الفصل الثاني

المد والجزر في كتاب المدخل الكبير في علم أحكام النجوم لأبي معشر الفلكي

ناقش أبو معشر البلخي ظاهرة المد والجزر في البحار بشكلٍ علمي مُوسَّع ومُفصل جدًّا، وقد أوردها بشكلٍ مُتتابع في خمسة فصول (المقالة الثالثة: الفصول ٤، ٥، ٦، ٧، ٨)، وقد وجدنا أن نضع هذه الفصول في هذا الباب استكمالًا للفائدة، وكونها مُرتبطة بموضوع الكتاب المُخصَّص للنصوص والرسائل العربية التراثية المُتعلقة بظاهرة المد والجزر.

figure
بلغ تأثير أبو معشر البلخي أن تمَّ رسمُه وتصويره وكأنه جزء من الثقافة الأوربية. هنا صورة تخيُّلية له وهو مُمسك بذات الحلق، بريشة هرمان توم حوالي سنة ١٥٧٠م. (مصدر الصورة: https://inventions.t4edu.com/inventions.)

(١) المبحث الأول: التعريف بالمؤلف

العالم الفلكي الشهير جعفر بن محمد بن عمر البلخي، أبو معشر (توفي ٢٧٢ﻫ/٨٨٦م). أحد أبرز علماء الفلك المسلمين الذين ترعرعوا في أحضان الحضارة العربية الإسلامية أيام العباسيين. صبَّ اهتمامه على علوم الحديث في بداية أمره، ثم تحوَّل إلى الفلك في سنِّ السابعة والأربعين.

وقد قال عنه القفطي: «عالم أهل الإسلام بأحكام النجوم. وكان أعلم الناس بتاريخ الفرس وأخبار سائر الأُمَم. وعمَّر طويلًا، جاوز المائة.»١
ويذكر ابن النديم في الفهرست أن أبا معشر كان ينتقد الكندي لتوجُّهه نحو علوم الفلسفة ويُشهِّر به أمام الناس، فأرسل له الكندي من يشرح له هذه العلوم ويُفهمه إيَّاها. ولما عرف حقيقته فُتِن بها وتوجَّه إلى علم الفلك قراءةً وبحثًا ودراسة.٢

(٢) المبحث الثاني: أعماله

أعماله في علم الفلك ليست موجودة، ولكن لا يزال من الممكن الحصول على المعلومات من المُلخَّصات الموجودة في أعمال علماء الفلك اللاحِقين أو من أعمال التنجيم. نُورِد فيما يأتي قائمة أعماله كما ذكرَها ابن النديم:٣
  • (١)

    كتاب «المدخل الكبير»: وهو عبارة عن مُقدمة في علم التنجيم، تلقَّى العديد من الترجمات إلى اللاتينية واليونانية ابتداءً من القرن الحادي عشر. كان لها تأثير كبير على الفلاسفة الغربيين، مثل ألبرت الكبير. وهو الكتاب الذي وجَدْنا فيه نظريته عن المدِّ والجزر.

  • (٢)

    كتاب «المواليد الكبير»: لم يُتمَّه والذي خرج منه كتاب هيئة الفلك واختلاف طلوعه خمسة فصول.

  • (٣)

    كتاب «تحاويل سِني العالَم» أو «النكت»: ويتعلق النص بطبيعة السَّنة (أو الشهر أو اليوم)، حسب تحديد الأبراج، وكان يُقصَد به أن يكون دليلًا لتعليم وتدريب المُنجِّمين. ترجم إلى اللغة اللاتينية.

  • (٤)

    كتاب «الزيج الكبير»: ويتضمَّن حركات النجوم، أي مجموعة الجداول الفلكية، قيل به: هو كثير الفائدة، جامع لأكثر عِلم الفلك بالقول المُطلق المجرد من البرهان.

  • (٥)

    كتاب «الألوف في بيوت العبادات»: يتضمَّن وصفًا لما أنشئ في العالم من هياكل ومعابد لمختلف الديانات على تعاقُب السنين.

  • (٦)

    كتاب «الأنواء»: وهو كتاب عن الأحوال الجوية. تُرجِم إلى اللاتينية، والمنشور في البندقية عام ٩١٣ﻫ/١٥٠٧م وفي باريس عام ٩٤٧ﻫ/١٥٤٠م.

  • (٧)

    كتاب «الاختيارات على منازل القمر»: وخُصِّصَ هذا الكتاب لدراسة النجوم، ويُوجَد منه نُسخة في مكتبة لندن.

  • (٨)

    كتاب «زيج القرانات والاحترافات»: وهو يضمُّ سِجلًّا كبيرًا لاقترانات كوكبي زُحل والمُشتري منذ أيام «الطوفان».

  • (٩)

    كتاب «اقتران النحسَين في برج السرطان»: وفيه تناول إحداثيات برج «السرطان» مع كوكبي زُحل والمريخ.

  • (١٠)

    «مذكرات من علم النجوم»: وهي إجابات عن أسئلة أبي سعيد بن شاذان، تُوجَد نُسَخُه في كمبردج.

  • (١١)

    كتاب «السهام»: يعني سهام المأكولات والملبوسات والمشمومات والرُّخَص والغلاء والحُكم على ذلك.

  • (١٢)

    مجموع كتاب «إثبات علم النجوم»: وهو كتاب جمَعَه وما أتمَّه أراد أن يُسمِّيه الكامل أو المسائل.

  • (١٣)

    كتاب «الأوقات على اثني عشرية الكواكب»: وتحدَّث فيه عن الأبراج الاثني عشر.

  • (١٤)

    كتاب «الأمطار والرياح وتغيُّر الأهوية»: وفيه فسَّر البلخي ظواهر طبيعية.

  • (١٥)

    كتاب «الجمهرة»: وهو كتاب جمع فيه أقاويل الناس في المواليد.

  • (١٦)

    كتاب «الطبائع الكبير»: وهو خمسة أجزاء، كذا جزَّأها أبو معشر.

  • (١٧)

    كتاب «المواليد الصغير»: وهو مقالتان وثلاثة عشر فصلًا.

  • (١٨)

    كتاب «المدخل الصغير»: وهو مُختصر «المدخل الكبير».

  • (١٩)

    كتاب «تحاويل سني المواليد»: وهو ثماني مقالات.

  • (٢٠)

    كتاب «القرانات»: وقد كتب به إلى بن البازيار.

  • (٢١)

    كتاب «زيج الهزارات»: وهو نيف وستون بابًا.

  • (٢٢)

    كتاب «السهمين وأعمار الملوك والدول».

  • (٢٣)

    كتاب «الزائرجات والانتهاءات والممرات».

  • (٢٤)

    كتاب «الأصول»: وقد ادَّعاه أبو العنبس.

  • (٢٥)

    كتاب «الميل في تحويل سني المواليد».

  • (٢٦)

    كتاب «الصور والدرج والحكم عليها».

  • (٢٧)

    كتاب «تفسير المنامات من النجوم».

  • (٢٨)

    كتاب «طبائع البلدان وتولُّد الرياح».

  • (٢٩)

    كتاب «القواطع على الهيلاجات».

  • (٣٠)

    كتاب «الصور والحكم عليها».

  • (٣١)

    كتاب «المزاجات».

  • (٣٢)

    كتاب «المسائل».

  • (٣٣)

    كتاب «الأوقات».

  • (٣٤)

    كتاب «الكدخداة».

  • (٣٥)

    كتاب «الهيلاج».

(٣) المبحث الثالث: التعريف بالكتاب

يُعد كتاب «المدخل الكبير» أهم أعمال أبو معشر قام بتأليفه سنة ١١٦١ من سِني ذي القرنَين، وهي توافق سنة (١٣٤-٢٣٥ﻫ/٨٤٩م).٤ ويُعتبر أكثرها ورودًا في استشهادات علماء الغرب. فهو يتألف من ثماني مقالات وكل مقالةٍ مكونة من عدة فصول.

يحوي على نظرية عن طبيعة تأثير القمر على المدِّ والجزر، وقد كان المرجع الرئيس حول هذا الموضوع في القرون الوسطى. كما أنه يُعتبَر مقدمة في علم التنجيم؛ حيث فسَّر أبو معشر في هذا الكتاب أغلب القواعد والأُسس التي تقوم عليها أحكام النجوم.

ومع أن نظريته في تفسير المد والجزر قريبة ودقيقة علميًّا من معارفنا الحالية؛ إلا أن الأبحاث والدراسات أثبتت أن هناك الكثير من التفاسير والأُسس التي وضعَها أبو معشر في هذا الكتاب في ميدان التنجيم تُعتبَر خطأ.

