الفصل الرابع

الاحترار العالمي

تغيَّر فهمنا المشترك لكيفية تأثير استخدامنا للطاقة على البيئة تغيرًا كبيرًا على مدى العقود القليلة الماضية. وحتى قبل إنشاء وكالة حماية البيئة في عهد إدارة نيكسون، كان من المسلَّم به أن الروائح والجسيمات المرئية في الجو فوق المدن الكبيرة في الولايات المتحدة لها آثار ضارة على الصحة العامة، وكان ظهور البنزين الخالي من الرصاص اعترافًا بالمخاطر الناجمة عن حرق البنزين الذي يحتوي على رابع إيثيل الرصاص. باختصار، تقبَّلَ وعيُنا الجمعي، بطريقة أو بأخرى، فكرةَ أن الضباب الدخاني وتلوث الهواء مزعجان، وفي بعض الأحيان ضارَّان، وأنه يلزم اتخاذ إجراءات للحد من مخاطرهما.

وردًّا على هذا الإقرار، صَنَّفتْ وكالةُ حماية البيئة الملوثاتِ المختلفةَ إلى فئات محددة تظهر في الجدول ٤-١، ووَضعت معايير لكلٍّ من ملوثات الهواء؛ فحَددت التركيزات القصوى لكلٍّ مِن الملوثات من أجل إبقاء المخاطر الصحية عند مستويات مقبولة. لا يُلتزم دائمًا بالحدود المعينة التي حددتها وكالة حماية البيئة، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه بمرور الوقت تتجه الحدود القصوى للتركيزات التي فرضتها وكالة حماية البيئة إلى الانخفاض كلما توفرت معلومات أفضل عن درجة كل خطر. على سبيل المثال، تحدد الحد المسموح به للأوزون عند سطح الأرض ليكون ٠٫٠٨٤ جزء في المليون في عام ١٩٩٧ إبَّان إدارة كلينتون. وخلال فترة رئاسة بوش اللاحقة أصبح المستوى المعياري ٠٫٠٧٥ جزء في المليون، ويسعى مقترح وكالة حماية البيئة الجديد1 المقدَّم في عام ٢٠١٠ للحد من الأوزون إلى جعل الحد المسموح به للأوزون ٠٫٠٦-٠٫٠٧ جزء في المليون على مراحل على مدى عقدين من الزمن. برغم الإقرار بالتحسينات الإيجابية، فإن هذه التحسينات تتباين تباينًا كبيرًا؛ لأن كل مادة ملوِّثة لها مصادرها الخاصة وتُزال من الجو من خلال آلية مختلفة.
جدول ٤-١: معايير وكالة حماية البيئة لملوثات الهواء.
المادة الملوِّثة المصدر الأساسي
أول أكسيد الكربون (CO) الاحتراق غير الكامل
أكسيد النيتريك (NO) يتكون في المحركات والأفران
ثاني أكسيد الكبريت (SO2) ينتج من احتراق الفحم
جسيمات بي إم-١٠ السخام الذي يتكون في محركات الديزل والحرائق
الرصاص ينتج من البنزين المحتوي على الرصاص وتقشير الطلاء
الأوزون (O3) يتكون في الهواء من أكسيد النيتريك والهيدروكربونات

كان العمل الأكثر نجاحًا في الاستجابة لتوقعات وكالة حماية البيئة هو الحد من الرصاص في الهواء، من خلال إلغاء استخدام رابع إيثيل الرصاص كمادة مضافة إلى البنزين. وتحقَّق مزيد من التحسن في جودة الهواء عن طريق إدخال محولات حفازة في أنابيب عوادم السيارات، فضلًا عن إضافة مواد منظِّفة للنفايات السائلة من محطات الطاقة. خفَّضت هذه التغييرات معًا انبعاثاتِ أكسيد النيتريك وثاني أكسيد الكبريت. يشكِّل هذان الملوثان قطيرات حمضية في الغلاف الجوي يمكن تصنيفها كأمطار حمضية عندما تهطل على السطح كجزء من التساقط العادي. أما الأوزون — أحد أكثر مكونات الهواء إزعاجًا على نحو مباشر — فلا ينبعث على هذا النحو، بل يتكون في الهواء عن طريق التفاعلات الكيميائية الثانوية لأكسيد النيتريك والهيدروكربونات. ووفقًا لذلك، يمكن تخفيف آثاره عن طريق خفض تركيزات سلائفه. تجدر الإشارة إلى أنه مع أن المواد الساقطة مثل المطر الحمضي تؤثِّر في بعض الأحيان على مستجمعات أمطار أكبر، فإن الآثار الأشد من معظم الملوثات عادة ما تكون محلية، داخل وحول مدن بعينها، ولا تكون عالمية أبدًا.

مشكلات تلوث الهواء تلك لا تزال تلازمنا، ولكن إضافة إلى ذلك نواجه الآن مشكلة يحتمل أن تكون أكثر خطورةً؛ مشكلة الاحترار العالمي. فهذا الشاغل الجديد له تأثيرات بعيدة المدى من ناحيتين؛ الناحية الأولى: سيؤثِّر على الجميع تقريبًا في كل مكان على وجه الأرض. والناحية الثانية: من المتوقع أن تكون آثاره كارثية في بعض الأماكن على الأقل، وبمجرد أن تحدث، لا يمكن علاج تأثيرها فعليًّا في فترة حياة الإنسان. علاوة على ذلك، كما أشار ألدي وستافينز وكثيرون غيرهما، فإن التعامل مع الاحترار العالمي وتغيُّر المناخ هو في نهاية المطاف مشكلة مشاعات عالمية؛ وذلك لأن الغازات تبقى في الغلاف الجوي لعقود، وتمتزج بشكل متساوٍ في الغلاف الجوي العلوي؛ «لذا لا تتقيد الأضرار بموقع الانبعاثات.»2 وإذا كانت هذه الاحتمالات غير مخيفة بما فيه الكفاية، فإن الإصلاحات التي يجري دراستها تدعو إلى تغييرات كبيرة في أنماط حياتنا الحالية، تغييرات لا تتحقق بسهولة عندما يُعرف أن الضرر لن يحدث إلا في وقت ومكان بعيدين عنا.

وإقرارًا بهذه الاعتبارات الواسعة النطاق، وسَّعت وكالة حماية البيئة من نطاق عملها بشأن ما يحدد بأنه انبعاثات غير مقبولة، وفي عام ٢٠٠٩ اقترحت الوكالة فرضَ حدودٍ على مستوى البلد بأسرها بشأن الانبعاثات الناتجة من محطات الطاقة ومعامل التكرير وغيرها من المنشآت الكبيرة على قدر مساهمتها في الاحترار العالمي. وسوف يلقي هذا الفصل الضوء على تفاصيل هذه الشواغل والحجج المساقة، ويبدأ في الأخذ في الاعتبار إطار عمل يمكن فيه التماس بعض الحلول.

(١) درجة حرارة الكوكب

منذ زمن سحيق، قبل أن تنشأ أيُّ حياة حيوانية على كوكبنا بوقت طويل، كانت الشمس تسخن كوكب الأرض، وحتى الآن — باستثناء بعض الارتفاعات والانخفاضات على مر الزمن — استقرت درجة الحرارة. من الواضح أنه توجد عملية تعويضية تسمح بفقد الحرارة المجمعة، ولولا ذلك لكانت درجة الحرارة قد ارتفعت لمستويات لن تدعم حياة الإنسان. كيف يحدث انتقال الطاقة إذن؟

إن تذكرَ أن نصف كوكبنا فقط في نهار في حين أن الجانب الآخر في ليل يوضح أن أشعة الشمس الواردة كلها ترفع درجة حرارة نصف واحد فحسب في وقت واحد؛ والجانب الآخر لا تصله أيُّ أشعة ويمكن أن يكون بمنزلة مصدر لإخراج الإشعاع إلى الفضاء. وعلى نحو عام، هاتان الطاقتان متوازنتان؛ إذ يجب أن تكون الطاقة الواردة والطاقة الخارجة متساويتين لتحقيق الاستقرار في درجة حرارة الكوكب. ومقدار الطاقتين معروف: عمومًا، تبلغ الطاقة التي تصل إلى كوكبنا من الشمس ١٣٥٣ واط لكل متر مربع (واط/م٢)، ولكن ينعكس حوالي ثلث هذا الإشعاع مرة أخرى عن طريق السُّحُب وغيرها من الأسطح؛ ما يجعل متوسط درجة حرارة الكوكب −١٨ درجة مئوية = ١ درجة فهرنهايت. وهذا يعني أنه إذا كان يُنظر لعالمنا من الفضاء من مكان بعيد جدًّا، فإنه سيبدو باردًا على نحو غير مريح؛ إذ تبلغ حرارته أقل بكثير من نقطة تجمد المياه. هذه النتيجة تختلف كثيرًا عمَّا نعايشه يوميًّا؛ مما يقتضي تفسيرًا.

إننا محظوظون للغاية على الأرض بامتلاك غلاف جوي واقٍ يوفر للمكان الذي نعيش فيه متوسط درجة حرارة سطح يبلغ حوالي ١٥ درجة مئوية (٥٨ درجة فهرنهايت) وهي درجة أعلى بكثير من متوسط درجة حرارة الغلاف الجوي، وهو النطاق الذي يكون فيه الماء في حالة سائلة. بالطبع لا يزال يوجد تباين كبير في درجات الحرارة تبعًا للموقع والوقت من اليوم والوقت من السنة والطقس، ولكن متوسط درجة الحرارة على السطح أعلى بكثير من متوسط درجة حرارة الغلاف الجوي ككلٍّ.

