الفصل الثالث

التدوين

(١) التأليف في الموضوع

التدوين هو تحول النص الشفاهي إلى نصٍّ مكتوب، والصوت إلى الحرف، والقراءة إلى الكتابة. هو منطق النص القرآني المدوَّن من الحروف والألفاظ. والسؤال هو كيفية الانتقال من الشفاه إلى التدوين، ونقل الحروف السبعة إلى المصحف العثماني؟١ ويرتبط علم القراءات بعلم الخطوط مثل طريقة كتابة الألف الرحمان أو الرحمن، السموات أو السماوات؛ لذلك كان الاتفاق مع المصحف من شروط صحة القراءة وبالتالي الكتابة.

وقد تم التأليف في الموضوع على نحوٍ مستقل مثل معظم موضوعات علوم القرآن قبل أن تنتظم كلها في علمٍ واحد في «البرهان» و«الإتقان»، وأهمها:

(أ) «كتاب المصاحف» للسجستاني (٣٣٠ﻫ)٢

«المصاحف» عنوانٌ آخر لعلوم القرآن، يشير إلى القرآن ككتابٍ مدوَّن، كشيءٍ مرئي وليس كوحيٍ مقروء ومسموع. وهي نظرةٌ تشبيهية وليست تنزيهيةً كما هو الحال في التجسيم والتشبيه في علم العقائد. ولا يشير إلى علوم القرآن ككلٍّ بل إلى أحد موضوعاته الجزئية وهو التدوين، ويعتمد على الرواية الشفاهية في تدوينه أو في مادته العلمية.٣ وتكثر الروايات والأسانيد لدرجة أن تصبح أهم من المتون.٤ يخلو من التحليلات النظرية أو الاستدلالات على اختلاف المصاحف في تدوينها. ويُكتفى برصد هذه الاختلافات لدراساتٍ نظريةٍ أخرى في علوم التدوين. خاصة علم الكتابة لتعليلها، وكيف يستطيع المعنى ضبط التدوين والقراءة.
وينقسم إلى خمسة أجزاء: الأول كتابة القرآن والأمر به وجمعه، والثاني توحيد مصحف عثمان بالرغم من الاختلافات بين مصاحف الصحابة، والثالث مقارنة وحدة مصحف عثمان مع تنوع مصاحف الصحابة، والرابع صنعة المصحف كتابةً وورقًا وتجليدًا وتغليفًا وتزيينًا، والخامس تجارة المصحف بيعًا وشراءً ونقلًا وتقديسًا. أكبرها الثاني وأصغرها الأول.٥ وتتداخل الأجزاء فيما بينها مثل آخر الجزء الثاني عن اختلاف مصاحف الصحابة وأول الثالث حول نفس الموضوع.٦ كما يتداخل الجزء الرابع عن المصحف كشيء للصناعة والجزء الخامس عن المصحف كسلعة للبيع والشراء،٧ ويتم اتباع هذه الاختلافات سورةً سورة ابتداءً من البقرة.٨
وكلها موضوعاتٌ علميةٌ خالصة تتعلق بفن الكتابة. وتقسيمه إلى أجزاء، تعشيرًا أو تربيعًا كنوع من التسهيل والقسمة الكمية الإجرائية التي لا تؤثر في مضمونه.٩ أما صنعة المصحف وتجليده وتذهيبه وتزيينه ونسخه ونقله والاتجار به فهي ظاهرةٌ اجتماعيةٌ اقتصاديةٌ فنية لا شأن لها بمضمون الوحي. ومنها حساسيات لم يعد لها وجود الآن مثل نسخه من نصراني أو تصغير الخط وتكبيره أو طريقة فصل السور أو ترقيمها وترقيم الآيات أو أخذ الأجر على كتابته أو قراءته أو تقسيم سوره إلى طوال وقصار. كلها ظواهرُ اجتماعيةٌ اقتصاديةٌ فنيةٌ متغيرة بتغير عادات المجتمع. أما وراثته والسفر به إلى أرض العدو أو تعليقه ووضعه في اتجاه القبلة فهو تحولٌ تدريجي من الكتاب إلى المقدس. كذلك عدم جواز مسِّه إلا عن طهر أو بعد مس الذكر أو ممن ليس على وضوء أو رهنه؛ فكلها عاداتٌ اجتماعيةٌ متغيرة كما يحدث اليوم من تعليقه في الصدور وحول النحور ووضعه في العربات وفوق المناضد وفي الفنادق وتعليق أجزاء منه أحجبةً وتعاويذ أو تهاديه في المناسبات الوطنية والدينية في كافة الطبقات الاجتماعية من رؤساء الدول وقواد الجيش حتى الأفراح والأعراس، وحمله أمام الزفة من احتفال تتساقط عليه الورود وتتقدمه الراقصة. وأيضًا تقبيله بالشفتَين ووضعه على الجبين وعدم جواز حرقه، بقايا تقديس للجسد كرد فعل على تفعيل الروح. وثورة الاتصالات الآن تجاوزت هذا التصور الشيئي لمصدر العلم؛ إذ يمكن نقل المصحف الآن عبر شبكات الاتصال التي تخترق أرض العدو والصديق.
وبعد تقنين مصحف عثمان وتداوله في مشارق الأرض ومغاربها ما فائدة العودة إلى رصد الاختلافات بين مصاحف الصحابة؟ ألا يشكك ذلك في الصحة التاريخية للمصحف وهو ما يفعله المستشرقون؛ حتى يصبح النص القرآني مثل غيره من النصوص الدينية، التوراة والإنجيل، مشكوكًا في صحته. وإن كان القرآن لم يمر بفترةٍ شفاهية مثل الكتب المقدسة السابقة ليخضع لمناهج النقل الشفاهي كما خضع الحديث فإنه على الأقل يخضع لمناهج النقل الكتابي. وما زالت مناهج النقل التاريخي تعتمد على صدق الكاتب اعتمادًا على آية مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ كما هو الحال في علم أصول الفقه مثل الإجازة والمناولة.١٠ والسؤال اليوم هو: هل هذه الاختلافات صحيحة تاريخيًّا؟ ولماذا تكون أكثر صحة عن مصحف عثمان؟ وهل أهملها عثمان عن قصد أم لضعف تواترها؟١١وإذا كان البعض منها صحيحًا تاريخيًّا، وهو ما لا يمكن التيقن منه، فإن الأذن لم تتعوَّد عليه. وسيظل القرآن المقروء باللسان والمسموع بالآذان والمحفوظ في الصدور أقوى تأثيرًا في النفس من القرآن «المعدل» طبقًا لاختلافات الصحابة. وهل يستطيع النقاد اليوم، لطول المسافة الزمنية بين زمن التدوين وزمن اليوم وعدم عيشهم نفس تجارب القراء القدماء في السماع المباشر للقرآن الشفاهي قبل التدوين؛ أن يصلوا إلى نتائجَ مغايرة تمامًا لمصحف عثمان؟ وإذا وصلوا افتراضًا إلى شيء من هذا ألا يكون ضرره أكثر من نفعه ويجعل القرآن عرضة في كل عصر للتغيير والتبديل طبقًا لمهارة النقاد وتطور مناهج النقد؟

