الفصل السادس عشر

الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ يَزُورُ الْبِرْكَةَ الْبَاسِمَةَ

كَانَ ثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو وَالْمِنْكُ بيلي يَجْلِسَانِ عَلَى صَخْرَةٍ كَبِيرَةٍ فِي الْبِرْكَةِ الْبَاسِمَةِ. وَلِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَا يَفْعَلَانِهِ، كَانَا يُخَطِّطَانِ لِحِيلَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، وَقَدْ كَانَ فَأْرُ الْمِسْكِ جيري مَشْغُولًا بِمَلْءِ بَيْتِهِ الْجَدِيدِ بِالطَّعَامِ مِنْ أَجْلِ الشِّتَاءِ. كَانَ مَشْغُولًا جِدًّا فَلَمْ يَشْتَرِكْ فِي الْحِيلَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ.

وَفَجْأَةً وَضَعَ الْمِنْكُ بيلي إِصْبَعَهُ عَلَى شَفَتَيْهِ كَتَحْذِيرٍ لِثَعْلَبِ الْمَاءِ الصَّغِيرِ جو لِكَيْ يَقِفَ سَاكِنًا تَمَامًا. كَانَتْ عَيْنَا بيلي الْحَادَّتَانِ قَدْ لَمَحَتَا شَيْئًا يَتَحَرَّكُ فِي عُشْبِ الْبِرْكَةِ، رَاقَبَ هُوَ وَثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو، وَكَانَا عَلَى اسْتِعْدَادٍ تَامٍّ لِلْقَفْزِ فِي الْبِرْكَةِ الْبَاسِمَةِ عِنْدَ أَوَّلِ إِشَارَةِ خَطَرٍ، وَبَعْدَ مُرُورِ بِضْعِ دَقَائِقَ افْتَرَقَ الْعُشْبُ وَأَطَلَّ وَجْهٌ صَغِيرٌ عَجُوزٌ. تَنَفَّسَ ثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو وَالْمِنْكُ بيلي الصُّعَدَاءَ وَبَدَأَتْ أَعْيُنُهُمَا فِي الرَّقْصِ.

وَصَاحَ الْمِنْكُ بيلي: «أَهْلًا أَيُّهَا الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ!»

تَسَلَّلَتِ ابْتِسَامَةٌ إِلَى الْوَجْهِ الْحَادِّ الْعَجُوزِ الَّذِي يُطِلُّ مِنْ بَيْنِ الْعُشْبِ.

صَاحَ: «أَهْلًا بِكَ!» فَقَدْ كَانَ فِعْلًا الْعَمَّ بيلي الْأَبُوسُومَ.

وَنَادَاهُ ثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو: «مَاذَا تَفْعَلُ هُنَا؟!»

فَأَجَابَهُ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ وَعَيْنَاهُ تَلْمَعَانِ: «أَنْظُرُ حَوْلِي فَقَطْ.»

صَاحَ الْمِنْكُ بيلي: «هَلْ سَمِعْتَ بِمَا حَدَثَ لِلثَّعْلَبِ ريدي؟»

فَأَجَابَهُ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ: «نَعَمْ؛ لَقَدْ جِئْتُ لِلتَّوِّ مِنْ مَنْزِلِهِ.»

فَسَأَلَهُ ثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو: «وَكَيْفَ حَالُهُ؟»

فَأَجَابَهُ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ: «إِنَّهُ فِي حَالَةٍ مُزْرِيَةٍ!» وَكَانَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ فِي أَسًى، ثُمَّ أَخْبَرَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ الْمِنْكَ بيلي وَثَعْلَبَ الْمَاءِ الصَّغِيرَ جو كَيْفَ كَانَ ريدي مُتَيَبِّسًا وَمُتَأَلِّمًا؛ فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِحْضَارَ شَيْءٍ لِيَأْكُلَهُ بِنَفْسِهِ، وَكَيْفَ فَقَدَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ الدَّجَاجَةَ الَّتِي أَمْسَكَتْهَا مِنْ أَجْلِهِ.

