ريدي يُصْبِحُ مُهْمِلًا
كَانَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ عَلَى حَقٍّ؛ كَانَتِ الْمَشَاكِلُ تَلْحَقُ بِريدي وَلَكِنَّهُ لَنْ يُصَدِّقَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَخْبَرُوهُ. كَانَ قَدْ سَرَقَ دَجَاجَةَ ابْنِ الْمُزَارِعِ السَّمِينَةَ فِي وَضَحِ النَّهَارِ فَقَطْ مِنْ أَجْلِ التَّبَاهِي؛ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُعْلِمَ الْجَمِيعَ كَمْ هُوَ جَرِيءٌ! كَانَ يَظُنُّ نَفْسَهُ ذَكِيًّا جِدًّا فَيَسْتَطِيعُ فِعْلَ مَا يَشَاءُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُوقِفَهُ. كَانَ يُحِبُّ التَّبَخْتُرَ عَبْرَ الْغَابَةِ وَالْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ وَيَتَبَاهَى بِمَا فَعَلَهُ وَمَا يَسْتَطِيعُ فِعْلَهُ.
مِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّ الْأَشْخَاصَ الْمُحِبِّينَ لِلتَّبَاهِي وَالتَّفَاخُرِ يَحْزَنُونَ فِي النِّهَايَةِ؛ وَعِنْدَ ذَلِكَ يُشْفِقُ عَلَيْهِمْ قِلَّةٌ مِنَ النَّاسِ. لَمْ يَكُنْ أَيٌّ مِنْ سُكَّانِ الْغَابَةِ وَالْمَرْجِ يُحِبُّ ريدي عَلَى أَيِّ حَالٍ، وَكَانُوا قَدْ تَعِبُوا مِنْ تَفَاخُرِهِ حَتَّى تَمَنَّوْا أَنْ يَقَعَ فِي الْمَشَاكِلِ. بِالتَّأْكِيدِ كَانُوا مُتَحَمِّسِينَ لِرُؤْيَةِ ريدي وَاقِعًا فِي مُشْكِلَةٍ.
هَزَّ الْأَرْنَبُ بيتر، السَّعِيدُ دَائِمًا، رَأْسَهُ فِي حُزْنٍ عِنْدَمَا سَمِعَ بِسَرِقَةِ الثَّعْلَبِ ريدي لِدَجَاجَةِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون وَأَنَّهُ يَتَبَاهَى بِذَلِكَ أَمَامَ الْجَمِيعِ.
قَالَ الْأَرْنَبُ بيتر: «يَنْتَفِخُ الثَّعْلَبُ ريدي مِنْ كَثْرَةِ الْفَخْرِ بِنَفْسِهِ، وَقَرِيبًا لَنْ يُصْبِحَ قَادِرًا عَلَى رُؤْيَةِ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ!»
سَأَلَ الظَّرِبَانُ جيمي: «حَسَنًا؛ وَمَاذَا لَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟!»
نَظَرَ بيتر نَحْوَ جيمي فِي اشْمِئْزَازٍ قَائِلًا:
«أَتَعْلَمُ يَا جيمي؟ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَدَيْكَ تِلْكَ الرَّائِحَةُ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا الْجَمِيعُ، كُنْتَ سَتَنْتَبِهُ أَكْثَرَ بِكَثِيرٍ إِلَى مَوْطِئِ قَدَمَيْكَ. إِذَا لَمْ يَنْتَبِهْ ريدي، فَسَيَقَعُ يَوْمًا مَا فِي إِحْدَى الْمَصَائِدِ.»
ضَحِكَ الظَّرِبَانُ جيمي قَائِلًا: «أَتَمَنَّى حُدُوثَ ذَلِكَ!»
