الفصل الثالث

المنظر الأول

(سامي وبيهانة)
سامي :
والله لو يرعى جميع جسمي الحريق
وأكون طريد البيت وأشحت في الطريق
لا بُد في دا اليوم لأتخانِق معه
وأورِّيه بس إن كان أبويا ينفَعُه
بيهانة :
يو الشر برَّا روق لنفسك يا صبي
غِرشي أبوك قال بس كلمة والنبي
هو كل ما ينقال حالًا يفعلوه
من حي ما قالوا كلام وبطَّلُوه
سامي :
والله دا الخنزير دا لأفرَّجُه
وأطرُدُه من بيتنا وأخرجُه
بيهانة :
بشويش على مهلك وراعي خاطر أبوك
أحسن رفاقتك للحماقة ينسبوك
دي مراة أبوك دي من زماني ناوية
توقَّع الراجل الفقي في داهية
وهو لها طايِع وتعرف تختنه
وكلما قالت كلام يستحسِنه
وإيَّاك على الله بس يبلغها الخبر
وتجس نبضه بالكلام المعتبر
وتنكته عن الجواز وتنزله
يمكن وتلعن له أبوه وترذله
أهو صبيُّه قال عليه انه طلع
وراح يصلي لما أشوف إن كان رجع
اخرج بقى انتَ من هنا لمَّا أشوف
سامي :
ما أخرُجش أنا حتى يجي هذا الخروف
وأسمع كلامكم كُلِّتُه وأرسى عليه
هو أنا رايح أقول له بس إيه؟
بيهانة :
لا اخرج انتَ قُلت لك … … …
سامي :
… … … … … ما أحكيش معه
بيهانة :
بس اخرج انتَ والخبر بكرة اسمعه
إنتَ قوامك تتحمق من قلها
وتخسَّر الدعوى علينا كلها
سامي :
ما قُلت لك ما أزعلش أنا ولا انحِمِقش
بيهانة :
اسكت أهوَّا جي يالله روح امشِ

(سامي يستخبَّا في أودة في آخر التياترو.)

المنظر الثاني

الشيخ متلوف (يتكلم بصوت عالي مع خدَّامه ويقول) :
عمران هات المشط ويَّا المحفضَة
أحسن يفوت العصر ونصلِّيه قضه
وإن حد جا يسأل عليَّا قُل ذهب
وخد الفلوس اللي معاه فضة وذهب
وراح يفرَّق نصفهم على المذنبين
والنصف الآخر على الضعاف والمُعدمين
بيهانة (لوحدها) :
هو صاحب الخيرات يزعق بالنفير
دا اللي يشوفه يقول عليه إنه غفير
متلوف (يشوف بيهانة يقول) :
إيش تطلُبي؟ … … … …
بيهانة :
… … بدي أقول لك كلمتين
وأروح لحالي هو أنا لي شغلتين
متلوف (يطلع منديل من جيبه ويقول) :
يالله خُدي المنديل قبلن تنطَقِي
وأوعي عليَّا بالكلام تسبقي
بيهانة :
طيب وليه؟ … … …
متلوف :
… … لجلِن تغطِّي صدركي
أحسن كدا ما أقدرش أنا أنظر لكي
ما تعرفيش إن النظر لكم حرام؟
يوجب على الأستاذ حطُّه في المقام
بيهانة :
يبقى اللي زيَّك يخدعه لحم النسا
ما يكلموكشِ إلا وهُمَّا في الكِسا
ما كنت أعرف فيك حرارة زايدة
أنا كمان داتر ولا أنفعشِ لكده
والله إن تكون عريان كُلَّك ما أشتهِيك
ولا تميل نفسي لشعرة بس فيك
متلوف :
ما تخرجيش في الكلام عن الأدب
أحسن أروح وأخرج على شان دا السبب
بيهانة :
ما حد خارج إلا أنا بس استِمِع
لي كلمتين هلبت منهم تنتفِع
ستي تريد تدخل معك في السندرة
تحكي معك كلمة تريد يا هل تره؟
متلوف :
أُمال من دمعي … … …
بيهانة (لوحدها) :
… … … أهو الشيخ انهبل
والله كلامي فيه أهو صادِف محل
متلوف :
هيَّا تجي حالًا … … …
بيهانة :
… … … قوام زي الهوا
أهي جَتْ وَدِينِ رايحة وخليتكم سوا

