نظرة خاصة على السينما الصينية

figure
شكل ١-١٨: المناطق الثلاث التي تشكل الصين: هونج كونج وتايوان وجمهورية الصين الشعبية (البر الرئيسي).

في هذه الوحدة التي تناقش فكرة البطل المحارب، ذكرنا أفلام فنون القتال الصينية بجانب أفلام الغرب الأمريكي الأمريكية والساموراي اليابانية. هذه فرصة جيدة لرؤية كيف تناسب التطورات في أفلام الووشيا والكونغ فو القصةَ الأكبر للسينما الصينية. سيساعدنا الحصول على نظرةٍ سريعة على الجغرافيا والتاريخ والهوية الثقافية لهونج كونج وتايوان وجمهورية الصين الشعبية في وضْعِ أفلامِ فنونِ القتال الآسيوية في سياقٍ أكبر.

(١) الدول الصينية الثلاث

أرض الصين شاسعة بشكلٍ مذهل؛ إذ يزيد تعداد سكانها عن ١٫٣ مليار نسمة؛ مما يجعلها تضم خُمس سكان العالم بين حدودها التي تمتد إلى أكثر من ٣٠٠٠ ميل عبر شرق آسيا من الهند وكازاخستان غربًا وحتى المحيط الهادي وكوريا شرقًا، ومن حدود روسيا ومنغوليا شمالًا وفيتنام وبورما (ميانمار) جنوبًا. تمتلك الصين كذلك إحدى أقدم الحضارات على ظهر الكوكب بدلائلَ أثريةٍ تعود إلى أكثر من ٥٠٠٠ عام. وعلى مدار معظم تاريخها الطويل، كان يحكم الصين سلالاتٌ حاكمة استعمارية قوية أبقت شعبها موحَّدًا ضمن نظامٍ مستقر على نحوٍ ملحوظ من المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية. ولمعظم الوقت، كانت الصين أغنى وأكثر الحضارات المتقدمة تقنيًّا على وجه الأرض. لكن بعد قرون من الانعزال المزدهر، والتعرض للهجوم الغربي بحثًا عن مزايا تجاريةٍ مجزية والضعف الذي سببه النزاع الداخلي، بدأت قوة الصين العظيمة في الاضمحلال خلال القرن التاسع عشر.

انهار النظام في الصين في النهاية عام ١٩١٢، عندما أُعلن تأسيس جمهورية صينية جديدة استبدلت بالسلسلة الطويلة لأباطرة أسرة تشينج الحاكمة الحزبَ القومي الصيني (الكومينتانج). لم يمر وقتٌ طويل قبل أن تنزلق البلاد إلى حربٍ أهلية وحشية بين الحزب القومي الذي يقوده الجنرال تشانج كاي شيك والقوات الشيوعية التي يقودها ماو تسي تونج، ولم يخفف من حدة هذه الحرب إلا هدنةٌ غير مستقرة بين الجانبين عندما هاجمت القوات اليابانية الصين. استمرت الحرب اليابانية-الصينية الثانية، والتي تُعتَبر الجزء الذي يخص الصين من الحرب العالمية الثانية، من عام ١٩٣٧ إلى ١٩٤٥، ليستأنف بعدها تونج وشيك القتال مرةً أخرى، وانتهى الصراع عام ١٩٤٩ بانتصار الحزب الشيوعي بقيادة ماو مؤسسًا «جمهورية الصين الشعبية» على بر الصين الرئيسي. تراجع تشانج كاي شيك إلى جزيرة تايوان مؤسسًا «جمهورية الصين» في المنفى. في نفس الوقت، فإن مقاطعة هونج كونج المتناهية الصغر العالية الكثافة السكانية (نحو سبعة ملايين نسمة يعيشون في ٤٢٦ ميلًا مربعًا) كانت تستمتع بسلام وازدهار نسبيَّين كمستعمرة بريطانية باستثناء غزو اليابان لها من عام ١٩٤١ وحتى عام ١٩٤٥. وظلت هونج كونج بريطانية حتى انتقلت سيادتها إلى جمهورية الصين الشعبية عام ١٩٩٧.

ساعدت هذه الأحداث في توجيه مسار السينما في الصين؛ فقبل اندلاع الحرب الأهلية، كان معظم الأفلام يأتي من الخارج، وفي أول نصف قرن من عمر السينما، كانت الأفلام الأجنبية تشكل نحو ٩٠ بالمائة من السوق الصينية. مع ذلك، فإن المواهب المحلية في الصين — والتي دفعها إلى العمل موجةٌ «يسارية» تقدمية — ساعدت في إطلاق العصر الذهبي للسينما الصينية في ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت العديد من أفلامهم تؤيد وتدافع عن كفاح البسطاء. يعرض فيلم «الطريق الكبير» («ذا بيج رود»، ١٩٣٤) للمخرج صن يو عمَّالًا يحاولون بناء طريقٍ سريع أثناء الحرب ضد اليابان. ويحكي فيلم «الإلهة» («ذا جوديس»، ١٩٣٤) للمخرج وو يونججانج قصة شابة (تقوم بدورها أكبر نجمات تلك الحقبة روان لينجيو في أحد آخر أدوارها) تضطر إلى العمل في البغاء لتوفير المال لولدها الصغير. خلال تلك الفترة، اتخذ الكومينتانج إجراءات لتصبح الأفلام متماشية مع أجندته القومية؛ فقد منع تشانج كاي شيك الأفلام التي كانت تُعتَبر غير جادة أو غير ذات قيمة، واستعاد الأستديوهات من مُلاكها الأجانب. هذه السياسة المزدوجة في الرقابة والحماية أصبحت من الركائز الأساسية للسياسة الحكومية تحت حكم الشيوعيين كذلك. عندما أسس ماو تسي تونج جمهورية الصين الشعبية عام ١٩٤٩، كان ينظر إلى السينما كأداةٍ قوية لتوحيد البلاد؛ فدُمِجت أستديوهات الأفلام الخاصة تحت سلطة الدولة، وأفسحت الأنواع الفنية الترفيهية التقليدية — الميلودراما وفنون القتال والدراما التاريخية — الطريق للأفلام السياسية التي تمجِّد الثورة والصراع الطبقي وهزيمة الإمبرياليين. تحت حكم ماو، شاهد الجمهور الصيني أفلامًا مثل «لاعبة السلة رقم خمسة» («وومان باسكتبول بلاير نمبر فايف»، ١٩٥٧)، حيث تقع فيه بطلة الفيلم في حب رياضي وتنضم إلى الفريق القومي لتحقيق الانتصار في المنافسات الدولية. أما الأفلام الأعمق من حيث المستوى الفني مثل «الربيع في بلدةٍ صغيرة» («سبرينج إن آ سمول تاون»، فَي مو، ١٩٤٨) الذي يعرض قصةً درامية رومانسية قوية، والذي صُنِع قبيل الثورة الشيوعية مباشرة، فقد تُرِكت لتختفي بسبب أنها كانت تفتقر إلى الحماسة السياسية المطلوبة. وفي أثناء الثورة الثقافية (١٩٦٦–١٩٧٦)، أُغلِقت أكاديمية السينما ببكين كليًّا وتوقف الإنتاج السينمائي تقريبًا.

سميت الموهبة والطاقة الاستثنائيتان اللتان أعادتا إحياء السينما الصينية في بر الصين الرئيسي في الثمانينيات بحركة الجيل الخامس تيمنًا بأوائل الطلاب الذين تخرجوا في أكاديمية السينما بعد إعادة افتتاحها، وأصبح شباب مثل تشين كايجي وجانج ييمو، الذين طُرِدوا من المدرسة خلال الثورة الثقافية وأُرسلوا إلى مزارعَ ومصانعَ بعيدةٍ ليُعاد تعليمهم؛ يحملون الكاميرات ولديهم شيءٌ ذو معنًى ليُقولوه. تضمَّن برنامجهم الخاص «بالتفكير الثقافي والتاريخي» مساءلة التقليد السائد والعودة للجذور الصينية.1 جرَّب أوائل الجيل الخامس من المخرجين الصينيين الوسيط السينمائي صانعين صورًا جديدة رائعة للصين القروية بأفلام مثل «واحد وثمانية» («وان آند إيت»، ١٩٨٣) و«الأرض الصفراء» («يلو إيرث»، ١٩٨٤) و«سارق الخيول» («هورس ثيف»، ١٩٨٦). وبتطور الحركة، زاد تنوعها وضمت نطاقًا واسعًا من الموضوعات والأساليب من فيلم «حادثة المدفع الأسود» («ذا بلاك كانون إنسدينت»، ١٩٨٦) للمخرج هوانج شيان شين، إلى فيلم «الحياة على وتر» («لايف أون آ سترينج»، ١٩٩١) لتشين كايجي، لكنها رفضت بوضوح الواقعية الاشتراكية التي كان يفضِّلها ماو تسي تونج وأتباعه. ساهمت أحداث ساحة تيانانمن عام ١٩٨٩ وتحوُّل الصين إلى اقتصاد السوق في تحوُّلٍ جديد، في نفس الوقت الذي انخفض فيه التمويل الحكومي للسينما بينما استمرت الرقابة الحكومية. وفي خضم النزعة الاستهلاكية والثقافة الشعبية وما بعد الحداثة فيما بعد الحقبة الجديدة، ظهر جيل جديد من صنَّاع الأفلام المستقلين الذين كانوا جميعًا في أواسط وأواخر العشرينيات من عمرهم في عام ١٩٨٩.

