حياة أو موت

مضى القارب يشق طريقه في المياه، و«تختخ» و«محب» جالسان في صمت، كلٌّ منهما يفكِّر في اللحظات القادمة … وبينما كان تفكير «تختخ» يمضي في هدوء برغم الموقف المثير … كان ذهن «محب» يسير بسرعة الصاروخ … وبعد نحو نصف ساعة بدأت المجاديف تبطئ … ثم توقفت تمامًا … وقال حامل المدفع: إننا على بُعدٍ الآن يسمح بإطلاق الرصاص عليكما دون أن يحس أحد … والمطلوب منكما حتى تنقذا حياتكما … أن تجيبا عن أسئلتي … وبخاصة أنت …

وأشار بطرف مدفعه إلى «تختخ»، ثم مضى يقول: من الذي عثر على الكيس البلاستيك؟

رد «تختخ»: أنا!

الرجل: ولماذا ربطته في الصخور؟

تختخ: لأنه لا يخصني … وهكذا تركته مكانه.

الرجل: هل أبلغت الشرطة؟

تختخ: لو أبلغنا الشرطة لظهروا على الشاطئ، ولطاردوكم، ولما تعرضتُ أنا لهذه الأزمة.

كان هذا خطأ من «تختخ» لا مثيل له، فقد قال الرجل بسرعة: إذن أنتم تعرفون ماذا في الكيس!

لم يستطع «تختخ» الرد … فقال الرجل: لقد حكمتما على أنفسكما بالإعدام … أنتما وبقية أصدقائكما أيضًا.

والتفت إلى الرجل ليُصدر أوامره بالتجديف مرة أخرى … وكانت لفتته كافية ﻟ «محب» الذي كان يجلس مُتحفِّزًا، فقد قفز فجأة كالفهد على حامل المدفع، وبضربة قوية من ساقه أطاح بالمدفع في المياه … ثم ألقى بنفسه على الرجل، وفي الوقت نفسه أطلق «تختخ» ذراعه بكل قوة في لكمة ساحقة أصابت أحد الرجلين في وجهه وسقط في الماء! واختل توازن القارب، وسقط «محب» والرجل في المياه … وبقيَ «تختخ» والرجل الباقي في القارب … ورفع الرجل مجدافه، وهوى به على «تختخ» الذي انحرف جانبًا، فاختلَّ توازن الرجل وسقط في القارب … ولم يتردد «تختخ» فجذب مجدافًا وهوى به على رأسه، وأصبح «تختخ» وحيدًا في القارب … وفجأة وجد الرجل الذي أسقطه في الماء يحاول الصعود إلى القارب، وبضربة مجداف أخرى أبعده ثم انحنى ينظر في صفحة المياه السوداء … ولاحظ على الفور أن «محب» والرجل الثالث يتصارعان في المياه، ويتطاير منهما رشاش الماء … فأخرج مصباحه الصغير الذي لا يفارقه، ثم أطلق أشعته الرفيعة يبحث … وشاهد الرجل يمسك برقبة «محب» محاولًا خنقه، وبضربة مجداف ثالثة على رأس الرجل تحررت رقبة «محب» … وأسرع «تختخ» يناديه فصعد إلى القارب وهو يلهث …

أسرع «تختخ» يجدف مبتعدًا عن مكان الصراع … وقال: هل أصبت؟

رد «محب» وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة: لا … ولكن الرجل كاد يخنقني لولا أن ضربتك وصلت في الوقت المناسب.

تختخ: يجب أن نصل إلى الضابطين بسرعة … إن عصابة التهريب تحاول تصفية حسابها معنا، وأخشى أن يكونوا قد هاجموا «نوسة» و«لوزة» و«عاطف».

محب: لا أظن … لقد انفردوا بنا في الطريق المظلم أولًا … وأعتقد أنهم لم يكونوا ينوون مهاجمة بقية الأصدقاء إلا بعد أن يفرغوا منا.

وانضم «محب» إلى «تختخ» وأمسك بمجداف، وأخذا يدفعان القارب بسرعة على صفحة المياه في اتجاه الفندق.

وصل القارب الأسود الصغير إلى الشاطئ … وكان بعض الرواد يجلسون يسمرون ويضحكون فأدهشهم وصول القارب … ثم «محب» بملابسه المبتلة وعلامات الإجهاد الواضحة عليه … ونظر «تختخ» إلى باب الفندق، ثم صاح: أستاذ «مجدي»!