لِفهْم كيف يكون غلافنا الجوي وقائيًّا، فمن الضروري أولًا أن نتذكر أنه إضافةً إلى ضوء الشمس المرئي، يشمل إشعاعُ الشمس مكوناتٍ غير مرئية (تُسمَّى الأشعة فوق البنفسجية) وهي مشبعة بالطاقة للغاية، لدرجة أنه لا يمكن لأعيننا رصدها. والهواء شفاف بالنسبة للأشعة المرئية والأشعة فوق البنفسجية؛ أيْ إنها تخترق الغلاف الجوي وتصل إلى الأرض وترفع درجة حرارة السطح. وعندما يشع السطح الحرارة إلى الخارج، أثناء مرحلة التبريد من دورة اليوم، فإنه يفعل ذلك في صورة موجات حرارة (تُسمَّى الأشعة تحت الحمراء)؛ ولكن موجات الحرارة ذات الطول الموجي الأطول يمتصها عدد من عناصر الغلاف الجوي، لا سيما بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والأوزون وأكسيد النيتروز والميثان. وكما هو موضح في الشكل ٤-١ تُنتِج هذه العملية غطاءً حول كوكبنا، وهو ما يشبه في كثير من النواحي التدفئة في الدفيئة، وأصبح يُطلَق على هذه المكونات «غازات الدفيئة».
fig10
شكل ٤-١: تأثير الدفيئة (المصدر: الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي، قسم علم المناخ القديم http://www.ncdc.noaa.gov/paleo/globalwarming/what.html). (١) يمر بعض الإشعاع الشمسي عبر الغلاف الجوي ويرفع درجة حرارة سطح الأرض. (٢) ينعكس بعض من الإشعاع الشمسي إلى الفضاء مرة أخرى. (٣) تنبعث الأشعة تحت الحمراء (موجات الحرارة) من سطح الأرض الساخن نحو الفضاء. (٤) بعض الأشعة تحت الحمراء يمر عبر الغلاف الجوي، وبعضها تمتصه غازات الدفيئة. (٥) يعاد إرسال بعض من الطاقة التي تمتصها غازات الدفيئة إلى الأرض مرة أخرى وترفع درجة حرارة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي والسطح (المصدر: الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي، قسم علم المناخ القديم).

(٢) غازات الدفيئة

من اللطيف جدًّا أن نعيش في مكان دافئ. إذا كانت غازات الدفيئة تبقينا دافئين وتحمينا ممَّا يمكن أن يكون بردًا مهلكًا في حالة عدم وجودها، فلماذا نخشاها؟ إنها مسألة امتلاك الكثير للغاية من شيء جيد، ونخشى التبعات الوخيمة لارتفاع درجة الحرارة المفرط. والتأثير النسبي لكل غاز من غازات الدفيئة يعتمد على كلٍّ من تركيزه في الغلاف الجوي وقدرته على امتصاص الأشعة تحت الحمراء.

يُعتبَر الماء في صورة بخار في الهواء مساهمًا رئيسيًّا في تأثير الدفيئة، ولكن الماء موجود أيضًا في الغلاف الجوي في شكل قطيرات سائلة تشكل السُّحُب. وعلى النقيض من رفع درجة الحرارة الذي يخلفه تأثير الدفيئة، يمكن للغطاء السحابي أن يُحدِث تأثيرًا معاكسًا من خلال توفير سطح عاكس لأشعة الشمس الواردة؛ ومن ثَم يكون التأثير الكلي للمياه هو مزيجًا من التدفئة والتبريد يختلف في الزمان والمكان مع تغيُّر التساقط والرطوبة. ولما كانت هذه التغييرات خاضعة للطقس، فإن تأثيرها خارج عن سيطرتنا إلى حدٍّ كبير، وقد قُدِّمت اقتراحات مؤخرًا بأنه قد يكون من الممكن تغيير الغطاء السحابي على نحوٍ بنَّاء. وسوف نناقش إمكانيات هذه الهندسة الجيولوجية في فصل لاحق.

الأوزون غاز من غازات الدفيئة ومنافس مهم لثاني أكسيد الكربون، وهو موجود في الغلاف الجوي على ارتفاعات منخفضة وكذلك ارتفاعات عالية جدًّا. ويتكون على ارتفاعات عالية (في طبقة ستراتوسفير) من الأكسجين العادي من خلال التعرض للأشعة فوق البنفسجية من الشمس، ويعمل بمنزلة مرشح للأشعة يحمي الحياة على سطح كوكبنا. وكان من المسلَّم به من كثيرين في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين أن هذا الدور الوقائي يتعرض للخطر؛ لأن الأوزون كان يتعرض للإزالة من خلال التفاعل الكيميائي مع مركبات الكلوروفلوروكربون التي يطلقها العديد من التدخلات البشرية، وعُقد مؤتمر في مونتريال في عام ١٩٨٧، وتم الاتفاق على بروتوكول لعلاج المشكلة عن طريق تقليل إنتاج مركبات الكلوروفلوروكربون وإحلال مركبات أقل ضررًا محله للاستخدام في التبريد وتكييف الهواء ومعالجة الفوم والعبوات المضغوطة. كانت استجابة قطاع الصناعة سريعة وفاعلة؛ فجرى توليف عائلة جديدة من المواد الكيميائية وخضعت للاختبار وبيعت لتحل محل مركبات الكلوروفلوروكربون الضارة، ويُطلَق على المركبات الجديدة اسم مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون للإشارة إلى وضع ذرات الهيدروجين بدلًا من بعض ذرات الهالوجين في مركبات الكلوروفلوروكربون. ويعد نجاح بروتوكول مونتريال وتعديلاته في عام ١٩٩٢ علامة مميزة للطريقة التي يمكن بها لاتفاق دولي أن يعمل لمصلحة الجميع.

ويتكون الأوزون أيضًا من التفاعلات الكيميائية التي تتضمن أكسيد النيتريك والهيدروكربونات على ارتفاعات منخفضة حيث نعيش (في طبقة من الغلاف الجوي تُسمَّى تروبوسفير)، وهو أحد الملوثات التي سعت وكالة حماية البيئة منذ فترة طويلة للسيطرة عليها؛ لأنه ضار على نحو خاص في المدن الكبيرة؛ حيث توفر الكثافة المرورية الهيدروكربونات المتفاعلة في عوادم السيارات والحافلات. وعلى الرغم من أن الأوزون غاز دفيئة قوي، فإنه متفاعل كيميائيًّا ويعيش لفترة قصيرة نسبيًّا في طبقة تروبوسفير، وإذا لم يُستبدل بانتظام، فإنه سيختفي تلقائيًّا من الجو في غضون أيام إلى أسابيع، ولا يمكن أن يمثِّل تهديدًا طويل المدى.

إضافة إلى بخار الماء والأوزون، ثمة عدد من الغازات الأخرى في الغلاف الجوي التي تُوصَف بأنها غازات دفيئة، وتوجد بمستويات تركيز قد تغيَّرَتْ ولا تزال تتغير بسبب تدخل الإنسان. وأشهر هذه الغازات هو ثاني أكسيد الكربون (الصيغة الكيميائية: CO2)، والذي نزيده كل يوم عن طريق حرق الوقود الحفري بكميات كبيرة. والوعيُ المتزايد بعبء ثاني أكسيد الكربون وضَعَ هذا الغازَ في بؤرة التركيز بصفته الجاني الرئيس، وصيغت مصطلحات مختلفة لوصف تأثيره. وعندما نتحدث عن «انبعاثات الكربون» أو «بصمة الكربون» أو «الاقتصاد القائم على الكربون»، أو «تراخيص الكربون»؛ فإننا نعني في كل حالةٍ الإشارةَ إلى غاز ثاني أكسيد الكربون.
جدول ٤-٢: تركيزات غازات الدفيئة في عام ٢٠٠٥ وفترة بقائها في الغلاف الجوي.
الغاز التركيز في الغلاف الجوي (جزء في المليون) فترة بقائها في الغلاف الجوي قبل أن يتقلص التركيز إلى الثلث
ثاني أكسيد الكربون (CO2) ٣٧٩ قرن
الميثان (CH4) ١٫٨ عقد
أكسيد النيتروز (N2O) ٠٫٣ قرن
مركبات الكلوروفلوروكربون تركيزات متعددة منخفضة للغاية سنوات إلى قرون
مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون تركيزات متعددة منخفضة للغاية سنوات إلى قرون
في حين أنه تم إيلاء اهتمام أقل لبعض غازات الدفيئة الأخرى، فإنها يمكن أن تتسبب في تأثيرات كبيرة على المناخ. والغازات الأكثر إثارةً للقلق مذكورة في الجدول ٤-٢ جنبًا إلى جنب مع تركيزاتها الحالية والفترة المقدرة لبقائها في الغلاف الجوي. وهذا المعلومة الأخيرة من الأهمية بمكان؛ لأنها تخبرنا إن كانت تصرفاتنا سوف تؤثر على حياة أطفالنا وأحفادنا أم لا. وجميع الغازات المذكورة في القائمة طويلةُ الوجود للغاية في الغلاف الجوي مع إمكانية استثناء غاز الميثان؛ الغاز الوحيد الذي يقاس عمره المتوقع بالعقود.
وتُعتبَر أيضًا المبردات من مركبات الكلوروفلوروكربون من غازات الدفيئة القوية، ولكن كما ذُكِر سابقًا، اتخذت بالفعل خطوات في السنوات الأخيرة من أجل القضاء على آثارها عن طريق إحلال سوائل تشغيل أقل ضررًا في الثلاجات ومكيفات الهواء، ومن خلال جمع المواد الكيميائية المتخلفة لإعادة تدويرها أو تدميرها. تستمر بعض المركَّبات في هذه العائلة على مدى سنوات طويلة، والبعض الآخر يعيش فترة قصيرة جدًّا، وتتراوح الأرقام بين الحد الأدنى البالغ ٤٥ عامًا (بالنسبة لغاز CFC-11) والحد الأقصى البالغ ١٧٠٠ عام (بالنسبة لغاز CFC-115). لحسن الحظ، تركيزات هذه المركبات في الهواء منخفضة للغاية؛ عادة حوالي واحد في الألف فحسب من تركيز ثاني أكسيد الكربون. أما مجموعة الهيدروكلوروفلوروكربون فهي أقل إثارةً للقلق؛ لأن تركيزها لا يزال أقل في الهواء، وهي أقل ضررًا كغاز دفيئة ممكن.
يوجد غاز الميثان في الهواء بسبب مجموعة متنوعة من المصادر. تأتي النسبة الأكبر من غاز الميثان من حيوانات المزرعة المجترة (الأبقار والأغنام وجاموس الماء) عن طريق التخمر المعوي الذي يحدث في أجهزتها الهضمية. تُعزى ثاني أكبر مساهمة في انبعاثات الميثان إلى الممارسات الخدمية السيئة في إنتاج ونقل الوقود الحفري، لا سيما الغاز الطبيعي والنفط. وتركز جهود المحافظة على البيئة في الآونة الأخيرة على هذه المسألة استجابةً لمعلوماتٍ أصدرتها وكالةُ حماية البيئة تقدِّر أنه تتسرب ٣ تريليونات قدم مكعب من غاز الميثان إلى الهواء كل عام من صناعة النفط والغاز.3 وكما هو مبين في الشكل ٤-٢، الجناة الرئيسيون هم روسيا والولايات المتحدة، ويليهما أوكرانيا والمكسيك وإيران. ونفى محتكرو الغاز الحكومي الروس هذه الأرقام، ولم يعترفوا إلا برقم يبلغ نصف ذاك الرقم فحسب؛ ومن ناحية أخرى، أشارت مراجعة وكالة حماية البيئة إلى أن جميع هذه الأرقام قد تكون منخفضة أكثر من اللازم. وتَنتُج انبعاثات الميثان الأخرى من زراعة الأرز وإنتاج الفحم والتخلص من مياه الصرف ومقالب القمامة والحرق المنزلي للوقود الحيوي.
fig11
شكل ٤-٢: انبعاثات غاز الميثان من صناعات النفط والغاز لعام ٢٠٠٦.