عُرف أبو معشر باللاتينية بعدة أسماء وهي: Albumasar وAlbusar وAlbuxa وقد أثرت كُتيباته العملية لتدريب المُنجِّمين تأثيرًا عميقًا على التاريخ الفكري الإسلامي، ومن خلال الترجمات، التي تمَّت في أوروبا الغربية. وقد تُرجِم كتاب أبو معشر (كتاب «المدخل الكبير») الذي ألَّفه عام ٨٤٨م لأول مرة إلى اللاتينية من قبل المُترجم يوحنا الإشبيلي في عام ١١٣٣م، وانتشر تحت عنوان «مقدمة في علم الفلك»، وترجمَه هيرمان الكارينثي Hermann of Carinthia مرة أخرى بشكلٍ مُختصر وأقلَّ أدبيةً تحت عنوان (الاتصالات الكبير De magnis coniunctionibus) في عام ١١٤٠م.٥ وقد طُبعت ترجمة هيرمان لأول مرة بواسطة إرهارد راتدولت Erhard Ratdolt of وذلك في أوجسبورج Augsburg بألمانيا في ١٤٨٩م، كما تمَّت طباعتها مرةً أخرى في البندقية في عامي ١٥٠٦ و١٥١٥.
وقد جادل الباحث ر. ليماي R. Lemay في عام ١٩٦٢م أن كتابات أبي معشر كانت على الأرجح المصدر الأصلي الأكثر أهمية لإصلاح أرسطو لعلماء أوروبا في العصور الوسطى قبل منتصف القرن الثاني عشر. طُبعت ترجمة هيرمان الدالمسياتي لأول مرة بين عامي ١٤٨٨م و١٤٨٩م، وطُبعت مرةً أخرى في مدينة البندقية في عام ١٥٠٦ وعام ١٥١٥.٦
أما عن الطبعات الأجنبية الحديثة لكتاب المدخل:٧
  • De magnis coniunctionibus, ed. K. Yamamoto, Ch. Burnett, Leiden, 2000, 2 vols. (Arabic & Latin text).
  • De revolutionibus nativitatum, ed. D. Pingree, Leipzig, 1968 (Greek text).
  • Liber florum ed. James Herschel Holden in Five Medieval Astrologers (Tempe, Az.: A.F.A., Inc., 2008): 13-66.
  • Introductorium maius, ed. R. Lemay, Napoli, 1995–1996, 9 vols. (Arabic text & two Latin translations).
  • Ysagoga minor, ed. Ch. Burnett, K. Yamamoto, M. Yano, Leiden-New York, 1994 (Arabic & Latin text).

(٤) المبحث الرابع: توثيق النسخة المُعتمدة في التحقيق وأوصافها

  • عنوان المخطوط: «المدخل الكبير في علم أحكام النجوم».

  • اسم المكتبة: المكتبة الوطنية بباريس.

  • رقم المخطوط: Arabe 5902.
  • اسم الناسخ: علي المطر.

  • تاريخ نسخ المخطوط: صفر ٣٢٥ﻫ/كانون الثاني ٩٣٦م.

  • عدد الورقات: ١٣١ ورقة.

  • المسطرة:١٩ سطرًا.

  • حالة الورق: جيدة.

  • ملاحظات: يُوجد في المخطوطة تلفيق وخلط بين الصفحات، واعتبارًا من ص٣٨ظ نجد أنها مكتوبة بخطٍّ مختلف، والمعلومات موجودة في صفحةٍ مختلفة.

figure
الصفحة الأولى من كتاب المدخل الكبير في علم أحكام النجوم من مخطوطة المكتبة الوطنية بباريس.

(٤-١) الفصل الرابع في خاصة دلالة القمر على المد والجزر

قد ذكرنا فيما تقدَّم من دلالة الشمس والكواكب على الأشياء التي تحدُث في هذا العالَم، فإنه لا يكون في هذا العالَم تركيب طبيعة من الطبائع إلا بعلَّة الشمس ومشاركة الكواكب لها بإذن الله.

ونحن نريد الآن أن نذكُر خاصة دلالة القمر على المد والجزر وغيرهما من الأشياء، وذلك أن الفيلسوف قال: إن عامة دلالة الشمس على النار والهواء، وعامة دلالة القمر على الماء والأرض، فإنما صار الدلالة للشمس والقمر في هذا العالَم أقوى وأظهر من دلالة سائر الكواكب، فإن بعضها وإن كان فيه كِبَرٌ فإنه بعيد عنَّا، وبعضها وإن كان قريبًا منَّا فإنه صغير القدْر، والقمر أقرب إلينا منه. والعلة الثانية أن الكواكب نَيِّرة مُضيئة لا شعاع لها، والذي يظهر من فعلها إنما هو بقوة حركاتها وضوئها. فأما النَّيِّران فإن لهما شعاعًا قويَّ الفعل في هذا العالم، فهما يفعلان فينا بحركاتهما وشعاعهما، وهما يؤدِّيان طبائع الكواكب إلى هذا العالَم في الأركان الأربعة. وقد زعم بقراط في كتاب التسابيع أن القمر هو المُتوسِّط بين الأجرام السماوية والأرضية، وهو المؤدي من الأجرام العلوية إلى الأجرام الأرضية، وهو المُغير للهواء. فلمَّا تَبيَّن العلتان صارت حركة النيرَين أظهر في هذا العالم من قوة حركة غيرهما من الكواكب.

figure
الصفحة الأخيرة من كتاب المدخل الكبير في علم أحكام النجوم من مخطوطة المكتبة الوطنية بباريس.

فأما الشمس فقد ذكرنا قوَّتها في اعتدال الهواء والتركيبات وسائر الأشياء، وأما القمر فإن أقوى دلالته على المياه والبحار والأرضين وحال الحيوانات وتغيير الأبدان والصحة والأمراض، وأيام المرضى التي هي في البحار والفاكهة والرياحين وأشياء سنذكُرها.

فأما دلالته على البحار فكما ترى المد والجزر مُتَّصلَين بالقمر؛ لأن القمر هو علَّة المد والجزر الذي يكون في البحار، وقد ذكر القوم الذين ذكروا أي الأشياء الطبيعية، إن من البحار ما يزيد من حين يُفارق القمر والشمس إلى نصف الشهر الذي هو الامتلاء، ثم ينقص من بعد الامتلاء عند نقصان القمر إلى آخر الشهر الذي هو المُحاق، ومنها ما يمدُّ ويجزر في كل يومٍ وليلة مع طلوع القمر وبلوغه إلى وسط السماء ومَغِيبه، وذلك موجود في بحر فارس وبحر الهند كما تذهب إلى الصين وبحر الصين وفي كل ما بين هذه المواضع، وفي الذي بين قسطنطينية وإفرنجة وفي جزائره.٨
فأما أوقات المد والجزر في كل يومٍ وليلة، فإذا بلغ القمر أفقًا من آفاق البروج، أعني مشرقًا من مشارق البحر وعلاه تحرك بطبعه، ولقُربه من ماء البحر فابتدأ الماء معتدلًا مع القمر رافدًا، فلا يزال كذلك إلى أن يصير القمر إلى وسط سماء ذلك الموضع، فعند ذلك ينتهي المد مُنتهاه، فإذا انحط القمر من وسط سمائه جزر الماء ورجع إلى البحر، فلا يزال كذلك راجعًا إلى أن يبلُغ مغربه، فعند ذلك ينتهي الجزر مُنتهاه، فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ابتدأ المد هنا في المرة الثانية فلا يزال مقبلًا زائدًا إلى أن يصير القمر إلى وتد الأرض٩ فحينئذٍ ينتهي المد مُنتهاه في المرة الثانية من ذلك الموضع، ثم يبتدئ في الجزر والرجوع في المرة الثانية، فلا يزال يجزر ويرجع إلى البحر حتى يبلغ القمر أفق مشرق ذلك الموضع، فيعود المد إلى مثل ما كان عليه أولًا، فيكون في كل يومٍ وليلة ومقدار مسير القمر فيها في كل مواضع البحر مدَّان وجزران؛ لأن القمر إذا كان في يومٍ من الأيام في درجٍ من درج الفلك ثم يطلع على موضع البحر، فإذا سارت تلك الدرجة إلى أفق ذلك الموضع بعد ذلك بيوم فإن القمر يكون قد زال عن تلك الدرجة بمقدار مَسيره المعدل في اليوم والليلة فتطلع عليهم بعد طلوع تلك الدرجة بمقدار سيره المعدل في اليوم والليلة؛ ولأن الأرض مُستديرة والبحر محيط بها على استدارتها والقمر تطلع عليها كلها في مقدار اليوم والليلة، وفي مقدار سيره فيهما فإذن كلما تحرك صار موضع القمر لموضع من مواضع البحر، وصار ذلك الموضع أيضًا وسط سماء لموضع آخر ومقربًا لموضع آخر، ووتد أرض لموضع آخر، وفيما بين كل واحد من هذه الأوتاد على حالة أخرى ببعض الكواكب فيكون إذن في وقتٍ واحد في بعض المواضع ابتداء المد وفي غيره من المواضع ابتداء الجزر وفي مواضع أُخَر حالة أخرى للمد والجزر.
فإذا ابتدأ المد فإنه ليست تكون حاله عند جميع أصحاب البحر والشطوط والجزائر وأرحل البحر١٠ حالًا واحدة؛ لأن القوم الذين يكونون في لجَّة البحر١١ يجدون في وقت ابتداء المدِّ للماء حركة من أسفل البحر إلى أعلاه، وبروز له انتفاخ ويهيج فيه رياح عاصفة وأمواج، فيعلمون بذلك أنه ابتدأ المد. فإن كان وقت الجزر نقصت تلك الرياح والأمواج وذهب الانتفاخ من الماء فيعلمون أنه قد جزر الماء، فأما أصحاب الشطوط والسواحل والجزائر وأرحل البحار من يكون بالقرب منها فإنهم يبدون في وقت المد للماء حركةً وجريةً من أسفله إلى أعلاه، ثم يجري بعد ذلك الماء الذي يكون على وجه هذه المواضع وأعلاها وتشتدُّ جرية الماء من البحر إليهم وينتفخ ويرتفع فيعلو على أرضهم ولا يزال كذلك إلى أن يجزر فيرجع الماء عند ذلك إلى البحر ويخرج من تلك الأرحل والجزائر وينقص. وإنما يتبيَّن يزدد الماء وجريته ومجيئه وذهابه في الشطوط وأرحل البحار، فأما في لجة البحر فإنه لا يوجد ذلك.١٢

فأما الرياح التي تكون في الماء وتخرج منه ابتداء المد فإنما يكون ذلك المواضع التي يكون فيها ابتداء المد والمواضع القريبة منها، فأما في الشطوط وأرحل البحار والمواضع البائنة من لجة البحر فإنه قلَّ ما يكون فيه هبوب الرياح وليس الوقت الذي يبتدئ فيه أول المد والجزر لأهل الشطوط والسواحل وأرحل البحار هو وقت ابتداء المد والجزر الذي يكون في البحر، بل يختلف اختلافًا كثيرًا حتى يظن كثير من الناس لِما يرَون من كثرة اختلاف ابتدائه في المواضع المختلفة أن القمر ليس بعلةٍ للمد والجزر؛ لأن ابتداء قوة المد في البحار إنما يكون في موضع عميق واسع كثير المياه غليظها، ويكون الغالب على أرضه الصلابة أو كبير الجبال ويكون موضع القمر أفقًا لهم وبقرب تلك المواضع من مُسامَتة القمر وطريقه، فإذا ابتدأ المد في هذه المواضع في وقتٍ من الأوقات فإنه يتَّصل بسائر مياه البحر، إلا أنه لا يصير إلى الشطوط وأرحل البحار إلا وقد مضى من ابتداء المد في البحر في المواضع التي ذكرنا زمان من الأزمنة على قدْر وبُعد الشطوط وأرحل البحار من تلك المواضع؛ لأن الشطوط والجزائر وأرحل البحار التي تقرب من المواضع التي يكون فيها ابتدأ قوة المد يبين فيها المد قبل أن يبين في المواضع التي تبتعد عنها.

