«موسكو» … هي البداية!

في غرفة «أحمد»، كانت أسماء مجموعة الشياطين مكتوبة على شاشة التليفزيون. كان معه في المغامرة «فهد» و«خالد» و«مصباح» و«باسم». ما إن قرأ الأسماء حتى لمع ضوء في جهاز التليفون. ابتسم «أحمد» وهو يقول لنفسه: لا بد أنه واحد منهم! ثم ضغط زرًّا في الجهاز فجاء صوت جعله يبتسم أكثر: لم يكن صوت واحد من المجموعة. كان صوت «إلهام» التي قالت: كنت أتمنى أن أكون في هذه المغامرة.

رد «أحمد»: كان ذلك سيسعدني كثيرًا، لولا أنها أوامر رقم «صفر».

قالت «إلهام»: لا بأس. وأتمنى لكم مغامرة طيبة.

ثم انتهت المكالمة. ابتسم «أحمد» وهو يضغط زر الجهاز. إنه يعرف أن كل الشياطين كانوا يتمنون الاشتراك في هذه المغامرة. فهذه أول مرة يذهبون فيها إلى هناك. بعد تقسيم «الاتحاد السوفييتي». في نفس الوقت فهو يعرف أن «إلهام» واحدة من أنشط مجموعة الشياطين، لقد شعر بالأسى لحديث «إلهام» لكن فجأةً تردَّد ضوء لمبة التليفون، فضغط الزر بسرعة. وجاء صوت «فهد» يقول في سعادة: هل ستنتظر كثيرًا؟

رد «أحمد» في هدوء: سوف نلتقي في الجراج بعد ربع ساعة.

قال «فهد» متسائلًا: هل هناك شيء؟ إن صوتك به رنة حزن!

قال «أحمد»: لا شيء.

سأل «فهد»: هل تغير خط السير؟

رد «أحمد»: لا. سوف أخبرك عندما نلتقي.

انتهت المكالمة، فانهمك «أحمد» في تجهيز حقيبته السرية. فكَّر بسرعة: ماذا يمكن أن نحتاج في هذه المغامرة؟ رد على نفسه: بالتأكيد سوف نحتاج لكل شيء، فمَن يدري ماذا يحدث؟ وإن كان المهم هو الإبر المخدرة، وكرات الدخان تأكد من كل شيء في الحقيبة، ثم خرج مسرعًا. عندما وصل إلى المكان المتفق عليه، كانت بقية المجموعة في انتظاره. كان لا يزال يشعر بالأسى من أجل «إلهام»، لكنه حاول أن يبتسم حتى لا يلاحظه أحد، قفز «خالد» إلى عجلة القيادة، بينما كان «باسم» و«مصباح» قد أخذا مكانهما في الكرسي الخلفي أما «فهد» فقد تأخَّر لحظة، كان يريد التحدُّث إلى «أحمد». ابتسم «أحمد» وهو يقول: ليس الآن … فالطريق أمامنا طويل. وسوف نتحدث كثيرًا.

سأل «فهد» بسرعة: هل هي مسألة هامة؟

مرة أخرى ابتسم «أحمد» وهو يقول: إنها مسألة نسبية.

قال «فهد» مبتسمًا: بالنسبة للشياطين فهي مسألة واحدة.

جاء صوت «خالد» يقول: هل هناك سر؟

ضحك «أحمد» وهو يدخل إلى المقعد الأمامي. بينما «فهد» ينضم إلى «باسم» و«مصباح» وقال: لا يوجد سر بين الشياطين.

وعندما انطلقت السيارة. كانت كلمات «إلهام» لا تزال تدور في خاطر «أحمد» الذي قال فجأة: لقد كانت «إلهام» تتمنى أن تكون معنا في هذه المغامرة.

ابتسم «فهد» وعلَّق: لهذا كان صوتك حزينًا.

رد «أحمد»: نعم فهذه أول مرة تُبدي فيها هذه الرغبة صراحة.

قال «باسم»: الحقيقة إن مجموعة الشياطين كلها كانت تتمنَّى ذلك. لكن هذا اختيار الزعيم الذي يعرف بالتأكيد احتياجات كل مغامرة.

في هذه اللحظة كانت البوابات الصخرية تفتح في هدوء، فظهر الفضاء عريضًا رحبًا. وعندما تجاوزت السيارة البوابات كانت رسالة قد وصلت إلى «أحمد» سجلها جهاز الاستقبال، فقد أحسَّ بدفء الجهاز. وعندما وضع يده عليه وبدأ يقرأ الرسالة. كانت مسحة حزن على وجهه. فقد كانت الرسالة من «إلهام» تتمنَّى لهم حظًّا سعيدًا. نقل الرسالة إلى الشياطين.

فعلق «مصباح»: إنها أكثرنا رقة.

وقال «باسم»: مع الأسف، إن المغامرة سوف تكون شاقة هذه المرة. ولا أظن أن «إلهام» كانت تحتمل طبيعة الصراع القادم.

لكن «خالد» قال: أظن أن الشياطين جميعًا يملكون قدرة الصراع وفي كل الأحوال.

وكأن كلمات «خالد» كانت نهاية لهذا الحوار الذي ظهر فيه مدى إعزاز الشياطين بمجموعتهم كلها. كانت السيارة تقطع الخلاء في سرعة رهيبة. في نفس الوقت الذي كان فيه الصمت يحيط بكل شيء. حتى الشياطين كانوا قد استغرقوا في الصمت، لكنه لم يستمر طويلًا. فقد قطعه «فهد» متسائلًا: إننا حتى الآن لم نرسم خطتنا للتحرك؟!