(ب) «المحكم في نقط المصاحف» للداني (٤٤٤ﻫ)١٢

وهو جزء من علم القراءة والتدوين، وأثر كلٍّ منهما على الآخر واعتماد ذلك على علم النحو عند المتقدمين والمتأخرين.١٣ ويُستعمل المنهج التاريخي لمعرفة متى بدأ التنقيط، وكيف تطور من القدماء إلى المحدثين، من المتقدمين إلى المتأخرين، وأهمية أبي الأسود الدؤلي كأول من اقترح التنقيط. ويعني التنقيط التشكيل والإعراب. وقد يسبب الخطأ في التنقيط خطأً في المعنى، وقد تكون صحة المعنى أحد وسائل ضبط التنقيط. وترجع حساسية الموضوع إلى التدخل في كتابة الوحي بعلاماتٍ ترشد إلى القراءة. وقد يتطور الوضع ويصبح تغييرًا في لفظ الوحي. وتقلُّ الشواهد النقلية في البداية ثم تكثر في النهاية، ويُستشهد بالشعر مرةً واحدة.١٤ ولا يُتبع في التنقيط سورةً سورة وآيةً آية بل يُجمع طبقًا للحروف وهي بداية التنظير. والملحق في نهاية الكتاب استمرار له، ولا يتميز بشيءٍ خاص كنوع من الخاتمة التنظيرية للموضوع، إلا إذا كان الاستعانة برسم الحروف ومكان التنقيط عليها أو بجانبها يستحق جزءًا خاصًّا متميزًا عن الكتاب؛ وفي هذه الحالة يكون الكتاب صنعة وليس تأليفًا.١٥ وفي النهاية يتعامل الكتاب مع المصاحف باعتبارها شيئًا يُرى بالخط ولا يُسمع بالأذن أو يُقرأ باللسان، فالحرف في النهاية بدن، والمعنى روح.١٦
والكتاب مقسَّم إلى أبواب وفصولٍ عدة دون تمييزٍ موضوعي بينها ودون ترقيم، والفصول بلا عناوين.١٧ فأتت أقرب إلى الفقرات المتتالية حول بداية التنقيط بعد أن كانت المصاحف خالية منها ثم الحكم الشرعي فيه بين السلب والإيجاب، وقسمة المصاحف إلى تعشير وتخميس، وما يجمع في أوائل السور من أسمائها ومكانها وعدد آياتها. ويشمل التنقيط علامات الوقف والوصل والحروف المعجمة، والتشديد والسكون والمد والتنوين والإدغام. وتأخذ الهمزة مساحةً طويلة ومواضع كتابة ومواضع كتابتها، والألف القصر والمد، وحذف حروف العلة وطريقة كتابتها. وهي موضوعات كانت لها مناسباتها القديمة واستقرت ولم تعد تثير أي إشكال في القراءة أو الكتابة.

(ﺟ) «تناسق الدرر في تناسب السور» للسيوطي (٩١١ﻫ)١٨

يعرض لأسرار ترتيب القرآن، وهو أحد موضوعات علوم القرآن عن الترتيب الموضوعي التوفيقي عند القدماء وليس الترتيب الزماني التاريخي عند المحدثين. وبتعبير المحدثين الأول البنية، والثاني التاريخ. وهو صراعٌ قائم بين العرب والمستشرقين. فقد اختار العرب البنية، والمستشرقون التاريخ طبقًا لجدل الدفاع والهجوم. والتوقيف لا يحتاج إلى تعليل، ومع ذلك يتم تعليل الترتيب الموضوعي بمضمون السور حتى ولو بدا مفتعلًا. ويتم الربط بناءً على التفسير، تفسير مضمون السور، وربط آخر آية في السورة بأول آية في السورة التالية كبيان وجه الاتصال بين السورتَين. فالمناسبة في الموضوع وليس أسباب النزول، والموضوع هو العقائد والشرائع والمصالح. يفسر القرآن بالقرآن، ثم القرآن بالحديث، ويندر تفسير القرآن بالشعر لأنه لا ضرورة له إلا في تفسير القرآن باستعمالات اللغة والبلاغة.١٩ والآيات منتقاة كأدلة وبالتالي ليست كثيرة. ويتم عرض المناسبات، سورةً سورة، وآيةً آية، طبقًا للفهم الطولي في علوم التفسير. ويعرض التبويب في الباب أول الكتاب كما هو الحال في الرسائل العلمية الحديثة، ويبدأ برصد أقوال السابقين، وهو تجميع لكثير منها؛ مما دفع خصومه مثل السخاوي إلى اتهامه بالسرقة العلمية، وهي عادة القدماء في التأليف في ثقافة لا تعرف حق الملكية الفكرية ونسبة الأفكار إلى أصحابها؛٢٠ فالأفكار تنتسب إلى حضارةٍ جماعية يشارك الجميع في صنعها؛٢١ لذلك سُمي السيوطي «الحافظ».

