الفصل الخامس عشر

مسألة ليندا: الأقل أكثر

تضمنت أكثر تجاربنا شهرةً وجدلًا شخصية خيالية لسيدة أطلقنا عليها اسم ليندا. ابتدعنا أنا وعاموس مسألة ليندا لتقديم دليل دامغ على دور الطرق الاستدلالية في إصدار الآراء وفي عدم توافقها مع المنطق. هكذا كان وصفنا لشخصية ليندا:

تبلغ ليندا واحدًا وثلاثين عامًا، عزباء، شديدة الصراحة، وبالغة الذكاء. تخصصت ليندا في الفلسفة. عندما كانت طالبة، كانت مهتمة اهتمامًا بالغًا بموضوعات التمييز والعدالة الاجتماعية، وشاركت أيضًا في مظاهرات مناهضة للأسلحة النووية.

كان الجمهور الذي استمع إلى هذا الوصف في ثمانينيات القرن العشرين يضحك دائمًا؛ نظرًا لأنهم كانوا يدركون على الفور أن ليندا كانت طالبة في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، التي كانت مشهورة آنذاك بطلابها الناشطين سياسيًّا. في إحدى تجاربنا، عرضنا قائمة على المشاركين في التجربة تتضمن ثمانية سيناريوهات ممكنة لليندا. مثلما كان الحال في مسألة توم دبليو، صنَّف بعض المشاركين السيناريوهات وفق درجة التمثيل، بينما صنفها آخرون من خلال الاحتمالية. تشبه مسألة ليندا مسألة توم دبليو مع بعض الاختلافات الطفيفة:

ليندا مدرسة في مدرسة ابتدائية.
تعمل ليندا في متجر كتب وتتلقى دروسًا في اليوجا.
ليندا ناشطة في الحركة النسوية.
ليندا أخصائية نفسية اجتماعية.
ليندا عضو في منظمة النساء المصوتات.
تعمل ليندا صرَّافة في بنك.
تعمل ليندا موظفة مبيعات في شركة تأمين.
تعمل ليندا صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية.

تعبِّر هذه المسألة عن قدمها بأكثر من طريقة. لم تعد منظمة النساء المصوتات بارزةً في مجال العمل المدني كما كانت، وتبدو فكرة «الحركة» النسوية غريبة، وهو ما يشير إلى تغير في مكانة النساء خلال الثلاثين عامًا الأخيرة. لكن حتى في عصر الفيسبوك، ما زال يسهُل تخمين الإجماع العام تقريبًا للآراء حول ليندا. ومن هنا تلائم شخصية ليندا جيدًا نموذج الناشطة النسوية، وتتلاءم بصورة لا بأس بها مع نموذج شخص يعمل في متجر للكتب ويتلقى دروسًا في اليوجا، ولا تتلاءم أبدًا مع نموذج صراف في أحد البنوك أو موظف مبيعات في شركة تأمين.

ركِّز الآن على العناصر المهمة في القائمة: هل تميل ليندا إلى أن تكون صرافة في أحد البنوك، أم إلى أن تكون صرافة ناشطة في مجال الحركة النسوية؟ يتفق الجميع على أن شخصية ليندا تتلاءم أكثر مع فكرة «صرافة البنك النسويَّة» من الصورة النمطية لصرافي البنوك. لا يُعد صراف البنك وفق الصورة النمطية ناشطًا نسويًّا، وبإضافة هذه المعلومة إلى وصف شخصية ليندا تصبح القصة أكثر تماسكًا.

تأتي الاختلافات الطفيفة هنا في الأحكام حول الاحتمالية؛ نظرًا لأن هناك علاقة منطقية بين السيناريوهين. فكِّر في إطار مخططات فين. تقع مجموعة الصرافين النسويين كاملةً ضمن مجموعة صرافي البنوك؛ حيث إن كل صرَّاف نسوي هو صراف في بنك؛ بناءً عليه، «يجب» أن تكون احتمالية أن تكون ليندا صرافة نسوية أقل من احتمالية كونها صرافة في بنك. فعندما تشير إلى حدث ما ممكن بمزيد من التفصيل، فإنك بهذا تقلل من احتمالية وقوعه. يتولد عن المسألة إذن صراع بين حدس درجة التمثيل ومنطق الاحتمالية.

