الفصل العشرون

نومًا هانئًا

تُركت الصبية الصغيرة بمفردها لما يقرب من ساعتين قبل أن تعي بحقٍّ ما كان يحدث لها. لقد ترك أوميه وأحد الكهنة الصغار نيكول بالقرب من بركة مالحة صغيرة مباشرة تكتنفها أعشاب السافانا الطويلة من جميع الجهات. وقد ذكروها بأنهما سوف يعودان إلى هذه البقعة عندما ينتصف نهار اليوم التالي. ثم تركاها وذهبا.

في البداية تصرفت نيكول كما لو كان الأمر برُمَّته مجرد لعبة. التقطت نيكول حافظتها المصنوعة من جلد الظبي وأخذت تجرد محتوياتها. لقد قسمت نيكول الطعام إلى ثلاثة أجزاء في ذهنها، مدبِّرةً ما سوف تتناوله في العشاء والإفطار ووجبة ما قبل ظهيرة اليوم التالي. ولم يكن في الحافظة طعامٌ وفير، لكن نيكول الصغيرة رأت أنه سيكون كافيًا. ومن ناحية أخرى، عندما ألقت نظرة على قارورة الماء لتحدد هل لديها ما يكفي من الماء، وجدت أنها كمية لا تُذكر. وأنه سيكون من الأفضل إذا تمكنت من العثور على نبع ماء أو مياه جارية نقية تستخدمها في حالة الطوارئ.

وكانت المهمة التالية لنيكول هي أن تعمل خريطة في ذهنها للموقع الموجودة فيه، على أن تعير انتباهًا خاصًّا لأي مَعلَم من المعالم يمكن أن يساعدها في التعرف على البركة المالحة من على بعد. كانت صبية صغيرة في غاية التنظيم، ففي ضاحية شيلي مازاران كانت نيكول كثيرًا ما تلعب بمفردها في غابة مهجورة قريبة من منزلها. وفي غرفتها بمنزلها بفرنسا، كانت تحتفظ بخرائط للغابة رسمتها بنفسها بعناية، وكانت تميز مخابئها السرية بوضع نجوم عليها ودوائر.

وعندما صادفت نيكول أربعة ظباء مخططة ترعى في هدوء تحت حرارة شمس الأصيل المعتدلة، عندئذٍ فقط أدركت أنها في عزلة تامة. وهنا ما كان منها إلا أن تبحث عن والدتها، لكي تُريها الحيوانات الجميلة التي وجدتها. «لكن أمي ليست موجودة ها هنا»، هكذا قالت نيكول في نفسها وهي تمسح الآفاق بعينيها. وأردفت: «إنني وحدي تمامًا.» كانت آخر جملة دوَّت أصداؤها في ذهنها عندما بدأ الإحباط يدب في قلبها. وحاربت نيكول إحباطها ونظرت بعيدًا في الآفاق الفسيح لكي ترى هل يمكنها أن تجد أي أمارات تدل على وجود بشر. كانت الطيور في كل مكان وكثير من الحيوانات ترعى في الأفق على مرمى بصرها، لكن ما من أمارات على وجود أي حياة مدنية. وحينئذٍ قالت نيكول لنفسها مرة أخرى: «وحدي تمامًا»، وسرَت في جسدها رعشة خوف طفيفة.

وتذكرت أنها تروم العثور على مصدر آخر للماء فسارت باتجاه بستان أشجار كبير. ولم يكن لدى الصبية أدنى فكرة عن المسافات في غابات السافانا المفتوحة. ومع أنها كانت حريصة على أن تقف كل ثلاثين دقيقة تقريبًا كي تتأكد من أنها لا يزال بمقدورها العودة إلى حيث أتت، فإنها بُهتت عندما وجدت أن البستان البعيد لا يقترب أبدًا مهما قطعت من مسافات نحوه. لقد واصلت المسيرة. وبينما أخذت شمس الأصيل في الانزواء بدأت نيكول تشعر بالعطش والإعياء. ووقفت لتشرب بعض مائها. عندئذٍ أحاطت بنيكول ذبابات التسي تسي، وبدءوا يئزون على وجهها وهي تحاول أن تشرب. أخرجت نيكول من جعبتها الدهانين، واشتمت رائحتهما، ثم دهنت أسوأهما رائحةً على وجهها وذراعيها. وعلى ما يبدو كان اختيارها صائبًا؛ إذ وجدت الحشرات أن الرائحة كريهة فابتعدت بعيدًا.

