الفصل السادس

المُبادلات التجارية للنسِيج في بلدان الغرب الإسلامي (٥–٩ﻫ/١١–١٥م)

كان لمنطقة الغرب الإسلامي دورٌ بارز في تنشيط حركة التجارة للنسِيج؛ لما تمتعت به مُدنه من كثرة وتنوِّع الإنتاج وتصدير ما يفيض عن الحاجة في الأقاليم والمُدن والقرى المعروفة بوفرة هذا الإنتاج، فضلًا عن العديد من المراكز الصناعية المعروفة بالمهارة والدقة؛ فتنوعت صادراته ووارداته بين منتجات خام ومنتجات مُصنَّعة حُمِلَتْ للخارج والداخل وباتجاهاتٍ مختلفة، نتيجة لاتساع رُقعتها خاصة على سواحل البحر المتوسط والمحيط الأطلسي؛ مما ساعد على سهولة الاتصال والتبادل التجاري للنسِيج وعكست تشعُّب العلاقات التجارية لتلك المنطقة.

(١) أشكال المُبادلات التجارية للنسِيج في بلدان الغرب الإسلامي

اعْتُبِرَ الغرب الإسلامي مُوردًا ومُستهلكًا للنسِيج خلال فتراتٍ طويلة من تاريخه خاصة إبان فترات الازدهار السياسي والاقتصادي، فشهدت مُدنه تطورًا ملحوظًا فيما يتعلق بصناعة وتجارة النَّسيج؛ لذلك ازدهرت علاقاته التجارية مع المناطق المختلفة خاصة الغرب الأوروبي،١ فعمد بعض التجار إلى الوفاء بتعهداتهم في جلب السلع والبضائع النَّسيجية، وإن اضطرهم الأمر إلى أن يدفعوا من أموالهم مقابل عدم فقدانهم لسمعتهم التجارية، ففي رسالة من مازرا بصِقِلِّيَّة عام ٤٥١ﻫ/١٠٥٩م، ونظرًا لبعض الأمور وتأخر وصول سفن التجار المحمَّلة بالكَتَّان انخفض سعره عما كان مقررًا، ففي البداية رفض التجار أن يدفعوا، ولكن للمحافظة على مكانتهم التجارية دفعوا فقط خوفًا من أن يفقدوا سمعتهم.٢

(١-١) المُنتجات النَّسيجية الخام

من بين المنتجات التي دارت في فَلك المبادلات التجارية للنسِيج في مُدن الغرب الإسلامي؛ القُطْن، فكان يُنقَل من إِفْرِيقِيَّة وغيرها من البلاد كما في البَصْرة «ولها غلاتٌ كثيرة من القُطْن المحمول إلى إِفْرِيقِيَّة وغيرها.»٣ ومن مدينة تادلة ذات الإنتاج الوفير فكان «يخرج القُطْن كثيرًا ويسافر إلى كل الجهات.»٤ ونفس الأمر في مدينة داي فبها كثير من القُطْن حتى إن أهلها لا يحتاجون لأي قُطْنٍ آخر بخلاف ما تُنتجه أراضيهم لكثرته وجودته،٥ وصَدرت سِجِلْماسَة القُطْن إلى سائر بلاد المغرب لكثرة إنتاجه.٦
واعْتُبر القُطْن من السلع الأندلسية المهمة التي صُدِّرت للعديد من المناطق، فيذكر ابن غالب٧ عن شهرة الأندلس بالقُطْن فأصبح من السلع التي تدخل في قائمة صادراتها، قائلًا: «ويعم آفاق الدنيا منها، ويتجهَّز إلى القَيْروان وغيرها.» وفي جبل الشرف ونظرًا لطبيعة تربته التي جعلت قطنه يتميز بالكثرة والجودة؛ ففاض عن حاجتها فيصدر إلى باقي البلدان،٨ وما اشتهرت به إِشْبِيلِية بتصدير القُطْن فيذكر العذري:٩ «ويجتاز به المتجهزون من التجار إلى إفريقية.» وأشار ياقوت الحموي١٠ لشهرة إِشْبِيلِية بتجارة القُطْن حيث يقول: «فإنه يُحمل منها إلى جميع بلاد الأندلس والمغرب.» وهو ما أكده الحِمْيَري١١ بقوله: «ويتجهز به التجار إلى إِفْرِيقِيَّة وسِجِلْماسَة وما والاها.»
بجانب القُطْن وُجِدَ الكَتَّان على رأس المبادلات التجارية كمادةٍ خام نسيجية في بلدان الغرب الإسلامي ومنتجٍ مهم في تجارته، فاشتهرت البَصْرة بإنتاج الكَتَّان فكان سكانها يتبايعون به،١٢ وحُمل من تونس للقيروان «فيظهر الانتفاع به.»١٣ وإلى إِفْرِيقِيَّة وغيرها من البلاد،١٤ واشتهرت كل من فزرونة ومتجية بالكَتَّان الجيد؛ فمنها يُحمل إلى العديد من البلدان.١٥
وأدرج الكَتَّان ضمن صادرات الأندلس،١٦ خاصة من فحص إِلْبيرَة فصُدر لأقاصي البلاد،١٧ وحُمل من مدينة لاردة إلى جميع نواحي الثغور.١٨
فضلًا عن صِقِلِّيَّة التي اشتهرت بتصدير الكَتَّان الجيد والرقيق،١٩ فكان يُتجهز بالكَتَّان الكثير خاصة من قرية ميلاحي.٢٠
وعُدَّ الكَتَّان من أهم الواردات لمُدن الغرب الإسلامي بمختلف أصنافه إبان القرن ٥ﻫ/١١م خاصة القادم من مصْر كي يلبِّي احتياجاتها من صناعة الثياب والمَنْسوجات وبخاصة المُدن التونسية لإنتاج المَنْسوجات الكَتَّانية الفاخرة كالثياب السوسية،٢١ فقد ذكرت وثائق الجنيزة العديد من بالات وعدول الكَتَّان التي أُرسلت من مصْر إلى تُونس لعمل ثِياب السوسيات،٢٢ وذُكر أن تاجرًا يهوديًّا أرسل إلى إِفْرِيقِيَّة ١٧٩ عدلًا من الكَتَّان يتراوح وزن الواحد منها ما بين ٤٥٠ إلى ٦٠٠ رطل.٢٣
واعْتُبر الصوف من المواد الخام النَّسيجية التي وردت من بلدان الغرب الإسلامي وصُدرت له من كثير من المناطق، فحُمل الصوف من تلمسان إلى الأندلس،٢٤ ونُقل إلى بلدان الغرب الأوروبي من مرسى هنين ووهران ومستغانم وتنيس وشرشال إلى ميورقة،٢٥ والجمهوريات الإيطالية وفرنسا،٢٦ وصُدرت الأغنام — الغنم والمعز والأبقار — للأندلس من مرسى فُضالة،٢٧ ونُقل الصوف — في بعض الأوقات — لميورقة مع جزز الأغنام المغربية لباقي مُدن الأندلس، وورد الصوف من المشرق خاصة من الإسْكَنْدَرِيَّة كما تذكر وثائق الجنيزة، ففي رسالة مستهل القرن ٦ﻫ/١٢م أُرسلت شحنة من الصوف من الإسْكَنْدَرِية إلى ألمَرِيَّة «حَمَلَت الصوف على ظهر المركب … إجمالي تكاليف الشحن ستة دنانير، دُفعت منها ثلاثة دنانير، وسوف يُدفع الباقي في ألمَرِيَّة بعد الوصول بالسلامة.»٢٨ كما قصد التجار مدينة عِنَابة لشراء الصوف،٢٩ وزودت مديونة مدينة فاس بالبرانس المديونية الصوفية الشهيرة التي لا ينفذ منها المطر،٣٠ كما ورد لسبتة الصوف من جنوة في أواخر القرن ٦ﻫ/١٢م،٣١ وصُدر الصوف من بجاية وتونس وجربة وطرابلس إلى مُدن مرسيليا وجنوة وبيزة والبندقية،٣٢ وعلى الرغم من ذلك فقد حُمِلَت الأغنام من جبل الشارات بقُرْطُبَة لباقي المُدن والأقاليم الداخلية والساحلية، وضرب بها المثل في جميع الأقطار، وفي هذا الصدد يقول الإدريسي:٣٣ «وفي هذا الجبل من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون إلى سائر البلاد.»
وعن الحرير فقد اشتهرت عدة مُدن وبلدان غرب إسلامية بإنتاجه، كالحرير القَابِسي والسوسي بالإضافة إلى الحرير الأندلسي، والخز، والحرير السيراكوزي الصقلي؛ فالحرير القَابِسي كان من بين المنتجات التي صُدرت للعديد من البلدان إبان القرن ٥ﻫ/١١م، فقد ذكر التاجر بارهون بن موسى التاهرتي الحرير القَابِسي في خطاب مؤرخ عام ٤٤٤ﻫ/١٠٥٢م، وذَكر التاجر سلامة بن موسى في عام ٤٥٤ﻫ/١٠٦٢م يشتكي من قلة الكميات المتوافرة منه.٣٤
وَعُدَّ حَرِير اللاسين Lasin أرخص أنواع الحرير وهو نوع متدني الجودة يُنتَج في بعض مُدن المغرب وصِقِلِّيَّة، وقد أُشير إليه في وثائق الجنيزة، ففي رسالة أرسلها التاجر نسيم بن خلفون ذكر أن سعره لا يتعدَّى درهمًا للرطل الواحد، بالإضافة لأنواعٍ أخرى من الحرير، فعلى سبيل المثال طلب التاجر نيهوراي بن نسيم من التاجر يوشا بن إسماعيل المخموري أن يفحص ويراجع قافلة من الحرير قادمة إليه من الإسكندرية تحمل أنواعًا مختلفة من الحرير كالحرير «المفتول، المنجود، المصلب، والحرير التقاط» وغيرها، ولعل هذه هي صفات حَرِيرية وليست أنواعًا.٣٥
وخرجت شحنات الحرير من المُدن الأندلسية إلى أسواق البلدان الأخرى، واعْتُبر واحدًا من المنتجات الأساسية في التجارة بين الأندلس وبين مصْر، والشاهد على ذلك أحد حسابات التاجر نيهوراي بن نسيم لعام ٤٣٨ﻫ/١٠٤٦م، التى يُستشهد منها بوجود دخلٍ مالي وأرباح نتيجة المتاجرة بالحرير الأندلسى،٣٦ كما ذكر ابن حوقل٣٧ أن «بالأندلس غير طراز يرد إلى مصْر ومتاعه، وربما حُمل منه شيء إلى أقاصي خراسان وغيرها.» ويقول٣٨ أيضًا: «فأما أرديتهم المعمولة ببجانة فتُحمَل إلى مصْر ومكة واليمن وغيرها.» ويشير ابن الفقيه٣٩ إلى أن الخز والوبر من دبر السمور كانت من الصادرات الأندلسية المهمة.
واستمر نقل الحرير الأندلسي من غَرْنَاطَة في عصر بني نصر إلى العديد من البلدان، ففي عام ٧٥٠ﻫ/١٣٥٠م شُحنت كمية من الحرير الغرناطي إلى ميناء بروجس بأوروبا،٤٠ كما أُرسلت شحنات الحرير إلى ميورقة، فيقول الزهري٤١ عن ذلك: «ولا يعرفون الحرير ولا ثمرته إلا ما يُجلب إليهم من بلاد الأندلس والشَّام.»
واعْتُبرت صِقِلِّيَّة أحد المراكز المهمة في الحرير؛ فكان من أكثر الصناعات والتجارات المتداولة بها،٤٢ فغادرت شحنات الحرير الصقلي متجهة نحو مُدن الشرق خاصة من الموانئ الجنوبية لصِقِلِّيَّة في طريقها للإسكندرية ومنها إلى الفسطاط، واختلفت نوعياته ما بين حَرِيرٍ خام ومغزول أو منسوج،٤٣ فهناك دلائلُ أوليةٌ على وجود قوافلَ تجاريةٍ كبيرة من الحرير متجهة من صِقِلِّيَّة إلى مصْر، وهذا يظهر من خلال خطاب التاجر موسى بن يحيى المجانى إلى التاجر بنيامين بن يوسف عام ٤١٦ﻫ/١٠٢٥م، وكذلك في خطاب التاجر صامويل الدانى من باليرم، الذي كتب في ذلك التاريخ خطابًا إلى أبي إسماعيل بن إبراهيم يذكر فيه أنه أرسل أكثر من عشرة أرطال من الحرير بتكلفة عشرة دنانير إلى زوجته المطلَّقة في مصْر؛ ليوفي لها ما اشْتُرط عليه في عقد الزواج، وهناك إشارات أخرى تظهر في خطاب التاجر حسن بن إسحاق الخولانى إلى ابن حوقل في مطلع القرن ٥ﻫ/١١م — ربما كُتب في الإسكندرية — يشير إلى نوع من الحرير قادم من صِقِلِّيَّة معبأ بين شحنة من الجلود من أجل حمايته من الماء، بالإضافة لإشارةٍ أخرى تشير لنوعٍ آخر من الحرير السيراكوزي وردت في أوراق الجنيزة في خطاب مؤرَّخ عام ٤٤٠ﻫ/يناير ١٠٤٨م.٤٤
واشتهرت مدينة لقنت بالحَلْفاء، ومنها يتجهز إلى جميع بلاد البحر كمادةٍ خام أو على هيئة مصنوعات ومنتجات صُنعت من الحَلْفاء،٤٥ واختصت مدينة شاطبة بالكاغد؛ فَعُدَّ من أهم الصادرات الأندلسية التي لها رواج في أسواق بلاد المشرق والمغرب، وفي هذا يقول الإدريسي: «بها [أي شاطبة] من الكاغد ما لا يوجد له نظير بمعمور الأرض ويعم المشارق والمغارب.»٤٦

(١-٢) المنتجات الصناعية (المَنْسوجات)

