لقطة مقربة: ساسبيريا

شكل ٣-٢٦: فيلم «ساسبيريا» (داريو أرجِنتو، ١٩٧٧).
  • إخراج: داريو أرجنتو.
  • سيناريو: داريو أرجنتو وداريا نيكولودي.
  • تصوير: لوتشيانو توفولي.
  • مونتاج: فرانشيسكو فراتيتشيلي.
  • موسيقى تصويرية: جوبلين.
  • تصميم إنتاج: جوسيبي باسان.
  • مؤثرات خاصة: جيرمانو ناتالي.
  • إنتاج: سيدا سبيتاكولي.
  • وُزِّع: في الولايات المتحدة بواسطة إنترناشونال كلاسيكس عام ١٩٧٧ (مُدبلَج).
  • اللغة: الإيطالية، والإنجليزية، والألمانية، والروسية، واللاتينية، مصحوبًا بترجمة مرئية إنجليزية، هذا بالإضافة إلى دبلجته بالإنجليزية.
  • زمن الفيلم: ٩٨ دقيقة.
الأبطال:
  • جيسيكا هاربر، بِدَور: سوزي بانيون.

  • ستيفانيا كاسيني، بِدَور: سارة.

  • فلافيو بوتشي، بِدَور: دانييل.

  • ميجيل بوسيه، بِدَور: مارك.

  • باربرا ماجنولفي، بِدَور: أولجا.

  • سوزانا جايفكولي، بِدَور: سونيا.

  • إيفا أكسين، بِدَور: بات هينجل.

  • رودولف شوندلر، بِدَور: البروفيسور ميليوس.

  • أليدا فالي، بِدَور: الآنسة تانر.

  • جون بينيت، بِدَور: مدام بلان.

بالنظر إلى سُمعة إيطاليا فيما يتعلَّق بالإسراف العاطفي وتاريخها السياسي العنيف والخيال الجامح لفنَّانيها، فليس من المفاجئ أن موطن فيردي ودانتي وميكيلانجلو أنتج بعض أقوى أفلام سينما الرعب. لم تُصبِح إيطاليا أمةً إلا في القرن التاسع عشر، لكن الوعي الجَمعي لناسِها كان قد شكَّلته لقُرونٍ الصور الغريبة للوحة «الحساب الأخير» لميكيلانجلو ولحظات الرعب في الجزء الأول من «الكوميديا الإلهية» لدانتي والمُعنون «الجحيم» والجُوقات الهادِرة لأُوبرات فيردي. غذت نصيحة ميكيافيلي في كتابه «الأمير» بالاستخدام المُمنهَج للقوَّة الغاشمة والاغتيالات والخِداع من أجل تحقيق مكاسِب سياسية، أفكارًا نمطية تظهر في تراجيديات شكسبير ودراما الانتقام في الحِقبة اليَعقوبية. انبثَقَ من هذا التقليد الفني الحسِّي نوع سينمائي فرعي لأفلام الرُّعب يُسمَّى «الجيالو» في الستينيات. سُمِّيَ هذا النوع هكذا نسبة إلى اللون الفاقع للأغلفة الورقية لروايات الغموض الإيطالية الرَّخيصة (جيالو تعني أصفر بالإيطالية)، وكانت أوائل أفلام الجيالو أفلام غموض وجريمة وإثارة. عرَّف ماريو بافا هذا الاتجاه بتقديم مشاهِد مُتقَنة تعرض عنفًا بنحو خلَّاق وسفك دماء بنحو فني، موليًا أولوية للجوِّ العام أكثر من معقولية الأحداث، ومُثيرًا الخوف والارتياب لدى الجمهور. أكثر خلفاء ماريو بافا موهبةً هو داريو أرجنتو ويُمكن القول إنَّ فيلم «ساسبيريا» يُعتبَر أهمَّ أعماله، والذي أصبَحَ فيلمًا كلاسيكيًّا له طوائف من المُعجَبين وذا تأثير كبير على المخرجين حول العالم.