المنظر الثالث

(أنيسة ومتلوف)
متلوف :
يا رب من عدلك ولطفك والكرم
تنعِم عليها بالعوافي والنعم
واسمَح لها بالعفو واتلطَّف بها
على قد ما قلبي الشجي يحبها
أنيسة :
مَحلى كلام الشيخ لما يدعي
لكن هات كرسي وتعال اقعُد معي
متلوف (يجلس ويقول) :
إزَّي دي الصحة اللطيفة اتعدِّلِتْ؟
أنيسة :
الخَستَكَة راحت قوام واتبَدِّلِتْ
متلوف :
هُوَّا الدعا كان إيه لما يُستجاب
وينزِّل البدر التمام من السحاب
يا سِتِّنا الحمد لله العظيم
اللي مزاجِك معتدل وصاغ سليم
أنيسة :
أتعبت روحك … … … …
متلوف :
… … كيف ومن شان صحتك
أجود بروحي أو بعرضي وأنهِتِك
أنيسة :
حقيقةً دا اللطف والقول الفصيح
يدلِّني على إن إسلامك صحيح
متلوف :
يا ست روحي كل معروف ينعمِل
في جنب معروفِك دا عمره إن كِمِل
أنيسة :
لكن أنا كان مقصدي ساعة أجيك
نِحكي سوا لوحدِنا من غير شريك
متلوف :
لله ما أحلى وأهنا الاجتماع
مع بعضِنا من بعد طول الامتناع
ياما طلبت إن الفُرَص لي يوم تلوح
وكلما أزيد الطلب فيها تروح
أنيسة :
لكن أنا بدي تقول لي على الصحيح
وأستِمِع منك كلام خالص فصيح

(سامي يفتح باب المحل لأجل يسمع طيب.)

متلوف :
وأنا كمان اللي بقلبي أظهِره
وأكشِف لك أسراري وما كُنت أستُره
وأحلف بديني إن الكلام اللي طِلع
مني عليكي وأغلب الجيران سِمع
كله من الغيرة على هذا الجمال
وحق ربٍّ صَوَّرِك زي الغزال
أنيسة :
وأنا كمان كدا فهمت اللي حصل
والله يا سي الشيخ معروفَك وصل

(متلوف يمسك يدها ويتِّكي قوي على صوابعها.)

أنيسة :
آه أف يا سي الشيخ ليه تقرُص كده؟
متلوف :
يا ست أنا غيرتي عليكي زايدة
وكمان رضاكي فيه لي غاية المنى

(ويحط إيده على فخدها.)

أنيسة :
طيب وإيدك دي بتعمل إيه هنا؟
متلوف :
أنا بشوف اللبس دا ناعم كتير
أنيسة :
ما تحُطِّش إيدك دي هنا أحسن بَغير

(وتبعد كُرسيها عنه وهو يقرب.)