نشأت علاقاتٌ تجارية بين بلدان الغرب الإسلامي والبلدان والمُدن المختلفة خاصة فيما يتعلق بتجارة المَنْسوجات؛ ففي الأندلس اعْتُبرت تجارة المَنْسوجات أكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد الأندلسي، وبالأخص المَنْسوجات الحريرية، على الرغم من أن الكَتَّان والصوف والقُطْن نالوا قسطًا من التجارة الدولية للنسِيج الأندلسي.٤٧
ويشير الونشريسي٤٨ إلى أن تجار النَّسيج في قيسارية بجاية ربطتهم صلات تجارية مع تجار من مازونة٤٩ في شراء وبيع الحرير والمَنْسوجات خاصة الحنابل، بالإضافة للأقمشة الكَتَّانية والصوفية والحريرية التي حُمِلَتْ لمختلف الأقطار والبلدان فوصلت إلى الهِنْد،٥٠ كما اعْتُبر من أهم الواردات لأسواق الغرب الإسلامي من مُدن الغرب المسيحي الأقمشة القُطْنية، وأقمشة الكَتَّان، وأقمشة القُنَّب الخشنة، وبعض الأقمشة الصوفية والأغطية الصوفية، والأقمشة القادمة من فلورنسا، وإنجلترا، وإيطاليا،٥١ وقَدِمت لأسواق الغرب الإسلامي الأقمشة الحريرية المطعمة بالذهب والديباج من بلدان الغرب المسيحي،٥٢ بالإضافة للأقمشة القادمة من فرنسا وجنوة وميلان.٥٣
وحظيت مَنْسوجات وأقمشة المغرب بشهرة في مصْر وبالأخص القاهرة، ففي رسالةٍ مؤرَّخة في أواخر القرن ٥ﻫ/١١م مُرسلَة للتاجر أبى الفرج بن نسيم الرقي بالإسكندرية، من التاجر سلمان بن إبراهيم الرقي بالفسطاط، تذكر بشأن الأقمشة المغربية: «أخبرت أبا سعد عن الأقمشة التي أحضرتها من المغرب، فقال إنه أوصى بإحضارها إلى هنا [الفسطاط] … أرجو إرسال هذه الأقمشة إذا وُجد من ينقلها.» وفي هذا اشارة إلى كثرة الطلب على الأقمشة المغربية لجودتها، على عكس جباب الصوف؛ فلم تلاقِ الرواج الأمثل في ذلك الوقت بسبب حالة الركود التي أصابت الأسواق المصْرية في هذا الوقت، على عكس الأقمشة «فجباب الخز لا تسوى شيئًا؛ فالجبة تُباع بأقل من أربعة دنانير، الرجاء إعلام أبى الحسن بذلك.»٥٤
ومن مُدن المغرب الأدنى التي اشتهرت بمَنْسوجاتها قابس؛ فكانت كثيرة الحرير والصوف،٥٥ بالإضافة لسجاد قابس الذي عُرف باسم «القيلة» أو العرش فهو من النوعيات القيمة الحسنة، ويتكوَّن من قطعتَين باللون الأخضر، فكان على رأس السلع المصدَّرة لباقي البلدان،٥٦ كما جُلبت أنواع من الأقمشة الصوفية من القَيْروان إلى أسواق أَوْدَغَسْت،٥٧ واشتهرت سوسة بجودة مَنْسوجاتها وغزلها فحُمِلَتْ شرقًا وغربًا،٥٨ وعلى وجه الخصوص الثياب الرفيعة السوسية المرتفعة الثمن والمعروفة فَصُدِّرت إلى العديد من البلاد،٥٩ فصُدِّرت لمصْر وخاصة لمدينة الإسكندرية،٦٠ لهذا كانت سوسة مقصدًا للتجار، عامرة بالناس، كثيرة المتاجر «قاصدون وعنها صادرون بالمتاع الذي يعدم قرينه من أنواع الثياب والعمائم المنسوبة إليها.»٦١ وتونس التي اشتهرت بالقماش الإفريقي «ولجودته أُطلق عليها النصافي البغدادية، وعُدَّت من أحسن كساوي المغرب.»٦٢ وحُمِلْت الثياب الكَتَّانية من تونس إلى تلمسان عن طريق التجار «أن قافلة وردت من تونس وكانوا يجلبون ثِياب الكتان ويحملون ثِياب الصوف.»٦٣
هذا وتُجهَّز من المهدية بالثياب الرفيعة إلى العديد من البلدان فيقول الحميري:٦٤ «وتُعمل بها الثياب الرفيعة الجيدة ويُتَجَّهز بها إلى الآفاق.» كما عمل بقسطيلية الصوف في أغلب نواحيها وبمختلف أنواعه من «الشقة والكُسى والحَنْبَل، إلى سائر ما يُعمل منه، يُحمل منها إلى جميع الأقطار.»٦٥
ومن مُدن المغرب الأوسط؛ قسنطينة التي اعْتُبِرَت من مراكز إنتاج المَنْسوجات الكَتَّانية حيث منها صُدرت لمُدن الجنوب في السودان،٦٦ ومَنْسوجاتها الصوفية لأنها «كثيرة الخصب … بها الصوف من أغنام العربان.»٦٧ وجربة مقصد التجار فحَملوا منها الأكسية والمَنْسوجات الصوفية الناعمة من عمائم وأردية صُدِّرت للعديد من البلدان،٦٨ وقد عُرِفَت ﺑ «الأكسية الملاح»،٦٩ فيذكر عبد الباسط بن خليل:٧٠ «فأوسق التجار منها الزيت الكثير وأنواع الأكسية.»
وقصد التجار مدينة وهران خاصة التجار الفلنديين لشراء مَنْسوجاتها وأكسيتها، فيقول ابن عبد الباسط:٧١ «في يوم تاسع عشرينه، ورد إلى ساحل مدينة وهران شونةٌ عظيمة من مراكب الفرنج الجنويين برسم الاتجار في الجوخ، وكانت وردت من المحيط من بلاد فلنده ونحوها من بلاد الفرنج بالمحيط، وتجهَّز كثير من تجار وهران وتلمسان للسفر فيها إلى جهة بلاد تونس.» بالإضافة لتلمسان وثيابها المعروفة والمشهورة بالثياب التلمسانية والمصنَّعة من صوف وحَرِير، فذاعت شهرته في كثير من المواضع،٧٢ فَيُحمل منها الصوف وسروج الخيل إلى أقاليم بلاد المغرب،٧٣ فيذكر ابن سعيد:٧٤ «تُحمَل ثِياب الصوف المفضلة على جنسها المصنوع في سائر المغرب.»٧٥
وصَدَّرت مُدن المغرب الأقصى منتجاتها النَّسيجية كسبتة؛ فقد حُملت مَنْسوجاتها الكَتَّانية إلى البلدان في الشرق والجنوب والشمال بفضل تجارها والتجار الواردين إليها، فكان «الكبوط» الكتاني يُصدَّر إلى بلدان الغرب المسيحي،٧٦ اشتهرت مدينة ونة «بتجارة الغنم والصوف والماشية من الدواب.»٧٧ ومرسى فضالة؛ فمنه يُحمل الغنم والمعز المصدر الأساسي للأصواف،٧٨ وحُمِلَتْ ثِياب نفزاوة إلى المُدن المصْرية وبخاصة الإسكندرية؛ لدقة صنعتها وجودتها العالية، فلاقت رواجًا ومطلبًا كبيرًا،٧٩ ومَنْسوجات مكناسة ذائعة الصيت خاصة المصنَّعة من الحرير والقُطْن أو القُطْن والصوف، فانتشرت في بلدانٍ كثيرة لنعومتها وجودتها، فبيعت في مدينة فاس بشكلٍ كبير،٨٠ بالإضافة لتاجرفت التي اشتهرت بالأردية الصوفية،٨١ كما عُرِفَت مدينة محرس بأقمشتها الصوفية التي حملها تجار القيروان،٨٢ وأغمات التي عُرِفَت بالأكسية والمَنْسوجات الصوفية من عمائم وأردية فَحُمِلَتْ إلى بلدان السودان،٨٣ ونُقل لمنطقة أرجان — إحدى مُدن السوس الأقصى — من الأندلس «ثياب الكَتَّان والحرير وغير ذلك من متاع الأندلس.»٨٤ ويسجل ابن حوقل٨٥ نصًّا تفصيليًّا عن المنتجات والسلع التي كانت تَرِدُ إلى المغرب الأقصى من بلاد الأندلس قائلًا: «الزيبق والحديد والرصاص ومن الصوف قطع كأحسن ما يكون من الأرمني المحفور الرفيع الثمن إلى حسن ما يُعمَل بها من الاغاط ولهم من الصوف والأصباغ فيه … وبالأندلس مصبغ اللبود المغربية المرتفعة الثمينة والحرير وما يؤثرونه من ألوان الخز والقز ويُجلب منها الديباج … ويُعمل عندهم الخز السكب والسفيق.»
واشتهرت المناطق الأندلسية بمَنْسوجاتها التي غزت الأسواق الخارجية والداخلية في مناطق الغرب الإسلامي، فأكد ابن حوقل٨٦ على تصدير الديباج الأندلسي بقوله: «ويُجلَب منها الديباج.» ويخبر المقدسي٨٧ أن «من الأندلس بزٌّ كثير وخصائص وعجائب.» وتُجلَب الأقمشة الكَتَّانية والأردية الأندلسية الجيدة إلى مصْر واليمن ومكة «ويُعمل في أقطار بلدهم الكَتَّان الدني للكسوة، ويُجلب إلى غير مكان، حتى ربما وصل إلى مصر منها الكثير، فأما أرديتهم المعمولة ببجانة فتُحمل إلى مصر ومكة واليمن وغيرها.»٨٨
وحُمِلَت الثياب السرقسطية المشهورة بالجمال والبراعة من قِبَل التجار إلى سائر المُدن والأقاليم الأخرى،٨٩ وعُرِفَت بلنسية بالنَّسيج البلنسي الذي يُصدَّر إلى بلاد المغرب،٩٠ والبيرة التي صَدرت الحرير، وفي هذا يذكر الحميري:٩١ «وحَرِير فحص البيرة هو الذي ينتشر في البلاد، ويعم الآفاق.»
كما حُمِلَت الحلل الموشاة من ألمَرِيَّة، ويشير شيخ الربوة٩٢ بقوله: «وقصدها التجار لشراء الحرير وما يُعمل فيها من الستور وغيرها.» وقد لاقت رواجًا كبيرًا في العديد من البلدان في الإسكندرية وبلاد الشَّام والهِنْد،٩٣ فضلًا عن الصناعات الحريرية المقلَّدة التي صُنعت بألمَرِيَّة من نَسِيج الحرير من الديباج والوَشي والسَّقلاطوني والبغدادي والستور،٩٤ فأنتجت «الأصبهاني والجرجاني بالإضافة إلى الستور الملكية والثياب المعينة والخمر والعتابي والمعاجر وصنوف أنواع الحرير»،٩٥ التي طابقت في جودتها ودقَّتها أماكنها.٩٦
وبيعت المَنْسوجات المقلَّدة من الحرير ذات السمعة الجيدة من الجرجانية وغيرها في ألمرية.٩٧
وأنتجت ألمرية كذلك ثِياب الحرير وخاصة المُوَشَّاة بالذهب ذات الصنائع الغريبة التي تُصدَّر إلى المشرق والمغرب، وتُباع بأغلى الأسعار، وربما تجاوز ثمن الحلة الواحدة الآلاف، واستمرت في إنتاجها حتى القرن ٨ﻫ/١٤م، وتزعَّمت مالقة إنتاج مَنْسوجات الحرير وصدَّرته بكمياتٍ كبيرة إلى البلدان الخارجية فكانت «أكثر بلاد الله حَرِيرًا.»٩٨ لأهميتها التاريخية التي انعكست على مكانتها التجارية،٩٩ كما اتجهت المَنْسوجات الحريرية القادمة من نارجة نحو بلدان المغرب ومصْر والأمراء المسيحيين في ممالكهم، وتشهد المُدوَّنات النصرانية بكثرة إنتاج مالقة للديباج المُوَشَّى من الثياب عند حديثها عن سفن قشتالية قدمت لمالقة عام ٨٠٦ﻫ/١٤٠٤م، وعادت محمَّلة بالضيافة من مَنْسوجات الحرير المُوَشَّى التي اتصفت بالجودة والرقة،١٠٠ ومَنْسوجات حصن بكيران البيضاء التي كانت مفضَّلة ومحبَّبة لأهل الأندلس؛ لهذا ارتفعت أسعارها بطريقةٍ كبيرة؛ نظرًا للإقبال عليها، وراجت تجارتها، وأخذ التجار يُصدِّرون كمياتٍ كبيرةً منها،١٠١ ووصلت الثياب المرسية حتى بلاد الحبشة، وفي هذا يقول الزهري:١٠٢ «يُجلَب إليها [أي بلاد الحبشة] من بلاد الأندلس … الثياب المرسية.» وغفارات قلعة أيوب المُذَهَّبة التي حُمِلَتْ للعديد من الجهات،١٠٣ وأمتعة شاطبة التى صُدِّرت إلى بلاد السودان وغانة وجميع بلدان المغرب.١٠٤
وصُدرت البُسُط إلى الكثير من البلدان، وخاصة البُسُط التي تُصنَع بقرية تنتالة «فاختصت بالبسط التنتالية التي تسافر لبلاد الشرق.»١٠٥ وصدرت الأندلس لمُدن المغرب الألبسة والأقمشة الكَتَّانية والصوفية، بجانب الحرير والديباج والخز إلى جانب اللبود الغالية الثمينة،١٠٦ بالإضافة إلى العديد من السلع كاللك والبخور والنيلة التي يتم مقايضتها بالحرير الأندلسي،١٠٧ ولا يُستبعد أن يكون القُطْن الأشبيلي نُقل إلى أسواق أَوْدَغَسْت، كما يُستنتج من قول الحميري:١٠٨ «والقُطْن يجود بأرضها، يعني إِشْبِيلِية، ويعمُّ بلاد الأندلس ويتجهز به التجار إلى إِفْرِيقِيَّة وسِجِلْماسَة وما والاها.» كما لاقت الثياب الكَتَّانية الصِّقِلِّيَّة رواجًا تجاريًّا في العديد من المناطق خاصة في الأسواق المصْرية؛ فكان الثوب الصقلي المصنوع من الكَتَّان يساوي أكثر من عشرة دنانير مصْرية.١٠٩

(٢) المبادلات التجارية للنسِيج في الغرب الإسلامي

(٢-١) الأهمية التجارية لموانئ الغرب الإسلامي

كان للموقع المتميز والفريد، الذي حظيت به مُدن وموانئ الغرب الإسلامي، دور في تيسير عملية الاتصال بالعالم الخارجي وارتباطه بالأسواق الخارجية وموانئ الغرب الأوروبي في جنوب إيطاليا والموانئ الإسبانية والموانئ الفرنسية، إضافة إلى جزر البليار (ميورقة، منورقة، يابسة)، التي اعْتُبِرَت من أهم المحطات الرئيسية للتجارة البحرية في غرب البحر المتوسط، إضافة إلى صِقِلِّيَّة التي كانت من المراكز التجارية المهمة في البحر المتوسط بشقَّيه الغربي والشرقي ومصْر وبلاد الشَّام، ولأقاصي بلاد الشرق في الصين والهند، فلها دور لا يُغفَل في عمليات النقل التجاري وشحن وتوزيع البضائع سواء إلى داخل البلاد أو خارجها، واستقبال البضائع القادمة من السودان ومُدن المغرب الأقصى وغيرها من البلدان، وتصديرها لبلاد الأندلس ومُدن الغرب المسيحي، فكان لها دور في تنشيط حركة التبادل التجاري، فتعددت تلك الموانئ؛ منها ما يقع على ضفاف حوض البحر المتوسط أو على ساحل المحيط الأطلنطي، ويُذكر منها:

ميناء طنجة الذي ازدهرت به الحركة التجارية، واعْتُبر محطةً مهمة لاستقبال وإقلاع الكثير من السفن التجارية،١١٠ وميناء أصيلة كان مقصدًا بارزًا للسفن التجارية،١١١ وميناء سلا الذي اعْتُبر من أهم موانئ المغرب الأقصى، والذي يقع على المحيط الأطلنطي، فكان محطًّا للسفن القادمة من الأندلس، كما يصفه الإدريسي١١٢ بقوله: «ومراكب أهل إِشْبِيلِية وسائر المُدن الساحلية من الأندلس يُقلعن عنها ويحطون بها بضروب البضائع … والمراكب الواردة عليها لا تُرسي منها في شيء من البحر لأن مرساها مكشوف.»
وعُدَّ مَرسى باديس من أهم الموانئ التي صَدَّرت السلع التجارية القادمة من فاس ووزَّعتها إلى الأندلس والمُدن المسيحية، ومرسى فُضَالة كان مقصدًا للعديد من التجار الأندلسيين،١١٣ ومَرسى آنفى الذي تميَّز بكثرة الحركة التجارية منه وإليه،١١٤ ومَرسى سبتة الذي اعْتُبِر من أهم الموانئ التجارية في الحوض الغربي للبحر المتوسط، لأهميته التجارية حيث شبهه ابن سعيد١١٥ بالإسكندرية فقال: «شبه الإسكندرية في كثرة الحط والإقلاع، وفيها التجار الأغنياء الذين يبتاعون المركب بما فيه من بضائع الهِنْد وغيرها في صفقة واحدة، ولا يُحوِجون صاحبها إلى تقاضٍ.» ويضيف ابن الخطيب١١٦ واصفًا إياه بأنه «محطُّ قوافل العصير والحرير والكتان.»
وميناء وهران من الموانئ التجارية المهمة في الغرب الإسلامي، فكان يستقبل العديد من السفن والرحلات التجارية،١١٧ وميناء بجاية الذي اعْتُبر في المرتبة الثانية بعد ميناء تونس من حيث المكانة التجارية نتيجة للوضع التجاري الذي امتاز به،١١٨ فكان من أعظم الأسواق لكثرة تردُّد التجار عليه من شتى الأماكن والجهات، فمرساها «مرسًى عظيم، تحطُّ به السفن من كل جهة.»١١٩ ومرسى تونس تميَّز بطفرةٍ تجاريةٍ كبيرة نظرًا لكثرة السفن القادمة إليه، فيقدم الإدريسي١٢٠ صورة عن حركة السفن في ميناء تونس بقوله: «وإليه تصل المراكب الحاملة والشواني والحرابي تُرسي هناك … وأوساق المراكب تفرغ بوقور في زوارقَ صغار.»
كما اعْتُبر ميناء بونة من بين أهم الموانئ التجارية فزخر بشتى أنواع التجارة الواردة إليه «وكانت لها أسواقٌ حسنة وتجارةٌ مقصودة وأرباح موجودة.»١٢١ وكذلك جزيرة جربة التي كانت مستودعًا لكثير من بضائع الغرب الإسلامي، ودائمًا استفاد منها التجار الصقليون والكتالونيون، وميناء المهدية قصدته العديد من المراكب والسفن من مختلف الأماكن، يقول الإدريسي:١٢٢ «والمهدية مدينة لم تزل ذات إقلاع وحطٍّ، وهي مقصد للسفن الحجازية القاصدة إليها من بلاد المشرق والمغرب والأندلس وبلاد الروم.»
أما الموانئ الأندلسية فكانت تمثل الطرف الثاني في العديد من المُبادلات التجارية، وأحد شرايين الرواج الاقتصادي بالبحر المتوسط؛ لما بلغه الأندلس من مكانة تجارية كبيرة عن طريق موانئه وأسواقه التي زخرت بالتجار الوافدين إليه، وساعد ذلك على حرية الانتقال عبر الخطوط التجارية أو البحرية، والتي وفرت فرصًا أكبر للتواجد التجاري من خلالها،١٢٣ فتأثرت التجارة الأندلسية نتيجة الهجمات المتكرِّرة من القراصنة الأراجونيين والبرتغاليين خلال القرن الثامن والتاسع الهجريين/الرابع والخامس عشر الميلاديين، والتي تركَّزت على الموانئ الأندلسية والموانئ المغربية؛ مما أثر سلبًا على الحركة التجارية بها.١٢٤
ومن بينها ميناء بلنسية الذي نشأ اقتصادها على التجارة البحرية القائمة على التبادل التجاري بين موانئ البحر المتوسط،١٢٥ فكانت بلنسية ملتقًى تجاريًّا كبيرًا، تلاقت فيه المصالح التجارية للدول والمُدن المختلفة من جنوة وبيزا وأراجون وإسبانيا والمغرب وغَرْنَاطَة، إلى غيرها من مُدن الحوض الغربي للبحر المتوسط،١٢٦ وأيضًا ميناء مالقة؛ فموقعها الجغرافي على طرق الموصلات البحرية، ولكونها إحدى قواعد الأندلس التجارية؛ لذا أصبحت مَقصِدًا للمراكب والتجار من المشرق والمغرب وبلاد الإفرنجة وإسبانيا المسيحية والمدن الإيطالية،١٢٧ فزخرت بالعديد من البضائع والسلع التجارية، واعْتُبرت من أهم المحطات التجارية لنقل وتوزيع البضائع والسلع لمُدن غرب البحر المتوسط،١٢٨ وميناء لقنت وهو حصن من أعمال لاردة١٢٩ ومن المراكز التجارية المهمة في الجانب الشرقي من الأندلس، كان يصدر منها نبات الحلفاء إلى جميع بلاد البحر،١٣٠ ونظرًا لأهميته التجارية فقد تعرَّض لعدة غارات من قِبل القراصنة؛ مما أثر على الحركة التجارية به،١٣١ وميناء ألمرية فهو مرفأ الأندلس للحطِّ والإقلاع؛ إذ كانت تصل إليها المراكب من المشرق (الشام) ومن الإسكندرية،١٣٢ ولم يكن في بلاد الأندلس أعظم منها حركة في البحر في القرن ٦ﻫ/١٢م.١٣٣ كما وصل إليها التجار من جنوة وبيزا محمَّلين بمختلف الأمتعة، وكذا وصفها الإدريسي:١٣٤ «لم يكن بالأندلس كلها أيسر من أهلها مالًا ولا أتجر منهم في … أصناف التجارات تصريفًا وادخارًا.» فكانت من المراكز التجارية المهمة بفعل الإمكانات المادية التي تمتع بها أهلها بسبب سعة نشاطها التجاري، ومما يؤكد نشاط ميناء ألمرية ما قاله المقري١٣٥ عنها: «وبها كان محطُّ مراكب … ومجتمع ديوانهم، ومنها كانت تُسفَّر لسائر البلاد بضائعهم، ومنها كانوا يوسقون جميع البضائع التي كانت تصلح لهم، وقصد بضبط ذلك بها حصر ما يجتمع من أعشارهم، ولم يوجد لهذا الشأن مثلها؛ لكونها متوسطة ومتسعة قائمة بالوارد والصادر.»