كان النقيب «مجدي» يخرج من الباب في تلك اللحظة، فسمع اسمه، ولكنه تظاهر بأنَّه لم يسمع … ولكن «تختخ» لم يتردد، فقد جرى ناحيته هو و«محب» … وعندما شاهدهما الضابط على هذا الحال توقَّف وأخذ ينظر إليهما مستفسرًا … وتقدَّم منه «تختخ» وقال: آسف لأنني ناديتك بصوت مرتفع … ولكن الأمور تتطور بسرعة … لقد اصطدمنا بالعصابة!

بدا الاهتمام على وجه «مجدي» وقال: كيف؟

وروى له «تختخ» ما حدث … العثور على الزعنفة … سرقة الزعنفة … الذهاب إلى سوق «سيدي عبد الرحمن» … سيارة «الجيب» … محاولة قتلهما في القارب وكيف نجوا … عودتهما …

قال «مجدي»: إن المعلومات فعلًا في غاية الأهمية … ولكن كيف يمكن العثور على الرجال الثلاثة الذين سقطوا في المياه؟! إنهم وحدهم الذين يمكن أن يدلونا على بقية العصابة!

تختخ: في إمكاني أن أدلَّك على بقية العصابة!

سأله «مجدي» مندهشًا: كيف؟ أين؟!

أشار «تختخ» بأصبعه إلى اليخت «سيسليا» الرابض في المياه بعيدًا وقال: في هذا اليخت الفاخر!

مجدي: غير معقول … إنه اليخت «سيسليا» الذي يملكه المليونير الإيطالي «كانارس»، وهو رجل يحبُّ هذا الشاطئ، ويُسمِّيه شاطئ الأحلام.

تختخ: إني لستُ متأكدًا بالطبع، ولكني أشك فقط!

مجدي: آسف جدًّا … إن معلوماتك أو استنتاجاتك غير صحيحة … فإن هذا اليخت لا يدخل المياه المصرية إلا بتصريح خاص. ثم يتم تفتيشه جيدًا بعد دخوله المياه المصرية … فمن أين يأتي بالمخدرات … وكيف؟!

صمت «تختخ» أمام إصرار الضابط «مجدي»، وفكَّر قليلًا ثم قال: لقد أخبرتك باستنتاجاتنا يا حضرة الضابط وكما ترى … وسوف أغادر أنا وأصدقائي «سيدي عبد الرحمن» بأسرع ما يمكن … فحياتنا معرضة للخطر.

واستدار «تختخ» ليعود مع «محب»، وفي تلك اللحظة ظهر الرائد «خيري»، فقال النقيب «مجدي» موجهًا حديثه إلى «تختخ»: انتظر قليلًا.

واستدار «مجدي» إلى «خيري» … وأخذ يقصُّ عليه المعلومات التي رواها «تختخ» واعتقاده أن اليخت «سيسليا» يعمل في تهريب المخدِّرات.

أخذ الرائد «خيري» يفكر لحظات، ثم قال: لماذا لا نقوم بزيارة لليخت؟

مجدي: الآن؟! … إن «كانارس» رجل له أهميته، وتفتيش اليخت الآن يعرِّضنا لمتاعب.

خيري: فليكن هذا في الصباح، وسأتصل بالجهات المسئولة الآن تليفونيًّا، وأعرض عليها اقتراحنا بالتفتيش.

التفت «مجدي» إلى «تختخ» قائلًا: سأنتظرك في الثامنة يا «توفيق»؛ فأنا أعلم أنك ترحب بأن تنضم إلينا في التفتيش!

وانصرف «محب» و«تختخ» مسرعَيْن … فقد بدا «محب» يسعل نتيجة لثيابه المبتلة … وعندما وصلا قريبًا من الخيمة أحسَّا بالاطمئنان، فقد كان «عاطف» و«نوسة» و«لوزة» و«زنجر» يجلسون أمام الخيمة يتحدثون.

عندما رأت «لوزة» الصديقين صاحت: لقد عادا!

وقفز الجميع بما فيهم «زنجر» لاستقبال «تختخ» و«محب»، وقالت «نوسة»: مالك يا «محب» … هل سقطتَ في المياه؟!