وبنحوٍ معاكس للميلودراما التاريخية التي كان يصنعها أسلافهم، فإن هذا «الجيل السادس» من المخرجين صنع أفلامًا واقعية سوداوية عن العمَّال الذين سُرِّحوا من العمل وفتيات البغاء والفنانين والمثليين وصغار المجرمين ومجموعاتٍ أخرى مهمَّشة تعيش على حدود المدن الصينية. وباستخدام أساليب إنتاج سرِّية، أنتجوا أفلامًا طليعية جديدة مثل «أنذال بكين» («بجين باستاردز»، ١٩٩٣) للمخرج تشانج يوان و«دراجات بكين» («بجين بايسكلز»، ٢٠٠١) للمخرج وانج شياوشواي و«مُتع مجهولة» («أننون بليجرز»، ٢٠٠٢) للمخرج جيا تشانجكي. ورغم أن هذه الأفلام صُنِعت بميزانياتٍ صغيرة وكان غالبًا ما يُمنَع عرضها في الصين، فإنها انتشرت على نطاقٍ واسع في المهرجانات وعبر الإنترنت وما تتناقله الألسن عبر شرائط الفيديو وأقراص الفيديو الرقمية. على نحوٍ كبير إن براعة صنَّاع الأفلام الشباب الطموحين الأذكياء هؤلاء في استخدام التقنيات الجديدة في إنتاج وتوزيع أعمالهم هي التي مكَّنتهم من الالتفاف على النظام وإتاحة بدائل خلَّاقة للأفلام المكلفة أو الممنوعة رسميًّا.

وبينما كانت السينما تمر بهذه المراحل في بر الصين الرئيسي، كانت هناك تطورات موازية في هونج كونج وتايوان؛ ففي أيام مجدها، كانت هونج كونج تفتخر بامتلاكها ثالث أكبر صناعة سينما حول العالم بعد الولايات المتحدة والهند؛ فلقد أصبحت مقرًّا لإنتاج وتوزيع الأفلام في شرق آسيا، مصدِّرة منتجاتها التجارية الهجينة عبر مجتمع الشتات الصيني وصانعة أسواقًا جديدة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا والولايات المتحدة. في نفس الوقت، وعبر مضيق تايوان، برزت جزيرة تايوان بعد عقود من العزلة والوقوع تحت سلطة اليابان لتصبح قوة مالية وإبداعية في السينما باللغة الصينية.

كان المخرجون الصينيون يصنعون أفلامًا في هونج كونج منذ عام ١٩٠٩ بمساعدة غربية. كان أول فيلمٍ وطنيٍّ طويل — ويرجع تاريخه إلى عام ١٩١٣ — مقتبسًا من أوبرا صينية، استمرت في امتلاك أثرٍ قوي على أفلام هونج كونج لسنواتٍ تالية. وبعد ظهور السينما الناطقة في ثلاثينيات القرن العشرين، أصبحت اللهجات المحلِّية موضوعًا مثيرًا للمشكلات. أصبحت هونج كونج مركزًا لإنتاج الأفلام بالكانتونية، وهي اللهجة التي يتحدَّث بها سكان جنوب الصين وخاصة بعد أن بدأت حكومة الكومينتانج في فرض سياسة جعلت الماندارين، التي كانت يُتحدَّث بها بصورةٍ رئيسية في شمال البلاد، هي لغة البلاد الرئيسية. خلال الحرب الصينية اليابانية الثانية، زادت شعبية الأفلام الوطنية ودعم ذلك تدفق اللاجئين من شنغهاي، وعندما عاد البريطانيون إلى الحكم عام ١٩٤٥، وزادت حدة الحرب الأهلية داخل الصين، زادت أعداد المهاجرين وخاصة من الجنوب؛ عادت الكانتونية بقوة ونمت صناعة السينما في هونج كونج لتصبح تجارةً كبرى مصدِّرة أفلامًا قائمة على الأوبرا الكانتونية، وأفلام فنون القتال ذات الميزانيات المنخفضة، والأفلام الفانتازية للمبارزة بالسيف والميلودراما العائلية لأرجاء العالم. هذه الأفلام كانت حينها تُصنَع بكلتا اللغتين الكانتونية والماندارين، مصحوبة بترجمات مرئية إنجليزية بموجب القانون البريطاني. خلال سبعينيات القرن العشرين، ساعد أستديو شو الناجح بشدة، ومنافسه أستديو جولدن هارفست؛ على ازدهار أفلام الكونغ فو، وأصبح بروس لي وجاكي شان رمزين عالميَّين. ومثَّل العقدان التاليان سنوات ازدهار بالنسبة إلى هونج كونج؛ فقد رفعت الصناعة المحلية للسينما بها من قيم الإنتاج، وساهمت في تطوير أشكال مميَّزة في تنفيذ المشاهد الخطرة والمؤثرات البصرية وتعلَّمت تسويق مزيجٍ ثلاثي قابل للتصدير من الأكشن والكوميديا والجنس. ولكن بحلول عام ١٩٩٧، وبتسليم سيادة هونج كونج إلى جمهورية الصين الشعبية، بدا أن صناعة السينما خسرت الكثير من حيويتها.

في جزيرة تايوان، تطوَّرت السينما كذلك على مراحل؛ فمن عام ١٩٠١ وحتى عام ١٩٣٧، وتحت الاحتلال الياباني الطويل، كانت صناعة السينما متأثرة على نحوٍ كبير بالتقاليد اليابانية مثل وجود مؤدي «البينشي» الذي كان يوفِّر سردًا حيًّا في الأفلام الصامتة. وعندما استولى الكومينتانج على الجزيرة عام ١٩٤٥، شجَّع إنتاج الأفلام بلغة الماندارين من منظورٍ قومي. أحدثَ التحديث السريع خلال الستينيات نتاجًا منتظمًا من الاستثمارات والترفيه التجاري في أفلام هونج كونج، كما خلق الازدهار الاقتصادي كذلك ظروفًا لصنع سينما صينيةٍ جديدة في ثمانينيات القرن العشرين. واكتسب مخرجون ذوو أسلوب مستقلٍّ مثل هو شياو شيين وإدوارد يانج شهرةً عالمية بسبب تصويرهم الواقعي للحياة في تايوان. تحكي ثلاثية شيين التي فازت بالجوائز «مدينة الحزن» («سيتي أوف سادنِس»، ١٩٨٩)، و«محرك العرائس» («ذا بابيت ماستر»، ١٩٩٣)، و«رجال أخيار، نساء خيِّرات» («جود مين، جود ويمن»، ١٩٩٥)؛ قرنًا من تاريخ تايوان (بداية من الاحتلال الياباني مرورًا بحكم الحزب القومي وحتى تايبيه الحديثة)، بالإضافة إلى تاريخ التقنيات المرئية (التصوير والمسرح وخيال الظل).

خلال التسعينيات من القرن العشرين، تضافرت على نحوٍ متزايد الصناعات السينمائية في «المناطق الثلاث» المتمثلة في تايوان وهونج كونج والصين. وبزيادة تكاليف الإنتاج، لجأت هونج كونج إلى الصين بسبب مواقع الأحداث الفسيحة والعمالة الرخيصة، وبانخفاض إنتاج جزيرة تايوان السينمائي (من ٢١٥ فيلمًا إلى ٣٣ فيلمًا في عام ١٩٩٢ فقط)، بدأت رءوس الأموال الاستثمارية في التدفق بحريةٍ أكبر عبر مضيق تايوان. وبحلول عام ١٩٩٣، كان حوالي ربع الأفلام المصنوعة في جمهورية الصين الشعبية تحصل على تمويلٍ أجنبي، واكتشفت حكومة الصين أن التخلص من القيود يمكنه زيادة العوائد. وفي عام ١٩٩٤، بدأت الحكومة الصينية تنفيذ سياسة استيراد عشرة «أفلام ضخمة» كل عام مع مشاركة المنتجين إيرادات شباك التذاكر. تضمنت هذه الأفلام المستوردة أفلامًا هوليوودية كبرى مثل «الهارب» (١٩٩٣) و«فورست جامب» (١٩٩٤) وكذلك أفلام كونغ فو من هونج كونج مثل الجزء الثاني من فيلم «المعلِّم السكران» (١٩٩٤) من بطولة جاكي شان.

على نحوٍ ملحوظ، هاجر بعضٌ من أشهَر صنَّاع الأفلام في الصين إلى الغرب؛ فقد انتقل آنج لي من تايوان إلى نيويورك في الثمانينيات، وترك جون وو هونج كونج ذاهبًا إلى هوليوود في التسعينيات. تجمع أعمالهما بين جانبَي العالم الممزق للشتات الصيني حيث يقفان بإحدى قدميهما في الصين بثقافتها المحلية والأخرى في الغرب، كما نشأ مخرجون آخرون مثل واين وانج، الذي سمَّاه والده الأمريكي تيمنًا بجون واين، خارج الصين. يناقش العديد من أفلامه، مثل «ديم سام: القليل من العاطفة» («ديم سام: آ ليتل بيت أوف هارت»، ١٩٨٤) و«نادي الحظ السعيد» («ذا جوي لاك كلاب»، ١٩٩٣) بشكلٍ درامي النزاعات الثقافية بين أجيال الأمريكيين الصينيين. هؤلاء المخرجون الصينيون الذين يعيشون خارج البلاد أضافوا أبعادًا جديدة إلى موضوع الهوية الصينية في عصر العولمة.

