نبيلان من فيرونا

إن واحدًا فقط منهما سيكون بحقٍّ رجلًا نبيلًا، كما ستكتشفون لاحقًا. كان اسما هذين الرجلين هما فالنتاين وبروتياس. كانا صديقَين ويعيشان في فيرونا، وهي مدينة في شمال إيطاليا. كان فالنتاين محظوظًا باسمه لأنه كان ذلك الخاص بالقديس الراعي للمحبين؛ فقد كان من الصعب على أي فالنتاين أن يكون متقلِّب المزاج أو وضيعًا. أما بروتياس، فلم يكن محظوظًا باسمه لأنه كان ذلك الخاص بشخصية شهيرة تغيِّر من شكلها، مما شجعه بالتالي على أن يكون محبًّا مخلصًا في بعض الأوقات وخائنًا في أوقات أخرى.

ذات يوم، أخبر فالنتاين صديقه أنه ذاهب إلى ميلانو. وقال له: «أنا لست عاشقًا مثلك، ومِن ثمَّ، لا أريد البقاء في هذه البلاد.»

كان بروتياس يحب فتاة شقراء جميلة تُسمى جوليا وكانت الفتاة غنية، ولم يكن هناك أحد يتحكَّم فيها. لكنه كان حزينًا على فراق فالنتاين وقال: «إن وقعت يومًا في أي خطر، أخبرني، وسأصلي من أجلك.» ثم ذهب فالنتاين إلى ميلانو مع خادم يدعى سبيد، وفي ميلانو، وقع في حب ابنة دوق ميلانو، سيلفيا.

عندما افترق فالنتاين وبروتياس، لم تكن جوليا قد أقرت بأنها كانت تحب بروتياس. في واقع الأمر، لقد مزقت إحدى رسائله في حضور خادمتها، لوتشيتا. لكن لوتشيتا لم تكن ساذجة؛ إذ عندما رأت أجزاء الرسالة الممزقة، قالت في نفسها: «كل ما تريد هو أن تَصلها رسالة أخرى.» وبالفعل، بمجرد أن تركت لوتشيتا جوليا بمفردها، ندمت على تمزيقها الرسالة ووضعت بين ثوبها وقلبها قصاصة الورق المكتوب فيها اسم بروتياس. وهكذا بتمزيق رسالة كتبها لها بروتياس، اكتشفت أنها تحبه. ثم، كفتاة رقيقة شجاعة، كتبت إلى بروتياس تقول: «اصبر، وستتزوجني.»

سعد بروتياس بهذه الكلمات، وراح يتمشى، ملوحًا برسالة جوليا ومتحدثًا إلى نفسه.

سأله أبوه، أنطونيو: «ما هذا الذي معك؟»

كذب بروتياس وقال: «إنها رسالة من فالنتاين.»

قال أنطونيو: «دعني أقرؤها.»

قال بروتياس كذبًا: «ليس فيها من أنباء؛ إنه يقول لي فقط إنه سعيد للغاية، وإن دوق ميلانو يعامله معاملة حسنة، ويتمنى لو كنت معه.»

جعلت تلك الكذبة أنطونيو يظن أن ابنه يجب أن يذهب إلى ميلانو ويتمتع بالمتع التي كان فالنتاين غارقًا فيها. أمره قائلًا: «يجب أن تذهب غدًا.» فزع بروتياس لذلك. وقال: «امنحني بعض الوقت كي أجهز نفسي.» رد عليه بالوعد الآتي: «سأرسل لك فيما بعد ما تحتاج إليه.»

حزنت جوليا لافتراقها عن حبيبها قبل أن يصل عمر خطبتهما إلى يومين. أعطته خاتمًا وقالت له: «احتفظ بهذا من أجلي»، وأعطاها هو خاتمًا، وقبَّلها كاثنين تعاهدا على أن يكون كلٌّ منهما مخلصًا للآخر حتى الموت. ثم رحل بروتياس إلى ميلانو.

في هذه الأثناء، كان فالنتاين يسرِّي عن سيلفيا، التي جعلته عيناها الرماديتان الضاحكتان تحت شعرها الكستنائي يغرق في حبها. في أحد الأيام، قالت له إنها تريد أن تكتب خطابًا رقيقًا لأحد النبلاء الذي تُحبه، لكن ليس لديها وقت، فسألته إن كان بإمكانه أن يكتبه لها. كره فالنتاين بشدة كتابة هذا الخطاب لها، لكنه كتبه، وأعطاها إياه في برود. فقالت له: «خذه، فلقد كتبته وأنت كاره.»

figure
فالنتاين يكتب خطابًا من أجل سيلفيا.

