الفصل الثالث عشر

الحركات العلمية والعقلية

مقدمة

قلنا في الفصل السادس من الباب الأول: إن الشام كان في العهد الأول من العصر الأموي مجالًا خصبًا لنشوء حركات علمية وأدبية لأسباب؛ منها أن الشام أرض عريقة في العلم والفن، ومنها أن تأسيس الدولة الجديدة اقتضى إيجاد حركة علمية وأدبية تلائم الحركات السياسية وتماشيها، ولكن طبيعة الإنشاء تقضي أن تكون الباكورة ساذجة؛ فلذلك لم نسمع بأثر كبير لهذه الحركات في تلك الحقبة.

ونضيف ها هنا إلى ذلك أن الاستقرار السياسي الذي أعقب عصر معاوية ومروان قد أنتج نتاجًا طيبًا في الحقل العقلي والعلمي والأدبي؛ وذلك لميل الخلفاء إلى إظهار أبهة الخلافة. يقول القلقشندي: لم يزل أمر المكاتبات في الدولة الأموية جاريًا على سنن السلف إلى أن ولي الوليد بن عبد الملك، فجوَّد القراطيس وجلَّل الخطوط، وفخَّم المكاتبات، وتبعه من بعده الخلفاء على ذلك، إلَّا عمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد، فإنهما جريا في ذلك على طريق السلف، ثم جرى الأمر من بعدهما على ما سنَّه الوليد إلى أن صار الأمر إلى مروان بن محمد — آخر خلفائهم — وكتب له عبد الحميد بن يحيى، وكان من اللسن والبلاغة على ما أشهر ذكره، فأطال الكتب وأطنب فيها، حيث اقتضى الحال تطويلها والإطناب فيها، حتى يقال: إنه كتب كتابًا عن الخليفة، وقر جمل، واستمر ذلك فيما بعده.١ والحق أن ظهور الدولة بمظهر الفخامة في هذا العهد الأموي قد جعلها تهتم بالكتابة والعلم للأسباب الآتية:
  • (١)

    اتساع رقعة البلاد اتساعًا عظيمًا، اضطر الخلفاء إلى اتخاذ الكُتَّاب العديدين والتراجمة.

  • (٢)

    ميل الخلفاء إلى رفع شأن الخلافة والإسلام وتقوية مركزهما في العالم المُتمدن. ولا شكَّ في أن العلم والفن هما من أقوى دعائم الحضارة.

  • (٣)
    اختلاط العرب بالطبقة المثقفة من أبناء الأمم المفتوحة من أهل الشام وفارس ومصر والأندلس. قال عبد الملك بن مروان في وصف الزعيم الشامي الخطيب العالم المشهور روح بن زنباع الجذامي إنه: «شامي الطاعة، عراقي الخط، حجازي الفقه، فارسي الكتابة.»٢

وصفوة القول هي أن بني أمية في هذه الفترة قد خطوا خطوات مفيدة في ترقية علوم الدين والأدب والفن والعلم — كما يتجلَّى ذلك فيما يلي:

(١) القرآن

عُنِي المسلمون منذ عصر الراشدين بالقرآن الكريم ومدارسته، وكانت مساجد دمشق ومكة والمدينة والبصرة والكوفة والفسطاط والقيروان، أمكنة لدراسة الكتاب العزيز وتفهم معانيه وقراءاته ورواياته. وقد نبغ في هذه الأمكنة أئمة شرق ذكرهم وغرب في معرفة قراءة القرآن ورواياته، وأجلُّهم «القُرَّاء» السبعة الذين يرجع إليهم المسلمون إلى اليوم في قراءة القرآن وهم:
  • (١)
    عبد الله بن كثير (؟–١٢٠) المكي، وهو من الأئمة الفقهاء ومتقني القُرَّاء، تولى قضاء مكة، فيها نشأ وفيها مات.٣
  • (٢)
    عاصم بن أبي النجود (؟–١٢٨) هو شيخ قُراء الكوفة، أخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، وكان من المحدثين الثقات.٤
  • (٣)
    عبد الله بن عامر اليحصبي (؟–١١٨) قارئ دمشق وقاضيها في خلافة عبد الملك.٥
  • (٤)
    يزيد بن القعقاع (؟–١٣٢) شيخ قراء المدينة ومفتيها.٦
  • (٥)
    حمزة بن حبيب الزيات التميمي (؟–١٥٦) من قُراء الكوفة وعالمها وزاهدها. قال الثوري: ما قرأ حمزة حرفًا من كتاب الله إلا بأثر.٧
  • (٦)

    أبو عمرو بن العلاء (؟–١٥٥) من قُرَّاء البصرة وأئمة العربية والأدب فيها. قال أبو عبيدة: كان أعلم الناس بالأدب والعربية والقرآن والشعر.