(٢-٢) تجارة النَّسيج مع ممالك السودان والبلدان المشرقية

(أ) بلاد السودان والسودان الغربي

استطاعت المَنْسوجات الغرب إسلامية بفضل تنوع أصنافها وجَوْدتها غزو تلك الأسواق الواقعة جنوب الصحراء، ولم يقتصر ذلك على البضائع المصنَّعة بل شمل أيضًا الموادَّ الأولية، التي تختلف قيمتها من بلد لآخر،١٣٦ ومن الطبيعي أن ترتبط هذه المنطقة مع بلدان الغرب الإسلامي بعلاقاتٍ مميزة، وذلك بدافع وجود بعض المعطيات التي جعلت وجودها أمرًا حيويًّا بانتشار الإسلام في هذه المناطق، وما له من أثر في تقوية أواصر العلاقات السياسية بين الحكام إلى خلق علاقة بين الشعوب، واعتبار هذا الموقع امتدادًا طبيعيًّا لبلاد المغرب التي مثَّلت المنفذ الحيوي الوحيد الذي ربطها بالعالم، كما أن دور العناصر المغربية في نشر الإسلام والمساعدة في قيام بعض الكيانات كقيام دولة الكانم والبرنو أحد المؤثرات التي جعلت العلاقات بين المنطقتين تتجاوز الإطار السياسي لتصبح علاقاتٍ اجتماعيةً واقتصادية وثقافية.١٣٧
ووفَّرت بلدان الغرب الإسلامي لممالك السودان احتياجاتها من المَنْسوجات الحريرية التي حملها التجَّار المغاربة، والتي اختصَّت بها الفئة الحاكمة من برانس من حَرِير وديباج،١٣٨ فزخرت موانئ الغرب الإسلامي وازدهرت بالبضائع والسلع لا سيما القادمة من السودان وأفريقيا كالعاج والأعشاب الطبية بالإضافة إلى المواد الغذائية والنَّسيج والمعادن التي ظلَّت مطلبًا لتجار الغرب الأوروبي لفتراتٍ طويلة،١٣٩ فقام تجار إِفْرِيقِيَّة بدورٍ كبير في نقل السلع والبضائع القادمة من بلدان الغرب الأوروبي عبر موانئها إلى تلك المناطق، التي تمثل بالنسبة لهم مكانةً عظيمة،١٤٠ واعْتُبرت سبتة منفذًا مُهمًّا لتجارة المغرب والسودان الغربي ومركزًا لتصريف السلع والبضائع التي تَرِد إليه عن طريق تجار الغرب الأوروبي سواء من جنوة أو مرسيليا أو أراجون؛ مما أهلها لتحتلَّ مركز الصدارة بين موانئ البحر المتوسط الغربي،١٤١ بالإضافة لتلسمان التي استقبلت تجار الغرب الأوروبي لبيع مَنْسوجاتهم سواء القطنية التي صنعت ببيزا والبندقية، أو الصوفية المصنَّعة في فلورنسا، وكذلك المَنْسوجات الحريرية.١٤٢
وحُمِلَت الأقمشة لبلاد السودان عن طريق سكان بزو،١٤٣ فحصل تُجَّار الكانم على أنواع الثياب ﮐ «قصار حمر» عن طريق زويلة ومبادلتها بالرقيق،١٤٤ وحُمِلَ لبلاد الكانم والبرنو من المغرب أيضًا المَنْسوجات والثياب التي كانت تُصنَع محليًّا بها أو القادمة من بلدان الغرب الأوروبي، وتُصَدَّر إلى بلاد الكانم على هيئة أقمشةٍ صوفية وقُطْنيةٍ ملوَّنة، وكانت الثياب المجلوبة من مدينة سوسة محل إعجاب وقبول في دولة الكانم والبرنو.١٤٥
وكان لمدن المغرب الأدنى دور في تجارة السودان، فاكتسبت تاهرت أهميةً تجارية بوصفها محطةً تجاريةً مهمة بين السواحل المغربية وبلدان السودان؛ فكانت محطًّا للقوافل والبضائع، ومثَّلت سوقًا كبيرة ومعروفة، فيصفها اليعقوبي١٤٦ بقوله: «عراق المغرب»، فقصدها التجار من كافة البلدان، كما كان للواحات المغربية الواقعة ناحية الجنوب دور في قيام حركةٍ تجاريةٍ نشطة بينها وبين المناطق الشمالية لمُدن المغرب الإسلامي وبلاد السودان، بعد أن طُوِّرت تلك الواحات نفسُها بإنتاج صناعات — نَسِيجية أو معدنية — صُدِّرت لأسواق أفريقيا ليتم مقابلتها بالعبيد،١٤٧ بالإضافة لذلك كانت سِجِلْماسَة قبلة للتجار الغرباء كما ذكر المقدسي.١٤٨
وأُرسلت المَنْسوجات المغربية والأندلسية لبلدان السودان من المغرب «الحرير والمتاع وثياب الخز والكتان … وكذلك يُجلب إليهم من الأندلس ومن إِفْرِيقِيَّة الزئبق والزعفران والثياب المرسية والخز والحرير وقباطي مصر.»١٤٩ ويُفهَم من قول الزهري١٥٠ أن الثياب المصرية وبخاصة القباطي كانت تُجلَب للبلدان السودانية عن طريق المُدن المغربية وبخاصة إِفْرِيقِيَّة، التي كانت محطًّا تجاريًّا مهمًّا آنذاك، وتاجَرَ تجار إِفْرِيقِيَّة مع مدينة تنبكت التي تُعتبر من المراكز التجارية المهمة؛ فكانت تُباع بها المَنْسوجات القطنية والأقمشة المصنَّعة في أوروبا، التي حملها تجار إفريقية،١٥١ بالإضافة لبعض الثياب المصبوغة والحرير والزعفران من الأندلس، وَعُدَّت قسنطينة من مراكز إنتاج المَنْسوجات الكَتَّانية؛ فَصَدَّرت منتجاتها إلى مُدن الجنوب في السودان.١٥٢
وأدت مُدن المغرب الأقصى دور همزة الوصل بين السودان والعالم الخارجي حيث تجارة الذهب والعبيد والصمغ الذي اسْتُخدم في صبغ دِيباج الأندلس،١٥٣ وذلك عبر القوافل التجارية الذاهبة نحو الجنوب، التي كانت من بين ما تحمله الثياب والأقمشة الخاصة القادمة من بلدان الغرب الأوروبي.١٥٤
وأغمات «دار للتجهز للصحراء» طبقًا لقول الحميري،١٥٥ فلها ميناء على ساحل المحيط الأطلسي، وهو ميناء قوز الذي تنزل فيه السفن من جميع البلاد،١٥٦ وعُرِفَت بالأكسية والمَنْسوجات الصوفية من عمائم وأردية حُمِلَتْ إلى بلاد السودان، إلا أنها فقدت شهرتها في هذا المجال إبان الحكم المريني،١٥٧ كما لعب تجار مدينة أيجلي — الواقعة آخر بلاد السُّوس — دور الوساطة التجارية بين السودان وبلدان المغرب،١٥٨ بالإضافة لدرعة التي كانت نقطة تجارةٍ محوريةً بين بلدان المغرب والسودان،١٥٩ وارتبطت مدينة فاس وسائر مُدن المغرب الأقصى بالتجارة مع بلاد السودان، فأبو الربيع سليمان بن عبد الرحمن الصنهاجى التلمسانى الذي استقر في مدينة فاس وبها توفي عام ٥٧٩ﻫ/١١٧٩م، وأعطى أحد التجار المتَّجهين إلى بلاد السودان عددًا من الأردية ليبيعها له في تلك البلاد، لكن التاجر تُوفي هناك، فوصلت تركته إلى مدينة فاس وبها صرة تبر قد كُتب عليها للفقيه أبي الربيع، كانت ثمنًا للأردية التي يبدو أنه باعها في بلاد السودان،١٦٠ وفَضَّلَ سكان مدينة تادمكة الصوف بالإضافة للمَنْسوجات القُطْنية من بلاد المغرب،١٦١ وأَوْدَغَسْت التي استوردت أرديةً صُوفيةً كبيرة الأكمام ومَصْبوغة بالأحمر والأزرق.١٦٢
وجُلب لسكان تكرور وغانة الصوف والأكسية الصوفية وطواقي وأزرار بواسطة تجار أغمات بجانب المَنْسوجات القُطْنية «والأكسية وثياب الصوف والعمائم والمآزر وصنوف النظم من الزجاج والأصداف والأحجار وضروب من القطن.»١٦٣ بالإضافة إلى الحرير والمَنْسوجات القادمة من المغرب والأندلس في اتجاه بلاد غانة.١٦٤
ووُجد ببلاد الكانم والبرنو نوع من القماش يُعرَف باسم دندي كان يُنسَج عندهم على شكل أثْوَاب ويُقَسَّم إلى قطع من ربع ذراع فأكثر، وكانت جميع الأشياء تُقدَّر قيمتها بسعر هذا القماش، بمعنى أن هذا القماش قد اسْتُخْدم كنوع من أنواع العملة في دولة الكانم والبرنو.١٦٥
كما كان للتجارة البرتغالية أواخر القرن ٩ﻫ/١٥م دور داخل مُدن الغرب الأفريقي والسودان الغربي، من خلال سلسلة من المُدن الساحلية المغربية على طول ساحل المحيط الأطلسي ومناطق رئيسية ساهمت في إنجاح تجارة المَنْسوجات البرتغالية، التي سيطرت عليها مثل؛ سبتة وطنجة وأصيلا وأزمور وأغادير وأسفي، واتجهت ناحية الشرق قليلًا، فتواجدت الفنادق التجارية البرتغالية في وهران، وأقامت علاقاتٍ تجاريةً مع تلمسان خاصة في عهد بني عبد الواد، فقد نقل التجار البرتغاليون الأكسية الصوفية منها إلى بلدانهم،١٦٦ وأقام التجار البرتغاليون محطةً تجارية لهم في مناطق السودان الغربي، فمنذ ٨٠٣ﻫ/١٤٤٠م عَمد التجار البرتغاليون إلى تحويل جزء من تجارة الذهب والرقيق من سِجِلْماسَة عبر القوافل التي عبرت الصحراء والسودان، إلى الساحل الغربي من المحيط الاطلسي وأقاموا محطاتٍ أخرى بديلةً بداية من عام ٨٨٧ﻫ/١٤٨٢م.١٦٧
وتقلَّص حجم المحطات التجارية البرتغالية في مُدن غرب أفريقيا بشكلٍ كبير بين يوليو ٨٩٧ﻫ/١٤٩١م وحتى نهاية عام ٩٢٩ﻫ/١٥٢٣م، على الرغم من أن التجارة البرتغالية مع غرب أفريقيا كانت تمثِّل عنصرًا لا غنى عنه في نجاح التجارة الخارجية للبرتغال؛ لما وفَّرته من منتجاتٍ قيمة غزت الأسواق الأوروبية، كما في عهد مانويل (١٤٩٥–١٥٢١م)، ومع احتكار الذهب القادم من غرب أفريقيا أُعطي للبرتغال الاستقرار الاقتصادي والمكانة الدولية التي لم تشهدها من قبلُ.١٦٨
كما انتشرت تجارة الحرير في بلدان السودان، ففي إطار هذا السياق يذكر الزهري١٦٩ أن الحرير كان يُجلَب من غَرْنَاطَة من بعض أعمالها، ويُصدَّر إلى مناطق السودان الغربي،١٧٠ وصُدر الكاغد لبلدان السودان من مدينة شاطبة. وفي هذا يقول الإدريسي:١٧١ «بها من الكاغد ما لا يوجد له نظير بمعمور الأرض ويعمُّ المشارق والمغارب.» وأمتعتها التي صُدِّرت إلى بلاد السودان وغانة وجميع بلدان المغرب،١٧٢ كما وصلت الثياب المرسية حتى بلاد الحبشة، وفي هذا يقول الزهري:١٧٣ «يُجلَب إليها [أي بلاد الحبشة] من بلاد الأندلس … الثياب المرسية.»

(ب) البلدان المشرقية (الهِنْد والصِّين)

امتد التواصل التجاري للنسِيج بين الغرب الإسلامي إلى بلاد الهند، خاصة أن السفن الهِنْدية كانت تحطُّ بسبتة التي يُشبِّهها ابن سعيد١٧٤ لأهميتها التجارية بالإسكندرية بقوله: «شبه الإسكندرية في كثرة الحط والإقلاع وفيها التجار الأغنياء الذين يبتاعون المركب بما فيه من بضائع الهِنْد وغيرها في صفقةٍ واحدة ولا يحوجون صاحبها إلى تقاضٍ.»
ويوضح ابن خرداذبة١٧٥ في القرن ٣ﻫ/٩م أن التجار الراذانية «الذين يتكلمون العربية والفارسية والرومية والإفرنجية والأندلسية والصِّقِلِّيَّة … يسافرون من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق بحرًا … ويركبون من فنمة في البحر الغربي فيخرجون [يَصِلون] بالفرما … ثم يركبون البحر الشرقي من القلزم [البحر الأحمر] إلى الجار وجدة ثم يمضون إلى السند والهند والصين … حتى يرجعوا إلى القلزم … ثم يركبون في البحر الغربي فربما عدلوا بتجارتهم إلى القسطنطينية فباعوها من الروم، وربما صاروا بها إلى ملك فرنجة فيبيعونها هناك، وإن ساروا حملوا تجارتهم من فرنجة في البحر الغربي ويخرجون بأنطاكية.»
فمن جملة ما نقله تجار الغرب الإسلامي للهِنْد الثياب الجيدة والنفيسة كثياب السُّندُس، التي صُنعت في الأندلس على حد قول الزهري:١٧٦ «ويُجلَب إليهم من بلاد الأندلس الزئبق والكبريت الأحمر وثياب السندس الغالي المحكم.» كما تؤكد رسائل الجِنيزة أن المَنْسوجات الأندلسية ذهبت إلى الهِنْد عن طريق ميناء عدن.١٧٧
ولاقى الحرير المغربي والأندلسي رواجًا في سواحل الهِنْد وبخاصة ساحل «ملبار»، فكان الحرير بديلًا عن الذهب بالمقايضة به؛ ما يعكس قيمته وأهميته في المعاملات التجارية،١٧٨ وفي رسالةٍ أخرى مؤرخة في ٢٩ شوال ٥٣٢ﻫ/١٠ أكتوبر ١١٣٨م، من التاجر إسحاق بن بروخ المقيم بمدينة ألمرِيَّة إلى التاجر أبى سعيد خلفون الموجود في تلمسان، وهو من التجار الدائمي الترحال بين الهِنْد وعدن والأندلس والمغرب «وكنت أبلغتكم بأنني تسلَّمت المائة مثقال المرسلة منكم من فاس، وقد طلبت مني أن أشتري بالمبلغ حَرِيرًا، والواقع أن سعر الحرير كان معقولًا؛ لذا اشتريت حَرِيرًا بخمسين مثقالًا.»١٧٩
وقد حظي التجار التونسيون في بعض الفترات بنوع من السيادة التجارية في البحر المتوسط وبعض من تجارة الهِنْد خلال الفترة من ٣٩١ﻫ/١٠٠٠م–٤٤٢ﻫ/١١٥٠م وهو ما أظهرته وثائق الجنيزة.١٨٠ وساعد على وجود صلاتٍ تجارية بين بلاد الغرب الإسلامي والهِنْد والصِّين والتبادل التجاري بعض المُدن المشرقية الأخرى كمدينة البَصْرة العراقية؛ لأنها محط وملتقًى للتجار القادمين من الغرب الإسلامي والوافدين إليها، لتبادل البضائع والسلع كالحرير وبيعها للتجار المغاربة،١٨١ وكذلك الأمر بالنسبة لصِقِلِّيَّة، فنُقِلت المنتجات المشرقية لبلدان الغرب الإسلامي باعتبارها محطًّا مهمًّا للصادرات النَّسيجية من الغرب الإسلامي إلى بلاد المشرق، فالسفن المشرقية تأتي لصِقِلِّيَّة محملة بالتوابل والمنتجات الشرقية الفاخرة وتعود بمختلف المنتجات سواء كَتَّانية أو حَرِيرية من الأقمشة المُحَلَّاة بالجواهر والطنافس المصوَّرة؛ فيقول المقدسي:١٨٢ «ومن صِقِلِّيَّة الثياب المقصرة الجيدة.» وبرزت ألمرِيَّة كمركز لتصدير الحلل المُوشاة التي حظيت برواجٍ كبير في الشَّام والهِنْد،١٨٣ وأشار شيخ الربوة١٨٤ إلى ذلك بقوله: «وقصدها التجار لشراء الحرير وما يعمل فيها من الستور وغيرها.» كما نُقلت البسط التنتالية لبلاد المشرق.١٨٥
وصَدَّرت الصِّين مُنتجاتها من المَنْسوجات لبلدان الغرب الإسلامي، ومن بينها المناديل الصِّينية التي يصفها الزهري١٨٦ بقوله: «وهي مصنوعة من حيوان يُسمى السمندل أكبر من الفأر، ومن خصائص هذه المناديل أنها يمسح بها الملوك عند تمام الأكل، وهي مناديلُ راقيةٌ لا تُغسَل لأن ذلك يزيد وسخها، وإنما تُوضع في المجمر فيحترق الوسخ ويخرج المنديل نقيًّا.» ولعلَّها هي المَنْسوجات والمناديل والعمائم التي حملها التجار البَصْريون لبلاد الغرب الإسلامي لمبادلتها بالذهب.١٨٧
وعن السلع المشرقية في أسواق المغرب الأقصى توجد إشارةٌ صريحة ذكرها الزهري عند حديثه عن فاس قائلًا: «إليها يُجلَب من جميع الأقاليم كل شيءٍ حسن من المتاع والسلع الغالية الأثمان من اليَمَن والعِراق والشَّام.» بالإضافة لوصف ابن الصباح بقوله:١٨٨ «وهي مدينة فيها أسواق ومقاصير وعلاليُّ وقيساريات وتجار من أقصى البلاد شرقًا وغربًا … كما أن مملكة المشرق في مصْر يسميها المسافرون مصْر الصغيرة؛ لكثرة أخذها وعطائها.» كما وُجدت منتجاتٌ نَسِيجيةٌ أخرى كالأثواب الواردة من بلاد الشام،١٨٩ كما جُلب الحرير العراقي الذي ذاع صيته حتى وصلت بضاعته إلى منطقة السوس.١٩٠
ومن الصادرات النَّسيجية لبلدان المشرق الإسلامي، وبخاصة العِراق، القُنَّب والحرير بجانب الأكسية الصوفية الرفيعة والدنيئة وجباب الصوف والحرير، كما تردد بعض التجار العراقيين على تونس لشراء الحرير بكل أنواعه من سوسة وشراء الثياب السوسية الرفيعة،١٩١ وحُمِلَتْ لبلاد الشَّام والعِراق أبسطة القَيْروان،١٩٢ ووصلت المَنْسوجات الأندلسية أيضًا لبلاد خراسان عن طريق التجار المصْريين.١٩٣
وضاهت ثِياب الكَتَّان التونسية ثِياب الحرير «ومنها يُجلَب المتاع إلى أقطار الأرض.»١٩٤ وصُدِّرت ثِياب صوف البحر لبلدان المشرق، بخاصة دِمَشق. فيذكر العمري١٩٥ أنه قال: «ورأيت من هذا القماش على أكابر بدمشق، ثم رأيته على بعض سفلة الكتاب بمصْر وهو المسمى بمصْر والشَّام بوبر السمك.» وحظيت الموانئ الشَّامية بنصيب من المَنْسوجات الغرب إسلامية؛ فاستقبلت العديد من السفن المحمَّلة بالمَنْسوجات المختلفة كالبسط التنتيلية، والحلل الموشاة التي كان يُغالى بثمنها هناك لجودتها.١٩٦

