الفصل الرابع

شوبنهور

١٧٨٨–١٨٦٠

(١) حياته ومصنفاته

فيلسوف التشاؤم وباعث البوذية في الفلسفة الحديثة، أقام مذهبًا على غرار المذاهب الثلاثة السابقة، إلا أنه تصور المبدأ الأول «إرادة كلية» هي قوة عمياء تكون الموجودات على التوالي، ولنا أن نقول إن مزاجه مال به إلى هذا التصور، فقد عرفت حالات مرضى عقلي عن أسرة أبيه وأسرة أمه، وورث هو السويداء والخوف والحذر، وكانت له شهوة جامحة يعجز عن ضبطها، ونزعة قوية إلى التأمل، فأحس في نفسه أن الإنسان مركب من جزأين متعارضين، وقد روي أنه وهو في السابعة عشرة وقبل أن يتلقى أية ثقافية فلسفية، تأثر بشقاء الحياة كما تأثَّر بوذا حين استكشف الألم والمرض والشيخوخة والموت، ثم تلقى الفلسفة بجامعة جوتنجن (١٨٠٩–١٨١١) وبجامعة برلين (١٨١١–١٨١٣) حيث استمع إلى فختي دون أن يتذوقه كثيرًا، ولكن أعجبه من أفلاطون وكنط قسمة الوجود إلى محسوس ومعقول، أو عالم الظواهر وعالم الشيء بالذات، وكانت هذه القسمة في نظره بمثابة ازدواج للتأمل والشهوة أو الفكرة والإرادة، وقرأ الكتب الهندية الدينية في ترجمة لاتينية، وهي تدور على مسألة الشر الطبيعي والخلقي كما هو معلوم، فنمت في عقله عناصر مذهبه.

بدأ وضع أساس المذهب، أي نظرية المعرفة، فدون رسالة الدكتوراه في «الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي» (١٨١٣) ثم عكف على تفصيل المذهب، فأخرج المجلد الأول من كتابه الأكبر «العالم إرادة وتصور» (١٨١٩) ضمنه نظرية المعرفة ونظرية العالم، وبعد خمس وعشرين سنة أخرج المجلد الثاني في الفن وفي الأخلاق، فتم به المذهب وبأصوله وفروعه، ولكن الكتاب لم يصادف نجاحًا يذكر، ولم يصب الفيلسوف أي نجاح في تعليمه بجامعة برلين (١٨٢٠–١٨٣١) فعزا إخفاقه إلى ائتمار أساتذة الفلسفة به، وغلا في هجوهم، وزعم أنه الوريث الحقيقي لكنط وأول فيلسوف كبير بعده، انقطع عن التعليم واستمر على الكتابة، فنشر كتاب «الإرادة في الطبيعة» (١٨٣٦) جمع فيه من العلوم الطبيعية ما ظنه شواهد على نظريته في الإرادة الكلية، وكتاب «المشكلتان الأساسيتيان في فلسفة الأخلاق» (١٨٤١) فصَّل فيه آراءه الأخلاقية، ومنذ ذلك الحين بنوع خاص أخذت كتبه تذيع وشهرته تتسع، وهدأت نفسه، فنعم بشيخوخة هانئة، وكان يتمنَّى لو يعمر طويلًا بالرغم من تشاؤمه.