إلا أنه ثمة مصادر أخرى محتملة لغاز الميثان يصعب حصرها الآن، ولكن من الممكن أن تكون كبيرة جدًّا، وتوجد رواسب الميثان هذه في طبقات من الجليد الدائم مرتبطة بشكل ضعيف في صورة هيدرات في أماكن عميقة تحت المحيطات الباردة، وتبقى محتجزة في مكانها ما دام محيطها باردًا بما فيه الكفاية، ولكن يتمكَّن غاز الميثان من الهرب إلى الهواء إذا ارتفعت درجات الحرارة بشكل ملحوظ. يوجد خطر حدوث تأثير متعاظم في هذه الحالة؛ وذلك لأنه عندما يدخل غاز الميثان المتحرر حديثًا الغلاف الجوي بسبب الاحترار العالمي، فإنه سيسبب مزيدًا من الاحترار، وهذا في الواقع حلقة رد فعل إيجابي تغذي نفسها. ولا يُعرف مدى خطر ذلك وحساسيته على درجات الحرارة العالمية في هذا الوقت.

الغاز التالي مباشرة في غازات الدفيئة هو أكسيد النيتروز (الصيغة الكيميائية: N2O، كما تشيع تسميته بغاز الضحك). كان يُطلَق نحو ٢٦ مليون طن من هذا الغاز في الهواء كل عام خلال تسعينيات القرن العشرين على مستوى العالم، وكان ما يقرب من ثلث هذه الكمية بشريَّ المنشأ في الأصل، وتأتي هذه المساهمة البشرية على نحو رئيسي من تسميد التربة والاحتراق والعمليات الصناعية. وبسبب تركيزه المنخفض جدًّا في الهواء، فإن تأثير هذه الانبعاثات على الاحترار العالمي في هذا الوقت ضئيل نسبيًّا، ولكن انبعاثات أكسيد النيتروز تتزايد بمعدل يقدر أن يكون في نطاق ٠٫٢-٠٫٣٪ كل عام.4 وعلاوة على ذلك، يُستبعَد هذا الغاز من الجو ببطء شديد جدًّا، وفقدان نصف تركيزه يتطلب حوالي قرن، وبسبب ذلك ربما يكون التأثير المتراكم مزعجًا إذا استمر معدل الانبعاثات في النمو خلال القرن الحادي والعشرين.
وبالنظر إلى كل هذه الاعتبارات، لا يزال ثاني أكسيد الكربون محط الاهتمام. ولأن ثاني أكسيد الكربون هو العامل الرئيسي في الاحترار العالمي، فمن المهم جدًّا فحص الأرقام المسجَّلَة لمعرفة إن كان تركيزه في الغلاف الجوي تغيَّر في السنوات الأخيرة أم لا. وتتوفر البيانات الموثوق فيها عن هذا الأمر منذ عام ١٩٥٨. وعند التمثيل البياني يشار إليها أحيانًا باسم منحنى كيلينج؛5 تكريمًا للكيميائي الذي طوَّر تقنيات القياس. وكما هو موضح في الشكل ٤-٣، ازداد التركيز بنحو ٢٠٪ على مدى نصف القرن الماضي، ليصل إلى مستوى ٣٧٩ جزءًا في المليون في عام ٢٠٠٥، ويستمر في الارتفاع بمعدل حوالي جزأين في المليون سنويًّا. وتتسبَّب التغيرات الموسمية في كل عام في التقلبات الدورية في التركيزات؛ حيث تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون خلال فترة نموها، وعندما يحل فصل الشتاء يُحرق المزيد من الوقود في الأفران لدعم الفترات الأطول لاستعمال التدفئة.
fig12
شكل ٤-٣: قياسات غاز ثاني أكسيد الكربون بين عامَيْ ١٩٥٨–٢٠٠٧ (المصدر: المتوسط الشهري لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في مرصد مونا لوا في هاواي، رسم بياني من إعداد هوجو أهلينيوس، برنامج الأمم المتحدة للبيئة/قاعدة بيانات الموارد العالمية-أريندال).
fig13
شكل ٤-٤: درجات الحرارة العالمية من عام ١٨٨٠ حتى ٢٠٠٥ (المصدر: تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تغير المناخ في عام ٢٠٠٧: قاعدة العلوم الفيزيائية).
وعلاوة على ذلك، توجد أدلة واضحة على أن الكوكب يزداد حرارة، على الرغم من التقلبات المناخية التي تحدث على كثير من الفترات الزمنية القصيرة. وتؤكد الأرقام المسجلة منذ منتصف القرن التاسع عشر6 — المبينة في الشكل ٤-٤ — الزيادة الحادة في متوسط درجات الحرارة العالمية التي حدثت بعد بداية الثورة الصناعية، وهي الفترة التي زاد فيها حرق الوقود الحفري على نحو مطرد. وصدرت بيانات قياس درجات حرارة السطح من مجموعة كبيرة من المحطات الأرضية والبحرية، عُرِضَتْ هنا مع اعتبار مستوى الصفر هو متوسط درجة الحرارة بين عامي ١٩٦١ و١٩٩٠. بينما تظهر الزيادة في المسح الأول صغيرة نسبيًّا، حوالي ٠٫٨ درجة مئوية (١٫٤ درجة فهرنهايت)، فإن هذا التغيير كبير على الصعيد العالمي ونذير بتغيرات أكبر في المستقبل. وتجدر الإشارة إلى وجود الكثير من التقلبات العشوائية في الأرقام المسجلة على مدار أيِّ فترة زمنية قصيرة؛ وذلك لأن دورات ارتفاع درجة حرارة المحيطات وانخفاضها تسبب تقلبات سنوية كبيرة بالمقارنة بالتغييرات الطويلة المدى. تظهر اتجاهات واضحة عند حساب متوسط البيانات على مدار فترات من ٥–١٠ سنوات. فعلى سبيل المثال، أشار تقييم قياسات درجة حرارة السطح الصادر عن الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)7 أن العقد من ٢٠٠٠ حتى ٢٠٠٩ هو الأشد سخونةً حسب الأرقام المسجلة، وأظهرت بياناتها التي تغطي السنوات الثلاثين الماضية اتجاهًا نحو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار ٠٫٢ درجة مئوية (٠٫٤ درجة فهرنهايت) في العقد الواحد.
يعتقد أن الزيادات في درجات الحرارة في بعض القطاعات الجغرافية ترتبط بالجفاف وذوبان الجليد والأعاصير والهجرات السكانية وغيرها من الكوارث البيئية والبشرية. والأدلة على ذوبان الجليد قوية، والأحداث المرتبطة مثل الأعاصير مع ارتفاع درجة حرارة المحيط تشير بقوة لهذا، ولكن لم يتفق بعدُ جميعُ الخبراء في هذه المجالات اتفاقًا تامًّا على ذلك. يتوقع نموذج الإعصار الأحدث الأكثر تفصيلًا لمنطقة المحيط الأطلسي أنه سيوجد المزيد من الأعاصير الأشد قوةً، مع أن العدد الإجمالي للعواصف سيكون أقل.8 ويتسبب الجفاف والفيضانات في مختلف أجزاء العالم في هجرات بشرية ضخمة، ولكن حتى الآن لم تُنسَب مباشرةً إلى الاحترار العالمي. ومع ذلك، إذا كانت هذه العلاقات حقيقية، فسوف ندفع ثمنًا باهظًا حقًّا في المستقبل لتجاهلها اليوم.
بما أن مواقع إنتاج ثاني أكسيد الكربون ترتبط بشكل وثيق للغاية باحتراق الوقود الحفري، فإنها ليست موزعة بانتظام حول العالم. تظهر بيانات وزارة الطاقة الأمريكية9 لعام ٢٠٠٦ أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الصين تمثِّل ٢٩٪ من الإجمالي العالمي؛ النسبة التي تتجاوز بالكاد مثيلتها في الولايات المتحدة، ولكن النمو الاستثنائي للتصنيع في الصين تسبَّبَ في طلب على الطاقة يفوق كل الدول الأخرى، ويبدو أنه بحلول عام ٢٠٠٨ كانت الصين في المركز الأول على مستوى العالم على نحو واضح، وفي عام ٢٠٠٦ كانت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بنسبة بلغت حوالي ٢٨٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتبعتها روسيا والهند واليابان، كما هو مبين في الشكل ٤-٥. ولأن بلدين فحسب مسئولتان عن جزء كبير من إجمالي الانبعاثات، شعر كثيرون أنه لن تنجح أيُّ اتفاقيات دولية تهدف إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون دون اتفاق بين العملاقين، الولايات المتحدة والصين. وعلى حدِّ تعبير أحد المفاوضين الأمريكيين في مجال المناخ:10 «بالتأكيد لن يكون ممكنًا عقد أيِّ اتفاق إذا لم نجد سبيلًا للمضي قدمًا مع الصين.» إذن، ما هي الصعوبات؟
fig14
شكل ٤-٥: النسبة المئوية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون حسب البلد، لعام ٢٠٠٦ (المصدر: وزارة الطاقة الأمريكية، إدارة معلومات الطاقة، الاستعراض السنوي للطاقة لعام ٢٠٠٨).
تظهر العراقيل أمام أيِّ اتفاق بشأن السيطرة على الانبعاثات قبل كل شيء؛ من المخاوف من أن أيَّ قيود على استخدام الطاقة سوف تتعارض مع التنمية والنمو الاقتصاديين. وفي المفاوضات الثنائية بين العملاقين، تستند الحجج التي يقدِّمها كلا الجانبين على مجموعة متنوعة من وجهات النظر التي ادعى مؤيدو كلٍّ منها أنها منصفة، منها: (١) بما أن الصين دخلت النمو الصناعي متأخرة، فإنها ترغب في الحرية التي تمتعت بها الولايات المتحدة خلال القرن والنصف قرن الماضيين. (٢) ينبعث من الصين أربعة أضعاف ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الولايات المتحدة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي. (٣) الانبعاثات الصينية أقل لكل نسمة من انبعاثات الولايات المتحدة التي بها عدد سكان أقل. (٤) تزداد انبعاثات الصين بوتيرة أسرع من أيِّ دولة كبرى أخرى. (٥) معظم ثاني أكسيد الكربون الذي دخل بالفعل في الغلاف الجوي جاء من سلوك الدول الغنية اليوم في الماضي، وليس من الصين. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه العقبات الهائلة في المفاوضات، يوجد اتفاق من جميع الجوانب على أنه يجب القيام بشيء للحد من الآثار البعيدة المدى، وأنه توجد ضرورة للتعهد بأن الانبعاثات في المستقبل ستكون «قابلة للقياس وقابلة للتحقق منها وقابلة للإبلاغ عنها». تقدِّر إحدى الدراسات التي أجراها معهد أبحاث الطاقة الكهربائية11 أنه بغياب الضوابط الجديدة، فإن الاتجاه الحالي من شأنه أن يؤدي إلى الوصول إلى مستوًى من ثاني أكسيد الكربون في الجو يصل إلى ٤٥٠ جزءًا في المليون بحلول عام ٢٠٧٠.

