الباب الثامن

لنعرض مرة أخرى كيف أن ظاهرتي الفعل والانفعال ممكنتان. من الفلاسفة من يرى أنه حينما يعاني شيء أثرًا ما على جهة الانفعال، فذلك أن الفاعل الذي يفعل الأثر نهائيًّا وبطريق الأصلية ينفذ في ذلك الشيء بواسطة مسام أو قنوات، يقولون إننا كذلك نرى وإننا نسمع وإننا ندرك جميع الإدراكات الأخرى للحواس. وفوق ذلك إذا أمكن أن ترى الأشياء من خلال الهواء والماء والأجسام الشفافة فذلك بأن هذه الأجسام لها مسام غير مدركة بالبصر لسبب صغرها، ولكنها مع ذلك شديدة الانضمام مرصوفة بنظام وترتيب، وكلما تكون الأجسام أكثر شفافية كان لها من هذه المسام عدد أكثر.١

وعلى هذا النحو استبان بعض الفلاسفة الأشياء كما فعل أمبيدقل مثلًا، ولكن لم تقصر هذه النظرية على الفعل وعلى الانفعال، بل زعم أن الأجسام لا تختلط إلا متى كانت مسامها متناسبة المقياس على طريق التكافؤ، وقد اختط لوكيبس وديمقريطس بأحسن من غيرهما الطريقَ الحق وأوضحا كلٌّ بكلمة واحدة بأن صدرا عن نقطة الابتداء الحقيقية التي يعينها الطبع. وفي الواقع إن بعض القدماء قد ظنَّ أن الموجود هو بالضرورة واحد وغير متحرك، فعلى رأيهم الخلو لا يوجد، وأنه لا يمكن أن توجد حركة في العالم ما دام أنه لا يوجد خلو منفصل عن الأشياء. وكانوا يزيدون على ذلك أنه لا يمكن أيضًا أن يوجد تعدد ما دام أنه لا يوجد خلو يقسم الأشياء ويعزلها.

على أن دعوى أن العالم ليس متصلًا لكن الموجودات التي تؤلفه متماسة مهما كانت منفصلة فذلك يرجع إلى القول بأن الموجود متعدد وليس هو واحدًا، وأن الخلو موجود، وأنه إذا كان الموجود هو مطلقًا قابلًا للقسمة في جميع الاتجاهات فمن ثم لا توجد بعد وحدة لأي ما كان بحيث إنه لا يوجد أيضًا تعدد، وأن الكل هو خلو كله. يقولون إنه إذا فرض أن العالم شطره على نحو وشطره على آخر فذلك إيضاح أشبه ما يكون بفرض مجازف فيه؛ لأنه حينئذ إلى أي نقطة ولماذا الجزء الفلاني من العالم يكون كذلك ومليئًا في حين أن الجزء الفلاني الآخر مقسوم؟ وبهذه الطريقة يوصل أيضًا على رأيهم إلى تأييد أنه بالضرورة لا يوجد حركة في العالم.٢
بالصدور عن هذه النظريات وبمعاندة شهادة الحواس والاستهانة بها بحجة أنه ينبغي اتِّباع العقل فقط انتهى بعض الفلاسفة إلى التصديق بأن العالم واحد غير متحرك وغير متناه؛ لأنه إن لم يكن كذلك فإن الحد بحسبهم لا يمكن إلا أن يحاد الخلو.٣
تلك هي إذن نظريات هؤلاء الفلاسفة، وتلك هي الأسباب التي دفعتهم إلى فهم الحق على هذا النحو، ولا شك في أنه إذا استمسك بالتداليل العقلية المحضة فذلك يشبه أن يكون مقبولًا، ولكن إذا أريد اعتبار الحوادث الواقعية فيوشك أن يكون من الجنون تأييد آراء كهذه؛ لأنه لا يوجد مجنون ذهب إلى هذه النقطة من الضلال أن يجد أن النار والثلج هما شيء واحد بعينه. ولكن خلط الأشياء الجميلة لذاتها بالتي لا تظهر لنا كذلك إلا بالاستعمال من غير أن يرى فيها مع ذلك أي فرق ما بينها، ذلك لا يمكن أن يكون إلا نتيجة لتيه حقيقي للعقل.٤

فأما لوكيبس فإنه كان يظنه محيطًا علمًا بالنظريات التي — مع كونها متفقة مع الحوادث الواقعية المدركة بالحواس — لم تكن — بحسب مذهبه — لتتعرض للكون ولا للفساد ولا للحركة ولا للتعدد في الموجودات. ولكن بعد هذا التسامح الذي أسداه إلى حقيقة الظواهر قد أسدى غيره إلى أولئك الذين يقبلون وحدة الموجود بحجة أنه لا يوجد حركة ممكنة بدون الخلو، ويقبل القول بأن الخلو هو اللاموجود، وأن اللاموجود ليس هو شيئًا مما هو موجود. وإذن — على رأيه — الموجود بالمعنى الخاص هو متعدد للغاية، والموجود على هذا المعنى لا يمكن أن يكون واحدًا. وعلى العكس إن هذه العناصر تكون غير متناهية في العدد وتكون فقط غير مرئية بسبب لطافة حجمها للغاية، ويزيد على ذلك لوكيبس أن هذه الجزيئات تتحرك في الخلو؛ لأنه يقبل الخلو، وأنها باجتماعها تسبب كون الأشياء وبانحلالها تسبب فسادها، وأن الأشياء تفعل أو تنفعل تبعًا لما أنها تتماس على طريق التكافؤ، وأنها على ذلك ليست هي شيئًا واحدًا بعينه، وأنها بتركبها واشتباكها بعضها ببعض تكون العالم كله.