تدور أحداث فيلم «ساسبيريا» في مدينة فرايبورج الألمانية، حيث أتت شابة أمريكية تُسمَّى سوزي بانيون (تقوم بدورها جيسيكا هاربر) لتَدرُس الباليه في أكاديمية للرقص رفيعة المستوى. تصل في ليلة مظلمة عاصفة، وتشير إلى سيارة أجرة لتُوصِّلَها تحت المطر الغزير خلال غابة كئيبة المنظر إلى الأكاديمية ذات الواجهة الحمراء الكالِحة. هناك ترى طالبة تهرُب في رعب ولن تعودَ إلى المكان أبدًا. وعندما تجد سوزي أن الباب مُغلَق، تقضي الليلة في المدينة وتعود في اليوم التالي لتَستقبِلَها مُديرتا المدرسة الآنسة تانر الصارمة (التي تقوم بدورها أليدا فالي) ومدام بلان اللطيفة المخادِعة (التي تقود بدورها جون بينيت). تُعامل الفتيات الأخريات سوزي كغريبة غير مرحَّب بها، لكنها تصادق سارة، وهي فتاة أخرى منبوذة. تستكشِفُ الفتاتان معًا، أسرار المدرسة؛ سلسلة لا تنتهي من الطلاب الذين اختَفَوا ونشاطات غريبة بعد انتهاء اليوم الدراسي وأَروِقَة مُلتوية وأبواب خفية؛ ويقود كل هذا إلى مواجهة نهائية بين سوزي والعجوز المؤسِّسة للأكاديمية، هيلينا ماركوس. يبث الفيلم إحساسًا بأنه حكاية خيالية؛ كأنه النسخة الإيطالية من قصة «أليس في بلاد العجائب» — أو تتمتُها رواية «عبر المرآة» — حيث يُمثِّل فضول سوزي دافعًا لرحلتها في بيئة سريالية من الأحداث المروِّعة والكيانات الخارقة للطبيعة.

