الملحق الأول

وجهتا نظر داخل الوحدة الاقتصادية الأوروبية

تتردد أوروبا بين مفهومين للرأسمالية. هل ستظل السوق الموحدة مجرد منطقة تبادل حر؟ في هذه الحالة ستكون الرأسمالية الأوروبية في عام ٢٠٠٠م صورة طبق الأصل للرأسمالية الأمريكية الجديدة.

أم أن الوحدة الأوروبية ستواصل العمل، على العكس، من أجل تطور خصائصها الأصلية باتجاه وحدة سياسية أوروبية حقيقية ذات طابع فيدرالي، بدلًا من الاكتفاء بأن يقتصر دورها على أن تكون مجرد سوق؟ لن يتمكن النموذج الرايني من أن يشكل النموذج الأول للرأسمالية الأوروبية الجديدة إلا عن طريق تلك الوحدة السياسية الحقيقية.

والحق أنني لم أجد ما يوضح تمامًا وجهتي النظر حول تلك القضية الأساسية أكثر من الخطابين اللذين ألقاهما في جامعة أوروبا بروج (BRUGES) بشمال غرب بلجيكا، كل من مسز تاتشر في ۲۰ سبتمبر ۱۹۸۸م، وجاك ديلور في ۱۷ أكتوبر ۱۹۸۹م.

ومن الجلي أن ما جاء في خطاب مسز تاتشر كان مقدمًا إلى التصدي لآراء جاك ديلور، الذي أراد بدوره أن يرد على وجهة نظرها.

(١) ما هي أوروبا؟

مارجريت تاتشر

  • (أ)

    رد سلبي أولًا: «أوروبا ليست من صنع معاهدة روما.»

  • (ب)

    مفهوم جغرافي وثقافي وتاريخي: «التصور المسيحي كان على مدًى طويل مرادفًا لأوروبا»، وكذلك الحريات الديموقراطية.

رسالة أوروبا أن تصبح «أسرة من الأمم التي يتفاهم بعضها مع البعض الآخر بشكل أفضل فأفضل».

جاك ديلور

رئيس الوكالة الأوروبية لا يقول شيئًا عن تاريخ أوروبا، فالمستقبل هو الأهم بالنسبة له.

(۲) ما هي الجماعة الأوروبية

مارجريت تاتشر

  • (أ)

    رد الفعل الأول سلبي هنا أيضًا: «الجماعة ليست هدفًا في حد ذاته».

  • (ب)

    حول السيادة: «تعاون إرادي بين دول تتمتع بالسيادة».

  • (جـ)

    لا مجال لمنح الجماعة أي سلطات إضافية: «لا يستلزم العمل معًا بشكل أوثق أن تكون السلطة مركزة في بروكسل أو أن تُتخذ القرارات من جانب جهاز بيروقراطي تم تعيينه».

«لم ننجح في جعل حدود الدولة تتراجع في إنجلترا لكي نفرضها على أنفسنا من جديد على الصعيد الأوروبي عن طريق دولة عليا تمارس سيطرة جديدة من بروكسل».

جاك ديلور

  • (أ)

    الجماعة تصور يتضمن العديد من المعاني […] إننا نعيش تجربة فريدة […] ولا شك في أننا نبني، اعتمادًا على مبادئ موروثة من الخبرة التاريخية، ولكن في ظروف متميزة للغاية، حتى إن النموذج سيكون هو أيضًا فريدًا من نوعه، وليست له سابقة تاريخية.

  • (ب)

    «ممارسة السلطة بشكل مشترك». ويذكر رئيس مفوضية بروكسل تأييدًا لوجهة نظره، ما قاله سير جيفري هاو، وزير الخارجية في حكومة مسز تاتشر: «الأمم صاحبة السيادة في الجماعة الأوروبية تتقاسم سيادتها بكل حرية، وتبني لنفسها دورًا رئيسيًّا في ممارسة السلطة في القرن القادم».

  • (جـ)

    والأمر لا يتعلق بفرض مركزية بل بتعاون مشترك «كثيرًا ما تتاح لي الفرصة للجوء إلى الفيدرالية كأسلوب مع تضمينها مبدأ التعاون المشترك. وأنا أجد فيها مصدرًا للتوفيق بين ما يبدو للكثيرين غير قابل للتوفيق: قيام أوروبا موحدة مع الإخلاص لأمتنا ووطننا، وضرورة تواجد سلطة أوروبية تتناسب مع مشاكل زمننا ومع الحاجة الحيوية للحفاظ على أممنا وأقاليمنا كمواقع للتأصل».