فأما إذا بعدت شطوط البحر وأرحله ومغايصه من المواضع التي يكون فيها ابتداء المد، وإنما يبلغ إليه المد عند قرب انتهائه في البحر، وكذلك الجزر فيتهيأ أن يكون المد في بعض الجزائر والشطوط البعيدة من المواضع التي يبتدئ فيها المد في وقت ابتداء المد، وإنما يكون ذلك لبُعد تلك المواضع من المواضع التي يكون فيها ابتداء قوة المد والجزر.١٣

(٤-٢) الفصل الخامس في علة المد والجزر

قد أكثر المُتقدمون في علة المد والجزر واختلفوا في ذلك، فندع الآن ذكر اختلافهم مهما [كان]؛ إذْ لا منفعة فيه، وأذكر ما يوافق قول الفلاسفة فيهما. فأقول إن المد والجزر يكونان باجتماع ثلاثة أشياء:
  • الأول: حال مكان الماء
  • والثاني: حال الماء
  • والثالث: تحريك القمر للماء

فأما الأول فهو أن يجتمع الماء في مواضع عميقة كثيرة عريضة طويلة يكون مَسيره زمان من الأزمنة ويكون فيها (أ) جبال في مواضع كثيرة مختلفة ويكون الغالب على مواضع كثيرة من أرضه الصلابة والكثافة الأجزاء المجتمع فيها الرياح الكبيرة؛ لأن الأراضين الصلبة المتكاثفة الأجزاء ومواضع الجبال يجتمع فيها الرياح أكثر من الأراضين (ب) الرخوة.

والثاني هو أن تجتمع مياه كثيرة في مثل هذه المواضع وتقف زمانًا طويلًا ولا يتبيَّن فيها ما ينصبُّ فيه من الأودية والأنهار ولا ما يخرج منها؛ لأن المياه إذا وقفت زمانًا كثيرًا تصير غليظةً مالحة الطعم مرةً وغير ذلك من الطعوم، ويتولَّد فيها البخار الغليظ والرياح لملوحة الماء ولمرارته ولِما يصعد إليه من بخار الأراضين. فأما البحار فإنها تزيد في ذلك الماء، وأما الرياح فإنها إذا اجتمعت وكثرت في ذلك الماء ثم علاه القمر حرك بطبعه وحركته وصعوده من أفق ذلك الماء فيحرك الماء كله وقُيِّد وحَمِي لغلظه وتحلل وأقبل مُتحركًا مقبلًا مع القمر، فإذا تحرك الماء بتحريك القمر له وحمي وتحلَّل وتنفَّس واحتاج إلى مكان أكبر من المكان الأول، وزاد ذلك التنفس في حركة١٤ الماء وبحركة الرياح من أعلى ماء البحر إلى أسفله واتصلت تلك الحركة بالرياح التي في أرض البحر في أرض البحر فترتفع الرياح التي فيها وفي أسفل الماء ليخرج من بعض المواضع فترتفع الريح بحركتها أو ارتفاعها الماء إلى فوق فيتنفَّس الماء ويعلو ويفيض فيكون منه المدُّ فلا يزال الماء صاعدًا مُحرَّكًا مُتنفسًا بتحريك القمر له وبصعوده والريح تحرك الماء أيضًا ويرفعه ويُخرج تلك الريح أولًا فأول، ويتجلى ويتنفَّس ما دام القمر صاعدًا ذاهبًا إلى وسط السماء. فعند ذلك ينتهي مُنتهى المد مُنتهاه؛ ولهذه العلة يكون البحر في ابتداء المد رياح عاصفة شديدة، فإذا انحدر القمر من وسط السماء رجع الماء بطبعه إلى موضعه فكان الجزر، فإذا بلغ القمر وتد المغرب ابتدأ المد مقبلًا حتى يبلغ القمر إلى وتد الأرض، ثم يجزر الماء إلى أن يبلغ القمر إلى أفق المشرق، فإذا ظهر القمر من الأفق عاد المدُّ إلى مثل ما كان عليه، وأما الذي ذكرنا من حالات أرض البحر والمياه فإنما قُلنا ذلك؛ لأن أرض البحر ومياهه مختلفة الحال والمواضع التي تكون غير عميقة ولا صلبة ولا يكون فيها جبال تكون بحارها ورياحها ليست بالكثيرة، والمواضع التي تكون عميقة عريضة طويلة وتكون مياهها غليظة صالحة ومرة فإنها بكبر البحار والرياح في تلك المواضع فلهذه العلة صار ابتداء قوة المد وعلة الماء إنما يكون من كل موضع عميق واسع يكون الغالب على أرضه كثافة الأجزاء أو كثرة الجبال، فإذا ابتدأت قوة المد من جبل هذه المواضع الكثيرة البحار والرماح اللذين فيهما اتصل ذلك بماء البحر١٥ فصار فيه كله المد بما فيه من البحار والرياح التي تولَّدت من ملوحته ومرارته ويَبَسه، ولِما في القمر من الطبع المحرك لذلك الماء بكنهه ولِما سال من البحر كله من قوة حركة المياه التي في تلك المواضع التي تكون فيها ابتداء قوة الماء. فإذا كانت أرض البحر قليلة الجبال أو كانت متخلخلة ببُعد الماء فيها إلى غيرها من البحار والمواضع، أو كان ذلك الماء يتبين ما ينصبُّ فيه من المياه أو ما يخرج منه أو كان الماء متحركًا لطيفًا منفعلًا كالأودية والأنهار والعيون فإنه لا يكثر اجتماع الرياح فيها، لأنه يتخلل ويتنفَّس الريح التي في الماء ويخرج جزءًا بعد جزء أولًا فأول، مع حركة الماء وانتقاله ويتفرَّق ولا يجتمع في ذلك الماء من الريح ما يرفعه، فإذا علاه القمر وحرَّكه لا يكون فيه المد والجزر ولكن يكون فيه رياح وأمواج؛ فلهذه العلة لا يتبين في كثير من البحار ولا في شيءٍ من الأودية والأنهار والعيون المد والجزر.

وأيضًا فإن المياه الجارية لطيفة دقيقة، فإذا حرَّكها القمر واقترب لم يبقَ فيها تلك الفتورة لرقَّتها، فإذا تحللت لم يرد ذلك التخلل فيها إلا شيئًا قليلًا، ولا يكون فيها إلا رياح قليلة جدًّا.

فأما المياه الغليظة المالحة فإن ملوحتها ومرارتها تكون فيها بيُسر ورياح كثيرة فإذا تحركت وفترت وحمِيَت بقِيَت تلك الفتورة فيها لغلظها وتحللت وزاد ذلك التخلل في ما بينها زيادة كثيرة فكان ذلك سيئًا لقوة المد كما ذكرنا.

فأما العلم والابتداء إذا صار القمر إلى المغرب ودوامه إلى أن يبلغ القمر إلى وتد الأرض فذلك ثلاث جهات:

إحداها خط المشرق موازٍ لخط١٦ المغرب، كل درجة يتباعد القمر من المشرق صاعدًا إلى وسط السماء موازية لكل درجة يتباعد القمر منها من المغرب إلى وتد الأرض، ويكون بعد تلك الدرجة من المغرب مثل بُعد الدرجة الموازية لها من المشرق، وكان الربع الذي من المشرق إلى وسط السماء موازيًا مُشاكِلًا لكل الربع الذي من المغرب إلى وتد الأرض فلا يُفارق الربع الذي من الطالِع إلى وسط السماء والربع الذي من وتد المغرب إلى وتد الأرض يتَّفِق أن يكون في أحدهما من المد وإقبال الماء من المشرق مثل ما في الآخر.

(د) والجهة الثانية أنه يكون مطالع البروج في كل بلد في وسط السماء ووتد الأرض مثل مطالعها في الفلك؛ فلذلك صار القمر إذا بلغ درجة المغرب ويبتدئ المد كما كان ابتداء حيز صار إلى درجة المشرق فلا يزال المد دائمًا ما دام القمر يتباعد من المغرب إلى أن يبلغ وتد الأرض كما كان دائمًا حيث تباعد من الشرق إلى أن يبلغ وسط السماء ثم ينتهي المد إذا بلغ إلى وتد الأرض كما كان انتهى حيز بلغ إلى درجة وسط السماء لأن هذَين الوتدَين (ﺟ) هما المعدلان للمطالع في كل بلد.

