلام رجال البحرية في شتى العهود، وتُرسَم لوحات زيتية تصور المعارك البحرية التي اشترك فيها الأسطول المصري، وتُحفَر تماثيل من البرونز أو من الحجر تمثل أمراء البحار الذين قادوا السفن المصرية ظافرة منتصرة في أقاصي البحار والمحيطات. وأخيرًا تؤلَّف مكتبة تضم المجلدات والأسفار التي تناولت فنون البحرية بوجه عام وتاريخ البحرية المصرية بوجه خاص، وتزخر بالمراجع التاريخية والمصادر العلمية التي تساعد الباحث على التمحيص والتأليف.

    إن مثل هذا المتحف موجود بالفعل في لندن وباريس وفي برلين وفي أهم العواصم الأوروبية، ولعل المتحف البحري بأوسلو عاصمة بلاد النرويج من المتاحف التي نالت كبير إعجابي لما حواه من آثار قديمة وحديثة عُرِضَت في دقة ونظام وتنسيق قل أن تجدها مجتمعة في غيره من المتاحف.

    وحبذا لو وقع اختيار الحكومة على جزء من الأرض المقامة عليها ثكن قصر النيل التي جلت عنها القوات البريطانية أخيرًا لإقامة متحفين مستقلين يناظران دار الآثار، يخصص أحدهما لشئون الجيش وثانيهما لشئون البحرية.

  • الاقتراح الثاني: وضع مجلد في البحرية المصرية من أقدم العصور حتى الآن بمعرفة لجنة مؤلَّفة من كُتَّاب تخصصوا في هذه الناحية من نواحي حياتنا القومية، ينضم إليهم بعض ضباط السلاح المصري البحري الممتازين ممن سبق لهم الاشتغال علميًّا وعمليًّا بشئون البحرية. وحبذا لو اتخذنا من الموثقين الفرنسيين القيِّمين «تاريخ البحرية» الصادر عن دار مجلة الألستراسيون “L’Illustration” و«تاريخ بحرية فرنسا» الصادر عن مطبعة لاروس “Larousse” هدًى نهتدي به في إخراج مجلد نفيس يضم بين دفتيه تاريخنا البحري.
    figure
    شعار السلاح البحري الملكي المصري.
  • الاقتراح الثالث: وضع معجم يتناول المصطلحات البحرية قديمها وحديثها بمعرفة لجنة مكونة من بعض أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية الأجلاء وبعض أساتذة كليتَي الآداب بجامعتَي فؤاد وفاروق، تعاونهم صفوة ممتازة من ضباط السلاح البحري المصري.

هذه اقتراحات ثلاثة جديرة بأن توضع موضع التنفيذ تمجيدًا لما سجلته البحرية المصرية من صفحات مجد وفخار، وتوطئةً لما سيتبوءُه السلاح البحري الناهض من شأن عظيم في الغد القريب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