(٢) العالم

كيف ندرك العالم وما قيمة هذا الإدراك؟ إن الإحساس حالة ذاتية، ولكن الفهم يضيفه فورًا، بفعل لا إرادي ولا شعوري، إلى علة خارجية نتصورها فاعلة في الزمان مستقلة عنَّا في المكان، فالعالم بالنسبة إلينا جملة تصوراتنا فحسب، غير أن هذه التصورات مرتبطة بموجب مبدأ السبب الكافي، ولهذا المبدأ أربع صور هي: علاقة بين مبدأ ونتيجة، وعلاقة بين علة ومعلول، وعلاقة مكان وزمان، وعلاقة بين داعٍ وفعل، الصور الثلاث الأولى تخص النظر، والرابعة تخص العمل، ولما كانت تجربتنا متوقفة على استخدام صور الفهم، كانت هذه الصور سندًا لموضوعيتها، ولم يكن القول إن العالم محض وهم، كذلك لمبدأ العلية الذي هو إحدى هذه الصور نتيجتان ضروريتان تؤيدان الموضوعية: إحداهما قانون القصور الذاتي وهو يحتم أن تفسر كل ظاهرة بظاهرة سابقة، والآخر قانون بقاء المادة وهو يقضي بأن غاية العلم ومثله الأعلى المادية المطلقة، بما في ذلك المعرفة نفسها، فنقول إنها وظيفة الدماغ.

بيد أن المادة فكرة من أفكارنا، فما المادية إلا تصورنا للعالم، وما العالم إلا الوجهة الخارجية للوجود، ولو كنا ذاتًا عارفة فحسب لما عرفنا عن العالم سوى أنه تصور، ولكننا نحس في أنفسنا غرائز وميولًا، وندرك أن الإرادة جوهر الإنسان وفقًا للصورة الرابعة من صور الفهم، فيجب وصل التجربة الظاهرة بالتجربة الباطنة، وفهم العالم بوساطة الإنسان، وحينئذٍ ندرك أن الإرادة جوهر العالم أيضًا، وأن العلية الطبيعية في مختلف درجاتها من جنس إرادتنا، فالإرادة هي الشيء بالذات يتجلى في مختلف الموجودات، ولكن هذه النتيجة أوسع من مقدماتها في المذهب؛ فإن حياة إرادتنا تنقضي في صورة الزمان، وأفعالنا الإرادية خاضعة لقانون الداعي الذي هو إحدى صور السبب الكافي، فبالإضافة إلينا الإرادة نفسها ظاهرة من ظواهر لا تدرك إدراكًا مباشرًا كما يدعي، فلا يمكن بحال أن تكون شيئًا بالذات مستقلًّا عن تصور الفهم، فنحن هنا بإزاء عيب أساسي في المذهب، هو الانتقال من التصور إلى الوجود، والمذهب يرد كل الوجود إلى تصور، ممَّا يدل على قوة فطرة العقل التي يخالفها هؤلاء الفلاسفة بالقول ويتبعونها بالفعل.

أول مظاهر الإرادة الكلية الفعل الآلي البحث حيث العلة والمعلول من طبيعة واحدة، وحيث يمكن إدراك علاقاتهما مباشرة، ثم تتنوع القوى الطبيعية إلى حرارة ومغناطيس وكهربا وما إلى ذلك، فيعتذر إدراك العلاقات بسب تباين العلة والمعلول، ثم تظهر الإرادة الكلية واضحة في عالم الأحياء، فإن الكائن الحي يتكون من باطن، ويعمل من باطن، وهذا يعني أن الإرادة الكلية هي التي تصور أعضاءه وتلائم بينها وبين البيئة، وأنها هي التي تعمل فيه أثناء اليقظة والنوم بدون انقطاع، وعلاقة العلية ههنا أكثر خفاء فإن العلية تبدو ههنا كمؤثر أو دافع، ويبدو المعلول محتويًا على أكثر ممَّا في العلة، وأخيرًا تصير العلة داعيًا في الأحياء الحاصلين على شعور، وهنا نعلم أن علاقة العلية إرادة، والمعرفة نفسها ما هي في الأصل إلا وسيلة للإرادة تتوخى منها صورًا للحياة أرفع وأقوى قائمة في الإفادة من بعض الأشياء واجتناب ضرر البعض الآخر عن دراية وتوقع، والعقل أعلى تجليات الإرادة فهو آلة للحياة أكثر إحكامًا وتنوعًا ممَّا للحيوان من آلات؛ ذلك أن آلات الحيوان ظاهرة وغاياتها معروفة محدودة، أما العقل فباطن يخفي غاية ويستخدم ما يشاء من آلات مصنوعة.