والجهة الثالثة أن القمر إذا كان في المشرق والمغرب فهو مدٌّ على بُعدٍ واحد، فإذا أقبل من المشرق وأقبل المد معه فكلَّما ارتفع القمر من وسط سمائنا وكان القمر مقبلًا إلى أن يبلغ وسط السماء فكذلك إذا أقبل إلينا من المغرب يكون ابتداء المد أيضًا، فلا يزال كذلك إلى أن يصير إلى موازاة خط وسط السماء وهو وتد الأرض فينتهي المد مُنتهاه. فأما الجزر فإنه يكون في الربع الثاني والرابع المُقابلَين لأن أحدهما موازٍ١٧ للآخر، فإذا كان في أحدهما جزْر وكان الربع الآخر الموازي له مثله. وقد زعم قوم أن المد والجزر قد يكونان في المياه العذبة مثل مياه مدينة البصرة ومدينة الصين من أرحل البحار ومواضع كثيرة من أرحل البحار والجزائر التي تكون مياهها عذبة وتكون التي حالها كحالها ومياهها عذبة فإنها مغايص الأنهار وأودية عذبة تجري إليها من مواضع ونواحٍ أُخَر غير البحر، وهي متصلة به بماء البحر المالح موجودة في هذه المياه وما كان مثلها من المياه العذبة المد والجزر لاتصالها بماء البحر، ولو تصل هذه المياه العذبة به بماء البحر لم يُوجد فيها المد والجزر.

فأما المد فإن ماءه يكون فاترًا والجزر يكون ماؤه باردًا، وذلك؛ لأن في وقت المد يخرج الماء من عُمق وهو فاتر ويزيده حركته وتحريك القمر له فتورًا فلهذه العلة يكون ماء المد فاترًا وكل ما كان من المد أغلب وأكثر كان أفتر، وإنما ذلك لكثرة حركته وكثرة خروج المياه التي في قعر البحر، فإذا صار ذلك الماء في المواضع البعيدة من عُمق البحر كالشطوط والجزائر والأودية والمغايص والبطائح تبرد فيرجع بذلك البرد إلى البحر؛ فلذلك صار ماء البحر باردًا.

والذي يفعله القمر بطبيعته في ماء البحر إما هو المد، وأما هو الجزر فليس من فعل القمر وإنما ذلك فعل طبيعة الماء؛ لأن القمر إذا بلغ إلى موضعٍ من المواضع الدالة على المد كان هنالك ابتداء المد إلى أن يبلغ القمر إلى نهاية دلالته على المد في ذلك الموضع فهنالك ينتهي المد، فإذا انتهت قوة مُنتهاه في ذلك١٨ الوقت رجع الماء بطبيعته إلى مكانه الذي كان خرج منه وهو الجزر. وأعلم أن في الترتيب الطبيعي أن القمر كان فوق الأرض، فإنه يكون المد والجزر كل واحد منهما مرة واحدة ويكون زمان أحدهما مُساويًّا لزمان الآخر.

وإذا كان القمر تحت الأرض فإنه يكون المد والجزر كل واحد منهما مرةً أخرى، ويكون زمان أحدهما مُساويًّا لزمان الآخر، فأما لبث القمر فوق الأرض وتحتها فإنهما لا يكادان يستويان. فإذا كان لبثه فوق الأرض أكثر من تحتها، كان زمان المد والجزر والقمر فوق الأرض أطول منه وهو تحتها، وإذا كان لبث القمر تحت الأرض أكثر منه فوقها كان زمان المد والجزر الذي يكون تحت الأرض أطول منه وهو فوقها.

فإذا أردتَ أن تعرف عدد الساعات للمد والجزر والقمر فوق الأرض فاعرف الدرجة التي شعَّ معها القمر والدرجة التي يغيب معها وصحِّح ذلك؛ لأن القمر ربما تقدَّم أو تأخر في الطلوع والغروب، الدرجة التي هو فيها بالطول لعلَّة عرضه فاعرف تلك الدرجة، وخُذ ما بين درجة طلوعه إلى درجة غروبه بدرج المطالع فاحفظه ثم اجعل كل خمسة عشر درجة منه ساعة مُستوية، وما لم تتم خمسة عشر درجة فاجعلها أجزاء من ساعة فما بلغ فهو ساعات المد والجزر الطبيعي ما دام القمر فوق الأرض، وإذا أردت أن تعرف ساعات١٩ المد وحدَه أو ساعات الجزر وحدَه فخذ نصف هذه الساعات، المد والجزر الطبيعي أيهما أردتَ معرفته فإذا كان أدلة المد قوته زادت ساعات المد على هذا النصف بمقدار ضعف حركة الماء وما بقي إلى تمام الساعات المحفوظة فهو ساعات الجزر.

فإذا أردت أن تعرف مقدار المد والجزر والقمر تحت الأرض فخُذ من الدرجة التي يغيب معها القمر إلى الدرجة التي تطلع معها بدرج المطالع فاعمل به كما عملتَ بالقمر وهو فوق الأرض. واعلم أن مواضع البحر مختلفة العروض لاختلاف عروض البلدان، فإذا أردت معرفة ساعات المد والجزر في موضعٍ من مواضع البحر فاعرف عرض ذلك الموضع ومطالعه ثم اعمل طلوع القمر بمطالع ذلك الموضع، فأما قوة المد والجزر وضعفهما وكثر مائهما وقلته وزيادتهما ونقصانهما وأيهما يكون أطول وأدوم زمانًا ففي معرفة ذلك وعلمه وجودة كثرته سنأتي على ذكرها إن شاء الله.

(٤-٣) الفصل السادس في كثرة المد وقِلته

قد ذكرنا قبل هذا أن الزمان الذي يكون والقمر فوق الأرض مثل زمان الجزر الذي يكون بعده وزمان المد الذي يكون القمر تحت الأرض مثل زمان الجزر الذي يكون بعده، إلا أنه ربما عرض أن يكون زمان المد والقمر فوق الأرض أطول من زمان الجزر الذي بعده أو يكون زمان المد والقمر تحت٢٠ الأرض أطول من زمان الجزر الذي بعده. وإذا أردنا زمان المد على القدْر الذي كنا حدَّدناه من بلوغ القمر بعض المواضع الدالة على المد فإنه ينقص من زمان الجزر الذي بعدَه مثلما زاد في زمان المد بالتقريب. وإذا نقص من زمان المد شيء فإنه يزيد مثل ذلك في زمان الجزر الذي بعدَه حتى يكون جميعهما مثل ما ذكرنا.

فأما الذي ذكرنا أنه يعرض من طول زمان المد وقصره أو طول زمان الجزر وقصره فانظر فإذا كانت أدلة كثيرة ما أشد، وقوته وغلبته كثيرة وأنه يدوم المد إلى أن يزيد القمر عن درجة الوتد المحدودة للمد بنحوٍ من ساعة وأكثر وأقل قليلًا. وإنما يكون ذلك بقوة حركة الماء وشدة جريه لا من دلالة القمر فيكون زمان المد طويلًا لهذه العلة، وإن كان دلالة المد ضعيفة فإنه يجزر الماء قبل طلوع القمر إلى الموضع المحدود للمد بنحوٍ من ساعة وأكثر وأقل وإنما يكون بضعف حركة الماء وقلة جريه فيقصر زمان المد لهذا السبب لا لعلَّة دلالة القمر.

في قوة المد وضعفه.

فأما معرفة قوة المد وضعفه وكثرة مائه وقلته فإنه ينظر فيه من ثمانية أشياء:
  • الأول: بُعد القمر من الشمس وزيادته في الضوء ونقصانه منه.

  • والثاني: زيادة تعديل القمر عن وسطه أو نقصانه منه.

  • والثالث: موضع القمر من فلك الأوج أو قربه من الأرض.

  • والرابع: صعوده أو هبوطه الفلك المائل وجهة عرضه.

  • والخامس: كون القمر في البروج الشمالية والجنوبية.

  • والسادسة: الأيام التي يُسمِّيها البحريون الذين في المغرب وأهل مصر وما يليها أيام زيادة٢١ الماء ونقصانه. وهذه الجهات الستة هي من خاصة دلالة القمر.
  • والجهة السابعة معرفة قوة المد وضعفه من طول النهار والليل وقصرهما من خاصة دلالة الشمس.

  • والثامنة معرفة الرياح المُقوية للمد والجزر.

  • الجهة الأولى: فأما الجهة الأولى في معرفة كثرة المد وقلَّته وأن تنظر في حالات القمر فإن له أربعة مواضع تختلف فيها حالاته ودلالاته على كثرة ماء المد وقلته ويكون ذلك على قدْر حاله من الشمس، أوله اجتماع القمر مع الشمس، والثاني إذا كان بين القمر والشمس تسعون درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء وهو زايد في الضوء وهو التربيع الأول، والثالث إذا كان القمر في مقابلة الشمس. والرابع إذا كان بين القمر وبين الشمس تسعون درجة وهو حيث يبقى في جرمه نصف الضوء وهو ناقص وهو التربيع الثاني، فإذا كان القمر مُجامعًا للشمس فإنه يكون ماء المد كثيرًا قويًّا طويل الزمان، ويكون زمان الجزر أقلَّ منه؛ لأن القمر إذا جامع الشمس زاد اجتماعه معها في قوة القمر دلالة القمر، فيكون تحريكه للماء في ذلك الوقت أكثر منه في غير ذلك الوقت، وكذلك القمر إذا جامع كوكبًا من الكواكب الدالة على قوة المد زاد ذلك في قوته فتقوى حركة ذلك المد لقوة القمر ويكون ماء المد زائدًا إلا إذا فارق الشمس فإنه يكون في ذلك الوقت أقوى، وطويل فعلًا في المد منه إذا فارقه غيرها للعلة التي ذكرنا ولا زالت في القمر من الفعل ما ليس بشيءٍ من الكواكب فيه مثَل٢٢ … وجزائر يبسط فيها المد عند المد، ويكون الغالب على أرضها الصلابة وفوقها الجبال، فإذا كان وقت المد وتنفَّس ماؤها وأسفر على شاطئها وبلغ إلى أرضها وجزائرها فمدَّت وجزرت كما يمدُّ ويجزر بحر فارس وبحر الهند وبحر الصين والبحر الذي بقُرب القسطنطينية وإفرنجة وغيرها من البحار التي هي ضعفها، فبهذه الأشياء يكون اختلاف حالات البحار في المد والجزر على ما ذكره القدماء ممن نظر في العلوم الطبيعية. فقد تبيَّن لنا صفة المياه التي لا تمد ولا تجزر والتي يتبيَّن فيها المد والجزر. وتبين لنا أن البحر لا يتغير من ذاته، وأن القمر علة التنفُّس وهو المحرك لماء البحر بطبعه.

