ملاحظة وتنويه

أثناء تطوافي بين تونس ومصر وعمان وبولندا وبلجيكا بين ٢٠١٧ و٢٠٢٠م، كنت أعمد إلى تدوين سلسلة من الشذرات في موضوعات مُختلفة، وعلى نحو متقطِّع غير متصل، وقد اجتزأت منها لهذا الكتاب ما يتعلَّق بالعقائد والأديان، لأنشره تحت عنوان «نقطة عمياء وراء جدل التأليه ونفي اللاهوت»، وأضفتُ إليه ملحقًا بعنوان «العقيدة والمدينة» كتبتُه في طرابلس عام ٢٠٠٦م، ونُشر آنذاك بالعدد الثالث والعشرين من مجلة فضاءات.

لقد أتاح لي هذا الأسلوب من كتابة الشذرات التنقُّل بحُرية بين ما أختارُ من موضوعات، بحيث يسمها التوارد لا غير، أي دون أن أتقيَّد باتباع أسلوب بحثي دقيق أو منهج محدَّد، وجاءت في مجملها رأيًا — خاصًّا أو عامًّا — أو رأيًا مضادًّا أو تساؤلًا أو ملاحظةً أو تنبيهًا أو مثل ذلك. وكنت قد أعدت صياغة بعض محتوى هذا الكتاب وقدَّمته في محاضرات وحلقات دراسية انتظمت في حرم فيلا ديسيوس بكراكوف، وجامعة في يو بي، ودار الآداب العالمية ببروكسل، وإذ أعرب عن شكري وامتناني لكل مَن ساهم في إثراء الموضوعات التي قدَّمتها، جدلًا ونقاشًا، فإنني أتوجَّه على نحو خاصٍّ بالشكر إلى الأصدقاء الذين كانوا وراء تنظيم ورعاية هذه الفعاليات، دومينيكا كاسبروفيتش وماوغوزاتا روجايسكا في كراكوف، وإلكه فروين وناتالي غوتاوس وبيت جوستن في بروكسل.

أتوجَّه أيضًا بخالص الشكر والامتنان إلى الأصدقاء الذين كانوا وراء «إطلاق سراح» هذا الكتاب، وهذا ضرب من «التحرير» لا غنى عنه بالنسبة لي، خاصةً بعد أن لم أعُد متيقنًا من إجابة ذلك السؤال الملغز: «ما الجدوى … لماذا تكتب؟»

أذكر هنا على نحو خاص كلًّا من الكاتب والقاص فتحي نصيب الذي كانت ملاحظاته خير عون لي في تتبُّع بعض مثالب النص وإحراجاته، والأديبة مريم عبد الله التي قرأت النص مرارًا وصوَّبَت بعض هفواته، ثم نظَّمت فهارس الأعلام والمفاهيم والمعتقدات، وساعدتني دائمًا على ترتيب أولويات العمل. ولا أنسى بالطبع ابنيَّ العزيزَين أنس ويونس اللذين كانت أسئلتهما عن «تجريد العقيدة» حافزًا لي على مواصلة العمل، وأودُّ أن أثني على نزعتهما الشكية وتوجههما العقلاني، معترفًا في الوقت نفسه بأن ما يسم آراءهما من اختلاف كان مصدر إلهام أفادني كثيرًا ورأيت فيه مثالًا من أمثلة المستقبل الذي لن أعيش لأصفه، وإنْ كنت مطمئنًا إلى أنه سيكون أفضل بكثير مما عشت.

إليهم جميعًا أعرب عن حبي واحترامي.

ع. م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