قال: «سيدتي، لقد كان من الصعب عليَّ كتابة هذا الخطاب من أجلك.»

أمرته قائلةً: «خذه؛ فأنت لم تكتبه بالرقة الكافية.»

تُرك فالنتاين بمفرده بصحبة الخطاب، وكان عليه كتابة خطاب آخر، لكن خادمه، سبيد، كان يرى أن سيلفيا، في واقع الأمر، قد سمحت لفالنتاين بأن يكتب بالنيابة عنها خطاب حب لفالنتاين نفسه. وقال: «إن المزحة بارزة كدوارة الريح في أعلى برج الكنيسة.» كان يعني بهذا أن الأمر واضح للغاية، واستمر في الحديث حتى حدد بالضبط ما كان عليه الأمر: «إن كان سيدي هو من سيكتب لها خطابات الحب، فإنه يجب أن يرد عليها.»

figure
سيلفيا تقرأ الخطاب.

عندما وصل بروتياس، قدمه فالنتاين لسيلفيا، وبعد قليل، عندما أصبحا بمفردهما، سأل فالنتاين بروتياس عن مدى تطور حبه لجوليا.

قال بروتياس: «لماذا تسألني؟ لقد كنت تتضايق عندما أتحدث عنها.»

قال فالنتاين معترفًا: «نعم، لكن الأمر اختلف الآن. فأنا يمكن ألَّا آكل أو أشرب طوال اليوم شيئًا سوى المحبة في طبقي وفي كأسي.»

قال بروتياس: «إنك ترفع سيلفيا إلى مرتبة الآلهة.»

رد فالنتاين: «إنها مقدسة!»

اعترض بروتياس قائلًا: «دعك من هذا!»

قال فالنتاين: «حسنًا، إن لم تكن مقدسة، فهي الملكة على كل نساء الأرض.»

قال بروتياس: «فيما عدا جوليا.»

قال فالنتاين: «يا عزيزي، لا تستثنِ جوليا؛ لكني أقرُّ بأنها وحدها تستحق حمل أذيال سيدتي.»

قال بروتياس: «إن تباهيك يدهشني.»

لكنه رأى سيلفيا، وأحسَّ فجأة أن جوليا الشقراء كانت سوداء عند مقارنتها بسيلفيا؛ لذا تحوَّل على الفور في فكره إلى شخصية شريرة، وقال في نفسه ما لم يقلْه مطلقًا من قبل: «أنا بالنسبة إلى نفسي أعز من صديقي.»

لعله كان من الأفضل بالنسبة إلى فالنتاين إن غيَّر بروتياس، بقدرة الإله الذي كان يحمل اسمه، شكَّل جسده في اللحظة الشريرة التي احتقر فيها جوليا إعجابًا بسيلفيا. لكن جسده لم يتغير؛ فابتسامته كانت لا تزال ودودة؛ ولذا باح له فالنتاين بالسر الخطير المتمثِّل في أن سيلفيا قد وعدته بأن تهرب معه. قال له فالنتاين: «في جيب معطفي، يوجد سلَّم من حرير له خطافان سيمسكان في عتبة نافذة غرفتها.»

عرف بروتياس السبب وراء عزم سيلفيا وحبيبها الهروب. فقد أراد الدوق تزويجها من السير ثوريو، وهو نبيل أحمق لم يكن يعني لها شيئًا على الإطلاق.

ظن بروتياس أنه إن استطاع التخلص من فالنتاين، يمكنه أن يجعل سيلفيا تقع في حبه، خاصةً إن أصر الدوق على تحمُّلها لثرثرة السير ثوريو المملة؛ لذا ذهب إلى الدوق وقال له: «الواجب قبل الصداقة! إنه ليَحزُنني أن أخذل صديقي فالنتاين، لكنك يا مولاي يجب أن يعلم أنه ينوي الهروب مع ابنتكم الليلة.» وتوسل إلى الدوق ألا يخبر فالنتاين بالشخص الذي أعطاه هذه المعلومة، وأكد له الدوق أنه لن يكشف عن اسمه.