ويستنتج لوكيبس من هذا أن التعدد لم يكن ليخرج ألبتة من الوحدة الحقة، كما أن الوحدة لا يمكن أن تأتي أيضًا من التعدد الحق، وأن كل هذا هو محال على الإطلاق من جهة ومن أخرى. وأخيرًا كما أن أمبيدقل وبعض الفلاسفة الآخرين يزعمون أن في الأشياء الفعل الذي تقبله وتعانيه هو يحصل فيها بواسطة المسام، فكذلك يرى لوكيبس أيضًا أن كل استحالة للأشياء وكل انفعال لها إنما يحصل على هذا النحو نفسه، وأن الانحلال والفساد يكونان بواسطة الخلو، والنمو حاصل كذلك بواسطة الجزيئات الجامدة التي تدخل في الأشياء.٥
وأما أمبيدقل، فينبغي أن يقول قول لوكيبس تقريبًا؛ لأنه يقول بأنه يجب أن يوجد جزئيات جامدة وغير قابلة للتجزئة إذا كانت المسام ليست متصلة مطلقًا. ولما أن هذا الاتصال للمسام محال؛ لأنه حينئذ لا يمكن وجود شيء جامد، إلا أن يكون هو المسام، والكل بلا استثناء لا يكون إلا بعد خلوًا، فحينئذ يلزم على رأي أمبيدقل أن الجزيئات التي تتماسُّ تكون غير قابلة للتجزئة، وأن المسافات وحدها التي تفصلها تكون خلوات، وهذا هو ما يسميه المسام، وهذه الآراء هي أيضًا آراء لوكيبس في الفعل والانفعال في الأشياء.٦
تلك هي الإيضاحات التي أعطوها عن الوجه الذي تكون به الأشياء تارة فاعلة وتارة منفعلة، وحينئذ يرى مبلغ ما عليه في الحقيقة هؤلاء الفلاسفة، وكيف يعبرون آراءهم في هذا الصدد مؤيدين مذاهب تكاد تكون مطابقة للحوادث.٧

ولكن في نظريات فلاسفة آخرين كأمبيدقل يلمح — بجلاء أقل — كيف يدرك كون الأشياء وفسادها واستحالتها، والطريقة التي بها تقع هذه الظواهر. فعلى رأي البعض أن العناصر الأولية للأجسام هي غير قابلة للتجزئة، ولا تختلف بينها إلا بالصور، ومن هذه العناصر تتركب الأجسام في البداية وإليها تتحلَّل في النهاية.

ولكن من جهة أمبيدقل فقد يرى على كفاية الوضوح أنه يبلغ بكون الأشياء وفسادها إلى العناصر أنفسها. على أنه كيف يمكن أن يكون وأن يفسد العظم الملتك لهذه العناصر؟ هذا هو ما ليس بينًا ألبتة في مذهبه، بل زيادة على ذلك إن هذا ما لا يستطيع تبيانه ما دام أنه ينكر أن النار ذاتها عنصر كما ينكر أيضًا على السواء وجود جميع العناصر الأخرى. وقد أيَّد أفلاطون النظرية عينها في طيماوس؛ لأنه فضلًا عن أن أفلاطون يعبِّر في هذه النقطة مثل لوكيبس فإن أحدهما يقبل أن التي لا تتجزأ هي جوامد والآخر أنها ليست إلا سطوحًا، وإن أحدهما يقرر أن جميع الجوامد التي لا تتجزأ هي محدودة بأشكال عددها غير متناهٍ والآخر أن لها أشكالًا متناهية ومضبوطة. والنقطة الواحدة التي فيها يتفق الاثنان جميعًا أنهما يقبلان وجود التي لا تتجزأ وتحديدها بأشكال.٨
إذا كان حقًّا أن من ذلك في الواقع تأتي أكوان الأشياء وفساداتها؛ فمن ثم يوجد عند لوكيبس لإدراكها طريقتان: الخلو والتماس، وعلى هذا النحو — على رأيه — إن كل شيء قد يكون متميزًا ومنقسمًا. ولكن عند أفلاطون الأمر على الضد ليس إلا التَّماس وحده ما دام أنه يرفض وجود الخلو. وقد تكلَّمنا في بحوثنا السابقة على مذهب السطوح التي لا تتجزأ، وأما الجوامد التي لا تتجزأ فليس ها هنا محل لفحصٍ أطول من ذلك عن نتائج هذه النظرية التي ندعها الآن إلى جانب.٩

ولكن إذا نحن استطردنا بعض الشيء نقول إنه ضرورة في هذه المذاهب كل ما لا يتجزأ فهو يجب أن يكون غير منفعل؛ لأنه لا يمكن أن يكون منفعلًا وقابلًا أي فعل ما إلا بالخلو الذي هو غير مقبول عندهم، وهو كذلك لا يمكنه أن يُحدِث أي فعل ما في أي شيء اتفق ما دام أنه لا يمكن أن يكون لا صلبًا ولا باردًا مثلًا. وفي الحق إنه من السخف الاقتصار على تخصيص الحرارة بالشكل الكري وحده فقط؛ لأنه من ثم يكون بالضرورة الكيف المضاد — أعني البرودة — يتعلق بشكل آخر غير الكرة.