    وقد ذكرنا مرارًا كثيرة أن حركة الأجسام الأرضية إنما تكون بتحريك الأجرام السماوية لها، وتبيَّن لنا قياس ذلك من أشياء كثيرة طبيعية موجودة يحرك بعضها غيرها من الأجسام على بُعدٍ كثير منها من غير مُلامسة كما ترى من حجر المغناطيس يُحرك الحديد ويجذبه إليه بطبعه، وكما ترى النفط الأبيض يجذب إليه النار من بُعدٍ كبير، ومثل الحجر الزيتوني الذي يجذِبه الزيت، ومثل حجر الخل الذي يجذبه الخل.

    فهذه الأجسام التي ذكرناها نرى هل تفعل بطبعها في غيرها من الأجسام على بُعد كثير الجذب، والحركة علوًّا وسفلًا ويمنةً ويسرة، فكذلك القمر في طبيعته أن يحرك البحر المالح على بُعد منه، ومن طبيعة ذلك الماء أن يقبل الحركة٢٣ من القمر أكثر من قبول المياه العذبة، ثم يُحرك في وقتٍ المدَّ علوًّا من سفل البحر إلى أعلاه. وقد يُوجَد أيضًا للشمس أفاعيل مختلفة في كلية حالات البحار في شدة أمواجها وكثرتها وهيجانها في بعض أوقات السنة، وفي لين ذلك وسكونه في وقتٍ آخر على قدْر قُرب مدارها منها أو بُعدها عنها وقد ذكر تجده من البحرين العلماء بها؛ لأنها من اختلاف حالات بحر فارس والهند أشياء سنذكرها إن شاء الله.٢٤
    ٢٥

    … مثل زيادته في الضوء ونقصانه منه وكثير من حركاته إنما هو على قدر بُعده أو قُربه منها، فلذلك كل ما كان من الشمس على بُعدٍ معلوم فإنه يحدث في ذلك الوقت تغيير في قوته أو ضعفه؛ لأنه إذا كان بُعد الاجتماع وتباعد منها فإنه يكون على قدر تباعُده تنقص قوة المد عن القدر الذي كان عليه في الاجتماع ونقص زمانه ويزيد في زمان الجزر إلى أن يبلُغ القمر إلى تربيع الشمس الأول وهو حيث يكون بينه وبين الشمس تسعون درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء فعند ذلك ينتهي نقصان المد مُنتهاه من هذه الدلالة، فإذا جاوز القمر تربيع الشمس يكون في جرم القمر من الضوء أكثر من نصفه فهنالك يبدأ المد يزيد في كثرة مائه وقوَّته وطَور زمانه فلا يزال كلما زاد الضوء في جرم القمر يزيد المد قوةً حتى ينتهي القمر إلى الامتلاء فعند ذلك يكون ماء المد قويًّا عاليًا كثيرًا ويكون لبثه زمانًا طويلًا وينتهي المد مُنتهاه.

    ويكون زمان الجزر قليلًا، فإذا جاز القمر استقبال الشمس ونقص من ضوئه نقصت قوة المد وازداد ضعفًا، وقلَّ زمان لبثه فلا يزال ماء المد كذلك ينقص ويضعف إلى أن يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الثاني، وهو حيث يكون بينه وبين الشمس تسعون درجة وهو ذاهب إلى الشمس فحينئذٍ ينتهي نقصان المد مُنتهاه من هذه الدلالة، إلا أن المدَّ يكون إذا كان القمر في هذا التربيع الثاني أضعفَ منه حيث كان في التربيع الأول؛ لأن القمر في هذا الوقت ينقص ضوءُه فإذا جاز القمر هذا الموضع وقرب من الشمس وكان بينه وبينها أقل من تسعين درجة زاد ماء المد وقوي وكثر وطال زمانه، فلا يزال ماء المد قويًّا كثيرًا ما دام القمر يذهب إلى الشمس إلى أن يُفارقها، فعند ذلك ينتهي زيادة المد مُنتهاه ويقوى ويكون كثيرًا، ثم يبتدئ في المرة الثانية في نقصان المد كما ذكَرْنا أولًا فيكون إذن كما وصفنا وقت الاجتماع والاستقبال وقت كثرة الماء وغلبة المد وطول زمانه، إلا أن المد الذي يكون في الاستقبال أقوى وأكثر زمانًا من المد الذي يكون في الاجتماع، ويكون نهاية نقصان المد في التربيعَين إلا أن التربيع الأول يكون ماء المد فيه أقوى وأطول زمانًا من التربيع الثاني، وهذا الترتيب الطبيعي الذي ذكَرْنا أنه يكون في الشهر الواحد هو شبيه مما تراه من ترتيب المد والجزر الذي يكون في اليوم الأول والليلة الواحدة ومقدار مَسير القمر فيهما يكون مدَّان وجزران.

    فأما وقت المد الواحد فإنما تكون حركة الماء زائدة عالية، وأما وقت الجزر فإن حركة الماء ضعيفة ناقصة وكذلك في الشهر الواحد وقتان يكون ماء المد فيهما عاليًا قويًّا طويل الزمان، وهما الاجتماع والاستقبال ووقتان ينتهي ماء المد فيهما في النقصان مُنتهاه ويكون ضعيفًا ناقصًا قليل الزمان وهما التربيعان.