في وقت مبكر من المساء، استدعى الدوق فالنتاين الذي جاء إليه وهو يرتدي معطفًا طويلًا ذا جيب مُنتفِخ.

قال الدوق: «هل تعلم برغبتي في تزويج ابنتي بالسير ثوريو؟»

رد فالنتاين: «نعم. إنه رجل فاضل وكريم، كما يليق برجل مبجَّل بشدة في نظركم يا مولاي.»

قال الدوق: «لكنها لا تحبه؛ فهي فتاة مشاكسة وعنيدة ومتمرِّدة، وأنا حزين أنني لن أترك لها بنسًا واحدًا. ولذا، فقد انتويت الزواج ثانيةً.»

انحنى له فالنتاين.

أضاف الدوق: «أنا لا أعرف كيف يتودَّد شباب اليوم إلى بعضهم، وأظن أنك ستكون الرجل المناسب الذي سيعلمني كيف أفوز بقلب السيدة التي أحبها.»

قال فالنتاين: «الجواهر معروف عنها أنَّ لها دورًا فعالًا في استمالة النساء.»

قال الدوق: «لقد جربتها.»

«إن حب المعطِي قد يُكتسب إذا أعطيتَها يا مولاي المزيد منها.»

استمر الدوق قائلًا: «إن العقبة الرئيسية هي أن هذه السيدة موعودة لشاب نبيل، ومن الصعب الحديث إليها. وهي في حقيقة الأمر مُحتجَزة في مكانٍ ما.»

قال فالنتاين: «إذن، يجب أن يُفكر جلالتكم في تهريبها. لتجرب سلمًا من الحبال.»

سأله الدوق: «لكن كيف لي أن أحمله؟»

قال فالنتاين: «هذا السلم خفيف ويُمكنك حمله في معطف طويل.»

«مثل معطفك؟»

«نعم، يا مولاي.»

«إذن، معطفك سيفي بالغرض. رجاءً، أقرِضني إياه.»

أوقع فالنتاين نفسه في مأزق. ولم يستطع أن يرفض إقراضه معطفه، وعندما لبسه الدوق، أخرج من الجيب رسالة مُغلَقة موجهة إلى سيلفيا. ففتحها بهدوء، وقرأ الكلمات الآتية: «سيلفيا، ستُصبحين حرة الليلة.»

قال: «إذن هذا هو الأمر، وهذا هو السلم المصنوع من الحبال. خطة رائعة لكنها ليست محكمة. أمهلك، يا سيدي، يومًا لمغادَرة بلادي. إن بقيت في ميلانو لهذا الوقت غدًا، فستموت.»

حزن فالنتاين المسكين بشدة. وقال: «إن لم أرَ سيلفيا يومًا، فذاك اليوم لا يحسب من عمري.»

وقبل أن يرحل، ودع بروتياس، الذي أثبت أنه منافق من الدرجة الأولى؛ إذ قال الخائن: «الأمل يُنعش مهجة العاشق، فحاول أن يغمر صدرك.»

بعد أن غادر فالنتاين وخادمه ميلانو، هاما في غابة بالقرب من مانتوا حيث كان يعيش الشاعر العظيم فرجيل. لكن في الغابة كان الشعراء (إن وجدوا) قُطَّاع طريق يطلبون من المسافرين التوقُّف. أطاعاهم، وترك فالنتاين انطباعًا جيدًا للغاية لدى خاطفيه لدرجة أنهم عرضوا عليه إبقاءه على قيد الحياة بشرط أن يصبح زعيمًا لهم.

قال فالنتاين: «أنا موافق بشرط أن تُطلقوا سراح خادمي وألا تتعاملوا بعنف مع النساء أو الفقراء.»

كان الرد نبيلًا بحيث حري بفرجيل أن يكتبه، وأصبح فالنتاين زعيم قطَّاع الطرق.

نعود الآن إلى جوليا التي وجدت فيرونا مكانًا كئيبًا للعيش منذ رحيل بروتياس. طلبت من خادمتها لوتشيتا أن تجد طريقة تستطيع بها رؤيته. ردَّت لوتشيتا: «من الأفضل أن تنتظريه حتَّى يعود.» وتكلَّمت بعقلانية شديدة لدرجة أن جوليا رأت أنه لا جدوى من أن تأمل أن تتحمَّل لوتشيتا عاقبة أي مغامَرة مُثيرة ومندفعة؛ لذا قالت إنها نوت الذهاب إلى ميلانو والتخفي في زي شاب.

