التقريظات

(١) تقريظ كتاب «فحول البلاغة» لمؤلّفه السيّد توفيق البكري (نشر هذان البيتان في سنة ١٣١٣هـ)

هذا كتابٌ مُذْ بدا سِرُّهُ
للنّاس قالوا: مُعْجِزٌ ثاني
أثابَكَ اللهُ على جَمْعِهِ
ثوابَ (عُثْمانَ بنِ عَفّانِ)

(٢) تقريظ «جريدة مصباح الشرق» لصاحبها إبراهيم المويلحي بك

أهْلَ الصّحافةِ لا تَضِلُّوا بَعْدَه
فسَماؤُكُمْ قدْ زانَها (المِصْباحُ)
الحقُّ فيه زَيْتُه، وفَتيلُه
صِدْقُ الحديثِ، ونُورُه الإصْلاحُ

(٣) تقريظ ديوان الشاعر الكاتب مصطفى صادق الرافعي (سنة ١٣٢١هـ–سنة ١٩٠٤م)

أراكَ — وأنتَ نَبْتُ اليومِ — تَمْشي
بشِعْرِكَ فوقَ هامِ الأوَّلينا
وأُوتِيتَ النُّبُوّةَ في المَعاني
وما دانَيْتَ حَدَّ الأرْبَعينا
فزِنْ تاجَ الرِّآسةِ بعد (سامي)
كما زانَتْ فرائِدُه الجَبينا
وهذا الصَّوْلَجانُ فكُنْ حَريصا
على مُلكِ القريضِ وكُنْ أمينا
فحَسْبُكَ أنّ مُطرِيَكَ (ابنُ هاني)
وأنّكَ قد غَدَوْتَ له قَرينا

(٤) تهنئة المؤيّد بداره وبمظهره الجديدين (نشرت في ٣ أكتوبر سنة ١٩٠٦م)

أحْيَيْتَ مَيْتَ رَجائِنا بصَحيفةٍ
أثْنى عليها الشَّرْقُ والإسلامُ
أضْحَتْ مُصَلَّى للبَلاغَةِ عِندما
سَجَدَتْ برَحْبِ فِنائها الأقْلامُ
فعَلَى مُؤَيَّدِكَ الجديدِ تحيّةً
وعلى مُؤَيَّدِكَ القديمِ سَلامُ

(٥) تقريظ «حديث عيسى بن هشام» لصاحبه محمّد المويلحي بك

قَلَمٌ إذا رَكِبَ الأنامِلَ أو جرَى
سَجَدَتْ له الأقلامُ وهي جَواري
يَختالُ ما بيْنَ السُّطورِ كضَيْغَمٍ
يَختالُ بيْنَ عَوامِلٍ وشِفارِ
تَأْوي الظِّباءُ إليه وهيَ أوانِسُ
وتَحيدُ عنه الأسْدُ وهيَ ضَواري
ما حالَ خُلْقُ الماءِ بيْنَ سُطورِه
إلاّ إلى خُلُقِ الزِّنادِ الواري
فإذا رَضيتَ فأحْرُفٌ مِنْ رَحْمَةٍ
وإذا غَضِبْتَ فأحْرُفٌ من نارِ
يابنَ الّذي غَنَّى اليَراعُ بكَفِّه
فصَبَتْ إليه مسامِعُ الأقْدارِ
لكَ في دَمي حَقٌّ أرَدْتُ وَفاءَه
يومَ الوَفاءِ فقصَّرَتْ أشعارِي
لم يُنْسِني مَرُّ الزَّمان ولم يَزَلْ
حِفْظُ الوِدادِ سَجِيَّتي وشِعاري
هذا كتابُكَ قد حَكَتْ آياتُه
آياتِ موسى التِّسْعِ في الإكبارِ
نَسَجَ الحريرَ أبوكَ نَسْجَ نِجارِه
ونَسَجْتَ أنْتَ حرائرَ الأفكارِ
فإذا نَثَرْتَ على الصَّحيفةِ خِلْتُها
غَرْسًا ألَحَّ عليه صَوْبُ قِطارِ
يا صاحِبَ المِصباحِ ما ذَنْبُ النُّهى
حتّى حَجَبْتَ مطالِعَ الأنوارِ
قد كنتَ تَهديها السَّبيلَ بضَوئه
فتَركْتَها في ظُلْمَةٍ وعِشارِ
باتتْ تُرَجِّي منكَ عَوْدَةَ غائِبٍ
نُورُ البصائِر فيه والأبصارِ
وشمائل الفِكْرِ الّتي أرْسَلْتَها
حِكَمًا فأغنَتْها عن الأسفارِ
فاشْرَعْ يَراعَكَ يا (مُحَمّدُ) إنّه
نارُ اللِّئامِ وجَنَّةُ الأحْرارِ
وابعثْ لنا (عيسى) فهذا وَقْتُه
فالناسُ بيْنَ مُخادِعٍ ومُواري
ومُطاوِلٍ في الكاتِبِين ومُدَّعٍ
في العالِمِين ومُولَعٍ بفَخار
أمِنوا يَراعَكَ حين طالَ سُكونُه
فَتَطَلَّعوا لمَراتِبِ الأقْمارِ
إنِّي لأنْظِمُ ما نَثَرْتَ وإنْ يَكُنْ
نَثْرُ النَّظيمِ مَطِيَّةَ النَّثَّارِ

