أهداف الكتاب
هدف هذا الكتاب إرساء دعائم علاقات أفضل بين الأعراق، وذلك بالكشف عن حقيقة أساسية بشأن إسهام القارة الأفريقية في الحضارة الإنسانية. ولا بد وأن يستقر — في الأذهان — أن أول درس في الإنسانيات هو أن نجعل الناس يدركون دورهم وإسهامهم في الحضارة. والدرس الثاني تعليمهم أمور حضارات الآخرين. وعن طريق بذر الحقائق بشأن حضارات كل شعب على حدة، سوف يتولَّد، بالتالي، فهمٌ أفضل فيما بينهم، وتقدير صائب سديد من بعضهم إلى البعض الآخر. وترتكز هذه الفكرة على مفهوم العقل الموجه الأعظم: عليك أن تعرف الحقيقة، وسوف تجعلك الحقيقة حرًّا. ومن ثَم فإن الكتاب محاولة للإبانة عن أن أصحاب الفلسفة اليونانية الحقيقيين ليسوا هم اليونانيين القدماء، بل شعب شمال أفريقيا الذي اصطلحنا على أن نسميهم المصريين، وإن الثناء والتكريم الذي حظي بهما اليونانيون — زيفًا — على مدى قرون إنما أحق بهما شعب شمال أفريقيا والقارة الأفريقية بالتالي، ومن ثَم فإن هذه السرقة — للتراث الأفريقي — على أيدي اليونانيين القدماء قادت إلى رأي عالمي خاطئ يقضى بأن القارة لم تسهم بشيء في تاريخ الحضارة، وأن شعوبها — بالتالي — شعوب متخلفة بطبيعتها؛ هذا هو التضليل الذي أضحى أساسًا للانحياز العرقي، والذي أضرَّ بجميع الشعوب الملونة.
ظلَّ العالَم قرونًا طويلة مخدوعًا بشأن المنشأ الأول للفنون والعلوم، وظلَّ سقراط وأفلاطون وأرسطو قرونًا طويلة موضعَ تأليه، زيفًا وبهتانًا، باعتبارهم رموزًا لعظمة الفكر؛ وظلَّت القارة الأفريقية قرونًا تحمل اسم القارة المظلِمة؛ لأن أوروبا استأثرت بشرف نقل الفنون والعلوم إلى العالَم.
وإني لسعيد أي سعادة إذ أستطيع أن ألفت أنظار العالم إلى هذه المعلومات، وبهذه يمكن من ناحية أن تصل الحقيقة إلى جميع الأعراق والمعتقدات، ومن ثَم تتحرر من تلك الانحيازات التي أفسدت العلاقات الإنسانية. ويمكن، من ناحية أخرى، أن يتحرر كل من هم من أصل أفريقي من عبودية عقدة النقص؛ ويدخلون حقبة جديدة من الحرية يشعرون خلالها بأنفسهم أحرارًا، لهم كل الحقوق والامتيازات الإنسانية.