  • (٧)

    نافع بن عبد الرحمن (؟–١٦٩) من قُراء المدينة وفقهائها الأجلاء الزهاد.

قال ابن خلدون في المقدمة، ص٥١٧: القرآن هو كلام الله المُنزل على نبيه، المكتوب بين دفتي المصحف، وهو متواتر بين الأئمة، إلا أن الصحابة رووه عن رسول الله على طرق مختلفة، في بعض ألفاظه، وكيفيات الحروف في أدائها، وتنوقل في ذلك واشتهر إلى أن استقرت منها سبع طرق معينة، تواتر نقلها أيضًا بأدائها، واختصت بالانتساب إلى من اشتهر بروايتها من الجم الغفير، فصارت هذه القراءات السبع أصولًا للقراءة، وربما زيد بعد ذلك قراءات أخر لحقت بالسبع.٨ وقد كانت علوم القرآن وقراءاته في هذا العصر غير واضحة المعالم ولا بينة التفاريع، إلى أن جاء العصر العباسي، فوضحت معالمها وألفت فيها الكتب الأمهات.

(٢) الحديث

نبغ في هذه الفترة جمهرة من أئمة علماء الحديث النبوي، الذين أخذوا ينتقلون في أجزاء المملكة الإسلامية، يجمعون أحاديث النبي من الصحابة الذين أدركوه، أو من التابعين الذين سمعوها من آبائهم الصحابة. وقد كان للرحلات في طلب الحديث النبوي أخبار كثيرة في كتب الأدب والتاريخ. ولا شك في أن بعض هؤلاء المحدثين كانوا يدققون في جمع الحديث، ولا يتساهلون في النقل. كما أنه قد وجد بينهم جماعات رووا بعض الأحاديث الموضوعة على لسان الرسول إما جهلًا منهم أو عمدًا، تأييدًا لفكرة أو إشارة إلى حدث، وخصوصًا أثناء الفتن أو بين أصحاب الفرق، ولكن علماء الحديث الثقات كانوا بالمرصاد لهؤلاء المُغرضين والدسَّاسين والجهلة. وقد كان هؤلاء المحدثون في العصر الراشدي والأموي الأول يروون أحاديثهم رواية، وقد يدونها بعضهم في أوراق وكناشات. أما تصنيف الكتب فيها فيقال: إن أول من فعل ذلك هو محمد بن مسلم بن عبيد الله المعروف بابن شهاب الزهري، التابعي الفقيه الجليل (؟–١٢٤).٩ فقد روى ذلك ابن حجر في شرح البخاري، وقال: إنه فعل ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز وبأمره.١٠ ويُروى أن الذي فعل ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز هو أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم، حين كتب إليه عمر بن العزيز أن يجمع له حديث رسول الله وحديث عمر.١١ ومن قدماء مصنفي المحدثين في هذه الفترة، في الحجاز: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح، عالم مكة (؟–١٥٠).١٢ وفي البصرة: الربيع بن صبيح السعدي البصري١٣ (؟–١٦٠)، وسعيد بن أبي عروبة العدوي البصري (؟–١٥٦).١٤ وحماد بن سلمة مفتي البصرة (؟–١٦٧).١٥ وفي الكوفة: سفيان الثوري الملقب بأمير المؤمنين في الحديث (؟–١٦١).١٦ وفي دمشق: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي البعلبكي البيروتي، محدث الشام (؟–١٥٧).١٧ وفي واسط: شعبة بن الحجاج الأزدي (؟–١٦٠)، هشيم بن بشير الواسطي (؟–١٨٨).١٨ وفي اليمن: معمر بن راشد الأزدي (؟–١٥٣).١٩ وفي الري: جرير بن عبد الحميد الضبي (؟–١٨٨).٢٠ وفي خراسان: عبد الله بن المبارك المروزي (؟–١٨١).٢١ وكتبُ هؤلاء القوم مفقودة، وقد دخلت محتوياتها في دواوين الحديث وجوامعه التي صُنِّفت في القرن الثاني.