ولكن إذا كان هذان الكيفان يوجدان في الأشياء — أعني الحرارة والبرودة — فيكون من السخف الاعتقاد بأن الخفة والثقل والصلابة والرخاوة لا يمكن أن تكون فيها أيضًا. وإني أعترف بأن ديمقريطس يزعم أن كل ما لا يتجزأ يمكن أن يكون أكثر ثقلًا إذا كان أكبر حجمًا بحيث إنه — بالبين بذاته أيضًا — يمكن أن يكون أكثر حرارة.١٠
ولكنه من المحال — متى كان الأمر على ما يقال — أن تلك التي لا تتجزأ لا تقبل تأثيرًا ما بعضها من قبل البعض الآخر، وأن ما هو متوسط الحرارة مثلًا لا يقبل تأثيرًا من قبل ما له حرارة أكثر منه للغاية. ولكن إذا كان الصلب يقبل تأثيرًا فالرخو أيضًا يجب أن يقبل تأثيرًا؛ لأنه لا يقال على شيء إنه رخو إلا مع الاستحضار الذهني لفعل يمكنه احتماله ما دام الجسم الرخو هو بالضبط هذا الذي يطاوع الضغط بسهولة.١١
ومع ذلك ليس أقل سخفًا ألا يقبل في الأشياء مطلقًا شيء إلا الصورة، وإذا تقبل الصورة فمن السخف ألا يفترض فيها إلا واحدة إما مثلًا البرودة وإما الحرارة؛ لأنه لا يمكن أن يوجد طبع واحد بعينه لهاتين الظاهرتين المتقابلتين.١٢
وفي الحق إن من المحال أيضًا على سواء أن يفترض أن الموجود مع بقائه واحدًا يمكن أن تكون له عدة صور؛ لأنه بما هو لا يتجزأ قد يعاني تغاييره المختلفة في النقطة عينها. وبالنتيجة فعبثًا ينفعل، فيبرد مثلًا، وبهذا عينه يُحدث أيضًا فعلًا آخر، أو بل يقبل أي تأثير آخر اتفق.١٣
يمكن استخدام هذه التنبيهات أنفسها بالنسبة لجميع التغايير الأخرى؛ لأنه سواء قبل القول بجوامد لا تتجزأ أو قبل القول بسطوح لا تتجزأ فالنتائج تكون هي أنفسها ما دام ليس ممكنًا أن اللامتجزئة تكون تارة أكثر تخلخلًا وتارة أكثر كثافة إذا لم يوجد خلو في اللامتجزئة.١٤
وكذلك من السخف على السواء تمامًا افتراض أن أجسامًا صغارًا هي غير قابلة للتجزئة، وأن أجسامًا كبارًا لا تكونه؛ ففي الحالة الحاضرة للأشياء يفهم العقل في الواقع أن الأجسام الكبرى يمكن أن تتفتت بأسهل جدًّا من الصغرى ما دام أنها تتحلل بدون عناء؛ لأنها كبيرة وأنها تتلامس وتتصادم في كثير من النقط. ولكن لماذا اللامتجزئة قد توجد مطلقًا في صغار الأجسام بالأولى من أن توجد في الكبار؟١٥
وفوق ذلك كل هذه الجوامد هل هي من طبع واحد بعينه؟ أم هل هي تختلف بعضها عن بعض بما أن بعضها من النار والآخر من الأرض بحسب كتلتها؟ فإذا لم يكن إلا طبع واحد بعينه لجميعها فماذا عسى أن تكون العلة التي قسمتها؟ بل لماذا بتماسها لا تجتمع كلها بالتماس في كتلة واحدة بعينها كالماء حينما يلامس الماء؟ فإن الماء الأخير المضاف لا يختلف في شيء عن الماء الذي كان يتقدمه. ولكن إذا كانت هذه التي لا تتجزأ يختلف بعضها عن بعض، فحينئذ ماذا تكون؟ بين بذاته أنه يلزم التسليم أن هذه هي مبادئ الظواهر وعللها أولى من أن تكون مجرد أشكال لها، ومن جهة أخرى إذا قيل إنها مختلفة الطبع فحينئذ يمكنها بتلامسها المتبادل أن تفعل أو تنفعل بعضها بالآخر.١٦