ووصلت إلى الأشجار قبل حلول الظلام بساعة واحدة. تهللت نيكول عندما عثرت مصادفةً على واحة صغيرة وسط غابات السافانا المترامية الأطراف. وكان هناك ينبوع كبير في البستان حيث كانت المياه مندفعة من الأرض، وكان هذا الينبوع يأخذ شكل بركة مستديرة، يبلغ قطرها نحو عشرة أمتار. كان الماء الفائض عن البركة بدوره يجري خارج إحدى حوافها، فأصبح نُهيرًا صغيرًا يجري من الواحة عائدًا نحو غابات السافانا. وكانت نيكول منهَكة القوة، وتتصبب عرقًا من طول المسير. وكان الماء في الينبوع مُغريًا وجذابًا. ودُون تفكير، نزعت عنها ملابسها عدا سروالها، وقفزت في النبع لتسبح فيه.

أنعش الماء جسدها الصغير المنهَك ولطَّفه. وكانت نيكول وهي مُغمَضة العينين ورأسها تحت الماء تعوم وتعوم حتى خال لها أنها تعوم في حمام السباحة المحلي في الضاحية التي تقطنها بالقرب من باريس. وذهبت نيكول بمخيلتها إلى حمام السباحة، كما كانت ترتاده عادةً مرة أسبوعيًّا، حيث كانت تمارس الألعاب المائية مع أصدقائها. وقد أراحها تذكر مثل هذه الأمور. بعد مضي وقت طويل، انقلبت نيكول على ظهرها وأخذت تجدف بيديها وجسدها قليلًا. فتحت نيكول عينيها ونظرت إلى الأشجار من فوقها. وكانت أشعة الشمس لا تزال تلف المكان بالسحر وهي تخترق أفرع الأشجار وأوراقها.

توقَّفت نيكول البالغة من العمر سبعة أعوام حينذاك عن السباحة، ومشيت في الماء لبضع ثوانٍ، ونظرت حول حافة البركة لتبحث عن ثيابها. فلم ترها. اضطربت نيكول وأخذت تحدق بدقةٍ أكثر حول محيط البركة مرةً أخرى. بقيت نيكول لا ترى شيئًا. حاولت في ذهنها أن تعيد ترتيب المشاهد التي رأتها منذ وصولها إلى البستان، وأخيرًا تذكرت بالضبط أين وضعت ملابسها وحافظتها المصنوعة من جلد الظباء. وخرجت من الماء وتفحصت البقعة بدقة متناهية. قالت نيكول في نفسها: «قطعًا هذا هو المكان. وها قد فقدت ملابسي والحافظة.»

ولم يكن هناك شيء يمكنه أن يهدئ من روعها. وفي الحال استبد بها الهلع. واغرورقت عيناها بالدموع، وأخذت في النحيب والعويل بصوت مرتفع. وأغمضت عينيها واستمرت في البكاء، آملة أن يكون كل هذا مجرد كابوس، وأنها سوف تفيق منه في اللحظات القليلة التالية وتجد والديها. لكن عندما فتحت عينيها مرة أخرى، كان لا يزال هناك المشهد نفسه. أصبحت الصبية الصغيرة شبه العارية بمفردها في مجاهل أفريقيا دون مأكل أو مشرب أو أمل في النجاة قبل منتصف اليوم التالي. أوشك الظلام أن يحل.