قالت لوتشيتا: «يجب إذن أن تقصِّي شعرك.» وهو الأمر الذي ظنت أن جوليا عندما تسمعه، ستتراجع على الفور عن مسعاها.

figure
الأنشودة الغزلية.

كان ردُّها المحبط للوتشيتا هو: «سأربط شعري وأعقده.»

ثم حاولت لوتشيتا أن تجعل خطة جوليا تبدو سخيفة بالنسبة إليها، لكن جوليا كانت قد حزمت أمرها وما كان ليثنيها عن عزمها أي سخرية، وعندما انتهت من تنكرها، بدت كشاب وسيم يُسرُّ المرء لرؤيته.

اتخذت الاسم الرجالي سيباستيان، ووصلت ميلانو في الوقت المناسب لتستمع إلى موسيقى تُعزف خارج قصر الدوق.

قال رجل لها: «إنهم يعزفون لحنًا غزليًّا للسيدة سيلفيا.»

فجأة، سمعت صوتًا يعلو بالغناء، وتعرَّفت على صاحبه. لقد كان صوت بروتياس. لكن ماذا كان يُغني؟

من هي سيلفيا هذه، من هي؟
حتى يُثني عليها الكل ويباهي.
هي فتاة طاهرة عاقلة أمينة
أسبغت عليها السماء نعمًا ثمينة
من شأنها أن تزيدها سحرًا وإعجابًا.
[ترجمة أ. ر. مشاطي، وهي الترجمة التي اعتمدنا عليها في ترجمة الاقتباسات من هذه المسرحية]

حاولت جوليا ألا تسمع باقي الغناء، لكن هذَين البيتين دوَّيَا على نحو ما كالرعد في عقلها:

لنُنشِد إذن إكرامًا لسيلفيا
فهي تفوق كل مخلوق كريم.

حينها، كان بروتياس يظن أن سيلفيا كانت تفوق جوليا جمالًا، ونظرًا لأنه كان يغني على نحو جميل للغاية، وذلك حتى يُسمع العالم بأسره، بدا أنه ليس فقط لم يحفظ عهده لجوليا، بل أيضًا قد نسيها. ومع ذلك، كانت جوليا لا تزال تحبه، بل هي حتى ذهبت إليه وطلبت منه أن تكون تابعًا له، ووافق بروتياس.

ذات يوم، أعطاها الخاتم الذي كانت قد أعطته إياه من قبل وقال: «سيباستيان، خذ هذا إلى السيدة سيلفيا وقل لها إنني أريد الصورة التي وعدَتْني بها.»

figure
أحد الخارجين عن القانون.

كانت سيلفيا قد وعدت بروتياس بإعطائه صورتها، لكنها لم تكن تحبُّه. لقد كانت مجبرة على الحديث معه لأنه كان ذا مقام عالٍ لدى أبيها، الذي كان يظن أنه يحاول أن يجعلها تحب السير ثوريو. علمت سيلفيا من فالنتاين أن بروتياس قد تعهد بالإخلاص لفتاة جميلة في فيرونا، وعندما وجدته يحاول التودد إليها، شعرت بأنه خائن في الصداقة وكذلك في الحب.

حملت جوليا الخاتم إلى سيلفيا، لكن سيلفيا قالت: «لن أسيء إلى السيدة التي أعطته إياه بارتدائي له.»

قالت جوليا: «إنها تَشكُرك.»

قالت سيلفيا: «هل تعرفها، إذن؟» وتحدثت جوليا برقة شديدة عن نفسها لدرجة أن سيلفيا تمنَّت لو تزوَّج سيباستيان جوليا.

أعطت سيلفيا جوليا صورتها من أجل بروتياس، الذي كانت ستَصل إليه مشوَّهة بإدخال بعض التعديلات على الأنف والعينين لو لم ترَ جوليا أنها جميلة مثل سيلفيا.

وبعد وقت قصير، كان هناك جلَبة في القصر؛ إذ قد هربت سيلفيا.

كان الدوق متأكدًا من أنها كانت تنوي أن تلحق بفالنتاين المنفي، وقد كان على صواب.

على الفور بدأ الملاحقة بصحبة السير ثوريو وبروتياس وبعض الخدم.