جدول زمني (شكل ١-١٩).
التاريخ تاريخ الصين سينما الصين سينما هونج كونج سينما تايوان
١٦٤٤–١٩١١ حكم أسرة تشينج.
١٨٤٢ أصبحت هونج كونج مستعمرة للتاج البريطاني.
١٨٩٤–١٨٩٥ الحرب الصينية اليابانية الأولى.
١٩٠٠ تمرُّد الملاكمين يعارض النفوذ الأجنبي في الصين.
١٨٩٥–١٩٤٥ يؤثر الاحتلال الياباني لتايوان على المنتجات المحلية.
١٩١٢ تأسيس الجمهورية الصينية. هونج كونج تبدأ في إنتاج أفلامٍ محلية.
١٩١٩ يقود الطلاب «حركة الرابع من مايو» داعين إلى القومية الصينية.
١٩٢٥ يتولى تشانج كاي شيك قيادة جيش الحزب القومي اليميني.
١٩٢٧–١٩٥٠ اندلاع الحرب الأهلية الصينية بين الكومينتانج والشيوعيين.
١٩٢٨ فيلم «إحراق معبد اللوتس الأحمر» لجانج شيشوان.
١٩٣١ غزو اليابان لمنشوريا. تصبح هونج كونج مركزًا لإنتاج الأفلام بالكانتونية.
١٩٣٤ فيلم «الطريق الكبير» لصن يو.
١٩٣٧ مذبحة نانجنج.
١٩٣٧–١٩٤٥ الحرب الصينية اليابانية الثانية.
١٩٤١–١٩٤٥ تحتل اليابان هونج كونج.
١٩٤٣–١٩٧٦ يصبح ماو تسي تونج رئيسًا للحزب الشيوعي.
١٩٤٨ فيلم «الربيع في بلدةٍ صغيرة» لفي مو.
١٩٤٩ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في بر الصين الرئيسي وجمهورية الصين في تايوان. يدعم تدفُّق صُنَّاع الأفلام من شنغهاي الإنتاج المحلي. يبدأ صنَّاع الأفلام المتعاطفون مع حكومة الحزب القومي في الوصول من الصين.
١٩٥٠ تأسيس أكاديمية السينما في بكين.
١٩٥٨–١٩٦١ القفزة الكبرى للأمام. تروِّج الحكومة الشيوعية ﻟ «الواقعية الاشتراكية».
١٩٦٦ فيلم «تعالَ وشاركني الشراب» لكينج هو.
١٩٦٦–١٩٧٦ الثورة الثقافية توقف إنتاج الأفلام الروائية الطويلة في الصين.
١٩٧٠ افتتاح أستديو جولدن هارفست.
١٩٧٢ فيلم «طريق التنين» لبروس لي.
١٩٧٦ وفاة ماو تسي تونج. ابتعاد الأفلام الاستكشافية عن النماذج الثورية.
١٩٧٨–١٩٩٢ يؤدي إحداث إصلاحات اقتصادية تحت قيادة دينج شياوبينج إلى انفتاح الصين على «اشتراكية السوق».
١٩٨٢ تخرُّج الجيل الخامس من المخرجين من أكاديمية بكين للسينما.
١٩٨٣ فيلم «مشروع «أ»» لجاكي شان. فيلم «ذلك اليوم على الشاطئ» («ذات داي أون ذا بيتش»، ١٩٨٣) لإدوارد يانج.
١٩٨٤ فيلم «الأرض الصفراء» لتشين كايجي.
١٩٨٨ الانتقال إلى سينما يدفعها السوق. ظهور نظامٍ جديد للتقييم ينتج أفلامًا للكبار فقط من التصنيف الثالث.
١٩٨٩ حادثة ساحة تيانانمن. فيلم «مدينة الحزن» لهو شياو شيين.
١٩٩١ فيلم «ارفع الفانوس الأحمر» لجانج ييمو. فيلم «حدث ذات مرة في الصين» لتسوي هارك.
١٩٩٣ فيلم «أنذال بكين» لتشانج يوان. فيلم «محرك العرائس» لهو شياو شيين.
١٩٩٤ فيلم «أكل شرب رجل امرأة» لآنج لي.
١٩٩٧ تسلِّم بريطانيا هونج كونج إلى جمهورية الصين الشعبية.
٢٠٠٠ فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» لآنج لي.
٢٠٠١ انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية.
٢٠٠٢ فيلم «مُتع مجهولة» لجيا تشانجكي.
٢٠٠٤ فيلم «احتيال الكونغ فو» لستيفن تشاو.
٢٠٠٨ فيلم «المنحدر الأحمر» لجون وو. فيلم «الرأس رقم سبعة» لوي تي شينج.
٢٠١٣ فيلم «المعلِّم الكبير» لوونج كار واي.

(٢) اللغة والهوية الصينية في ثقافة عالمية

ما الذي يجعل أي فيلم صينيًّا؟ هل يتعلق الأمر بمكان صناعة الفيلم أم من يصنعه أم بما يتحدث عنه؟ هل الأمر يتعلق بالثقافة أم اللغة؟ وإلى أي حدٍّ يُعتَبر فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» لآنج لي فيلمًا صينيًّا إذا كان مخرجه قد عاش نصف حياته في أمريكا الشمالية وأشبع قصته بالعناصر الغربية؟ حتى فيلم «بطل» الذي صُنِع في الصين عام ٢٠٠٢ وأخرجه جانج ييمو الذي ينتمي للجيل الخامس من مخرجي الصين، اتُّهم بأنه ليس صينيًّا؛ بسبب تمويله العالمي وطاقم عمله المتعدد الجنسيات وجاذبيته الخاصة للجمهور الغربي. إذن، في صناعة يتزايد اتسامها بالإنتاجات المشتركة والمخرجين الذين يعبرون الحدود الوطنية والتسويق العالمي، كيف يمكن للمرء التحدُّث عن سينما صينيةٍ وطنية؟

في مجموعة من الدراسات الخاصة بتاريخ وسياسات وسينما الصين، يقترح شيلدون لو وإميلي يويي يو ييه أن يُستبدَل بمصطلح «السينما الصينية» مصطلح «السينما الناطقة باللغة الصينية». وبإعادة رسم الخارطة السينمائية بمحاذاة الخطوط اللغوية بدلًا من الجغرافية، فإن لو وييه يوسِّعان من نطاق فكرة الوعي والثقافة الوطنية، ويغطي تعريفهما لها «كل صناعات السينما — سواء كانت محلية أو وطنية أو إقليمية أو عابرة للحدود القومية أو خاصة بالشتات أو عالمية — المرتبطة باللغة الصينية.»2 هذا التصنيف الأوسع يناسب التدفُّق المعقَّد للمواهب والتمويل والصور والأفكار الصينية عبر حدود جمهورية الصين الشعبية وهونج كونج وتايوان وماكاو وسنغافورة وفرنسا والولايات المتحدة وأي مكانٍ آخر يمارس فيه صانعو الأفلام الذين يتحدثون الصينية صناعتهم. تُعتبر الصين في العديد من هذه الأفلام، إذا صُوِّرَت في الأساس، تصويرًا للخيال، مما يسلِّط الضوء على قناعة بيندكت أندرسون بأن القومية في حد ذاتها مجتمعٌ مُتخَيَّل. ما يمثل الثقافة الصينية يظهر بشكلٍ مجرَّد في أفلام الأنواع السينمائية؛ فما يُعرَض على الشاشة في أفلام الووشيا والكونغ فو ليس انعكاسًا لما يمكن للمرء أن يجده على الأرض الصينية، أينما كان هذا، بقدر ما هو بعدٌ خيالي يضم أجسادًا محلقة في الهواء وردود فعل سريعة وأسلحةً مسحورة. إنها صين القوى والطاقة والمهارة الخارقة والتي تروق بنحوٍ خاص للذين عانوا الذل على يد الدول الأجنبية وتحمَّلوا عقودًا من الحرب الأهلية والانقسام السياسي والفقر والمجاعة والكوارث الطبيعية، كل هذا خلال القرن الماضي.

(٣) «النمر الرابض والتنين الخفي»: صناعة فيلم ناطق باللغة الصينية، عابر للحدود الوطنية

يُعتبر فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» فيلمًا عالميًّا بمعنى الكلمة؛ حيث أخرجه آنج لي وهو نازحٌ صيني بالتعاون مع فريق إنتاج دوليٍّ وطاقم عمل متعدد الجنسيات. تُعتبر الطريقة التي خرج بها إلى أرض الواقع، بداية من التمويل إلى كتابة النص والتصوير والتوزيع، مثالًا مهمًّا على كيف أنه يمكن لصناعة السينما المعاصرة عبور الحدود الوطنية والثقافية بنجاحٍ كبير. في هذا القسم، سنُركِّز بشكلٍ كبير على الجوانب العالمية للفيلم. أولًا: سنستعرض تاريخ إنتاجه، بعد ذلك، سننظر إلى القصة وأبطالها: من هم؟ ومن أي أتوا؟ ثم سنفحص بعمقٍ أكبر أسلوب وأفكار الفيلم: كيف جرى تقديمه وما يريد توصيله. سنرى كيف أن فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» يقوم على تقليدٍ طويل من الأبطال المحاربين وكيف أنه يبث فيهم حياةً جديدة على شاشات السينما حول العالم.