(٣) تطور الجماعة الأوروبية

مارجريت تاتشر

  • (أ)

    «كان بعض مؤسسي الجماعة الأوروبية يعتقدون أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تكون نموذجًا لها. ولكن كل تاريخ أمريكا مختلف تمامًا عن تاريخ أوروبا»، ويتعين هنا ملحوظة فطنة ولكنها أساسية: فرفض مسز تاتشر أي تقدم تحققه الجماعة نحو تنظيم من الطراز الفيدرالي، على الطريقة الأمريكية، لا يدفعها إلى الاعتراض على النموذج الأمريكي للرأسمالية، ولكنه يستبعد الشروط الضرورية لبناء نموذج للرأسمالية أوروبي صرف.

  • (ب)

    «لقد صُممت معاهدة روما كميثاق للوحدة الاقتصادية، ولكن قراءة هذه المعاهدة وتطبيقها بالأخص لم يكونا دائمًا كذلك. […] وهذه المعالجة (التي تقترحها مسز تاتشر) لا تتطلب أي وثيقة أخرى، فهي متوفرة كلها، في معاهدة شمال الأطلنطي، ومعاهدة بروكسل المعدلة، ومعاهدة روما».

جاك ديلور

  • (أ)

    «لا محل في التاريخ إلا لما ينظرون للأمور على نطاق واسع وعلى المدى الطويل. ولذا لا يزال «الآباء المؤسسون» لأوروبا ماثلين الآن بما أوصوا به وبالتراث الذي تركوه لنا».

  • (ب)

    «ومن هنا تتطور تجربة أصيلة لا للتشابه بينها وبين أي نماذج أخرى، كقيام الولايات المتحدة مثلًا […] وهل يكون التطلع إلى أن يكون لدى كل أوروبي إحساسًا بالانتماء إلى جماعة تكون، نوعًا ما وطنًا ثانيًا، تدنيسًا للمقدسات؟ ولو تم رفض ذلك فإن البناء الأوروبي سيفشل، وستتغلب المسوخ لأن جماعتنا لن تكون قد تزودت بتلك الروح الإضافية وذلك التأصل الشعبي. وعليه فإن عدم توفرهما يقضى بفشل كل مخاطرة إنسانية».

(٤) الخطابان يعتمدان على مفهومي الرأسمالية الأوروبية

مارجريت تاتشر

  • (أ)

    «الهدف من أوروبا المفتوحة للمنشأة هو القوة المحركة لقيام السوق الأوروبية الموحدة في عام ١٩٩٢م […] وهذا يعني التحرك من أجل تحرير الأسواق، والتوسع في الاختيارات، والتوصل إلى المزيد من الالتقاء بين الاقتصاديات من خلال الحد من التدخلات الحكومية».

  • (ب)

    يجب خفض نفقات الجماعة، بدءًا بنفقات السياسة الزراعية المشتركة وأحسن ما تم في الفترة الأخيرة هو «اتباع انضباط أكثر تشددًا بخصوص الميزانية».

جاك ديلور

«لا يمكن أن يقتصر الأمر فقط على معرفة متى وكيف ستتمكن كل البلدان الأوروبية من الاستفادة من التأثير المنشط للسوق الكبيرة ومزاياها. فعهدنا تهيمن عليه إلى حد كبير روح جارية جديدة، بينما ينتظر الشباب الأوروبي الكثير من جانبنا».

ويتبين لنا هنا إلى أي حد تدفع المفاهيم الأنجلو ساكسونية المهيمنة جاك ديلور إلى تحجيم التطلعات المالية للجماعة بالسعي فقط إلى سياسات مشتركة جديدة في مجال البيئة، وربما أيضًا في مجال «البنى التحتية التي لا غنى عنها للأداء الجيد للسوق. وجميع هذه العمليات لن تتجاوز نسبة ٢٪ من مجموع النفقات العامة للجماعة». وهذا الرقم معتدل بشكل خاص؛ إذ إنه يمثل أقل من خُمس أو عُشر المستوى المعتاد للمقدرة المالية للاتحاد الفيدرالي.

(٥) الجوانب الاجتماعية

مارجريت تاتشر

«قبل أن أترك موضوع السوق الموحدة، هل يكون بوسعي أن أقول إننا لسنا في حاجة إطلاقًا لأي نظم جديدة ترفع تكاليف العمالة، وتجعل سوق العمل في أوروبا أقل مرونة وقدرة على المنافسة بالمقارنة مع الموردين الأجانب»؟

جاك ديلور

«عندما يكون هناك ملايين من الشباب الذين يدقون عبثًا أبواب مجتمع البالغين، خاصة من أجل أن يحتلوا مكانهم في الحياة المهنية […] يكون السؤال المطروح: أي مجتمع نحن نبني؟ مجمع الإقصاء؟ […] إن ميثاق الحقوق الاجتماعية لا يهدف إلا إلى التذكير علنًا بأننا لا ننوي إخضاع حقوق العمل الأساسية للفعالية الاقتصادية وحدها».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