لقطة مقربة: العظماء السبعة

شكل ١-٢٥: فيلم «العظماء السبعة» (جون سترجيس، ١٩٦٠).
  • إخراج: جون سترجيس.
  • كتابة: ويليام روبرتس (أشخاص لم تُذكر أسماؤهم: والتر بيرنستين ووالتر نيومان وأكيرا كوروساوا وشينوبو هاشيموتو وهيديو أوجوني).
  • تصوير: تشارلز لانج.
  • مونتاج: فيريس ويبستر.
  • موسيقى تصويرية: إيلمر بيرنستين.
  • إخراج فني: إدوارد فيتزجيرالد.
  • إنتاج: والتر ميريش ولو مورهايم وجون سترجيس.
  • توزيع: يونايتد آرتيستس عام ١٩٦٠.
  • زمن الفيلم: ١٢٨ دقيقة.
الأبطال:
  • يول براينر بدور كريس لارابي آدامز.

  • ستيف مكوين بدور فين تانر.

  • إيلاي والاك بدور كالفيرا.

  • تشارلز برونسون بدور برناردو أورايلي.

  • روبرت فون بدور لي.

  • براد ديكستر بدور هاري لاك.

  • جيمس كوبرن بدور بريت.

  • هورست باكهولتز بدور شيكو.

  • فلاديمير سوكولوف بدور الرجل العجوز.

بعيدًا عن المتعة الخالصة لمشاهدة فيلم حركة مصنوع بإتقان، فإن فيلم «العظماء السبعة» يستحق انتباهًا خاصًّا؛ بسبب إسهاماته العديدة في النوع السينمائي الخاص بأفلام الغرب الأمريكي وعلاقته بالسينما العالمية. إن هذا الفيلم مأخوذ من فيلم «الساموراي السبعة» (١٩٥٤) لأكيرا كوروساوا وهو من إخراج جون سترجيس عام ١٩٦٠، ويُنسَب إليه فضل تقديم نوعٍ جديد من أبطال أفلام الغرب الأمريكي في هوليوود وهو القاتل المحترف القاسي، ونوع جديد من أفلام الغرب الأمريكي وهو النوع ما بعد الحداثي الذي يمكن أن يكون فيه الأشرار محبوبين ويرتدي الأخيار فيه قبعاتٍ سوداء. كما أذاع صيت فكرة قيام مجموعة من الأشخاص المتنافري الطباع بمهمةٍ ما، وهي طريقة سرد تتجاوز حدود الأنواع السينمائية وتتضمن أفلامًا مثل «دستة الأشرار» («ذا ديرتي دَزِن»، ١٩٦٧) و«العصابة البرِّية» («ذا وايلد بانش»، ١٩٦٩) و«قف بجانبي» («ستاند باي مي»، ١٩٨٦) و«فريق النخبة» («ذي إيه تيم»، ٢٠١٠).

ينقل سترجيس موقع الأحداث من اليابان الإقطاعية إلى الغرب الأمريكي الشرس؛ حيث تتعرض قرية من المزارعين المكسيكيين المسالمين لغارات متكرِّرة من قِبل قُطَّاع طرق. ونظرًا لأن المزارعين فقراء وجائعون وملُّوا مشاهدة ثمار عملهم الشاق وهي تُسرَق كل موسم بواسطة كالفيرا وعصابته المسلَّحة جيدًا، فيقررون مقاومته. يرسل المزارعون مبعوثين لشراء أسلحة من مدينة على الحدود الأمريكية؛ حيث يقتنعون بأن شراء خدمات المرتزقة المسلحين أرخص من شراء الأسلحة. يوافق المسلحون السبعة الذين يستأجرهم المزارعون على القيام بالمهمة لأسبابٍ مختلفة، لكنهم يصبحون وحدة قتال ويُدرِّبون القرويين ليقاتلوا بجانبهم. وبعد العديد من المناوشات ومعركةٍ كبرى، تُهزَم عصابة كالفيرا وينطلق كل المسلحين الناجين فيما عدا واحد باتجاه التلال.