أكثر من ذلك، ماذا سيكون المحرك الذي يوقعها في الحركة؟ إذا كان هذا المحرك مخالفًا لها فحينئذ يكون ما لا يتجزأ قابلًا، وإذا كان كل ما لا يتجزأ يحرك نفسه فإما أن يصير قابلًا للتجزئة بما هو محرك في جزء ومحرك في جزء آخر، وإما أن يجتمع النقيضان في الشيء بعينه معًا، وحينئذ تكون المادة واحدة لا بالعدد فقط بل بالقوة أيضًا.١٧
وحينئذ هؤلاء الذين يزعمون أن التغايير التي تقبلها الأجسام تكون بحركة المسام يجب عليهم أن ينتبهوا؛ لأنهم إذا سلموا بأن الظاهرة تقع حتى لو كانت المسام مليئة لاستعاروا حينئذ للمسام وظيفة غير مفيدة قطعًا ما دام أنه إذا انفعل الجسم في هذه الحالة بالطريقة عينها يمكن افتراض أنه — بدون أن يكون له مسام وبما هو نفسه متصل — قد يمكنه أيضًا أن يقبل بالتمام كل ما يقبل.١٨
ولكن كيف يمكن أن يحصل النظر بالطريقة التي يفسر بها في هذا المذهب؟ ليس أكثر إمكانًا في الواقع أن يمر بالتماسات من خلال الأشياء الشفافة منه في خلال المسام إذا كانت المسام كلها مليئة، فأين يكون الفرق إذن بين أن يكون لها مسام وبين ألا يكون لها ألبتة ما دام أن الكل سيكون مليئًا على السواء؟ بل إذا كانت هذه المسام ذواتها مفترضة خالية وإذا كان فيها أجسام، فحينئذ تعود الصعوبات أنفسها. ولكن إذا افترض أن المسام ذوات امتدادات صغيرة بحيث لا تستطيع بعد أن تقبل أي جسم اتفق، فإن من سفه الرأي أن يتصور أن الصغير خالٍ وأن الكبير ليس كذلك، مهما كانت سعته، وأن يتمشى بالاعتقاد إلى أن الخلو هو شيء آخر غير مكان الجسم، بحيث إنه — كما هو بين ذاته — يلزم أن يكون الخلو دائمًا على مقدار مساوٍ للجسم نفسه.١٩
وعلى جملة من القول فإنه غير مفيد افتراض مسام، فإذا كان جسم لا يفعل في آخر بمسه، فلن يفعل أيضًا بأن يخترق مسام، وإذا كان إنما يفعل بالمس فحينئذ — حتى بدون مسام — تفعل الأجسام أو تقبل الفعل كلما وضعها الطبع أحدها تلقاء الآخر في علاقة من هذا القبيل.٢٠
والحاصل أنه يرى من كل ما تقدم أن تصور مسام على الوجه الذي فهمها به بعض الفلاسفة إنما هو خطأ كامل أو فرض باطل؛ فإن الأجسام بما هي قابلة للتجزئة مطلقًا في كل جهة، فمن السخرية افتراض مسام ما دام أن الأجسام بما هي قابلة للتجزئة يمكنها دائمًا أن تنفصل.٢١

هوامش

(١) (ب٨ ف١): مرة أخرى، ويمكن أيضًا ترجمتها «من جهة نظر أخرى». ظاهرتي الفعل والانفعال: ليس النص واضحًا هكذا، وقد أردت أن أجعله أَبْيَنَ خصوصًا في ابتداء باب. من الفلاسفة من: يقصد إلى أمبيدقل كما تدل عليه الفقرة التالية. يعاني شيء أثرًا ما على جهة الانفعال: النص أكثر إيجازًا. نهائيًّا: راجع ما سبق ب٧ ف١٠ و١١. وبطريق الأصلية: لأنه يفعل بتماسٍّ مباشر وبلا واسطة. مسام أو قنوات: ليس في النص إلا كلمة واحدة. ندرك … الإدراكات: تكرار الكلمات هذا في النص. هذه الأجسام: أو هذه العناصر؛ لأن عبارة النص غير مانعة. نظام وترتيب: ليس في النص إلا كلمة واحدة.