وُلد لي في جزيرة تايوان عام ١٩٥٤ حيث كان أبواه قد أتيا إليها هربًا من الشيوعيين في الصين، ومثل العديد من العائلات الصينية المحافِظة الأخرى، هربوا بحياتهم خلال الحرب الأهلية التي دارت في الأربعينيات، وساعدوا في غرس قيمهم الثقافية في أرض جديدة كانت تُودِّع خمسين عامًا من الاحتلال الياباني. ترك لي تايوان عام ١٩٧٨ ذاهبًا إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة البكالوريوس في فن المسرح من جامعة إلينوي، ودرجة الماجستير في الإنتاج السينمائي من جامعة نيويورك واستقر بالقرب من مانهاتن، وحتى ذلك الوقت، كان لي قد قضى وقتًا في الولايات المتحدة يفوق ما قضاه في وطنه رغم أنه كان ما يزال يحتفظ بالجنسية التايوانية.

figure
شكل ١-٢٠: شارة النهاية لفيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» (آنج لي، ٢٠٠٠) التي تعرض طاقم التمثيل الذي كان من أقاليمَ متعددةٍ والتمويل المتعدد الجنسيات وطاقم العمل العابر للحدود القومية.
تُغطِّي مسيرة لي الغزيرة نطاقًا مثيرًا للإعجاب من الأنواع والأساليب السينمائية؛ فقد ركزت أول ثلاثة أفلام له، وهي المعروفة بين بعض محبيه ﺑ «ثلاثية الأب يعرف أفضل»؛ على العائلات التي وقعت بين مطرقة الثقافة الصينية التقليدية وسندان القوى المثيرة للاضطراب للحياة الحديثة. صُنِعَت الثلاثة أفلام — وهي: «تدافُع بالأيدي» («بوشينج هاندز»، ١٩٩٢) و«مأدبة الزفاف» (١٩٩٣) و«أكل شرب رجل امرأة» («إيت درينك مان وومان»، ١٩٩٤) — جميعها بممثلين تايوانيين وتمويل تايواني رغم أن سيناريوهاتها كانت مكتوبةً جزئيًّا بالماندارين والإنجليزية. أما أفلامه الأخرى فقد أخدته بعيدًا عن الصين؛ حيث وصل إلى إنجلترا في القرن الثامن عشر في فيلم «العقل والعاطفة» («سينس آند سينسيبيليتي»، ١٩٩٥)، وضواحي كونيتيكيت في سبعينيات القرن العشرين في فيلم «العاصفة الثلجية» («ذي آيس ستورم»، ١٩٩٧) والحرب الأهلية الأمريكية في فيلم «رافق الشيطان» («رايد ويذ ذا ديفل»، ١٩٩٩)، وقصص مارفل المصورة بفيلم «العملاق الأخضر» («هولك»، ٢٠٠٣)، ومزرعة ماشية في وايومنج بفيلم «جبل بروكباك» («بروكباك ماونتن»، ٢٠٠٥)، وقارب نجاة في المحيط الهادي في فيلم «حياة باي» («لايف أوف باي»، ٢٠١٢). كان «النمر الرابض والتنين الخفي» بمنزلة عودة إلى الوطن بالنسبة إلى آنج لي؛ فكأحد أفراد الشتات الصيني — وهم ثلاثون مليون صيني منتشرون في كل قارات الأرض منذ القرن الخامس عشر — بحث عن إعادة تقديم صورة جمعية لوطنه على شاشة السينما. يقول لي: «كلنا نبحث، بطريقة ما، عن تلك الصورة المجرَّدة القديمة الثقافية التاريخية للصين؛ الحلم الكبير بصين ربما لم توجد من قبلُ.»3

لصناعة فيلمه، اختار لي ممثلين من أجزاءٍ مختلفة من العالم المتحدث بالصينية (انظر شكل ١-٢٠). فجانج زيي من الصين وتشانج تشين من تايوان وتشاو يون فات من هونج كونج وميشيل يوه في الأساس من ماليزيا. تربط اختيارات طاقم الممثلين شخصيات لي بكتالوجٍ عالمي من الأنواع والأدوار السينمائية. وُلدت تشينج بي بي التي تقوم بدور جايد فوكس الحقودة والماكرة، في شنغهاي وأصبحت رمزًا شهيرًا لأفلام فنون القتال في هونج كونج في الستينيات. كما أن ميشيل يوه، والتي كانت ممثلة محنكة أخرى في فنون القتال ومشهورة على نطاق واسع بأنها البطلة المساعدة لجاكي شان، شاركت بقوة في فيلم «الغد لا يموت أبدا» («تومورو نيفر دايز»، ١٩٩٧) وهو أحد أفلام سلسلة جيمس بوند. أما تشاو يون فات فقد ظهر في العديد من أفلام هوليوود بعد مسيرةٍ فنيةٍ طويلةٍ ناجحة في هونج كونج. هذه الاختيارات تتيح صلاتٍ غنيةً متداخلة لمحبي الأفلام الصينية.

إن طاقم إنتاج الفيلم كان حتى أكثر عالمية من حيث المنظور وخبرة العمل. عمل يون ووبينج (وأحيانًا يسمى يون وو-بينج أو يوان هيبينج) كمصمم لمشاهد فنون القتال في الفيلم. وُلد يون في جنوب الصين في عام ١٩٤٥ ودرس فنون القتال وهو طفل بمساعدة والده، ثم ذهب إلى هونج كونج في الستينيات وأخرج أول فيلم كونغ فو رئيسي لجاكي شان وهو «أفعى في ظل النسر» (١٩٧٨)، وأصبح أحد أكبر الخبراء المؤثرين في هذا النوع من الأفلام، كما حصل على شهرةٍ عالميةٍ واسعة بسبب عمله في فيلم «ذا ماتريكس» (١٩٩٩). أما المصور السينمائي بيتر بو، الذي وُلد في هونج كونج وتعلم في قوانتشو في الصين وسان فرانسيسكو، فقد عمل على جانبَي المحيط الهادي، وأدَّت مساهمته في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» في فوزه بجائزة الأوسكار. كما عمل تيم يوب الذي وُلد في هونج كونج، والذي فاز كذلك بجائزة الأوسكار لأفضل تصميم إنتاج عن الفيلم، في إنتاجات مشتركة تتضمن هونج كونج واليابان وفرنسا. يتردد صدى نطاق الفيلم الشامل في موسيقاه التصويرية التي تضم مواهب المؤلف الموسيقي تان دون (الذي درس في بكين ونيويورك) وعازف التشيلو يويو ما (المولود في باريس والذي يسكن في نيويورك منذ سن الرابعة) ومغنية البوب كوكو لي (المولودة في هونج كونج والتي نشأت في سان فرانسيسكو وهي مشهورة في ربوع آسيا) والموسيقية الصينية ما شيا هوي. ربما أكثر جوانب هذا التعاون الثقافي إثارةً هو النص السينمائي ذاته. تنقلت قصة الفيلم المقتبسة من رواية عمرها ٧٠ عامًا للكاتب الصيني المنشوري وانج دولو، بين أيدي العديدين، منهم المشرف على كتابة القصة جين كاستيلي وثلاثة كُتاب رئيسيون وهم تساي كيو جونج ووانج هوي لين (وكلاهما تايواني الجنسية) وجيمس شاموس (وهو أمريكي) الذين طوَّروا النص السينمائي بالإنجليزية والصينية بنموِّه بمرور الوقت.

تتضمن عملية الإنتاج ذاتها خمس شركات من خمس دول مختلفة: تايوان وبريطانيا وجمهورية الصين الشعبية وهونج كونج والولايات المتحدة. استمرت عملية التصوير الأساسي خمسة أشهر، وذهب لي إلى أماكن عدة في برِّ الصين الرئيسي مثل غابات الخيزران في أنجي في الجنوب، ومدينة شنجد الإمبراطورية في الشمال، ومدينة أورومتشي في أقصى غرب الصين، وصحراء جوبي وهضبة تكلامكان شمال التبت، كانت هذه أول زيارةٍ طويلة للي إلى الصين وأول فرصة لمقارنة ريف الصين على أرض الواقع بالصين التي يحملها في مخيلته.