ومثل فيلم «الساموراي السبعة»، فإن فيلم «العظماء السبعة» يمكن تقسيمه بشكلٍ تقريبي إلى ثلاثة أقسام: تجنيد السبعة ثم الاستعداد للمعركة ثم قتال قطاع الطرق. ومثل كوروساوا، فإن سترجيس ينوِّع من إيقاع الفيلم مناوبًا بين لحظاتٍ مطوَّلة من الخمول ولحظاتٍ متفجِّرة من الحركة. تظهر شارة البداية على لقطةٍ واسعة تُظهِر البلدة المكسيكية بكنيستها المبنية من الطوب وأكوام من الذرة المكدَّسة المتروكة لتجفَّ في الشمس: مشهد مسالم. تظهر فجأة غيمة من الغبار معلِنة وصول كالفيرا وعصابته. وصل كالفيرا ليستأسد على سكان القرية ويسلب ما يريد من الطعام والمال لرجاله الجائعين. عندما نعود إلى المدينة الأمريكية الموجودة على الحدود، تبدو مثل مسرح الأحداث التقليدي لأفلام الغرب الأمريكي، والذي عادةً ما يكون شارعًا واحدًا؛ لكن هذه المدينة يسيطر عليها العنصريون؛ فهم لا يريدون السماح لسام العجوز بأن يُدفَن في جبَّانة بوت هيل بسبب أنه كان أحد الهنود الحمر. أحد الغرباء ذو قبعةٍ سوداء يتطوَّع لقيادة عربة نقل النعش. هذا الغريب هو كريس آدامز (يول براينر) والذي ينضم إليه غريبٌ آخر هو فين (ستيف مكوين)، يواجهان معًا القناصة ولجنة الاستقبال المتعصِّبة. بمشاهدة هذا العرض الشجاع للمهارة والمغامرة والمبادئ، فإن المبعوثين المكسيكيين يطلبون مساعدة كريس.

من الواضح أن ما يدفع كريس بشكلٍ أكبر هو ميثاقُ شرف شخصيٌّ. يقفز كريس ليجلس في مكان سائق عربة نقل الموتى الخاصة بسام العجوز بسبب أن هذا هو ما يجب فعله. لكن الآخرين ينضمُّون إلى فريقه لأسبابٍ مختلفة. برناردو (تشارلز برونسون) أمريكي من أصل أيرلندي ومكسيكي ومفلس في الوقت الحالي. لي (روبرت فون) مُسلَّح هارب من العدالة ومن أعدائه. أما فين فهو مقامرٌ سيئ الحظ ويحتاج للمال كذلك. أما هاري لاك (براد ديكستر) فيعتقد أن هناك كنزًا مخبأً من الذهب. إن شيكو (هورست باكهولتز) هو أصغرهم سنًّا لكنه يريد إثبات رجولته. السبب الرئيسي وراء اهتمام بريت (جيمس كوبرن) بالانضمام للسبعة هو شحذ مهاراته في رمي السكاكين. ومثل أساتذة الزِّن، فهو ينافس نفسه.

ما يثير الدهشة هو أن دافع كالفيرا أكثر تعقيدًا من دوافع معظم أشرار أفلام الغرب الأمريكي. ومثل فرسان الرونين المارقين في فيلم «الساموراي السبعة» فإن رجاله جائعون، وأفضل وسيلة للعمل لديهم هي استخدام الأسلحة. لكن هذا لا يفسِّر السبب وراء إطلاقه سراح المسلَّحين السبعة عندما قبض عليهم. أما بالنسبة إلى المزارعين فهو لا يملك تجاههم سوى الازدراء؛ فهو يهزأ منهم قائلًا: «إذا كان الرب لا يريد أن نجزَّ شعرهم، لم يكن سيخلقهم خرافًا.» لكن كالفيرا معجب بالأمريكيين ليس فقط بسبب مهاراتهم في إطلاق النار بل لأنه يرى نفسه فيهم. يخبرهم في إحدى المرات: «نحن نعمل في نفس المجال.» ويسأل كريس لاحقًا بنحوٍ غير مفهوم: «لماذا عاد رجل مثلك؟»