(٢) كما فعل أمبيدقل مثلًا: وهو الذي يلزم أن ينسب إليه الرأي المعروض في الفقرة السابقة دون أن يذكر صاحبه. على الفعل والانفعال: عبارة النص بالضبط هي «الفاعلات والمنفعلات»؛ أي الأشياء التي تفعل والتي تقبل الفعل. متناسبة المقياس على طريق التكافؤ: يعني أن الجسمين يمكن أن يدخل أحدهما في الآخر بحيث يتحصَّل منها مزيج حقيقي. وقد مثل فيلوبون بالنبيذ والماء؛ فإن مسامهما متناسبة القياس في رأيه ما دام أن هذين السائلين يمتزجان، وعلى ضد ذلك مسام النار ومسام الخشب، فإنها لما كانت غير متناسبة القياس كانت النار تفسد الخشب ولا تختلط به. بأحسن من غيرهما: أستخلص هذا المعنى من شرح فيلوبون. نقطة الابتداء الحقيقة التي يعينها الطبع: ليس النص على هذا الضبط تمامًا. بعض القدماء: يقصد برمينيد ومدرسة إيليا كما يقول فيلوبون. فعلى رأيهم: أضفت هذه العبارة التي مضمونها متمشٍّ مع سياق النص وكل ما هو وارد إلى آخر هذه الفقرة خاص برأي برمينيد ومدرسة إيليا، ذلك الرأي الذي هو مبسوط بطريقة قلقة وغامضة. راجع مناقشة مشابهة لهذه وإبطالًا لمذهب برمينيد وميليسوس في الطبيعة ك١ ب٢ وما بعده ص٤٣٣ من ترجمتنا. وإنه لا يمكن أن توجد حركة: هذه النظرية على علاقات الخلو والحركة هي منسوبة بالصراحة إلى ميليسوس في كتاب الطبيعة ك٤ ب٨ ف٥ ص١٨٩ من ترجمتنا. منفصل عن الأشياء: أضفت الكلمتين الأخيرتين. وما كانوا يزيدون على ذلك: هذه الكلمات ليست صراحة في النص، ولكن هذا المعنى يفهم من سياق الجملة. إنه لا يوجد خلو: ليس النص على هذه الصراحة. يقسم … ويعزلها: ليس في النص إلا كلمة واحدة. ليس متصلًا: وواحدًا كما كانت تزعمه مدرسة إيليا. مهما كانت منفصلة: ليس النص على هذا الوضوح. إذا كان الموجود هو مطلقًا قابلًا للقسمة: وإذ يَئُول أمره إلى لا شيء بالقسمة نفسها التي ذهب بها إلى اللانهاية. فمن ثم لا توجد بعد وحدة لأي ما كان: أو بعبارة أخرى وحدة الأشخاص تنعدم مع الأشخاص أعيانها، ولما أنه لا يوجد بعد من ثَمَّ تعدد ممكن فالكل يكون خلوًا. شطره على نحو: يعني أن الاتصال يكون في شطر العالم والخلو في الشطر الآخر. يقولون: أضفت هذه الكلمة للدلالة على أن ذلك بقية معارضات برمينيد وأصحابه. على رأيهم: أضفتها للغرض المتقدم. لا يوجد حركة في العالم: وهذا هو المبدأ الأساسي لمدرسة إيليا، وهو أن الموجود واحد وغير متحرك. راجع نقض هذه النظرية في الطبيعة ك١ ب٢ وما يليه ص٤٣٣ من ترجمتنا.
(٣) بمعاندة شهادة الحواس والاستهانة بها: يلزم الانتباه إلى هذه العبارات الشديدة التي توصي بقوة اتخاذ نهج المشاهدة دون النظريات المنطقية المحضة. راجع أيضًا الفقرة السابقة. بعض الفلاسفة: برمينيد وعلى العموم مدرسة إيليا. إن لم يكن كذلك … بحسبهم: أضفت هذه الكلمات التي ظهر لي أنها ضرورية لبيان الفكرة. ومع ذلك فإن الفقرة لا تزال غامضة ولم أَرَ فيلوبون يفسرها في شرحه؛ لأنه بلا شك لم يكن ليجد فيها أدنى صعوبة.
(٤) الحق: ربما كان أحسن أن يقال «الحقيقة». التداليل العقلية المحضة: ليس النص على هذا القدر من التأكيد. فذلك يشبه أن يكون مقبولًا: أو أيضًا «إن الأشياء تشبه أن تمضي على هذا الوجه.» إذا أريد اعتبار الحوادث الواقعية: راجع مقدمتي لكتاب الميتورولوجيا على نمط المشاهدة عند القدماء، وعلى الأخص عند أرسطو ص٤٦ وما بعدها. يوشك أن يكون من الجنون: من الصعب أن تعاب نظريات مدرسة إيليا العقلية المحضة بأكثر من هذه الشدة. الأشياء الجميلة لذاتها: هذه النقطة لم يشرحها أيضًا فيلوبون وفيها خفاء؛ فإن كلمة النص التي ترجمتها «الجميلة لذاتها» فيها إبهام، وهي تدل على الأشياء الطيبة كما تدل على الجميلة، وقد يكون المعنى أن أرسطو يعيب على مدرسة إيليا أنها تفسد قاعدة الأخلاق بخلطها بين الخير والشر، وهذا المعنى هو الذي ارتآه بعض الشرَّاح المتأخرين.