متلوف (يمد إيده على زرار صدرها ويقول) :
أما الزرار دا صنعِتُه صنعة عجب
أحسن من الفضة وأحسن من الدهب
أنيسة :
من حق قول لي هو أبو سامي غدر؟
على نبيه في القول؟ احكي لي الخبر
وقال مريم رايحين يجوِّزوك
بها فأخبرني كمان وحياة أبوك
متلوف :
دا كان حِكي لي كلمتين في دا القبيل
وعرفت إن الماء ما يشفي الغليل
دا القلب مشغوف في محاسِن تانية
عن الأطالِس والملابس غانية
أنيسة :
أظن قصدك في السما مش في البشر
متلوف :
لا هو أنا مخلوق لوحدي من حجر
أنيسة :
معنى الكلام إن الرجال الفاخرة
زيك يهيموا في نعيم الآخرة
متلوف :
إن كان نعيم الآخرة محبوب لنا
برضُ الجمال الدنيوي يلِذِّنا
وننبسط من رؤية الخد الأسيل
وما خلق ربي من الصنع الجميل
من حي ما صوَّر محاسن متلكي
والكل ما يسووا قلامة ضُفرِكي
على الخصوص يا سِتِّنا صُنعه ظهر
في وجهك اللي طَلعته زي القمر
مين علمه خطف البصر في وهجته
حتى سبا كل العقول ببهجته
والله ما حقَّقْت وجهك كالهلال
إلا أقول سبحان من خلق الجمال
وأحس إن القلب راح ينشَق له
إكمِن ربي بالمحاسن كمله
وكنت خايف لا تكون دي وسوسة
أو نزغة الشيطان ولَّا أبلسَة
حتى نويت من ناظريكي أحتِجب
لا تلعب الأشواق بعقلي وأنغِلِب
لكن ظهر لي يا مليحة بالخلاف
إني إذا حبيت مثلك ما أخاف
وقُلت بالعفة أداري والتُّقا
وتركت قلبي في الهوى يرتع بقا
وأعترف يا ست كل الاعتراف
إني مجازف في سؤال كله خلاف
لكن من لُطفِك ومن حُسن الصنيع
أن ترحمي ضعفي أنا العبد المُطيع
فالخير منك والعشم فيكي يكون
وأغلب الحركة بيَدِّك والسكون
والأمر أمرِك فابعِدي أو قَرَّبِي
والحُكم حُكمِك فارحَمي أو عَذِّبي
أنيسة :
القول دا لا شك قول العاشقين
ويصح دا من ناس زيَّك مُتَّقين؟
دا كان من الواجب عليك تتكتِّمُه
وتجيب لقلبك دا لجام وتلجمه
إنت فقي صالح ولك اسم اشتَهَر
متلوف :
وإن كُنت أنا صالح منيش برضي بشر؟
من كان ينظر دي المحاسن والجمال
يجود بروحه في الهوى من غير سؤال
وإن كنتِ من هذا الجواب تستغربي
يا ست أنا لا أنا مَلَك ولا نَبي
وإن كنت أنا أذنبت في هذا الطلب
خدِّك وعينيكي أهُم دول السبب
ما شُفت مرة الردف والطرف الكحيل
والخصر إلا صِرت أنا زيُّه نحيل
واللحظ نبله ما هجم في منظره
إلا هزم قلبي وشتِّتْ عسكره
ولا احترم نسكي ولا دمعي ولا
تهجُّدي ولا الصيام ولا الصلا
وكم بدمعي مع زفيري أعلمك
وأدينِ أتيت اليوم بفمي أَفَهِّمِك
فإن نظرتيني بعين المرحمة
أكون لكي العبد الفقير ابن الأمة
وإن جبرتي خاطري برأفتِك
ولَّا بنقطة من سكاكر شِفِّتِك
أزيد عفة في هواكي مع صلاح
وأطير في التوحيد بِكي من غير جناح
وأنا وأمثالي الأفاضل يكتموا
لسرار ولا يوم بالوصال يتكلِّموا
واللي يكون مشهور في الناس زَيِّنَه
يثبت لمحبوبه الأمان بالبيِّنَة
والحلو يعرف ينبِسِط من غير خلاف
معنا ولا يوم ينهِتِك ولا يخاف
أنيسة :
سمعت يا سي الشيخ كلامك دا الفصيح
واللي حكيته يا حبيبي بالصحيح
لكن ما تخافشي وتتجاسِر كده
بلكي أنا أحكي لجوزي كل ده
هُوَّا إن سمع دا الوقت مش يغضب عليك
ويزوِّل النعمة العظيمة من إديك
متلوف :
يا ست لولا الحلم منك ما حكيت
ولا شرحتِش حالتي ولا شكيت
والمغفرة تمحو الذنوب من زلِّتي
لولا غرامي ما بدت لكِ عِلِّتي
حُزتي جمال يجرح فؤاد اللي نظر
وأنا مَنِيش أعمى ولا جسمي حجر
أنيسة :
لو كان غيري كان زعل يا شيخ عليك
إلا أنا بالحلم قصدي أحسِن إليك
ولا أجيب سيرة لجوزي يا فقيه
بس انت فُوت مريم إلى أحمد نبيه
ولا تعاكسهم ولا تقصد شَكَل
ولا تقول دا فلان خرج ولا دخل
واترك فِعال المكر ويَّا البسبسة
وامشي عِدِل في البيت وخَلِّي الأبلَسَة