  • والجهة الثانية: أن يقوم القمر فإن كان ما يخرج من التعديل يُزاد على وسطه، فإن المد في تلك الأيام قويٌّ زائد، ولم يزَل المدُّ زائدًا ما دام يُزاد تعديل القمر على وسطه، فإذا نقص تعديل القمر من وسطه فإنه ينقص ماء المد، وإذا لم يخرج من تعديله على وسطه ولا ينقصه منه فإنه يكون ماء المد غير زائد ولا ناقص٢٦ عن الحد المعلوم من هذه الدلالة، وإن كان التعديل الذي يزيده أو ينقصه من وسط القمر كان زيادة المد أو نقصانه قليلًا، فإن كان كثيرًا كان ذلك كثيرًا، ومثل هذا العمل الذي عملناه من تعديل القمر يُعرَف أيضًا زيادة المياه والمدود أو نقصانه في الأودية والأنهار الجارية؛ لأنه إذا كان تعديل القمر يزداد على وسطه وكان ذلك في أيام مدود الأودية والأنهار فإنها تزيد في تلك الأيام، وإن كان تعديل القمر ينقص عن وسطه تنقص مياهها، وإذا لم يخرج ما يزاد على وسطه أو ينقص منه يكون ماء الأنهار والأودية غير زائد ولا ناقص.
  • والجهة الثالثة: موضع القمر من فلك البروج وبُعده أو قُربه من الأرض، وهو أن ينظر إلى القمر فإن كان قد جاز رأس أوْجِه بتسعين درجة إلى أن يبلغ مائتَين وتِسعين درجة فإنه هابط في فلك أوْجِه وكان ماء المد في هذه الأيام قويًّا عاليًا، وإن كان خلاف ذلك كان القمر صاعدًا في فلك أوجه كان ماء المد ضعيفًا قليلًا من هذه الجهة.
  • والجهة الرابعة: أن ينظر إلى صعود القمر وهبوطه في الفلك المائل وجهة عرضه، فإن كان القمر هابطًا كان المد كثيرًا قويًّا، وإن كان صاعدًا كان المد قليلًا ضعيفًا.
  • والجهة الخامسة: أن يُنظَر إلى القمر فإن كان في البروج الشمالية وهي من أول الحمل إلى آخر السنبلة فإن كان المد في البحار الشمالية يكون قويًّا عاليًا؛ وذلك لأن القمر يكون مُسامتًا لها، وإن كان القمر في البروج الجنوبية كان الماء في البحار الشمالية ضعيفًا وذلك لبُعد القمر عن مُسامتتها. وأما البحار الجنوبية فإنها تخالف ما ذكرنا؛ لأن القمر إذا كان في البروج الجنوبية وهي من أول الميزان إلى آخر الحوت فإن البحار الجنوبية تكون كثيرةَ المد كثيرة الماء، وإن كان القمر في البروج الشمالية كان ضعف المدِّ وقلة الماء في البحار الجنوبية، وهذه حكومة كلية وهي أن تنظُر إلى القمر فإن سامَتَ موضعًا من البحار في الشمال أو في الجنوب كان المد هناك قويًّا كثيرًا، ولا سيما إن كان القمر زائدًا في ضوئه قد جاوز التربيع الأول، وكان هابطًا والمد الذي يكون والقمر في أفق موضعٍ من مواضع البحر إلى أن ينتهي إلى وسط سماء ذلك الموضع يكون أقوى من المد الذي يكون والقمر فيما بين المغرب إلى الرابع، وكون القمر في البروج المائية الرطبة أو مع الكواكب المائية أو مع الكواكب الهابطة واتصاله بها قد يزيد في قوة المد وفي ماء الأنهار والعيون ومقارنة القمر للكواكب الصاعدة، قد يُقلِّل ماء المد وماء الأنهار والعيون.
  • والجهة السادسة: الأيام التي يُسمُّونها البحريون الذين هم في ناحية المغرب ومصر أيام زيادة الماء ونقصانه، وذلك أنهم ينظرون إلى أيام الشهر العربي وهي تسعة وعشرون يومًا وأجزاء من يوم فيقسِّمونها بأربعة أقسام فيكون كل قسمٍ قريبًا من تسعة أيام ونصف، فيسمُّون كل قسمٍ منها باسم؛ فمن أول يوم السابع والعشرين من أيام الشهر إلى ثلاثة أيامٍ ونصف تَخلُو من الشهر الذي يتلوه يُسمُّونه أيام نقصان المد، ومن بعد ثلاثة أيام ونصف من أول الشهر إلى تمام أحد عشر يومًا من الشهر القمري يُسمُّونها أيام زيادة الماء، ومن أول اثني عشر يومًا إلى تمام ثمانية عشر يومًا ونصف يُسمونها أيام نقصان الماء، ومن بعد ثمانية عشر يومًا ونصف إلى تمام ستةٍ وعشرين يومًا يُسمونها٢٧ أيام زيادة الماء، فزعم أصحاب البحر من المصريين ومن يليهم ومن أصحاب النجوم أن هذه الأيام التي يُسمونها بأيام نقصان الماء يكون المد فيها ضعيفًا قليلًا ويكون الجزر أقوى، وأن الأيام التي يُسمونها أيام زيادة لِما يكون فيها مدُّ ماء البحر كثيرًا وأن الجزر يكون أضعف. فسألنا عدة من البحريين الذين بناحية المشرق العلماء بحالات البحر عن هذه الأيام فزعموا أنهم لم يجدوا هذه الأيام التي سمَّاها هؤلاء أيام زيادة الماء [التي] يكون فيها الماء كلها زائدًا، ولا وجدوا الأيام التي سمَّوها أيام نقصان الماء يكون الماء فيها ناقصًا إلا أنهم ذكروا أنه قد يكون في أيام زيادة الماء اليوم واليومان يزيد فيه الماء، وفي أيام نقصان الماء كذلك من النقصان. والذي وجدناه يكون من زيادة الماء ونقصانه في هذه الأيام التي ذكرها المصريون الزيادة في مياه الأودية والأنهار التي تكون مياهها من العيون فإنه إذا كانت هذه الأيام التي يُسمُّونها أيام زيادة لما تنفس الماء وارتفع وزاد فيه في هذه المواضع، وفي الأيام التي يُسمُّونها أيام نقصان الماء يكون الماء في العيون وينقص، وزعم بعض البحريين الذين بناحية المشرق أنه يضعف ويقلُّ ما مدَّ البحر لعشرٍ تخلو من الشهر ولعشرٍ تبقى منه، والعشر الثاني يكون ماء المد فيه أضعفَ من العشر الأُوَل، وذلك لنقصان ضوء القمر.
  • والجهة السابعة: في خاصية دلالة الشمس على كثرة ماء المد وقلَّته وقوَّته، وضعفه بمعونتها للقمر، وإن كان مخصوصًا بدلالة المد والجزر فإن حالاته من الكواكب الستة وحلوله في البروج الرطبة ومقارنته لبعض الكواكب المائية ربما قوَّت دلالته عليها. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدَّم، وأما الآن فأقول: إن الموجود في البحر الشرقي وفي غيره من البحار التي يتبيَّن فيها المد والجزر أن في بعض الأوقات يكون مد النهار أقوى من مد الليل، وفي بعض الأوقات يكون مد الليل أقوى من مد النهار، وإنما يكون ذلك من قِبَلِ كون الشمس في البروج الشمالية أو الجنوبية؛ لأنه إذا كانت الشمس فيما بين أول الحمل إلى آخر السُّنبلة كان النهار أطول من الليل، وكان مدُّ النهار أقوى من مد الليل، وإذا كانت الشمس فيما بين أول الميزان إلى آخر الحوت كان الليل أطول من النهار، وكان مد الليل أقوى من مد النهار وأطول ما يكون الليل إذا كانت الشمس في برج القوس، فإذا صارت الشمس في أول الجدي وابتداء النهار بالزيادة فإن ماء مد البحر الذي يكون بالنهار يبتدئ بالقوة والكثرة بطول الزمان، فلا يزال كذلك إلى أن تبلغ الشمس إلى آخر الحوت وهو وقت الاستواء الربيعي، فإذا كان في ذلك الوقت كان المد الذي يكون بالنهار قريب القوة من المد الذي يكون بالليل من هذه الدلالة، ويكون طول زمانهما قريبًا من السواء، فإذا كانت فيما بين أول الحمل إلى آخر السنبلة فإن المد الذي يكون بالنهار أقوى من المد الذي يكون بالليل في ذلك الوقت، وأقوى ما يكون مد النهار من هذه الدلالة إذا كانت الشمس في آخر الجوزاء وانتهى النهار مُنتهاه في الطول، فإذا صارت الشمس في آخر السنبلة وهو وقت الاستواء الخريفي كان مد النهار قريب القوة من مد الليل في كثرة الماء وطول٢٨ الزمان، وإذا صارت الشمس في الثلاثة البروج الجنوبية، وهي من أول الميزان إلى آخر القوس كان مد الليل أقوى من مد النهار. وأقوى ما يكون مد الليل من هذه الجهة إذا كانت الشمس في آخر القوس حتى ينتهي مُنتهاه في الطول، فأما الذي ذكرنا أن مد النهار يكون أقوى من الليل إذا كان النهار أطول من الليل، وأن مد الليل يكون أقوى من مد النهار إذا كان الليل أطول من النهار، فإن تلك العلتَين إحداهما من معونة الشمس للقمر، وهو طول لبث الشمس فوق الأرض، والثانية طول مُكث القمر فوق الأرض.

    فأما العلة الأولى التي هي من معونة الشمس للقمر، أن النهار إذا كان أطول من الليل فإنه يكون مُكث الشمس فوق الأرض أكثر من مُكثها تحت الأرض؛ فلطول مكثها بالنهار فوق الأرض تزيد في تحليل المياه التي تكون في أعلى البحر وفي عمقه، فإذا كان وقت المد والماء مُتحلِّل الأجزاء كان لفِعل القمر أقبل وكان ماء المد أكثر وحركته أقوى، فلهذه العلة يكون ماء المد في النهار الطويل أقوى وأكثر من ماء المد في تلك الليالي. فأما المدُّ الذي يكون في الوقت الذي نهاره أطول من الليل والقمر فيما بين وتَدِ المغرب إلى وتدِ الأرض فإنه يكون أضعف من المدِّ الذي يكون في ذلك الوقت والقمر فيما بين المشرق إلى وسط السماء.

    والعلة الثانية التي تكون من علة طول مكث القمر فوق الأرض، أن الليل إذا كان أطول من النهار فإن القمر إذا طلع بالليل — وخاصةً ما بين أول الليل إلى نصفه — فإنه يكون في البروج الطويلة المطالع، فيكون لبثه فوق الأرض في الربع الشرقي؛ فتدوم لذلك حركة الماء. فلدوام حركته يكثُر تحليل أجزائه وارتفاعه من عُمق البحر إلى أعلاه فيكون ماء المد بالليل في زيادة الليل على النهار أقوى وأكثر من ماء مدِّ النهار.

    وأما إذا كان المدُّ في هذا الوقت بالليل والقمر في الربع الثالث فيما بين المغرب إلى الوتد الرابع فإنه لا تكون قوة ماء المد كقوة المد الذي يكون القمر فيه فوق الأرض، وكلما كان القمر في وقت المد في بروجٍ طويلة المطالع يطول فيها بقاؤه، وكان ماء المد في ذلك الوقت أكثر وأغلب زمانًا فصار الآن أقوى ما يكون ماء المد وأغلبه من هاتَين العلتَين اللتَين ذكرناهما إذا كانت الشمس في القوس والجوزاء، إلا أن الشمس إذا كانت في الجوزاء فإنه يكون ماء المد بالنهار أغلب وأقوى من مدِّ الليل، وإذا كانت الشمس في القوس فإنه يكون ماء المد بالليل أغلب وأقوى من ماء مدِّ النهار، وإذا كانت الشمس في أول الحمل وأول الميزان كان ماء المد بالليل والنهار مُتساوِيَين في القوة، فيتَّفق من هذه الجهة أن يكون حال قوة المد وضعفه واعتداله في السنة الواحدة التي تقطع فيها الشمس البروج الاثني عشر شبيه بما كنَّا ذكرنا من حال المد في كل شهر؛ لأن قوة المد الذي يكون بالليل والشمس بالقوس والقمر فوق الأرض هو شبيه بقوة المد الذي يكون عند اجتماع الشمس والقمر وقوة المد الذي يكون بالنهار والشمس في الجوزاء والقمر فوق الأرض شبيه لقوة المد الذي يكون والقمر في الامتلاء عند مقابلة الشمس.

    والمد الذي يكون والشمس في أول الحمل وأول الميزان هو شبيه لقوة المد الذي يكون في كل شهر والقمر في تربيعي الشمس، أعني التربيع الأول والثاني وكل شيء تقدَّم قولنا فيه٢٩ من ذكر زيادة ما المد مِن وقتٍ إلى وقتٍ ومن نقصانه فليست تلك الزيادة ولا ذلك النقصان بمستوى القدْر والكمية، بل يختلف؛ لأنه ربما زاد في بعض الأيام شيئًا من الأشياء ويزيد بعده أو قبله أكثر منه أو أقل وكذلك النقصان فاعلم ذلك.