وابتسم «محب» ولم يُجبْ، وأسرع يدخل الخيمة لتغيير ثيابه … وأخذ «تختخ» يشرح للأصدقاء ما حدث، وما كاد يَفرُغ من كلامه حتى قالت «لوزة» بضيق: إن ذلك شيء لم يعد يُحتمل … إنني و«نوسة» لم نشترك في مغامرات منذ فترة، ولن نسمح بذلك بعد الآن!

قالت «نوسة» معاتبة: كيف تقولين هذا الكلام، وقد كادا يُقتلان!

ردت «لوزة» بخجل: آسفة جدًّا … ولكن منذ فترة طويلة ونحن نقوم بدور المتفرجين في المغامرات.

تختخ: معكِ حق يا «لوزة» … ولكننا لا نختار أدوارنا … إن الأحداث هي التي تختارنا …

نوسة: على كل حال، المهم خدمة العدالة!

تختخ: والآن أريد أن نسرع بالابتعاد عن الخيمة.

نوسة: كيف؟!

تختخ: إنني لا أستبعد أن تهاجمنا العصابة مرة أخرى … وسنأخذ بعض البطاطين، وننام بعيدًا عن الخيمة، ونرى ما يحدث.

عاطف: ولكن لعلنا مراقبون الآن … وسيعرفون أين نذهب ويهاجموننا.

تختخ: سنذهب إلى جوار الفندق تمامًا في النور!

وأسرعوا يحملون بعض البطاطين ويبتعدون … ولكن «تختخ» توقف فجأة، وقال: انتظر أنت يا «زنجر» … هنا … وإذا هاجموك فستنبح طبعًا …

وفهم «زنجر» المطلوب منه … وقبع أمام الخيمة … واتَّجه الأصدقاء إلى ناحية الفندق، واختاروا مكانًا بجوار سيارة هناك، ثم فرشوا البطاطين واستلقَوْا عليها، وقال «عاطف»: سأتولى الحراسة الليلة؛ فأنت و«محب» متعبان!

وبعد ساعة كان الجميع قد استغرقوا في النوم، وبقي «عاطف» ساهرًا … وكانت عيناه تلقيان نظرة بعيدة على اليخت الذي كان مُضاء الأنوار … ومضت الساعات وبين فترة وأخرى كان «عاطف» ينظر في ساعته، وبعد الثانية بدأ النعاس يداعب عينيه … فأخذ يفركهما بيديه حتى يستمر في اليقظة … وفكر أن يوقظ «تختخ» أو «نوسة» … ولكن حدث ما جعله يُفيق دفعة واحدة … ويكون في غاية اليقظة … لقد خُيِّل إليه أنه شاهد اليخت يتحرك … وفرك عينيه جيدًا حتى لا يكون واقعًا تحت تأثير خداع البصر من كثرة تحديقه في أنوار اليخت … وعندما تأكَّد تمامًا أن اليخت يتحرك فعلًا أسرع يوقظ «محب» و«تختخ»، واستيقظت «لوزة» و«نوسة» … وقال «عاطف» بصوت واضح: اليخت يتحرك خارجًا!

وقفز «تختخ» على قدميه، وكذلك فعل «محب»، وقال «تختخ»: سأذهب لإيقاظ الضابطين!

وأسرع «تختخ» يدخل الفندق … واعترضه موظف الاستقبال، ولكن «تختخ» قال له: إن هناك مسألة حياة أو موت … وأريد مقابلة «عادل مكرم» المحامي فورًا!

الموظف: وما دخل المحامي بهذه المسألة؟!

ولم ينتظر «تختخ» لحظة أخرى … فقد قفز يجري على السلالم متجهًا إلى الدور الثالث حيث يقيم النقيب «مجدي»، ودقَّ بابه بعنف … وكان موظف الاستقبال قد وصل، وأخذ يجذب «تختخ» بعيدًا … ولكن «مجدي» كان قد استيقظ، وخرج ليرى ما حدث … وشاهد موظف الاستقبال وهو يجذب «تختخ» بعيدًا، فصاح به: اتركه من فضلك!

وأسرع «تختخ» إلى «مجدي» وقال: اليخت يتحرك!

وفي لحظات كان «مجدي» قد ارتدى ثيابه … بعد أن طلب من «تختخ» إيقاظ الرائد «خيري» وسرعان ما كان الثلاثة يغادرون الفندق … وقال «مجدي»: ليس أمامنا إلا زورق خفر السواحل للحاق باليخت!