طبقًا لرواية أرجنتو، يرجع أصل قصة الفيلم إلى رحلاته خلال «المثلَّث السِّحري» الواقع على الحدود بين سويسرا وفرنسا وألمانيا، وهو منطقة مُرتبِطة بالرُّوحانية وطقوس عبادة الشيطان.1 أسَّس رودولف شتاينر مدرسة فالدروف هناك عام ١٩١٩ للتَّرويج للتعاليم الروحية الخاصة بجمعية الأنثروبوسوفيا خاصته. اتُّهم شتاينر بتشجيع الوثنية، واحترقت المدرسة في ظروف غامضة. أشارت الكاتبة المساعِدة لأرجنتو ومعاونته لزمن طويل، داريا نيكولودي، إلى وجود مصادر أخرى للقصة تتضمَّن قصة واقعية لجدَّتها التي كانت عازفة بيانو انضمت لأكاديمية موسيقية اتضح أنها مكان لممارسة السحر الأسود. هربَت جدَّة داريا بسبب خوفها من مخطَّطات مُدرِّسيها الشيطانية. يأتي عنوان الفيلم من «ساسبيريا دي بروفونديس»، وهي عبارة لاتينيَّة تعني «أنَّات من الأعماق»، وهي مجموعة من المقالات كتَبَها الكاتب الإنجليزي توماس دي كوينسي في القرن التاسع عشر، والذي يعكس نثرُه الخيالي إدمانه للأفيون. استعان أرجنتو بثلاث شخصيات أمومية صنَعها دي كوينسي؛ وهي «سيدة الأنَّات» و«سيدة الدموع» و«سيدة الظلام»، ليصنع ثلاثية عن الوحوش الأمومية؛ «ساسبيريا» (١٩٧٧)، و«جحيم» («إنفرنو»، ١٩٨٠)، و«أم الدموع» («ماذر أوف تيرز»، ٢٠٠٧) على الترتيب. وبالنظر إلى الأفلام الثلاثة من منظور نِسَوي، فإنها، بالإضافة إلى شخصيات أرجنتو النسائية بنحوٍ عام، فُسِّرت كمُؤشِّرات على نظرة المُخرج الشخصية للنِّساء وكأعراض المجتمع الإيطالي.
ولد داريو أرجنتو في روما عام ١٩٤٠ لسلفاتوري أرجنتو، وهو مُنتِج ومُنفِّذ سينمائي، وإيلدا لوكساردو، وهي مُصوِّرة فوتوغرافية مولودة في البرازيل. قضى داريو طفولتَه في أستديو والدته مُكتسِبًا انجذابَها للوجه البشري ومُستكشِفًا العديد من الأَروِقَة والسلالم التي ستَظهر في أفلامه لاحِقًا. عاشَ داريو في عُزلة مُختارة، حيث قرأ كثيرًا وذهَب إلى السينما، واستغرَقَ في رُؤًى خيالية، واستكشف الجانب المظلم من الطبيعة البشرية. يصفه المُمثِّلون الذين يعملون معه بأنه رجل عصبي «دائمًا ما يستكشِفُك مُحدقًا في رُوحك.»2 بدأ أرجنتو مسيرته في السينما ناقِدًا وكاتب سيناريو. تعاوَنَ مع برناردو بيرتولوتشي في كتابة سيناريو فيلم سيرجيو ليوني «حدث ذات مرة في الغرب» (١٩٦٨)، واكتَشَفَ إعجابه الشديد بمخرج أفلام الاسباجيتي الذي كان مهتمًّا بشكلِ وطابع أفلامه أكثر من منطقية قصصها. كان أول فيلم أخرجه أرجنتو فيلم جيالو غموض بعنوان: «الطائر ذو الريش الكريستالي» («ذا بيرد ويذ ذا كريستال بلاميج»، ١٩٧٠). حقَّق الفيلم نجاحًا كبيرًا في إيطاليا وأدَّى إلى صنع فيلمَين آخرَين في «ثلاثية الحيوانات» خاصَّته؛ وهما: «القط ذو التسعة ذيول» («ذا كات أو ناين تيلز»، ١٩٧١)، و«أربع ذبابات على مخمل رمادي» («فور فلايز أون جراي فيلفيت»، ١٩٧١). وبعد تحوُّلٍ قصير إلى العمل في الدراما التلفزيونية، صنَع فيلم «أحمر داكن» («ديب ريد»، ١٩٧٥) موليًا عناية خاصة للإيقاع المُشوِّق والآليات الإبداعية للقَتلِ التي طوَّرَها في كل أفلامه اللاحقة. عمل أرجنتو داخل إيطاليا وعلى فترات خارجها، وأخرج أكثر من ٢٠ فيلمًا وحلقة تلفزيونية بحلول عام ٢٠١٣.

من يبحثون عن ترابُط سردي وتمثيل واقعي، ربما تبدو سمعة أرجنتو بصفته مخرجًا غامِضة قليلًا في البداية. يبدو فيلم «ساسبيريا» كمجموعة من المشاهِد المُتكلَّفة المُصمَّمة بعناية أكثر من كونه قصة جيدة الحَبكة. يبدو الحوار أجوفَ ومُبتذَلًا خاصة أنه دُبلِج أثناء مرحلة ما بعد الإنتاج، مما فصَله عن لحظته الدرامية الحية في موقع التصوير. لكن هذا الانفصال بين صوت المُمثِّلين وأفعالهم يُكسب ما يقولونه سمةً غريبة مُنفصِلة عن الواقع تُساهِم في الجو العام للفيلم. أما بالنسبة إلى القصة العَرَضِية التي هي عبارة عن أفعالٍ عشوائية لعُنفٍ لا مُبرِّر له من مصدرٍ مجهول، فيُمكِنها أن تكون مثيرةً للخوف أكثر من عنفٍ له دوافعه يصدُر عن قاتل مُتسلسِل.

