الشك

قد يظفر المرء بقرب حبيبه، ولكنه يشك في هذا النعيم الذي لقيه، فيبكي في النعمة كما يبكي في الشقاء.

بي ما تحسُّ وفي فؤادكِ ما بي
فتَعال نبكِ أيا نجيَّ شبابي
تجري الدموع وأنت دَانٍ واصلٌ
كمسيلهن وأنْتَ في الغيَّابِ
أنكرت بي ناري عشية لَامَسَتْ
شفاتي مِنْكَ أناملَ العنابِ
وجرت يميني في غَزيرٍ حالكٍ
مسترسل كالجدول المنسابِ
وسألتَ ما صمتي وما إطراقتي
وعَلَام ظلَّت حيرة المرتابِ
أقْبِل أذقني ما اليقين وهاته
خلوًا من الآلام والأوصابِ
أقبِلْ لأقسمَ في حياتي مرةً
إن الذي أُسقاه ليس بصابِ
لهفي على هذا اليقين! وطعمه
بفمي وتكذيبي شهيَّ شرابي!

•••

مَنْ أنتَ؟! من أيِّ العوالم ساحرٌ
مستأثرٌ بأعنة الألبابِ؟
حدَّثتُ نفسي إِذ رأيْتُكَ باديًا
وأطَلْتَ تسآلي بغير جوابِ
ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ
فانٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟
ما يصنع الأبرارُ بالأرض التي
ساوت من الأبرار والأوشابِ؟
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها
من ليل آثامٍ لصبح متابِ
تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي
عند التراب رخيصةً كترابِ!
يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه
الساحر النور الطهور رحابِ
لا صدقَ إلَّا في لهيبك وحده
وجلالُه الباقي على الأحقابِ
قدمتُ قرباني إِليك بقية
من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ
وَأَذبْتُ جوهَرَهَا فدَاءَ نَوَاظِر
قُدسِيَّةٍ، عُلويَّةِ المحرابِ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