(٢) تسمية القرآن

وأول مظهر من مظاهر التدوين التسمية، تسمية القرآن وسوره. التسمية إعلان وبيان.٢٢ وقد سُمي القرآن على وزن ما سمى به العرب كلامهم، القرآن على وزن الديوان، والسورة كقصيدة، والآية كالبيت، والفاصلة كالقافية.٢٣

وللقرآن خمسون اسمًا يمكن تجميعها في أنواع: الأول ما يدل على الكلام قراءةً وكتابةً وحديثًا وتنزيلًا ووحيًّا وزبورًا. وقد يوصف كل اسم بوصف كتابٍ عزيز، كتابٍ مبين، القرآن الكريم، كلام الله، أحسن الحديث، العروة الوثقى، صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة، ذكر مبارك، صراط مستقيم، حكمة بالغة، قول فصل، نبأ عظيم، قرآن عربي، القصص الحق. وأحيانًا يكون الوصف ثلاثيًّا متتاليًا مثل فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. وأحيانًا تكون التسمية معرفة بالألف مثل «الكتاب»، «الفرقان»، «النبأ»، «الوحي»، «العروة»، أو «تنزيل رب العالمين»، «أمر الله» أو بالإضافة «كلام الله»، «حبل الله»، «صراطي»، «أحسن الحديث». وأحيانًا تكون نكرة «قرآن»، «نور»، «موعظة»، «شفاء»، «ذكر»، «حكمة»، «قول»، «روح»، «بيان»، «علم»، «حق»، «هداية»، «عجبًا»، «تذكرة»، «صدق»، «عدل»، «أمر»، «منادي»، «بشرى»، «مجيد»، «زبور»، «بشير»، «نذير»، «بلاغ». وهو في الغالب مفرد. وأحيانًا يكون مثنًّى مثل «مثاني». وأحيانًا يضاف إلى لام التوكيد مثل «لتنزيل»، «لتذكرة». وأحيانًا يكون جمعًا مثل «بصائر»، «قصص»، «صحف». وأحيانًا يأتي الاسم مفردًا وهو الغالب وأحيانًا عطوفة اسم على آخر مثل «هدًى ورحمة»، «صدق وعدل»، «هدًى وبشرى»، «بشير ونذير».

والثاني «الكتاب المبين». الكتاب هو التدوين، الحروف والألفاظ. وهو مبين وواضح بالرغم من المبادئ اللغوية التي وضعها لشرحه وتفسيره وتأويله، وليس بالضرورة لأنه جامع للعلوم والقصص والأخبار.

وهو قرآن، وهو لفظ غير مشتق مثل لفظ «الله»، وإن كان مشتقًا فمن القراءة إذا كان مهموزًا أو من القران أو من القرن إن لم يكن مهموزًا من قرن السور والآيات بعضها ببعض أو من القرائن أي الأدلة التي يصدق بعضها بعضًا أو من البيان والتوضيح.٢٤

وهو «قرآن كريم» مقروء بالصوت، كريم في عطائه لمعانيه، وهو كلام الله وقولٌ فصل، يجمع بين الشفاهي والمدوَّن؛ كلام يُسمع ويُقرأ، وهو مشتق من الكلم أي التأثير، وهو نبأٌ عظيم للإخبار، وهو قول، وهو فصل، وهو أحسن الحديث الذي يُحدَّث به الناس، وهو «تنزيل» من رب العالمين، وهو «وحي» يُنذَر به، وهو «بلاغ للناس» لما أمروا به ونهوا عنه وليس لأنه بلغ بلاغة وكفاية عن غيره، وهو مبارك، وهو المهيمن، وهو الزبور أو السِّفر، إحالةً إلى الكتب المقدسة السابقة، ففُضِّل عليه المصحف.

والثالث على صيغه اللغوية مثل «مثاني»، «متشابه»، «عربي»، «بيان». فالمثاني إيقاعٌ موسيقي وليس لأنه بيانٌ ثانٍ لما تَقدَّمه من الكتب المقدسة، أو لتكرار المواعظ والقصص، أو لأنه نزل مرةً باللفظ ومرةً بالمعنى.٢٥ والمتشابه حرية اختيارٍ معنوي وليس لأنه يشبه بعضه بعضًا في الحسن والصدق، والعربي نسبة إلى اللغة وتفرُّد العربية بين باقي اللغات، وهو بيان من الوضوح، وهو «عجب» مما أوحي بالإعجاز، وهو «قصص» أي شكل من الأشكال الأدبية، وهو «الحكيم» في النظم والبيان وإحكام الآيات دون تحريف أو تبديل أو تباين أو اختلاف، وهو العزيز المتعالي، وهو البصائر والرؤى.

والرابع يدل على المعارف النظرية مثل «علم»، «حق»، «صدق»، «فرقان»؛ هو «علم» لأنه يعطي المعارف النظرية، وهو «حق» لأنه علمٌ صادق، وهو «صادق» يمكن التحقق من صدقه، وهو حكمة طالما بحث عنها الفلاسفة، والحكمة وضع الشيء في محله.