أجرينا تجربتنا الأولى مع عرض عنصر واحد فقط من العنصرين المهمين على المشاركين. كان كل مشارك في التجربة يرى مجموعة من ثماني نتائج كانت تشمل أحد العنصرين المهمين فقط («صرافة في بنك» أو «صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية»). صنَّف بعض المشاركين في التجربة النتائج وفق التشابه، بينما صنفها الآخرون وفق الاحتمالية. مثلما كان الحال في مسألة توم دبليو، كان متوسط التصنيفات وفق درجة التشابه ومتوسط التصنيفات وفق الاحتمالية متطابقًا. فكان سيناريو «صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية» في مرتبة أعلى من سيناريو «صرافة في بنك» في كلتا الحالتين.

ثم أجرينا التجربة بطريقة أخرى، لكن هذه المرة عرضنا العنصرين المهمين على المشاركين. وضعنا الاستقصاء مثلما رأيت، وكانت «صرَّافة في بنك» في الترتيب السادس في القائمة و«صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية» في الموضع الأخير. كنا مقتنعين أن المشاركين في التجربة كانوا سيلاحظون العلاقة بين هذين السيناريوهين، وأن تصنيفاتهم كانت ستتوافق مع المنطق. في حقيقة الأمر، كنا على ثقة تامة في ذلك، حتى إننا لم نر جدوى من إجراء تجربة خاصة للتحقق من ذلك. كانت مساعدتي تُجري تجربة أخرى في المعمل، وطلبت من المشاركين فيها ملء استقصاء ليندا الجديد عند خروجهم، قبل دفع مقابل إجرائهم التجربة مباشرةً.

كانت قد تراكمت عشرة استقصاءات في المكان المخصص لها على مكتب مساعدتي، قبل أن ألقي نظرة سريعة عليها وألاحظ أن جميع الطلاب صنَّفوا «صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية» باعتبارها أكثر احتمالًا من «صرافة في بنك». كنت في غاية الدهشة، حتى إنني لا أزال أحتفظ «بذكرى شديدة الوضوح» للون الرمادي للمكتب المعدني، وبموضع كل من كان في المعمل عندما اكتشفت ذلك. هاتفت عاموس سريعًا في حالة إثارة عالية لأخبره بما اكتشفت. كنا قد وضعنا المنطق في صدام مع درجة التمثيل، وفازت درجة التمثيل!

وفق لغة هذا الكتاب، كنا قد اكتشفنا عيبًا في النظام ٢. توفرت فرصة كافية للمشاركين في التجربة لتحديد مدى أهمية القاعدة المنطقية؛ إذ كانت كلتا النتيجتين موجودة في التصنيف نفسه. لم يستغل المشاركون في التجربة تلك الفرصة. عندما توسعنا في تجربتنا، وجدنا أن ٨٩٪ من الطلاب الجامعيين في عينتنا خالفوا منطق الاحتمالية. كنا مقتنعين أن المشاركين الأكثر تطورًا مهاريًّا في الناحية الإحصائية سيبلون بلاءً أفضل؛ لذا قدَّمنا الاستقصاء نفسه لطلاب دكتوراه في برنامج علم اتخاذ القرار في كلية التجارة للدراسات العليا في جامعة ستانفورد، الذين تلقوا مقررات دراسية متقدمة في الاحتمالية، والإحصاء، ونظرية اتخاذ القرار. فوجئنا مرة أخرى: فقد صنَّف ٨٥٪ من هؤلاء المشاركين «صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية» باعتبارها أكثر احتمالًا من «صرافة في بنك».

فيما أشرنا إليه لاحقًا باعتباره محاولات «يائسة بصورة متزايدة» للتخلص من الأخطاء، قدَّمنا شخصية ليندا إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص وسألناهم هذا السؤال البسيط:
أي السيناريوهات أكثر احتمالًا في الوقوع؟
تعمل ليندا صرَّافة في بنك.
تعمل ليندا صرَّافة في بنك وهي ناشطة نسوية.

جعلت هذه النسخة شديدة المباشرة من المسألة من شخصية ليندا شخصية مشهورة في بعض الدوائر، كما جعلتنا محلًّا للخلاف لسنوات. اختار حوالي ٨٥ إلى ٩٠٪ من الطلاب الجامعيين في عدة جامعات كبرى الخيار الثاني، وهو ما يناقض المنطق. بصورة لافتة، بدا كما لو كان المخطئون لا يشعرون بالخجل. عندما سألت صف طلابي الجامعيين الكبير بشيء من الانزعاج: «هل تدركون أنكم خالفتم قاعدة منطقية أساسية؟» صاح أحد الطلاب في الصف الخلفي قائلًا: «ماذا إذن؟» كما أوضحت إحدى طالبات الدراسات العليا التي ارتكبت الخطأ نفسه وجهة نظرها قائلةً: «كنت أظنك تسأل عن رأيي.»