(٣) هل الاحترار العالمي خطؤنا؟

ما حقائق الاحترار العالمي التي يمكن أن نذكرها على وجه اليقين؟ أولًا: ثاني أكسيد الكربون بالتأكيد أحد غازات الدفيئة، وقد زاد تركيزه في الغلاف الجوي زيادة كبيرة على مدى عقود طوال. ونظرًا لأن توقيت الزيادة يتوافق بشكل وثيق مع النمو الصناعي الذي أدى إلى زيادات هائلة في حرق الوقود الحفري، فمن المعقول أن نعزو معظم الزيادة في التركيز لهذا التغيير. لوضع كل هذا في منظور أطول زمنًا، ينبغي القول إن علماء الجيولوجيا قد أثبتوا عن طريق أخذ عينات من مخلفات العصور الغابرة أن هذا الكوكب قد مرَّ بارتفاعات وانخفاضات في درجة الحرارة قبل أن يكون للبشر أيُّ إسهام بفترة طويلة، ومن العدل أن نسأل عن قدر تسبُّب المساهمات البشرية (السلوك البشري) في التغير في الآونة الأخيرة.

توجد إجابة هذا السؤال في تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة حكومية دولية علمية أسَّستها في عام ١٩٨٨ الأممُ المتحدة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وفي تقريرها التقييمي الرابع12 بعنوان «تغير المناخ في عام ٢٠٠٧»، خلصت الهيئة إلى أن: «معظم الزيادة الملحوظة في متوسط درجات الحرارة العالمية منذ منتصف القرن العشرين ينجم «في أغلب الظن» عن الزيادة الملحوظة في تركيز غازات الدفيئة البشرية المنشأ.» وتُعرَّف عبارة «في أغلب الظن» في التقرير على أنها تعني أن حكم الخبراء قيَّم الاحتمال بأنه أكثر من ٩٠٪. ويمثِّل هذا التقرير إجماعًا في الرأي بين مئات من الكتاب والمحررين، وخضع لمراجعة أكثر من ٦٢٠ من الخبراء والحكومات. وتستند نتائج الهيئة إلى مجموعة متنوعة من القياسات العلمية التي تشمل ذوبان الأنهار الجليدية في أجزاء كثيرة من العالم، وارتفاع درجة حرارة المحيطات، وانحسار الجليد البحري، فضلًا عن درجات الحرارة في الغلاف الجوي وسطح الأرض. وتتفق دراسة أجرتها الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم مع نتائج الهيئة، وأشار بيان الجمعية الفيزيائية الأمريكية لعام ٢٠٠٧ بشأن الاحترار العالمي إلى أن الاحترار «لا يمكن إنكاره»، ويمكن أن يؤدي إلى اضطرابات بيئية واجتماعية كبيرة. وثمة ملخص ممتاز للوضع التاريخي والوضع الحالي لهذه المسألة كان موضوع خطاب جيمس جيه مكارثي في عام ٢٠٠٩ أمام الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، بوصفه رئيسًا لها.13
وأعرب أيضًا جون هولدرن، وهو المستشار العلمي للرئيس أوباما، مؤخرًا14 عن تأييده لنتائج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وقد نُقِل عنه قوله: «إن أيَّ نظرة شاملة وحديثة إلى حدٍّ معقول على الأدلة توضِّح أن الحضارة قد أنتجت بالفعل تدخلات بشرية خطيرة في النظام المناخي.» وقال أمام إحدى جلسات الكونجرس حول هذا الموضوع:15 «يتغيَّر المناخ العالمي بطرق غير تقليدية جدًّا مقارنةً بالتقلبات الطبيعية المعروفة والمتوقَّعة منذ فترة طويلة.» وبحلول عام ٢٠٠٩ — أيْ بعد عامين من صدور التقرير الأخير من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ — تحقَّقتْ توقعاتُ الهيئة لأسوأ سيناريو. وقال الرئيس المشارك لمؤتمر كوبنهاجن المعني بالتغيرات المناخية16 في مارس من عام ٢٠٠٩ للوفود: «الانبعاثات ترتفع على نحو جنوني، والتقديرات بارتفاع مستوى سطح البحر أعلى مما كان متوقعًا، والتأثيرات المناخية في جميع أنحاء العالم تظهر بتواتر متزايد.»

يوجد توافق بين الغالبية العظمى من المجتمع العلمي على أن تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ صحيح إلى حدٍّ كبير. وإن وُجِد تباين في وجهات النظر، فإنه بشأن الفترات الزمنية التي ستستغرقها ارتفاعات درجات حرارة محدَّدة، وبشأن حدة التغيرات العالمية التي ستلي ذلك. وتتوقع أسوأ السيناريوهات حدوث فيضانات وأعاصير وجفاف، يليها اضطرابات اجتماعية نتيجة التحولات السكانية الضخمة.

