الفصل الأول

كيف يكون الطفل بارًّا؟

س: من أنت ومن عسى أن تكون؟

ج: لم أكن غير طفل …

س: أي طفل تريد أن تكون؟

ج: أريد أن أكون طفلًا بارًّا.

س: كيف تكون طفلًا بارًّا؟

ج: أكون طفلًا بارًّا إِذا سعدت بي أمي ولم يشقَ بي أبي.

س: لماذا تريد أن يسعد بك والداك؟

ج: لأنهما باران بي.

س: كيف تعرف أن أباك بارٌّ بك؟
ج: أعرف أن أبي بارٌّ بي بأنه يكد١ ويكدح٢ ليطعمني ويكسوني، ولأنه يهتم بأمر تربيتي فلا ينقصني شيء.
س: ألا يهتم أبوك بغير طعامك وكسائك؟
ج: أبي يمحضني٣ فوق ذاك النصيحة الصادقة، ويعلمني القدوة الحسنة.
س: ما هي القدوة الحسنة التي يعلمها لك أبوك؟

ج: إِن أبي يحبب إِليَّ العمل والاستقامة، والطيبة والصدق، والقناعة، والتبصر.

س: كيف يحبِّبك والداك في العمل؟
ج: عند الهبوب٤ من النوم أرى أبي مبكرًا إِلى عمله، وهو يستقبله بارتياح ونشاط، فإِذا عاد في المساء وعليه آثار التعب من عمله الشاق في يومه لا أراه يشكو ولا يتضجَّر.
س: كيف يعلمك أبوك الاستقامة؟

ج: أبي يعلمني الاستقامة بحرصه على أن لا يخطئ في حق غيره، وطالما سمعت الناس يذكرونه بالخير ويقولون إِنه رجل مستقيم.

س: كيف يعلمك أبوك الطيبة؟

ج: يعلمني أبي الطيبة باهتمامه بشئون والدتي واحترامها وبعطفه عليَّ وعلى إِخوتي وأخواتي واعتنائه بالجميع.

س: ألا يصنع أبوك هذا الصنع مع غير من ذكرت؟
ج: إِنه يصنع ذلك حتى مع الغير، فلم أسمعه مرة يغتاب جارًا له، وطالما رأيته يسرع إِلى نجدة٥ من هم أشد منه فقرًا.
س: كيف يعلمك والدك الصدق؟
ج: أبي يعلمني الصدق لأنه يمقت الكذب، وكم علمني أن أقول الحقيقة مهما كانت مغبَّتها.٦
س: كيف يعلمك أبوك القناعة؟

ج: أبي يعلمني القناعة لأنه يعطي والدتي أجره في كل أسبوع لا يؤثر نفسه بشيء منه.

س: كيف يعلِّمك أبوك التبصر؟٧

ج: يعلِّمني أبي التبصر لأنه يقتصد في كل أسبوع جانبًا من كسبه، ويدفع في كل شهر قسطه لجمعية التعاون.

س: ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بأسرتك٨ التي تعيش فيها؟

ج: إِن أبي يقول لي دائمًا: أحبب أمك واحترمها، وكن على وفاق مع إِخوتك، وكن الحارس لأخواتك والعضد لإِخوتك الصغار.

س: ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بسلوكك في المدرسة؟

ج: إن أبي يقول لي: احتكم في المدرسة أستاذك وأخلص له الولاء واجتهد في درسك، فإِنه واجبك الذي ينفعك.

س: ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بالاستقامة؟

ج: إِن أبي يقول لي دائمًا: اجتهد في أن تكون رجلًا فاضلًا فكن شريفًا، وكن كريمًا، وكن شجاعًا، ولا تخش في حياتك إِلا من واحدة: من أن تكون نذلًا ساقطًا.

س: ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بوطنك؟
ج: إِن أبي يقول دائمًا: رُضْ نفسك٩ على أن تكون وطنيًّا صادقًا في خدمة بلدك، وأن تكون جنديًّا شجاعًا للذود عنه.
س: كيف تعرف أن أمك بارة بك؟

ج: منذ خرجت إِلى الدنيا وأنا أرى أمي تسهر على راحتي، وهي التي تغذوني وتكتنفني بالعناية، وإِني أذكر أنني مرضت في العام الماضي مرضة، فلم أرها فارقت سريري بياض يومها ولا سواد ليلها.

س: ألا تفعل أمك شيئًا غير السهر عليك والعناية بك؟

ج: بلى، فإِنها رفيقة بإِخوتي وأخواتي بارة بهم برَّها بي، وهي التي تتولى في الدار شئون النظام والنظافة، وهي التي تنشر فيها الغبطة والسرور، فمنها نستمد السعادة وعليها مدار الراحة.

س: ألا تشتغل أمك بغيرك وغير إِخوتك وأخواتك؟
ج: بلى، فإِنها تشتغل بالعطف على والدي وتشجيعه على تحمل التعب والآلام بما تنفثه١٠ في أذنه من الكلام الطيب.
فإِذا رأته مشتغل البال بالغت في محاسنته حتى تسري عنه١١ ما هو فيه.
س: ألا تهتم أمك بغير من ذكرت؟

ج: بلى، فإِن أمي محسنة إِلى الغير غير متباطئة في خدمتهم حتى إِني لأرى الناس كلهم يحبونها ويجلُّونها.

س: أي شيء تعلمك أمك؟

ج: إِن أمي توصيني كل يوم أن أكون عاقلًا، وألا أكون سببًا في شقاء والدي، وأن أشتغل بجد ونشاط لأجل أن أعوله في شيخوخته كما عالني في طفولتي، وهي التي تذكرني بالخالق جلَّ شأنه وتعلمني كيف أحبه وأعبده.

س: فكيف تريد إِذن أن تكون؟

ج: أريد أن أكون رجلًا فاضلًا.

س: من هو الرجل الفاضل؟

ج: الرجل الفاضل هو الذي يقوم بالواجب لنفسه وأهله.

١  يتعب.
٢  يسعى.
٣  أخلص النصح.
٤  القيام من النوم.
٥  إسعاف.
٦  عاقبتها.
٧  النظر في العواقب.
٨  الأهل والأقارب.
٩  عوِّد نفسك.
١٠  تلقيه.
١١  تخفف عنه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