(٥) فأما لوكيبس: راجع عن آراء لوكيبس وديمقريطس في الخلو كتاب الطبيعة ك٤ ب٨ ف٣ وما بعدها ص١٧٨ من ترجمتنا. ومع ذلك فإن أرسطو يبين عليه هنا شدة الاهتمام بلوكيبس أكثر منه في كتاب الطبيعة، حيث يقول عنه وعن أستاذه: «إنهما لم يطآ عتبة المسألة.» بحسب مذهبه: زدت هذه العبارة لإتمام الفكرة. ولا للحركة ولا للتعدد: وبالجملة كل ما تشهد لنا الحواس بأنها حقائق بينة. الذي أسداه إلى حقيقة الظواهر: ليس النص على هذه الصراحة. اللاموجود ليس هو شيئًا مما هو موجود: يظهر أن هذا هو تكرير محض ولكنه وارد في النص. على رأيه: أضفت هاتين الكلمتين. متعدد للغاية: أظن أن هذا هو الرواية الحقة، وهي متفقة مع سبك النص، وفي بعض النسخ «مليء للغاية. مليء بالتمام»، وليس بين الروايتين إلا تغيير حرف واحد. هذه العناصر: التزمت هنا أن أوضح التعبير الذي جعله النص غير محدد. لطاقة حجمها للغاية: تلك هي الذرات المقبولة أيضًا عند ديمقريطس أستاذ لوكيبس. ويزيد على ذلك لوكيبس: ليس النص على هذا الضبط، ولكن المعنى الذي أعطيه يستفاد من أسلوب الجملة الإغريقية نفسها. شيئًا واحدًا بعينه: ليس في النص إلا كلمة واحدة. العالم كله: أضفت هذه العبارة لكيلا أكرر ما قيل آنفًا. ويستنتج لوكيبس من هذا: ليس النص على هذه الصراحة. الذي تقبله وتعانيه: ليس في النص إلا كلمة واحدة. بواسطة المسام: ر. ما سبق ف١. بواسطة الخلو: تكرير لما قيل آنفًا في هذه الفقرة نفسها. التي تدخل: أو التي «تتولج».
(٦) وأما أمبيدقل: ر. ما سبق ف٢ حيث يظهر أن أمبيدقل أنزل من أجل هذه النظرية في منزلة أدنى من ديمقريطس ولوكيبس. جزيئات جامدة وغير قابلة للتجزئة: وفي هذا المعني يقرب أمبيدقل من مذهب الذرات. ليست متصلة مطلقًا: يعني تلامس مباشرة بعضها بعضًا، ولكن فكرة المسام عينها تستلزم ضرورة حواجز جامدة تفصلها وتعزلها بعضها عن بعض. هذا الاتصال للمسام: النص ليس على هذا القدر من الصراحة، وعبارته غير محددة، ولكن المعنى مع ذلك لا يمكن أن يكون محلًّا للشك، إلا أن يكون هو المسام، وربما كان أحسن «بجانب المسام». على رأي أمبيدقل: زدت هذه الكلمات. التي تتماس: وتكون بنوع ما حواجز للمسام. وحدها: هذه الكلمة ليست في النص، ولكن ظهرت لي مفيدة في إتمام الفكرة. هي أيضًا آراء لوكيبس: نتيجة وتكرير لما قيل في أول هذه الفقرة.
(٧) تارة فاعلة وتارة منفعلة: أو أيضًا «تفعل وتنفعل». هؤلاء الفلاسفة: هذا ينطبق بالأخص على لوكيبس وديمقريطس. تكاد تكون مطابقة للحوادث: ر. ما سبق ف٤.
(٨) كأمبيدقل: هذا يشبه أنه مناقض لما قيل في ف٦، حيث آراء أمبيدقل معتبرة لصيقة بآراء لوكيبس التي ووفق عليها. فعلى رأي البعض: يعني الفلاسفة الآخرين ما عدا أمبيدقل. غير قابلة للتجزئة: هي الجواهر الفردة. تتركب الأجسام في البداية: تكرير لما سبق. العظم: مهما كان. يعني غير متناهٍ في الصغر ما دام الأمر خاصًّا بالذرات. إن النار ذاتها عنصر: ر، فيما سيأتي ك٢ ب٣ ف٦ رأي أمبيدقل في النار التي هي على رأيه خليط وبالنتيجة ليست عنصرًا حقيقيًّا. وقد أيَّد أفلاطون النظرية عينها: النص أقل صراحة. في طيماوس: ر. ترجمة كوزان ص١٦١ و١٦٧ وما بعدها. إلا سطوحًا: ربما لم يقل أفلاطون ذلك صراحة ولكن هذا هو النتيجة الضرورية لنظرياته. متناهية ومضبوطة: ليس في النص إلا كلمة واحدة. والنقطة الواحدة التي فيها يتفق الاثنان: ليس النص على هذه الصراحة. وجود التي لا تتجزأ: لا يظهر أن أفلاطون يقبل مذهب الجواهر الفردة تمامًا على النحو الذي يظهر أن أرسطو يقوله هنا.
(٩) فساداتها: أو «انفصالاتها»، وكلمة النص ليست أكثر من ذلك ضبطًا. على رأيه: زدت هذه العبارة. قد يكون متميزًا ومنقسمًا: وضعتُ هاتين الكلمتين لأوفي قوة كلمة النص الواحدة. إلا التماس وحده: يعني أن السطوح بتلامسها تنتهي بأن تركب الأجسام، ولا أدري هل هذا هو في الحق معنى نظرية أفلاطون. في بحوثنا السابقة: ر. كتاب السماء ك٣ ب١ ف١٤، وخصوصًا ب٧ و٨ حيث نظرية أفلاطون منقوضة بالتطويل. السطوح لا تتجزأ: هذا هو مذهب أفلاطون. أما الجوامد التي لا تتجزأ: هذا هو مذهب الجواهر الفردة الذي هو مذهب لوكيبس وديمقريطس. نتائج هذه النظرية: ليس النص بينًا هكذا.