(٤) مؤشر التأثير الإشعاعي

من أجل بعض الأغراض، من المفيد وجود مقياس لمدى فاعلية أيِّ غاز دفيئة معين في تغيير توازن طاقة الكوكب. وعلى وجه التحديد، ربما نسأل: ما هو الفرق الحالي بين الطاقة التي يحملها الإشعاع الوارد والتي يحملها الإشعاع الصادر؟ وكيف تغير الفرق استجابةً لبعض المحفزات؟ إذا كان هذا التغيير نتيجة لزيادة تركيز أحد غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، يمكننا استخدامه بمنزلة مؤشر للأهمية والتأثير النسبيين لغاز الدفيئة كآلية محتملة لتغير المناخ. ومن أجل هذه المقارنة يستند التغيير المحسوب إلى تاريخ سابق للعصر الصناعي، والاسم الذي يُطلَق على هذا المؤشر هو «التأثير الإشعاعي»، ويُقاس بوحدة الواط لكل متر مربع (واط/م٢). ويتناسب التغير في درجة حرارة السطح المحدثة للتوازن مع مؤشر التأثير الإشعاعي: القيمة الموجبة لمؤشر التأثير الإشعاعي تشير إلى ارتفاع حرارة المناخ، والقيمة السالبة تخبرنا بأننا نسير نحو بيئة أكثر برودةً. وكمثال على تطبيقه، فإن مؤشر التأثير الإشعاعي البالغ ٣٫٧٥ الناتج عن مضاعفة تركيز ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى زيادة درجة حرارة السطح بثلاث درجات مئوية.
جدول ٤-٣: مؤشرات التأثير الإشعاعي لغازات الدفيئة الطويلة العمر لعام ٢٠٠٥.
الغاز التأثير الإشعاعي للغاز (واط/م٢) التأثير الإشعاعي للغاز مقارَنةً بثاني أكسيد الكربون
المجموع ٢٫٦٣
ثاني أكسيد الكربون (CO2) ١٫٦٦ ١
الميثان (CH4) ٠٫٤٨ ٠٫٢٩
أكسيد النيتروز (N2O) ٠٫١٦ ٠٫١٠
إجمالي مركبات الكلوروفلوروكربون ٠٫٢٧ ٠٫١٦
إجمالي مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون ٠٫٠٤ ٠٫٠٢
غازات أخرى ٠٫٠٢ ٠٫٠١
قدَّمَ تقريرُ الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ المذكور أعلاه قائمةً مفصلة لمؤشرات التأثير الإشعاعي لغازات الدفيئة الطويلة الأمد، وترد البيانات في الجدول ٤-٣. وبمقارنة الأرقام يتضح السبب في كون ثاني أكسيد الكربون بؤرة الاهتمام، والسبب في زيادة الدراسات حول الميثان وأكسيد النيتروز. ولا تزال آثار الغازات الخاضعة لبروتوكول مونتريال موجودة. ويتناقص تركيز مركب الكلوروفلوروكربون الرئيسي بنحو ١٪ سنويًّا، ولكن عمره البالغ ١٠٠ سنة يعني أنه سيكون عاملًا في الاحترار العالمي لسنوات قادمة، وهو يقع في المركز الثالث كأهم غازات الدفيئة، كما هو مبين في الجدول ٤-٣. وكذلك مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون التي طُرِحت لتحقيق أهداف اتفاقية مونتريال تقدِّم أيضًا مساهمة ملحوظة في مؤشر التأثير الإشعاعي، ولكن تأثيرها محدود. علاوة على ذلك، عمر مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون الأهم صناعيًّا يبلغ ٢٠ عامًا أو أقل، وستنخفض تركيزاتها ما لم تحدث انبعاثات كبيرة في المستقبل.
جدول ٤-٤: مؤشرات التأثير الإشعاعي للانبعاثات القصيرة العمر والمتوسطة العمر.
المصادر مؤشر التأثير الإشعاعي (واط/م٢) النسبة المئوية
المجموع ٠٫٤٨ ١٠٠
التخمر المعوي ٠٫١٤ ٢٩
إنتاج الغاز ٠٫٠٩ ١٩
زراعة الأرز ٠٫٠٧ ١٥
إنتاج الفحم ٠٫٠٦ ١٣
التخلص من مياه الصرف البشرية ٠٫٠٥ ١٠
مقالب القمامة ٠٫٠٤ ٨
حرق الوقود الحيوي في المنازل ٠٫٠٣ ٦
يشير البند الأخير في الجدول ٤-٣ — «غازات أخرى» — إلى مزيج من المكونات الضئيلة المقدار، لا سيما سادس فلوريد الكبريت (SF6) ورابع فلوريد الكربون (CF4) وسادس فلوريد الإيثان (C2F6). ومع أن تركيزاتها منخفضة، فإن مؤشر التأثير الإشعاعي لهذه المركبات لا يتعدى حوالي ١٪ من قيمة مؤشر التأثير الإشعاعي لثاني أكسيد الكربون؛ ولكن من المهم أن نلاحظ أنها غازات دفيئة قوية ولها أعمار من آلاف السنين، وفي الواقع تقدِّم مساهمةً دائمة لمؤشر التأثير الإشعاعي العام. وهي منتجات رئيسية ومنتجات ثانوية لمعدات توزيع الطاقة وتصنيع الألومنيوم، وقد تزايد تركيزها في الهواء خطيًّا لنحو ٤٠ عامًا.
لأن عمر الميثان في الغلاف الجوي يصل لعقود فحسب، فمن الممكن تصنيفه بأنه متوسط العمر لا طويل العمر. وتبَنَّتْ هذا الرأيَ جاكسون،17 التي استخدمت مؤشر التأثير الإشعاعي على نحو فاعل للغاية للقول بأنه إضافةً إلى المخاوف بشأن التغيرات الطويلة المدى، فإنه يلزم معالجة آثار كل ملوث من الملوثات المتوسطة والقصيرة العمر على المناخ على حدة. فعلى سبيل المثال، من خلال دراسة تقديرات مؤشر التأثير الإشعاعي للانبعاثات القادمة من سبعة مصادر إنتاج رئيسية (في المقام الأول الميثان)، أوضحت أنه يمكن توقع إضافات كبيرة إلى الاحترار العالمي من هذه المدخلات على مدى السنوات العشرين المقبلة، مع أن عمر الميثان في الغلاف الجوي يقاس بالعقود وليس بالقرون. وأشارت جاكسون إلى أن هذه الاتجاهات لم تكن لتُعرف إذا لم يجرِ تتبُّع سوى غازَي ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز الطويلي العمر، وخلصتْ إلى ضرورة الدعوة إلى توقيع معاهدتين منفصلتين لمعالجة هذه الاحتياجات المختلفة. ويوضح الجدول ٤-٤ أحجامَ بعض تقديراتها وتوزيعها. ويتفق إجمالي مؤشر التأثير الإشعاعي البالغ ٠٫٤٨ واط/م٢ مع أرقام غاز الميثان الأخرى.18

(٥) عودة لتلوث الهواء

عندما بدأنا هذا الفصل فرَّقنا بين تلوث الهواء والاحترار العالمي؛ حيث كان الأول محليًّا ومسألةَ صحةٍ عامةٍ في الأساس، في حين كان الثاني عالميًّا ويشكِّل خطرًا أعم وليس على الصحة الشخصية والمجتمعية فحسب. ولكن توجد أدلة دامغة على أن جسيمات الهباء الجوي نفسها وثاني أكسيد الكبريت والأوزون التي تلعب دورًا رئيسيًّا في التأثير على صحة الفرد تؤثِّر أيضًا على توازن إشعاع الأرض، ويمكننا الآن أن نرى أنه يوجد في الواقع أكثر من ارتباط سطحي بين هذين المجالين؛ إذ إن انبعاثات الملوثات في صورة غاز الميثان وأكسيد النيتروز وأكسيد النيتريك والكربون الأسود (السخام) ومركبات الكلوروفلوروكربون تشارك جميعها في عملية تغيير المناخ. وتعيش بعض هذه الغازات فترة قصيرة أو متوسطة في الهواء، ولكنها تعمل بمنزلة غازات دفيئة لفترة طويلة بما يكفي لإحداث بعض الاحترار العالمي غير المرغوب فيه. علاوة على ذلك، فإن آثار تأثيرها الإشعاعي لا تتناسب ببساطة مع انبعاثات الملوثات، وستستمر بالتأكيد ما دام إطلاقها في الجو مستمرًّا. ويدعم هذا التحليل دراسات بالغة التفصيل أجراها شيندل وزملاؤه،19 الذين استخدموا قِيَم مؤشر التأثير الإشعاعي المثبَتة والنماذج المناخية الحاسوبية لمجموعة متنوعة من الملوثات المحلية، من أجل القول بأن السياسات التي تستهدف جودة الهواء المحلي أو الإقليمي ينبغي أيضًا أن تأخذ في الاعتبار الآثار الطويلة المدى على المناخ. وقد تناول باريش وتشو20 أيضًا هذه المسألة، متسائلين كيف يمكن التوفيق بين تخفيف تغير المناخ والجهود المبذولة لتقليل الآثار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء.
برغم ذلك، ولأن عمر ثاني أكسيد الكربون في الهواء طويل للغاية، فإنه يُعتبَر خطرًا عالميًّا طويل المدى على نحو خاص، وسوف يظل محور كل الجهود الرامية إلى التحسين. وكلف قرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة في عام ٢٠٠٧ وكالةَ حماية البيئة أن تقرِّر إن كانت الغازات المُغيِّرَة للمناخ تمثِّل تهديدًا على صحة الإنسان أم لا، وإذا كانت تمثِّل تهديدًا، فعليها العمل على تنظيمها. وأقرت وكالة حماية البيئة بهذا رسميًّا،21 وتنظر الوكالة الآن في أن تجعل السيطرة على انبعاثات غازات الدفيئة ضمن حدود اختصاصها ومجال مسئوليتها. وبإصدار الوكالة نتائجها بشأن هذه المسألة، أبدت أنه يمكنها استخدام قدرتها التشريعية للسيطرة على انبعاثات غازات الدفيئة من مصادرها الثابتة الكبيرة مثل محطات الطاقة التي تحرق الفحم وأفران الإسمنت، حتى دون اتخاذ الكونجرس مزيدًا من الإجراءات.

(٦) الإصلاحات الفورية أو القصيرة المدى

قبل النظر في سُبُل للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من الضروري وضعها في سياق التوازن الديناميكي عمومًا؛ أيْ ندرك أن تنظيم الغاز جزء من سلسلة من العمليات الطبيعية التي تزيل الغاز من الغلاف الجوي على نحو مستمر وعلى الصعيد العالمي. فالأشجار وجميع النباتات التي تستخدم التمثيل الضوئي للنمو والمحافظة على بقائها تتغذى على ثاني أكسيد الكربون وتزيله من الغلاف الجوي، والمحيطات والكثير من أنواع التربة هي مصارف مهمة لإزالته؛ لأنها تذوِّب الغاز لتكوين الكربونات والبيكربونات الذائبة. ومن هذا المنظور، من المزعج أن نجد أن الغابات الرئيسية في العالم تتعرض للتدمير استجابةً للضغوط الاقتصادية من أجل التوسع في الزراعة، وهذا السلوك لا يقلل من القدرة العالمية لكوكبنا على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو فحسب، ولكن أيضًا يطلق على الفور كميات هائلة من الغاز عندما يُحرَق الخشب. ويُقدَّر أن تدمير الغابات المَطِيرة مسئول عن حوالي ٢٠٪ من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة على الصعيد العالمي.22 ومن الواضح أن أيَّ علاج لهذه المشكلة سوف يتطلب تغييرات كبيرة في السياسات داخل بلدان معينة وفيما بين البلدان. وتوجد مقترحات قيد الدراسة؛ منها على سبيل المثال برنامج خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (ريد)، الذي سيدفع أموالًا للبلدان مقابل الحفاظ على الأصول الطبيعية.

وعلى الطرف الآخر من معادلة مكافحة غازات الدفيئة، اقتُرحت مجموعة كبيرة متنوعة من الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد من الإطلاق المفرط لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بعضها إصلاحات تكنولوجية، والبعض الآخَر يستخدم ضغط التفوق الاقتصادي للتأثير على السلوك، ولا يزال البعض الآخر يعتمد على القيود السياسية الداخلية أو الدولية. وتظهر خلافات حول كلٍّ منها؛ وذلك لأن كثيرًا من هذه المقترحات يتطلب استثمارات رأسمال ضخمة، أو يستند إلى معاهدات أو تقنيات غير مؤكدة النجاح حتى الآن. سندرس هذه الأفكار بمزيد من التفصيل في فصول لاحقة، ولكن إليك الإصلاحات الجذابة والمتاحة في التو أو على المدى القصير.