المنظر الرابع

(أنيسة وسامي ومتلوف)
سامي (يخرج من الأودة التي كان بها ويقول) :
لا والنبي لحكي الكلام بالمِفتِشِي
أنا كُنت حاضركم وسامع كُل شي
الحمد لله الذي جابني هنا
على شان فضيحة الندل دا ابن الزنا
لاورِّيه مقامه والنفاق والكِبر ليه
وأخلي كل الناس تتفرَّج عليه
وأقول لبويا على الكلام اللي حكاه
وإزَّاي مَهْيَصْتُه هنا وقلة حياه
أنيسة :
يكفاه يا سامي أهو اتندِّم وتاب
ولا بقا يذكر وِصال ولا عِتاب
متجِبش سيرة لحد يا سامي بقا
دا العِرض ما يحمل كلام ولقلقة
يا ما النسا من الكلام دا ينضروا
ولا يقولوه للرجال يتكدَّروا
سامي :
إنتي كده رأيك بقى امشي عليه
وأنا كمان لي رأي معملبوش ليه؟
العفو عن واحد لئيم مثله قبيح
صاحب فِتَن والله ما هو شيء مليح
خاتن أبويا بالدواهي من زمان
ومنَفَّرُه مني ومن نَبيه كمان
لا بُد ما أعلِم أبويا وأخبره
باللي جرى وأفطنه وأنوَّرُه
والحمد لله الأمور من نفسها
بانت ورب العرش أسعفنا بها
دا اللي تبان له في عدوينه الفرص
ولا يتممهاشِ يبلى بالغصص
أنيسة :
يا واد يا سامي … … …
سامي :
… … … … أنا عقلي خرج
لما يجي أبويا هنا فيها فرج
يبقى على شانِك أفوت تاري معه
حفضت كل اللي جرى لأسَمَّعُه
من غير ما أسعى هنا ولَّا هنا
أهو أبويا جا بنفسه لحدِّنا

المنظر الخامس

(غلبون وأنيسة وسامي ومتلوف)
سامي :
يابا استمع قصة جرت لكن عجب
تحيَّر القاري لها واللي كتب
الشيخ دا اللي طول عمرك تكرمه
وتمدِّنه في بيتنا وتقدِّمُه
ما خلَّصوش يجزيك على طول عِشرِتَك
إلا يخون عِرضك ويهتك حُرمتك
وأنا كبسته اليوم وهو قاعد يقول
لستنا أقوال تحير فيها العقول
بالمِفتِشِر منها طلب فعل الحرام
والاسم شيخ البيت وعامل فيه إمام
وهي كمان سكتت عليه ودَمْدِمِتْ
ولا شكت منه ولا اتكلمت
لكن أنا مرضِتش أغِشَّك وأغدُرَك
إلا حلفت اليوم لازم أخبرك
أنيسة :
كدا حصل لكن سكوتي له سبب
أنا خفت لا تغضب ويؤذيك الغضب
دي الفاجرة إن هَلِّلِتْ أهي برضها
والعاقلة الحرة اللي تحمي عِرضها
لو كنت أنا أحكُم عليك في البيت ده
ما كنت يا سامي تجرَّسنا كده