يُشتِّت أرجنتو مُشاهديه بمجموعة من زاويا التصوير الغريبة ولقطات المتابعة المُثيرة للدُّوار واللقطات المقرَّبة المُفاجئة والتغيُّرات الإيقاعية المخلَّة. في المشهد الأول المخيف في الفيلم، عندما تلجأ بات، الطالبة الهاربة، إلى شقة صديقتِها، يظهر تتابُع سريع للقطات المعكوسة؛ النافذة تنفتح من وجهة نظر بات ثم تنتقل الكاميرا إلى صديقتها التي تندفع من الباب، ثم تتراجع مرةً أخرى من النافذة بينما تُغلقها الصديقة التي تقول: «إنها الرياح ليس إلا»، لكن تردُّد الكاميرا في الجانب الآخر يُخبرنا بأن الأمر غير هذا. بعد لحظات، تلي لقطة خارجية بعيدة جدًّا تؤطر بات في النافذة الصغيرة الناتئة من السقف المائل سلسلة من اللقطات المتوسطة والمقربة من الداخل، تُصاحبها موسيقى تصويرية مُتنافِرة النغمات لأجراس كنسية وأوتار بينما تذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا، ثم تُحملِق عبر لوح الزجاج في الظلام (شكل ٣-٢٦). الانتظار مُؤلم؛ لكن فجأة، نرى زوجًا من العيون من دون جسد، ثم تقتحم ذراع مُشعِرة المشهد وتضرب وجهها بزجاج النافذة. ما يحدث بعد ذلك أكثر غرابة ورعبًا؛ مونتاج سريع جدًّا لصُوَر زجاج يتحطَّم وأجسام تُنتَهَك ودم يتساقَط. كل هذا يحدُث في موقع مزيَّن بتصميمٍ يتبع أسلوب «آرت ديكو» وورَق حائط مُستلهَم من الخدع البصَرية للهولندي موريتس إيشر ومُضاء بألوان مُبهرَجة.

استهلمَ أرجنتو التصميم اللوني لفيلم «ساسبيريا» من استخدام ديزني لتقنية التصوير بالألوان «تكنيكلر» في فيلم «سنو وايت والأقزام السبعة» (١٩٣٧). كانت عملية التكنيكلر عام ١٩٧٧ قد أصبحَت بالفِعل أمرًا عتيقًا من الماضي، لكن أرجنتو نجح في الحصول على إحدى آخر الآلات المُتبقية المستخدمة في تنفيذها واستخدمها بمساعدة مرشحات لتكثيف التباين بين الألوان الرئيسية؛ إذ كلما قلَّت الواقعية، كان هذا أفضل. ورغم أن هذه الطريقة أبطأت إنتاج الفيلم، فقد كان أرجنتو وطاقم العامِلين بالفيلم مُستعدِّين لصناعة كلِّ مشهد بدقة وعناية، مُقيمين وضابِطين كل موقع تصوير باليد وهم يشعُرُون بالفخر. صُوِّر المشهد الذي يُواجه فيه رجلٌ أعمى وكلبُه الذئبي المدربَ لمُرافقة المكفوفين تهديدًا غير مرئي في ميدان كونيجسبلاتس الواسع الفارِغ في موقعٍ استغرق بناؤه وإضاءتُه أسابيع. تُحيط الأعمدة الإغريقية بالميدان في زوايا غريبة كما لو كانت في لوحة سريالية لدي كيريكو. عندما يبدأ الكلبُ في النباح، تُبرِز الكاميرا ألم الرجل بالتنقُّل بين لقطات من زوايا عُلوية جدًّا وأخرى مُنخفضة. الكاميرا الآن أسفله، الآن تنسلُّ وراء الأَعمدة، الآن هي مُثبتة على صقرٍ حَجَري ثم تطوف فوقه كعفريت طائر. السؤال ليس هل كان سيُهاجم أم لا، بل متى ومن أين سيأتي الهجوم.

لا تقلُّ الموسيقى التصويرية المميَّزة للفيلم أهميةً عن هذه المؤثرات البصرية. استعان أرجنتو بفرقة روك إيطالية تُسمى «جوبلين» لتأليف جزء كبير من الموسيقى التصويرية، والذي ألَّفوه باستخدام مجموعة من آلات النقر الأفريقية والأجراس وآلات الجونج والأجراس الكنسية والأَكواب البلاستيكية والمَطارق. من أجل تتابُع المشاهد الافتتاحية في سيارة الأجرة، استخدموا لحنًا مُستوحًى من موسيقى فيردي على ميزان ٥ / ٤ مما يخلُق إيقاعًا موسيقيًّا غريبًا مُتأخِّرًا قُلِّد لاحقًا في أفلام مثل «هالووين» وغيره من أفلام الرعب حول العالم.