(٣) التفسير

عُنِي المسلمون منذ الصدر الأول بتفهم الكتاب العزيز، وتفسير آياته الغامضة والمتشابهة، وكان المسلمون في عهد الرسول والخلفاء الراشدين يسألون النبي الكريم وكبار الصحابة عن المشكل عليهم فهمه من آيات الله لمعرفة غريبها وناسخها ومنسوخها ومجملها ومقصدها. ولما وجدت دولة بني أمية، واحتاج المسلمون إلى القوانين والأنظمة، رجعوا إلى القرآن والحديث النبوي يستقرئونهما ويستنبطون منهما الأحكام والقوانين، فاحتاجوا إلى تفسير غامض آياته ومفرداته. وكان المُحدِّثون والقُرَّاء والفقهاء هم أئمة التفسير في هذا العصر، وقد ظلوا يتناقلون ما حفظ من التفاسير رواية، والمشهور أن مجاهد بن جبر مولى السائب بن أبي السائب المكي (؟–١٠٢)٢٢ المقرئ الإمام المُفسِّر، تلميذ ابن عباس وراويته الذي قرأ عليه القرآن ثلاثين مرة، كما قرأ على أبي هريرة وجابر.٢٣ ويقال: إن ابن عباس (٩٨) هو أوَّل من أَلَّفَ في تفسير القرآن، وتفسيره موجود ومطبوع، ولكن يُفهم من مقدمة هذا التفسير أنه نقل بالرواية عن ابن عباس.
وللشيعة تفسير قديم ينسبونه إلى الإمام محمد الباقر بن علي بن الحسين، أما تفسير مجاهد المذكور فلا وجود له، ولعله هو تفسير ابن عباس لا مجاهد.٢٤ ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن كثيرًا من علوم الإسرائيليين والنصارى قد دخلت في التفاسير؛ لأن العرب كانوا قومًا أميين بداة، وقد وجدوا في معلومات أهل الكتاب وأخبارهم ما يُغذي نهمهم في تفهُّم سير الأولين من الأنبياء والملوك، الذين يُشير إليهم القرآن الكريم، فطلبوا هذه المعلومات ودسَّ اليهود والنصارى كثيرًا من الخرافات بين أقوالهم، وقد لعب كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلَّام وغيرهم من علماء اليهود وأحبارهم دورًا كبيرًا في نشر هذه الإسرائيليات في ثنايا كتب التفسير.٢٥

(٤) الفقه

قلنا في الباب السادس من الفصل الأول: إن الشام كان بعد الفتح الإسلامي، كان مقرًّا لحركة فقهية نشيطة اقتضتها ظروف إيجاد الدولة في دمشق. وقد كان من أئمة هذه الحركة أبو ذر الغفاري، وعبد الرحمن بن غنم وأبو الدرداء وغيرهم من كبار أئمة المسلمين. ونضيف ها هنا أن الفقه هو علم معرفة أحكام أمره تعالى في أفعال المكلفين من حيث الوجوب والتحريم والندب والكراهة والإباحة، وقد توسعت دراساته في هذا العهد؛ لحاجة الدولة إليه ولكثرة النوازل والقضايا التي تحل بالمسلمين، ومشاكل شخصية ومعاملات دنيوية وأمور تعبدية. وقد كان القرآن والحديث وإجماع المسلمين والقياس المراجع التي رجع إليها الفقهاء والمجتهدون في وضع أسس التشريع وفروعه، ومن كبار الفقهاء الذين أبلوا بلاء حسنًا في هذه الدراسات عبد الرحمن بن عوف، وأُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وعمار بن ياسر، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وهم من جلة الصحابة، ثم خلف من بعدهم خلف من الأئمة المجتهدين، الذين لمع اسمهم في المدينة في العصر الذي نؤرِّخه وهم: سعيد بن المسيب المخزومي القرشي (؟–٩٤) أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد، وكان أحفظ الناس لأحكام عمر.٢٦ وأبو بكر بن عبد الرحمن المخزومي القرشي (؟–٩٤) كان يُلقَّب براهب قريش لزهده وفضله.٢٧ وعبيد الله بن عبد الله بن عبيدة الهذلي (؟–٩٨) فقيه شاعر أدَّب عمر بن عبد العزيز.٢٨ وعروة بن الزبير (؟–٩٣) كان إمامًا عابدًا مجتهدًا.٢٩ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (؟–١٠٧) وكان فقيهًا ثقة صالحًا.٣٠ سليمان بن يسار مولى ميمونة أم المؤمنين (؟–١٠٧)، كان من شيوخ الفقهاء في المدينة، كان سعيد بن المسيب إذا أتاه مُسْتَفْتٍ بعثه إليه.٣١ وهؤلاء هم أئمة المجتهدين، وعنهم انتقل علم الفقه إلى العالم الإسلامي، وربما عدهم بعضهم عشرة، جمعهم بعضهم بقوله:٣٢
ألا كلُّ من لا يقتدي بأئمة
فقسمته ضيزى عن الحق خارجة
فخذهم عبيد الله عروة قاسم
سعيد سليمان أبو بكر خارجة