(ﺟ) البلدان المصْرية

أما بالنسبة لمِصْر فهناك علاقاتٌ تجارٌ رصينة منذ زمنٍ طويل، تركزت على المواد الخام النَّسيجية من كَتَّان وحَرِير، بالإضافة إلى المَنْسوجات الأخرى، فوُجد هذا الربط التجاري عن طريق موانئ الغرب الإسلامي والموانئ المصْرية وبخاصة الإسكندرية،١٩٧ كما أثرت قوافل الحجاج المغاربة في العمليات التجارية بين الغرب الإسلامي والمشرق الإسلامي، التي حَمَلَت العديد من السلع والبضائع في طريقها لبلاد الحجاز ومصْر، وعادت بصنوف من السلع وخاصة النَّسيجية إلى الغرب الإسلامي.١٩٨
كما كان الحج فرصة للالتقاء بين المصريين والمغاربة، حيث يتوافد المغاربة إلى القاهرة ويستقرون فيها فترة من الزمن لانتظار ركب الحج المصري، وكانت هذه المدة كفيلة بالتأثير والتأثر بين الجانبين؛١٩٩ مما أدى إلى توطد العلاقات المصرية المرينية، خاصة في المجالات التجارية؛ فلم يقتصر دور قوافل الحج على دعم العلاقات الدينية والسياسية، ولكن امتدت إلى النواحي الاقتصادية؛ لأن مصر تقع في طريق قوافل الحج المسافرة لتأدية الفريضة،٢٠٠ وقوافل الحج في عودتها تحمل منتجات هذه البلاد إلى الأسواق الغرب إسلامية، كما كانت وسيلةً مضمونة لتصدير السلع المغربية إلى مصر وبلاد المشرق في مواعيدَ محددةٍ من كل عام، يُضاف إلى ذلك ما أحدثته هذه القوافل من تنشيط للصناعات المغربية المختلفة التي حملتها هذه القوافل كهدايا من البلاط المريني لمصر والحجاز.٢٠١
وعُرفت هذه الرحلات لدى المغاربة باسم الرحلة الحجازية، وعليها هذه الرحلات المرور بمصر، وكانت الإسكندرية٢٠٢ هي أولى المحطات الكبرى التي تحطُّ بها قوافل الحجاج المغاربة القادمين عن طريق البحر أو الصحراء، وينتقلون منها إلى القاهرة؛ بوصفها عاصمة الديار المصرية، وكونها مدينة تحط فيها قوافل الحج التي تصحبها قوافل التجارة.
لذلك كانت المراكب المغربية كثيرة الحط والإقلاع على الموانئ المصْرية محملة بالكثير من أنواع السلع والفاكهة،٢٠٣ كما يذكر ابن الصباح:٢٠٤ «دخلتُ مدينة تونس وقعدتُ فيها ثلاثين يومًا في أيام الفواكه وركبت منها إلى الإسكندرية في مركب من ثلاثة أظهر، والممشى كنا فيه ألف نفس بين حجاج وتجار وبحريين وعبيد السودان وهم شر التجار … إلى الإسكندرية.» يأتي في مقدمة تلك المَنْسوجات القماش الأبيض المصنوع في مدينة الإسكندرية،٢٠٥ بالإضافة لجلب المَنْسوجات، وخاصة ثِياب البوقلمون أو السلاقطون التي يتغير لونها بتغير ساعات النهار؛ فهي نوع من الحرير مطرَّز بخيوط من الذهب، فصُدِّرت من مصْر من جزيرة تنيس،٢٠٦ وهو ما أشارت إليه وثائق الجنيزة، وما نوه إليه التاجر موسى وإسحاق ولدا برهون الطهارتى في القَيْروان في خطابه عام ٤٠٦ﻫ/١٠١٥م، إلى إخوة توستاري في الفسطاط، الذين أثنوا على ثِياب السلاقطون التي وصلت إليهم؛ فكانت من أفضل وأجمل أنواع الحرير المفضَّلة بألوانها الذهبية والبراقة، على حد قولهم.٢٠٧ وجُلبت من دمياط بعض المَنْسوجات من عمائم الشرب المذهبية المنقوشة، فكانت تلاقي رواجًا تجاريًّا في الغرب الإسلامي لأنها غير موجودة في غيرها من البلاد بنفس الجودة والدقة «منها تُجلب إلى المشرق والمغرب.»٢٠٨ في حين يؤكد العمري:٢٠٩ «أن لباس أهل إِفْرِيقِيَّة من الجوخ ومن الثياب الصوفية والأكسية ومن ثِياب القُطْن؛ يعتبر نادرًا وشاذًّا، خاصة القادم عن طريق الإسكندرية.»
واستورد مسلمو الغرب الإسلامي — خاصة في الأندلس — الصوف الخام؛ لأن الاقتصاد الأندلسي لم يركز على إنتاج الصوف، بل اعتمد بشكلٍ جزئي على استيراده، وما تشير له رسائل الجنيزة على أن الصوف شُحن من مصْر إلى الأندلس كما في رسالة مؤرَّخة في القرن ٥ﻫ/١١م، بأن تاجرًا نقل كمية من الصوف تزن خمسمائة رطل وثمنها ثلاثون دينارًا، وكان ينوي إرسالها من الإسكندرية إلى الأندلس، لكن شريكه في الأندلس نصحه بألَّا يرسل شيئًا؛ لأن السوق يصيبه بعض الركود،٢١٠ خاصة أن — الجوخ — الأصواف الحمراء كان من الصادرات المغربية لتلبية ما تحتاج إليه دور الطراز الرسمية في مصْر خلال القرن ٧ﻫ/١٣م.٢١١
ويؤكد بنيامين التطيلي٢١٢ في منتصف القرن ٦ﻫ/١٢م على وجود تجار مغاربة وأَنْدلسيين في الإسكندرية بغرض المتاجرة فيقول: «وإسكندرية بلدةٌ تجارية فيها أسواق لجميع الأمم يؤمُّها التجار من الممالك النصرانية … وعدوة الغرب وإِفْرِيقِيَّة وجزيرة العرب.»
وفي الفترة ما بين ٤٥٢ﻫ/١٠٦٠–٤٦٣ﻫ/١٠٧٠م نُقلت كميات من الحرير الأندلسي عبر تجار من الأندلس إلى الإسكندرية بطريقٍ مباشر دون وساطة تجار مغربيين، وقد استمرت تلك الحالة التجارية حتى القرن ٦ﻫ/١٢م بين موانئ الأندلس والإسكندرية،٢١٣ ففي القرن ٥ﻫ/١١م توجد إشارة إلى أن نخاسًا في مصْر كان يملك من المَنْسوجات الأندلسية «ثوبًا أَنْدلسيًّا جديدًا وثوبًا أَنْدلسيًّا غير فضفاض وخامًا وعشرة أثْوَاب خام أَنْدلسية» كانت له؛ إما للمتاجرة بها أو لارتدائها.٢١٤
ومن المشاكل التي واجهت عملية نقل النَّسيج لبلدان الغرب الإسلامي، التكلفة العالية ومصْروفات النقل؛ فالتاجر اليهودي يعقوب بن سليمان الحريري اشترى بمبلغ من المال قد ادَّخره كمية الكَتَّان، وكان ينوي إرسالها إلى الإسكندرية ومنها في قارب إلى المهدية؛ ونظرًا للتكلفة العالية قرَّر أن يرسل الكَتَّان إلى اللاذقية في سوريا.٢١٥
ولعبت الأحوال الجوية دورًا في تعطيل حركة التجارة وبخاصة النَّسيج، ففي إحدى الرسائل المؤرَّخة في عام ٤١٠ﻫ/١١١٩م أرسل التاجر إسحاق النيسابوري بالإسكندرية إلى التاجر أبي العلاء صاعد يوسف الدمشقي بالقاهرة، وفيها يتحدث عن تعطُّل الملاحة من الأندلس؛ مما أثر على أسعار الحرير الأندلسي في السوق «أما بالنسبة للحَرِير فإنه عند وصول المركب الأندلسي توقفت الأعمال التجارية فلم يشترِ أحد ولم يبعْ أحد … وبعد ذلك بأيام بِيعت كميات قليلة ﺑ ٢١-٢٢ دينارًا لكل عشرة أرطال … ولما تأخر وصول جميع المراكب رغب التجار في الشراء، إلا أن من عندهم حَرِير احتفظوا به، وقد انقضى اليوم ثلاثة وثلاثون يومًا لم يصل فيها سوى مركبٍ واحد، ولم يقلع سوى مركبٍ واحد؛ يسود قلق واضطراب كبيران بشأن المراكب … واليوم بيننا وبين عيد الصليب ثلاثة وعشرون يومًا، ولم يصل مركبٌ واحد من المغرب … وفي هذا اليوم دُفع ثلاثة وعشرون دينارًا ثمنًا للحَرِير الخشن، لم يبع أحد ولن يبيع أحد إلى أن يُعرف ما سيحدث.»٢١٦
وأثَّرت الأسعار، وطول المسافة التى تقطعها القوافل، والضرائب المفروضة، وتكاليف الشحن، على حجم المبادلات التجارية بين موانئ الغرب الإسلامي والموانئ المصْرية، ففي خطاب مؤرَّخ عام ٤٩٤ﻫ/١١٠٠م، من أحد التجار الأندلسيين بالإسكندرية يشير إلى أن الحرير ازداد سعره نظرًا لتأخر وصول المراكب الأندلسية المحملة بالحرير بسبب الرياح؛ فاستغل التجار هذا الموقف وأحجم كل من لديه كمية من الحرير عن البيع أملًا في زيادة السعر،٢١٧ وكذلك شحنة من الأرجوان أُرسلت من مصْر إلى تونس في نفس العام، فكان سعر هذه الشحنة ٦٦٫٢٥ دينارًا، وعند البيع وصل سعرها بما يعادل ٩٤ دينارًا مصْريًّا، وبلغت تكاليف الشحن والمكوس ١٤ دينارًا،٢١٨ كما أُرسلت كميةً كبيرة من الكَتَّان إلى صِقِلِّيَّة والمغرب تبلغ ١٣٣ بالة سعرها الإجمالي ٤٩٧٫١ دينارًا، وبعد بيعها بلغت عائداتها حوالي ٣١٨٫٢ دينارًا، ووصلت تكلفة الجمارك والشحن إلى ما يقارب ١٧١ دينارًا، أي ما يزيد قليلا عن ٧ في المائة من الإجمالي العام،٢١٩ وفي عام ٥٣٨ﻫ/١١٤٣م شحنة من الحرير تَزن ١٤٤٫٥ رطلًا القيمة التقديرية لها ١٩٠٫٥ دينارًا، فُرضت عليها ضرائب ومكوس في الإسكندرية ما يقارب من ٨ دنانير أو حوالي ٤ في المائة، وتكاليف الشحن يُفترض أن تُنقل من جزيرة صِقِلِّيَّة أو تونس ٣٫٣ دنانير، وهو ما يزيد قليلًا على ١٫٥ في المائة، وفي ٤١٥ﻫ/١٠٢٤م بالة من المَنْسوجات بلغت قيمتها نحو ٦٠٠ دينار، أُرسلت من تونس إلى مصْر، بلغت قيمة الضرائب المفروضة عليها ٦٫٧٥ دنانير، أي ١ في المائة من قيمتها.٢٢٠
ونُقلت الأبسطة الأندلسية لمصْر وهو ما تؤكده الجنيزة، ففي رسالة عام ٤٤٢ﻫ/١٠٥٠م نُقل سجاد أَنْدلسي من تونس إلى مصْر، وفي رسالة أخرى ذُكر فيها طلب «مدادتين رفيعتين صناعة جيدة طول الواحدة أربعة وعشرون ذراعًا، وأربعة بسط بيضًا ممتازة، اثنين زرقاوين واثنين خضراوين واثنين حمر.» وفي ٤٣٥ﻫ/١١٤٣م هناك طلب مماثل يذكر إرسال «مَدَّةٌ أَنْدلسية … ومدةٌ صغيرة، وبساط صلاة وقطعة مَدَّة.»٢٢١
وأما الكَتَّان القادم من مصْر فسيطر عليه التجار اليهود الذين سعوا جاهدين لتوفير الكميات المطلوبة في أسواق الغرب الإسلامي من المزارع والحقول المصْرية، نظرًا لخبرتهم الواسعة في هذا المجال التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، فوضع التجار اليهود جداول توضِّح أهم المناطق المنتجة للكَتَّان في مصْر وأهم الأسواق بالمغرب، كما خصصوا أماكن لإقامة التجار اليهود بمراكز الإنتاج في مصْر كانت معلومة ومعروفة لمعظم التجار اليهود، وفي بيانٍ تجاري موقع من أبناء التاجر اليهودي إسحاق التاهرتي يوضح كميات الكَتَّان الكبيرة التي غادرت مصْر في طريقها لأسواق الغرب الإسلامي، والمؤرخ في ٤١٦ﻫ/١٠٢٥م، والتي بلغت ثلاثة أطنان من الكتان، وفي بيانٍ آخر عام ٤٣٨ﻫ/١٠٤٦م لصالح التاجر نيهوراي بن نسيم يذكر شحنات ضخمة من الكَتَّان زنة كل شحنة ٤٥٠ رطلًا أو ٢٠٠ كيلو، وذكر أنه نُقِلَ ١٥ شحنة من الكَتَّان وبعدها نُقلت ثماني شحنات أخرى، وفي خطاب مؤرَّخ في ٤٤٣ﻫ/أبريل ١٠٥١م مرسل من الإسكندرية، كتب التاجر نيهوراي بن نسيم أنه نُقل ٢٢ حمولة وتوقع وصول شحنات إضافية، كما ذكر التاجر الفرج بن إسماعيل في مصر باحتمال وصول ١٠٠ شحنة، وكتب التاجر جوزيف بن موسى التاهرتي في صيف ٤٣٠ﻫ/١٠٣٨م عن ١٢٦ شحنة كَتَّان بتفاصيلَ بسيطةٍ وعن كيفية الحصول عليها ونقلها.٢٢٢
وفي خطاب مؤرَّخ في ٤٤٠ﻫ/يناير ١٠٤٨م من التاجر برهون بن إسحاق التاهرتي من المهدية إلى نيهوراي المسافر لمصْر لشراء الكَتَّان ينصحه قائلًا: «اجمع أفضل أنواع الكَتَّان التي يمكنك أن تجمعها من الصعاليك.» وفي نفس الرسالة ينصح أحد التجار اليهود، وهو جوزيف بن موسى، أخاه الأكبر برهون بالتأكد من أن يكون هناك شخصٌ آخر معه عندما يذهب لشراء الكَتَّان، وأن يأخذ معه هدية لسمسار «أعطه قدر ما تستطيع لأنه الوحيد الذي سيساعدك.»٢٢٣ وكان الكَتَّان المصْري من أكثر الأنواع مبيعًا في صِقِلِّيَّة، وهو ما تؤكده رسائل الجنيزة خاصة خلال القرن ٥ﻫ/١١م،٢٢٤ كما توضح الرسالة المؤرَّخة في ٤٤٢ﻫ/١٠٥٠م أن تاجرًا ينصح ابنه المقيم في مصْر في قرية البوصير بشراء النوعية الجيدة من الكَتَّان لأنها مطلوبة في صِقِلِّيَّة.٢٢٥
وذكر ابن بطوطة٢٢٦ عند زيارته لإحدى المُدن المصْرية وهي بوش، فيصفها بأنها أكثر البلدان كتانًا، ومنها يصدر إلى إِفْرِيقِيَّة فيقول: «ثم سرت منها إلى مدينة بوش، وهذه المدينة أكثر بلاد مصْر كتانًا، ومنها يُجلب إلى سائر الديار المصْرية والى إِفْرِيقِيَّة، ثم سافرت منها فوصلت إلى مدينة دلاص وهذه المدينة كثيرة الكَتَّان كمثل الذي ذكرنا قبلها، ومنها يُحمل أيضًا لديار مصْر وإفريقية.» وفي هذا دليل على أن تصدير الكَتَّان المصْري استمرت إلى قرابة القرن ٨ﻫ/١٤م طبقًا لقول ابن بطوطة.
وبيعت كمياتٌ كبيرة من الحرير والكَتَّان المصْري في أسواق صِقِلِّيَّة، ففي إحدى الرسائل المؤرخة في عام ٤١٨ﻫ/١٠٢٧م، اتجه قارب من الفسطاط مُحمل بكميةٍ كبيرة من الكَتَّان والحرير بالإضافة إلى توابل في طريقه لصِقِلِّيَّة، ولظروف طارئة حُوِّل مسار الرحلة من صِقِلِّيَّة إلى المهدية. ويذكر في الخطاب المؤرَّخ في ٤٢٢ﻫ/١٠٣٠م عن وصول شحنة من الكَتَّان لصِقِلِّيَّة، ونتيجة لتأخر وصول السفينة ولتعرضها للغرق رطب الكَتَّان نتيجة لوصول الماء إليه؛ وعليه بيع الكَتَّان على أيام ولم يجنِ الأرباح المُنتظَرة،٢٢٧ وفي خطابٍ آخر عام ٤٢٢ﻫ/١٠٣٠م يظهر أسعار كمية من الكَتَّان في صِقِلِّيَّة قادمة من باليرمو عن طريق طرابلس، فسعر الكَتَّان متوسط الجودة دينار لكل قنطار في الفسطاط وبيع في باليرمو ﺑ ٥٠ إلى ٧٠ ربع دينار للقنطار.٢٢٨
وفي القرن ٩ﻫ/١٥م وبالأخص عام ٨٦٦ﻫ/١٤٦١م، يذكر ابن عبد الظاهر٢٢٩ أن سفينةً أقلعت من الإسكندرية في طريقها إلى تونس محملة بالكَتَّان «في يوم الجمعة حادي عشرة ركبت البحر الملح من مينا ثغر الإسكندرية بشواني البنادقة فأقلعوا، وكان معهم جماعة من تجار المسلمين بأصناف البضائع وأكثرها الكتان، وساروا متوجهين إلى جهة تونس المغرب.»

(٢-٣) تجارة النَّسيج مع بلدان الغرب الأوروبي

(أ) الأهمية النسبية لتجارة الغرب الإسلامي مع بلدان الغرب الأوروبي

ظلت العلاقات التجارية مفعَّلة وسارية — رغم فتورها في بعض الأوقات — بين بلدان الغرب الإسلامي والغرب الأوروبي عن طريق عقد المعاهدات والاتفاقيات التجارية بين السلطات لتوفير الظروف المناسبة لاستمرار تلك العلاقات والعمل على تنشيطها، وهو ما أظهرته من أهمية التجارة لأغلب مجتمعات البحر المتوسط،٢٣٠ ما قد ساعد استقرار الأسعار واتزانها في بلدان الغرب الإسلامي وزيادة فرص التعامل التجاري بين تجار الغرب الأوروبي ومُدن الغرب الإسلامي وبخاصة خلال القرن ٧-٨ﻫ/١٣-١٤م.٢٣١
وتعدَّدت أوجه التبادل التجاري بين بلدان الغرب الإسلامي والغرب الأوروبي؛ ما يُعطي دليلًا على وجود حراكٍ تجاريٍّ مزدهر للعديد من السلع كالتوابل والحرير والقُطْن، هذا بالإضافة للحضور المنتظم لسفن الغرب الأوروبي إلى موانئ الغرب الإسلامي؛ فكثيرًا ما كانت تحط أشرعتها على موانئه بشكلٍ مستمر طوال العام، بعد أن سيطرت التجارة البحرية على جُل المبادلات التجارية في ذلك الوقت عبر البحر المتوسط، بما في ذلك مُدن البحر المتوسط في المشرق، مصْر وقبرص، اللتَين كانتا محطتَين هامتَين وسوقًا رئيسيًّا للمنتجات من الجلود والصوف، والقمح، والشمع، والعاج والمرجان؛ القادمة من الهِنْد والجزيرة العربية، لبلدان الغرب الإسلامي ولمُدن إيطاليا وفرنسا وإسبانيا ولبقية مُدن الغرب الأوروبي.٢٣٢
واتسمت الحركة التجارية في الغرب الإسلامي في بدايتها بنوعٍ من البطء التجاري لم يُساير القوى التجارية الموجودة آنذاك؛ مما دفعها لأن تلعب دور الوسيط التجاري في العديد من المُبادلات التجارية بين البلدان الإِفْرِيقِيَّة والغرب الأوروبي،٢٣٣ خاصة أن حكومات الغرب الإسلامي لم تُحبِّذ التعامل في البداية مع كيانات الغرب الأوروبي التجارية، إلا مع من امتلك الخبرة الكافية في مجال التجارة وركوب البحر الذي وجد في المُدن الإيطالية بصفةٍ خاصة، كما ساهم تطور الطرق البحرية وعمليات الشحن التجارية في الغرب الأوروبي في أواخر القرن ٦ﻫ/١٢م في النمو السريع لبعض الموانئ التجارية وعلى نشاطها التجاري والبحري؛ فأدَّى في النهاية إلى سيطرة الغرب الأوروبي على الطرق والمواصلات والتجارة البحرية في البحر المتوسط وحصوله على العديد من الامتيازات التجارية المهمة.٢٣٤
كما ازدهرت حركة التجارة في فترات توقف الحروب الصليبية،٢٣٥ وأصبحت الموانئ المغربية تمثل أسواقًا بديلة للتجار المسيحيين عن تلك الموانئ الموجودة في المشرق؛ نتيجة لكثرة الصعوبات والمعوقات التي حالت دون ترددهم عليها بسبب الحروب الدائرة والموقف المشحون تجاهها.٢٣٦
فكان لعامل الأمن والسلام الداخلي والخارجي — في بعض الأوقات — أثره في نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد وتوفير الحماية للطرق والمسالك البرية والبحرية ومراقبة الموانئ والثغور البحرية؛ ما أدى إلى الرواج التجاري مع الموانئ المسيحية وعلى رأسها بيزا وجنوة، التي أبرمت معها العديد من المعاهدات التجارية؛ كمعاهدة عام ٥٥٢ﻫ/١١٥٧م مع بيزا، التي اعْتُبرت من أقدم المعاهدات التجارية والبحرية، ومعاهدة عام ٥٥٦ﻫ/١١٦٠م،٢٣٧ بالإضافة إلى ما حصلت عليه جنوة من امتيازاتٍ تجاريةٍ عديدة نتيجة تلك العقود والاتفاقيات،٢٣٨ وغيرها من المُدن والبلدان المسيحية،٢٣٩ ومن أبرزها كتالونيا؛ فقد قُدِّرت مداخيل خزائن بني مرين على خلفية المتاجرة مع كتالونيا خلال فترة من الفترات ما يقدر ﺑ ٦٠٠٠٠ دينار سنويًّا،٢٤٠ كل هذا يعطي صورة شبه واضحة للسياسة التي اتبعتها مُدن الغرب الأوروبي تجاه التبادل التجاري مع البلدان الإسلامية.
فسعت تلك المُدن إلى استغلال كل الفرص التي أُتيحت لها لتوطيد تجارتها وترسيخها في موانئ المغرب الإسلامي لما امتلكته — بيزا وجنوة — من المقومات التي ضمنت لها التفوق على الصعيدَين البحري والتجاري،٢٤١ فقد جنت ثمار الصراع الدائر بين الموحدين وإسبانيا المسيحية، وعن طريقه زادت من امتيازاتهما التجارية في كافة الموانئ؛ مما ترتَّب عليه تخفيض الضرائب المفروضة عليها، واستطاعت توفير أرباحٍ تجاريةٍ طائلة.٢٤٢
ونتيجة لاستمرار تلك السياسية التجارية كُثِّف النشاط التجاري في العديد من موانئ الغرب الإسلامي — خاصة ميناء تونس وجربة وبجاية — التي شهدت حالة من الرخاء الاقتصادي والتجاري استمرت خلال الفترة من القرن السادس إلى نهاية القرن العاشر الهجري/الثالث عشر حتى السادس عشر الميلادي، فساعد على ذلك السلع التي كانت مطلبًا دائمًا للرحلات التجارية القادمة من شتى البلدان سواء من حبوب أو مَنْسوجات،٢٤٣ وما تؤكِّده قيمة الضرائب التي تحصَّلت عليها السلطة الحفصية من ميناء تونس التي قُدِّرت ﺑ ١٥٠٠٠٠ دينار سنويًّا.٢٤٤

(ب) أبرز الموانئ التجارية للغرب الأوروبي

تميَّزت الموانئ المسيحية عن نظيرتها الإسلامية؛ فنطاقها التجاري كان أوسع واشمل، وامتدَّت إلى مُدن المغرب والمشرق الإسلامي ووصلت حتى الهِنْد والأندلس، بالإضافة إلى أن منتجاتها غزت الأسواق المسيحية عامة.