حقًّا، لماذا؟ نظرًا لشعور المسلَّحين بالإحباط والخيانة بعد الإيقاع بهم، يستعدون للرحيل وترك القرية لمصيرها. لكنهم لم يعودوا هم الرجال الذين كانوا من قبل؛ فبرناردو الذي يجري في عروقه دم مكسيكي، أصبح صديقًا لأطفال المزارعين الذين ينظرون إليه كبطل، أما شيكو فقد عثر على فتاةٍ جميلة تحبه في القرية، وهاري ما زال يظن أن هناك كنزًا مخبوءًا من الذهب لكنه الآن يعتقد في أمرٍ آخر كذلك. علاوة على ذلك، فقد تكونت رابطة من نوعٍ خاص بين الرجال السبعة؛ فقد أصبحوا فريقًا واحدًا، وعندما يقرر كريس الاتجاه جنوبًا مجددًا، فهو ليس بمفرده.

تكشف أول مواجهة بين كريس وكالفيرا الكثير عن كل رجل منهما، وكذلك عن أسلوب سترجيس الإخراجي. يدخل كالفيرا المشهد من أحد طرفيه يتبعه رجاله الأربعون على ظهور خيولهم، يدخل كريس المشهد من الطرف الآخر على قدميه يتبعه فين على قدميه كذلك. لأكثر من ثلاث دقائق من وقت الفيلم، يستكشف سترجيس قاعدة اﻟ ١٨٠ درجةً محافظًا على كالفيرا في يسار المشهد وكريس في اليمين. يُعرَض الشرير من زاوية سفلية قُبالة السماء ويقف وراءه رجلان، يتأرجح مزاجه بين المزحات الساخرة والغضب المتغطرس؛ حيث تنتقل أساليبه من الرشوة إلى التهديد. يبدو كريس في الغالب في لقطاتٍ مقرَّبة، ووجهه ثابت لا يتحرك ويظهر عليه التصميم. لأغلب الوقت، يختبر الجانبان كلٌّ منهما الآخر بالكلمات. يسأل كالفيرا ماسحًا البلدة بنظره: «حائط جديد؟» ليجيبه كريس: «هناك الكثير من الحوائط الجديدة … في كل مكان.» ينمُّ رد كالفيرا عن الغرور والثقة بالذات: «لن تمنعني هذه الحوائط من الدخول.» يردُّ كريس: «إنها صُنِعت لتمنعك من الخروج.» ينعكس تطور هذا الحوار الفكاهي الذكي في الموسيقى التصويرية، التي تتنقل بين النغمة الموسيقية لقاطع الطريق الشرير والنغمة البطولية للفكرة الموسيقية الرئيسية للفيلم. يتساءل كالفيرا: «كم منكم استأجروا خدماته؟» ليأتي الرد المقتضب: «ما يكفي.» يظهر العظماء السبعة واحدًا تلو الآخر خارجين من الأبواب أو جاثمين على الأسطح. عندما يبدأ تبادل إطلاق النيران، يحل الرصاص محل الكلمات. تزيد كاميرا سترجيس من الإيقاع بلقطاتٍ أقصر ومشاهد أكثر تنوعًا. تتوهج المسدسات وتثب الخيول ويقع الرجال أو ينحنون من أجل الاختباء من النيران، يمتلئ الهواء بالغبار والدخان، يهرب كالفيرا وما تبقى من أفراد عصابته، لكننا نعلم أنهم سيعودون.

