مومياء

Mumia وMummy
وقد أُطلق هذا الاسم على الأجسام التي حفظها المصريون بالتحنيط، وأصل هذه الكلمة يوناني، وقد وصف ديسقوريدس١ فوائد مادة اسمها Mumia بأنها مادة قارية تَنْبَثق من الأرض في بعض الأمكنة — وهذه المادة هي القار المعدني «الأسفلت» Bitumen، وقد أطلقت كلمة مومياء فيما بعد مجازًا «على الأجسام المُحَنَّطة؛ لما يَعتريها من سواد يشبه أحيانًا سواد القار المعدني، ولما داخل الأفكار من أن هذا السواد الذي يعتري هذه الجثث المحنطة إنما لأنها قد غُمست في القار المعدني، وأصبح فيما بعدُ كلُّ جسم محنط اسمه مومياء، وهذه المومياء قد لعبت دورًا مهمًّا في الطب في العصور اليونانية والرومانية وما بعدها، وكان الفرسُ يستعملون المومياء كدواء عام panacea للأوجاع النفسية، وقد كتب أحد الفرس في القرن العاشر للميلاد يصف الترتيبات المعقَّدة للحصول على هذه المادة النفيسة.
وقد وصف عبد اللطيف العالم٢ العربي في القرن الثاني عشر الميلادي المومياءَ على أنَّها مادة قارية كما أنها عُرفت بمعناها الحديث.
واستُعملت هذه الكلمة فيما بعدُ بوجهٍ عام للدلالة على الأجسام المحنطة، وربما كان انتشار هذا التعبير مَرْجِعُه استعمال البطالسة للموادِّ القارية في التحنيط؛ حتى إنهم كانوا يعتقدون أن قِطَع الأجسام المحنَّطة كانت لها نفس الفوائد الطبِّية مثل Bitumen.

واستعملت قطع الموتى المحنطة في الطب باسم مومياء زمنًا طويلًا، ما زالت بقاياه منتشرة في ريف مصر حتى الآن.

وقد استعمل طبيب يهودي إسكندري عام ١٢٠٠م المومياء لأول مرة كدواء، ومنها انتشرت فيما بعد.

وقد جمع Pettigrew الكثير من وصفات كُتَّاب أوروبا في القرنين السابع عشر، والثامن عشر عن فوائد المومياء كعقار مهم مما يدل على انتشارها في غرب أوروبا.
وقد عرف Lord Bacon فوائدها وقال: إنها ذُكرت في كثير من فارما كوبيات ذلك العصر.
وأول من ثار على استعمال المومياء كعقار هو Am broise’ Pase’ عام ١٦٣٤م؛ إذ سماها العقار البغيض.
ويقول: Guyon إن اختفاء المومياء من عالم العقاقير لم يكن لما وُجِّه إليها من انتقادات طِبِّية، وإنما كان سببُه التجار اليهود الذين احترفوا بيع الأجسام المحنطة المغشوشة المزوَّرة.٣

وعلى أي حال، فقد وقف استعمال المومياء كعقار، وتوقف الكُتَّابُ بعد ذلك عن تدوينها في مؤلفاتهم الطبية.

ثم ظهرت كلمة مومياء ثانية في عالم التأليف، عندما اهتم العلماء في العصور الحديثة بدراسة المصرولوجيا وما يتعلق بها؛ إذ لا يوجد شيء تميزت به مصر تمييزًا صريحًا كالتحنيط والمومياء، وأول من كتب في العصر الحديث عن المومياء والتحنيط هو توماس بيتجرو٤ عام ١٨٣٤ وقد كان من كبار جراحي لندن.

فتح هذا الجرَّاحُ البابَ أمام العلماء لبحث هذا الموضوع، فتوالت الأبحاث خلال المائة عام الأخيرة، واشتهر في هذا الموضوع كذلك كثيرٌ من العلماء أهمهم:

رويتر٥ وروفر وإليوت سميث٦ ووارن داوسون٧ ولوكاس، والأخير له مؤلفات كثيرة، وأبحاث قيمة في هذا الموضوع، ويعتبر من أبطال النهضة الأخيرة في البحث عن الحضارة العلمية عند قدماء المصريين.

ومما يُؤسَف له أن اهتمام بعثات الحفائر، ورجالها كان موجهًا توجيهًا تاريخيًّا أثريًّا معماريًّا فقط، ولم يشركوا معهم رجالًا من المختصِّين في مختلف العلوم والفنون مما أضاع علينا الكثير من النتاج العلمي الفرعوني.

وقد استعمل الإفرنج كلمة Embalm للدلالة على عملية التحنيط، وهي مأخوذة من أصل لاتيني معناه in balsamum التي تعني حفظ الأشياء في البلسم.
من هذا أمكننا أن نفهم المصدر اللغوي لكلمتي مومياء وEm balm، واستعمال المومياء في الدواء، واهتمام علماء العصر الحديث بدراستها.
١  Diescorides: De Matesia Medica Book 1, Cap. 100.
٢  Abd-al-Latif: de Sacy P. 200.
٣  Wied mann, Mumie als Heil mittel, in die zeitschrift … fürhinische und wes tfälische volk skunde, 1906, p. 1–38.
٤  Pettigrew: History of Egyptian Mummies, London 1834.
٥  Lows Reutter ‘L’ embaumement, Paris 1912.
٦  Elliot Smith “Royol Mummies”.
٧  W. Dawson: Egyptian Mummies.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