تفرق الجمع الذي كان يقوم بالملاحقة، وكان بروتياس وجوليا (المتنكِّرة في زي شاب) بمفردهما عندما رأيا سيلفيا، التي كان يحتجزها بعض الخارجين عن القانون والذين كانوا يقتادونها لزعيمهم. أنقذها بروتياس من أيديهم، ثم قال: «لقد أنقذتكِ من الموت؛ فجُودي عليَّ بنظرة عطف.»

صاحت سيلفيا قائلةً: «يا لتعاستي أن تكون أنت من يُنجيني! فأنا أفضِّل على ذلك أن أقع بين أنياب أسد جائع.»

صمتَت جوليا لكنها كانت سعيدة. تَضايق بروتياس بشدة من سيلفيا لدرجة أنه هدَّدها وأمسكها من خصرها.

صاحت سيلفيا: «يا إلهي!»

في تلك اللحظة، كانت هناك ضَجة ناتجة عن طقطقة فروع الأشجار. فقد جاء فالنتاين مندفعًا عبر غابة مانتوا ليُنقِذ حبيبته. خشيت جوليا أن يقتل بروتياس، وأسرعت لإنقاذ حبيبها الخائن. لكنه لم يُوجِّه إليه أي ضربة، واكتفى بقوله: «بروتياس، أنا آسف لفقداني الثقة بك للأبد.»

حينئذٍ، شعر بروتياس بالذنب، وركع وقال: «اصفَح عني! أنا حزين جدًّا! وأتألم بشدة!»

قال فالنتاين الكريم: «إذن، لقد استعدتَ صداقتك لي مرة أخرى. إن تركتْني سيلفيا وأحبتك، فأعدُكَ أنني سأبتعد وأبارك حبكما.»

كانت تلك الكلمات صعبة على جوليا، مما جعلها تفقد الوعي. جعلها فالنتاين تستفيق وقال لها: «ماذا دهاك أيها الغلام؟»

كذبت جوليا قائلةً: «لقد تذكرت أنني كُلِّفتُ بإعطاء خاتم للسيدة سيلفيا، لكني لم أودِّ المهمة.»

قال بروتياس: «حسنًا، أعطِني إياه.»

أعطته خاتمًا، لكنه كان الخاتم الذي أعطاه جوليا قبل أن يُغادِر فيرونا.

نظر بروتياس إلى يدها، فتملَّكتْه دهشة شديدة.

قالت: «لقد غيَّرتُ هيئتي عندما غيرتَ أنت رأيك.»

قال: «لكنِّي لا أزال أحبك.»

فجأة، دخل أتباع فالنتاين من الخارجين عن القانون، وقد أحضروا معهم غنيمتَين؛ الدوق والسير ثوريو.

صاح فالنتاين بصرامة: «كفى! الدوق له قدسيته.»

قال السير ثوريو متعجبًا: «ها هي سيلفيا، حبيبتي.»

قال فالنتاين: «ابتعد وإلا أزهقت روحك.»

قال السير ثوريو: «سأكون مجنونًا لو غامرت بأي شيء من أجلها.»

قال الدوق: «إذن، أنت وضيع. فالنتاين، إنك رجل شجاع. وقد انتهت عقوبتك. وأنا أدعوك للعودة. وتستطيع الزواج من سيلفيا؛ فأنت تستحقها.»

قال فالنتاين، وهو متأثِّر بشدة: «أشكرك يا مولاي، لكني يجب أن أطلب منك معروفًا آخر.»

قال الدوق: «وأنا سأستجيب لطلبك.»

«اعفُ عن هؤلاء الرجال، يا مولاي، وأَعطِهم عملًا. فهم يستحقون أفضل مما هم فيه.»

قال الدوق: «عفوت عنهم وعنك. وسيكون عملهم منذئذٍ بأجر.»

سأله فالنتاين، مشيرًا إلى جوليا: «ما رأيك في هذا الغلام، يا مولاي؟»

ألقى الدوق نظرة عليها وقال: «أظنُّ أنه من أصل كريم.»

قال فالنتاين ضاحكًا: «إنه جدير بالتقدير أكثر من أي غلام سواه.» وكان العقاب الوحيد الذي كان على بروتياس أن يناله على خيانته للحب والصداقة هو سرد مغامرات جوليا أو سيباستيان الفيرونية في حضوره.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