رد «أحمد»: إن خطتنا سوف تبدأ من هناك، من «موسكو» نفسها، فهناك سنعرف كل التفاصيل من عميل رقم «صفر» الذي يتابع بالاتفاق مع عميل «جورجيا» خطة التحرُّك … «الصندوق الحديدي».

انتظر لحظة ثم أضاف: أنتم تعرفون أن حدود «الاتحاد السوفييتي» تتلامس مع حدود منطقتنا في «الشرق الأوسط». لهذا، فقد تكون حركة الصندوق من هناك إلى منطقتنا مباشرة.

قال «باسم»: اسمحوا لي أن أفتح حوارًا حول دخول هذه الأسرار النووية إلى منطقتنا …

سكت لحظة ثم تساءل: لماذا منطقتنا بالذات؟

رد «أحمد»: نحن نمثل منطقة تتوسَّط العالم كله، وهي منطقة غنية تمامًا، فالبترول في منطقتنا، والمخزون منه يمثل حركة العالم الصناعية، فنحن نملك في منطقتنا أكبر مخزون بترولي في العالم. من ناحية أخرى، فإن الاحتمالات بوجود الثروة المعدنية كبيرة أيضًا.

كانت بقية المجموعة تستمع إليه في هدوء فأضاف: والمنطقة بهذا الشكل تمثل بؤرة صراع، في نفس الوقت فإن شعوب المنطقة من الضروري أن تدافع عن نفسها، خصوصًا وأن هناك دولًا أخرى على حدودنا تمتلك هذه القوة النووية، وبالتالي فإن تجَّار الحروب يضعون أعينهم على منطقتنا التي تغلي بالصراعات.

قال «فهد»: إنني أتذكَّر الآن دعوة الرئيس «حسني مبارك» إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.

أضاف «أحمد»: هذا صحيح. وفي نفس الوقت الذي تجد فيه دعوة الرئيس «مبارك» تأييدًا عالميًّا … فإن تجَّار الحروب لا يستسلمون ببساطة.

ثم تنهَّد «أحمد» وهو يضيف: إنهم يريدون سرقة ثروتنا بأي طريق، وأحد هذه الطرق تلك الأسلحة النووية التي تتكلَّف المليارات.

قال «مصباح»: إنها قضية معقدة ﻓ «الاتحاد السوفييتي» القديم يمتلك قوة ضخمة في هذه الترسانة المخيفة. وما دام قد استسلم في صراعه مع القوى العظمى الأخرى. فمن الضروري أمام أزمته الاقتصادية الآن أن يلجأ إلى بيع هذه الترسانة، وأن يظهر مَن يتاجرون في هذه الأسرار الخطيرة.

بينما كان الشياطين منهمكين في حوارهم، كانت ملامح المطار تظهر من بعيد … فقال «خالد» أمامنا خمس دقائق فقط، ونكون بعدها على أرض المطار.

ولم تكَد تمضي الدقائق الخمس، حتى كانت سيارة الشياطين تقف أمام بوابة الدخول. غادروها بسرعة، بينما كان هناك من ركبها … وخرج بها من المكان، إنه واحد من التابعين للمقر السري. كانت حركة المطار نشطة تمامًا. والركاب، داخلون وخارجون. ومكبرات الصوت يتردَّد صداها داخل صالة السفر الواسعة والمزدحمة، تعلن عن قرب وصول طائرة، أو سفر طائرة أخرى. لكن موعد طائرة الشياطين كان يحتاج لبعض الانتظار. وكعادة «أحمد» اتجه إلى محل بيع الكتب والجرائد. أما بقية الشياطين فكانوا يراقبون حركة المسافرين باهتمام، فمنذ أن وضعوا أقدامهم داخل المطار اعتبروا أن مغامرتهم قد بدأت … وقف «أحمد» يقرأ عناوين الصحف بسرعة، فجأة … توقَّفَت عيناه عند كتاب، كان اسم الكتاب: «الوحش الهائج» … مدَّ يده وأخذ الكتاب، وتصفَّحَه بسرعة، ثم احتفظ به، وأخذ مجموعة الجرائد التي صدرت، ودفع ثمنها، واتجه إلى الشياطين، مدَّ «خالد» يده، وأخذ الكتاب من «أحمد» وقرأ عنوانه، ثم ابتسم وهو يقول: لعلَّها رواية عن مصارعة الثيران.

قال «أحمد» مبتسمًا: إنه كتاب عن مغامرتنا.

ظهرت الدهشة على وجه «فهد» وتساءل: كيف؟

قال «أحمد»: إنه عن القوة النووية «السوفييتية».

فجأة تردَّد صوت المذيعة الداخلية للمطار تعلن عن ضرورة الاتجاه إلى الطائرة المسافرة إلى «موسكو» والتي ستقوم بعد ربع ساعة.

تحرَّك الشياطين وأخذوا طريقهم إلى هناك بينما كان «فهد» لا يزال يحتفظ بالكتاب. وعندما استقروا داخل الطائرة تفرَّقوا كالعادة، وجلس كلٌّ منهم في مكان، فالسفر كما يقولون دائمًا أحسن وسيلة لجمع المعلومات، وعندما دارت محركات الطائرة، كان هذا يعني البداية الحقيقية، لمغامرة «نادي الشر».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