تُستخدم كلمة «مغالطة»، عمومًا، عندما يفشل الناس في تطبيق قاعدة منطقية متصلة بالموضوع بداهةً. قدَّمنا أنا وعاموس فكرة «مغالطة الاقتران»، التي يرتكبها الناس عندما يصدرون حكمًا على اقتران بين حدثين (هنا، صرافة في بنك وناشطة نسوية) بأنه أكثر احتمالًا من أحد الحدثين (صرافة في بنك) في مقارنة مباشرة بين الحدثين.

مثلما في خداع مولر-لاير، تظل المغالطة جذابة حتى عندما تدرك حقيقتها. وصف عالم التاريخ الطبيعي ستيفن جاي جولد صراعه مع مسألة ليندا. كان ستيفن يعرف الإجابة الصحيحة، بالطبع، غير أنه كتب قائلًا: «ظل قزم صغير يقفز في رأسي إلى أعلى وإلى أسفل، صائحًا: «لكنها لا يمكن أن تكون صرافة في بنك فقط؛ اقرأ وصف الشخصية».» ليس القزم الصغير بالطبع سوى النظام ١ الخاص بجولد الذي يتحدث إليه في نبرات إصرار. (لم يكن مصطلح النظامين قد ظهر بعد عندما كتب جولد ذلك.)

كانت الإجابة الصحيحة عن النسخة القصيرة من مسألة ليندا هي إجابة الغالبية في واحدة فقط من تجاربنا؛ فقد رأى ٦٤٪ من مجموعة من طلاب الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في جامعتي ستانفورد وبيركلي عن حق أن «صرافة في بنك وناشطة نسوية» أقل احتمالًا من «صرافة في بنك». في النسخة الأصلية من التجربة ذات السيناريوهات الثمانية (المبينة أعلاه)، اختار ١٥٪ فقط من مجموعة مشابهة من طلاب الدراسات العليا ذلك الخيار. يعتبر الفرق هنا دالًّا. فصلت النسخة الأطول من التجربة بين السيناريوهين الأكثر أهمية عن طريق سيناريو وسيط (موظف مبيعات في شركة تأمين)، فكان أن أدلى القراء بأحكامهم حول كل سيناريو بمعزل عن الآخر، دون مقارنتها. في المقابل، تطلبت النسخة الأقصر عقد مقارنة واضحة أفضت إلى شحذ النظام ٢ وأفسحت المجال للطلاب الأكثر تطورًا من الناحية الإحصائية لتجنب المغالطة. لسوء الحظ، لم نستكشف طريقة تفكير الأقلية الكبيرة (٣٦٪) لهذه المجموعة، التي تتوفر لديها المعرفة اللازمة لكنها لم تختر الاختيار الصحيح.

تطابقت الآراء حول الاحتمالية التي عبَّر عنها المشاركون، في مسألتي توم دبليو وليندا، بدقة مع الأحكام المعتمدة على درجة التمثيل (أي التشابه مع الصور النمطية). تنتمي درجة التمثيل إلى مجموعة من عمليات التقييم الأساسية المرتبطة ببعضها ارتباطًا وثيقًا التي يُحتمل أن تتولَّد معًا. تمتزج أكثر السيناريوهات تمثيلًا مع وصف الشخصية لإخراج أكثر القصص تماسكًا. بينما لا تعتبر أكثر القصص تماسكًا الأكثر احتمالًا بالضرورة، فإنها تُعد «الأكثر معقولية»، وهكذا تختلط أفكار التماسك، والتصديق، والاحتمالية بسهولة لدى من لا ينتبه إلى الفروق بينها.

يترتب على عملية الاستبدال غير النقدية للمعقولية محل الاحتمالية آثار ضارة على عملية إصدار الأحكام عندما تُستخدم السيناريوهات باعتبارها أدوات للتنبؤ. خذ على سبيل المثال هذين السيناريوهين، اللذين عُرضا على مجموعات مختلفة، وطُلب منها تقييم احتمالية كل منها:

فيضان هائل في مكان ما في أمريكا الشمالية العام القادم، يهلك فيه أكثر من ألف شخص.