(١٠) في هذه المذاهب: أضفت هذه الكلمات التي ظهرت لي ضرورية لإتمام الفكرة، والتي يجيزها تفسير فيلوبون. الذي هو غير مقبول عندهم: أضفتها للسبب المتقدم. من السخف: هذا التعبير القاسي قد كُرِّر عدة مرات في هذه الفقرة، ولكنه وارد في النص كما هو في الترجمة. الشكل الكري وحده فقط: ر. طيماوس أفلاطون ترجمة كوزان ص١٥٣ و١٦٧ وما بعدها، وربما لا تكون عبارة طيماوس من التأكيد على ما يزعم أرسطو. إذا كان أكبر حجمًا: النص هنا بيِّن الدقة لما به من الإيجاز. ويظهر مع ذلك أن كل الذرات قد يجب أن تكون متساوية بينها، وأن إحداها لا ينبغي أن تكون أكثر ثقلًا من الأخرى.
(١١) على ما يقال: النص أقل بيانًا. لا تقبل تأثيرًا: أو لا تنفعل. ما هو متوسط الحرارة: هذا هو الواقع المعلوم الذي هو توازن الحرارة؛ فإن شيئين غير متساويي الحرارة يصيران متساويين بأن يفعل أحدهما في الآخر. ولكن إذا كان الصلب يقبل: ليس النص على هذه السعة. يطاوع الضغط بسهولة: ر. الميتورولوجيا ك٤ ب٤ ف٦ وما بعدها ص٢٩٨ من ترجمتي.
(١٢) ومع ذلك ليس أقل سخفًا: هذا الانتقاد موجه على الأخص بغير شك إلى أفلاطون. الصورة: هذا التعبير محمول هنا على معنى مهم ما دامت القرينة تعيِّن أن معنى الصورة أيضًا الخاصية. وفي الواقع إن الحار والبارد خاصيتان وليستا صورتين بالمعنى الخاص. لهاتين الظاهرتين المتقابلتين: أضفت الكلمة الأخيرة.
(١٣) مع بقائه واحدًا: ليس النص على هذه الصراحة. تغاييره المختلفة: زدت الكلمة الأخيرة. في النقطة عينها: الكلمة التي استعملت في النص غير محددة فاضطررت إلى زيادة الضبط. يحدث أيضًا فعلًا آخر: المعنى ليس جليًّا، وكان يقتضي توسعًا في التعبير. أي تأثير آخر اتفق: هنا أيضًا ترجمتي أكثر ضبطًا من النص.
(١٤) بجوامد لا تتجزأ: هذا هو مذهب لوكيبس وديمقريطس. بسطوح لا تتجزأ: هذا هو مذهب أفلاطون، ر. ما سبق ف٩. أن اللامتجزئة: عبارة النص ليست محدودة تمامًا. في اللامتجزئة: هذه هي عبارة النص بعينها.
(١٥) أجسامًا صغارًا: الجواهر الفردة مفروض أنها على نهاية ما يمكن من الدقة بحيث تعزب عن مشاهداتنا. وقد استنتج أنها غير قابلة للقسمة؛ لأنها أصغر من أن تقسم. ففي الحالة الحاضرة للأشياء: عبارة النص هي «الآن». تتحلل: قد يكون أولى «تتجزأ». وأنها تتلامس وتتصادم في كثير من النقط: ليس في النص إلا كلمة واحدة. مطلقًا: ليس في النص الإغريقي إلا هذه الكلمة وحدها، والتعبير أوجز مما ينبغي، وكان يلزم التوسع فيه لجعل المعنى أبين من ذلك؛ فإذا كانت الجواهر الفردة غير قابلة للتجزئة بطبعها فصغرها وكبرها لا دخل له، فسواء كانت كبيرة أم صغيرة فإنها تظل غير قابلة للتجزئة وعلى ما جبلها الطبع.