وبعد عناء طويل استطاعت أخيرًا أن تتمالك نفسها وتتحكم في ذعرها ودموعها. وقررت أن تبحث عن ثيابها. وذهبت إلى المكان الذي تركت فيه الثياب من قبل، فعثرت على آثار أقدام حديثة. ولم يكن لدى نيكول أدنى فكرة عن نوع الحيوان الذي قد خلف هذه الآثار؛ لذا افترضت أنه قد يكون أحد الظباء الأليفة التي شاهدتها بعد الظهيرة في السفانا. فكرت الفتاة الصغيرة بعقلانية في نفسها وقالت: «هذا يبدو منطقيًّا.» وأردفت تقول: «فربما يكون هذا أفضل نبع مياه في المنطقة. من ثَم توقفت الظباء ها هنا، وانتابها الفضول بشأن حاجياتي. وقطعًا أرعبها صوت المياه القوي الذي كان يصدر عن سباحتي.»

وبينما أخذ الضوء ينزوي، اقتفت نيكول آثار الأقدام بطول درب ضيق عبر الأشجار. وبعد رحلة ليست طويلة وجدت الحافظة المصنوعة من جلد الظباء، أو بالأحرى ما قد تبقى من الحافظة ملقاة بجانب الطريق. كانت الحافظة ممزقة ومفتوحة تمامًا، لقد ضاع كل الطعام، وانسكب معظم الماء الذي كان في القارورة، وسقطت كل الأشياء الأخرى فيما عدا الدهان والدرنة. شربت نيكول كل الماء المتبقي في القارورة واحتفظت بها في يدها اليمنى مع الدرنة. وألقت الدهان الذي فسد. وكانت نيكول على وشك أن تواصل المسير في الدرب عندما سمعت صوتًا بين النباح والعواء. كان الصوت قريبًا جدًّا. وكان الدرب المؤدي إلى السافانا على بعد خمسين مترًا للأمام. أنعمت نيكول النظر واعتقدت أنها رأت شيئًا يتحرك، لكنها لم تستطع أن تميز شيئًا بعينه. عندئذٍ سمعت العواء مرة أخرى، لكن الصوت كان أعلى هذه المرة. وعندئذٍ رقدت نيكول على بطنها وزحفت ببطء عبر الدرب.

وكان هناك مرتفع صغير قبل طرف البستان بنحو خمسين مترًا. ومن هذه البقعة التي منحتها أفضل رؤية، تمكنت نيكول الصغيرة من أن ترى مصدر العواء. كان هناك شبلان صغيران يلعبان بثوبها الأخضر. وكانت أمهما الساهرة في الجانب المقابل تحملق في غابات السافانا المظلمة. تجمدت نيكول من الذعر؛ إذ أدركت أنها ليست في زيارة لحديقة حيوان، بل هي هناك في العراء على بعد عشرين مترًا فقط من لبؤة أفريقية حقيقية. زحفت نيكول، وهي ترتجف من الهلع، للخلف عبر الدرب ببطء وهدوء شديدين خشية أن تلفت الانتباه لوجودها.

وعندما رجعت إلى حيث نبع الماء، قاومت الإلحاح الذي يحضها على أن تهرول مسرعة في فوضوية إلى السافانا. قالت نيكول في نفسها: «إذا هرولت، حتمًا ستراني اللبؤة.» ولكن أين ستقضي الليلة؟ قالت في سرها: «سأجد خندقًا بين الأشجار بعيدًا عن الدرب. وأرقد هناك. عندئذٍ ربما أصبح في مأمن.» وكانت لا تزال تُحكِم قبضتها على قارورة الماء والدرنة، مشت نيكول بتؤدة عبر الينبوع، وشربت وملأت قارورتها ماء. بعدئذٍ انسلَّت خفيةً إلى البستان وعثرت على خندقها. وبعد أن تيقنت من أنها تتمتع بأكبر قدر ممكن من الأمان في ظل الظروف الراهنة، وقعت الصبية المنهكة في سبات عميق.