قَالَ الْمِنْكُ بيلي: «إِنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ!» فَلَمْ يَنْسَ بيلي كَيْفَ خَدَعَهُ الثَّعْلَبُ ريدي فِي إِحْدَى الْمَرَّاتِ وَاصْطَادَ سَمَكًا أَكْثَرَ مِنْهُ.

أَوْمَأَ الْعَمُّ بيلي بِرَأْسِهِ، وَسَأَلَ: «أَنْتَ عَلَى حَقٍّ، أَنْتَ عَلَى حَقٍّ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ، أَنَا أَعْتَقِدُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ، هَلْ كُنْتَ جَائِعًا فِي أَيِّ وَقْتٍ مَضَى أَيُّهَا الْمِنْكُ بيلي؛ جَائِعًا بِحَقٍّ؟»

فَكَّرَ بيلي فِي الْمَرَّةِ الَّتِي فَقَدَ فِيهَا عَشَاءَهُ لِأَنَّ السَّيِّدَ غراب الليل كَانَ قَدِ الْتَهَمَهُ كُلَّهُ عِنْدَمَا تَرَكَهُ بيلي فِي لَحْظَةِ غَضَبٍ، وَهَزَّ بيلي رَأْسَهُ بِالْمُوَافَقَةِ.

أَكْمَلَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ: «لَقَدْ كُنْتُ أَتَسَاءَلُ فَقَطْ: مَا هُوَ شُعُورُ أَنْ تَكُونَ ذَكِيًّا وَقَوِيًّا فِي الصَّيْدِ وَلَا تَتَمَكَّنَ مِنْ صَيْدِ شَيْءٍ لِتَأْكُلَهُ؟!»

لَمْ يَقُلْ أَيُّ أَحَدٍ أَيَّ كَلِمَةٍ لِعَدَّةِ دَقَائِقَ، ثُمَّ وَقَفَ الْمِنْكُ بيلي وَتَمَدَّدَ، ثُمَّ قَالَ: «إِلَى اللِّقَاءِ.»

تَسَاءَلَ ثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو: «إِلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِبٌ فَجْأَةً؟»

أَجَابَ الْمِنْكُ بيلي فِي حَزْمٍ: «سَأَصْطَادُ سَمَكَةً وَأُعْطِيهَا لِلثَّعْلَبِ ريدي، إِذَا كَانَ لَا بُدَّ أَنْ تَعْرِفَ!»

صَاحَ ثَعْلَبُ الْمَاءِ الصَّغِيرُ جو: «حَسَنًا! لِمَ تَظُنُّ أَنَّكَ سَتَحْصُلُ عَلَى كُلِّ الْمَرَحِ وَحْدَكَ أَيُّهَا الْمِنْكُ بيلي؟! سَآتِي مَعَكَ.»

تَنَاثَرَ الْمَاءُ فِي الْبِرْكَةِ الْبَاسِمَةِ، وَقَدْ بَقِيَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ يُرَاقِبُ الْبِرْكَةَ الْبَاسِمَةَ وَالصَّخْرَةَ الْكَبِيرَةَ، ثُمَّ ابْتَسَمَ فِي نَفْسِهِ وَالْتَفَتَ مُبْتَعِدًا وَهُوَ يَقُولُ: «أَظُنُّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ أَقُومَ بِنَصِيبِي أَيْضًا.»

وَهَكَذَا عِنْدَمَا وَصَلَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ لِلْمَنْزِلِ وَمَعَهَا فَأْرُ خَشَبٍ صَغِيرٌ فَقَطْ مِنْ أَجْلِ ريدي، وَجَدَتْ ريدي يَأْخُذُ قَيْلُولَةً وَمَعِدَتُهُ مُمْتَلِئَةٌ عَنْ آخِرِهَا، وَبَعِيدًا قَلِيلًا كَانَ هُنَاكَ ذَيْلَا سَمَكَتَيْنِ وَرِيشُ بَطَّةٍ صَغِيرَةٍ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