فمن بين تلك الموانئ المهمة موانئ الجمهوريات الإيطالية (جنوة، بيزا، البندقية، أمالفي)، فكان لوضعها الجغرافي دور محوري في تجارة البحر المتوسط،٢٤٥ فمثلت محطة لإعادة توزيع البضائع سواء القادمة من أوروبا أو من المشرق إلى بلدان البحر المتوسط.٢٤٦
واعْتُبر ميناء جنوة من أعظم الموانئ في البحر المتوسط نظرًا لحجم التجارة المتداولة من خلاله، ولأن تُجَّاره جابوا جميع البلاد والأماكن وجلبوا شتى أنواع التجارات، وقد ساعد على ذلك ما امتلكوه من قوةٍ بحريةٍ ضخمة أهَّلتهم لذلك، هذا بخلاف شعبها الذي كان يُعتبر من أمهر صناع السفن في منطقة البحر المتوسط؛ ولهذا تُعتبر سفنها الأَمْيَز والأفضل،٢٤٧ لذلك شهد ميناء جنوة الكثير من التوسعات لاستقبال أكبر عدد من السفن والمراكب، كما حدث في ٧٠٠ﻫ/١٣٠٠م، ٧٢٩ﻫ/١٣٢٨م، ٨٦٦ﻫ/١٤٦١م،٢٤٨ في الوقت الذي غيرت فيه جنوة من سياستها الاقتصادية والسياسية خاصة مع بداية القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي.٢٤٩
أُضيف إلى ذلك ميناء بيزا التجاري، فكان من أبرز الموانئ التجارية في البحر المتوسط لما تمتع به من مكانة؛ نتيجة قوة أسطوله البحري الذي جاب أرجاء البحر المتوسط تجاريًّا وحربيًّا،٢٥٠ فكانت بيزا مركزًا بحريًّا لنقل البضائع والمنتجات من وإلى منطقة البحر المتوسط بشقَّيه الغربي والشرقي،٢٥١ فاشتهرت بالعديد من الصناعات والتجارات ومن أكثرها وأشهرها تجارة المنسوجات والأقمشة والصوف وإعادة توزيعها، حيث ساهمت في زيادة النمو التجاري لبيزا.٢٥٢
ولكن مع بدايات القرن ٨ﻫ/١٤م بدأت بيزا تفقد أهميتها التجارية بعد أن كانت من أهم المحطات التجارية في غرب البحر المتوسط خاصة خلال القرنين السادس والسابع الهجريين/الثاني والثالث عشر الميلاديين؛ فلم تَعُدْ قادرة على أن تلبِّي الاحتياجات اللازمة لحركة الرواج التجاري من مسايرة التقدم والتطور البحري ولتفكُّكها السياسي والنزاعات الداخلية، مما حال دون المحافظة على مكانتها التجارية الرائدة في شبكة التجارة البحرية في البحر المتوسط.٢٥٣
واعْتُبرت موانئ جزر البليار (ميورقة، منورقة، يابسة) من المحطات التجارية في البحر المتوسط، فميورقة ملتقًى تجاريٌّ كبير بين موانئ البحر المتوسط الغربي سواء من جنوب إيطاليا أو برشلونة وأيضًا الموانئ الفرنسية، فاعْتُبرت نقطة البداية للعديد من الرحلات التجارية الكتالونية والإيطالية والفرنسية إلى الشمال الإفريقي، واعْتُبرت جزر البليار وسيلةً بحرية آمنة للطريق البحري الذي ربط الموانئ الإيطالية بإسبانيا.٢٥٤
وعلى الرغم من ذلك فقد عانى التجار الكتالونيون في كثير من الأوقات من ويلات الضرائب التي فرضتها ميورقة عليها؛ مما أدى إلى قلة التبادل التجاري بينهما، خاصة في ظل الصراعات التي كانت موجودة.٢٥٥
وبرزت أهمية الموانئ الكتالونية في عملية التجارة سواء مع مُدن الغرب الإسلامي أو الغرب الأوروبي التي أصبحت مع بداية ق٨ﻫ/١٤م ذات نشاطٍ تجاريٍّ متميز على صعيد التجارة مع بلدان البحر المتوسط كافة،٢٥٦ وظهر تأثير القراصنة واضحًا من خلال حجم المبادلات التجارية بين الموانئ الكتالونية ومُدن المغرب الإسلامي خلال القرن ٩ﻫ/١٥م، خاصة على المنتجات الزراعية والجلد والصوف والأقمشة وغيرها من البضائع، وبالأخص من قِبل قراصنة ميورقة.٢٥٧
ولعبت الصراعات الدائرة بين كتالونيا — باعتبارها مسيطرة على ميورقة بعد سقوطها من قبضة الحكم الإسلامي — والدول المحيطة بها؛ دورًا في قلة التبادل التجاري معها، فقد برزت أهمية الموانئ الكتالونية في النشاط التجاري مع مُدن الغرب الإسلامي والمسيحي، التي تطورت مع بداية ق٨ﻫ/١٤م، مع بلدان البحر المتوسط كافة،٢٥٨ واستمرت حتى القرن ٩ﻫ/١٥م.٢٥٩

ميورقة

محطةٌ تجاريةٌ مهمة في عمليات التبادل التجاري بين عالمي الغرب الإسلامي والغرب المسيحي؛ فمنها تبدأ الرحلات التجارية منطلقة لموانئ البحر المتوسط في النصف الثاني من يوليو من كل عام، باعتبارها وسيلةً بحريةً آمنة للطريق البحري الذي ربط موانئ الحوض الغربي للبحر المتوسط بعضها ببعض، فاعْتُبرت نقطة البداية للعديد من الرحلات التجارية الكتالونية والإيطالية والفرنسية إلى الجنوب لطرابلس، وجربة، وإفريقية، ووهران، وبجاية، وبقية موانئ المغرب مواصلة بعد ذلك إلى الأندلس ومملكة أراجون ومملكة جنوب إيطاليا والموانئ الفرنسية،٢٦٠ ولكن في الأوقات التي كان فيها تعنت من أراجون مُنع بيع البضائع القادمة من بجاية وإِفْرِيقِيَّة على التجار الذين لا يحملونها على سفن ميورقية.٢٦١
واعتبرت ميورقة أن رواجها التجاري مع المناطق المجاورة مع كلٍّ من صِقِلِّيَّة وسردينيا ومُدن الغرب الإسلامي ليس من أجل النمو الاقتصادي لها فحسب، ولكن من أجل الاستقرار السياسي المصاحب لهذا النمو في منطقة الحوض الغربي للبحر المتوسط، وهو ما ينعكس بدوره على اقتصادها.٢٦٢
فحظيت موانئ المغرب بواحدة وثلاثين رحلةٍ تجارية مقارنة بإِشْبِيلِية وجزيرة يابسة لكل واحدة رحلتان ورحلة لجنوة سنويًّا،٢٦٣ ويرجع ذلك للعلاقات الجيدة والمعاهدات التجارية واستمرار التبادل التجاري حتى في فترات النزاع، ففي ٦٧٣ﻫ/٦ أغسطس ١٢٧٤م سمح ملك أراجون لاثنين من التجار الميورقيين بالتجارة في تلمسان،٢٦٤ وعلى النقيض من ذلك لاقى التجار الكتالونيون في بعض الأوقات الضرر من ويلات الضرائب التي فُرضت عليهم من سلطة ميورقة جراء الصراعات والاضطرابات الدائرة بينهم.٢٦٥
وما تُظهره معاملات التبادل التجاري بين التجار الميورقيين وتجار الغرب الإسلامي من خلال عمليات البيع والشراء، التي تعكس هذا التواجد التجاري داخل بلدان الغرب الإسلامي واستعانتهم بالوسطاء التجاريين لترويج سلعهم وبضائعهم وبخاصة النَّسيجية،٢٦٦ فحظي الغرب الإسلامي بنصيبٍ كبير من التجارة الميورقية وخاصة القُطْن، التي دلَّت عليها التصاريح التجارية، وذلك ما بين عامي ٧٤٢ﻫ/١٣٤١م-٧٤٣ﻫ/١٣٤٢م، والتي بلغت ٣٨ تصريحًا من ٨٧ تصريحًا لكافة موانئ البحر المتوسط، وهذا يوضِّح الأهمية التجارية التي عادت على جزر البليار جراء حركة التبادل التجاري مع الغرب الإسلامي وخاصة الساحل المغربي،٢٦٧ وصدَّرت ميورقة المنتجات النَّسيجية — الصوفية — لبلدان المغرب الإسلامي لما امتلكته من مُقوماتٍ صناعية وزراعية أهَّلتها لأن تكون في هذه المكانة، وهو ما أشار إليه التبادل التجاري بينهما خاصة خلال القرن ٨ﻫ/١٤م.٢٦٨
وعن دور ميورقة كمركز لتوزيع السلع والبضائع القادمة من الغرب الأوروبي، فكانت الأقمشة الكَتَّانية والمَنْسوجات البيضاء القادمة من بلاد الفلندر، ومن شمال فرنسا، بالإضافة للمَنْسوجات الصوفية، وتوزيعها وإرسالها إلى الغرب الإسلامي وبخاصة لتونس عن طريق التجار الميورقيين، ففي ٦٤٥ﻫ/أبريل ١٢٤٧م رتب التاجر الميورقي جون دي باس Joan de Bas لنقل كمية من قماشٍ فلامنكي وبرفانسي من ميورقة إلى تونس.٢٦٩
ومن بين السلع والبضائع ذات الأهمية الاستراتيجية التي صدرتها ميورقة الصوف؛ فاحتلت تجارته مرتبة مرموقة بين المبادلات التجارية،٢٧٠ في حين أصبحت الأصواف الإسلامية ولفتراتٍ طويلة بفضل جودتها مطلبًا لعديد من المُدن سواء ميورقة وجنوة وبيزا وما أظهرته العديد من الرسائل والوثائق،٢٧١ وما حظيت به ميورقة من دورٍ تجاريٍّ مهم في إعادة تصدير الأصواف والمنتجات؛ لما امتلكته من مقوماتٍ صناعية وزراعية أهَّلتها لتكون في هذه المكانة، وما أشارت إليه عمليات التبادل التجاري خلال القرن ٨ﻫ/١٤م٢٧٢ جعلها تُعيد تصنيع وتصدير المنتجات النَّسيجية — الصوفية — لبلدان الغرب الإسلامي وغيرها من البلدان، ففي عام ٧٣٠ﻫ/١٣٢٩م وصل ثمن برنوس من صوف مغربي صُنع في جزر البليار إلى ما بين ٢٥ إلى ٢٦ فلسًا ميورقيًّا،٢٧٣ ومارست نفس الأمر مع مُدن المناطق الشمالية خاصة توسكان.٢٧٤
وأرسلت في منتصف ٨ﻫ/١٤م كمية من الصوف قُدرت ﺑ ٥٠٠ كيلوجرام لميورقة بيعت بعشرين دينارًا، وأرسلت تسعة قناطير من جزز الأغنام المغربية عام ٧٣٠ﻫ/١٣٢٩م وبيعت باثني عشر دينارًا أي بسبع وعشرين فلسًا برشلونيًّا للقنطار الواحد، وهو ما يعادل ٤٤ فلسًا ميورقيًّا،٢٧٥ ومع بدايات القرن ٩ﻫ/١٥م تحول الأمر بالنسبة لميورقة، فقد اعتمدت على ما تنتجه من أصواف وما يُجلب إليها من الشواطئ الإسبانية والموانئ الإنجليزية عن طريق التجار والبحارة الميورقيين الذين اعتادوا التردد على تلك المناطق، فكان من أبرز هؤلاء التجار الذين اشتهروا بتجارة الصوف التاجر التوسكاني «دانتي» Datini وهو من أبرز التجار الذين عملوا بالتجارة الميورقية خلال القرن ٨-٩ﻫ/١٤-١٥م، وكانت له العديد من الشركات التجارية، ويُعتمد على سجلاته التجارية كوثيقة للمعاملات التجارية لجزيرة ميورقة.٢٧٦
ووصل بعض التجار الميورقيين لألمَرِيَّة في٧٣١ﻫ/١٣٣٠م على متن قاربٍ محمَّل بأربعين بالة من قماش وصوف وغيرها من البضائع والسلع الأخرى، فمن بين ما نقل هذا القارب ١٢ كيسًا من القطن، ١٦٦ جرارًا من الزيت، ١٦ من سلال التين،٢٧٧ وفي ٧٣٢ﻫ/١٣٣١م أَبحَر خمسة تجار ميورقيين على ظهر سفينةٍ ميورقية مُحمَّلة بالشمع والجلد والأصواف بيعت في تلمسان بأكثر من ٥٠٠ دينار ثم عادت إلى ميورقة.٢٧٨
loos-وحَمل التاجر الميورقي برناط دي طوس Bernât de Tous، القمح والجلد من تونس والحرير من ألمَرِيَّة على إحدى السفن الميورقية للتاجر هاجينت فالنتي Huguet Valenti، كما وصل التاجر علي بن محمد في عام ٧٦٦ﻫ/١٣٦٤م لميورقة قادمًا من تونس على إحدى السفن الميورقية محملًا ببعض السلع من إِفْرِيقِيَّة ومن غَرْنَاطَة ومنتجات من مناطقَ أخرى، قُدِّرت هذه الشحنة بسبعة عشر قنطارًا من النيلة، والصوف، والجلود، والشمع.٢٧٩
وبالإضافة للصوف كان الحرير من بين تلك البضائع التي أُرسلت لميورقة وخاصة القادم من المناطق الأندلسية ومن المشرق الإسلامي؛ لأنها لم تشتهر بالحرير ولا صناعته، يقول الزهري٢٨٠ عن ذلك: «ولا يعرفون الحرير ولا ثمرته إلا ما يُجلَب إليهم من بلاد الأندلس والشَّام.» والورق أو الكاغد لميورقة، ففي عام ٧٢٥ﻫ/١٣٢٤م اشترى ديوان القنصلية في ميورقة عددًا من فرائد الورق من فاس بسعر ٦٤ فلسًا للفريدة الواحدة، خاصة عن طريق الوسطاء التجاريين من اليهود الذين تعهدوا بتوريد الورق إلى ملك أراجون.٢٨١
وأجرى أبو العباسي أحمد أبو سليم أمير تلمسان في عام ٧٨٤-٧٨٥ﻫ/١٣٨٢-١٣٨٣م عملية مبادلةٍ تجارية مع تجار ميورقة ببعض البضائع الموجودة في المخازن السلطانية من الزيت، الفلفل الغاني، ومبادلتها بأصوافٍ قادمة من ميورقة، فكانت هذه المبادلة سببًا في حدوث نزاع بين الطرفين نظرًا لمطالبة الأمير بدفع قيمة الأصواف نقدًا،٢٨٢ وجرت الاستعانة ببعض الوسطاء التجاريين لترويج بعض السلع والبضائع القادمة من ميورقة — خاصة النَّسيجية منها — لمُدن الغرب الإسلامي.٢٨٣
هذا التبادل الكبير للنسِيج وحجم المبادلات التجارية بين الموانئ الكتالونية ومُدن المغرب الإسلامي خلال القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي وميورقة؛ جعل تجارة النَّسيج والأقمشة عُرضة للعديد من غارات القرصنة في حوض البحر المتوسط الغربي،٢٨٤ وبالأخص قراصنة ميورقة على المنتجات الزراعية والجلد والصوف والأقمشة وغيرها من البضائع.٢٨٥
وأغارت في شوال من عام ٧٠٢ﻫ/١٣٠١م ثلاث سفن تابعة لقراصنة كتالونيين على مرسى تونس واستولوا على مركب لتجار بيزيين محمل بالصوف قيمته ثلاثون ألف دينار «بتاريخ شهر شوال من عام اثنين وسبعماية وصل للحضر العلية غراب وشيطيان للقطلانيين فأخذوا في المرسى بها طريدًا للبيشانيين بالصوف قيمتها بما فيها ثلاثون دينارًا وأخذوا شيطيا للجنويين فيه وسق للمسلمين البونيين قيمته بما فيه عشرة آلاف دينار وسلورة للبيشانيين بالقطر وفي هذا هناك حرم المرسى ونقض للصلح.» واستولوا على مركبٍ جنوي موثق بسلع لبعض تجار بونة قيمته عشرة آلاف دينار، وفي نفس الشهر خرج من ميورقة مركب «شيطي» ليغير على مدينة بنزرت واستولى على مركب لتجارٍ مسلمين قادم من بجاية ومحمل بمَنْسوجات وأقمشة قُدِّرت قيمتها ﺑ ٤٠ ألف دينار، واستولى أيضًا على جفن لتجار من بونة قيمة ما كان عليه من بضائع خمسة آلاف دينار،٢٨٦ وفي صفر ٧٠٤ﻫ/١٣٠٤م سطا مراكبان كتالونيان على مركب لتجارٍ مسلمين محمل بمَنْسوجات وملابس وغيرها من السلع قُدِّر ثمنها ﺑ ٥٠٠٠٠ دينار.٢٨٧
وتعرَّضت السفن المحمَّلة بالصوف لغارات القراصنة الذين سعوا لاقتناصها والاستيلاء عليها خاصة السفن الإيطالية المنوطة بنقل الصوف من إنجلترا، كما تعرَّضت سفينةٌ أخرى محمَّلة بالصوف قادمة من ميورقة في طريقها لبرشلونة عام ٨٠٠ﻫ/١٣٩٧م، لغارة القرصان الباسكي بيرو بايا Pero Paya فاستولى على السفينة وما بها من بضائع، وبعد أن فرغ من نهبها وسرقتها حرقها.٢٨٨