أحيانًا، يبدو فيلم «ساسبيريا» كحكاية خيالية للكبار. فإذا كانت سوزي أليس أخرى تستكشف عالمًا مسحورًا، فإن أليس مصابة بجنون الارتياب بحق؛ لأن هذا العالم مكان مليء بالشر. فلا يُمكن الوثوق بالمسئولين وخاصة النساء اللاتي يستخدِمنَ المدرسة كغطاء لأنشطتهن الشريرة. إنَّ انخراطهن في الظواهر الخارقة يُفسِّره رجلان في الفيلم بمصطلحات عقلانية. يؤمن طبيب سارة النفسي أن السحر نوع من الجنون ينتشر في العالم. يقول: «العقول المحطمة — وليست المرايا المحطمة — هي من يجلب الحظ السيئ.» يوضح أستاذ ألماني متخصِّص في دراسات السحر والتنجيم أن السِّحر يُكسِب النساء قوة؛ قوة لإيقاع الأذى. تأتي ثروة اجتماع الساحِرات من أذية الآخرين. تُشير هذه الروايات إلى نزاع قائم بين القوى الذكورية والأنثوية، والذي ينعكس في المساحات المخصصة للجنسين في الفيلم. ترتبط النساء بالمساحات الداخلية المزخرفة بنحوٍ كبير والمُخفَّفة بخُطوط مُنحنية. أما الرجال، فيرتبطون بالمساحات الخارجية؛ فعلاماتهم المعمارية هي ناطحات السحاب، والأعمدة أحادية اللون كالواجهات البيضاء الإغريقية في ميدان كونيجسبلاتس، والمبنى الإداري الشاهق الارتفاع، الذي يلتقي به الأطباء النفسيون.

انتُقِد أرجنتو بسبب تأكيده على الأنماط التقليدية؛ فمعظم ضحاياه من الإناث والنساء العجائز شريرات. لكنَّ هناك كذلك ضحايا من الرجال، وبعضهم جزء من الشر. من المحتمل كذلك النظر إلى السحر كسعي تدميري للثروة والقوة في عالم تُسيطِر عليه العقلانية الذكورية ونظام ذكوري يُصنِّف النساء القويات كمُهرطِقات. في النهاية، يعكِس فيلم «ساسبيريا» العلاقات التاريخية بين الجنسَين في بلد ما زالت الكنيسة الكاثوليكية فيه تُدار بواسطة رجال، كما تعرض وسائل الإعلام الشعبية بانتظامٍ النساءَ كأدوات للإثارة الجنسية. يستعير أرجنتو صفحة أخرى من التاريخ في مشهد الرجل الأعمى، حيث إن ميدان كونيجسبلاتس كان موقعًا لمسيرات النازيين تحت حكم أدولف هتلر، وكان الكلب الذئبي حيوانه المفضل. يستدعي هذا الهجوم الليلي الشرس على مواطن أعزل أهوال الحرب العالَمية الثانية.

لا يُعدُّ فيلم «ساسبيريا» وأفلام الجيالو المرتبطة به مناسبة لجميع أنواع المُشاهِدين؛ فالعنف المُبالَغ فيه لصور أرجنتو المروعة، وتركيزه على الجانب العاطفي والجو العام أكثر من الشخصيات والقصة، وتفضيله للتجارب الهذيانية للأحلام هو ما يحبه معجبوه المخلصون في أفلامه. وبالإضافة إلى هؤلاء الأتباع حول العالم، فإن دائرة محبيه تتضمن بعضًا من أرفع مخرجي السينما مكانة. إذ يعتبر جون كاربنتر فيلم «ساسبيريا» «واحدًا من أفضل أفلام الرعب التي صُنِعت … فهو عمل فني مذهل، بسيط وعميق الأثر.»3 كما طلب جورج روميرو من أرجنتو إنتاج فيلمه «فجر الموتى» (١٩٧٨)، واستمر في العمل معه في مشروعات أخرى. ويعد مارتن سكورسيزي وجو دانتي أعماله ضمن أفلامهما المفضلة، حيث إن لها طعمًا يُجرَّب أو يُنَمَّى أو يُكتَسَب.