في ظل كل هذه الترتيبات الدولية، كان من الواضح أن لي ومعاونيه يخطبون ودَّ جمهورٍ دولي؛ فلم يكن الفيلم موجَّهًا فقط إلى الجمهور على جانبَي المحيط الهادي، بل كان يستهدف أيضًا نوعَين من المشاهدين: السوق التجارية في الصين وجمهور أفلام النخبة الفنية في الولايات المتحدة. حقَّق الفيلم نجاحًا على الصعيدين التجاري والنقدي بكل المقاييس. وحاز جوائز من مهرجانات في هونج كونج وتايوان ونيويورك وهوليوود؛ حيث رُشِّح لرقمٍ قياسي من جوائز الأوسكار بلغ عشرًا، فاز بأربع منها، وهي: أفضل فيلم أجنبي، وتصوير سينمائي، وإخراج فني، وموسيقي تصويرية. وقد لاقى الفيلم تحيةً بالوقوف والتصفيق الحار من نقَّاد مهرجان كان. صُنِع الفيلم بميزانية تبلغ ١٥ مليون دولار فقط، وجمع أكثر من مائتي مليون دولار من الإيرادات؛ مما جعله أكثر الأفلام الناطقة بالصينية حصدًا للإيرادات في تاريخ آسيا. في الولايات المتحدة، حصد ١٢٨ مليون دولار في شباك التذاكر بالإضافة إلى ١١٢ مليون دولار أخرى جرَّاء تأجير ومبيعات شرائط الفيديو وأقراص الفيديو الرقمي بحلول عام ٢٠٠٤؛ مما أثبت أنه من الممكن أن يروق فيلمٌ نخبوي باللغة الصينية عامة الجمهور السينمائي.4 لكن رغم كل هذه الحفاوة غير المسبوقة، فإن الفيلم لم يقدِّره المتحدثون بالإنجليزية والصينية بنفس القدر. ورغم أن الأسباب ما زالت محل نقاش، فإنها تكشف بعض الحقائق الهامة بشأن صناعة السينما حول العالم اليوم.
إحدى الشكاوى العامة من الفيلم بين متحدثي الصينية هي حوار الفيلم؛ يتحدث أبطال الفيلم الماندارين بشكلٍ أساسي تماشيًا مع مصدر القصة وموقع الأحداث، لكن من بين الممثلين الرئيسيين، فإن جانج زيي هي فقط من تتحدث الماندارين بطلاقة، بينما يستخدم الآخرون لهجاتٍ محلية تعكس أصولهم. شكَّل هذا تشتيتًا لمن تُعتبر الماندارين لغتهم الأم وأعطى الحوار نوعًا من الركاكة. إحدى الشكاوى الأخرى هي أن النص نفسه لا يبدو صينيًّا بشكلٍ أصلي، وهذا لا يبدو مفاجئًا بالنظر إلى الطريقة التي صُنِع بها؛ فكما يصف شاموس عملية تطوير النص، فإنه أخذ ملخص القصة الذي صنعه آنج لي وجين كاستيلي من رواية وانج الطويلة وحوَّله إلى «مغامرةٍ محكَمة الحبكة مليئة بالحركة والتباهي بمهارات المبارزة بالسيف ورومانسية بشكلٍ كبير». لكن باعتراف شاموس نفسه فإن نسخته من النص السينمائي كانت «صماء ثقافيًّا»؛ فقد فشل شاموس «في استيعاب أيٍّ من الفروق الدقيقة والحركات التي لا توصل فقط أسلوب أفلام الووشيا العظيمة لكنها تجسِّد أيضًا جوهرها الحقيقي».5 ما تلا هذا كان ستة أشهر من التأليف بلغتين؛ كتابة مشهد بالإنجليزية وترجمته إلى الصينية، ومراجعة الصينية وترجمتها مرةً أخرى إلى الإنجليزية. كانت النتيجة نصًّا هجينًا يمزج بين لغتين وثقافتين؛ كره العديد من مشاهدي الفيلم الصينيين ما اعتبروه عناصر أجنبية في الفيلم، وتحسَّر عشاق أفلام الووشيا على انحرافات القصة عن النوع السينمائي. لكن من منظورٍ عابر للحدود القومية، فإن ما يثير هو القاسم المشترك الذي يتجاوز حدود اللغة والثقافة ويخاطب كل أنواع الجمهور على حدٍّ سواء. لفهم هذا، ولتقدير ما يساهم به فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» في تطور السينما العالمية وكيف تعمل كسينما، نحتاج أن نفحص بناء الفيلم عن قرب. سنرى كيف أن تحليلًا مُفصَّلا لهذا الفيلم أو أي فيلمٍ آخر يمكنه الإجابة عن أسئلة رئيسية عن أبطال الأفلام وقصصها وأفكارها وأساليبها البصرية.

(٣-١) الشخصيات والعلاقات بينهم: من هم الأبطال؟

في قلب القصة، هناك ثلاث نساء ورجلان. جين يو (جانج زيي) هي ابنة حاكمٍ إقليمي غني، يُرتِّب زاوجها من رجلٍ لا تحبه. جين قوية الإرادة ومستقلَّة الفكر، وتحلم بأن تكون قوية وحرة، وهما سمتان لم تكونا تميزان النساء عادة في الصين في القرن الثامن عشر. لا يعرف والدا جين أنها تتعلم فنون القتال سرًّا على يد مجرمةٍ سيئة السمعة تسمى جايد فوكس. قامت الأخيرة (تشينج بي بي) بصقل مهارات جين في القتال الشرس بمساعدة كُتيب إرشادي سرِّي سرقته من معلمها السابق بعد أن قتلته. في نفس الوقت، فإن مسيرة لي مو باي (تشاو يون فات)، أفضل طلاب المعلم، تقترب من نهايتها. إنه مستعدٌّ للتخلِّي عن سلاحه المميز: سيف المصير الأخضر، لكن أمامه مهمةً واحدة يجب إكمالها: وهي الانتقام لمقتل سيده. يعطي سيفه إلى وش ولين (ميشيل يوه) وهي محاربةٌ بارعة وامرأة يمكنه الوثوق بها ويطلب منها إعطاء السيف إلى صديقٍ قديم هو السيد تي (لونج شيهونج) للحفاظ عليه. من الواضح أن لي وشو لين كانت بينهما علاقةٌ عاطفية لسنواتٍ عديدة، لكنهما لم يتزوَّجا احترامًا لخطيب يو السابق والمتوفى الآن. في منتصف الفيلم، ندرك أن جين لها عشيقٌ سري، لو (تشانج تشين) وهو قاطع طريق هاجم ذات مرة قافلة عائلة يو عندما كانت تعبر الصحراء الغربية. في بداية الفيلم، تلتقي جين بشو لين وتُعجَب بأسلوب حياتها لأقصى حد. هذه امرأة يبدو أنها تمتلك الحرية والاحترام اللذَين ترغب فيهما. ترغب جين في أن تكون شو لين شقيقتها الكبرى؛ لذا فإن الشخصيات الخمس الرئيسية متصلة بأربع روابط: رابطتين رومانسيتين (لي وشو لين، جين ولو) وأخريين أنثويتين قويتين (جين وجايد فوكس، جين وشو لين). لاحقًا، تربط بين لي وجين توقعات وآمال أستاذ ومَن ستكون تلميذته.

figure
شكل ١-٢١: «فن الخط يشبه جدًّا المبارزة بالسيف.» تقارن جين وشو لين بين فرشاة الكتابة والسيف في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» (آنج لي، ٢٠٠٠).

تتطور العلاقات بين الشخصيات الأنثوية بشكلٍ دراماتيكي في مشهدَين حميميين؛ في أحدهما، نعلم بقرب زواج جين برجل لا تحبه. تجلس جين في حجرتها تتدرب على الخط بينما تزورها شو لين، تعرض جين كتابة اسم شو لين لا لشيء إلا لمجرد التسلية، وتمسك بالفرشاة بيدٍ رشيقة؛ يثير هذا إعجاب شو لين وتقول: «لم أكن أدرك أن اسمي يشبه كلمة «سيف».» مضيفة: «فن الخط يشبه جدًّا المبارزة بالسيف» (شكل ١-٢١). الرابطة بين الكتابة والمبارزة بالسيف رابطةٌ هامة في الثقافة الصينية وهي رابطة استكشفها جانج ييمو بنحوٍ أكثر تفصيلًا في فيلم «بطل» كما أشرنا في الفصل الأول. هنا، تساهم هذه الرابطة في إبراز الطبيعة المميزة لكلا الفنين اللذين عادةً ما يمارسهما الرجال: فن الخط وفنون القتال. كانت جين تتدرب على فنون القتال سرًّا وتُلمح شو لين إلى أنها تعرف هذا. تصل الخادمة إلى الغرفة حاملةً الشاي ويتحول الحديث إلى زواج جين المرتَّب له. يمثل الزواج خطوةً وظيفيةً جيدة بالنسبة إلى والد جين، لكن ليس بالنسبة إليها. تقول: «كنت أتمنى لو كنتُ مثل الأبطال في الكتب التي أقرؤها. مثلك ومثل لي مو باي … أن أكون حرة في عيش حياتي واختيار من أحب. هذه هي السعادة الحقيقية.» حينها تكشف شو لين عن سر خطبتها السابقة؛ إنها ليست حرَّة كما تبدو؛ ونتيجة لهذا التبادل للأسرار والرغبات، توافق المرأتان على أن تصبحا كشقيقتين.

figure
شكل ١-٢٢: «اقتل أو تُقتَل. أمرٌ مثير، أليس كذلك؟» تفكر جين مليًّا في الإغواء الخطير لقوى جايد فوكس الشريرة في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» (آنج لي، ٢٠٠٠). تؤكد الإضاءة الخافتة على شئونهما المثيرة للشبهات.

تتعارض هذه اللحظة بشكلٍ كبير مع مشهدٍ لاحق عندما تواجه جايد فوكس، المتنكِّرة بوصفها مربية أطفال عائلة يو، جين في غرفتها ليلًا. على نحوٍ مضاد لضوء ووضوح النهار، فإن المكان الآن مظلم ومليء بظلالٍ قاتمة (شكل ١-٢٢). هنا العلاقة هي علاقة سيد يطلب أمرًا من تلميذ عاصٍ، تشعر جين بالانزعاج بسبب قتل فوكس شرطيًّا في وقت سابق من تلك الليلة؛ تصيح جين قائلة: «ستجلبين الخراب لعائلتي كلها.» تردُّ فوكس بأن جين نفسها مسئولة بشكلٍ جزئي عن موته لأنها سرقت سيف المصير الأخضر. تسألها السيدة العجوز، مشيرة إلى أن الأفعال لها تبعات: «هل ظننتِ كالأطفال أن السرقة أمرٌ مسلٍّ؟» وأضافت: «هذا هو أسلوب حياة مقاتل الجيانج هو … اقتل أو تُقتَل. أمرٌ مثير، أليس كذلك؟» عندما تبدأ المرأتان في القتال، تكون لجين اليد العليا؛ إذ يُمكِّنها تعليمها الخاص بالطبقة الأرستقراطية من قراءة الكتيِّب الإرشادي المسروق، وتتعلَّم أساليب تجهلها معلِّمتها الأمِّية. لكن كانت آخر كلمات فوكس لها هي: «صدقيني، ما زال لديَّ درس أو اثنان لأعلِّمكِ إياهما!»