الجُمهوريات الإيطالية

من بين المناطق التي نشطت معها تجارة الغرب الإسلامي وبالأخص تجارة النَّسيج؛ الجُمهوريات الإيطالية (جنوة، بيزا، البندقية، أمالفي)، فكان لوضعها الجغرافي دورٌ محوري في تجارتها عبر البحر المتوسط،٢٨٩ ومحطة لإعادة توزيع البضائع سواء القادمة من الغرب الأوروبي أو المشرق الإسلامي لبلدان البحر المتوسط،٢٩٠ من الكَتَّان المصْري والصقلي الذي نقله التجار الجنويون لمُدن الغرب الأوروبي وجنوة ليُعاد تصنيعه وبيعه ومن ثم تصديره إلى مُدن وبلدان الغرب الإسلامي.٢٩١
واحتلت تجارة الأصواف مكانةً كبيرة في المبادلات التجارية بين الغرب الإسلامي والجمهوريات الإيطالية،٢٩٢ فكانت كل من بجاية وتونس وجربة وطرابلس من أكثر المُدن المصدرة للصوف إلى مرسيليا وجنوة وبيزة والبندقية،٢٩٣ وطلب الصوف الأندلسي للممالك الإسبانية على الرغم من أن مواصفاته أقل من الصوف الإنجليزي في صناعة المَنْسوجات الصوفية الخشنة وذلك على حد قول أوليفيا ريمي كونستبل،٢٩٤ لأن الجمهوريات الإيطالية أنتجت صوفًا رديئًا نسبيًّا مقارنة بالأصواف الأخرى؛ لذا اضطرت إلى الاعتماد على الصوف القادم من غرب البحر المتوسط.٢٩٥
ونظرًا للاضطرابات السياسية في المغرب الأقصى في القرن ٧ﻫ/١٣م، تقلص عدد الرحلات التجارية في ذلك الوقت وتركَّزت على مدينة بجاية وتونس،٢٩٦ وعلى الرغم من توقُّف العلاقات التجارية وتعطُّلها بينهما زمن الحملة الصليبية على تونس عام ٦٦٩ﻫ/١٢٧٠م فإنها لم تنقطع وبدأت مرةً أخرى، فعاد الهدوء والسلام النسبي بينهما،٢٩٧ وعلى الجانب الآخر استوردت بلدان الغرب الإسلامي الأقمشة من فرنسا وجنوة وميلان.٢٩٨
وكان لموانئ وهران وهنين وسبتة دورٌ مهم في ربط التجارة الأوروبية بمُدن الغرب الإسلامي خاصة وهران؛ فانتظمت بها الحركة التجارية وكُثِّفت باتجاه مرسيليا، فاحتلت المرتبة الأولى في تجارتها في ذلك الوقت التي استمرت لمنتصف القرن ٨ﻫ/١٤م.٢٩٩
واعتبرت بجاية من بين أكثر الموانئ المغربية أفضلية بالنسبة لجنوة من حيث قيمة وقدر المبادلات التجارية بصفةٍ عامة، فبين عامي ٥٥٠ﻫ/١١٥٥م–٥٥٩ﻫ/١١٦٤م بلغت قيمة التعامل التجاري بينهما ٥٢٢٨ ليرة جنوية، وحظيت سبتة بتعامل تجاري وصل ﻟ ١٦٨٣ ليرة، وتونس ﻟ ٨٠٢ ليرة، وسلا ﻟ ٣٩٠ ليرة، وطرابلس ﻟ ١٤٢ ليرة.٣٠٠
وتبرز العقود التجارية التي ورد ذكرها في الوثائق الجنوية حجم المبادلات التجارية للنسِيج، خاصة القادم من المُدن الإيطالية، وبالأخص جنوة في اتجاه أسواق الغرب الإسلامي، ففي عام ٥٥٣ﻫ/١١٥٨م أرسل التاجر اليهودي إسماعيل لشريكه في بجاية حُمولة من القُطْن تبلغ ثلاثة عشر قنطارًا بواسطة شركةٍ تجارية ليمونوس دي نيرفي Raimundus de Nervi، بالإضافة إلى سبعة قناطير أخرى؛ لتُباع في الأسواق المغربية؛ لأن التجارة الجنوية مع موانئ الغرب الإسلامي شكلت جانبًا مهمًّا في جنوة؛ فكانت تمثل ضمانات لقروض بحرية تجارية،٣٠١ وفي عام ٥٥٤ﻫ/١١٥٩م أُبرم عقدٌ تجاري بين التاجرين الجنويين دي ريفينو De Rufine ودي دالنو De Dalneo، لإرسال شحنةٍ تجارية لبجاية من الفلفل والتوابل والقُطْن بما قيمته ٥٣ ليرة جنوية، وحَمل التاجر الجنوي ريسبيس غيدو دي بونو في عام ٥٥٥ﻫ/١١٦٠م، قطعًا من القُطْن بعد أن سدَّد رسوم الشحن التي قاربت إحدى عشرة ليرة لإرسالها لبجاية،٣٠٢ ونقل كمية من الأبسطة عام ٥٥٥ﻫ/١١٦٠م لمدينة سبتة عن طريق التجار الجنويين، حَمل بوتاروليوس Botarolius أربعة منها،٣٠٣ ونقل التاجر الجنوي أيدو وليام في عام ٥٥٧ﻫ/١١٦١م، عشر قطع من الحرير الفاخر إلى بجاية بما قيمته ٣٢ ليرة جنوية،٣٠٤ كما تعاقد تاجرٌ جنوي آخر في عام ٥٥٧ﻫ/١١٦١م على نقل ٩٤ رطلًا من الحرير الخام وعشرة أثْوَاب من الكَتَّان الإسباني لبلاد المغرب،٣٠٥ ووقَّع التاجر جيوفاني سكريبا عقدًا في نفس العام من أجل شحن عشر قطع ثِياب أَنْدلسية له.٣٠٦
واتفق التاجر أنفوساس ناتا Anfossus Nata عام ٤٥٣ﻫ/١١٦١م على نقل كمية من الكَتَّان لبجاية لصالحه يستغل ربحها في شراء بعض السلع المغربية والمتاجرة بها، بالإضافة لكمية أخرى لمصلحة بلانكاردوس Blancardus،٣٠٧ وحَمل التاجر بونوسيوهيانس ليركاريوس كمية من الحرير والكَتَّان الإسباني إلى بجاية، فتلقَّى تعليمات بشراء الشمع أو حجر الشب أو الذهب من ربح عملية البيع في أيٍّ من الأماكن على ساحل المغرب أو في وهران أو سبتة، ليسدِّد ثمن بعض مَنْسوجات قد اشْتُريت من جنوة؛ لأن السداد ارتبط بالوصول الآمن للسفينة ولحمولتها.٣٠٨
وفي عقدٍ آخر سُجِّل في العام ذاته نقل التاجر الجنوي بونوسيوهانيس Bonusiohannis كمية من الحرير لصالح التاجر ويليام مالوناس William Mallonus بقيمة ٩٤ ليرة جنوية لبجاية،٣٠٩ وعام ٤٥٥ﻫ/١١٦٣م قام إنجو بيديلوس Ingo Bedellus بنقل كميات من الحرير والورق بما يفوق ٣٢ ليرة إلى تونس لصالح ويليام كيريولاس William Ciriolus، وفي عام ٤٥٧ﻫ/١١٦٤م نُقلت كمية من القُنَّب لبجاية بقيمة ٤٤ ليرة،٣١٠ وحُمِلَتْ كميةٌ كبيرة من المَنْسوجات الجنوية إلى بجاية في عام ٥٥٩ﻫ/١١٦٤م قُدرت قيمتها ﺑ ٤٤ ليرة.٣١١
وشحن في عام ٥٧٨ﻫ/١١٨٢م فاسالوس ستراليرا Vasallus Straleira كمية من الحرير بقيمة ثماني عشرة ليرة لسبتة، واحتفظت مَنْسوجات الغرب الإسلامي بتواجدها في الأسواق الإيطالية، وهو ما أظهرته بعض العقود التجارية؛ ففي عقدٍ مؤرَّخ في ٥٨٠ﻫ/١١٨٤م ذُكر فيه جملة من قطع النَّسيج مكونة من ستة أثْوَاب من صوفٍ غرناطي أربعة منهم خضر واثنان باللون البني.٣١٢
واتفق التاجر رولاندوس دي ساويا Rolandus de Suddea في عام ٥٨٢ﻫ/١١٨٦م على شحن ما يقرب من ٢٨ قطعة من الأبسطة قيمتها ٢٨ ليرةً جنوية، والتاجر أوتو دي كاستيلو Otto de Castello الذي حَمل ٤٩ قطعة قيمتها ٢٤٫٥ ليرة لمصلحة أوتو مالوناس Otto Mallonus، بالإضافة لبعض من قطع السجاد المصنوع من السَّاج والمُطعَّم بالمجوهرات واللؤلؤ والمُعطر بالمسك، كما حُمِلَتْ بعض الأقمشة الصوفية كالسَّاج لبجاية ولعلها قادمة من مصْر أو بلاد المشرق، وفي عام ٥٨٧ﻫ/١١٩١م نُقلت كميةٌ كبيرة من الساج لسبتة بواسطة التجار الجنويين، وفي العام التالي نُقلت كميةٌ أخرى لسبتة وبجاية بقيمة ٢٣ ليرة.٣١٣
وشغل قماش الفستيان Fustians حيزًا في المبادلات التجارية بين جنوة والمغرب، فلاقى رواجًا كبيرًا، وجُلب بواسطة التجار اللومباردين من مراكز تصنيع الأقمشة الشهيرة في مدينتي ميلانو وبافيا Milan & Pavia ثم إلى جنوة،٣١٤ ففي عام ٥٨٨ﻫ/١١٩٢م حمل التاجر اللمباردي فيسكيانو إيكموس Ficiano Iacomus بالَتَين من قماش فستياني غير مصبوغ إلى بجاية.٣١٥
وظلت تونس لفتراتٍ طويلة من أهم الأماكن المصدِّرة للصوف للمُدن الإيطالية؛ لأن نسبةً كبيرة من سكانها كانوا دباغين وتجار أصواف وفراء، فبين عامي ٥٩٢–٥٩٤ﻫ/١١٩٥–١١٩٧م باع بعض التجار التونسيين كمية من جلود الأغنام، قُدِّرت بتسعة قنطارات، لعدد من التجار البيزيين، كما حصل التاجر البيزي باسي باسنو Pace Pisano على شحنة من جلود الأغنام بلغت قيمتها ١٥١٨ دينارًا،٣١٦ وحصل عدد من التجار البيزيين والجنويين على ٢٣٤٠ قنطارًا من الجلد المدبوغ وجلود المواشي،٣١٧ وهذه الكميات الكبيرة من الجلود والأصواف تظهر الطلب المتزايد لتلك السلعة التي دائما كانت مطلبًا لعدد من المُدن في ميورقة وجنوة وبيزا.٣١٨
وأُرسلت في عام ٥٩٤ﻫ/١١٩٧م كمية من الكَتَّان من جنوة بقيمة ٥٣ ليرةً إلى سبتة، وفي عام ٥٩٧ﻫ/١٢٠٠م أُرسلت شحنة أخرى من الكَتَّان بقيمة ٥٩ ليرةً لسيدة تُدعى ياكوبا زوجة التاجر أيدو مالوناس Ido Mallonus في بجاية، ولعلها مرسلة من مدينة شامبين Champagne أحد مراكز صناعة الكَتَّان المهمة في الغرب المسيحي، بالإضافة إلى مدينة كولون الألمانية وشبة الجزيرة الأيبرية، فمنها يُعاد تَصدير وبيع الكَتَّان لموانئ الغرب الإسلامي عن طريق التجار الجنويين، ونقل التاجر الجنوي بونوسيوهانيس Bonusiohannis كمية من الكَتَّان الأندلسي لبجاية تقدر ﺑ ٤٣ مقياسًا — كانة — لصالح التاجر ويليام مالوناس William Mallonus.٣١٩
ومع بداية القرن ٧ﻫ/١٣م شهدت العلاقات التجارية الجنوية مع بلدان الغرب الإسلامي نشاطًا ملحوظًا، فوقَّعت جنوة عددًا من المعاهدات التجارية للحصول على بعض الامتيازات التجارية، التي من خلالها تستطيع الحصول على المواد والسلع التي ترغب في المتاجرة فيها،٣٢٠ فتصدر ميناء سبتة قائمة المعاملات التجارية الجنوية خلال النصف الأول من هذا القرن، تليها بجاية التي بدأت أهميتها التجارية تزداد.٣٢١
وهناك إشاراتٌ تدل على أن المَنْسوجات الغرب إسلامية — خاصة الأندلسية — وُجدت بأسواق أوروبا من خلال قائمة الضرائب التي فرضتها مونبيليه بفرنسا،٣٢٢ كالتي فُرضت على مَنْسوجات أَنْدلسية على المناطق الواقعة على طول نهر يبرو Ebro، كما وَضع حكام طليطلة عام ٦٠٤ﻫ/١٢٠٧م ضريبة على المَنْسوجات الأندلسية، وهو ما أبرزته العقود الجنوية خلال تلك الفترة التي ذكرت أصنافًا من الحرير الأندلسي بيعت في جنوة خاصة في مجموعة من العقود الجنوية المؤرخة في ٥٩٧ﻫ/١٢٠٠م، و٦٢١ﻫ/١٢٢٤م و٦٣٦ﻫ/١٢٣٨م.٣٢٣
ففي إحدى الرسائل التجارية التي أرسلها التاجر التونسي «محرز القابسي» يشكو فيها من تاجرٍ بيزي تأخر عن دفع ثمن شحنة من الجلود والصوف، قُدرت بتسعة قناطير وثمنها ٢٩٫٥ دينارًا، وأنه دفع منها خمسة دنانير فقط، فيذكره بقوله: «فأنت يا صديقي ذكرك ذكر خير عندنا، وأنت مشكور الأحوال عند التجار، وعند من سافر معك.»٣٢٤ فضلًا عن كميات من الجلود وجزز الشياه — التي استخلص منها الصوف — فكان من جملة ما بيع في إحدى الصفقات التجارية لبعض التجار البيزيين ١٤٨٥ جلد خروف بقيمة ٢٥١٫٦ دينارًا،٣٢٥ فيظهر الاحترام المتبادل والعلاقات الودية بين التجار البيزيين والتونسيين من خلال قول محرز القابسي في رسالته: «أنت أيها الصديق العزيز لك سمعةٌ طيبة في بلادنا، وتتمتع أنت ومن يأتي معك باحترام التجار.»٣٢٦ ما يعكس رغبة تجار الغرب الإسلامي في استمرار تلك العلاقات قائمة، رغم الفتور السياسي في بعض الأوقات، أو تعنت تجار المُدن الإيطالية عن سداد ما عليهم لصالح التجار المسلمين.
كما كان لبعض العائلات التجارية الجنوية نشاطٌ ظاهر داخل مناطق الغرب الإسلامي، خاصة عائلة التاجر الجنوي ماندويل Manduel ففي ٦٢٩ﻫ/١٢٣٢م، الذي كلف ابنه بالسفر من جنوة إلى وهران لنقل ست شحنات من القُطْن في اتجاه ميناء وهران ومنطقة تلمسان، وهذه العائلة لم تتردَّد في الحصول على منافذَ تجاريةٍ تلمسانية،٣٢٧ لأن تلمسان من المناطق التي تعاملت معها الجمهوريات الإيطالية، لجلب الأكسية الصوفية والقطنية وكذلك الكتانية والحريرية، لا سيما تجار بيزا والبندقية،٣٢٨ وفي الاتجاه المقابل تواجد تجار الغرب الإسلامي في أسواق جنوة، ففي عام ٦١٩ﻫ/١٢٢٢م سافر التاجر السبتي محمد بن معلم إلى جنوة على ظهر سفينةٍ جنوية، ومعه العديد من السلع لبيعها.٣٢٩
ولم يَغب التجار الفرنسيون عن المشهد التجاري في الغرب الإسلامي؛ فأرسل التاجر المرسيلي بيار قاروت Pierre Garotier في عام ٦٢٧ﻫ/١٢٣٣م وسْقَين من القُطْن مع التاجر هوق دي تامبل Hugues du Temple من مرسيليا لبيعها في بجاية،٣٣٠ وفي عقدٍ جنوي مؤرخ في ٦٢٢ﻫ/١٢٢٥ يشير إلى أن ١٨٠٫٥ رطلًا من الحرير الأندلسي بيعوا لتجار من جنوة،٣٣١ كما أرسل التاجر الجنوي مانديال Manduel شحنة من القُطْن ومعها اثنتا عشرة قطعة من الحرير والقماش الكتاني لبجاية في٦٣٠ﻫ/١٢٣٣م، ونقل التاجر بيار فلقيي Pierre Falguiers من مرسيليا إلى بجاية كمية من قماش القُطْن وبعض المَنْسوجات الأخرى كاللحف.٣٣٢
وفي المقابل ونتيجة للغزو التجاري للأسواق الأوروبية من قِبَل مدن الغرب الأوروبي التي طوَّرت نشاطها الاقتصادي والتجاري فيما يتعلق بالصوف والكَتَّان والقطن وكذلك الحرير، فعلى الرغم من ذلك ظل الحرير الأندلسي محافظًا على قيمته التجارية فلم يجد منافسًا قويًّا لفتراتٍ طويلة، لأن مصانع الغرب الأوروبي رغبت في تصنيع الصوف الخام والكَتَّان والقُطْن أكثر من الحرير، وهو ما تؤكده عقود التجارة؛ ففي مملكة أراجون في عهد الملك جيمس الأول هناك غيابٌ تام لمَنْسوجات الغرب الإسلامي خاصة الأندلسية في أسواق أراجون، في حين توافرت المَنْسوجات الفلامندية والإيطالية وكذلك من ميلانو وبرشلونة والعديد من المُدن المسيحية، بعد أن منح جيمس الأول للتجار المحليين بعض الامتيازات التجارية لإجادتهم أعمالهم وما يتعلق بتجارة النَّسيج.٣٣٣
فقد طلب تاجر من دينة ومونبيليه يُدعى سيمون ريكارد Simon Ricard عن طريق وكيله في مدينة مرسيليا عام ٦٤٦ﻫ/١٦ مارس ١٢٤٠م، إعطاء ٥٤٣ Sous للتاجر المرسيلي جان فيلافور Jean Villefort والمسافر إلى سبتة ليشتري بها كمية من الحرير،٣٣٤ وفي عام ٦٥٩ﻫ/١٢٥٧م قام التاجر الجنوي بوونجيونفاني براسيو Buongionvanni Baurratio بنقل أربعة عشر رطلًا في كيس من القُطْن القادم من بلدان المشرق.٣٣٥
وتُظهر العديد من الوثائق أهمية تجارة الصوف في العلاقات التجارية بين الغرب الإسلامي ومُدن الغرب المسيحي؛ ففي الخمسة شهور الأولى من عام ٦٨٨ﻫ/١٢٨٩م نقل تجارٌ جنويون كميةً كبيرة من الصوف [قُدرت بثمانية مكاييل] لعدد من المُدن والموانئ المسيحية، وما حصل عليه أحد التجار الجنويين بعد أن كلف نائبه بشراء ٤٠٠ قنطار من الصوف و٩٠ قنطارًا من الجلد المدبوغ، وأيضًا ما تعاقد عليه التاجر البيزي فرانسيس ميلا Frances Mella في ٢٤ أبريل عام ٦٨٨ﻫ/١٢٨٩م لشراء ١٥٠ قنطارًا من الصوف شُحن من مدينة بونة،٣٣٦ وفي جمادى الأولى ٦٩٠ﻫ/مايو ١٢٩١م، حمَّل تاجر بيزي على ظهر سفينة بندقية كميةً كبيرة من الصوف والشمع من ميناء عنابة.٣٣٧
وتوجد إشارات عن التبادل التجاري للنسِيج بين موانئ الغرب الإسلامي وموانئ جزيرة قُبرص عن طريق التجار الجنويين، كالتاجر الجنوي سيموني دي بارا Simone de Barra الذي وفر السفن التجارية للعديد من التجار لحمل كميات تحوي ما بين ٦٠–٨٠ قنطارًا من القُطْن من جزيرة قبرص لميناء بجاية، وكان ذلك عام ٧٠١ﻫ/١٣٠١م عن طريق التاجر أنطونيو إليونيس دارنزانو Antonio Elianis de Arenzano.٣٣٨
وتدلُّ بعض الوثائق الجنوية أن صوف المرينو صُدِّر إلى جنوة عن طريق تجارٍ تونسيين لأسواق الغرب المسيحي، ففي رسالة عام ٧٠٧ﻫ/١٣٠٧م، الصادرة من قنصل الجالية الجنوية في مدينة بيزا، تذكر أن سيمون ستاتكوني الموكل من قبل بسكال أوسوديماري أن تارتارنيودي نيجرو تسلم ٤٩ كيسًا من الصوف المريني أرسلها جابر بن بسكال من تونس والمناطق المجاورة.٣٣٩
وتُظهر معاهدةٌ تجارية بتاريخ ٢١ جمادى الأولى ٧١٣ﻫ/١٤ سبتمبر ١٣١٣م، جاءت في فقرةٍ صريحة تقضي بعدم دفع التجار البيزيين لأي ضرائب عند بيعهم الكَتَّان أو القُطْن: «وإذا باع بيشاني كتانًا أو قطنًا أو غير ذلك من السلع الموزونة، فلا يؤدي في ذلك رطلًا ولا طعمًا للديوان ولا للتراجمة.»٣٤٠
وفي عام ٧٥٨ﻫ/١٣٥٦م وضمن الاتفاقية الموقَّعة بين طرابلس والبندقية التي نصت على أن هناك ضريبة تُدفع على الصوف، وخاصة أردأ الأنواع من الصوف؛ فكان يُدفَع «تومين» واحدٌ على كل بيزنظي من ثمن الصوف، وتلك الضريبة تُدفع للتراجمة، وهم من يقومون بالوساطة التجارية في الصفقات من السلع والبضائع،٣٤١ وهذه الاتفاقية تُدلِّل على أن العلاقات التجارية بين مدن الغرب الإسلامي والبندقية قد استمرت حتى منتصف القرن ٨ﻫ/١٤م، ولعلها استمرت بعد ذلك.
وعلى الرغم من ذلك فقد استمرت العلاقات التجارية بين الجمهوريات الإيطالية ومدن الغرب الإسلامي، وخاصة مدن المغرب ومن ضمنها جربة، التي قصدتها القوارب والسفن التجارية القادمة من بيزا وجنوة لتحميل الأصواف الناعمة التي اشتهرت بها؛ لما امتلكته من ثروةٍ حيوانية ومقوِّماتٍ زراعية أهَّلتها لأن تكون الوجهة المفضَّلة لشراء الصوف إبان القرن ٨ﻫ/١٤م.٣٤٢
واتجهت المبادلات التجارية للنسِيج مع بلدان الغرب الإسلامي في القرن ٩ﻫ/١٥م إلى بدائلَ أخرى خاصةٍ مع الغرب الأوروبي،٣٤٣ فمراسلات التاجر التوسكاني دانتي Datini تفيد بأن المغرب الإسلامي لم يفقد أهميته التجارية بالنسبة للصوف مع ميورقة، وتؤكد على قيام العديد من المبادلات التجارية للصوف في معظم بلدان المغرب عن طريق التاجر اليهودي استيرش إكسبيلي Asturuch Xibili،٣٤٤ وفي عام ٨٤٩ﻫ/١٤٤٤م منع المجلس البلدي البندقي تصدير القُطْن القادم من بلاد الشَّام إلى المغرب؛ لأن التجار البنادقة أعادوا تصدير القُطْن السوري إلى موانئ بجاية،٣٤٥ كما وقعت بعض الخلافات في عام ٨٦٤ﻫ/١٤٥٩م بين التجار الجنويين تُظهِر أن التاجر الجنوي جورج جرجير ستيلا كان من أبرز التجار الذين اهتموا بتوريد بعض المَنْسوجات والمواد الخام لطرابلس، ومن مستوردي الصوف والكَتَّان خاصة من قسنطينة قبل عام ٨٧٥ﻫ/١٤٧٠م، بالإضافة إلى العديد من الأعمال التجارية الأخرى التي تعامل معها وغيره من التجار الجنويين.٣٤٦