أسئلة

  • (١)

    ما أكثر الأمور أصالة أو جاذبية أو إثارة للاضطراب التي تجدها في فيلم «ساسبيريا»؟ بمعنى آخر، ما الجوانب البارزة في سينما أرجنتو؟

  • (٢)

    انظر إلى لحظات الإيضاح في الفيلم؛ أي، المشاهد عندما يقوم شخص (كالطبيب النفسي أو البروفيسور الألماني) بعرض معلومات لتفسير ماذا يحدث في أكاديمية الرقص. كيف يُفسِّرون الأحداث الخارقة للطبيعة؟ وما مدى الجدية التي يجب أن ننظر بها إلى هذه التفسيرات؟

  • (٣)

    شبه جورج روميرو أرجنتو برسامين مثل بول جوجان وفنسنت فان جوخ، المهتمين برؤيتهم الشخصية أكثر من التصوير الموضوعي للعالم. لأي مدى يبدو فيلم «ساسبيريا» عملًا انطباعيًّا أو تعبيريًّا أو سرياليًّا؟

  • (٤)

    تُعتبر أكاديمية الرقص مكانًا أنثويًّا حيث تُديره وتُزيِّنه وتسكُنه النساء بنحو أساسي. انتبه جيدًا إلى التصميم والمفروشات وورق الحائط واختيارات الألوان خاصته. ما الذي تشي به هذه الأمور عن النساء في الفيلم؟

  • (٥)

    لاحظ كيف أن تفاصيل بصرية بعينها (مثل الماء والزجاج والأبواب والردهات واللون الأحمر) تُكرَّر باعتبارها أفكارًا رئيسية. ما الأغراض التي يخدمها هذا التكرار؟ وما الذي يربط هذه الأفكار بعضها ببعض وبالأفكار العامة للفيلم؟

  • (٦)

    اختر مشهدًا واحدًا للتحليل الدقيق لقطة بلقطة. دوِّن قرارات المخرج بشأن مدة اللقطة وتصميم الديكورات والتصوير والإضاءة والألوان والصوت والحوار والأداء. ما الأسباب التي يُمكنك سردها لتبرير هذه القرارات؟ وما الذي تُساهم به هذه القرارات في الأثر العام للفيلم؟

  • (٧)
    في كتاب «مرايا مُحطَّمة/عقول مُحطَّمة»، تقدم ميتلاند ميكدونا تحليلًا شكليًّا لفيلم «ساسبيريا» قائم على أعمال فلاديمير بروب، الباحث في الحكايات الشعبية الروسية.4 تُقارِن ميكدونا بين رحلة سوزي والقصص التراثية: يترك البطل المنزل ويتلقَّى تحذيرات قبل أن يخدعه شرير الفيلم ويُشاهد أذى أحد أفراد العائلة وما إلى ذلك. إلى أي مدًى تتبع قصة الفيلم تصنيف بروب أو تتوافَق مع أي حكايات خرافية أخرى تعرفها؟

قراءات إضافية

  • De Ville, Donna. “Menopausal Monsters and Sexual Transgression in Argento’s Art Horror.” In Robert Weiner and John Cline, eds., Cinema Inferno: Celluloid Explosions from the Cultural Margins, 53–75. Scarecrow Press, 2010.
  • Fischer, Dennis. Horror Film Directors, 1931–1990. McFarland & Company, 1991.
  • McDonagh, Maitland. Broken Mirrors/Broken Minds: The Dark Dreams of Dario Argento. Sun Tavern Fields, 1991.

هوامش

(1) “Interview with Co-Writer/Director Dario Argento,” bonus feature on DVD with Suspiria 2-Disc Special Edition (Blue Underground, 2009).
(2) “Interview.”
(3) Dario Argento: An Eye for Horror, TV film, directed by Leon Ferguson (Produced by CreaTVty, 2002/Distributed by Independent Film Channel, 2004).
(4) Maitland McDonagh, Broken Mirrors/Broken Minds: The Dark Dreams of Dario Argento (Sun Tavern Fields, 1991), 134-135.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