خلال بحث جين عن القوة والحرية، تلجأ إلى امرأتين أكبر منها في السن كقدوتين لها. إن جايد فوكس مخلوقٌ ذو قوًى شريرة، وما تمتلكه من قوًى تستمدُّها من الغدر والغضب؛ لقد سرقت كتيِّب وودان الإرشادي عندما أظهر المعلم الذي كانت قد وثقت به اهتمامًا بإغواء طالباته بدلًا من تعليمهن، ورغم أن هذا يوفِّر دافعًا لانتقامها القاتل، فإن قتلها معلِّمها يصِمها بأنها خارجة عن القانون؛ دخيلة للأبد في حاجة لرفيق. شو لين معلمة أكثر حكمة ونبلًا؛ تعلَّمت لين فنون القتال من خلال جهدٍ مُخلِص وحياة كرَّستها للممارسة، لكنها تمتلك المزيد لتعطيه لجين أكثر من أساليب المبارزة بالسيف؛ فهناك دروس يجب تعلُّمها عن الانضباط والثقة والاستقامة والحب.

(٣-٢) أساليب السرد: من أين تنبثق القصة؟

إذا كانت جايد فوكس وشو لين تبدوان أحيانًا كشخصيتين في قصةٍ خرافية، فإن شخصيتَي البطلين الأساسيين يلعبان كذلك أدوارًا كان وجودها اعتياديًّا في أدب الووشيا وأفلام الووشيا التي ذكرناها آنفًا في الفصل الأول. على وجه التحديد، فإن فيلم لي مقتبس بتصرُّف من الجزء الرابع من سلسلة قصص ووشيا ملحميةٍ ورومانسية لوانج دولو بعنوان «خماسية الكركي والحديد» (١٩٣٨-١٩٤٢) وهي سلسلة من خمس روايات متصلة لم تُتَرجم من قبلُ إلى الإنجليزية. بالنظر إليها من منظور أكبر، فإن الشخصيات تقوم بالعديد من الوظائف الأسطورية التي استكشفها جوزيف كامبل في كتابه «البطل ذو الألف وجه».6 ينقضُّ لو، اللص الصحراوي الشاب المعروف باسم السحابة السوداء، على عربة جين ويسرق مشطها (شكل ١-٢٣)؛ تقفز جين من عربتها لتطارده وينطلق الاثنان في مشهد مطاردة مرح الطابع يُذكِّرنا بعشرات الأفلام الهوليوودية الرومانسية. يستفزها لو، الذي يشبه جوني ديب لو كان تركيًّا، بلعبةٍ خشنة مفادها «تعالِ واحصلي عليه»، مناوبًا بين الغرور والفظاظة أو اللطف والعاطفة. يلعب لو دور المحتال، وهو رمز التغيير المراوغة، وشخصية للترويح الكوميدي. وبتنقُّله بين شخصيتَي الغريب المستفزِّ والحبيب المثير للإعجاب، فإنه ينقل السرد من المغامرة الكبرى إلى الكوميديا والرومانسية. ومثل كل المتنقلين النمطيين بين شخصياتهم الذين يصفهم جوزيف كامبل، فإن لو يمثل دوافع اللاوعي لدى البطل؛ فهو يؤدي إلى إطلاق الطاقة الجنسية، الأنيموس، داخل جين مذكِّرًا إياها بأن مثل هذه القوى يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة. لاحقًا، يخبرها لو بأسطورةٍ قديمة وهو يشير إلى منحدر: «من يقفز من هذا الجبل، فإن الرب سيحقق أمنيته. إذا آمنتِ بهذا، فسيتحقق»، مضيفًا: «إخلاص القلوب يُحقِّق الأمنيات.»
figure
شكل ١-٢٣: ينقضُّ لو على عربة جين. إنه شخصٌ مخادع يمثل الحرية والرومانسية في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» (آنج لي، ٢٠٠٠).

على نحوٍ معاكس للو، فإن لي مو باي رجلٌ أكبر في السن وأكثر جدية، وهو أستاذ مبجَّل في أسلوب قتال الوودان. إن التزامه الذي لا يلين بهذا الأسلوب جعله قاسي الفؤاد متبلِّد الشعور فيما يتعلق بأعمق مشاعره تجاه شو لين. متذكرًا تعاليم أستاذه، فإنه يخبرها قائلًا: «الأشياء المادية زائلة. لا شيء في هذا العالم يمكن أن نتعلق به يدوم.» كان ردُّها هو لمس يده، سائلة إياه: «أليست يدي حقيقية؟» لاحقًا، يريد لي أن تصبح جين تلميذته. فسر هذا إلى شو لين المتشكِّكة في جدوى هذا بأن دافعه هو مساعدة الشابة في توجيه مواهبها للخير: «إنها تحتاج للتوجيه … والتدريب.» تقاوم جين نفسها عرضه (شكل ١-٢٤) ربما بسبب أنها تذكر تجربة جايد فوكس مع المعلمين الرجال، أو ربما تفكر في لو أو في حريتها. إذا كان لي رمزًا للأستاذ — مبعوث الأنا العليا — ويمثل معيارًا مثاليًّا للفضيلة — ضمير البطل — فإنه رمزٌ غامض.

figure
شكل ١-٢٤: لي رمز لمعلِّم يمثل مبعوث الأنا العليا ومعيارًا مثاليًّا للفضيلة في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» (آنج لي، ٢٠٠٠).

لا يوجد أي شيءٍ غامض بخصوص سيف المصير الأخضر؛ فبرجوعه إلى ما قبل حقبة حكم أسرة تشين، من الطبيعي تمامًا لو كان قد برز من صفحات روايةٍ رومانسية غربية مليئة بأخلاق الفروسية. في الفيلم، يكتسب السيف دلالةً جنسية ويصبح رمزًا للقوة الذكورية. يتخلَّى صاحبه، لي، عنه وعن حياة القتال كليًّا. يظل السيف ينتقل من يد إلى يد على مدار القصة. وعندما تقدِّم شو لين السيف للسيد تي، فإن الرجل الخيِّر يتردد في قبول الهدية قائلًا: «إنه سلاح بطلٍ عظيم! إنه الوحيد في العالم الذي يستحق أن يحمله.» لاحقًا، تسرق جين السلاح، وتداعب نصله اللامع حالمة بالقوة التي سيمنحها إياها. تحاول شو لين استعادته قائلة لجين: «بدون سيف المصير الأخضر، أنتِ لا تساوين شيئًا.» في لحظة ما، تصادف شو لين لي وهو يرقص بالسيف بمفرده مثل الطفل الذي يحمل لعبة. قرب نهاية الفيلم، خلال مواجهةٍ مشحونة جنسيًّا بين القمم المتمايلة لأشجار الخيزران، ينتزع لي السيف من جين ويرميه في المياه المندفعة أسفلهما، وبعد أن يموت لي بين ذراعيها، يعود السيف إلى شو لين التي ترسله مجددًا إلى السيد تي للاحتفاظ به.

(٣-٣) جماليات السرد: كيف تُروى القصة؟

السيوف المنتصبة والكتيِّبات الإرشادية السحرية هي الأدوات القياسية في العديد من أساليب السرد في الشرق والغرب على حدٍّ سواء. في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي»، يعود آنج لي إلى الجماليات الخاصة بالصين لأوائل أفلام الووشيا والميلودراما الأوبرالية. كان قرار لي باستخدام لغة الماندارين وتركيز قصته على النساء خطوة للوراء وخطوة للأمام في نفس الوقت، دامجًا بين عناصر من العادات الصينية القديمة وعناصر من عصر العولمة الحديث. يمكننا تتبُّع بعض هذه النوايا عند مقارنة نص الفيلم برواية وانج دولو الأصلية. بسَّط لي وطاقم كُتاب الفيلم سلسلةً طويلة ومعقدة من أحداث المغامرة والرومانسية والمكائد والهروب، وركزوا القصة على جين وعلاقاتها بامرأتَين ورجلين. وبإنزال مرتبة بو (البطل الرئيسي الذكر للرواية) ليظهر في دورٍ صغير والتخلص من راهبٍ انتقامي والقضاء على زوج جايد فوكس وقتل لي (في الرواية يظل لي على قيد الحياة بينما تموت شو لين)، يصبح سيناريو الفيلم يحكي قصة امرأةٍ شابة تقاتل من أجل الحرية والمتعة والقوة في عالم الرجال وهي قصة تناسب الجمهور الحديث. تحوِّل نهاية الفيلم الغامضة (من غير الواضح إن كانت جين ستنجو من قفزتها) وتناقُض شخصية جين على مدار القصة (تتحالف مع مجرمة لكنها لا تريد أن يلحق الخزي بعائلتها؛ تبحث عن متعة حياة مقاتلي الجيانجهو التي تقرأ عنها في الكتب لكنها تعتز بمميزات طبقتها الاجتماعية) حبكة أفلام الووشيا إلى شيء أكثر غنًى من ناحية الموضوع والعاطفة.

بشكلٍ أكبر من معظم أفلام فنون القتال، فإن فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» يعتمد على تمثيلٍ مُتقَن وتصويرٍ سينمائي حاذق ليروي قصته. يصنع آنج لي لحظات مسرحية غنية التركيب مثل المشهدَين المذكورَين سابقًا، اللذين يتضمنان جين وشو لين وجايد فوكس. لا تُعرَض العلاقات بين هؤلاء النسوة من خلال ما يقُلنه بقدر ما تُعرَض من خلال مظهرهن وتصرفاتهن. تشي ملابس النساء المطرَّزة والتسريحات المتقنة بدهاء بأدوارهن التقليدية في الصين خلال حقبة حكم أسرة تشين. كما أن ديكور غرفة جين، بطاولة الكتابة ذات التفاصيل الدقيقة والزهريات المزخرفة ولفافات الورق المتدلية والنافذة الشبكية التي تطلُّ على الحديقة وشجرة البونزاي؛ كل ذلك يشي بطبقتها الاجتماعية وما توفره لها من امتيازات (شكل ١-٢١). ينمُّ خط جين، الجميل والواثق، عن ثقتها الشابة، لكن عندما تقارن شو لين بين الخط والمبارزة بالسيف، فإن ابتسامة الشابة تخونها ويظهر تردُّدٌ بسيط. لاحقًا، عندما تجلسان لتناول الشاي، تكشف لقطات مقرَّبة آثارًا من إحباط شو لين المستمر عندما تتحدث جين بسذاجة عن السعادة الحقيقية وتتشاركان الأسرار. تفسح المواجهة التي تحدث تحت ستار الحديث المهذَّب الطريق لحدوث الحميمية والثقة. على العكس، وكما لاحظنا (شكل ١-٢٢)، فإن المشهد الذي يضمُّ جايد فوكس يحدث خلال ظلام الليل. يعكس وجها المرأتَين، في إضاءة شمعةٍ وحيدة، تطوُّر صدامٍ مميت بين الإرادتين. حاجب مرفوع أو شفة ملتوية أو ومضة في عين أو إبهام منتصب، كل هذا يوصل غضب الابنة وعصيانها وقوة وألم الأم.