تختخ: وأين هو؟

مجدي: على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من الفندق.

وأسرع الثلاثة يجرون … وخلفهم كان «محب» و«عاطف» يجريان أيضًا، وبعد فترة من الجري السريع وصلوا جميعًا إلى الزورق، وقفزوا فيه بعد أن شرح «مجدي» الموضوع لضابط حرس السواحل.

أسرع الزورق الخفيف يشق المياه كالصاعقة، وكان اليخت قد قطع مسافة طويلة ولكن زورق السواحل عوَّض المسافة بسرعة … وبعد نصف ساعة كان قد اقترب من اليخت … ووقف ضابط حرس السواحل مناديًا اليخت بالوقوف.

ومال «تختخ» على «عاطف» قائلًا: إنه لن يقف طبعًا!

ولكن لدهشتهم الشديدة توقَّف اليخت … وسرعان ما كان الزورق يقف بجواره، وقفز الجميع إلى اليخت الذي كان قائده يقف وعلى وجهه علامات الدهشة … وقال بالإنجليزية مُحدِّثًا ضابط السواحل: ماذا هناك؟

وقال الضابط: آسف لإزعاجكم … ولكن سنُفتِّش اليخت!

القائد: تُفتشون اليخت؟! ولكن لماذا؟

الضابط: ستعرف بعد قليل!

وانتشر رجال السواحل داخل اليخت يفتشون، على حين صعد المليونير «كانارس» إلى سطح اليخت، وقد بدا عليه الغضب الشديد … ولكنه تمالك نفسه بعد لحظات، ووقف ينظر إلى المياه في هدوء.

وقف «تختخ» و«محب» و«عاطف» على سطح اليخت ينتظرون نتيجة التفتيش … وكان «تختخ» يحاول أن يبدوَ هادئًا … ولكنه كان في منتهى القلق … ماذا لو أسفر التفتيش عن خُلوِّ اليخت من المخدِّرات؟!

وعندما مرت ساعة وظهر رجال السواحل الذين قاموا بالتفتيش، أحسَّ «تختخ» بقلبه يسقط بين قدميه … فقد كانت وجوههم تُنبئ عن خيبة الأمل … ونظر ضابط السواحل إلى النقيب «مجدي» … ونظر النقيب «مجدي» إلى «تختخ»، وقال المليونير «كانارس» بهدوء ولكن بسخرية: لعلَّ اليخت يكون قد أعجبكم!

ولم يرد أحد … وعاد المليونير يقول: إنني مندهش … وسأتقدَّم للسلطات المصرية بشكوى مما حدث!

ردَّ الرائد «خيري» بضيق: لقد كنا نؤدي واجبنا يا سيدي … وفي استطاعتك أن تتقدم بالشكوى التي تتحدث عنها … لقد كانت عندنا معلومات أن اليخت يُستخدم في التهريب.

كان ضابط السواحل يقف بجوار «تختخ»، فسأله «تختخ»: هل اطلعت على سجل اليخت؟

قال الضابط: طبعًا!

تختخ: ما هي الرحلات التي قام بها؟

الضابط: رحلات بين بيروت والإسكندرية كل شهر … وبين الإسكندرية وإيطاليا كل شهرين!

تختخ: أليست هذه الرحلات مثيرة للشبهات؟

الضابط: فعلًا … فإن «بيروت» أكبر مركز لتهريب المخدِّرات في المنطقة، ولكن اليخت خالٍ تمامًا من أي أثر للمخدِّرات.

تختخ: لعلهم تخلصوا منها.

الضابط: هذا ممكن … ولكن ماذا في إمكاننا أن نفعل!

تذكَّر «تختخ» كيس البلاستيك الذي يشبه الصاروخ الصغير … والشحم الكثير الذي كان يُغطيه، وسمع الرائد «خيري» وهو يقول: هيَّا بنا!

وبدأ الجميع يتحركون لمغادرة اليخت الفاخر … ورأس «تختخ» يموج من داخله بالأفكار … صاروخ صغير مُغطًّى بالشحم … وفجأة قفز إلى ذهنه سؤال وجَّهه لضابط السواحل: ألم تعثروا على ملابس للغوص؟!