(٥) علم الكلام

وهو علم يتضمن الحِجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والنقلية، والرد على المبتدعين المنحرفين عن مذاهب السلف، وسِرُّ هذا العلم هو التوحيد؛ ولذلك يُسمى أيضًا (علم التوحيد٣٣ وأصول الدين)، واعتماد الباحثين فيه على كتاب الله وسنة رسوله وعلم المنطق والفلسفة والأصول، وقد افترق المسلمون منذ زمن مبكر إلى فِرَقٍ ذات عقائد مختلفة، كل يعتمد في عقيدته على بعض الآيات والحجج. وقد كانت الآيات المتشابهة غير الواضحة أبقى سبب لإيجاد الخلاف وتوسيع شقته، كما أن قضية الخلافة قد لعبت دورًا كبيرًا في توسيع رقعة الخلاف بين المسلمين، وكان للعقائد القديمة من يهودية ونصرانية ومجوسية وزردشتية ومانوية أكثر فعال في زيادة هذه الاختلافات. وقد نجح في العصر الذي يؤرَّخ كثيرٌ من هذه الفِرَق كالقدرية والمرجئة الكيسانية وغيرهم ممن مر ذكرهم، ولم يُعرف أن أحدًا أَلَّفَ في علم الكلام قبل واصل بن عطاء شيخ المعتزلة المتوفى سنة ١٨١.

(٦) الشعر

ارتقى الشعر في هذه الفترة من العصر الأموي رقيًّا مذكورًا، والسبب في ذلك عناية خلفاء الدولة وأمرائها؛ لحاجتهم إليه ولشدة تأثيره في الجماهير، فقد جعله الأمويون وسيلة لإذاعة محامدهم، وتأييد سلطانهم، والطعن في زعماء خصومهم، وقد كان للعصبية أثرها الفعال في شيوع الشعر بين القبائل؛ لأن القبيلة كانت تحتاج إلى الشعر للذود عنها، وإذاعة محامدها، والرد على مناوئيها، كما أن الشاعر كان رسول القبيلة إلى الخليفة ينطق باسمها، ويعبر عن معانيها، فإذا حل هذا الشاعر مكانه وفاز برضاه عَدَّتِ القبيلة ذلك سموًّا لمكانتها. وقد استتبع عطف بني أمية على من مدحهم من الشعراء أن يتعصب عليهم من لم يفز بنوالهم وعطاياهم أو من كان يحقد عليهم سياسيًّا كالخوارج والشيعة والزبيرية والمهالبة.٣٤

فمن شعراء بني أمية: أعشى ربيعة عبد الله بن خارجة (؟–٨٥)، ونابغة بني شيبان عبد الله بن محارق، وكان من شعراء عبد الملك وله معه أخبار كثيرة، وعدي بن الرقاع من شعراء الوليد، وأبو صخر عبد الله بن سليم الهذلي من شعراء عبد الملك.

ومن شعراء المهالبة: زياد الأعجم (؟–١٠٠)، وثابت ابن قطنة بن كعب من شعراء يزيد بن المهلب، وحمزة بن بيض (؟–١٢٠).

ومن شعراء الشيعة: الكميت بن زيد (؟–١٢٦)، وأيمن بن حزيم الأسدي (؟–٨٦).

ومن شعراء الخوارج: الطرماح بن حكم (؟–١٠٠)، وعمران بن حطان (؟–٨٩)، وإسماعيل بن يسار (؟–١١٠).

وهناك شعراء لم يدخلوا في معترك السياسة، بل انصرفوا إلى التشبب والغزل، وأكثرهم في الحجاز كابن أبي ربيعة (؟–٩٣)، وعبد الله بن عمر العرجي، وعبد الله بن قيس الرقيات (؟–٧٥)، وكُثيِّر عزة (؟–١٠٥)، والأحوص (؟–١٠٥)، ومجنون ليلى، وقيس بن ذريح، والأقيشر الأسدي، وليلى الأخيلية وصاحبها ثوبة بن الجمير، وأبو العطاء السندي وغيرهم.

(٧) الخطابة

كانت الخطابة بالغة أوجَها في عهد الراشدين والأمويين؛ لحاجة القوم إليها في حَثِّ الناس، وتبين سياسة الدولة ومناهجها، فالخلفاء والأمراء كعبد الملك وعمر بن عبد العزيز وابنا عبد الملك والحجاج وزياد وطارق بن زياد، وقد خلف لنا هذا العصر عددًا كبيرًا جدًّا من الخطب البليغة في عباراتها الغنية بأفكارها، وقد جمعت في جمهرة خطب العرب للأستاذ زكي صفوت.