وعلى صحة أن أيَّ تحرك سوف يترتب عليه تكاليف أو انخفاض في الدخل لبعض الفصائل، والتي ستلقى معارضة، فإن الانتباه إلى تحقيق كفاءة أكبر والحد من الهدر غالبًا ما سيؤدي إلى تحسينات ستتطلب استثمارات رأسمال منخفضة نسبيًّا، وستؤتي ثمارها على فترات قصيرة نسبيًّا. وسنركز الآن على الفرص السانحة لتحسين كفاءة الاستخدام من خلال تناول الحفاظ على البيئة في أربع فئات فرعية: النقل، والصناعة، والقطاع السكني، وتوليد الكهرباء.

حتى وقت قريب، كانت محركات السيارات الحديثة تستخدم أقل من ٢٠٪ من الطاقة الكيميائية المتوفرة في البنزين المستخدم، وكانت نسبة اﻟ ٨٠٪ المتبقية تُهدَر عندما تُفقَد في الهواء المحيط. ولم تلقَ المحركات الأكثر توفيرًا ترحيبًا؛ لأنها كانت مرتبطة بالسيارات الأصغر حجمًا، وكانت أبطأ في حالة تسارع السيارة، ولكن محركات الديزل كانت تحقِّق أرباحًا مرضية، وانتشرت في أوروبا أكثر من الولايات المتحدة. والآن مع ظهور التكنولوجيا الهجينة، تستخدم المحركات كميات أقل من البنزين من خلال العمل في ظل ظروف ثابتة أكثر مثالية لشحن البطارية التي تعمل بها السيارة، أما السيارات الهجينة التي يمكن توصيلها بالكهرباء مباشرة فهي موجودة فحسب على المخططات، ولكنها على بُعْد سنوات طوال من أن تكون عملية، وعندما تصبح حقيقة واقعة — إن أصبحت كذلك — سوف يتحول عبء تحسين الكفاءة من المركبة إلى محطة توليد الكهرباء التي ولَّدت الكهرباء في المقام الأول.

لسنوات طوال تخلفت الولايات المتحدة عن الدول الصناعية الأخرى في إلزام أصحاب السيارات باستخدام الوقود على نحو أكثر كفاءة. وفي الوقت الذي كانت فيه أرقام الولايات المتحدة تبلغ ٢٧ ميلًا/جالون للسيارات، وتنخفض لتصل إلى ٢٢ ميلًا/جالون للسيارات الرياضية المتعددة الأغراض (الشاحنات الخفيفة)؛ وضع الاتحاد الأوروبي معياره عند ٤٣ ميلًا/جالون، وكان معيار اليابان يصل إلى ٤٦ ميلًا/جالون، وحتى الصين التي وصلت متأخرةً كانت متقدِّمة على الولايات المتحدة بمعيار ٣٦ ميلًا/جالون. وكانت نتيجة هذا التردد في فرض استخدام المحركات التي تستخدم بنزينًا أقل متوقعة؛ ففي حين زاد استهلاك النفط في الولايات المتحدة بنسبة ٢٠٪ في فترة ٢٧ عامًا بعد عام ١٩٨٠، خفضت جميع دول أوروبا الغربية تقريبًا استهلاكها خلال تلك الفترة، وبعضها بنسبة أكثر من ٣٠٪. وتَرِدُ تفاصيل المقارنة في الشكل ٤-٦.
fig15
شكل ٤-٦: اتجاه استهلاك النفط في الفترة ١٩٨٠–٢٠٠٧.
لو كانت الولايات المتحدة قد احتذت بالدول الأوروبية في هذا الاتجاه، لكانت تخلَّصت من المعاملة الاختيارية التي طالت السيارات الرياضية المتعددة الأغراض بوضعها في فئة الشاحنات الخفيفة. كان يمكن لهذا التغيير أن يوفر ما يصل إلى ٥٪ من استخدام البنزين إذا ما أُبعِد نصفُ السيارات الرياضية المتعددة الأغراض فحسب عن الطريق. علاوة على ذلك، كان يمكن للتحول الكبير لاستخدام محركات الديزل في نصف السيارات أن يوفر ١٠٪ أخرى، ولكن للأسف لم تُتَّخَذ أيُّ خطوة من هاتين الخطوتين. وبحلول عام ٢٠٠٩ كان الكونجرس الأمريكي أخيرًا على استعدادٍ لاتخاذ الخطوات التي كان ينبغي اتخاذها منذ عدة عقود. فالقواعد الفيدرالية التي سيبدأ تطبيقها في عام ٢٠١٢، وتكون سارية النفاذ على نحو كامل بحلول عام ٢٠١٦؛ تفرض زيادات في معايير كفاءة الوقود للسيارات والشاحنات الخفيفة في الولايات المتحدة إلى ٣٥٫٥ ميلًا/جالون، وهي زيادة أكبر بكثير من متطلبات السنوات اﻟ ٢٥ الماضية (التي كانت أكثر قليلًا من ٢٥ ميلًا/جالون).23 وفي الوقت نفسه الذي تسير فيه الولايات المتحدة في هذا الاتجاه، ترفع الدول الأخرى أيضًا من سقف توقعاتها لكفاءة استهلاك الوقود في السيارات. وعلى أساس المقترحات التي تستعرضها صناعة السيارات الصينية، يتمثَّل أحد التقديرات24 في أنها سوف تفرض متوسطًا على السيارات يبلغ ٤٢٫٢ ميلًا/جالون في عام ٢٠١٥. ومن المعروف أن أيَّ برنامج يستغل وسائل النقل العام بكثافة سوف يحقق تحسنًا أكثر في الكفاءة بالنسبة لكل سائق. فعندما تكون الطرق واسعة وتتوفر حارات واضحة، فإن نُظُم النقل السريع بالحافلات ستكون قادرة على إقناع الكثافات السكانية العالية بالتخلي عن سياراتها عند التنقل إلى أمكان العمل أو الدراسة. على سبيل المثال، يشير أحد التقديرات إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في بوجوتا بكولومبيا انخفضت إلى نحو ٢٥٪ من النسبة التي توقَّعَها قطاع صناعة السيارات.25

تشترك التطبيقات الصناعية وتوليد الطاقة الكهربائية في الحاجة لدرجة حرارة عالية وبخار ذي ضغط مرتفع؛ في الحالة الأولى كمصدر للحرارة على نحو رئيسي، وفي التطبيق الثاني لتحريك التوربينات المتصلة بالمولدات. ويبرد البخار عندما يمنح الطاقة الكامنة لأيٍّ من هذين الغرضين، ومع أن البخار الأبرد إلى حدٍّ ما لا يزال يتمتع بطاقة مفيدة، فإنه كان يُعتقَد في السنوات الماضية أنه من غير المجدي اقتصاديًّا تكبُّد عناء استرداد بعض هذه الحرارة، مع أنها قُدِّرت بأنها حوالي ٢٠٪ من الطاقة الكامنة. والآن تغيرت الصورة، وتجد أحدث الأجهزة طرقًا لاسترداد الحرارة من البخار الفائض، إما عن طريق إنتاج المزيد من الطاقة، أو عن طريق استخدامه لأغراض ثانوية، مثل تيارات تغذية عملية التسخين المبكر أو التدفئة الداخلية أو لتسخين المياه بالمنازل.

وفي اتجاه مختلف للغاية توجد تغييرات لا تهدف كثيرًا لتحقيق كفاءة استخدام نوع معين من الوقود، ولكن بدلًا من ذلك تهدف إلى تغيير الوقود بهدف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. يحدث هذا الاستبدال لأن كلَّ وقود يتمتع بإنتاج مميز — ولكن مختلف — من ثاني أكسيد الكربون عند إطلاق قدر معين من طاقته الكيميائية. فبأخذ النفط كمعيار للمقارنة، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من احتراق الفحم أكبر بحوالي ٣٠٪، وانبعاثاته من الخشب أكبر بنسبة ٥٠٪ عند إنتاج قدر معين من الطاقة. وفي المقابل، إنتاج ثاني أكسيد الكربون من احتراق الغاز الطبيعي أقل بحوالي ٢٤٪، وهو ما حفَّز على الانتقال من الفحم إلى النفط إلى الغاز متى كان ذلك ممكنًا. وهذه الخطوة الإصلاحية بطبيعة الحال تعتمد على وجود إمدادات كافية من النفط والغاز الطبيعي بأسعار تنافسية، وربما تكون مجرد إجراء مؤقت على المدى الطويل.

بما أن استخدام الطاقة في المباني السكنية والتجارية هو من أجل التدفئة والإضاءة وتشغيل الأجهزة في المقام الأول، فإنه يمكن إيجاد الكفاءة على الفور في العزل الأفضل، والإضاءة التي تستهلك قدرة كهربائية أقل لكلِّ وحدة من الضوء، والتدفئة الأكثر فاعليةً. بعض هذه التغييرات يمكن تنفيذها بسهولة وبعضها بالفعل قيد التنفيذ؛ فيمكن لمصابيح الفلورسنت أو الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (إل إي دي) أن تحل محل المصابيح المتوهجة، ويمكن شراء الثلاجات المعزولة عن محيطها على نحو أفضل. أما الإصلاحات الأخرى فهي هيكلية وتتطلب تغيرات بنيوية يمكن بسهولة تنفيذها في المباني الجديدة، ولكن ليس من السهل تنفيذها على الفور كتعديل تحديثي.

تُستخدَم الطاقة الشمسية المتجددة على نطاق واسع بنجاح، من خلال التقاط أشعة الشمس على سطوح المباني لتوفير المياه الساخنة، وفي تطبيقات أقل شيوعًا لتوليد الكهرباء. وسنتناول هذه المواضيع بمزيد من التفصيل في الفصل التالي الخاص بالطاقة المتجددة.