زلزال في كاليفورنيا في وقت ما من العام القادم، يتسبب في فيضان يهلك جراءه أكثر من ألف شخص.

يعتبر سيناريو كاليفورنيا أكثر معقولية من سيناريو أمريكا الشمالية، على الرغم من أن احتمالية وقوعه أقل بالتأكيد. مثلما كان متوقعًا، كانت الأحكام حول الاحتمالية أعلى بالنسبة إلى السيناريو الأكثر ثراءً وتفصيلًا، في مخالفة للمنطق. يعتبر هذا فخًّا للمتخصصين في عملية التنبؤ وكذا بالنسبة لعملائهم. فبينما تجعل إضافة تفاصيل إلى السيناريوهات هذه السيناريوهات معقولة أكثر، إلا أن احتمالية وقوعها تقل.

حتى يتسنى وضع دور المعقولية في نصابه، فكِّر في السؤالين التاليين:
أي من البديلين أكثر احتمالًا؟
مارك لديه شعر.
مارك أشقر الشعر.
و
أي من البديلين أكثر احتمالًا؟
تعمل جين مدرسة.
تعمل جين مدرسة وتسير إلى العمل.

بينما يحظى السؤالان بالبنية المنطقية نفسها لمسألة ليندا، فهما لا يتسببان في أي مغالطة؛ نظرًا لأن النتيجة الأكثر تفصيلًا ليست إلا أكثر تفصيلًا — فهي ليست أكثر معقوليةً، أو أكثر تماسكًا، ولا تمثِّل حتى قصة أفضل. لا يجاوب تقييم المعقولية والتماسك على مسألة الاحتمالية. في غياب حدس منافس، يسود المنطق.

الأقل أكثر، في بعض الأحيان في التقييم المشترك

طلب كريستوفر شي — الأستاذ بجامعة شيكاجو — من الناس أن يضعوا سعرًا لأطقم أدوات مائدة معروضة في أحد تخفيضات التصفيات في متجر محلي، وهو متجر تتراوح أسعار أدوات المائدة فيه بين ٣٠ دولارًا و٦٠ دولارًا. كانت هناك ثلاث مجموعات في تجربة شي. عُرض الطقمان التاليان على إحدى مجموعات التجربة. يطلق شي على ذلك «التقييم المشترك»؛ نظرًا لأنه يسمح بعقد مقارنة بين طقمين. في المقابل، عُرض على المجموعتين الأخريين طقم واحد فقط، وهو ما يُطلق عليه «التقييم الفردي». يعتبر التقييم المشترك تجربة بتصميم داخل الأفراد، بينما يعتبر التقييم الفردي تجربة بتصميم بين الأفراد.

طقم أ: ٤٠ قطعة طقم ب: ٢٤ قطعة
أطباق طعام ٨: جميعها بحالة طيبة ٨: جميعها بحالة طيبة
سُلطانيَّات شوربة/سلاطة ٨: جميعها بحالة طيبة ٨: جميعها بحالة طيبة
أطباق حلوى ٨: جميعها بحالة طيبة ٨: جميعها بحالة طيبة
فناجين ٨: اثنان منها مكسوران
صحون فناجين ٨: ٧ منها مكسورة

بافتراض أن الأطباق في كلا الطقمين متساوية في جودتها، أي من الطقمين سيكون الأعلى سعرًا؟ هذا سؤال سهل. يمكن أن ترى أن الطقم أ يتضمن جميع الأطباق الموجودة في الطقم ب، وسبعة أطباق إضافية سليمة؛ ومن ثم «يجب» أن يكون سعره أعلى. في حقيقة الأمر، كان المشاركون في تقييم شي المشترك على استعداد لدفع مبلغ أكثر قليلًا مقابل طقم أ من طقم ب؛ ٣٢ دولارًا في مقابل ٣٠ دولارًا.