هوامش

(١) عبد العزيز العلوي: صناعة النَّسيج، ص٦٠.
(٢) Avner Greif: Reputation and Coalitions in Medieval Trade, p. 870.
(٣) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٨٦؛ الإدريسي: نزهة المشتاق، ج١، ص٢٥٤.
(٤) الإدريسي: المصدر السابق، ج١، ص٢٤١؛ الحميري: المصدر السابق، ص٢٣١.
(٥) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج١، ص٢٣١؛ مقديش: نزهة الأنظار، ج٢، ص٦٩.
(٦) الإدريسي: المصدر السابق، الجزء السابق، ص٢٢٦؛ الحميري: الروض المعطار، ص٣٠٥.
(٧) فرحة الأنفس، ص٢٣-٢٤.
(٨) الحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص٥٩؛ مجهول: ذكر بلاد الأندلس، ص٦١-٦٢.
(٩) ترصيع الإخبار، ص٩٦؛ ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج١، ص١٩٥.
(١٠) المصدر السابق، ص١٥٩.
(١١) صفة جزيرة الأندلس، ص٢١.
(١٢) مجهول: الاستبصار، ص١٨٩.
(١٣) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٧٤.
(١٤) ابن حوقل: المصدر السابق، ص٨٠؛ الإدريسي: المصدر السابق، ج٢: ص٥٣٠-٥٣١.
(١٥) البكري: المغرب، ص٦٥-٦٦.
(١٦) الزهري: الجغرافية، ص١٠٩.
(١٧) ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب، ج٢، ص٩١؛ الحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص٢٤.
(١٨) الحميري: نفس المصدر، ص١٦٨.
(١٩) رسلان: دراسة للنسِيج المذهب في صِقِلِّيَّة، ص١٠.
(٢٠) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٩٥؛ الحميري: الروض المعطار، ص٥٦٠.
(٢١) أمين توفيق الطيبي: جوانب من النشاط الاقتصادي في المغرب، ص٤٥٧.
(٢٢) جواتيان: النظم الإسلامية، ص٢٤٢.
(٢٣) جمال طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، ص٦٦.
(٢٤) الزهري: الجعرافية، ص١١٣-١١٤.
(٢٥) لطيفة بشاري: العلاقات التجارية للمغرب الأوسط في عهد إمارة بني عبد الواد، ص٢٠٥.
(٢٦) Dufourcq: Espagne Catalane et Le Maghrib, p. 545.
(٢٧) الإدريسي: المصدر السابق، ج٢، ص٢٣٩-٢٤٠.
(٢٨) توفيق الطيبي: المرجع السابق، ص٤٦٥.
(٢٩) مارمول: أفريقيا، ج٣، ص٨.
(٣٠) ابن سعيد: الجغرافيا، ص١٤١.
(٣١) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange in the Genoese-African Traffic of the Twelfth Century: Speculum, Vol. 12, No. 1 (Jan., 1937), p. 67.
(٣٢) برنشفيك: إِفْرِيقِيَّة في العهد الحفصي، ج٢، ص٢٧٣.
(٣٣) نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٥٢؛ صفة المغرب وأرض السودان ومصر والأندلس، مأخوذة من كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، مطبعة ليدن، ١٨٩٣م، ص١٨٨؛ الحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص١٣٢-١٣٣.
(٣٤) Moshe Gil: References to Silk in Geniza Documents, p. 33.
(٣٥) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار في الأندلس، ص٢٦٤.
Moshe Gil: Op.cit., p. 34.
(٣٦) Moshe Gil: Ibid., p. 32.
(٣٧) صورة الأرض، ص١٠٥.
(٣٨) ابن حوقل: صورة الأرض، ص١٠٩.
(٣٩) مختصر كتاب البلدان، ص٨٤.
(٤٠) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٣٣١.
(٤١) الجغرافية، ص١٢٩.
(٤٢) Moshe Gil: References to Silk in Geniza Documents, p. 33.
(٤٣) Sarah. C. Davis: Sicily and the Medieval Mediterranean, p. 213.
(٤٤) Moshe Gil: Op.cit., p. 33.
(٤٥) الإدريسي: صفة المغرب، ص١٩٣؛ الحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص١٧٠.
(٤٦) نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٥٦؛ صفة المغرب، ص١٩٢؛ الحموي: معجم البلدان، ج٥: ص١١٤-١١٥.
(٤٧) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٦٢.
(٤٨) المعيار، ج٥، ص١٠٧-١٠٨.
(٤٩) مازونة: مدينة بالقرب من مستغانم وتقع على بعد ستة أميال من البحر ولها بساتين وأسواقٌ عامرة. الحميري: الروض المعطار، ص٥٢١.
(٥٠) الجغرافية، ص١٠٩، ص٣١.
(٥١) De Mas Latrie: Traités de paix et de commerce et documents divers concernant les relations des chrétiens avec les Arabes de l’Afrique septentrionale au moyen-âge/recueillis par ordre de l’empereur et publiés avec une introduction historique, Paris, H. Plon, 1866, p. 211.
سلفاتوري بونو: العلاقات التجارية بين بلدان المغرب وإيطاليا في العصر الوسيط، ص٣٢٨.
(٥٢) De Mas Latire: Op.cit., p. 31.
(٥٣) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange in the Genoese, p. 59-60.
(٥٤) الطيبي: جوانب من النشاط الاقتصادي في المغرب، ص٤٦٤.
(٥٥) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٧٠؛ المقدسي: أحسن التقاسيم، ص٣٣٩.
(٥٦) جواتيان: النظم الإسلامية، ص٢٣٩.
(٥٧) مجهول: تذكرة النسيان في أخبار ملوك السودان، هوداس باريس، ١٩٦٦، ص١٠٠.
(٥٨) السراج الأندلسي: الحلل السندسية، ص٢٨١.
(٥٩) التجاني: رحلة التجاني، ص٢٦؛ أبو الفداء: تقويم البلدان، ص١٤٥؛ الحميري: الروض المعطار، ص٣٣١؛ الأندلسي: المصدر السابق، ص٢٨١.
(٦٠) Lombard; Les Textiles, p. 33.
(٦١) أبو الفداء: تقويم البلدان، ص١٤٥.
(٦٢) العمري: مسالك الأبصار، ج٤، ص١٤٦؛ القلقشندي: صبح الأعشى، ج٥، ص١٠٢؛ الوزان: وصف أفريقيا، ص٤٤٧؛ برنشفيك: إِفْرِيقِيَّة في العهد الحفصي، ج٢: ص١٤١.
(٦٣) ابن مرزوق التلمساني: المناقب المرزوقية، ص١٩٠.
(٦٤) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج١، ص٢٨٢؛ الروض المعطار، ص٥٦١.
(٦٥) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٩٤.
(٦٦) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٤٢٨.
(٦٧) ابن الصباح: أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار، ص٦٠.
(٦٨) التجاني: رحلة التجاني، ص١٢٢؛ الأندلسي: الحلل السندسية، ص٣٥٧.
(٦٩) أبو الفداء: تقويم البلدان، ص١٩٣؛ ابن سعيد: الجغرافيا، ص١٤٥.
(٧٠) الروض الباسم، ص٣٦.
(٧١) المصدر السابق، ص٦٧.
(٧٢) العمري: مسالك الأبصار، ج٤، ص٩٨.
(٧٣) الزهري: الجغرافية، ص١١٣-١١٤.
(٧٤) محمد المنوني: ورقات عن الحضارة المغربية، ص١٠٨.
(٧٥) كتاب الجغرافيا، ص١٤٠.
(٧٦) ابن الخطيب: معيار الاختيار، ص٩٩.
(٧٧) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٧٦.
(٧٨) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج١، ص٢٤٠.
(٧٩) ابن الخطيب: المصدر السابق، ص١١٣.
(٨٠) الزهري: المصدر السابق، ص١١٥؛ الوزان: وصف أفريقيا، ج١، ص١١٤، ٢٢٠؛ مارمول: أفريقيا، ج٢، ص١٤١.
(٨١) البكري: المغرب، ص١٤٧.
(٨٢) ابن الوزان: المصدر السابق، ص٤٦٦؛ محمد حسن: المدينة والبادية، ص٣٩.
(٨٣) الإدريسي: المصدر السابق، ج١، ص٢٣٢.
(٨٤) المصدر السابق، ص١١٨.
(٨٥) المصدر السابق، ص١١٤.
(٨٦) صورة الأرض، ص١٠٩.
(٨٧) أحسن التقاسيم، ص١٣٩.
(٨٨) المصدر السابق، ص١٠٩-١١٠.
(٨٩) العذري: ترصيع الأخبار، ص٢٢.
(٩٠) المقري: نفح الطيب، ج٤، ص٢٠٧.
(٩١) صفة جزيرة الأندلس، ص٢٤.
(٩٢) شيخ الربوة: نخبة الدهر في عجائب البر والبحر، ١٨٦٥م، ص٣٢٠-٣٢١.
(٩٣) الزهري: الجغرافية، ص١٠١؛ الإدريسي: صفة المغرب، ص١٩٧؛ المقري: المصدر السابق، ج٤، ص٢٠٧.
(٩٤) ابن غالب: وصف الأندلس، ص٢٨٣-٢٨٤.
(٩٥) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٦٢؛ محمد الكحلاوي: مراكز صناعة الحرير في الأندلس، ص٢٠٨.
(٩٦) محمد مرسي الكحلاوي: المرجع السابق، ص٢١١.
Sharon Hoshta: Almeria Silk and the French Feudal Imaginary Toward a “Material” History of the Medieval Mediterranean, p. 168.
(٩٧) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٢٣.
(٩٨) الزهري: الجغرافية، ص٩٤.
(٩٩) خالد بن عبد الله: مدينة مالقة منذ عصر الطوائف حتى سقوطها، ص٢٥٢-٢٥٣.
(١٠٠) ابن سعيد: كتاب الجغرافيا، ص١٤٠؛ المغرب في حلى المغرب، ج١، ص٤٢٤؛ المقري: نفح الطيب، ج٣، ص٢١٩-٢٢٠، ج١، ص١٨٧؛ خالد بن عبد الله: المرجع السابق، ص٢٥٢-٢٥٣؛ ريكاردو: الصناعات المتوسطية، ص٢٤٦.
(١٠١) صالح محمد فياض: الزراعة في الأندلس وأثرها على التصنيع الزراعي، ص٢٠٠-٢٠١.
(١٠٢) المصدر السابق، ص١٢٤.
(١٠٣) الحميري: الروض المعطار، ص٤٦٩.
(١٠٤) العذري: نصوص الأندلس، ص١٩.
(١٠٥) المقري: المصدر السابق، ج٣، ص٢٢١؛ ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج٤: ص٢٤٩.
(١٠٦) ابن حوقل: صورة الأرض، ص١١٤.
(١٠٧) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار في الأندلس، ص٢٦٥.
(١٠٨) الحميري: الروض المعطار، ص٥٩.
(١٠٩) فائق بكر الصواف: بعض مظاهر الحضارة في صِقِلِّيَّة، ص١٢٧.
(١١٠) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٢٩؛ العمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، ج٤، ص١٢٧.
(١١١) العمري: المصدر السابق، ج٤، ص١٠٠.
(١١٢) المصدر السابق، ج١، ص٢٣٩.
(١١٣) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج١، ص٢٤٠.
(١١٤) ابن الخطيب: خطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف، ص١٠٢.
(١١٥) كتاب الجغرافيا، ص١٣٩.
(١١٦) المصدر السابق، ص٩٩.
(١١٧) الحميري: الروض المعطار، ص٦١٢: ٦١٣.
(١١٨) العمري: مسالك، ج٤، ص٩١.
(١١٩) الحميري: المصدر السابق، ص٨١.
(١٢٠) المصدر السابق، ج١، ص١١٢.
(١٢١) الإدريسي: نفس المصدر، ج١، ص٢٩١.
(١٢٢) نزهة المشتاق: ج١، ص٢٨١.
(١٢٣) أوليفيا ريمي كونستبل: التجار المسلمون في تجارة الأندلس، ص١٠٦٣.
(١٢٤) Edourdo Aznar: Course et Piraterie dans Les Relations enter La Castle et Le Maroc, p. 65.
(١٢٥) Jose Hinojosa Montalvo: El Rino de Valencia, Frontera maritime enter Aragon y Granada, La frontera oriental nazarí comosujeto histórico (ss. XIII-XVI). Almería, 1997, p. 414.
(١٢٦) Jose Hinojosa: Op.cit., p. 416.
(١٢٧) الزهري: الجغرافية، ص٩٣؛ الحموي: معجم البلدان، ج٥، ص٤٣؛ المقري: نفح الطيب، ج١، ص١٤٥.
(١٢٨) طافور: رحلة طافور في عالم القرن الخامس عشر الميلادي، تحقيق: حسن حبشي، مكتبة الثقافة الدينية، ٢٠٠٢م، ص٦.
(١٢٩) الحموي: المصدر السابق، ج٤، ص١٨١.
(١٣٠) الإدريسي: صفة المغرب، ص١٩٣؛ الحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص١٧٠.
(١٣١) M. A. Santon. et R. G. de Linares: Los Documentos Arabes, p. 12.
(١٣٢) الزهري: الجغرافية، ص١٠١؛ الحميري: المصدر السابق، ص١٨٤.
(١٣٣) الزهري: المصدر السابق، ص١٠١.
(١٣٤) نفس المصدر، ص١٩٧؛ الحميري: نفس المصدر، ص١٨٣-١٨٤.
(١٣٥) نفح الطيب، ج٤، ص٢٠٦.
(١٣٦) عبد العزيز العلوي: صناعة النسيج، ص٥٩.
(١٣٧) مفتاح يونس الرباطي: العلاقات بين بلاد المغرب ودولة الكانم والبرنو، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة القاهرة، معهد الدراسات الأفريقية، ٢٠٠٥م، ص١٤٩.
(١٣٨) البكري: المغرب، ص٣٢٩؛ الحميري: الروض المعطار، ص٤٢٥؛ عبد العزيز العلوي: صناعة النسيج، ص٦٤.
(١٣٩) محمد المراني علوي: الإطار العام للعلاقات، ص٢١٥.
(١٤٠) منى سيد عبد العزيز: الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة الحفصية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة القاهرة، معهد الدراسات الأفريقية، ١٩٨٦م، ص١٤٩.
(١٤١) أمين توفيق الطيبي: دراسات وبحوث في تاريخ المغرب والأندلس، ص٢٩٧؛ جمال طه: العلاقات التجارية بين مُدن المغرب الشمالية ومُدن جنوب فرنسا، ص٦٢.
(١٤٢) لطيفة بشاري: العلاقات التجارية للمغرب الأوسط، ص٢١٠.
(١٤٣) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص١٧٧.
(١٤٤) البكري: المصدر السابق، ص١١١.
(١٤٥) مفتاح يونس الرباطي: العلاقات بين بلاد المغرب ودولة الكانم والبرنو، ص١٥٤.
(١٤٦) البلدان، ص٣٥٣.
(١٤٧) الحبيب بو لقطيب: الحياة الاقتصادية للحلف القبلي المصمودي ادس، ص٩٢-٩٣.
(١٤٨) أحسن التقاسيم، ص٢٣١.
(١٤٩) الزهري: الجغرافية، ص١٢٤.
(١٥٠) المصدر السابق، ص١٢٧.
(١٥١) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٥٤١؛ منى سيد عبد العزيز: الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة الحفصية، ص١٤٨.
(١٥٢) ابن الوزان: المصدر السابق، ص٤٢٨؛ مارمول: أفريقيا، ج٣، ص١١.
(١٥٣) البكري: المغرب، ص١٥٧-١٥٨.
(١٥٤) منى سيد عبد العزيز: الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة الحفصية، ص١٤٩.
(١٥٥) الروض المعطار، ص٤٦.
(١٥٦) البكري: المغرب، ص١٥٣.
(١٥٧) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج١، ص٢٣٢؛ مارمول: أفريقيا، ج٢، ص٦١.
(١٥٨) مجهول: الاستبصار، ص٢١٢.
(١٥٩) موسى: النشاط الاقتصادي، ص٣١١.
(١٦٠) التادلى: التشوف إلى رجال التصوف، ص٢٨١-٢٨٢.
(١٦١) الحميري: المصدر السابق، ص١٢٩.
(١٦٢) البكري: نفس المصدر، ص١٥٩.
(١٦٣) الإدريسي: صفة المغرب، ص٣.
(١٦٤) الزهري: الجغرافية، ص١٢٧.
(١٦٥) مفتاح يونس الرباطي: العلاقات بين بلاد المغرب ودولة الكانم والبرنو، ص١٥٦.
(١٦٦) لطيفة بشاري: العلاقات التجارية للمغرب الأوسط في عهد إمارة بني عبد الواد، ص٢١٢.
(١٦٧) John Vogt: Notes on the Portuguese Cloth Trade in West Africa, 1480–1540, The International Journal of African Historical Studies, Vol. 8, No. 4 (1975), p. 631.
(١٦٨) John Vogt: Notes on the Portuguese Cloth Trade in West Africa, p. 632.
(١٦٩) الجغرافية، ص٩٦.
(١٧٠) الزهري: المصدر السابق، ص١٢٧.
(١٧١) نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٥٦؛ صفة المغرب، ص١٩٢؛ الحموي: معجم البلدان، ج٥: ص١١٤-١١٥.
(١٧٢) العذري: ترصيع الأخبار، ص١٩.
(١٧٣) المصدر السابق، ص١٢٤.
(١٧٤) كتاب الجغرافيا، ص١٣٩.
(١٧٥) المسالك والممالك، ص١٥٣-١٥٤.
(١٧٦) الجغرافية، ص٣١.
(١٧٧) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٦٨.
(١٧٨) جواتيان: النظم الإسلامية، ص٢٦٩.
(١٧٩) الطيبي: دراسات وبحوث في تاريخ المغرب والأندلس، ص٤٦٨-٤٦٩.
(١٨٠) جواتيان: المرجع السابق، ص٢٢٧.
(١٨١) سوادي عبد محمد: صلاتٌ تجارية بين البصرة والمغرب الإسلامي من القرن الثاني الهجري حتى أواخر القرن الرابع، مجلة المؤرخ العربي، السنة ١٦، ع٤٣، ١٩٩٠م، ص١٦٢.
(١٨٢) أحسن التقاسيم، ص٣٣٩؛ أماري: المكتبة العربية الصِّقِلِّيَّة، ص٥٧؛ فائق بكر الصواف: بعض المظاهر في صِقِلِّيَّة، ص١٢٨.
(١٨٣) الزهري: الجغرافية، ص١٠١؛ الإدريسي: صفة المغرب، ص١٩٧؛ المقري: نفح الطيب، ج٤، ص٢٠٧.
(١٨٤) نخبة الدهر، ص٣٢٠-٣٢١.
(١٨٥) المقري: المصدر السابق، ج٣، ص٢٢١؛ ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج٤: ص٢٤٩.
(١٨٦) المصدر السابق، ص٥١.
(١٨٧) سوادي عبد محمد: صلاتٌ تجارية بين البصرة والمغرب، ص١٦٢.
(١٨٨) أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار، ص٤٧.