(٨) علوم العربية

ابتدأت علوم العربية من نحوٍ وصرفٍ وأدبٍ في التكون في هذا العصر. وقد كان العرب قبل أن يختلطوا بالأعاجم ينطقون العربية؛ فيخطون وينطقون سليقة خالصة، فلما اختلطوا بالمسلمين من غير العرب بالفتح والتزاوج فسدت لغة ناشئهم، وأخذ اللحن يظهر على أسلات أقلامهم وفلتات لسانهم؛ مما اضطر رجال الحل والعقد إلى التفكير في إيجاد منحًى يُقيمون به اعوجاج الألسنة، وقد اختلفت آراء المؤرخين في أول من فعل ذلك، والوقت الذي شرع فيه بذلك، فمنهم من يذهب إلى أن الإمام عليًّا هو الذي أرشد أبا الأسود الدؤلي إلى بعض القضايا النحوية، وقال له: «انحُ نحو هذا النحو.» ومنه سمي العلم بالنحو، ومنهم من يقول: إن زياد ابن أبيه هو الذي طلب إلى أبي الأسود وضع النحو. ومهما يكن من شيء، فإن الإجماع يكاد يكون على أن أبي الأسود قد وضع نواة هذا العلم، ويقال: إن أبا الأسود قد وضع نواة هذا العلم، ويقال: إن أبا الأسود قد اطلع على لغة السريان وعرف نحوهم، فقاس عليه النحو العربي.٣٥ وقد كان أبو الأسود في البصرة، فالتف حوله نفر من شبانها يتعلمون منه الأدب والعربية، ونبغ منهم نفر تمموا ما بدأ به، ويقال: إن أبا الأسود وضع أيضًا الحركات الثلاث، وإنه أقعد بين يديه كاتبًا ذكيًّا، وأخذ يقرأ عليه القرآن، وقال له: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقطه نقطة فوقه على أعلاه، وإن ضممت فمي فانقطه نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت فاجعل النقطة من تحت الحرف.٣٦ فصار الناس من بعده يكتبون القرآن ويضعون هذه النقاط على طريقة أبي الأسود، وربما لونوا النقاط بألوان مختلفة؛ لئلا يختلط الأمر، ثم إن الحجاج بن يوسف رأى ما يحدثه عدم إعجام الحروف المتشابهة كالباء والتاء والثاء والياء والنون، وما إلى ذلك، ففزع إلى كُتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الأحرف المختلفة علامات تميزها بعضها من بعض، فيقال: إن نصر بن عاصم قام بذلك، فوضع النقط أفرادًا وأزواجًا، وخالف في أماكنها، فصار الناس بذلك زمانًا لا يكتبون إلا منقوطًا، وكان مع استعمال النقط أيضًا يقع التصحيف، فأحدثوا الإعجام فكانوا يتبعون النقط بالإعجام.٣٧ ثم لما اختلط الأمر على الناس في نقط الإعجام ونقط الحركات، وضعوا الإشارات المعروفة وهي الضمة والفتحة والكسرة (-َ -ِ -ُ).٣٨
وقد كان عمل أبي الأسود عملًا جد مفيد، أنقذ الناس من اللحن والاضطراب، وقد تمم عمله تلاميذه نصر بن عاصم (؟–٨٩) وعبد الرحمن بن هرمز (؟–٩٣)، وعون الأقرن وعنبسة الفيل، ثم عبد الله بن إسحاق الحضرمي.٣٩ وأول من بحث في علم الصرف معاذ بن مسلم الهراء (؟–١٨٧)، ثم كثر علماء العربية، وانقسم علماء العربية إلى بصريين وكوفيين، وكان لكل منهما آراء ومذاهب مفصلة معروفة، وقامت المناظرات بين البلدين، وأهل البصرة أرسخ قدمًا وأوسع علمًا وأولى ثقة، أما أهل الكوفة فأكثر رواية واستشهادًا.

(٩) السيرة والتاريخ

اهتمَّ الناس في هذا العصر اهتمامًا زائدًا بمعرفة سيرة النبي وأحوال غزواته وأخبار الفتوح الإسلامية، وأخذوا يتطلعون أخبار ذلك، ويسمعون للقصاص في المساجد ما يروونه من هذه الأخبار، ويقال: إن أول من أَلَّف في ذلك هو عروة بن الزبير الفقيه المعروف (؟–٩٣).٤٠ ومؤلف أقدم سيرة نبوية، وأبو مخنف الأزدي مؤلف السيرة النبوية، وأخبار الجاهلية، وعوانة بن الحكم الكوفي (؟–١٧٤) مؤلف كتاب في التاريخ العام وسيرة معاوية.٤١ وقتادة بن دعامة السدوسي (؟–١١٧) عالم أهل البصرة وأديبها ومؤرخها ونسابها. قالوا لم يكن يمر يوم لا تأتيه راحلة من بني أمية تنيخ ببابه للسؤال عن خبرٍ أو نسبٍ أو شعرٍ.٤٢ وأبان بن عثمان بن عفان (؟–١٠٥) جمع له تلميذه عبد الرحمن بن المغيرة كتابه في سيرة الرسول، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (؟–١٢٤) صاحب المغازي النبوية، وموسى بن عقبة (؟–١٤١)، وقد عثر على قطعة من كتابه طبعت (١٩٠٢)، ومحمد بن إسحاق صاحب سفرتَي رسول الله (؟–١٥١)، ووهب بن منبه (؟–١١٠)، وفي خزانة برلين قطعة من كتاب له عن المغازي كُتب سنة ٢٢٨ﻫ، وشرحبيل بن سعد (؟–١٢٣)، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم (؟–١٣٥) وعاصم بن عمر بن قتادة (؟–١٢٠)، ومعمر بن راشد اليماني البصري (؟–١٥٠) وُجد مسنده نسخة في إستانبول كُتبت سنة ٣٦٣.