قال الضابط: لا … ولو عثرنا عليها، فماذا تعني بالنسبة لما جئنا من أجله؟

قال «تختخ»: يا حضرة الضابط … أؤكد لك أن هناك مخازن سرية في هذا اليخت.

الضابط: لقد فتشنا كل مكان … وليس هناك أثر لمخازن سرية مطلقًا.

وتحرك الضابط مبتعدًا، وذهن «تختخ» يعمل بسرعة رهيبة … لماذا على شكل صاروخ؟! ولماذا الشحم؟! وفجأة صاح: إنها تحت … إنها تحت اليخت!

وتوقف الجميع عندما صرخ … والتفت إليه ضابط السواحل متضايقًا، ولكن «تختخ» عاد يقول بصوت مرتفع: إن المخزن تحت سطح الماء!

وصاح «کانارس» بغضب: إنني لن أسمح بتفتيش آخر لليخت … وأطلب منكم فورًا مغادرته!

قال الرائد «خيري» بهدوء: سنفتش اليخت مرةً أخرى!

وصاح ضابط السواحل برجاله: لينزل أحدكم لقياس غاطس اليخت!

وأطلق زورق السواحل أضواءه على جانب اليخت، وقفز أحد الرجال إلى الماء ثم غطس … وحبس الجميع أنفاسهم عندما ظهر بعد لحظات وصاح: إن الغاطس أطول من المعتاد!

وفي هذه اللحظة سمع الجميع صوت ارتطام جسم بالماء … وعندما التفتوا إلى حيث كان «كانارس» … لم يجدوه … لقد قفز إلى المياه من الجانب المظلم لليخت بعيدًا عن عيون رجال السواحل!

وسرعان ما قفز خلفه عدد من الرجال، على حين وقف عدد آخر من الجنود بالمدافع الرشاشة. بعد أن صدر الأمر بالعودة إلى الشاطئ!

•••

في صباح اليوم التالي ظهر الرائد «خيري» والنقيب «مجدي» أمام خيمة الأصدقاء وهما يبتسمان … وقال «خيري»: لقد وضعنا يدنا على أخطر عصابة لتهريب المخدِّرات … عصابة «كانارس» المليونير المزعوم … لقد كان يُسمي شاطئ «سيدي عبد الرحمن» شاطئ الأحلام … ولكنه حوَّله إلى شاطئ السموم!

قال «تختخ» بلهفة: هل عثرتم على المخازن؟

خيري: طبعًا … كما قلت بالضبط … إنها مخازن تحت الغاطس … أي الجزء الغاطس من السفينة تحت مستوى الماء، وقد كان اليخت يذهب إلى «بيروت» حيث يملأ هذه المخازن بالمخدرات على شكل أنابيب مثل الصواريخ … يقذفها جهاز خاص في اليخت إلى المكان الذي يريده المهربون بعيدًا عن أعين رجال السواحل … ثم تدفن المخدِّرات في مكان مجهول، ويقوم أحد البحارة بإخطار المهربين الصغار ليحملوها إلى داخل البلاد.

عاطف: إنها فكرة خطيرة حقًّا.

مجدي: طبعًا … فقد كان رجال السواحل يفتشون اليخت في كل مرة يدخل فيها المياه المصرية دون أن يجدوا شيئًا … إنكم أولاد مدهشون حقًّا.

خيري: ولكن كيف خطرت لك فكرة المخازن التي تحت الماء يا «توفيق»؟

تختخ: عندما تذكرتُ شكل الكيس البلاستيك … لقد كنا نقول إنه يشبه الصاروخ … وهو يشبه الطوربيد الذي تطلقه الغواصة … فالطوربيد ليس إلا صاروخًا مائيًّا … وكذلك عندما تذكرت الشحم … إن المقصود بالشحم هو سهولة قذف طوربيد المخدِّرات في الماء ليستقر حيث يريدون، ثم قويت شبهتي برحلات السفينة المتكررة إلى «بيروت»!

مجدي: إنك مغامِر ممتاز … وسوف أكتب في تقريري إلى المفتش «سامي» عن المساعدات القيمة التي قدمتَها أنت وزملاؤك!

قالت «لوزة» ضاحكة: لا تنسَ «زنجر» من فضلك … إن الزعنفة التي عثر عليها كانت أول خيط إلى العصابة.

وضحِك الجميع، وهزَّ «زنجر» ذيله راضيًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