المنظر السادس

(غلبون وسامي ومتلوف)
غلبون :
يا هل ترى يا ناس هذا القول صحيح؟
متلوف :
دُغري أنا من دونكم راجل قبيح
مُذنِب وعاصي محتقر كذاب كمان
ظالم حرامي وابن نوري من زمان
من سوء أفعالي رماني ربنا
وخصِّني بالمقت والتعذيب هنا
لو تنسبوا كل الكباير لي أقول
إني فلاتي مرتكب ناقص جَهُول
أستاهل التعزير منكم والغضب
والضرب بالبراطيش في جُمعة رجب
ولَّا اطردوني واعملوا فيَّا العِبَر
وقطَّعوا من جِتِّتي هُبَر هُبَر
غلبون (لابنه) :
والله يا ملعون كله إفتِرَه
منك على المسكين دا ومسخرة
سامي :
يبقى تغُرَّك دي الفعايل والدمن
غلبون :
يعني انت يا خنزير عندي مؤتمن؟
متلوف :
خلِّيه يقول اللي يقوله والسلام
ولَجل خاطري صدَّقُه في دا الكلام
وليه كده تكدِّبُه وتيجي معي
تَنَّك تبريني من اللي يدِّعي
هوَّا انت عارف إن كُنت أنا راجل بري؟
ولَّا صحيح راجل قبيح ومفتري؟
أقول لك الدغري ولا تنغَش بي
أنا خبيث وأستاهل اللي حل بي
وإن كان جميع الناس يقولوا دا صليح
قولوا لهم غلطان وأنا برضي قبيح

(ويوجه الكلام لسامي):

قول إنت يا بني عليَّا إني لئيم
عاصي حرامي مختلس ناقص بهيم
وكل شيء يعجِبَك في الذم قول
وخوض في عِرضي ولا ترعى أصول
واجب عليَّا أخضع لكم وأمتثل
وأعفَّر خدودي بالتراب وأكتَحِل
غلبون (لمتلوف) :
العفو يا سي الشيخ. (ولابنه) ليه تعمل كده؟
سامي :
يبقى كمان يضحك عليك بالهلس ده؟
غلبون (يقوِّم متلوف من على الأرض ويقول لابنه) :
اخرس بقول لك. (ولمتلوف) قوم يا سي الشيخ بقه
(ولابنه) في كل يوم تطلع لنا بمعلَّقة
سامي :
لأفلَق دماغه بس وحياة النبي
غلبون :
علشان ما انت ابني كدا استهترت بي
متلوف :
ليه يا أخي بالله قوامك تنحِمِق
هُوَّا بإيده حق عني يتفق
عندي أنا تصبح عظامي مفصَّصَة
أحسن ولا تهيِّب على ابنك بالعصه
غلبون (لابنه) :
آه يا خبيث … … … … …
متلوف :
… … … سيبه أنا في عرض الرسول
أنا أبوس رجلك ولو فيها فضول

(ويطاطي على رجله فيرفعه غلبون ويقول):