(١٠) علوم الأقدمين

ويُراد بها علوم الحكمة والأخلاق والفلسفة والطب والرياضيات والفلك والمنطق والكيمياء والصيدلية. وقد كان المسلمون في هذا العصر يترجمون علوم اليونان بواسطة الترجمات السريانية، ثم أخذوا يترجمون عن اليونانية بلا واسطة. وللسريان فضل كبير في إحياء العلوم اليونانية، وكان لمدارس السريان التي أسَّسوها قبل الإسلام في الرها وقنسرين ونصيبين فضل كبير في تخريج العلماء حتى ما بعد الإسلام. كما كان لمدارس الفرس كمدرسة جنديسابور في خوزستان، وكان العرب يقصدونها للتعليم، ومن طلابها الحارث بن كلدة، طبيب العرب الأشهر. ولما قسا الرومان على العلماء والنصارى هاجروا إلى العراق وفارس، فنشروا علوم اليونان، ولما جاء الإسلام أفاد من خبرة هؤلاء بعد أن تعلموا العربية، واعتنقوا الدين، وترجموا كتب الأقدمين، ولكن ترجماتهم الأولى كانت مشوشة، فاضطر العرب أن يعيدوها ثانية في العصر العباسي، وكان الخلط بين أفلاطون وأفلوطين كثيرًا.

وقد كنا قلنا في الباب السادس من الفصل الأول: إن خالد بن يزيد عُني بعلوم الأوائل والترجمة، وناقشنا أقوال من ينفي هذه القصة وأقوال مثبتيها. ونضيف هنا أن العلماء أخذوا من العصر الأموي، يهتمون بترجمة علوم الأقدمين، وبخاصة علم الطب والصيدلة والتنجيم والفلك، وقد نقل الناس عن الفرس والروم واليونان والهند والسريان، ومن مشاهير من عرف في هذا العصر الذي نؤرخه ماسرجويه البصري، طبيب مروان بن الحكم، وتيادوق الإغريقي طبيب الحجاج، وينسبون إليه ثلاثة أو أربعة كتب، ولكن لم يصل إلينا شيء منها.٤٣ وفي عهد عمر بن عبد العزيز أمر بنقل تدريس الطب من الإسكندرية إلى أنطاكية وحران.٤٤ كما أنه كان يعتمد على عبد الملك الكناني الطبيب ويطلب إليه الترجمة. وقد كان الأمويون يقدمون المساعدات للعلماء والمترجمين كعبد الملك والوليد وعمر، وكانوا يدأبون في إقامة حلقات العلم في المساجد والمحلات العامة ويحضرون بها ويناقشون فيها.

(١١) التدوين

قلنا: إن تدوين الكتب ابتدأ في عصر معاوية، ولم ينظم أمر التدوين إلا في أواخر العصر الأموي وأوائل العصر العباسي حين ابتدأت الترجمات عن اللغات الأجنبية، ويرى المستشرق «نانلِّينو» أنه ربما كان كتاب أحكام النجوم لمرقس الحكيم هو أول ترجمة دُوِّنت بالعربية. وقال آخرون بل هو كتاب أهرن بن المبين في الطب، وجده عمر بن عبد العزيز في بعض خزائن الكتب، فأمر بإخراجه ووضعه في مصلاه، واستخار الله في إخراجه للمسلمين للانتفاع به، فلما تمَّ له ذلك أربعون صباحًا أخرجه إلى الناس.٤٥ ثم تتابعت الترجمات، وكثر التدوين على يد أمثال عبد الملك بن أبجر الكناني الطبيب العالم الذي كان يقيم في الإسكندرية، ويدرس الطب فيها، فأسلم على يدي عمر بن عبد العزيز، ونقله إلى الشام، ومثل عبد الحميد بن يحيى الكاتب الأديب الأشهر (؟–١٣٢)، ومثل جبلة بن سالم، كاتب هشام بن عبد الملك الذي نقل له بعض كتب التاريخ القديم ورسائل أرسطوطاليس، ومثل قيس بن قنان بن متى، كاتب عبد الملك بن مروان وابنه هشام. وقد كان أبوه كاتبًا لمعاوية ومترجمًا، ومثل الحصين بن قيس بن قنان، كاتب مروان، ومثل أسامة بن زيد التنوخي، كاتب الوليد بن عبد الملك، وغيرهم من النصارى الشاميين، الذين اضطلعوا بعبء التدوين في هذه الحقبة.