تحدث المعركة النهائية في وضح النهار حيث نشاهد مجموعةً أخرى من الرجال القافزين والخيل التي تعدو، ودخان المسدسات والمجارف المتأرجحة في الهواء والموت في كل مكان. يموت كل السبعة ما عدا ثلاثة. يلخص عجوز القرية الأمر بالنسبة إليهم قائلًا: «المزارعون فقط هم من ربحوا المعركة، سيبقون للأبد؛ إنهم مثل الأرض ذاتها. لقد ساعدتموهم في التخلص من كالفيرا كما تتخلص الريح القوية من الجراد. أنتم مثل الريح التي تمر فوق الأرض ثم ترحل.» يقرر شيكو فقط البقاء متخلصًا من جراب مسدسه، ومعلنًا عن استعداده للبقاء مع فتاته. وبتصاعد صوت الموسيقى، يمتطي كريس وفين حصانيهما وينطلقان راحلَين مع الريح.

بشكلٍ عام، فإن الفيلم يُعيد تدوير العديد من المشاهد والأفكار من فيلم كوروساوا؛ ما يجعل المسلحين السبعة عظماء جدًّا ليس فقط مهاراتهم في القتال، لكن أيضًا وبشكلٍ أساسي، إخلاصهم لمجهود الجماعة. إنهم يبدءون كأفراد خشنين لكنهم يتعلَّمون بمرور الوقت إخضاع مصالحهم الشخصية لصالح المجموع. هناك بالطبع اختلافات ثقافية هامة بين اليابان الإقطاعية والتخوم الأمريكية. لم يكن الساموراي ينظرون إلى أنفسهم كأفراد؛ فقد كانوا يستمدُّون فخرهم من كونهم جزءًا من طبقةٍ اجتماعيةٍ راقية. كان فرسان الساموراي محاربين محترفين لدى أمير حرب (داي-ميو)، كما أنهم لم يستخدموا المسدسات. هناك فرقٌ كبير بين إطلاق النار من مسدس أو بندقية من مسافة وبين مواجهة عدوك في قتالٍ عن قرب. يقاتل فرسان ساموراي كوروساوا بالسيف لكنهم يموتون بالرصاص؛ مما يجعلهم شجعانًا وعتيقي الطراز في نفس الوقت. يتضح من نهاية فيلم سترجيس أن أيام الرجال من أمثال كريس وفين معدودة؛ فالمستقبل للمزارعين وطريقتهم في الحياة. لكن النزاعات الطبقية في فيلم «الساموراي السبعة» تتحول في فيلم «العظماء السبعة» إلى مشكلاتٍ عنصرية تعكس التوتر داخل المجتمع الأمريكي في عام ١٩٦٠. يشير مؤرخو السينما إلى التعصب ضد الهنود الحمر في جبانة بوت هيل وتفوق المقاتلين الأمريكيين على المزارعين المكسيكيين غير القادرين على خوض معاركهم الخاصة. في الحقيقة، فإن التعليق الصوتي المرفق مع قرص الفيديو الرقمي الخاص بالفيلم يُفسِّر كيف جرى تغيير النص السينمائي احترامًا لمشاعر المكسيكيين؛ فبدلًا من ذهابهم إلى مدينة على الحدود بحثًا عن أمريكيين يحلُّون مشكلاتهم، كما فعلوا في نسخةٍ أولية من سيناريو الفيلم، فإنهم يبحثون فقط عن شراء الأسلحة للدفاع عن أنفسهم، بحيث تبدو الاستعانة بالسبعة مسلحين فكرةً تالية. وخلال تصوير الفيلم، كان الرقباء المحليون متواجدين في موقع التصوير ليتأكدوا من أن المكسيكيين لن يظهروا بصورةٍ نمطية. ربما يفسِّر هذا أن ملابسهم البيضاء يبدو أنها لا تتسخ أو تصبح غير مهندمة على الإطلاق.