    وهذه الدلالات السبعة الطبيعية المفردة التي ذكرناها فإن لكل واحدةٍ منها دلالة على حدة على كثرة المد وقِلته وقوَّته أو ضعفه واعتداله، فاعرف هذه الدلالة فإنه إذا اجتمعت كل هذه الشهادات التي تدلُّ على كثرة ماء المد في وقتٍ من الأوقات فإنه يكون ماء المد كثيرًا قويًّا غالبًا طويل الزمان، وإن اجتمع بعضها كان دون الأقل، وكلما قلَّت شهادات المد كان المد أضعف فإن اجتمعت شهادات اعتدال المدِّ كلها في وقتٍ كان المد معتدلًا، وإن كان بعض الأدلة يدل على زيادة ماء المدِّ وبعضها يدل على النقصان فإنه يكون ماء المد معتدلًا أيضًا وإن اجتمعت شهادات في قلة ماء المد في وقتٍ فإنه يدل على غاية قلَّة ماء المد وضعفه.

  • والجهة الثامنة: في قوة ماء المد والجزر من الدلالات العرضية، فأما الجهات السبع الطبيعية فقد ذكرناها فيما تقدَّم وإن شيئًا منها من خاصية دلالة القمر، والسابعة من تقوية الشمس له، ونحن نذكر الآن الدلالة التي تعرض لتقوية المد والجزر وكثرة مياهها وقلته من الرياح العارضة في البحر. فاعلم أن للبحر ريحَين: إحداهما الريح الخاصة التي في جوف الماء، وهي المُقوية للمدود، وقد ذكرنا هذه الريح عند ذكرنا المد والجزر. والثانية الريح التي تكون في الجوِّ وهي الريح العامة التي يشترك فيها أهل البحر وأهل البر في المواضع كلها، وهي تهبُّ من نواحٍ مختلفة كالمشرق والمغرب والشمال والجنوب، وفيما بين هذه المواضع التي ذكرنا فاعرف هذه الرياح ونواحيها التي منها تهب، واعرف الريح التي تهب من الناحية التي منها تكون جهة جرية المد والريح التي تهب من الناحية التي تكون منها جهة جرية الجزر.
    واعلم أن القمر إنما يكون طلوعه وحركة الفلك له من المشرق إلى المغرب، وأن جرية الماء إنما تكون على جهة حركة الفلك للقمر، وأن الجزر يكون جهة جريه من المغرب إلى المشرق؛ فالريح التي تهبُّ من الناحية التي يغرب فيها القمر هي مقوية لجرية الجزر، وقد ذكرنا فيما تقدم أن المد والجزر الذين يكونان والقمر في النصف الأعلى من الفلك أن زمان أحدهما مثل زمان الآخر، وكذلك يكون إذا كان القمر في نصف الفلك الأسفل يكون زمان أحدهما مثل زمان الآخر من حصة دلالة القمر الطبيعية، إلا أنه يعرض لهما في بعض الأوقات أعراض فيكون القمر في نصف الفلك الأعلى، أو في نصف الفلك الأسفل وزمان أحدهما أطول أو أقصر من زمان الآخر، والذي يعرض للمد في طول زمانه من جهتين:
    • فالجهة الأولى: بسببها يكون زمان المد طويلًا أن تكون أدلة كثرة الماء وقوته كثيرة فتدوم حركة ماء المد وشدَّة جريه، وغلبته، وحسبه أن يجوز الوقت الطبيعي الذي دلَّ عليه القمر، فيطول لذلك زمان المد، وقد ذكرنا هذه الأدلة فيما تقدَّم.
    • والجهة الثانية: أن يكون في وقت المد رياح قوية عاصفة مقوية لجرية المد٣٠ فيكون لذلك زمن المد طويلًا أيضًا، وإذا اجتمعت هاتان الدلالتان أفرطتا في طول زمان المد أيضًا، فإنما يكون من جهتَين: إحداهما أن تكون أدلة قوة المد قليلة فيكون ماء المد قليل الحركة ضعيف الجرية فلِضعف حركته تكون نهاية المد عند أول الدلالة الطبيعية الدالة على نهاية المد أو قبله بزمانٍ من الأزمنة. والجهة الثانية أن تكون رياح عاصفة تستقبل جرية ماء المد فترُدُّه فينقص زمان المد على الدلالة الطبيعية، فإذا اجتمعت الدلالتان أفرطتا في قصر زمان المد.
    أما الجزر فجهتان:
    • إحداهما: أن يكون زمان المد الذي قبله طويلًا فينقص زمان الجزر عن الحد الطبيعي، وإنما يكون طول زمانه من جهتَين:
      • إحداهما: أن يكون زمان المد الذي قبله قصيرًا فيزيد في زمان الجزر قريبًا مما نقص زمان المد الطبيعي فيطول لذلك زمان الجزر.
      • والجهة الثانية: أن يكون في وقت الجزر رياح عاصفة مع جهة الجزر فيُقوِّي ذلك جريته فيطول زمان الجزر، فإذا اجتمعت هاتان الدلالتان أفرطتا في طول زمان الجزر.
وأما قصر زمان الجزر فإن ذلك من جهتَين:
  • إحداهما: أن يكون زمان المد الذي كان قبله طويلًا فينقص زمان الجزر عن القدر الطبيعي فيطول لذلك زمان الجزر.
  • والثانية: أن يكون وقت الجزر رياح عاصفة تستقبل جريته فيطول لذلك زمان الجزر، وإنما يكون ذلك من جهتَين: إحداهما أن يكون زمان المد الذي كان قبله طويلًا فينقص زمان الجزر عن الحد الطبيعي، والثاني أن يكون في وقت زمان الجزر كثيرًا.

فهذه ثماني جهات في طول زمان المد والجزر وقصرهما، وهذه حكومة كلية، وهي أن أقول: إن المد هو الابتداء وهو الذي يفعله القمر بطبيعته، والجزر بعد المد وهو رجوع الماء إلى البحر بطبعه، فإذا طال زمان المدِّ فإنه يقصر زمان الجزر الذي يكون بعده، وإذا قصر زمان المد طال زمان الجزر الذي بعدَه، والرياح التي يوافق هبوبها جرية المد والجزر أيهما وافق ذلك فإن تلك الريح تزيد في قوَّته وفي طول زمانه، والرياح التي تستقبل جرية أيهما كان فإنها تُضعفه.

واعلم أن المد إذا بلغ إلى بعض المغايض أو الجزائر أو أرحل البحار فربما رجع بعد الجزر ماء المد كله إلى البحر، وربما رجع بعضه، وربما رجع عند الجزر أكثر من ماء المد الذي كان [قد] خرج من البحر؛ لأن المد إذا بلغ إلى بعض المغايض أو بعض أرحل البحار ولم يحتبِس ماء البحار في المواضع التي يصير إليها رجع ماء المدِّ كما هو إلى البحر، فإن احتبس في بعض المواضع منه شيء رجع إلى البحر بعض ماء المد، وإذا كانت تلك المغايض أو بعض أرحل البحار التي يبلغها ماء مد البحر ينصب إليها مياه من أنهار وأودية مختلفة من غير ماء البحر، فإنه يحدُث الجزر معه من تلك المياه التي انصبَّت في تلك المواضع، فيكون ماء ذلك الجزر في ذلك الوقت أكثر وأقوى وأغلب من ماء المد.

(٤-٤) الفصل السابع في أن القمر هو على المد والجزر والرد على من خالف ذلك

إن قومًا أنكروا أن يكون القمر وطلوعه ومَغيبه وبلوغه المواضع التي ذكرناها هو علة المد والجزر، وقالوا إن من طبع البحر أن يتنفَّس من ذاته، فإذا تنفَّس البحر كان المد، وإذا لم يتنفَّس كان الجزر، وسواء في ذلك طلوع القمر ومَغيبه، وليس القمر علَّة لهما. وقالوا أيضًا لو٣١ كان القمر علَّة المد والجزر كان يجب أن تكون الأودية والأنهار والعيون تمدُّ وتجزر، واحتججنا على من زعم ذلك بأربع حجج:
  • أحدها: أن قُلنا لو كان المد والجزر إنما يكون بطبع البحر وتنفُّسه لكان ماء المد أبدًا على حالةٍ واحدة معلومة لا تزيد ولا تنقص، ولا يكون في وقت أقوى ولا أغلب من وقتٍ آخر، ولا تختلف أوقات ابتدائهما وانتهائهما؛ لأن فعل الأشياء الطبيعية لا يختلف ولا تتغيَّر عن الحالة التي تكون عليها، ونحن نرى خلاف ذلك كله؛ لأنه ربما قوي ماء المد في وقتٍ أقوى وأغلب منه في وقتٍ آخر على ساعة تمضي من النهار ثم تختلف حالًا، لابتداء المد والجزر ونهايتهما على قدْر اختلاف طلوع القمر ومَغيبه وسائر حالاته، فعلِمْنا أن القمر هو علة المد والجزر وعلة سائر حالاتهما.
  • والحجة الثانية: أن الأشياء التي تتنفَّس من ذاتها فإنها تحتاج إلى مكانٍ أكبر من مكانها الذي هي فيه، فإن كان ماء البحر يتنفَّس من ذاته من غير علَّة القمر فإنه عند تنفُّسه يحتاج إلى مكانٍ أكبر من مكانه الذي كان فيه، فكيف يمكن أن يرجع ذلك الماء إلى البحر في وقت الجزر، وليس له هنالك مكان؟ أو لِمَ صار ذلك التنفُّس الذي يكون للبحر ورجوع الماء إليه يكون مع ارتفاعه وانحطاطه ومَغيبه وليس ذلك في طبع حركة الماء؟ فإذا كان هذا هكذا فالقمر إذًا علة المد والجزر.
  • والحجة الثالثة: أن قُلنا إن طبيعة الماء أن يذهب سفلًا إلى عمق البحر ونحن نراه في وقت المد يتحرك علوًّا؛ لأنه يرتفع من عمق البحر إلى أعلاه، ثم يَصير إلى الشاطئ ثم يرفع بعضه بعضًا بحفرٍ شديد حتى يرتفع وليس ذلك في طبع الماء أن يتحرَّك علوًّا، وليست تلك الحركة من طبعه، علِمْنا أن له مُحركًا هو علة حركته، فإن لم يكن القمر علة تلك الحركة فلا بد له من علةٍ أخرى غير القمر، وذلك ما لا يُوجَد، فليس إذن لحرمة ماء المد عِلة غير القمر كما ذكرنا فيما تقدَّم بالحجج المُقنعة.
  • والحجة الرابعة: في الرد على الذين قالوا إن القمر لو كان علة المد والجزر لكان يجب أن تكون الأودية والأنهار والعيون تمدُّ وتجزر، فنقول إن الخاصية التي في المد والجزر لا تُوجَد في كل الأودية والأنهار والعيون والجزائر والبحار كالكل فتُوجَد في الأودية والأنهار والعيون التي هي كالجزء من الخاصية؛ لأن مياه البحار غليظة، واقفة مالحة، ومياه الأودية والأنهار والعيون مُتحركة جارية لطيفة عذبة، فكما أن خاصية الأودية والأنهار خلاف خاصية البحار، فكذلك حال الآخر. وقد ذكرنا فيما تقدَّم لأية علة لا تكون في المياه الجارية كالأودية والأنهار والعيون والمد والجزر.