يساهم تصوير بيتر بو السينمائي في جماليات الفيلم المكبوح جماحها بتفضيل استخدام لوحة ألوان يقل فيها التناقض بين الألوان، ويستخدم الدرجات المتوسطة منها. يُقلِّد باو المساحات الفارغة والألوان الباهتة التي تميز اللوحات الصينية. يختار لي وباو اللون الأحمر للمشاهد الصحراوية المرتبطة بالنمر، واللون الأخضر للغابة التي تمثل التنين الخفي. يربط اللون بين سيف المصير الأخضر وجايد فوكس وبين هذا التصميم.

لكن يمكن القول إن معظم مميزات الفيلم السينمائية والإبداعية هي مشاهد القتال؛ ففي الوقت الذي تعرض فيه أفلام الووشيا والكونغ فو النمطية الكثير من العنف بأسلوب جمالي، فإن تصميم مشاهد القتال الخاص بيون ووبينج في الفيلم يكسر هذا النمط. قارن أكثر من ناقد بين أفلام فنون القتال والأفلام الغنائية، وفيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» يستدعي هذه المقارنة بشكلٍ صريح. إن أسلوب تشينجونج في القتال (والذي يعني حرفيًّا «مهارة الخفَّة») يُكسب ممارسيه القدرة على تحدِّي الجاذبية. يرفع التحريك العبقري لووبينج للممثلين بالأسلاك، وهو ما كان مبهرًا جدًّا في فيلم «ذا ماتريكس»، منهم ليقدموا عروضًا مبهرة للحركات البهلوانية في الهواء عندما تطارد شو لين جين فوق أسطح البيوت في بكين أو عندما ينازل لي مو باي جين فوق غابة الخيزران (شكل ١-٢٤). تلتقط كاميرا باو الأحداث بزوايا كاشفة، أحيانًا من أسفل، وأحيانًا من لقطةٍ علوية بنحو يستدعي للأذهان التصوير الجويَّ لباسبي بيركلي. يربط خيال ووبينج الجامح، مصحوبًا بمونتاج تيم سكوايرز، بين هذه اللقطات لتصنع تدفقًا سلسًا من الرقصات.

عندما تسرق جين سيف المصير الأخضر، تطاردها شو لين من سقف إلى سقف، وتقفزان من حائط إلى حائط متجاوزتَين قطع القرميد الأحمر ومرتفعتَين عاليًا فوق البيوت. في إحدى اللحظات، تتواجهان في باليه محموم لحركات الكونغ فو يبدو كدوامة من الأقدام والقبضات الطائرة وتبدوان كراقصتَين متطابقتَي الحركة تدوران وتثِبان على نحوٍ متزامن. لكن المرأتين كلتيهما تمتلكان حركات وأساليب قتال مختلفة. إن جين، بسبب خفَّتها وصغر سنها، تجاهد دائمًا للاتجاه إلى السماء. أما حركات شو لين فهي متماشية مع الجاذبية. إنها تقذف بصرَّة تجاه السارقة ثم قطعةٍ من الجدار لتوقعها. تصرخ بها قائلة: «انزلي!» مجاهدة لتثبِّت خصمتها للرصيف بقدمها. قارن هذا المشهد بالمشهد الذي يدور في غرفة جين حيث تستعرض الفتاة خطَّها الأنيق وتعبِّر عن رغبتها في أن تكون حرَّة. تُظْهِر الجدية التي تعلو وجه شو لين، وهو وجه يعبِّر عن الخبرة، كيف أن جين تدرك أقل القليل عن الحرية أو الرغبة. هنا، ودون الحاجة لترجمة مرئية، فإن الشجار فوق أسطح المنازل يمثل خفة جين وجهود شو لين لتعليمها نظام الحياة.

لاحقًا، في حانةٍ ما، تجلس جين بمفردها مع سيفها وقدح الشاي. تصل مجموعة شرسة المنظر من الرجال شاهرين أسلحتهم بينما يتدافع رواد الحانة المنتظمون ليفسحوا لهم المكان. كلهم يمتلكون أسماء شريرة بامتياز: الذراع الحديدية والسيف الطائر والعنقاء الساطعة لجبل جو. إنهم عصابة جيانجهو (كُتِبَت في السيناريو جيانج هو)، الأخوية السرية للمهمَّشين الذين يمارسون فنون القتال في الجبال. تستفز العصابة جين لقتالهم؛ وتلبي رغبتهم متخلصة من الذراع الحديدية ببضع ضربات تقليدية وقاذفة بالآخرين عبر الدرابزين ليهبطوا على أرضية الطابق الأرضي. إنها تقفز فوق رءوس خصومها مواجِهة أربعة رجال في آنٍ واحد وإحدى يديها خلف ظهرها. يظهر جسدها كصورةٍ غائمة فتتقلب من فوق سلَّمٍ مليء بالرجال المسلَّحين ثم تدور لتصعد إلى الطابق الثاني مرةً أخرى. عندما يطلب الراهب جينج معرفة هويتها، تقول بجملٍ مدروسة: «أنا إلهة السيف التي لا تُقهَر. مسلَّحة بسيف المصير الأخضر … المذهل. سواء كنتَ لي أو كركيًّا جنوبيًّا، اخفض رأسك واطلب الرحمة. أنا تنين الصحراء. لا أترك أثرًا ورائي. اليوم أطير فوق يو مي. وغدًا … سأركل جبل وودان!» (شكل ١-٧). يبدو تفاخرها كما لو كان آتيًا من قصص مارفل المصورة. كما أن الشجار ذاته، والذي يدور على نحوٍ كوميدي، يمكن أن يحدث في حانة في الغرب الأمريكي أو لفرسان الجيداي. ربما نرى هذه الحانة كعنصرٍ أساسيٍّ حاضرٍ في أفلام الحركة من هونج كونج مثل «تعالَ وشاركني الشراب» (١٩٦٦)، بكونها مكانًا تتوقف فيه قوانين الفيزياء والتفوُّق الذكوري الجسدي عن العمل (شكل ١-٦). هذا المشهد يلمح ضمنيًّا إلى هذه الأنواع السينمائية المتقاربة ويخبرنا بشيءٍ ما عن عالم جين الباطني وفكرة البطل الخارق الذي يُنصِّب نفسه بطلًا.

بالقرب من نهاية الفيلم، تلتقي جين بمن يكافئها في القوة، مو باي، عندما تواجه سارقةُ السيف مالكَه في غابة الخيزران. من الناحية البصرية، يُعتبر هذا أكثر مشاهد آنج لي المُلهَمة، وهو اعتراف بالجميل لفيلم «لمسة من زِن» (١٩٧١) لكينج هو. يطوف وينزلق المتبارزان بين قمم الأشجار في غشية من اللون الأخضر وهو لون التنين الخفي. يسيطر مو باي على الأمور بشكلٍ رائع، وينجح عن طريق الهدوء والتمركز في البقاء مرتفعًا عنها بنحوٍ طفيف بينما تنثني الأفرع أو تنكسر تحتهما دافعة إياهما لارتفاعاتٍ مختلفة. يتصادم سيفاهما برفق بينما يقفزان بالحركة البطيئة في حركاتٍ دائريةٍ طويلة. ينزلق البطلان فوق الظُّلة في لقطاتٍ طويلةٍ جميلة المنظر. لكن عندما ينظر مو باي لوجه جين الجميل، المحاط بسيقان الخيزران في لقطةٍ مقرَّبة، يتعثر ويسقط، تقفز جين، متجاوزة سطح بركة بلون اليشم حتى يهبط كلاهما على صخرة ويتحدثان وجهًا لوجه. مرة أخرى ليس هناك حاجة للحوار. وحتى قبل أن يخبرها أنه يريد أن يصبح مُعلِّمها وأستاذها، ندرك مشاعره ونواياه. نراهما في وضعه الشامخ، واضعًا إحدى يديه خلف ظهره أثناء المبارزة بالسيف، نشعر بهما في النشاط الحسيِّ للجسدين المتمايلين في الرياح. إن قصة الفيلم تُروَى من خلال اللغة العالمية لأفلام الحركة.