انعكست النتائج في التقييم الفردي؛ حيث جرى تقييم طقم ب بشكل أعلى من طقم أ، ٣٣ دولارًا مقابل ٢٣ دولارًا. نعرف لماذا حدث ذلك. تُمثَّل المجموعات (بما في ذلك أطقم المائدة!) من خلال المعايير والنماذج النمطية. فتستطيع أن ترى في الحال أن متوسط قيمة الأطباق أقل بكثير بالنسبة إلى طقم أ من طقم ب؛ نظرًا لعدم رغبة أحد في دفع أموال مقابل أطباق مكسورة. إذا هيمنت القيمة المتوسطة على عملية التقييم، فلا غرو أن يُقيَّم طقم ب بسعر أعلى. أطلق شي على النمط الناتج عن ذلك «الأقل أكثر». تتحسن قيمة الطقم أ من خلال إلغاء ١٦ عنصرًا (٧ منها سليم).

كرر نتائج شي عالم الاقتصاد التجريبي جون ليست في سوق حقيقية لبطاقات البيسبول. طرح ليست في مزاد مجموعات تتألف كل منها من عشر بطاقات مرتفعة القيمة، وبطاقات متطابقة كانت تُضاف إليها ثلاث بطاقات ذات قيمة منخفضة. مثلما في تجربة أدوات المائدة، بينما قُيِّمت المجموعات الأكبر تقييمًا أعلى من المجموعات الأصغر في التقييم المشترك، قُيِّمت المجموعات الأكبر بقيمة أقل في التقييم الفردي. من منظور النظرية الاقتصادية، تعتبر هذه النتيجة مزعجة. فتمثِّل القيمة الاقتصادية لطقم المائدة أو مجموعة من بطاقات البيسبول متغيِّر مجموع؛ حيث تزيد قيمة مجموعة فقط عند إضافة عنصر ذي قيمة مرتفعة إليها.

تحظى مسألة ليندا ومسألة أدوات المائدة بالبنية نفسها تمامًا. تمثِّل الاحتمالية، مثل القيمة الاقتصادية، متغيِّر مجموع، مثلما يبين المثال التالي:

احتمالية (أن ليندا تعمل صرَّافة) = احتمالية (أن ليندا صرَّافة نسوية)  + احتمالية (أن ليندا صرَّافة غير نسوية)

لهذا السبب أيضًا، مثلما في دراسة شي لأدوات المائدة، تفضي التقييمات الفردية لمسألة ليندا إلى نمط الأقل أكثر. يجري النظام ١ عملية وضع متوسط بدلًا من الجمع؛ لذا عند إزالة الصرافين غير النسويين من المجموعة، تزداد الاحتمالية الذاتية. في المقابل، تبدو طبيعة المجموع للمتغير أقل وضوحًا بالنسبة إلى الاحتمالية من المال؛ بناءً عليه، يتخلص التقييم المشترك من الخطأ فقط في تجربة شي، لا في تجربة ليندا.

لم تكن تجربة ليندا الحالة الوحيدة التي تمكن فيها خطأ الاقتران من تجاوز التقييم المشترك؛ فقد وجدنا مخالفات مشابهة للمنطق في العديد من التجارب الأخرى. طُلب من المشاركين في إحدى هذه الدراسات تقييم أربعة سيناريوهات ممكنة لمباراة بطولة ويمبلدون التالية للتنس من الأكثر إلى الأقل احتمالًا. كان بيورن بورج اللاعب الأكثر بروزًا وقت إجراء الدراسة. كانت هذه هي السيناريوهات المطروحة:
  • (أ)

    سيفوز بورج بالمباراة.

  • (ب)

    سيخسر بورج المجموعة الأولى.

  • (جـ)

    سيخسر بورج المجموعة الأولى لكنه سيفوز بالمباراة.

  • (د)

    سيفوز بورج بالمجموعة الأولى لكنه سيخسر المباراة.

السيناريوهان الأهم هما ب، ﺟ. يعتبر سيناريو ب الأكثر شمولًا، و«يجب» أن تكون احتمالية وقوعه أعلى من أي سيناريو آخر. في مخالفة للمنطق، وفي توافق مع درجة التمثيل والمعقولية، قيَّم ٧٢٪ من المشاركين سيناريو ب تقييمًا أقل في الاحتمالية من سيناريو ﺟ، وهو مثال آخر على نمط الأقل أكثر عند عقد مقارنة مباشرة. مرةً أخرى، كان السيناريو الذي قُيِّم باعتباره أكثر ترجيحًا سيناريو أكثر معقولية لا مراء في ذلك، سيناريو أكثر تماسكًا يتلاءم مع كل ما كان معروفًا عن أفضل لاعب تنس في العالم.