(٤-٥) الفصل الثامن في اختلاف حالات٣٢ البحار وصفة البحار التي يتبيَّن فيها المد والجزر والتي لا يتبيَّن فيها ذلك وفي خاصية فعل الشمس في البحار

[كنا] قد وصفنا المد والجزر وحالاتهما، وسنصِف الآن البحار بصفةٍ كلية كما وصفَها بعض الفلاسفة، فإنهم قالوا إن القمر قد يؤثر في البحار كلها آثارًا مُختلفة، وإنما يتبيَّن في بعضٍ دون بعض لاختلاف حالاتها ومياهها.

فأما البحار فهي على ثلاثة أنحاء:
  • أحدها: لا يكون فيه مدٌّ ولا جزر.
  • والثاني: لا يتبيَّن فيه المد والجزر.
  • والثالث: ما يتبيَّن فيه المد والجزر.
فأما البحار التي لا يكون فيها المد والجزر فهي على ثلاثة أصناف:
  • فأما الصنف الأول: فهي المياه التي لا تقِف زمانًا طويلًا، ولا يغلظ ماؤها، ولا يصير مالحًا ولا تتكاثَف فيها الرياح؛ لأنه ربما صار الماء إلى بعض المواضع ببعض الأسباب، فيصير كالبُحيرة وينقص الماء منه في الصيف ويزيد في الشتاء، ويتبين فيه زيادة ما يُصبُّ فيه من ماء الأنهار والعيون ونقصان ما يخرج منه، وذلك الماء وما كان مثله من المياه لا يكون فيه مدٌّ ولا جزر؛ لأنه بتلك الحركات التي تكون من زيادة الماء ونقصانه لا يجتمع ولا تتكاثف فيه الرياح.
  • والصنف الثاني: من البحار التي تبعُد عن مدار القمر ومُسامَتَتِه بُعدًا كثيرًا فإنه لا يكون فيه مدٌّ ولا جزر.
  • والصنف الثالث: المياه التي يكون الغالِب على أرضها التخلخُل؛ لأنه إذا كانت أرض مُتخلخلة ينفذ الماء منها إلى غيرها من البحار، وتتنفَّس وتتخلخل الرياح التي تكون في أرضها أولًا فأول. فلا يكون فيها مدٌّ ولا جزر، ويكون الغالب عليها الرياح وأكثر ما يكون هذا في أرحل البحار التي لا يتبيَّن فيها المد والجزر، وهي على ثلاثة أصناف:
    • فالصنف الأول: الذي يكون فيه القمر موازيًا لأحد شاطئيه ولا يوازي الشاطئ الآخر لبُعد مسافة ما بين الشاطئين، ويكون الشاطئ الذي يوازي القمر يلي من الأرض المواضع التي هي غير مسكونة، فلا يُوجَد فيها المد والجزر، وذلك كأوقيانوس البحر حانة لا يتبيَّن فيه المد والجزر؛ لاتساعه ولبُعد أحد الشاطئين من مدار القمر ومن العمران ومن مشاهدة الناس له؛ لأن البحر الذي يلي شاطئَيه العمران يجد الناس فيه المد والجزر، وإذا كان شاطئاه لا يليان العمران لا يجدونهما فيه.
    • والصنف الثاني: في الماء الذي يكون شاطئاه معلومَين ينتهيان إلى العمران ويكون القمر موازيًا له أو قريبًا من موازاته ولا يكون له أرحل وجزائر وينبسط فيها الماء، فإذا صار القمر إلى الرُّبعَين الدالَّين على المد وحرك ماءه فتحرك وتنفَّس فلم يتبيَّن مد ذلك البحر ولا جزره، ولكن تكون فيه أمواج ورياح عواصف، وإنما يكون ذلك في البحيرات وفي الجزائر وأرحل البحار المنقطعة من البحر.
    • والصنف الثالث: المياه التي تنصبُّ بعضها إلى بعض، فإذا كان وقت المد تنفَّس الماء العلوي وانصبَّ إلى أسفل ولم تتبيَّن زيادته، وأما البحار التي تكون ويُوجَد فيها المد والجزر فهي البحار التي تكون قريبةً من موازاة القمر ويكون مسيرها زمانًا من الأزمنة ويكون شاطئاه يَلِيان العمران، ويكون لها أرحل وجزائر ينبسط فيها الماء.٣٣
١  الزركلي، خير الدين، قاموس الأعلام، ط٥، ج٢، دار العلم للملايين، بيروت، ١٩٨٠م. ص١٢٧-١٢٨.
٢  ابن النديم، الفهرست، تحقيق: إبراهيم رمضان، ط٢، دار المعرفة، بيروت، ١٩٩٧م، ص٣٣٧.
٣  ابن النديم، الفهرست، تحقيق: إبراهيم رمضان، ط٢، دار المعرفة، بيروت، ١٩٩٧م، ص٣٣٧.
٤  نيلينو، كرلو، علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، الجامعة المصرية، ط ١، روما، ١٩١١م، ص٢٠١.
٥  Stephen C. McCluskey, Astronomies and Cultures in Early Medieval Europe, (Cambridge University Press, 2000), p. 189.
٦  Richard Lemay, Abu Ma’shar and Latin Aristotelianism in the Twelfth Century, The Recovery of Aristotle’s Natural Philosophy through Iranian Astrology, 1962.
٧  https://alchetron.com/Abu-Maʿshar.
٨  ص٣١و-٣١ظ.
٩  قال البتاني في الزيج الصابئ، ص١٣٧: «ووتد الأرض في الأقاليم التي هي مطالعها ومغاربها عند الأفقَين اللذَين هما وتد الطالِع ووتد الغارب من دائرة أفق كل بلد.» وقد شرح ذلك البيروني في التفهيم لأوائل صناعة التنجيم، ص١٣٥-١٣٦: «البيوت التي تبتدئ من الأفق شرقًا وغربًا ومن فلك النهار والليل هي الأوتاد، وأولها الطالِع والثاني وتد الرابع ويُسمَّى أيضًا وتد الأرض والثالث وتد السابع ويُسمَّى أيضًا وتد الغارب والرابع وتد العاشر ويُسمَّى أيضا وتد وسط السماء.»
١٠  تعني كلمة الرحل النقل، وكان الأسطول الذي يربط إفريقية بالأندلس يُسمَّى بالرحل الأندلسي، وهو يعني بحارة الأسطول. عبد العليم، أنور، البحار في كتب البلدان، مجلة قافلة الزيت، العدد ٧، المجلد ٣١، رجب ١٤٠٣ﻫ، إبريل/مايو، تصدر عن شركة أرامكو، الظهران، ١٩٨٣م، ص٥.
١١  يقصد بِلُجة البحر المنطقة التي لا يُدرك قعرها، بمعنى أن البحارة الذين يكونون في سفنهم بعيدًا جدًّا عن الشاطئ.
١٢  ص٣٢و-٣٢ظ.
١٣  ص٣٣و.
١٤  ص٣٣ظ.
١٥  ص٣٤و.
١٦  ص٣٤ظ.
١٧  ص٣٥و.
١٨  ص٣٥ظ.
١٩  ص٣٦و.
٢٠  ص٣٦ظ.
٢١  ص٣٧و.
٢٢  ص٣٧ظ.
٢٣  ص٣٨و.
٢٤  ص٣٨ظ.
٢٥  يوجد في المخطوطة تلفيق وخلط بين الصفحات، واعتبارًا من هنا نجد أنها مكتوبة بخط مختلف، والمعلومات موجودة في صفحة مختلفة.
٢٦  ص٥٠و.
٢٧  ص٥٠ظ.
٢٨  ص٥١و.
٢٩  ص٥١ظ.
٣٠  ص٥٢و.
٣١  ص٥٢ظ.
٣٢  ص٥٣و.
٣٣  ص٥٣ظ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