(١٢) مجالي الحضارة

خطت الأمة العربية في هذا العهد خطوات عجيبة في مضمار الحضارة في المعاش والمسكن والسوق والمدنية، وازدهرت القصور والدور والمساجد والأسواق والمزارع لعناية الأمويين بذلك، وتدفق الأموال عليهم، ويمكننا إجمال القول في ذلك بما يلي:

البناء

عُني بنو أمية بالعمران، فشادوا المدن والقصور والمساجد في كافة أرجاء إمبراطوريتهم الواسعة؛ ففي فلسطين ابتنى سليمان بن عبد الملك مدينة الرملة على أنقاض مدينة قديمة، واتخذها مقرًّا، ولا تزال منارة المسجد باقية إلى أيامنا هذه، تشهد بإتقان البناء وفخامته.٤٦ وقد ظلت هذه المدينة — مدينة فلسطين — الرئيسية على الرغم من مكانة القدس الدينية.٤٧

وفي فلسطين بنى الأمويون مسجد قبة الصخرة، وهو من أروع المساجد زخرفة وفخامة في عهد عبد الملك، كما بنى عبد الملك مسجدًا ضخمًا إلى جانب قبة الصخرة، وهو المعروف اليوم بالمسجد الأقصى، وبمسجد عمر حيث أدَّى عمر الصلاة.

وفي دمشق بنى الوليد مسجد دمشق الأعظم والمستشفيات الكثيرة. وفي الحجاز وسَّع الوليد مسجد الحرم المكي ومسجد النبي، وجعلهما من أضخم المساجد. وفي حلب بنى سليمان مسجد حلب الأعظم.

التعليم

عُني المسلمون في هذا العصر بالتعليم، وكانت المساجد هي المدارس، يؤمُّونها لتعليم الكتاب الكريم ورواية الشعر والتراث العربي والإسلامي القديم وعلوم الأمم الأخرى. وفي هذا العصر وُجدت الكتاتيب الخاصة لتعليم القرآن والقراءة والحساب لأطفال المسلمين والأميين، ويرجع عهد الكُتَّاب إلى زمن عمر بن الخطاب. ويُروَى أنه جعل في المدينة رجالًا يفحصون المارة، فمن وجوده غير متعلم أخذوه إلى الكُتَّاب.٤٨
وإلى جانب هؤلاء الكتاتيب وُجد نظام التأديب، وهو تعليم الطبقة الأرستقراطية في البيوت، كما وجد نظام تعليم البابوية، وعمر بن عبد العزيز هو الذي فَكَّر في ذلك، وأنفذ المعلمين إلى البادية، ومنهم يزيد بن مالك الدمشقي، والحارث الأشعري، أنفذهما إلى البادية لتفقيه أهلها وتعليمهم.٤٩ وكما أخذت الحاضرة تبعث إلى البادية رجالًا يعلمون أهلها القراءة والكتابة والدين، كذلك كانت البادية تنقل أبناء الحاضرة فتصقل مشاعرهم، وتنمي فيهم روح الفتوة والشباب، وتعلمهم أخبار أجدادهم وأشعارهم، كما كان كثير من البدو الفصحاء الرواة يقصدون الحواضر، كالبصرة والكوفة ودمشق والمربد، فيعلمون الناس، ويروون لهم أخبار الجاهلية وأشعارها.

الفنون الجميلة

اضطرَّ الخلفاء لما أرادوا زخرفة المساجد والقصور والمشافي والحمامات إلى ترويج الفنون الجميلة من نحت وزخرفة وتصوير، ولكن لما حرَّم الإسلام تصوير الأشخاص فقد روى «البخاري ٧: ٦١»: «أَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ.» وجَّه الأمويون عناية فنانيهم من رجال الفسيفساء والتصوير والنحت إلى إتقان الزخارف والصور الخالية من الصور الإنسانية أو الحيوانية. وإن في الآثار الباقية إلى اليوم في مساجد دمشق والصخرة وقصر الحير وخربة الفجر والمشتى وقصر عمرة، لوحات رائعة للفن الإسلامي، ولكن يظهر أنهم كانوا يشذون في بعض الأحيان، فيصورون بعض الأناس والحيوانات في قصورهم وحماماتهم.