لتفادي الاعتراض الممكن القائل إن مغالطة الاقتران إنما ترجع إلى إساءة تفسير الاحتمالية، ابتكرنا مسألة تتطلب إصدار أحكام حول الاحتمالية، لكن لم تُوصف الأحداث فيها باستخدام الكلمات، كما لم يظهر مصطلح «الاحتمالية» فيها على الإطلاق. عرضنا على المشاركين في التجربة قطعة نرد عادية لها ستة أوجه، لون أربعة منها أخضر ولون اثنين منها أحمر، وطلبنا منهم إلقاء قطعة النرد ٢٠ مرة. عُرض على المشاركين ثلاث متتاليات من اللون الأخضر خ والأحمر ح، وطلبنا منهم اختيار إحداها. كان المشاركون سيفوزون (نظريًّا) بقيمة ٢٥ دولارًا حال ظهور المتتالية التي اختاروها. المتتاليات هي:
  • (١)

    ح خ ح ح ح

  • (٢)

    خ ح خ ح ح ح

  • (٣)

    خ ح ح ح ح ح

نظرًا لأن قطعة النرد تحتوي على عدد أوجه خضراء يساوي ضعف عدد الأوجه الحمراء، فلا تمثِّل المتتالية الأولى أوجه قطعة النرد تمثيلًا كافيًا على الإطلاق، مثلما أن تكون ليندا صرافة في بنك. تتلاءم المتتالية الثانية، التي تتضمن ثلاث رميات لقطعة النرد، بصورة أفضل مع ما قد نتوقعه من قطعة النرد هذه؛ نظرًا لأنها تتضمن وجهين لونهما أخضر. في المقابل، بُنيت المتتالية الثانية من خلال إضافة خ في بداية المتتالية الأولى؛ لذا تصبح أقل احتمالية من المتتالية الأولى. تكافئ هذه العملية غير اللفظية كون ليندا صرافة نسوية في بنك. مثلما في دراسة ليندا، سادت درجة التمثيل. فضَّل ما يقرب من ثلثي المشاركين المراهنة على المتتالية الثانية بدلًا من المتتالية الأولى. في المقابل، عند مواجهتهم بما يدعم كلا الخيارين، وجدت غالبية كبيرة أن السند المنطقي الصحيح (الذي يفضِّل المتتالية الأولى) أكثر إقناعًا.

كانت المسألة التالية بمنزلة إنجاز كبير؛ نظرًا لأننا وجدنا أخيرًا حالة تقلص فيها وقوع مغالطة الاقتران. رأت مجموعتان من المشاركين في التجربة نسختين مختلفتين قليلًا من المسألة نفسها:

أُجري استطلاع صحي على عينة من الذكور البالغين في مقاطعة بريتش كولومبيا، من جميع الأعمار والمهن. رجاءً تفضَّل بوضع أفضل تقديراتك حول القيم التالية: أُجري استطلاع صحي على ١٠٠ من الذكور البالغين في مقاطعة بريتش كولومبيا، من جميع الأعمار والمهن. رجاءً تفضَّل بوضع أفضل تقديراتك حول القيم التالية:
ما نسبة الرجال ممن جرى استطلاع آرائهم الذين تعرضوا لنوبة قلبية واحدة أو أكثر؟ كم عدد الرجال من بين ١٠٠ مشارك في الاستطلاع الذين تعرضوا لنوبة قلبية واحدة أو أكثر؟
ما نسبة الرجال ممن جرى استطلاع آرائهم فوق سن ٥٥ عامًا وتعرضوا لنوبة قلبية واحدة أو أكثر؟ كم عدد الرجال من بين ١٠٠ مشارك في الاستطلاع فوق سن ٥٥ عامًا وتعرضوا لنوبة قلبية واحدة أو أكثر؟

كانت نسبة الخطأ ٦٥٪ للمجموعة التي عُرضت عليها المسألة إلى اليمين، و٢٥٪ فقط للمجموعة التي عُرضت عليها المسألة إلى اليسار.