وفجأة استيقظت بعد أن أحسَّت بحشرات البق تزحف في كل أنحاء جسدها. فبسطت يدها وحكت بطنها العارية. لقد كانت مكسوة بالنمل. صرخت نيكول، وعندئذٍ أدركت فداحة ما فعلته. وفي لمح البصر سمعت صوت اللبؤة وهي تشق طريقها في جلبة عبر الأعشاب بحثًا عن المخلوق الذي أصدر هذا الصوت. عندئذٍ ارتعدت الفتاة وأزاحت عنها النمل باستخدام عصًا. وفي ذلك الحين رأت اللبؤة تحملق فيها، كانت عيناها الشرستان تخترق أستار الظلام. كانت نيكول على حافة الانهيار. وبطريقة ما، تذكرت في رعدتها ما ذكره أوميه عن الدرنة. فوضعت الجذر المغطى بالأوساخ في فمها ومضغته بقوة. لقد كان مذاقه رديئًا للغاية. لكنها أجبرت نفسها على بلعه. وبعد لحظة وجدت نيكول نفسها مندفعة عبر الأشجار واللبؤة تطاردها. وكانت أفرع الأشجار وأوراقها تمزق وجهها وصدرها. وزلت قدماها أثناء اندفاعها ووقعت. لكنها واصلت ركضها، وعندما وصلت البركة لم تتوقف. بل خاضت في المياه، وكادت قدماها تلمس سطح الماء. فرفرفت بذراعيها. بعد أن صارا جناحين، جناحين ذوَي لون أبيض. ولم تعد تلمس الماء مطلقًا. فقد تحولت إلى بلشون أبيض عظيم يحلق مرتفعًا نحو سماء الليل. التفتت ونظرت إلى اللبؤة المتحيرة التي تهرول أسفلها بمسافة بعيدة. وعندئذٍ ضحكت نيكول لنفسها، ثم رفرفت أكثر بأجنحتها وارتفعت فوق كل الأشجار. وكانت السافانا العظيمة تنبسط تحتها. وكانت تستطيع أن ترى على بعد مئات الكيلومترات.

وحلقت نيكول فوق البركة ذات الماء القليل الملوحة، ثم اتجهت غربًا واستطلعت مكان المخيم. واقتربت منه، وكانت صرخات طائرها تخترق هدوء الليل. وثب أوميه فجأة من نومه وشاهد الطائر المنعزل محلقًا في السماء، فنادى بصرخة طائر عالية. ليناديها: «روناتا؟» وكانت نبرة صوته تنم عن أنه يسألها. لكن نيكول لم تجبه. فقد أرادت أن تحلق لأعلى، فوق السحاب.

وعلى الجانب الآخر من السُّحب كان يسطع القمر وتتلألأ النجوم. لقد كانت تومئ إليها. وكلما حلقت أعلى وأعلى ظنت أنها تقترب من نغمات موسيقية بعيدة، لقد كانت دندنة أشبه برنين الناقوس البلوري. حاولت نيكول أن ترفرف بجناحَيها. لكنها أصبحت تتحرك بشق الأنفس؛ فقد تحولت إلى أسطح تحكم امتدت الآن لتزيد الحمل في طبقات الجو الأخف. وبدأت الصواريخ التي في المؤخرة في إطلاق النار. في تلك اللحظة، تحولت نيكول إلى مكوك فضائي فضي اللون رفيع وأملس يترك كوكب الأرض خلفه.

كانت النغمات الموسيقية ترتفع هناك في الفلك. وكانت هناك سيمفونية رائعة تتناغم تناغمًا شديدًا مع الأرض المهيبة من تحتها. وسمعت صوتًا ينادي باسمها. من أين جاء هذا الصوت؟ من قد ينادي عليها هنا في هذا الفضاء الفسيح؟ كان الصوت آتيًا من وراء القمر. لذا غيرت وجهتها واتجهت إلى الخلاء الفسيح في الفضاء وأطلقت صواريخها مرةً أخرى. تجاوزت نيكول القمر متجهة بعيدًا عن الشمس. وكانت سرعتها لا تزال تزداد باطراد شديد. وكل مدًى كان حجم الشمس يزداد صغرًا خلف نيكول. حتى أصبحت الشمس مجرد ضوء خافت إلى أن اختفت تمامًا. وكان السواد يعم كل الأرجاء. التقطت نيكول أنفاسها ونزلت إلى سطح الماء.