الموسيقى

كان العرب في الجاهلية — وبخاصة أهل اليمن والحجاز — ذوي ملكات موسيقية، فلما جاء الإسلام وحرَّم اللهو والعبث غير البريء، انصرف الناس إلى تجويد النواحي الغنائية الباقية من قراءة القرآن والحداد والأناشيد البريئة، وكانوا يستعملون المزاهر والمزامير والدفوف. وكان الرسول والخلفاء الراشدون لا يتحرَّجون من استماع الغناء البريء العفيف لفظه، فلما جاء بنو أمية، وضربت الدولة بسهم وافر في الحضارة، عُني بالموسيقى عناية كثيرة، ونبغ في الحجاز واليمن والشام جمهرة من متقني الغناء، وخاصة في الحجاز، حين أُريد إقصاؤه عن مناوأة السياسة والحياة العامة. ومن مشاهير المغنين المسلمين طويس، وهو أول من غنَّى بالمدينة، ويعتبر أبا الغناء العربي (٤٩٢)، ويظن أنه أول من غنَّى مصحوبًا بآلات موسيقية، وابن سريج مولى سكينة أحد المغنين الأربعة العظام في الإسلام، وهو الذي أدخل العود الفارسي إلى بلاد العرب، وسعيد بن مسحج من مغني مكة، كان أعظم مغني عصره، فكان في الشام وفارس والروم.٥٠ وقد كان ببلاط دمشق في عهد الوليد الأول ويزيد الثاني والوليد الثاني جماعة من مشاهير المغنين وعلى رأسهم معبد٥١ وابن سريج وحنين الحيري وغيرهم من كبار مغني العراق والحجاز.٥٢
١  صبح الأعشى ٦: ٣٩١.
٢  أمراء البيان، لكرد علي ١: ٢١.
٣  ابن خلكان ١: ٢٥٠.
٤  تهذيب التهذيب ٥: ٣٨، وابن خلكان، والفهرست، ص٢٩.
٥  تهذيب التهذيب ٥: ٢٧٤.
٦  ابن خلكان ٣: ٣١٨.
٧  تهذيب التهذيب، وابن خلكان ١: ٤٥٥.
٨  ابن خلكان ١: ٤٥١، والأوائل للسيوطي، ص١١٢.
٩  أوائل السيوطي، ص١١٢.
١٠  أوائل السيوطي، ص١١٢.
١١  أوائل السيوطي، ص١١٣.
١٢  تذكرة الحفاظ ١: ١٦.
١٣  التهذيب ٣: ٢٤٧.
١٤  التهذيب ٤: ٦٣.
١٥  التهذيب ٣: ١١.
١٦  دول الإسلام ١: ٨٤.
١٧  ابن خلكان ١: ٣٤٥.
١٨  تذكرة الحفاظ ١: ٢٩٩.
١٩  التهذيب ١: ٢٤٣.
٢٠  التهذيب ٢: ٧٥.
٢١  تذكرة الحفاظ ١: ٢٥٣.
٢٢  خلاصة تذهيب الكمال، للخزرجي، ص٣١٥.
٢٣  الفهرست، ص٣٣.
٢٤  الفهرست، ص٣٣.
٢٥  مقدمة ابن خلدون، ص٥٢١.
٢٦  طبقات ابن سعد، ٥: ٨٨.
٢٧  ابن خلكان ١: ٢٥٣.
٢٨  تذكرة الحفاظ ١: ٧٤.
٢٩  ابن خلكان ٢: ٤١٨.
٣٠  نكت الهميان، ص٢٣٠.
٣١  ابن خلكان ٣: ٢٢٤.
٣٢  ابن خلكان ١٠: ٩٢.
٣٣  ابن خلدون، المقدمة، ص٥٤٥.
٣٤  الأدباء العشر، لأسعد طلس، ص١٤٠.
٣٥  الفهرست، ص٤٠، والأوائل للسيوطي، ص١١٩، ابن خلكان ١: ٢٤٠، وشعراء السريان، للقرداحي، ص١٨، وتاريخ الأدب العربي، لزيدان ١: ٢٢١.
٣٦  الفهرست، ص٤٠.
٣٧  ابن خلكان ١: ١٣٥.
٣٨  تاريخ آداب اللغة، لزيدان ١: ٢٢٤.
٣٩  أوائل السيوطي، ص١٢١.
٤٠  الوسائل، للسيوطي، ص١١٥.
٤١  ياقوت، إرشاد ٦: ٩٣.
٤٢  ابن خلكان ١: ٤٢٧.
٤٣  ابن أبي أصيبعة، ص١٢١.
٤٤  ابن أبي أصيبعة، ص١١٦.
٤٥  خطط الشام ٤: ٢٤.
٤٦  فتوح البلاذري، ص١٤٣.
٤٧  تاريخ الحضارة الإسلامية، لبارتوليه، ص٣٢.
٤٨  موجز الحضارة العربية، لناصر معروف الدوري، ص١٤٣.
٤٩  موجز الحضارة العربية، لناصر معروف الدوري، ص١٤٤.
٥٠  الأغاني ٣: ٨٤.
٥١  الأغاني ١: ١٩، والعقد الفريد ٣: ٢٣٧.
٥٢  موجز الحضارة الإسلامية، لناصر معروف الدوري، ص١٣٦–١٤٠.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