هذا التنوع في الصور الطبيعية صادر عمَّا في الإرادة الكلية من حب البقاء وميل للتحقق إلى أقصى حد، وهذا التنوع أصل تعارض الموجودات وتصارعها، يفترس البشر والعجماوات بعضهم بعضًا، ويفترسون جميعًا النبات، ويستهلك النبات الهواء والماء وغيرهما من المواد، الحياة شر، وكل ما نصادفه من خير فهو زائف، وإذا كنا نتصور الحياة خيرًا ونحرص عليها ونسعى إلى الاستزادة منها، فهذا راجع إلى ما تبهرنا به الإرادة الكلية من خيرات مظنونة وتثيره فينا من آمال كاذبة لتستطيع البقاء بوسائل جديدة هي بنو الإنسان، يعتقدون أنهم يختارون غاياتهم اختيارًا وهم في الحقيقة مدفوعون من حيث لا يشعرون، يصدق هذا على حفظ الفرد، وعلى حفظ النوع بالتناسل، فإن «شيطان النوع» يهيج في الفرد أقوى غريزة ويدفعه إلى إرضائها، وما هو إلا أداة الإرادة الكلية التي تتوق إلى البقاء في النوع. (وهنا يسهب شوبنهور، ويقول في المرأة كلامًا ورد مثله في جميع اللغات).

الحياة شر: تشهد بذلك التجربة كما تقدم، ويشهد به النظر في ماهية الألم واللذة، الألم انفعال إيجابي، هو ترجمة عن حاجة مفيدة للحياة، واللذة إرضاء هذه الحاجة وتلطيف مؤقت، فهي انفعال سلبي، وإن بدت حالة إيجابية فتلك وسيلة من وسائل خداع الإرادة الكلية؛ لذا كانت انفعالات الألم أقوى في الغالب، نلحظها ولا نلحظ عدم الألم، لا نلحظ الصحة والشباب والسلامة والحرية حتى تفوتنا، واعتياد اللذة يفل من حدتها، وانقطاع الشيء المعتاد يخلق آلامًا جديدة، وكلما زكا العقل ودق الشعور اشتدَّ الإحساس بالألم، ألم الإنسان أكثر وأشد من ألم الحيوان، ويتفاوت الناس في عدد آلامهم وقوة شعورهم بها، كل هذا يدل على أن مبدأ السبب الكافي المنظم للتصور لا يصدق على الإرادة الكلية التي هي شيء بالذات، إنها لمشكلة من الوجهتين النظرية والعلمية، لأنها مبدأ لا عقلي، جوهر لا يفهم وينبغي ألا يفهم!