كانت اللبؤة تجوس جيئة وذهابًا على حافة البركة. وكانت نيكول تستطيع أن ترى بوضوح كل العضلات في منكبَيها القويين وأن تقرأ تعبيرات وجهها. قالت نيكول إلى اللبؤة في سرها: «من فضلكِ دعيني وشأني. فأنا لن أوذي أشبالك.»

ردت عليها اللبؤة: «أستطيع أن أميز رائحتك. فأشبالي كانوا يلعبون بشيء له نفس هذه الرائحة.»

استرسلت نيكول: «أنا أيضًا شبلة صغيرة. وأروم الرجوع إلى والدتي. لكني خائفة.»

أجابتها اللبؤة: «اخرجي من الماء. ودعيني أراكِ. أنا لا أصدق أنكِ من تدعينه.»

استجمعت الصبية الصغيرة كل شجاعتها، وخرجت بتؤدة من الماء وعيناها مثبتتان على اللبؤة. ظلت اللبؤة بلا حراك. وعندما أصبح مستوى سطح الماء عند خصر نيكول، فردت نيكول أذرعها على شكلِ مهد طفل صغير وأخذت تغني. لقد كانت تغني بلحن بسيط وعزب، ذلك اللحن الذي كانت تسمعه في بداية حياتها عندما كان يقبلها أحد والديها قبل نومها ويضعها في مهدها ثم يُطفئ الأنوار. أخذت الحيوانات الصغيرة تتجمع لدى سمعاها صوت امرأة ناعم تغني تهويدة برامز.

«استرخِ الآن واسترِح … ولتنمْ نومًا هانئًا.»

ارتكزت اللبؤة على فخذها، وكشَّرت عن أنيابها تهديدًا بالانقضاض. لكن الفتاة استمرت في الغناء بنعومة، وواصلت خروجها من الماء صوبها. وعندما أصبح جسد نيكول كاملًا خارج المياه، على بعد خمسة أمتار فحسب، وثبت اللبؤة بعيدًا متجهة نحو البستان. واصلت نيكول المسير والتغني بالأغنية المهدئة التي منحتها الراحة والقوة. وفي دقائق معدودة عادت نيكول إلى حافة غابات السفانا. وبحلول وقت شروق الشمس وصلت إلى البركة حيث استلقت بين الأعشاب وغرقت سريعًا في سبات عميق. وجدها أوميه وكهنة السينوفو مستلقيةً هناك شبه عارية ولا تزال نائمة عندما كانت الشمس منتصبة في كبد السماء.

•••

وهي تستطيع أن تتذكر الآن كل هذه الأحداث كما لو كانت البارحة. قالت نيكول في نفسها وهي مستلقية في فراشها الصغير على متن نيوتن: «مر ما يقرب من ثلاثين عامًا الآن، والدروس التي تعلمتها لم تفقد قيمتها قط.» تذكرت نيكول تلك الصبية الصغيرة البالغة من العمر سبعة أعوام التي سيقت إلى عالم غريب تمامًا وتمكنت من النجاة. فقالت في سرها: «إذَن فلماذا أرثي لحالي الآن؟ فذاك الموقف كان أكثر صعوبة وأشد وطأة.»

إن انغماس نيكول في تجربة طفولتها منحها قوة غير متوقعة. فلم تعد مهمومة ومحبطة. وعاد ذهنها يعمل بطاقة شديدة مرةً أخرى محاولًا أن يصوغ خطة تمنحها الإجابات الحرجة لما قد حدث في غضون العملية الجراحية التي أجريت لبورزوف. ونحَّت نيكول وحدتها جانبًا.

أدركت نيكول أنها يجب أن تظل موجودة على متن نيوتن في غضون الرحلة الأولى إذا أرادت أن تقوم بتحليل شامل لملابسات حادثة بورزوف كافة. وقررت أن تطرح القضية في الصباح أمام براون أو هيلمان.

وأخيرًا راحت المرأة المنهكة في النوم. وبينما كانت مَسُوقة إلى العالم المظلم الذي يفصل اليقظة عن النوم، أخذت تدندن بنغمة لنفسها. لقد كانت تهمهم بتهويدة برامز.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