(٦) تقريظ كتاب مرآة العروض

المطبوع سنة ١٣٣٥هـ تأليف الشيخ أحمد عثمان المحرزي القاضي الشرعيّ

(عُثْمانُ) إنّكَ قد أتَيْتَ مُوَفَّقًا
شَرْوَى سمِيِّكَ جامعِ التَّنزيلِ
جَمَّعْتَ أشْتاتَ القريضِ وزِدْتَه
حُسْنًا بهذا الشرحِ والتَّذْييلِ
وجَلَوْتَ (مِرْآةَ العَروضِ) صَقيلةً
للنِّيل فاستَوْجَبْتَ شُكْرَ النِّيلِ

(٧) تقريظ صحيفة كوكب الشرق لصاحبها محمّد حافظ عوض بك (نشر هذان البيتان في أوّل عدد صدر منها في ٢١ سبتمبر سنة ١٩٢٤م)

يا كَوْكَبَ الشَّرْقِ أشْرِقْ
فالحادِثاتُ تَجِدُّ
لا تَخْشَ طالِعَ سُوءٍ
فكَوْكَبُ الشَّرْقِ سَعْدُ

(٨) تهنئة المقتطف بعيدها الخمسيني (نشرت في أوّل يونيو سنة ١٩٢٦م)