(٣) الفن والأخلاق

على أنه يتفق أحيانًا للمعرفة الإنسانية أن تتحرر من خدمة الإرادة الكلية؛ وذلك حين نستغرق في التأمل الفني فيزول الشعور بالفردية ويزول الألم، أو حين يتملكنا الاعتقاد بزيف الفردية فنؤثر عليها الغيرية، الفن والأخلاق إذن وسيلتان للتحرر من الشعور بالوجود وبالألم، الفنون من وحي الإرادة الكلية تحاول بها أن تتحقق أكثر فأكثر، الدرجة الدنيا فن العمارة، وهو ييسر لنا تصور الدرجات الدنيا في الطبيعة، الثقل والتماسك والمقاومة، وظهور القوة الكامنة في المادة بالصراع بين الثقل والمقاومة، ثم تجيء الفنون الشكلية: النحت يظهر الصورة الإنسانية في حال الحركة، أي تحقق الإرادة في الفرد وتغلبها على العقبات التي تعترضها من جانب القوى الطبيعية تجلياتها السفلى، ولكنه يقتصر على إظهار الإنسان في عمومه، أما التصوير فيمثل الأخلاق، أي مختلف وجهات الإنسان في مختلف الظروف، فتبرز الملامح والإشارات، والنحت والتصوير يظهراننا على المعاني بوساطة علاماتها الطبيعية، أما الشعر فيوحي بالمعاني بوساطة الألفاظ، وكل نوع من أنواع الشعر تعبير عن وجهة من وجهات الإنسان: الشعر الغنائي يظهر الألم الإنساني الناشئ من مغالبة الإرادة للعقبات، والشعر التراجيدي يظهر الألم الإنساني الناشئ من تعارض الطباع والأخلاق، وأخيرًا الموسيقى، وهي فن يستغني عن كل صورة مكانية ويتخذ صورة الزمان، فيشبه حياتنا الباطنة في تعاقب ظواهرها، ويعبر عن الأفعال مجردًا، أي عن السرور بالذات أو الألم بالذات، كل منهما مجردًا عن دواعيه، فليست الموسيقى صورة ظاهرة، ولكنها صورة الإرادة نفسها صاعدة ونازلة في خط منحنٍ، أي في صورها البسيطة وصورها المركبة، فتظهرنا على تاريخها المكنون ومعاركها وآلامها.

غير أن التحرر بالفن لا يتسنى إلا للعباقرة، ولا يتسنى لهم إلا غرارًا، فهناك وسيلة أخرى في متناول الجميع للتغلب على الأنانية التي تدفع بنا إليها الإرادة، هي أن نذكر وحدة البشر جميعًا، وأن نعتقد أنه يضطرب في كل منَّا موجود واحد بعينه، وأن الفردية والمباينة وهمٌ خادع، هذا منشأ الفضيلة الحقة ومحبة الإنسانية، ولما كانت اللذة محو الألم، كان كل ما تستطيعه المحبة التلطيف من الألم؛ لذا تبدو المحبة في صورة الشفقة، فالشفقة الظاهرة الأخلاقية الأولية، وهي تدل على وحدة النوع الإنساني، ولا تفسر إلا بهذه الوحدة، أما الفضائل المتعارفة فما هي إلا صور للأنانية يتوخى منها الناس تحسين حالهم، بينما الشفقة ميل عن الذات إلى الغير، فلا يبلغ إلى الراحة التامة إلا الذين ينكرون «إرادة الحياة» إنكارًا باتًّا، ويستسلمون لبطش الإرادة الكلية، أولئك هم الزهاد والقديسون الذين يعتبرون الزهد محو الميل إلى بقاء الذات والنوع، لا الذين يعتبرون قهر الجسم وسيلة للسعادة في حياة مقبلة، إذ ما دام الوجود شرًّا فإن إرادة الوجود شر، والذي يجرب ألم الحياة ووهم الفردية يفقد كل داعٍ للعمل، ومتى علمت إرادتنا ذلك من عقلنا وجب عليها أن تنكر نفسها وتفنى في النرڤانا.