(٧) عودة لحدود النمو والمشاعات

في تناولنا السابق للجدل حول حدود النمو، حاولنا عرض المواقف المتعارضة. من ناحية كانت توجد التحذيرات ضد النمو غير المقيد للسكان الذي من شأنه أن يؤدي إلى استنفاد الموارد، وجاءت المعارضة من أولئك الذين يريدون أن يروا التصنيع في دول العالم الثالث، وكذلك من الاقتصاديين المتفائلين الذين توقعوا أن تبتكر قوى السوق موارد بديلة عن الموارد الحالية عندما يحدث نقص في المعروض. ولكن هذه الحجج، أيًّا كان مصدرها، قُدِّمت في وقت سابق على تحوُّل الاحترار العالمي إلى مصدر قلق خطير. وفي سياقنا الأحدث في القرن الحادي والعشرين لا يزال الكثير من الآراء السابقة موجودًا وربما يكون صحيحًا، ولكن طغى عليه التأثير الصارخ للاحترار العالمي. ليس الأمر مجرد أنه قد تنفد منَّا مادة خام معينة أو وقود حفري بعينه، ولكن ربما يعجل استخدام نوع من الوقود أو عملية كيميائية بانزلاقنا في حالة من فوضى غير مقبولة تعم أنحاء العالم.

في الوقت الذي تكتسب فيه الأدلة على الاحترار العالمي قوة أكبر، تزداد صعوبة أن ننكر أثره الحالي والمستقبلي. ومع ذلك، تطالب مختلف جماعات المصالح والدول بحقها في المشاعات، ويدفعون بالحجة القائلة بأن احتياجاتهم من أجل التنمية لها أهمية قصوى وينبغي للآخرين تحمُّل تكاليف أيِّ إجراء تصحيحي، إلا أنه توجد الآن أصوات تدعم إجراءً جماعيًّا دوليًّا في سبيل حماية كوكبنا. وتجدر الإشارة إلى أن التغيرات المناخية ليست موزعة بانتظام على جميع أجزاء العالم. فعلى سبيل المثال، ذوبان الأنهار الجليدية — مع أنه لا يحدث بوضوح إلا في أماكن محددة — يمكن أن يؤدي إلى آثار محلية وعالمية. ومدينة إل ألتو في بوليفيا التي استخدمت نهرًا جليديًّا قريبًا لفترة طويلة كمخزن للمياه، تخسر الآن هذه الإمدادات من المياه. إن التأثير على السكان البالغ عددهم بضعة ملايين تأثير عارم وسوف يضطر معظمهم إلى الانتقال ما لم تتخذ إجراءات طارئة. والأكثر إثارةً للخوف في هذا الصدد هو تقرير للبنك الدولي يشير إلى أن فقدان أنهار الأنديز الجليدية من شأنه أن يهدد ما يقرب من ١٠٠ مليون شخص على مدى السنوات العشرين المقبلة.26 ثمة بقعة أخرى حساسة على نحو خاص لمسألة الاحترار العالمي هي دولة بنجلاديش المنخفضة؛ حيث إن ما يقرب من خمس مساحة البلد أعلى من مستوى سطح البحر بأقل من متر واحد.27 وتتنبَّأ آخِر التوقعات بارتفاع مستوى سطح البحر بما يصل إلى مترين بحلول نهاية هذا القرن،28 وإذا حدث ذلك، فسوف تفقد ملايينُ كثيرةٌ من السكان أراضيَها الزراعية ومصادر رزقها، وبطبيعة الحال سوف يكون للانتقال الإجباري لهذا العدد الكبير من الأشخاص تداعيات دولية.

يبدو أننا نعقد آمالنا أكثر فأكثر على الابتكار والإحلال، وذلك باستخدام تشريعات لتوفير دعم وحوافز اقتصادية وبالاعتماد على قوى السوق من أجل تطوير بدائل للوقود الحفري. وسوف ننتظر لنرى إن كانت هذه التعديلات تُبعد مجتمعاتنا بعيدًا عن إنتاج ثاني أكسيد الكربون بما فيه الكفاية أم لا، ولكن يبدو بالتأكيد أنها تمثِّل الاختبار الحاسم للنموذج الاقتصادي المعتمد على استجابات السوق.

قدمنا في الفصل الثاني فكرة المنافع العامة وفكرة المشاعات الجماعية. فالجو الذي يحتوي على تركيز أقل من ثاني أكسيد الكربون يمكن اعتباره منفعة عامة؛ إذ إن مزاياه متاحة للجميع ولا يمكن استبعاد أيِّ شخص من التمتع بفوائده. ربما يكون الأمر مشابهًا مع مصايد الأسماك في المحيطات العابرة للحدود الوطنية، ولكن يختلف الأمر فيما يتعلَّق بما يضاف أو يُزال من المشاعات. والمنتفعون بالمجان في صناعة صيد الأسماك هم أولئك الذين «يأخذون» من المحيطات بينما يتجاهلون الحاجة إلى تجديد إمدادات الأسماك، في حين أن المنتفعين بالمجان فيما يخص الاحترار العالمي هم أولئك الذين «يضيفون» إلى غازات الدفيئة، ويرفضون المساهمة في تقليلها على المستوى الدولي.

إن إطلاق كميات متزايدة من ثاني أكسيد الكربون في الجو مثال جيد لاستخدام المشاعات؛ إذ إن كل مخالف يمكن أن يشعر أن الهواء ملكية عامة يحق له استخدامها، وأن مساهمته الفردية صغيرة على أيِّ حال. وإذا تصرَّفَ عدد كافٍ من المشاركين بالطريقة نفسها، يمكن للتأثير التراكمي أن يكون كارثيًّا، بل يشكل بالفعل «مأساة المشاعات». وبتنحية هذه الانحرافات عن حسن المواطنة الدولية، يتبقى لدينا ضرورة التفاوض حول الاستجابات النسبية من جميع أصحاب المصلحة، حتى إذا لم يكن هناك منتفعون بالمجان ولا سوء استخدام للمشاعات. ومع اعتبار أن كل السكان في جميع أنحاء العالم تمثلهم حكومات وطنية، كيف يُوزَّع عبء الامتثال؟ علاوة على ذلك، كم من الوقت ينبغي تخصيصه لكلِّ دولة أو مجموعة دول مشاركة لترتيب أمورها؟

(٨) عزل ثاني أكسيد الكربون

على الرغم من جميع النوايا الحسنة التي نبديها للحد من إنتاج ثاني أكسيد الكربون بأي وسيلة متاحة، لا يزال يتبقى الاعتراف بأنه في المستقبل القريب لن تزول المشكلة تمامًا؛ فلا يزال لدينا مسألة التخلص الممكن من ثاني أكسيد الكربون، أو احتوائه على أقل تقدير. لا يمكن الوصول إلى كل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على نحو متساوٍ؛ فجزء كبير من إجمالي الانبعاثات يأتي من مصادر صغيرة موزعة تشمل السيارات ومدافئ المنازل وأماكن العمل، وهذه الانبعاثات تَدخل الهواء مباشَرةً، ولن يكون من العملي فصل غاز الدفيئة الضار. ونظرًا لأن الغاز موجود فقط في الهواء على مستوًى مخفف جدًّا يصل إلى أجزاء في المليون، فليس لدينا إلا أمل ضئيل في إزالته بوسائل كيميائية بمجرد خروجه من المصدر. بدلًا من ذلك، إذا أردنا احتجازه، فلا بد من إزالته من انبعاثات الأفران؛ حيث يكون موجودًا بتركيزات أعلى من ذلك بكثير. ومع أن تقنيات الهندسة الكيميائية المؤكدة النتائجِ متاحةٌ لهذا الغرض، فإن تكاليف عمليات التنقية تلك لا يستهان بها، ويدعم مكتب وزارة الطاقة — المعنيُّ بطاقة الوقود الحفري والمختبر الوطني لتكنولوجيا الطاقةِ — الأبحاثَ الأساسية الرامية إلى تطوير عمليات محفزة جديدة، وكذلك استخدام المواد الجديدة التي يمكن أن تقلل من هذه التكلفة.

ولكن كل ذلك يدفعنا مباشَرةً إلى السؤال التالي: ما الذي سنفعله بكميات ثاني أكسيد الكربون الهائلة بمجرد أن نحتجزها؟ كيف يمكننا عزل الغاز؟ ويطلق عادة على دراسة هذا السؤال «احتجاز وعزل الكربون».

الأسلوب الأكثر توافرًا على الفور لعزل ثاني أكسيد الكربون هو الاحتواء الجوفي. ثمة أماكن عديدة توجد بها آبارُ نفطٍ وغازٍ مستنفدةٌ، وفي أماكن أخرى اكتُشِفت قِباب مِلْحية ضخمة تحت الأرض، أو عُثِر على مساحات كبيرة فارغة مع طبقة صخرية حاملة للمياه يُطلَق عليها «مستودع مياه جوفية»، فيمكن ضخ ثاني أكسيد الكربون في هذه الآبار المهجورة والكهوف الطبيعية وعزله عن المناطق المحيطة. إن مساحات التخزين في هذه المواقع كبيرة للغاية، ولكنها بالطبع ليست غير محدودة، وتوجد بعض الشكوك حول إن كانت تتوافر مساحة كافية في مثل هذه المستودعات لاستيعاب كل كمية الغاز التي تنبعث اليوم إضافةً إلى الغاز الذي سينتج في المستقبل، مع أنه ستتوافر مساحات أخرى عندما تنفد مخزونات الآبار النَّشِطة حاليًّا. ويضاف إلى هذا الاحتمال التحذيرُ من أن بعض الآبار المهجورة قد تصبح نَشِطة عندما تجعل التكنولوجيا الجديدةُ عملياتِ إعادة استخلاص النفط أو الغاز مربحةً.