شَيْخانِ قد خَبَرا الوُجودَ وأدْرَكا
ما فيه مِنْ عِلَلٍ ومِنْ أسْبابِ
واستَبْطنا الأشياء حتّى طالعا
وَجْهَ الحقيقةِ مِنْ وَراءِ حِجابِ
خَمسونَ عامًا في الجِهادِ كِلاهُما
شاكِي اليَراعَةِ طاهِرُ الجِلْبابِ
لا تَعْجَبوا إنْ خَضَّبا قَلَمَيْهِما
وبياضُ شَيْبهِما بغَيْر خِضابِ
فلكُلِّ حُسْنٍ حِلْيَةٌ يُزْهَى بها
وأرَى اليَراعَةَ حِلْيَةَ الكُتّابِ
إنِّي نَظَرْتُ إلى اليَراعَةِ في يدي
فحَسِبْتُها في القَدْرِ عُودَ ثِقابِ
ونَظَرْتُها تَنْقَضُّ من كَفَّيْهما
فوقَ الطُّروس فخِلْتُها كشِهابِ
يُزْهَى مُدَجَّجُنا برُمْحٍ واحدٍ
وأراهُما لا يُزْهَيانِ بغابِ
مُتواضِعانِ ولا أرى مُتَكَبِّرًا
غيرَ الجَهول مُدَنَّسًا بالعابِ
يَتَجاذَبُ القُطْرانِ من فَضلَيْهِما
ذَيْلَ الفَخارِ وليسَ ذا بعُجابِ
فهُما هنا عَلَمان من أعلامِنا
وهُما هُنالِكَ نُخْبَةُ الأنْجابِ
جازَا مَدَى السَّبعينَ لم يَتوانَيا
عن وَصْل حَمْدٍ واجْتِنابِ سِبابِ
نَسَباهُمَا قَلماهُما فليَسْحَبا
ذَيْلاً على الأحْسابِ والأنْساب
قلمانِ مَشْروعان، في شِقَّيْهِما
وَحْيٌ يُفيضُ على أُولي الألْبابِ
مُتَسانِدانِ إذا الخُطوبُ تألَّبَتْ
مُتعانِقانِ تَعانُقَ الأحْبابِ
نَفَحاتُ (آذارٍ) إذا لم يُظْلَما
فإذا هُما ظُلِما فَلفْحَةُ (آبِ)
ما سَوَّدا بَيْضاءَ إلا بَيَّضا
بالكاتَبيْنِ صحيفةَ الإعْجابِ
للمَقْصِدِ الأسمَى لدى حَرَمِ النُّهى
رفَعَا قِبابًا حُوجِزَتْ بقِبابِ
خطَّا بمُقْتَطَفِ العُلومِ بدائِعًا
وروائعًا بقَيتْ على الأحْقابِ
جاءَا لنا من كلَِّ عِلْمٍ نافعٍ
أو كلِّ فنِّ مُمْتِعٍ بلُبابِ
في كلِّ لَفْظٍ حِكْمَةٌ مَجْلُوَّةٌ
وبكلِّ سطْرِ مَهْبِطٌ لصَوابِ
فاللَّفظُ فيه مُقَوَّمُ بصحيفةٍ
والسَّطْرُ فيه مُقوَّمٌ بكِتابِ
داني القُطوفِ كريمةٌ أفْياؤُهُ
عَذْبُ الوُرودِ مُفَتَّحُ الأبوابِ
ذُلَلٌ مَسالِكُه فأنَّى جِئْتَه
ألْفَيْتَ نَفْسَكَ في فسيحِ رِحابِ
تَتسابَقُ الأقْلامُ فيه ولا تَرى
مِنْ عاثِرٍ فيها ولا مِنْ نابي
كم مِنْ يراعِة كاتبٍ جالَتْ به
ولُعابُها في الطِّرْس حُلْوُ رُضابِ
كم من سُؤالٍ فيه كان جَوابُه
إلهامَ نابِغَةٍ وفَصْلَ خِطابِ
كم فيه من نَهرٍ جَرَى بطريقةٍ
تَرِدُ النُّهى منه ألَذَّ شَرابِ
وَقَفَتْ سُقاةُ الفَضْلِ في جَنَباتِه
تُرْوي النُّفوسَ بمُتْرَعِ الأكْوابِ
ماذا أعُدُّ وهذه آياتُه
في العَدِّ تُعْجِزُ أمْهَرَ الحُسّابِ
قد نُسِّقْتَ وتَآلَفَتْ فكأنّها
في الحُسْنِ مِثْلَ تآلُفِ الأحْزابِ