هذه الفلسفة تعميم تجربة شخصية لجموع الأهواء وألم الحياة، وقد قال عنها شوبنهور إنها استقرائية تحليلية «ككل علم جدير بهذا الاسم» أو إنها «ميتافيزيقا تجريبية» بعكس الميتافيزيقا القياسية التركيبية المعروفة عن أصحاب وحدة الوجود من بارمنيدس إلى سبينوزا، وكان شلنج قد وضع مثل هذه الميتافيزيقا التجريبية في مرحلته الأولى الطبيعية، وسيقوم لهما أنداد لعل آخرهم برجسون، وقد أدت بشوبنهور تجربته الباطنة إلى نصب إرادة كلية عمياء شريرة، في حين أن الشر بالذات ممتنع الوجود، ولم يفسر لنا كيف تخرج الأشياء المنظمة من الإرادة العمياء تخبط خبط عشواء، وكيف يخرج العقل من اللا عقل، ومهما يقل عن الحرب والاضطراب في الطبيعة، فإن كلًّا من الموجودات الطبيعية منظم في ذاته له ماهية ثابتة يعمل بحسبها فتأتي أعماله وأحواله مطَّردة، ويلتئم النظام العام وهو ظاهر لا يحتاج إلى دليل، وكيف نتحرر من الإرادة الكلية؟ أليس هذا التحرر بحاجة إلى إرادة؟ فمن أين تأتي إرادة إنكار إرادة الحياة؟ وهل الشفقة هي النتيجة المنطقية لمبدأ المذهب، أو أن المنطق يؤدي إلى وجوب ترك الضعفاء إلى مصيرهم، أو التعجيل بالقضاء عليهم، ما دام الوجود شرًّا بالذات؟ وفي الواقع لقد انتحر كثير من قراء شوبنهور، فكانوا أكثر إخلاصًا للمبدأ وللمنطق من الرجل الذي ما أبى على نفسه شيئًا من متاع الحياة وكان يتمنى امتداد عمره واستطالة سلامته، وتعريفه للزهد مطابق للبوذية مخالف للمسيحية مهما يُرِدْ أن يجمع بين هاتين الديانتين: ترمي البوذية إلى الفناء التام، وترمي المسيحية إلى كبت الغرائز الحسية لإِطلاق الحرية للحياة الروحية والاستزادة منها إلى أبعد حدٍّ، وشتان بين الموقفين! ولئن كان القديس بولس قد رفع العزوبة المسيحية فوق الزواج، فهو قد فاضل بين خيرين، ولم يقل إن الزواج شر كما توهم فيلسوفنا، وقديمًا رفع أفلاطون وأرسطو حياة الحكمة فوق الفضائل الأخلاقية، ويقول شوبنهور إن المسيح هو المثل الأعلى للذي يفهم مذهبه حق الفهم؛ لأنه ضحى بجسمه الذي هو معلول إرادته وقتل في نفسه إرادة الحياة، فما قوله في أن المسيح مات ليخلص البشر وأنه قام من بين الأموات؟ إن هذه الفلسفة حافلة بالاستدلالات الفطيرة والتأويلات المعتسفة.

وهذه الفلسفات الألمانية الضخمة مركبة على نمط واحد، ولا تفترق إلا في المبدأ الأول وتوجيه التفسير بناء على هذا المبدأ، فمسائل الفلسفة وحلولها المختلفة معروفة من تاريخها، وكل الجهد ينحصر في اختيار المبدأ والحلول، ثم النزول من أعلى مراتب الطبيعة الماثلة أمامنا إلى أدناها لتبين عوامل التركيب أو ما يبدو كذلك، ثم عرض هذه العوامل وتركيباتها كأنها مستنبطة استنباطًا، حتى ليصبح المذهب الفلسفي لونًا من ألوان الأدب، وهو كذلك بالفعل عند الكثيرين، وإذا أردنا أن ندل على ميزة لهذه الفلسفات، قلنا إنا صدق فهم الكائن الحي بأنه وحدة متطورة بقوة باطنة هي التي سماها أرسطو بالصورة والعلية الصورية، لا أنه مركب صناعي من ذرات قائمة بأنفسها كما يريد المذهب الآلي؛ لذا نجد هؤلاء الفلاسفة يردون وحدة الطبيعة ووجوه الشبه بين الأحياء إلى أن هذه الأحياء تجليات أو خلائق أصل واحد بعينه، ويخالفون القائلين بتحول الأنواع بعضها إلى بعض بمر الزمان، وهاتان فكرتان سيكون لهما أثر بليغ فيما سيأتي من مذاهب روحية، وهما ظاهرتان كل الظهور في «التطور الخالق» وما رتبه عليه برجسون من أصول وفروع.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