(١٦) وفوق ذلك: رد آخر بعد الردود السابقة. كل هذه الجوامد: المعتبرة أنها جواهر فردة أو ذرات غير قابلة للقسمة. بما أن بعضها من النار: على حسب ما يظهر أنه ينتج على الخصوص من النظريات المقررة في طيماوس. التي قسمتها: أو «فصلت بعضها عن بعض.» وهنا القسمة أو الفصل يشبه أنها ترجع أيضًا إلى مجرد عدم المشابهة. بتماسها: أو «بعد أن تلامست على طريق التبادل.» في كتلة واحدة بعينها: عبارة النص غير محددة. كالماء: المثل على الأقل واضح جدًّا؛ لأن الماء ينضمُّ إلى الماء بلا أدنى عناء، وإن الذرات يجب أن تجتمع بعضها مع بعض على هذا النحو بسبب تماثلها الطبيعي. الماء الأخير: هذه هي عبارة النص بعينها. المضاف: هذه الكلمة ليست في النص. فحينئذ ماذا تكون: هذا سؤال موجه إلى مذهب أفلاطون ومذهب لوكيبس الذي يريد أرسطو بلا شك أن يعيب عليه أنه لم يلح في هذه النقطة قدر الكفاية. مجرد أشكال لها: المسلَّم بها في نظريات أفلاطون ونظريات لوكيبس. إذا قيل: ليس النص على هذه الصراحة. تفعل أو تنفعل: في حين أنه في المذاهب التي يطعن فيها أرسطو تعتبر الجواهر الفردة غير قابلة للانفعال، ر. ما سبق ف١٠.
(١٧) ماذا سيكون المحرك الذي يوقعها في الحركة: ليس النص على هذه السعة. مخالفًا لها: يعني أجنبيًّا منها وخارجًا عنها. ما لا يتجزأ قابلًا: وهو في النص أيضًا بصيغة المفرد، ولكن الجمع ربما كان أولى ما دام المقصود هو الجواهر الفردة؛ فإن ما لا يتجزأ يصير قابلًا بما هو يقبل ويعاني الحركة التي يوصلها إليه المحرك. إذا كان كل ما لا يتجزأ يحرك نفسه: من غير أن يتلقى الحركة من الخارج. محرك في جزء ومحرك في جزء آخر: قد وضح في «الطبيعة» أن المحرك الذي يعطي الحركة الذاتية لنفسه يجب أن يفهم على أن له جزأين؛ أحدهما يتلقى الحركة التي يعطيها له الآخر، مع أنه يبقى بكله غير متحرك، ر. الطبيعة ك٨ ب٦ ف٥ ص٦٠١ من ترجمتنا. في الشيء بعينه: وهو محال لأن الضدين لا يجتمعان في آن واحد في شيء واحد، بل يجب أن يتعاقبا عليه. بالعدد: أو بالشخص. بل بالقوة أيضًا: يعني أنها يمكن أن تنفعل بالضدين معًا. وكلمة بالقوة هنا ليس لها معناها العادي.
(١٨) يجب عليهم أن ينتبهوا: ليس النص على هذا القدر من الضبط، فظننت واجبًا عليَّ أن أقسم الجملة والفكرة لأجعلهما أكثر بيانًا. حتى لو كانت المسام مليئة: أو «مملوءة» بالمواد التي يمكن أن تجتازها لتفعل في الأجسام وتغيرها بأي طريقة كانت. انفعل … بالطريقة عينها: ويعاني الفعل الذي قد يعانيه بدون أن يكون له مسام أو إذا كانت المسام خالية. كل ما يقبل: أضفنا هذه الكلمات.
(١٩) النظر: من خلال الأوساط، وكما قيل آنفًا «من خلال الأجسام الشفافة» التي هي مفترضة ذوات مسام يمر منها الضوء. بالتماسات: حفظت عبارة النص على حالها مع كونها غامضة. ولم يك شرح فيلوبون ليزيل هذا الغموض، وقد ينبغي أن يفهم أن الضوء إنما يلامس سطوح الأجسام الشفافة وينفذ فيها هكذا. إذا كانت المسام كلها مليئة: بجسم يكون الضوء مضطرًّا لطرده أمامه ليأخذ مكانه ويجتاز الجسم الشفاف. بين أن يكون لها مسام وبين ألا يكون لها ألبتة: ليس في النص هذا الترديد الذي ظهر لي ضروريًّا لتبيين الفكرة. ما دام أن الكل سيكون مليئًا على السواء: إما باتصال الجسم نفسه وإما بامتلاء المسام. هذه المسام: النص غير محدود تمامًا. الصعوبات أنفسها: التي جيء على بيانها، ويقال في الجزئيات الموجودة في المسام ما كان يقال أولًا في المسام أنفسها. أن الصغير خال: حفظت بناء جملة النص على ما هو عليه. والمراد بالصغير ها هنا الجسم القليل الامتداد. أن الخلو هو شيء آخر غير مكان الجسم: الفكرة غامضة قليلًا، ولم أجد في شرح فيلوبون شيئًا يوضحها على قدر الكفاية.
(٢٠) وعلى جملة من القول: هذا هو محصل المناقشة السابقة. وقد استنتج أرسطو أن نظرية الفعل والانفعال لا حاجة بها إلى فرض المسام الذي تخيَّله بعض الفلاسفة. في آخر: أضفت هاتين الكلمتين. وإذا كان إنما يفعل بالمس: يعني بأن يلمس مباشرة الشيء الذي يقع عليه فعله. كلما وضعها الطبع: ليس النص على هذا القدر من الضبط.
(٢١) إنما هو خطأ: ملخص كل هذه المناقشة. قابلة للتجزئة مطلقًا في كل جهة: ليس في النص إلا كلمة واحدة. أن تنفصل: وتعمل لأنفسها مسام كما فسره فيلوبون.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