يستكشف ريتشارد سلوتكين رابطًا موضوعيًّا آخر في فترة الستينيات.1 فخلال تورط أمريكا في حرب فيتنام، كان صُنَّاع الأفلام أحيانًا يستخدمون أفلام الغرب الأمريكي للتعليق على الحرب؛ لذا فإن أفلامًا مثل «العصابة البرِّية» و«الرجل الكبير الضئيل» (١٩٧٠) و«غارة أولزانا» («أولزاناز ريد»، ١٩٧٢) أعادت بنحو غير مباشر تجسيد هجوم تيت أو مذبحة ماي لاي عام ١٩٦٨ مستخدمة أحداثًا وصورًا من التغطية التلفزيونية لهذين النزاعين. يعتبر سلوتكين فيلم «العظماء السبعة» أول فيلم «غرب أمريكي فيتنامي». عندما يعبر المسلحون الأمريكيون الحدود إلى المكسيك، فإنهم يستطيعون الإغارة بفدائية على عدو ضارٍ وإنقاذ السكان المحليين.

عند مقارنة فيلم «الساموراي السبعة» بفيلم «العظماء السبعة»، يجب أن نضع في الحسبان الاختلافات الهامة بين مخرج مستقل مثل كوروساوا، الذي يمارس سيطرةً كاملة تقريبًا على إنتاج الفيلم بداية من اختيار النص وحتى إنتاج النسخة النهائية، وبين مخرج لنوعٍ سينمائي هوليوودي مثل جون سترجيس الذي يُعتبر عمله تشاركيًّا على نحوٍ أكبر. بدأ سترجيس (١٩١٠–١٩٩٢) مسيرته في قسمَي تصميم الإنتاج والمونتاج في أستديو آر كيه أو حتى وصل إلى القمة. صنع سترجيس أفلامًا وثائقية للقوات الجوية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية وتعاون مع مواهبَ كبرى مثل ديفيد أو سيلزنيك وويليام وايلر. في قمة مسيرته، تخصص سترجيس في صنع أفلام حركةٍ موجهة للرجال مثل «يوم سيئ في بلاك روك» («باد داي آت بلاك روك»، ١٩٥٥) و«قتال بالمسدسات في حظيرة أو كيه» («جانفايت آت ذي أو كيه كورال»، ١٩٥٧) و«الهروب الكبير» («ذا جريت إيسكيب»، ١٩٦٣) و«محطة الجليد زيبرا» («آيس ستيشن زيبرا»، ١٩٦٨) وجميعها حققت نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر. كان سترجيس يُتقن صنع الأفلام ذات القصص المتعددة وكان يعرف كيف يستغلُّ مقياس شاشة السينماسكوب العريضة بأكبر قدرٍ ممكن. كان شعاره هو التركيز على «أحشاء» الصورة وليس الرأس.