وعلى الرغم من هذه التحفظات، أُجري تعديل تحديثي لمحطة كبيرة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم في ولاية فرجينيا الغربية، من أجل احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون وتسييله وحقنه في طبقة مسامية من الدولوميت على عمق ١٫٥ ميل (٢٫٦ كيلومتر) تحت سطح الأرض، وكان من المقرر أن تبدأ تجربة احتجاز وعزل الكربون في سبتمبر أو أكتوبر من عام ٢٠٠٩، على أمل أن يظل ثاني أكسيد الكربون معزولًا تحت الأرض لآلاف السنين.29 ويجري التخطيط لتجارب مماثلة في أوروبا، وتركِّز إحدى هذه التجارب في هولندا على حقول الغاز المستنفَدة التي تقع على عمق أكثر من ميل تحت بلدة باريندريخت؛30 حيث ترغب الحكومة الهولندية وشركة شل أويل في حقن ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون بدءًا من عام ٢٠١١. وتشير الجماعة البيئية «جرين بيس» إلى إمكانية حدوث تسرب بطيء يمكن أن يتبع تآكل الأنابيب إذا ذاب ثاني أكسيد الكربون المحبوس في المياه الجوفية وشكَّل حمض الكربونيك، وتفضِّل الجماعة بدلًا من ذلك إنفاق أموال الحكومة على تجميع الطاقة المتجددة من الرياح أو من مصادر الطاقة الشمسية. ويشعر أهالي البلدة المحليُّون بالخوف من تسرب الغاز ويعارضون الخطة؛ ويبقى أن نرتقب إن كانت الحكومة ستفرض نفوذها على المدينة باستشهادها بالمصلحة الوطنية.
يوجد نوع ثانٍ من الاقتراحات يتمثل في تخزين الغاز في أعماق المحيط؛ حيث سيصبح الغاز قابلًا للذوبان في الماء البارد عندما يتعرض لضغط مياه المحيط، والمتوقع عندئذٍ أنه لن يتدفق في صورة فقاعات نحو السطح ويهرب، وإنما سيبقى في صورة أملاح كربونات وبيكربونات ذائبة. وفي مثل هذه الظروف، فإن مياه المحيط في المناطق القريبة ستصبح أكثر حمضية، وتُغير من كيمياء المحيط والحياة التي تعتمد على هذا التركيب الكيميائي. في الواقع، يمكن أن يصبح المحيط أقل ملاءمة للأسماك والعوالق النباتية وأشكال الحياة الأخرى الموجودة في المحيط.31

مع ذلك، ثمة فكرة أخرى تستخدم إمكانية الدفن مرة ثانية، ولكنْ هذه المرة في رواسب صخور البازلت تحت الأرض، وهي أكاسيد كيميائية قادرة على التفاعل مع ثاني أكسيد الكربون لتكوين كربونات الكالسيوم أو المغنيسيوم أو الحديد أو أيٍّ منها، وهي مركبات صلبة غير قابلة للذوبان. وتوجد هذه الرواسب على سبيل المثال تحت المحيط الهادئ قبالة سواحل ولايتَي أوريجون وواشنطن، ولكن لا تزال هناك بعض الشكوك حول إن كانت العمليات الكيميائية الضرورية ستحدث بالمعدلات المطلوبة في الظروف المحلية تحت سطح البحر أم لا.

أخيرًا، تجدر الإشارة إلى أن التمثيل الضوئي الخاضع للسيطرة قُدِّم كطريقة ممكنة للتخلص من ثاني أكسيد الكربون الموجود بالفعل في الهواء، والفكرة هي تشجيع النمو الواسع النطاق للعوالق إما في حاويات احتواء مغلقة أو بنثر البذور في مياه المحيط المفتوحة،32 وهذا ليس عزلًا حقيقيًّا، ولكن مع ذلك يستحق اهتمامًا بتفاصيله، وسوف نتناوله بمزيد من التفصيل في فصل لاحق.

في الفصل التالي، نتوجه بالانتباه إلى الطرق التي يمكن من خلالها أن تكون مصادرُ الطاقة الشمسية المباشرة بدائلَ حقيقية للوقود الحفري، وتُسمَّى هذه المصادر عمومًا بِاسْم «المصادر المتجددة»، مع أنه في بعض الأحيان يوجد بعض الخلاف السياسي بشأن ما يمكن أن يندرج تحت هذا المسمى. وضُمنت هذه الأمور أيضًا في الفصل القادم.

هوامش

(1) John M. Broder, “E.P.A. Seeks Tighter Rules to Cut Down Air Pollution,”New York Times, January 8, 2010, p. 1.
(2) Joseph E. Aldy and Robert N. Stavins, eds, Architectures for Agreement: Addressing Global Climate Change in the Post-Kyoto World (Cambridge, UK: Cambridge University Press, 2007), p. 1.
(3) Andrew C. Revkin and Clifford Krauss, “A Cheap, Easy Way to Curb Climate Change: Seal the Gas Leaks,” New York Times, October 15, 2009, p. 1.
(4) A. R. Ravishankara, John S. Daniel, and Robert W. Portmann, “Nitrous Oxide: the Dominant Ozone-Depleting Substance Emitted in the 21st Century,” Science, Vol. 326, October 2, 2009, p. 123.
(5) Monthly mean atmospheric CO2 at Mauna Loa Observatory, Hawaii, graphed by Hugo Ahlenius, UNEP/GRID-Arendal, http://maps.grida.no/go/graphic/atmospheric-concentrations-of-carbon-dioxide-co2-mauna-loa-or-keeling-curve.
(6) IPCC Report: S. Soloman, et al., eds, Climate Change 2007: the Physical Science Basis. Contribution of Working Group I to the Fourth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change (Cambridge, UK: Cambridge University Press for the Intergovernmental Panel on Climate Change, 2007), http://ipcc-wg1.ucar.edu/wg1/Report/AR4WG1. Data compiled by the Climatic Research Unit of the University of East Anglia and the Hadley Centre of the UK Meteorological Office. The documentation for this data set is in P. Brohan, J. J. Kennedy, I. Haris, S. F. B. Tett, and P. D. Jones, “Uncertainty Estimates in Regional and Global Observed Temperature Changes: a new dataset from 1850,” Journal of Geophysical Research, Vol. 111, 2006, p. D12106.
(7) John M. Broder, “Past Decade was Warmest Ever, NASA Finds,” New York Times, January 22, 2010, p. A8.
(8) Morris A. Bender, Thomas R. Knutson, Robert E. Tuleya, et al., “Modeling Impact of Anthropogenic Warming on the Frequency of Intense Atlantic Hurricanes,” Science, Vol. 327, January 22, 2010, p. 454.
(9) Department of Energy, Energy Information Administration (EIA), Annual Energy Review 2008, Figure 11.19.
(10) John M. Broder and Jonathan Ansfield, “China and U.S. in Cold War-like Negotiations for a Greenhouse Gas Truce,” New York Times, June 8, 2009, p. A4.
(11) Jonathan B. Weiner, Engaging China on Climate Change, Resources Issue No. 171, Winter/Spring, 2009, p. 29.
(12) S. Soloman et al., eds, Climate Change 2007, op. cit.
(13) James J. McCarthy, “Reflections On: Our Planet and its Life, Origins, and Futures,” Science, Vol. 326, December 18, 2009, p. 1646.
(14) Elizabeth Kolbert, “The Catastrophist,” The New Yorker, June 29, 2009, pp. 39–45.
(15) Andrew C. Revkin and John M. Broder, “Facing Skeptics, Climate Experts Sure of Peril,” New York Times, December 7, 2009, p. 1.
(16) Eli Kintisch, “Projections of Climate Change Go From Bad to Worse, Scientists Report,” Science, Vol. 323, March 20, 2009, p. 1546.
(17) Stacy C. Jackson, “Parallel Pursuit of Near-Term and Long-Term Climate Mitigation,” Science, Vol. 326, October 23, 2009, p. 526.
(18) Piers Forster, Gabriele Hegerl, Reto Knutti, et al., “Assessing Uncertainty in Climate Simulations,” in S. Soloman, et al., eds, Climate Change 2007: the Physical Science Basis. Contribution of Working Group I to the Fourth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change (Cambridge, UK: Cambridge University Press for the Intergovernmental Panel on Climate Change, 2007).
(19) Drew T. Shindell, Greg Faluvegi, Dorothy M. Koch, Gavin A. Schmidt, Nadine Unger, and Susanne E. Bauer, “Improving Attribution of Climate Forcing to Emissions,” Science, Vol. 326, October 30, 2009, p. 716.
(20) David D. Parrish and Tong Zhu, “Clean Air for Megacities,” Science, Vol. 326, October 30, 2009, p. 674.
(21) John M. Broder, “Greenhouse Gases Imperil Health, E.P.A. Announces,” New York Times, December 8, 1009, p. A16.
(22) Elisabeth Rosenthal, “Deal Seen Near For Payments to Save Forests,” New York Times, December 16, 2009, p. 1.
(23) John M. Broder, “Obama to Toughen Rules on Emissions and Mileage,” New York Times, May 19, 2009, p. 1.
(24) Keith Bradsher, “China’s Mileage Mandate,” New York Times, May 28, 2009, p. B1.
(25) Elisabeth Rosenthal, “Buses May Aid Climate Battle in Poor Cities,” New York Times, July 9, 2009, p. B1.
(26) Elisabeth Rosenthal, “In Bolivia, Water and Ice Tell a Story of a Changing Climate,” New York Times, December 14, 2009, p. 1.
(27) Mason Inman, “Hot, Flat, Crowded—and Preparing for the Worst,” Science, Vol. 326, October 30, 2009, p. 662.
(28) W. T. Pfeffer, J. T. Harper, and S. O’Neel, “Kinematic Constraints on Glacier Contributions to 21st-Century Sea-Level Rise,” Science, Vol. 321, September 5, 2008, p. 1340.
(29) Matthew L. Wald, “Refitted to Bury Emissions,” New York Times, September 22, 2009, p. 1.
(30) Aoife White, “Debate over CO2 Heating Up: an Underground Storage Plan Raises Hackles in the Netherlands,” Philadelphia Inquirer, November 15, 2009, p. A6.
(31) Dalin Shi, Yan Xu, Brian M. Hopkinson, and François M. M. Morel, “Effect of Ocean Acidification on Iron Availability to Marine Phytoplankton,” Science, February 5, 2010, p. 676.
(32) Eli Kintisch, “Rules for Ocean Fertilization Could Repel Companies,” Science, Vol. 322, November 7, 2008, p. 835.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