(١٨٩) الجزنائي: جني زهرة الآس، ص٧٩؛ النميرى: فيض العباب، ص٨٤، ٩١-٩٢.
(١٩٠) النميرى: المصدر السابق، ص٦٩.
(١٩١) التجاني: رحلة التجاني، ص٢٦؛ الحميري: الروض المعطار، ص٣٣١.
Lombard; Les Textiles, p. 33.
(١٩٢) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٩٧؛ سواد عبد محمد: صلاتٌ تجارية بين البصرة والمغرب، ص١٦٢-١٦٣.
(١٩٣) ابن حوقل: المصدر السابق، ص١١٤.
(١٩٤) الزهري: الجغرافية، ص١٠٩.
(١٩٥) مسالك الأبصار، ج٤، ص١٦٠.
(١٩٦) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٦٢؛ المقري: نفح الطيب، ج٤، ص٢٠٧.
(١٩٧) Lombard; Op.cit., p. 22.
(١٩٨) لورتنو: فاس في عهد بني مرين، ص٥.
(١٩٩) سامية مصطفى مسعد: المغاربة ودورهم الثقافي في مصر عصر سلاطين المماليك، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاحتماعية، الطبعة الأولى، ٢٠٠٣م، ص٢٤.
(٢٠٠) ابن القاضي: جذوة الاقتباس، ج٢، ص٥٦٠.
(٢٠١) ابن خلدون: العبر، ج٧، ص٢٢٧.
(٢٠٢) سامية مصطفى مسعد: المرجع السابق، ص٢٣.
(٢٠٣) المقدسي: أحسن التقاسيم، ١٦٩–١٩٧.
(٢٠٤) ابن الصباح: أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار، ص٤٧.
(٢٠٥) ابن مرزوق: المسند الصحيح الحسن، ص٢٨٥.
(٢٠٦) ميلاد بن لطفي: إِفْرِيقِيَّة والمشرق المتوسطي، ص٢٧٧.
(٢٠٧) Moshe Gil: References to Silk in Geniza Documents, p. 35.
(٢٠٨) الزهري: الجغرافية، ص٥٠.
(٢٠٩) مسالك الأبصار، ج٤، ص١٦٠.
(٢١٠) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٤٤.
(٢١١) Goitien: A Mediteeranean Society, Vol. 1, p. 171.
(٢١٢) بنيامين التطيلي: رحلة بنيامين التطيلي، ص٢٥٨.
(٢١٣) أوليفيا ريمي كونستبل: المرجع السابق، ص٢٤٤.
(٢١٤) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٦٧.
(٢١٥) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 91.
(٢١٦) الطيبي: جوانب من النشاط الاقتصادي في المغرب، ص١٥١.
(٢١٧) Goitein: A Mediterranean society, Vol. 1, p. 303.
(٢١٨) الطيبي: المرجع السابق، ص١٥٢.
(٢١٩) Goitein: A Mediterranean society, Vol. 1, p. 343.
(٢٢٠) Ibid., p. 345.
(٢٢١) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٧٣.
(٢٢٢) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean, p. 88, 89-90.
(٢٢٣) Moshe Gil: Op.cit., p. 87.
(٢٢٤) Sarah. C. Davis; Sicily and the Medieval Mediterranean, p. 210.
(٢٢٥) Sarah. C. Davis: Op.cit., p. 209.
(٢٢٦) ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة المسماة «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، تحقيق: عبد الهادي التازي، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سلسلة التراث، ١٩٩٧م، ج١، ص٢٢٣.
(٢٢٧) Sarah. C. Davis; Sicily and the Medieval Mediterranean, p. 209.
(٢٢٨) Sarah. C. Davis; Op.cit., p. 210.
(٢٢٩) الروض الباسم، ص١٧.
(٢٣٠) أمين توفيق الطيبي: العلاقات بين جزيرتي جربة وصِقِلِّيَّة، ص٢٥٠؛ جمال طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للغرب الإسلامي، ص١٥٢؛ أحمد مصطفى: الحياة الاقتصادية في المغرب، ص٢٣٠.
(٢٣١) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 582.
(٢٣٢) Mas de Liter: Traités de paix et de commerce et documents, p. 223-224.
(٢٣٣) محمد المراني علوي: الإطار العام للعلاقات المغربية مع جمهوريات المُدن الإيطالية، ص٢٢٥.
Tahar Mansouri: Produits Agricoles et Commerce Maritime en L’frqiya aux XIIe-XVe siècles, Médiévales, Année 1997, Volume 16, Numéro 33, p. 125.
(٢٣٤) أوليفيا ريمي كونستبل: التجار المسلمون في تجارة الأندلس الدولية، ضمن كتاب «الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس»، الجزء الثاني، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٩٨م، ص١٠٨١.
(٢٣٥) Tahar Mansouri: Op.cit., p. 129.
(٢٣٦) كلود هوكت: العلاقات الملاحية والبحرية في البحر المتوسط في القرن الرابع عشر، ص٢١١.
(٢٣٧) ممدوح حسين: الحروب الصليبية في شمال أفريقيا وتأثيرها الحضاري، ص٦٥٤؛ أمين توفيق الطيبي: جوانب من النشاط الاقتصادي، ص٤٤٨؛ جمال أحمد طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي، ص١٣٢؛ شوقي محمد يوسف: الدور المغربي للبحرية المغربية، ص٢٧٣.
(٢٣٨) بلغ مجمل العقود التجارية التي حصلت عليها جنوة خلال الفترة من عام ٥٥١ﻫ/١١٥٥م إلى ٥٦٠ﻫ/١١٦٤م ثلاثة وسبعين عقدًا تجاريًّا. ممدوح حسين: المرجع السابق، ص٦٥٤.
(٢٣٩) ابن الحاج النميري: فيض العباب، ص١٠١: ١٠٢.
(٢٤٠) ج. د. يفيس: أفريقيا من خلال العلاقات بين القارات، ص٦٥٠.
(٢٤١) صابر محمد دياب: دراسات في التاريخ الإسلامي «أضواء على العلاقات بين المُدن الإيطالية والدول الإسلامية بين القرنين العاشر والثاني عشر الميلادي»، دار النهضة العربية، ١٩٧٧م، ص٩١؛ أحمد مصطفى: الحياة الاقتصادية في بلاد المغرب، ص٢٥٢.
(٢٤٢) عصمت دندش: الأندلس في نهاية المرابطين ومستهل الموحدين، ص٢١٧؛ عبد الفتاح عاشور: بعض أضواء على العلاقات بين بيزا وتونس في عصر الحروب الصليبية، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، المجلد ٢٦، ج١-٢، ١٩٦٤م، ص٥٣؛ نجاة الباشا: التجارة في المغرب الأقصى، ص٧٢.
(٢٤٣) عبد الناصر جبار: بنو حفص والقوى الصليبية، ص١٧٧.
(٢٤٤) ج. د. يفيس: أفريقيا من خلال العلاقات بين القارات، ص٦٥٠.
(٢٤٥) كرستين مازولي: مدينة عظيمة لملك عظيم، مدن شرقية وغربية وطرق تجارية في زمن ابن خلدون، ضمن كتاب «ابن خلدون البحر المتوسط في القرن الرابع عشر قيام وسقوط إمبراطوريات»، مكتبة الإسكندرية، الإسكندرية، ٢٠٠٧م، ص١٩٩.
(٢٤٦) محمد المراني علوي: طبيعة العلاقات، ص٢١٣.
Silvia Orvietani Busch: Medieval Mediterranean Ports, p. 239.
(٢٤٧) طافور: رحلة طافور، ص١٠.
(٢٤٨) Ángel Luis Molina: Los Viajes Por Mar en La Edad Media, Cuadernos de Turismo, No 5, 2000, p. 119.
(٢٤٩) Silvia Orvietani Busch: Op.cit., p. 158.
(٢٥٠) طافور: رحلة طافور، ص٢٤٨؛ ريمي كونستبل: التجار المسلمون في التجارة الأندلسية، ص١٠٨١.
Silvia Orvietani Busch: Medieval Mediterranean Ports, p. 176.
(٢٥١) Silvia Orvietani Busch: op.cit., p. 158.
(٢٥٢) Mas Latrie: Aperçu des Relations, p. 25; María Teresa: Transportistas y Corsarios vascos en el Mediterráneo Medieval, p. 512.
(٢٥٣) Silvia Orvietani Busch: op.cit., p. 158.
(٢٥٤) David Abu Lafia: Op.Cit., p. 368; A Mediterranean Emporium The Catalan kingdom of Majorca, p. 7.
(٢٥٥) David Abulafia: Commerce and The Kingdom, p. 363.
(٢٥٦) Silvia Orvietani: The Catalan and The Northern Tuscan Coasts, p. 158.
(٢٥٧) Edourdo Aznar: Course et Piraterie dans Les Relations enter La Castle et le Maroc, p. 67; David Abulafia: A Méditerranéen Emporium, p. 7.
(٢٥٨) Silvia Orvietani: Op.cit., p. 158.
(٢٥٩) David Abulafia: Commerce and The Kingdom of Majorca, p. 366.
(٢٦٠) Daouadi Belkacem: Les relations commerciales entre le royaume Abdel Wadide de Tlemcen et les villes du sud de l’Europe Occidentale a partir du milieu du XIIIe jusqu’au milieu du XVIe, Université Jean Moulin-Lyon III/CNRS, BIBLID [1133–8571] (16), 2009, p. 122; David Abulafia: Commerce and The Kingdom of Majorca, p. 361–368.
(٢٦١) صالح بوعزيق: بجاية في العهد الحفصي، ص٣٣٧.
Dufourcq: Espange Catalane et Le Maghrib aux XIIIè et XIVè siècles, p. 420.
(٢٦٢) David Abulafia: Commerce and The Kingdom, p. 346.
(٢٦٣) David Abulafia: Op.Cit., p. 361.
(٢٦٤) Daouadi Belkacem: Les relations commerciales, p. 130.
(٢٦٥) David Abulafia: Op.Cit., p. 363.
(٢٦٦) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribin, p. 485.
(٢٦٧) David Abulafia: Op.Cit., p. 366.
(٢٦٨) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribin, p. 487.
(٢٦٩) David Abulafia: Op.Cit., p. 360.
(٢٧٠) جمال طه: العلاقات التجارية بين مُدن المغرب الشمالية ومُدن جنوب فرنسا في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي، مجلة كلية الآداب بسوهاج، ع٢٥، أكتوبر ٢٠٠٢م، ج٢، ص٧٢.
(٢٧١) Amari: I Diplomi Arabi, p. 48, 50, 57, 63.
(٢٧٢) Dufourcq: Op.cit., p. 505.
(٢٧٣) Dufourcq: Op.Cit., p. 487.
(٢٧٤) David Abulafia: Op.Cit., p. 366.
(٢٧٥) Dufourcq: Op.cit., p. 481.
(٢٧٦) David Abulafia: Commerce and The Kingdom, p. 371; A Méditerranéen Emporium The Catalan Kingdom of Majorca, p. 16.
(٢٧٧) Dufourcq: Commerce du Magherb, p. 183.
(٢٧٨) Dufourcq: Op.cit., p. 188.
جمال طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، ص٧٤-٧٥.
(٢٧٩) Dominque Valerian: Ifrîqiyan Muslim Merchants in the Mediterranean at the End of the Middle Ages, Mediterranean Historical Review, Vol. 14, No. 2, Published By Frank Cass, London, December 1999, p. 54.
(٢٨٠) الجغرافية، ص١٢٩.
(٢٨١) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 488.
(٢٨٢) Dufourcq: Commerce du Magherb, p. 168;.
جمال طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، ص٧٤-٧٥.
(٢٨٣) Dufourcq: Op.cit., p. 165.
(٢٨٤) María Teresa: Transportistas y Corsarios vascos en el Mediterráneo, p. 514-515.
(٢٨٥) Edourdo Aznar: Course et Piraterie dans Les Relations enter La Castle et le Maroc, p. 67; David Abulafia: A Méditerranéen Emporium The Catalan kingdom of Majorca, p. 7.
(٢٨٦) M. A. Santon: Los Documentos Arabes, p. 259; Dufourq; Espagne Catalane et Le Maghrib aux XIIIè et XIVè siècles, p. 181.
(٢٨٧) M. A. Santon: Op.cit., p. 264; Dominque Valerian: Ifrîqiyan Muslim Merchants in the Mediterranean, p. 54.
(٢٨٨) María Teresa: Transportistas y Corsarios vascos en el Mediterráneo, p. 513.
(٢٨٩) كرستين مازولي: المرجع السابق، ص١٩٩.
(٢٩٠) محمد المراني علوي: طبيعة العلاقات، ص٢١٣.
Silvia Orvietani Busch: Médiéval Méditerranéen, p. 239.
(٢٩١) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange in the Genoese-African, p. 60-61.
(٢٩٢) جمال طه: العلاقات التجارية بين مُدن المغرب الشمالية ومُدن جنوب فرنسا، ص٧٢.
(٢٩٣) برنشفيك: إِفْرِيقِيَّة في العهد الحفصي، ج٢، ص٢٧٣.
(٢٩٤) التجارة والتجار في الأندلس، ص٣٣٧.
(٢٩٥) لطيفة بشاري: العلاقات التجارية للمغرب الأوسط، ص٢١٠.
(٢٩٦) سلفاتوري بونو: العلاقات التجارية بين بلدان المغرب، ص٣٢٣.
(٢٩٧) Daouadi, Belkacem; Les relations commerciales entre le royaume Abdel Wadide de Tlemcen et, p. 125.
(٢٩٨) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange, p. 59-60.
(٢٩٩) Daouadi, Belkacem Op.cit., p. 127.
(٣٠٠) Hilmar C. Krueger: Genoese Trade with Northwest Africa, p. 380.
(٣٠١) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange, p. 59-60.
(٣٠٢) Hilmar C. Krueger; Genoese Trade with Northwest Africa in the Twelfth Century, p. 379; The Wares of Exchange, p. 60.
(٣٠٣) Hilmar C. Krueger; The Wares of Exchange in the Genoese-African, p. 61.
(٣٠٤) Hilmar C. Krueger: Genoese Trade with Northwest Africa, p. 382.
(٣٠٥) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٤٤.
(٣٠٦) أوليفيا: المرجع السابق، ص٢٧١.
(٣٠٧) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange in the Genoese-African, p. 60.
(٣٠٨) Ibid., p. 69.
(٣٠٩) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange in the Genoese-African., p. 60.
(٣١٠) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٧١.
(٣١١) Hilmar C. Krueger: Op.cit., p. 61.
(٣١٢) أوليفيا ريمي كونستبل: المرجع السابق، ص٢٧١.
(٣١٣) Ibid., p. 61.
(٣١٤) Ibid, p. 59.
(٣١٥) Hilmar C. Krueger: Genoese Trade with Northwest Africa, p. 384.
(٣١٦) Tahar Mansouri: Produits agricoles et commerce maritime en Ifriqiya 130..
جمال أحمد طه: دراسات في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، ص٦٦.
(٣١٧) Tahar Mansouri: Op.cit., p. 131.
(٣١٨) Amari: I Diplomi Arabi, p. 48, 50, 57, 63.
(٣١٩) Hilmar C. Krueger: The Wares of Exchange in the Genoese-African, p. 60.
(٣٢٠) سلفاتوري بونو: العلاقات التجارية بين بلدان المغرب، ص٣٢٠.
(٣٢١) صالح بو عزيق: بجاية في العهد الحفصي، ص٣٢٠.
(٣٢٢) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٦٦.
(٣٢٣) أوليفيا ريمي كونستبل: المرجع السابق، ص٢٧٠-٢٧١.
(٣٢٤) Amari: I Diplomi Arabi, p. 48-49.
(٣٢٥) Amari: Op.cit., p. 60.
(٣٢٦) Ibid., p. 49.
(٣٢٧) Daouadi, Belkacem; Les relations commerciales entre le royaume Abdel Wadide de Tlemcen, p. 125.
(٣٢٨) لطيفة بشاري: العلاقات التجارية للمغرب الأوسط في عهد إمارة بني عبد الواد، ص٢١٣.
(٣٢٩) Dufourcq: Commrce du Maghreb Medieval, p. 177.
(٣٣٠) صالح بعزيق: بجاية في العهد الحفصي، ص٣٤٧.
(٣٣١) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٢٦٦.
(٣٣٢) صالح بعزيق: المرجع السابق، ص٣٤٧.
(٣٣٣) أوليفيا ريمي كونستبل: المرجع السابق، ص٣٣٣.
(٣٣٤) جمال طه: العلاقات التجارية بين مُدن المغرب الشمالية ومُدن جنوب فرنسا، ص٦٦.
(٣٣٥) ميلاد بن لطفي: إِفْرِيقِيَّة والمشرق المتوسطي، ص٢٨٣.
(٣٣٦) Amari: I Diplomi Arabi, p. 63.
(٣٣٧) برنشفيك: إِفْرِيقِيَّة في العهد الحفصي، ج١، ص١٣٧.
(٣٣٨) ميلاد بن لطفي: المرجع السابق، ص٢٨٣.
(٣٣٩) الطيبي: دراسات وبحوث، ص٣٤٠؛ نجاة باشا: التجارة في المغرب، ص٤٨.
(٣٤٠) Amari: I Diplomi Arabi, p. 93.
(٣٤١) De Mas Latrie: Traités de paix et de commerce et documents, p. 226.
(٣٤٢) De Mas Latrie: Op.cit., p. 228.
(٣٤٣) أوليفيا ريمي كونستبل: التجارة والتجار، ص٣٣٤.
(٣٤٤) David Abulafia: Commerce and The Kingdom of Majorca, p. 374.
(٣٤٥) ميلاد بن لطفي: إِفْرِيقِيَّة والمشرق المتوسطي، ص٢٨٣.
(٣٤٦) برنشفيك: إِفْرِيقِيَّة في العهد الحفصي، ج١، ص٢٩٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