طبقًا للفيلم الوثائقي «قتلة مأجورون» («جانز فور هاير»)، فإن فكرة إعادة صنع فيلم «الساموراي السبعة» باعتباره فيلمَ غرب أمريكي أتت من مساعد المنتج لو مورهايم الذي حاول الحصول على حقوق إعادة صنع الفيلم وأثار اهتمام أنتوني كوين بالمشاركة في المشروع.2 ومن خلال تتابع من مفاوضات، لا تتميز بالودية على الإطلاق، انتهت الحقوق إلى يد والتر ميريش الذي أصبح منتجًا تنفيذيًّا للفيلم وجمع فريقًا من الكُتَّاب المستقلِّين واستعان بسترجيس لإخراج الفيلم، والذي كان آخر أفلامه فيلم الغرب الأمريكي الناجح «قتال بالمسدسات في حظيرة أو كيه». شاهدوا جميعًا فيلم كوروساوا العديد من المرات وبدءوا في اختيار الممثلين للأدوار الرئيسية. منح يول براينر، الذي كان قد قام ببطولة فيلم «الملك وأنا» («ذا كينج آند آي»، ١٩٥٦)، دور كريس آدامز نوعًا من الهيبة والفخامة. كان ستيف مكوين وتشارلز برونسون قد تعاونا مع سترجيس من قبلُ، بينما سمع جيمس كوبرن بالمشروع من زميله في السكن أيام الكلية، روبرت فون. حصل هورست باكهولتز، الألماني، على دور شيكو، المكسيكي. كان اختيار السبعة ممثلين أشبه بتكوين فريق من المقاتلين؛ فدفعهم إلى العمل في فريق أثار تحدياتٍ أخرى. فخلال تصوير الفيلم، ظل براينر ومكوين يحاول كلٌّ منهما سلب الانتباه من الآخر وهي منافسة شجَّعها سترجيس كما يُقال لأنه راقه تأثير هذا على أدائهما. في نفس الوقت، فإن الممثلين المكسيكيين في عصابة إيلاي والاك تبنَّوه، وهو الممثل اليهودي من نيويورك، وعلَّموه كيف يركب الخيل وكيف يحمل المسدس. كل هذا ساهم في روح الفيلم.
لم تعوِّل شركة يونايتد آرتيستس الكثير على إصدار الفيلم لعامة الجمهور لكنه حقق نجاحًا كبيرًا في أوروبا وزادت إيرادات شباك التذاكر بعد عودته إلى الولايات المتحدة. تحوَّل فيلم «العظماء السبعة» إلى عملٍ سينمائي كلاسيكي وألهم صنع مسلسل تلفزيوني وثلاثة أجزاءٍ تالية وهي: «عودة السبعة» («ريترن أوف ذا سيفين»، ١٩٦٦) و«أسلحة العظماء السبعة» («جانز أوف ذا ماجنيفيسنت سيفن»، ١٩٦٩) و«العظماء السبعة في مهمة جديدة» («ذا ماجنيفيسنت سيفن رايد آجين»، ١٩٧٢). أصبحت كذلك الموسيقى التصويرية التي لا تُنسى لإيلمر بيرنستين موسيقى كلاسيكية. فحتى أولئك الذين لم يشاهدوا الفيلم يمكنهم التعرف عليها في موسيقى إعلانات سجائر المارلبورو وديزني لاند في باريس وفرق الروك ووسائط إعلاميةٍ أخرى شهيرة. في نفس الوقت، انطلق العديد من الممثلين الشباب في الفيلم في مسيراتٍ ناجحة على الشاشة. لكن ربما أفضل تكريم للفيلم جاء من كوروساوا نفسه الذي قال إن الفيلم راقَه بشدة، وأهدى سترجيس سيفًا احتفاليًّا.3

أسئلة

  • (١)

    ما الجماعات أو الشخصيات التي تجدها أكثر إثارة للاهتمام أو التعاطف؟ فسِّر ما يجذبك إليهم وهل كانت رؤيتك تتغير على مدار الفيلم.

  • (٢)

    العنف عنصرٌ أساسيٌّ في حياة التخوم وتقديمها على الشاشة. في أفلام الغرب الأمريكي، غالبًا ما يكون البطل مسلَّحًا يواجه الحياة البرِّية في الخارج والوحشية داخله. ما الدور الذي تلعبه الأفعال العنيفة في فيلم «العظماء السبعة»؟

  • (٣)

    استكشف دوافع شخصيات الفيلم الرئيسية. عمَّ يبحثون؟ وعَلامَ يعثرون؟ وهل يروج فيلم «العظماء السبعة» للفردية أم الجماعية كأيديولوجية؟

  • (٤)

    بعد ردود الفعل السلبية لطريقة تصوير المكسيكيين في فيلمٍ آخر وهو «فيرا كروز» (١٩٥٤)، استعانت شركة يونايتد آرتيستس بمراقبين محلِّيين لمراقبة عملية تصوير الفيلم. ما رأيك في الطريقة التي قُدِّم بها المكسيكيون وقريتهم وطريقتهم في الحياة في فيلم «العظماء السبعة»؟

  • (٥)

    يشتهر جون سترجيس باستعانته بالممثلين الذكور واستخدامه اللقطات الواسعة وضبط إيقاع أفلام الحركة خاصته. قيِّم أساليب المخرج السينمائية في هذا الفيلم.