وتَرَى تهافُتَنا عليه وحِرصَنا
فتَخالُ فيه مَقاعِدَ النُّوّابِ
يا ثَرْوَةَ القُرّاءِ من عِلْمْ ومن
فَضْلٍ ومن حِكَمٍ ومن آدابِ
الشَّرْقُ أثْبَتَ يومَ عيدِكَ أنّه
ما زال في رِيٍّ وخِصْبِ جَنابِ
عادَتْ سَماءُ الفَضْلِ فيه فأطْلَعَتْ
زُهْرًا مِنَ الأعْلامِ والأقْطابِ
العِلْمُ شَرْقيٌّ تَغافَل أهْلُه
عنه فعاقَبَهُمْ بطولِ غِيابِ
وتَنَبَّهوا لمُصابهم فتَضَرَّعوا
فعَفَا وعاوَدَهُم بغَيْرِ عِتابِ
فتَذَوَّقوا طَعْمَ الحياةِ وأدْرَكُوا
ما في الجَهالة من أذًى وتَباب
العِلْمُ في البَأساءِ مُزْنَةُ رَحمة
والجَهْلُ في النَّعماء سَوْطُ عَذابِ
ولعلَّ وِرْدَ العِلْمِ ما لم يَرْعَه
ساقٍ مِنْ الأخْلاقِ وِرْدُ سَرابِ
إنِّي قرأتُكَ في الكُهولَةِ والصِّبا
ومَلأتُ من ثَمَرِ العقولِ وِطابي
وأتَيْتُ أقْضي بعضَ ما أوْلَيْتَني
وأقولُ فيكَ الحَقَّ غيرَ مُحابي
لو كنتُ في عَهْدِ الفُتُوَّةِ لم أزَلْ
لوَهَبْتُ للشَّيْخَيْنِ بُرْدَ شبابي
لكنَّني أبْلَيْتُه وطَوَيْتُه
وتَخِذْتُ من نَسْجِ المَشيبِ ثيابي
وأرَى رِكابي حينَ شابَتْ لِمَّتي
يَحْتَثُّها سَفَرٌ بغَيْرِ إيابِ
(يَعْقُوبُ) إنَّك قد كَبِرتَ ولم تَزَلْ
في العِلْمِ لا تَزْدادُ غير تَصابي
لاحَتْ برأسَِك هِزَّةٌ ولَعَلَّها
من وَقْعِ فِكْرِكَ لا مِن الأعْصابِ
فِكْرٌ سريعٌ كَرُّه مُتَدَفِّعٌ
كَتَدَفُّعِ الأمواجِ فوقَ عُبابِ
لا يستقِرُّ ولا يُحَدِّثُ نَفْسَه
أنْ ينْثَني عَنْ جَيْئَةٍ وذَهابِ
أو أنَّها طَرَبٌ بنَفْسِكَ كلَّما
وُفِّقْتَ في بَحْثٍ وكَشْفِ نِقابِ
أو أنّها استنكارُ ما شاهَدْتَه
في النَّاسِ من لَهْوٍ وسُوءِ مَآبِ
لم يُلْهِكَ الإثراءُ عن طَلَبِ العُلا
بالجِدِّ لا بتَصَيُّدِ الألْقابِ
لك في سبيل العِلْمِ أجْرُ مُجاهِدٍ
والصَّبْرِ أجْرُ مُلازِمِ المِحْرابِ
وإليكَ من جُهْدِ المُقِلِّ قصيدةً
يُغْنيكَ مُوجَزُها عن الإسْهابِ
لولا السِّقامُ وما أكابِدُ من أسًى
لَلَحِقْتُ في هذا المَجالِ صِحابي

(٩) تقريظ كتاب «في ظلال الدموع» لصاحبه محمّد شوكت التوني (نشر في ٧ نوفمبر سنة ١٩٢٩م)

قد قرأنا ظِلالَكُمْ فاشتَفَيْنا
بارَكَ اللهُ في (ظِلالِ الدُّموعِ)
عَلَّمَتْنا لدى الأسى كيفَ تَشْفي
مُرْسَلاتُ الدُّموعِ داءَ الضُّلوعِ
وأرَتْنا من الجديد بَيانًا
لم يَكُن قَبْلَها كثيرَ الشُّيوعِ
في طِرازٍ كأنّما نَسَّقَتْه
من مَجاني الرُّبا بَنانُ الرَّبيعِ
فعلى كاتِبِ الظِّلالِ سَلامٌ
من حَزينٍ وبائِسٍ وصِريعِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