لماذا يُعد سؤال «كم عدد الرجال من بين ١٠٠ مشارك …» أكثر سهولة بكثير من سؤال «ما نسبة …»؟ لعل التفسير المحتمل يتمثل في أن الإشارة إلى ١٠٠ شخص تستحضر تمثيلًا مكانيًّا في العقل. تخيَّل أن طُلب من عدد كبير من الأشخاص تقسيم أنفسهم إلى مجموعات في غرفة، بحيث «يتجمع أولئك الذين تبدأ أسماؤهم بالأحرف من A إلى L في الركن الأيسر الأمامي.» يُطلب من المشاركين بعد ذلك تقسيم أنفسهم أكثر. تعتبر علاقة الانضمام إلى إحدى المجموعات واضحة الآن؛ حيث ترى أن الأشخاص الذين تبدأ أسماؤهم بالحرف C ينتمون إلى مجموعة فرعية من المجموعة الأكبر في الركن الأيسر الأمامي. في سؤال الاستطلاع الصحي، ينتهي المطاف بضحايا النوبات القلبية في أحد أركان الغرفة، بعضهم يقل عمره عن ٥٥ عامًا. بينما لن يتفق الجميع على هذا التصوير الحي، أظهرت العديد من التجارب التالية أن معدل تكرار درجة التمثيل، مثلما يُعرف، يجعل من السهولة بمكانٍ الاعتراف بأن إحدى المجموعات مشمولة بالكامل في المجموعة الأخرى؛ ولذلك يبدو أن حل المسألة يتمثل في أن السؤال المصاغ بعبارة «كم عدد؟» يجعلك تفكِّر في الأشخاص، فيما لا يجعلك السؤال نفسه مصاغًا بعبارة «ما نسبة؟» تفكِّر في الأشخاص.

ماذا تعلمنا من هذه الدراسات حول آليات عمل النظام ٢؟ نتيجة واحدة، وهي ليست جديدة؛ ألا وهي أن النظام ٢ ليس متيقظًا بما يكفي. كان الطلاب الجامعيون وطلاب الدراسات العليا الذين شاركوا في دراساتنا حول مغالطة الاقتران «يعلمون» يقينًا منطق مخططات فين، لكنهم لم يطبقوه في ثقة حتى عندما أُفردت جميع المعلومات المهمة أمامهم. بينما كانت عبثية نمط الأقل أكثر جلية في دراسة شي لأدوات المائدة وسهُل تمييزه في تمثيل «كم عدد؟» لم يكن النمط واضحًا لآلاف الأشخاص الذي وقعوا في شرك مغالطة الاقتران في مسألة ليندا في صيغتها الأصلية وفي مسائل أخرى مثلها. في جميع هذه الحالات، بدا الاقتران معقولًا، وكان هذا كافيًا لتصديق النظام ٢ عليه.

يعتبر كسل النظام ٢ جزءًا من القصة. فإذا كانت عطلتهم التالية تعتمد على ذلك، وإذا كان المشاركون منحوا وقتًا مفتوحًا وطُلب منهم اتباع المنطق وعدم الإجابة حتى يتأكدوا من إجابتهم؛ فأعتقد أن معظم المشاركين في تجاربنا كانوا سيتفادون مغالطة الاقتران. في المقابل، لم تعتمد عطلة المشاركين على تقديم إجابة صحيحة، كما قضوا وقتًا قليلًا للغاية في الإجابة عن الأسئلة، وكانوا مسرورين بالإجابة كما لو كانوا قد «سُئلوا عن آرائهم». يعتبر كسل النظام ٢ أحد الحقائق المهمة في الحياة، كما تحظى ملاحظة أن درجة التمثيل يمكنها حجب تطبيق إحدى القواعد المنطقية الأساسية بأهمية خاصة.

يتمثل الجانب اللافت في قصة ليندا في التعارض مع دراسة الأطباق المكسورة. وبينما تحظى المسألتان بالبنية نفسها، تفضي كل منهما إلى نتيجة مختلفة. يقيِّم المشاركون الذين يُعرض عليهم طقم المائدة الذي يشمل الأطباق المكسورة تقييمًا منخفضًا للغاية؛ إذ يعكس سلوكهم قاعدة الحدس. في المقابل، يطبِّق المشاركون الآخرون الذين يُعرض عليهم كلا الطقمين القاعدة المنطقية القائلة إن توفر مزيد من الأطباق يزيد من قيمتها. يتحكم الحدس في الأحكام عند إجراء التجربة بتصميم بين الأفراد، بينما يسود المنطق عند إجراء تقييم مشترك. في المقابل، في مسألة ليندا، يتجاوز الحدس عادةً المنطق حتى عند إجراء تقييم مشترك، على الرغم من تحديدنا بعض الظروف التي يسود فيها المنطق.