  • (٦)

    يحب عشاق هذا النوع من الأفلام اقتباس جمل من سيناريو الفيلم. عندما يذهب المكسيكيون باحثين عن قتلةٍ مأجورين، يقول أحدهم: «ها هو أحدهم! انظروا إلى الندبات على وجهه!» لكن يردُّ آخر: «ما نحتاجه هو الشخص الذي أصابه بهذه الندبات.» عندما يتفاخر كالفيرا بأن تلك الحوائط لن تمنعه من دخول القرية، يرد كريس: «إنها صُنِعت لتمنعك من الخروج.» كذلك هناك قصة يرويها فين عن الرجل الذي وقع من مبنًى مكون من عشرة طوابق، وظل يسمعه سكان كل طابق يمر به يقول: «كل شيء على ما يرام حتى الآن.» ما الجمل التي تتذكرها بأكبر قدر ممكن من الفيلم؟ وبم تخبرك عن شخصيات الفيلم ونظرتهم للحياة؟

  • (٧)

    اعقد مقارنتك الخاصة بين فيلمَي «الساموراي السبعة» و«العظماء السبعة». أين يتفق الفيلم الأمريكي مع فيلم كوروساوا وأين يختلفان؟ وما الأسباب التي يمكنك تقديمها لإدخال هذه التغييرات؟

  • (٨)

    يُقال أحيانًا إن أفلام الغرب الأمريكي تجسِّد أكثر الأساطير التي يعتز بها الأمريكيون. ما المعتقدات الرئيسية التي تجدها في فيلم «العظماء السبعة»؟ ارجع إلى كتاب كريستوفر فوجلر عن التركيبات الأسطورية بعنوان «رحلة الكاتب» واحسب عدد الأنماط الأولية في سرد الرحلة التي يمكنك تمييزها في فيلم سترجيس.

قراءات إضافية ووسائط أخرى

  • Anderson, J.L. “Japanese Swordfighters and American Gunfighters.” Cinema Journal 12(2) (Spring 1973): 1–21.
  • Donovan, Barna William. The Asian Influence on Hollywood Action Films. McFarland & Company, 2008.
  • Guns for Hire: The Making of “The Magnificent Seven.” Documentary TV film, directed by Louis Heaton 2000.
  • Kaminsky, Stuart. “The Samurai Film and the Western.” Journal of Popular Film 1(4) (1972): 312–324.
  • Lovell, Glen. Escape Artist: The Life and Films of John Sturges. University of Wisconsin Press, 2008.
  • McGee, Patrick. From “Shane” to “Kill Bill”: Rethinking the Western. Blackwell, 2007.
  • Slotkin, Richard. “Gunfighters and Green Berets: The Magnificent Seven and the Myth of Counter-Insurgency.” Radical History Review (Spring 1989): 64–90.
  • The Magnificent Seven. DVD Special Edition. Commentary by James Coburn, Eli Wallach, producer Walter Mirisch, and assistant director Robert Relyea. MGM Home Entertainment, 2001.

هوامش

(1) Richard Slotkin, “Gunfighters and Green Berets: The Magnificent Seven and the Myth of Counter-Insurgency,” Radical History Review (Spring 1989): 64–90.
(2) Documentary directed by Louis Heaton, Guns for Hire: The Making of “The Magnificent Seven.” 2000. See also Glen Lovell, Escape Artist: The Life and Films of John Sturges (University of Wisconsin Press, 2008), 192-193.
(3) Jay Robert Nash and Stanley Ralph Ross, eds., The Motion Picture Guide (Cinemabooks, 1988), 1809.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