وَعِنْدَمَا سَمِعَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون بِجُرْأَةِ الثَّعْلَبِ ريدي، أَطْبَقَ فَمَهُ بِطَرِيقَةٍ لَا تُبَشِّرُ بِخَيْرٍ، وَأَمْسَكَ بُنْدُقِيَّتَهُ وَقَالَ: «أَنَا لَا أَتَحَمَّلُ تَكْلِفَةَ تَرْبِيَةِ الدَّجَاجِ مِنْ أَجْلِ إِطْعَامِ الثَّعَالِبِ!» وَأَطْلَقَ صَفَّارَتَهُ مُنَادِيًا كَلْبَ الصَّيْدِ باوزر وَانْطَلَقَا مَعًا، وَلَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى وَجَدَ باوزر آثَارَ ريدي.
زَمْجَرَ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر: «بَاوْ، بَاوْ، بَاوْ، بَاوْ!»
سَمِعَ الثَّعْلَبُ ريدي، الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ قَيْلُولَةً عَلَى طَرَفِ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ، صَوْتَ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر الْمُخِيفَ؛ فَأَطْرَقَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ ضَحِكَ قَائِلًا: «أُرِيدُ أَنْ أَرْكُضَ جَيِّدًا الْيَوْمَ.» وَهَرْوَلَ عَلَى طُولِ الطَّرِيقِ الصَّغِيرِ الْمُتَعَرِّجِ لِأَسْفَلِ التَّلِّ.
كَانَ الْيَوْمُ صَيْفِيًّا جَمِيلًا، وَيَعْلَمُ ريدي أَنَّ الرِّجَالَ وَالْفِتْيَةَ نَادِرًا مَا يُطَارِدُونَ الثَّعَالِبَ فِي هَذَا الْوَقْتِ؛ فَقَالَ ريدي لِنَفْسِهِ: «إِنَّهُ كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر فَقَطْ، وَعِنْدَمَا أَحْصُلُ عَلَى جَوْلَتِي فِي الرَّكْضِ سَأَقُومُ بِحِيلَةٍ حَتَّى يَفْقِدَ أَثَرِي.» لَمْ يَسْتَخْدِمْ ريدي عَيْنَيْهِ كَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ؛ فَقَدْ كَانَ يَظُنُّ نَفْسَهُ ذَكِيًّا لِدَرَجَةِ أَنَّهُ أَصْبَحَ مُهْمِلًا. بِالتَّأْكِيدِ قَدْ أَصْبَحَ مُهْمِلًا. كَانَ يَنْظُرُ خَلْفَهُ لِيَرَى مَكَانَ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَلَمْ يَنْظُرْ حَوْلَهُ لِيَرَى إِنْ كَانَ هُنَاكَ خَطَرٌ آخَرُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ.
كَانَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ يُحَلِّقُ وَيَدُورُ فِي السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ وَيُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ يَحْدُثُ فِي الْأَسْفَلِ. كَانَ يَرَى الثَّعْلَبَ ريدي وَهُوَ يَرْكُضُ بِمُحَاذَاةِ طَرَفِ الْغَابَةِ وَيَقِفُ بِضْعَ دَقَائِقَ لِيَضْحَكَ وَهُوَ يَسْمَعُ صَوْتَ كَلْبِ الصَّيْدِ باوزر وَهُوَ يُحَاوِلُ الْعُثُورَ عَلَى الْأَثَرِ الَّذِي جَعَلَهُ ريدي صَعْبًا بِسَبَبِ دَوَرَانِهِ الْكَثِيرِ. كَمَا كَانَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ يَرَى شَيْئًا آخَرَ؛ يَبْدُو وَكَأَنَّهُ بُنْدُقِيَّةٌ تَبْرُزُ هُنَاكَ مِنْ خَلْفِ شَجَرَةٍ عَجُوزٍ أَمَامَ ريدي.
قَالَ الصَّقْرُ ميستاه الْعَجُوزُ: «يَبْدُو الْأَمْرُ كَمَا تَوَقَّعْتُ تَمَامًا؛ سَيُوَاجِهُ الثَّعْلَبُ ريدي الْمَشَاكِلَ قَرِيبًا جِدًّا.»