اعتقدنا أنا وعاموس أن المخالفات الصارخة لمنطق الاحتمالية التي لاحظناها في المسائل الأكثر مباشرة كانت شائقة وتستأهل مشاركتها مع زملائنا. اعتقدنا أيضًا أن النتائج دعَّمت طرحنا حول سلطة الطرق الاستدلالية على إصدار الأحكام، وأنها — أي النتائج — ستقنع المتشككين. كنا مخطئين إلى حد كبير في ذلك. في المقابل، صارت مسألة ليندا إحدى دراسات الحالة في مجال معايير الخلاف.

بينما جذبت مسألة ليندا الكثير من الاهتمام، صارت أيضًا بمنزلة مركز الجذب لنقاد أسلوبنا في التعامل مع الأحكام. مثلما فعلنا، وجد الباحثون مجموعة من الإرشادات والتلميحات التي قلَّصت من فرص وقوع المغالطة؛ فقد رأى البعض، في سياق مسألة ليندا، أنه من المعقول بمكان بالنسبة إلى المشاركين في التجربة فهم كلمة «احتمالية» كما لو كانت تعني «معقولية». جرى التوسع في هذه الأطروحات في بعض الأحيان، فشملت الإشارة إلى أن عملنا بالكامل كان مضللًا. فإذا كان يمكن إضعاف وهم إدراكي بارز أو دحضه، فيمكن أيضًا عمل المثل مع الأوهام الأخرى. تتغاضى طريقة التفكير هذه عن الملمح الفريد لمغالطة الاقتران باعتبارها حالة صراع بين الحدس والمنطق. لم تُدحض الدلائل التي بنيناها فيما يتعلق بالطرق الاستدلالية من التجارب المصممة بين الأفراد (بما في ذلك تجارب ليندا)، بل لم يجر معالجتها، كما جرى تقزيم أهميتها من خلال التركيز الحصري على مغالطة الاقتران. فكانت محصلة أثر مسألة ليندا زيادة في انتشار بحوثنا بين الناس، وخدشًا بسيطًا في مصداقية أسلوبنا بين المتخصصين في المجال. لم يكن ذلك ما توقعناه أبدًا.

إذا ذهبت إلى إحدى قاعات المحاكم، فستجد أن المحامين يستخدمون أسلوبين في النقد: أنهم في سبيل تقويض أي قضية يثيرون شكوكًا حول أقوى الأدلة التي تؤيدها، أو أنهم في سبيل التشكيك في مصداقية أحد الشهود يركزون على أضعف جزء في الشهادة. يعتبر التركيز على مواطن الضعف معتادًا أيضًا في المناقشات السياسية. بينما لا أعتقد أن ذلك يُعد ملائمًا في حال الخلافات العلمية، فقد صرت أقبل أن معايير النقاش في العلوم الاجتماعية لا تحول دون اتخاذ نمط النقاش السياسي، خاصةً إذا كان النقاش يدور حول موضوعات ذات أهمية بالغة. بالإضافة إلى ذلك كله، تعتبر هيمنة الانحياز في عملية إصدار الأحكام موضوعًا كبيرًا.

منذ بضع سنوات، دار حديث ودي بيني وبين رالف هيرتويج، وهو أحد المنتقدين المستمرين لتجربة ليندا، وكنت قد تعاونت معه في محاولة لا طائل منها لتسوية خلافاتنا. سألته عن السبب في تركيزه الحصري هو وآخرين على مغالطة الاقتران، بدلًا من التركيز على النتائج التي كانت تدعم وجهة نظرنا أكثر. ابتسم هيرتويج بينما كان يجيب قائلًا: «كان ذلك أكثر تشويقًا»، مضيفًا أن تجربة ليندا جذبت انتباهًا كثيرًا، وهذا ما دعانا لنقدها.

في الحديث عن نمط الأقل أكثر

«بنوا سيناريو شديد التعقيد وأصروا على اعتباره عالي الاحتمالية. لا ليس كذلك؛ بل هو مجرد قصة معقولة.»

«أضافوا هدية رخيصة إلى المنتج الغالي، وجعلوا الصفقة كلها أقل جاذبية. الأقل هو الأكثر في هذه الحالة.»

«في معظم المواقف، بينما تجعل أي مقارنة مباشرة الناس أكثر حرصًا ومنطقية، لا يحدث ذلك دائمًا. ففي بعض الأحيان، يتفوق الحدس على المنطق حتى عندما تكون الإجابة الصحيحة تطل بوجهها في وضوح أمامك.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