(٣-٤) الأفكار الرئيسية: ما الذي تخبرنا به القصة؟

يستخدم آنج لي العديد من التقاليد المتَّبعة في صنع أفلام الووشيا: الكُتيِّب الإرشادي السري والسيف المسحور والعلاقة بين الأستاذ والتلميذ. يُطوِّر لي كذلك بعضًا من الأفكار التقليدية لهذا النوع السينمائي: دافع الانتقام والحاجة للتهذيب والانضباط وعوامل التشتيت الخطيرة المصاحبة للرومانسية ومركزية النساء القويات جسديًّا. رأينا بالفعل كيف أن السمة الأخيرة شائعة على نحوٍ كبير في الأنواع السينمائية لفنون القتال الصينية بنحوٍ مضادٍّ لأفلام الغرب الأمريكي أو الساموراي التقليدية. في هذا الصدد، يستبق النساء المحاربات في فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» وأسلافهن من النساء، ظهور اتجاهات أكثر حداثة في التمثيل العالمي للنساء. فكِّر في أفلام مثل «اثنِها مثل بيكام» («بيند إت لايك بيكام»، ٢٠٠٢) أو «راكبة الحيتان» («ويل رايدر»، ٢٠٠٢) أو فيلم «اقتل بيل» بجزأَيه الأول والثاني (٢٠٠٣-٢٠٠٤).

يعكس فيلم لي كذلك التركيز العالمي الحالي على فكرة العرقية. تحدث المشاهد الصحراوية في غرب الصين حيث كانت تعيش أقلياتٌ عرقية على هامش مجتمع الهان لقرون، وينتمي لو لإحدى هذه الأقليات. إن الأغنية القبلية التي يغنيها لجين بينما هي تستحم تبدو كأغنية تركية، تدعوه جين بالبربري، بينما يفاجأ هو أنها من إقليم منشوريا وليست فردًا من أغلبية الهان. هذه التلميحات للمجموعات المهمَّشة تُعتبر بمنزلة تصريحٍ سياسي، رغم أنه ضمني، عن المهمَّشين من الصينيين الذين ربما يتضمنون التايوانيين. ربما يشير عالم الجيانجهو السفلي، بكل مجموعاته المختلفة من المنبوذين اجتماعيًّا، إلى حقيقةٍ أخرى عن الصين الحديثة وهي الفجوة المتزايدة بين الرأسماليين الفاحشي الثراء والطبقة الدنيا الفقيرة. وبالنظر إلى هذا الفيلم من هذا المنظور، فإنه يمثل تحديًا للتقاليد الأبوية والعرقية في الصين.

أين يقع الفيلم وسط المناقشات الدائرة عن السينما المحلية والعالمية؟ اعترف المنتج التنفيذي وكاتب السيناريو جيمس شاموس بالرغبة في صنع «فيلمٍ شرقي للجمهور الغربي، وبنحوٍ ما، فيلمٍ غربيٍّ أكثر للجمهور الشرقي.»7 إن لي نفسه ردَّ على الاتهام بأن أفلامه «هوليوودية جدًّا». ففي مقدمة الكتاب المصوَّر عن الفيلم، يصف لي «النمر الرابض والتنين الخفي» بأنه «نوع من الحلم بالصين؛ صين ربما لم توجد من قبلُ إلا في خيالات الصبا في تايوان … التي تثيرها أفلام فنون القتال التي نشأتُ على مشاهدتها، والروايات الرومانسية والمغامرات التي كنت أقرؤها بدلًا من إنجاز واجباتي المدرسية.»8
ربما يكون من الدِّقَّة أن نقول إن الفيلم يقف بين التاريخ والخرافة، مُدخلًا بعض التفصيلات الثقافية الصينية بعينها داخل مصفوفةٍ انتقائية من الثقافة العالمية، منبثقة من الدوافع الشخصية وطامحة للوصول إلى حقائق كونية. كتب ناقد جريدة «ذا نيويورك تايمز» السينمائي إلفيس ميتشل أن الفيلم جمع بين «روعة القوة الجسدية النسائية وسفك الدماء المميز لمسلسل «بافي، ذا فامباير سلاير» أو «بافي، قاتلة مصَّاصي الدماء».» وجد ميتشل عناصر من أفلام مثل «العشبة القرمزية» (ذا سكارليت بمبرنيل) و«زورو» و«البوسطنيون» (ذا بوسطنيانز) والكوميديا التهريجية (مثل «قبِّليني يا كيت» (كيس مي كيت)) وكوميديا الأخلاق (فيلم «العقل والعاطفة» مع التركيز على الجانب القتالي). في النهاية، أشاد ميتشل بلي بسبب إدخاله ﻟ «منظورٍ جديد» للنوع السينمائي مقدمًا «قيمًا روحية لا توجد عادة في هذا النوع من الأفلام.»9

يمكن النظر إلى نضال جين من أجل الحصول على حريتها داخل مجتمع تشينج التقليدي من عدة طرق. تاريخيًّا، فإن نضالها يجسد على نحوٍ درامي نزاعًا قديمًا قِدَم الدهر بين السعادة الفردية والمسئولية الاجتماعية، بين السعي الطاوي للفرد وراء طبيعته («الطريق») والالتزامات المجتمعية للكونفوشيوسية. كانت مبادئ الكونفوشيوسية المتعلِّقة بمراعاة التقاليد وبر الأبناء للآباء أعمدة الحياة في الصين لأكثر من ألفَي عام. ربما تكون الطاوية، والتي تعلم التناغم مع الطبيعة والنفس، حتى أقدم من هذا. حديثًا، فإن صراع جين الداخلي يعكس تطلعات جيل من الشباب للتحرُّر من القيود التقليدية وهو نزاع تجسَّد بشكلٍ درامي في أول ثلاثة أفلام لآنج لي، ويرفض فيها أولادٌ أمريكيون من أصلٍ صيني التقاليد العتيقة لآبائهم الصينيين، لكنهم يعانون من الإحساس بالذنب. يذكِّرنا فيلم «النمر الرابض والتنين الخفي» أن هذا الصراع ليس نزاعًا بسيطًا بين الشرق والغرب، بل له جذورٌ عميقة في التاريخ الديني والأخلاقي للصين. وكما يمكن لكامبل وفوجلر أن يشيرا، فإن هذا كان مصدرًا للأساطير عبر العالم. إن رحلة البطل هي رحلة داخلية، سرد لرحلته من الطفولة وحتى النضج. يمثل المعلمون والوحوش الذين يقابلهم في رحلته جوانب النفس أثناء نضوجها. نجح لي في دفع فن السينما حول العالم للأمام في طريق الإنسانية العالمية؛ بصنعه للفيلم من عناصر من أنواعٍ سينمائية عالمية مختلفة وبملاءمته للشخصيات والقصة للجمهورين الشرقي والغربي.

قراءات إضافية

  • Berry, Chris and Mary Anne Farquhar. China on Screen: Cinema and Nation. Columbia University Press, 2006.
  • Cornelius, Sheila. New Chinese Cinema. Wallflower, 2000.
  • Cui, Shuqin. Women through the Lens: Gender and Nation in a Century of Chinese Cinema. University of Hawai’i Press, 2003.
  • Curtin, Michael. Playing to the World’s Biggest Audience: The Globalization of Chinese Film and TV. University of California Press, 2007.
  • Ehrlich, Linda and David Desser, eds. Cinematic Landscapes: Observations on the Visual Arts in China and Japan. University of Texas Press, 1994.
  • Fu, Poshek. Between Shanghai and Hong Kong: The Politics of Chinese Cinemas. Stanford University Press, 2003.
  • Lu, Sheldon. China, Transnational Visuality, Global Postmodernity. Stanford University Press, 2001.
  • Lu, Sheldon, ed. Transnational Chinese Cinemas: Identity, Nationhood, Gender. University of Hawai’i Press, 1997.
  • Lu, Sheldon and Emilie Yeh, eds. Chinese-Language Film: Historiography, Poetics, Politics. University of Hawai’i Press, 2005.
  • Zhang, Yingjin. Screening China: Critical Interventions, Cinematic Reconfigurations, and the Transnational Imaginary in Contemporary Chinese Cinema. University of Michigan Center for Chinese Studies, 2002.
  • Zhen, Ni. Memories from the Beijing Film Academy: The Genesis of China’s Fifth Generation. Translated by Chris Berry. Duke University Press, 2002.
  • Zhu, Ying. Chinese Cinema during the Era of Reform: The Ingenuity of the System. Praeger, 2003.

هوامش

(1) Sheldon Hsiao-peng Lu, ed., Transnational Chinese Cinemas: Identity, Nationhood, Gender (University of Hawai’i Press, 1997), 7-8.
(2) Sheldon Hsiao-peng Lu and Emilie Yeh, eds., Chinese-Language Film: Historiography, Poetics, Politics (University of Hawai’i Press, 2005), 2.
(3) Christina Klein, “Crouching Tiger, Hidden Dragon: A Diasporic Reading,” Cinema Journal 43(4) (Summer 2004): 18–42.
(4) Klein.
(5) James Schamus, “The Polyglot Task of Writing the Global Film,” The New York Times, November 5, 2005: 2A25.
(6) Joseph Campbell, The Hero with a Thousand Faces, 3rd edition (New World Library, 2008). See also Christopher Vogler, The Writer’s Journey (Michael Wiese Productions, 1998) and Stuart Voytilla, Myth and the Movies (Michael Wiese Productions, 1999).
(7) The Guardian/BFI Interview, Ang Lee and James Schamus, November 7, 2000. Available at: http://www.guardian.co.uk/film/2000/nov/07/guardianinterviewsatbfisouthbank (accessed June 8, 2013).
(8) Ang Lee, James Schamus, Huiling Wang, et al., Crouching Tiger, Hidden Dragon: A Portrait of the Ang Lee Film (Newmarket Press, 2000), 7.
(9) Elvis Mitchell, “Action Fans, Be Prepared For Heart And Feminism,” The New York Times, October 9, 2000. Available at: http://www.nytimes.com/2000/10/09/movies/film-festival-review-action-fans-be-prepared-for-heart-and-feminism.html?n=Top%2fReference%2fTimes%20Topics%2fPeople%2fL%2fLee%2c%20Ang (accessed June 8, 2013).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