المقدمة

ظهر في السنوات الأولى من القرن العشرين، كجاسوس على ألمانيا لصالح فرنسا، ثم سار في حَواري وأزقة القاهرة كبائع للحمص والفيشار وحلوى الأطفال، ثم عمل خادمًا في منزل رئيس النيابة، بعدها وجدناه تاجرًا يَدَّعِي بنفيه؛ حيث مات ودُفن في القبر، وبعد ساعات عاد إلى الحياة، لنجده بارونًا يهوى الآثار، ثم يعيش عامًا في أحد الأديرة القبطية حيث كان راهبًا، ثم نجده يتنزه في يخت حاملًا لقب كونت سويدي … وهكذا وجدناه في أكثر من شخصية بعد ذلك، منها: المسيو توندور، الخواجا غالي، مسيو أنطوان دوريه، بنفيه خادم الملكة ناتالي، محمد صبحي، الشيخ بكر، الأمير يوسف كمال، ابن شقيق أفلاطون باشا، المندوب السامي العثماني!

وهذه الأدوار والشخصيات، خلقت منه أسطورة شعبية، لا مثيل لها! فقد لقَّبَه صديقه بنابغة المحتالين، ولقَّبه آخرون بألقاب عديدة، منها: أرسين لوبين المصري … اللص الظريف … جُحا … الثعلب! فمَن هذا الشخص؟!

إنه حافظ نجيب … الأديب المُحتال! الذي قام بدوره الفنان محمد صبحي، في مسلسل «فارس بلا جواد»، ذلك المسلسل الذي أحدَثَ ضجة فنية وسياسية عالمية، منذ فترة قصيرة! وهذا الكتاب، يتعرض لشخصية حافظ نجيب، في جوانب كثيرة مجهولة، لا يعلمها الكثيرون حتى الآن! بل هناك أشياء لا يعلمها أي إنسان حتى صدور هذا الكتاب. فإلى مَنْ لا يعلم حقيقة حافظ نجيب، أقول له:

إن حافظ نجيب كان صحفيًّا، حيث شارك في تحرير مجلة «العالمين» عام ١٩٢٣، وأصدر مجلة «الحاوي» من منزله عام ١٩٢٥. وفي هاتين المجلتين، كتب في أمور شتى، منها: الأخلاق والاجتماع والقصص والنقد والألعاب الرياضية والتدبير المنزلي!

ولم يكتفِ حافظ نجيب بكونه صحفيًّا، بل وجدناه كاتبًا اجتماعيًّا وفيلسوفًا؛ حيث تخصَّص في ترجمة وتعريب الكتب الاجتماعية والفلسفية منذ عام ١٩١٢ إلى ١٩٢٣. وفي هذه الفترة أصدر ستة كتب، هي: «روح الاعتدال»، «غاية الإنسان»، «الناشئة»، «دعائم الأخلاق»، «مناهج الحياة»، «الغرور». وأول كتابين أصدرهما باسم زوجته وسيلة محمد!

ومن الواضح أن هذه المجالات لم تُرْضِ غرور حافظ، فاقتحم مجال الإبداع الأدبي، حيث وجدناه شاعرًا، يكتب الأشعار وهو بين جدران السجون! ثم وجدناه روائيًّا يكتب الروايات الطويلة المؤلَّفة والمترجمة، بالإضافة إلى القصص القصيرة! ومن هذه الأعمال: «الحب والحيلة»، «ثورة العواطف»، «عواطف المرأة»، «غرام الملك»، «شقاء العشاق»، «عضو البرلمان»، «روايات جونسون»، «روايات ملتون توب»، «الغرفة الصفراء»، «الشبح المخيف».

وأخيرًا وجدناه مسرحيًّا حيث ألَّفَ مجموعة لا بأس بها من المسرحيات، منذ عام ١٩٠٥ إلى ١٩٢٧، منها: «نكبات الهوى»، «الحب والحيلة»، «قوة الحيلة»، «الجاسوس المصري»، «محور السياسة»، «في سبيل الحرية»، «بمْ بمْ»، «الهوسة». ومن خلال المسرح وجدنا حافظ نجيب يُكوِّن فرقة مسرحية عام ١٩١٩، ظلت تعمل بصورة غير منتظمة حتى عام ١٩٢٧. وكان حافظ صاحب الفرقة … ومُخرجها … ومؤلف مسرحياتها … وممثلها الأول!

وإذا كانت أغلب أعمال حافظ نجيب الأدبية المطبوعة، من الصعب الحصول عليها، إلا أن المستحيل بعينه هو أن تجد له مسرحية مطبوعة! والسبب في ذلك أن مؤلفاته المسرحية غير مطبوعة. والجديد الذي سيجده القارئ في هذا الكتاب، يتمثل في وجود مخطوطتين، يتم نشرهما في هذا الكتاب لأول مرة! المخطوطة الأولى لمسرحية «الحب والحيلة» المُؤلَّفة عام ١٩١٥، والمخطوطة الأخرى لمسرحية «محور السياسة» المُؤلفة عام ١٩٢٠.

والله ولي التوفيق …

دكتور
سيد علي إسماعيل
القاهرة في ١٩ / ٨ / ٢٠٠٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