أستغفر الله … … …
غلبون (لابنه) :
… … شوف لفظه …
سامي :
… … … … فُضِّنَه
غلبون :
يا كلب … … … … …
سامي :
… … هُوَّا إيه … … …
غلبون :
… … … … يا ابن الزِّنَه
عرفت أنا أصل الخناقة والشَّكَل
على شان مهو صالح وخالص في العمل
ولا يحب الخبص منكم يا كلاب
على شان كده بتوروه أنواع العذاب
وكلكم ديمًا عليه تتعصَّبُوا
في كل يوم ألفين شرك له تنصبوا
لجلِن أنا لآخر أصُدُّه وأزهدُه
وأغضب عليه من شانكم وأطرده
لكنَّ بالعامد لحوشه وأحجزه
في بيتنا وأكرمه وأعززه
وأعطيه بنتي غصب عنكم كلكم
حتى يبات كيدكم كدا ف نحركم
سامي :
هُوَّا انتَ إن جوِّزته بنتك تنصفه؟
غلبون :
معلوم وأعدل له مزاجه وأتحفه
والله بالعامد لشرف رتبته
وكلكم تيجوا تبوسوا رُكبته
سامي :
إش وصَّله دا الكلب يبلُغ دا المَطال؟
غلبون :
ما تستحيش يا واد تذكر دا المقال؟

(ويقول لمتلوف):

شوف لي عصاية لمَّا أقوم وأفرَّجُه

(ولابنه)

والكلب دا من منزلي لأخرَّجُه
سامي :
أخرج وماله … … …
غلبون :
… … بالعجل اخرج قوام
لأحرِمَك من تِركتي يا ابن الحرام
وأغضب عليك وأخرَّجَك من عِشرتي
حرام عليَّ إن كُنت من ذُرِّيِّتي

المنظر السابع

(غلبون ومتلوف)
غلبون :
راجل من الصُّلَّاح زيَّك ينظِلِم
متلوف :
الصبر خير ما حد في الدنيا سلم
من حي ما قاسيت أنواع العذاب
لكن ما عنوش دا المؤمن مُصاب
غلبون :
لا حول ولا قوة … …
متلوف :
… … … … ودُغري يا أخي
ديمًا بمعروفك معايا تنتخِي
غلبون (يبكي ودموعه تنزل ويروح جهة الباب الذي يخرج منه ابنه ويقول) :
المرحمة على الخبيث دا بس ليه
يا ريت كسَّرت العصايا دي عليه

(ويقول لمتلوف):

معلهش ما تزعلش يا سيد الجميع
متلوف :
إن كان على شاني أنا أخرج سريع
إيَّاك يبطل دا الخناق ودا الزعل
وتنقضي الفتنة وينفض الشَّكَل
غلبون :
ده دا الكلام دا؟ … … … …
متلوف :
… … … … يا أخي وأعمل إيه؟
الحال دا مين كل يوم يقدر عليه؟
غلبون :
ومين يصدقهم ويسمع كِدبهم
متلوف :
دول كلهم عُصبة ومحناش قدهم
ما كل مرة تسلم الجرة ومين
يعمل ودانه طين ولَّا من عجين
هلبت من كتر الحديت والبسبسة
تسمع كلام من الرجال أو النِّسَه
غلبون :
لا والنبي ما أسمع كلام ولو يكون
موتي عليه أو كنت أنصاب بالجنون
متلوف :
طيب خِلصنا روق لنفسك واهتدي
وفُضِّنا يكفي بقى من دا ودِي
لكن مراتك ما بقيت أدخُل لها
ولا بقيت أقرا ولا أكتب عندها
دا العِرض ما يحمل بقى غير دا كلام
أنا نويت أروح لحالي والسلام
غلبون :
غصبِن عن العنتيل تدخل عندها
وتكمِّل الختمة وتقعد جنبها
ولأجل ما أنفد عليهم كلمتي
ما ليش وريث غيرك أنا أديه تركتي
وهبت لك مالي وما ملكت يدي
وأجوِّزَك بنتي لأنك مهتدي
وأدينِ فضَّلتك عليهم بالتمام
يا هل ترى قبلت مني دا الكلام؟
متلوف :
كله بأمر الله خلَّاف الظنون
أهو زي ما يريد ربنا حالًا يكون
غلبون :
آمِنت بالله وانت لآخر قُم بنا
أكتب لك الحجة ونرجع برضنا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