والخامس مجموعة من الأسماء تدل على عالم الأخلاق والتوجه العملي مثل: «هدى»، «رحمة»، «موعظة»، «ذكر»، «قيم»، «تذكرة»؛ هو «هُدًى» و«هدْي»، توجيه وإرشاد نحو الصراط المستقيم أو «هادي». وهو رحمةٌ مهداة، لا يشق على الناس، وهو موعظة وقيمة أخلاقية، وهو «قيم» لأنه قيمة تضع القيم، وهو «ذكر» و«تذكرة» ينبِّه الناس بما لديهم من فطرة، وإذكاء للوعي التاريخي، وهو «عدل»، فالصدق نظري وعملي، وهو أمرٌ وواجب، وهو «ينادي» على الناس للإيقاظ، وهو بشرى للناس بالنهاية السعيدة كما كان الإنجيل بشارةً طيبة، وهو «بشير»، وهو «نذير».

والسادس بعض الصفات الإنشائية للتمجيد والتعظيم مثل «عليٌّ»، «مجيد»، «عزيز»، «مُكرَّم»، «مُطهَّر»، «مرفوع»؛ فالعلو للقدر، والمجيد للعظمة والشرف، والعزيز للعزة على معارضته، والمكرَّم للاحترام، والمطهَّر للنقاء، والمرفوع للرفعة، وهو عجب.

وهناك مجموعة من الصور الفنية مثل «نور» وهو من صور الله اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وبه يدرك غوامض الكلام، وهو «فرقان» لأنه يفرق بين الحق والباطل، وهي أيضًا تسمية الفاروق عمر، صورةٌ مستقاة من السيف. وهو اسم لسوره وتفصيل آياته اسم «فصلت»، وهو شفاء، صورة مستقاة من علم الطب، يشفي من الأمراض القلبية كالجهل والغلِّ والحقد، أما الشفاء من الأمراض البدنية فعن طريق النفس نظرًا لارتباط الجسم بالنفس وليس مباشرة كما هو الحال في العادات الشعبية، قراءة القرآن على المريض أو كتابة أحجبة تعلق على الأعضاء المؤلمة. وهو حبل يعتصم به الناس. والحبل هو السبب الموصل للغاية. وهو «العروة الوثقى» التي تربط بين الناس. وهو صراطٌ مستقيم يمشي عليه الناس، طريق لا عوج فيه. وهو «روح» من أمر الله، تحيا به القلوب والنفوس، وهو إيمان ويقين في القلب.

(٣) تسمية السور

ليست أسماء السور توقيفًا من النبي وإلا لما اختلفت وتعددت. وكانت الأسماء تُقترح من الصحابة أيضًا ولا تُوقَف فقط من النبي.٢٦ فلكل صحابي مصحف به أسماء سورٍ خاصة به؛ مما يدل على أنها من اختياره للتعرف عليها، فبعض السور لها أكثر من اسم مثل الفاتحة.٢٧ وسورٌ أخرى لها أكثر من اسم أو ثلاثة أسماء.٢٨ وتعدد أسماء السور.٢٩ قد يكون لكل سورة اسمان أو ثلاثة أسماء أو أكثر.٣٠ وقد يجمع اسم واحد بين سورتَين.٣١ وقد يكون الاسم الثاني اسمًا أو وصفًا، الاسم مفرد مثل تسمية النحل النعم، والموصوف عبارة مثل تسمية «يس» قلب القرآن، والطلاق النساء القصرى. وقد يتغير الاسم بالتشكيل مثل الممتحَنة أو الممتحِنة أو الاشتقاق مثل الممتحنة الامتحان، والتحريم المتحرم أو لمَ تحرم.
ويمكن استخراج أسماءٍ كثيرة لكل سورة من معانيها كما جرت بذلك عادة العرب. وكلما كان المعنى خاصية كان أقرب إلى الاسم مثل سورة «البقرة» أو «النساء» أو «الأنعام».٣٢ وفي قصص الأنبياء إذا امتلأت سورة بأسماء الأنبياء يؤخذ اسمها من أكثر الأنبياء تكرارًا أو من أطولهم في القصص خاصة إذا ما أخذت سورةٌ أخرى أسماءَ أنبياء آخرين حتى لا تتكرر أسماء الأنبياء أسماءً للسور.٣٣
وترتبط أسماء القرآن وسوره بالكتب المقدسة السابقة؛ فالقرآن هو «الزبور» وهو المهيمن على الكتب المقدسة السابقة ومطوِّرٌ لمضمونها.٣٤ وقد تمت روايات بعض الأحاديث لتأكيد هذه الاستمرارية بين الكتب المقدسة السابقة والقرآن؛ فالتوراة هي السبع الطوال، والزبور هو المائتين، والإنجيل المثاني، وزِيدَ عليها المفصل في «فصلت».٣٥ وقد تستمد بعض الأسماء من التوراة مثل «اقتربت» التي تسمى «القمر»، وفي التوراة «المبيضة».
ويمكن تصنيف الأسماء في سبع مجموعات: الأولى قصص الأنبياء بصرف النظر عن الترتيب الزمني أو الكمي، الطول والقصر.٣٦ وقد يكون الاسم للنبي أو للعائلة مثل «آل عمران». وقد يكون لمعجزة للنبي مثل «المائدة» معجزة عيسى، و«الإسراء» معجزة محمد. وقد يكون جامعًا للأنبياء.٣٧ والثانية أسماء الحيوانات.٣٨ والثالثة تكون الأسماء طبقًا لأمور المعاد. الاعتقادية وهو البعد الجديد في الثقافة الجاهلية في شبه الجزيرة العربية.٣٩ والرابعة تكون طبقًا للأمور الاجتماعية، والسياسية؛ مما يدل على جدل الوحي والواقع.٤٠ كما تؤخذ من المجموعات والشعوب.٤١ وهذا يدل على ارتباط الوحي بالأقوام والأوطان، والخامسة قد تكون طبقًا للموضوعات الخلقية مثل التوبة والإخلاص من الفضائل، والهمزة من الهمز واللمز والغمز من الرذائل، وقد تكون من الموضوعات الإيمانية.٤٢ ويتفرد الإنسان بسورة، كما يتفرد الجن نقيض الإنس بسورةٍ أخرى.٤٣ والسادسة قد تكون بالنسبة إلى الظواهر الطبيعية.٤٤ وقد تكون الأسماء بالنسبة للزمان.٤٥ وقد يؤخذ الاسم من علاقة الله بالطبيعة مثل «فاطر»، «رب الفلق»، «ربك الأعلى»، «بيده الملك»، «غافر». والسابعة قد يؤخذ الاسم من الحروف في أوائل السور.٤٦ وقد يكون «طه» اسمًا آخر للرسول كما هو الحال في الثقافة الشعبية، ليس حرفين. وليس كل السور التي تبدأ بالحروف اشتُقَّت أسماؤها منها مثل «الم» واسمها البقرة أو آل عمران أو الروح أو العنكبوت أو لقمان أو السجدة، ومثل «الر» اسمها يونس أو هود أو يوسف أو إبراهيم أو الحجر، وطسم واسمها الشعراء، وطس واسمها النمل، وطسم واسمها القصص، وحم واسمها غافر، وفصلت أو الشورى أو الزخرف أو الدخان أو الجاثية أو الأحقاف، نون والقلم. في أسماء السور حتى يسهل نطقها.

وقد تكون الحروف حرفًا أو اثنين، في حين أن الحروف أسماء السور قد تكون ثلاثية مثل «الم»، أو رباعية مثل «المص»، «المر» أو خماسية «كهيعص».

وإعراب أسماء السور بين التدوين واللغة، ومع ذلك فهي أقرب إلى الشكل منها إلى المضمون، ومن اللفظ أقرب منها إلى المعنى. وهي تتعلق ببداية السور عندما تصبح اسمًا لها من ضمن الأسماء الأخرى مثل قُلْ أُوحِيَ، اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ. وكذلك الحروف أوائل السور هل هي معربة أم مبنية، مصروفة أم ممنوعة من الصرف.٤٧

(٤) جمعه وحفظه

لم يُجمع القرآن في عهد الرسول بالإجماع. وفي أي عصر جُمع القرآن بعد ذلك؟ في أيٍّ من الخلفاء الأربعة؟ عليها خلاف، كما هو الحال في تدوين الإنجيل. النظريات المحافظة تجعل الجمع مبكرًا قدر الإمكان؛ الخليفة الأول. والنظريات الأكثر تحررًا وجرأة تجعله متأخرًا حتى الخليفة الرابع. ولا يهم الحسم التاريخي بل الدلالة النقدية؛ حجة الجمع المتأخر حرج المتقدمين من فعل ما لم يفعله الرسول.٤٨ وقد يجمع بين العصور الثلاثة في نظرية الجمع ثلاث مرات، في كل عصر مرة، عصر الرسول، ثم أبي بكر، ثم عثمان، الجمع والترتيب.٤٩ ويتسع عدد الجامعين أو يضيق طبقًا لبعض الأهواء السياسية، إذا اتسع فإن الإرث النبوي متاح للجميع، وإذا ضاق فإنه يقتصر على نخبةٍ صغيرة تجمع بين النبوة والخلافة، بين الدين والسياسة. ويختلف الناس على إدخال عثمان أو علي بسبب الخلاف السياسي في عصر الفتنة. وقد وضعت بعض الأحاديث من أجل تقوية فريق على فريق.٥٠
وكان التدوين لا يتم إلا بشهادة رجلَين طبقًا للعقود.٥١ وقد تلعب الصدف دورًا في الجمع وعدم نسيان شيء.٥٢ ثم حرقت باقي المصاحف التي جمع منها عثمان المصحف.٥٣ ثم نسخ من المصحف الموحد خمسة أو سبعة أرسله إلى الآفاق وربما كانت أربعة في كل ناحية واحد، الكوفة والبصرة والشام والحجاز. ثم زادت ثلاثة إلى مكة واليمن والبحرين.
والبسملة والمعوذتان فواتح للسور أو جزآن منها موضوعٌ أصولي في المصدر الأول للتشريع؛ القرآن.٥٤ وللفاتحة فضلها، وهي السبع المثاني، والبسملة جزء من السورة أو فاتحة لها في الأصل من علوم القرآن دخلت في علم أصول الفقه٥٥ ونُسيتْ في أول سورة براءة أو أنها خلت منها عن قصد، والحكمة منها تسوير السورة، والفصل بين السور السابقة والسورة اللاحقة.٥٦ وقد سقطت «البسملة» في أول «براءة»، وهي عادة العرب عند نقض العهود. وقد يكون السبب أنها كانت جزءًا من «الأنفال» ثم فُرِّق بينهما. وقد يكون السبب هو أن «البسملة» أمان في حين أن «براءة» سيف. وقد يكون السبب تاريخيًّا صرفًا؛ أن الوحي لم ينزل بها.٥٧

(٥) قسمته وترقيمه

ويتكون القرآن من سور وآيات. والسور تهمز ولا تهمز؛ فإذا هُمزت فهي من أسأرت أي أفضلت، والسؤر هو ما بقي من الشراب في الإناء، وقد يكون مشتقًّا من السور، سور البناء، سور المدينة لإحاطته. وقد يكون مشتقًّا من الارتفاع. وقد يكون مشتقًّا من السور أي التصاعد وتركيب بعضها على بعض. والسورة قرآن تشتمل على آيات، أقلها ثلاثة. وبها فاتحة وخاتمة أي أنها شكلٌ أدبي.٥٨
وتعني الآية في اللغة ثلاثة معاني: جماعة الحروف، العجب، والعلامة. ولا يهم وزنها لأنها ليست شعرًا. وفي الاصطلاح الآية قرآنٌ مركَّب من جُمل، متقطعة مع ما قبلها وما بعدها، وهي وحدةٌ صغيرة داخل وحداتٍ أكبر، وقد تكون كلمةً واحدة لحالةٍ فريدة مثل مُدْهَامَّتَانِ. وهي توقيف إلا إذا كان التقسيم مبنيًّا على وحدات المعاني وليس وحدات الألفاظ. وأوائل الحروف، وهي ست آيات. والكلمة لفظةٌ واحدة من حرفَين أو أكثر، وأكثرها عشرة أحرف.٥٩
وتُقسَّم السور طبقًا للكم إلى السبع الطوال، والمئين، والمثاني، والمفصَّل.٦٠ السبع الطوال هي السور السبع الأولى، والمِئون هي السور التي تزيد كلٌّ منها عن مائة آية، والمثاني ما ولي المئين أقل من مائة آية أو لتثنية الأمثال فيها بالعبر والخبر والقصص. والمفصَّل ما ولي المثاني من قصار السور، وتسمى أيضًا بالحكم.٦١ وتنقسم نسبيًّا إلى طوال وأواسط وقصار. وقد انتهت القضية الآن بعد عصر التدوين وتقنين القرآن عبر التاريخ في مصحف عثمان بالخط العثماني، من الخليفة الثالث حتى دولة الخلافة، من المدينة إلى إستانبول. وقد يقسم القرآن أحزابًا أو أجزاءً كما هو الحال الآن. ويطبع في أجزاءٍ متفرقة لسهولة الحمل والتوزيع والاستخدام في المناسبات.
وعدد السور والآيات والكلمات والحروف فائدة منه دون قراءة كيفية.٦٢ أما عدد الآيات في كل سورة فلا نفع فيه.٦٣ يكفي العدد الكلي للسور.٦٤ ومن ثم لا إشكال في اعتبار الحروف الأولى في أوائل بعض السور آياتٍ أم حروفًا، ولم تكن الصحف القديمة كاملة العدد.٦٥ والحكمة في تسوير القرآن جعل القرآن وحدات من السور، كل سورة آية ومعجزة، والإعجاز ليس كمًّا بل كيفٌ. وقد تكون آيةٌ واحدةٌ معجزةً. كل سورة بها رحمة وموضوع؛ مما يفسر أهمية التفسير الموضوعي للقرآن.٦٦ وكذلك كانت الكتب المقدسة السابقة، التوراة والإنجيل.
وسور القرآن ثلاثة أقسام؛ قسم لا خلاف عليه لا إجمالًا ولا تفصيلًا، وقسم فيه خلاف تفصيلًا لا إجمالًا، وقسم فيه اختلاف إجمالًا وتفصيلًا.٦٧

كما أن اتفاق بعض السور في عدد الآيات واتفاق بعض الآيات في عدد الحروف، واتفاق حروف البسملة مع العدد تسعة عشر كل ذلك لا دلالة له بالرغم من تحوُّله إلى علم الحروف والأعداد كأحد العلوم الدينية السحرية التي بها تكتب الألغاز والأحجبة لشفاء الأصدقاء والإضرار بالأعداء.

وقد تُقسم الحروف القرآن إلى أنصاف فكلمة «نكرًا» تقسم النون القرآن ما قبلها، وتقسم الكلمات والكاف إلى القرآن ما بعدها. وتقسم الآيات في كلمة «الجلود» ما قبل الجيم وما بعد اللام، وتقسم الآيات في كلمة «يأفكون». وتقسم السور في كلمة «الحديد». وهي بداية مدخل الخرافات في علم الأعداد التي لا فائدة منها، وضرورة البحث عن فائدة بالضرورة.

وأنصاف القرآن ثمانية.٦٨ بالحرف نون قبل مثل «نكرًا» أو بالكلمات التي تنتهي بحرف الدال مثل «والجلود». والنصف على عدد السور وهو تصورٌ كمي للقرآن وتقطيع وحدةٍ واحدة بلا هدف. ويتحول الأمر إلى تمريناتٍ رياضية، عدد تكرار الكلمات دون تحليل للمضمون، وعدد الكلمات التي أولها أو آخرها شين أو عدد الحروف المتحركة أو السور التي تجمع حروف المعجم وعدد الميمات. وقد تُستعمَل الآيات لتحقيق مناطها في الرد على الفرق المخالفة كالمرجئة والمشبهة والمجبرة، وهو التوظيف السياسي في فهم الآيات.
أما بالنسبة لترتيب السور والآيات فإنه ليس مثبتًا مسبقًا في اللوح المحفوظ بل هو فعلٌ بشريٌّ خالص، ويدل على اختلاف ترتيب مصحفَي أُبي وابن مسعود.٦٩ والترتيب ليس زمانيًّا؛ مما يدل على أهمية الموضوع وليس التطور، البنية وليس التاريخ. وكل محاولة لإعادة ترتيب القرآن ترتيبًا زمانيًّا في قرآنٍ مدوَّنٍ جديد هو قرآن للدراسة وليس قرآنًا للتعبد.٧٠ والمشهور أن ترتيب الآيات توقيفي، وفي هذه الحالة لا توجد له أسباب، وإذا كانت له أسباب فهو اصطلاحيٌّ مُعلَّل. وتعدد الأسباب إما بحسب الحروف مثل «الحواميم» أو لموافقة أول السور لآخر ما قبلها أو للوزن في اللفظ أو لمشابهة جملة السورة لجملةٍ أخرى.٧١ والغالب أن ترتيب السور توقيفي.٧٢ وقد يُجمَع بين النظريتَين التوقيف والاصطلاح؛ التوقيف من الرسول باستثناء سورتَي الأنفال والبراءة من الاصطلاح تفويضًا من الأمة.٧٣
وتدخل المناسبة في التدوين أي ترتيب الآيات في السور، كما تدخل في أساليب البلاغة، وهي مناسبةٌ توقيفية على عكس أسباب النزول؛ أسباب النزول «دياكرونية» ومناسبة الآيات للسور «سنكرونية» بلغة اللسانيات الغربية المعاصرة.٧٤ والحكم بأن هذا الترتيب التوقيفي مطابق للوح المحفوظ يندُّ عنه التجربة والحكم. والمناسبة في اللغة المشاكلة والمقاربة ورابط الآيات بينها بعام أو خاص، عقلي أو حسي أو خيالي، والسبب والمسبب، والعلة والمعلول، والنظيرَين والضدَّين في الراهن أم في الواقع. ذكر الآية بعد الأخرى إما أن يكون ظاهر الارتباط أو لا تكون كل آية مستقلة عن الأخرى، ويكون الارتباط بالعطف أو التضاد مثل القبض والبسط أو شبه التضاد مثل السماء والأرض والاستطراد والتخلص عكسه وحسن المطلب والغرض العام للسورة والعادة؟٧٥ وعلى هذا النحو تفسَّر فواتح السور وخواتيمها، والمناسبة هي المقاربة، وفائدتها ربط الكلام بعضه ببعض من أجل بناءٍ محكم الأجزاء، آخر كل سورة مرتبطٌ بأول سورة قبلها، وهي مبنية على أن ترتيب السور توقيفي.٧٦
والتوقيف لا يعني إلغاء السببية.٧٧ ومن الأسباب حسب الحروف، وموافقة أول السور وآخر ما قبلها، والوزن في اللفظ، والمشابهة بين جملة السور. وتفتح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدئت.٧٨ وتناسب السور ومقاصدها.٧٩ وقد يتصل اللفظ باللفظ دون المعنى.٨٠
وقد يكون السبب المضمون الجامع مثل «الفاتحة» التي تضمنت التوحيد والربوبية والإسلام والتمايز عن الديانات الأخرى والمراحل السابقة للوحي. وتضمنت «البقرة» قواعد الدين، وتكملها «آل عمران»؛ في «البقرة» الدليل على الحكم وفي «آل عمران» الجواب عن شبهات الخضوع. وفي «النساء» جميع أحكام الأسباب بين الناس الطبيعية كالنسب والمصاهرة والتعاقدية. و«المائدة» سورة العقود. و«الأنعام» و«الأعراف» ذكر للمقاصد؛ لذلك قد تكون آخر القرآن نزولًا؛ فالترتيب: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، يشير إلى وحدة المقصد.٨١

(٦) فواصله وفواتحه

وتدخل فواصل الآي في القراءة إذا كان النقل شفاهيًّا بالصوت وفي التدوين إذا كانت القراءة من الخط. وإن كان الأول فهو مثل الوقف، واللفظ قرآني كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ. الفاصلة كلمة في الآية كقافية الشعر وقرينه السجع؛ هي حروف متشاكلة في المقاطع يقع بها إفهام المعنى، يحكمها السجع.٨٢ وتعرف توقيفًا أو قياسًا، والقياس صوتيٌّ إيقاعي مثل الشعر، وقد يحتم ذلك مراعاة المناسبات لهذا الغرض مثل التقديم والتأخير وحذف بعض الحروف أو الكلمات أو زيادتها.٨٣ والصرف لما لا يصرف، والتذكير أو التأنيث، إيثار أغلب اللفظَين، الإفراد والتثنية والجمع، إبدال العاقل بغير العاقل، والإمالة، والمبالغة. وإيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل. وهي في الحقيقة موسيقى القرآن مثل موسيقى الشعر.
والفواصل أربعة أنواع: التمكين، والتصدير، والتوشيح، والإيغال؛ التمكين هو ائتلاف القافية، وهو التمهيد للتأثر بالقرينة، وللشاعر بالقافية؛ والتصدير أن يكون اللفظ بعينه تقدَّم في أول الآية، وهو رد العجز على الصدر؛ والتوشيح أن يكون في أول الكلام ما يستلزم القافية، ودلالته معنوية؛ في حين أن التصدير دلالته لفظية؛ والإيغال هو نوع من الإطناب.٨٤
ويرتبط التدوين بالقراءة أو تُختم مقاطع الفواصل بحروف المد اللين، ومبنى الفواصل على الوقف، ويحافظ على الفواصل لحسن النظم والْتئامه. وتقسم الفواصل باعتبار المتماثل والمتقارب في الحروف، وتأتلف الفواصل مع ما يدل عليه الكلام، وقد تجتمع فواصل في موضعٍ واحد ويخالَف بينها في مواضع.٨٥
والفواصل في علم البديع خمسة أقسام: مطرف، ومتوازٍ، ومرصَّع، ومتوازن، ومتماثل؛ المطرف اختلاف الفاصلتَين في الوزن واتفاقهما في السجع، والمتوازي الاتفاق في الوزن والتقفية، والمتوازن الاتفاق في الوزن دون التقفية، والمرصع الاتفاق في الوزن والتقفية، والمتماثل المساواة في الوزن دون التقفية.٨٦

وهناك نوعان في البديع متعلقان بالفواصل؛ الأول التشريع أو التوأم وهو بناء الشاعر بيته على وزنَين في العروض، إذا سقط جزء أصبح الباقي من الوزن الآخر؛ والثاني الالتزام وهو لزوم ما لا يلزم، وهو الالتزام في الشعر أو النثر بحرف أو حرفَين بشرط عدم الكلفة. وأفضل السجع ما تساوت قرائنه أو تتلوه أو ما طالت قرينته الثانية أو ما كان قصيرًا أو سرد المعاني أو بناء الفواصل على الوقف أي بالسكون أو النهاية بألف ونون.

وتدخل فواتح السور في موضوع التدوين أو في فنون البلاغة.٨٧ فمن البلاغة حسن الابتداء لأنه أول ما يطرق السمع، وتسمى براعة الاستهلال. وفواتح سور القرآن عشرة أنواع بعد إحصائها وتصنيفها في مجموعات كعادة القدماء في علوم القرآن: الثناء على الله، إثباتًا لصفات الكمال ونفيًا لصفات النقص، وحروف الهجاء، والنداء، والجمل الخبرية، والقسم، والشرط، والأمر، والاستفهام، والدعاء، والتعليل.٨٨ وبراعة الاستهلال بالفاتحة، فقد نزلت مائة وأربعة كتب أودعت أسرارها في أربعة: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. ثم أودعت علوم القرآن، ثم أودعت فاتحة الكتاب.٨٩ وكذلك حوت سورة اقْرَأْ كل العلوم.٩٠
وكما يطرق أول الكلام السمع كذلك يطرقه آخر الكلام الذي يشمل الأدعية والوصايا والفرائض والتحميد والتهليل والمواعظ والوعد والوعيد والتبجيل والتعظيم والتعريض والحض.٩١ والحروف أوائل آية سواء كانت معربة أم لا، يكون عليها الوقف. كتبت في المصاحف. وقد تكون مأخوذة من اسم الله أو أقسم بها الله أو من حروف الهجاء أو اختصار الجمل أو اسمًا لسور أو سر الكتاب أو لبساطة التأليف أو رغبة في التأويل أو لإثارة الذهن والخيال، وهي نصف حروف المعجم. وهو تسع وعشرون سورة طبقًا لأسرار الأعداد.٩٢ وتقديم المفردات على مركباتها حركةٌ طبيعية في النطق والهجاء والخط، وتناسب فواتح السور خواتمها وخاتمة التي قبلها.

(٧) رسمه وخطه

وهو موضوع تحويل الشفاهي إلى مدوَّن، والقراءة إلى كتابة.٩٣ وقد يستقل الموضوع عن علوم القرآن.
وقد تطورت الكتابة من حيث فصل الحروف وربطها.٩٤ والسؤال هو: كيف يكون الخط توقيفيًّا إذا كانت أشكاله قد تطورت؟٩٥
والقاعدة كتابة اللفظ بحروفٍ هجائية مع مراعاة الابتداء والوقف عليه. ثم فصلت هذه القاعدة في ست قواعد هي:
  • (أ)
    الحذف؛ مثل حذف الألف من ياء النداء أو اجتماع ألفَين أو حذف الياء من كل منقوص نُوِّن. وتحذف الألف في حالاتٍ كثيرة. والدافع سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل وشدة وقوع المنفعل المتأثر في الوجود.٩٦
  • (ب)

    الزيادة؛ زيادة الألف بعد الواو مثل بنوا إسرائيل.

  • (جـ)

    الهمز؛ إذ يكتب الساكن بحرف حركة ما قبلُ أو وسطًا أو آخرًا، والمتحرك إذا كان أولًا ووسطًا بحرف حركته.

  • (د)

    البدل؛ يكتب بالواو للتفخيم مثل الصلوة.

  • (هـ)

    الوصل والفصل مثل ألا.

  • (و)

    الكتابة على إحدى القراءتَين.

وتوضع النقاط والأشكال فوق الحروف مثل الهمز والتشديد والنقاط والفواتح والخواتم. ولا تكتب الأقسام، الأجزاء والأشعار وأسماء السور.٩٧
وقد تدوَّن القراءة الشاذة. وفي حالة الزيادة تكون الكتابة حسب القراءة. وتكتب فواتح السور على صورة الحروف.٩٨ وللكتابة آداب مثل تحسين الكتابة وبيانها وإيضاحها وتحقيق الخط دون مشقة، والكتابة في الشيء الصغير. ويكتب بالذهب ويكره كتابه على الحيطان والجدران والسقوف. وماذا عن حوائط المساجد؟٩٩ ولا يكتب المصحفَ إلا مصريٌّ من أجل إتقانه اللغات.١٠٠
والإجماع على اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالًا وإثباتًا وحذفًا ووصلًا وقطعًا بالرغم من اختلاف القراء. فالعثمانيون آخر من حفظوا القرآن.١٠١ وهزُّ ذلك الآن والتشكيك فيه يشبه ما يستقصيه المستشرقون في مصاحف اليمن والبحث عن المصحف الأصلي أسوة بالإنجيل الأصلي١٠٢
ويُكره أخذ الأجرة على كتابة المصحف. وقد أصبحت المصاحف الآن تجارة، طباعةً وتغليفًا وتزيينًا وتلوينًا وزخرفة وتحلية بالفضة. والقيام للمصحف بدعة، وقد استُبدل به القيام للوجهاء. وتقبيل المصحف تحويله إلى وثن، وتطييب المصحف التعامل معه كوثن. وهو للقراءة والتدبر وليس للتحنيط. وإذا بَليَتْ بعض أوراقه فإنها لا توضع في شق الحوائط حتى لا تسقط وتُداس، بل تُغسل أو تحرق، وهي وثنية لأن المصحف ليس الأوراق بل المعاني. كما أن الإنسان ليس الجسد بل الروح. وهذه بقايا تجسيمٍ يهودي. ولا يصغر المصحف في «مصيحف» أو المسجد في «مسيجد» لضرورة التفخيم والتعظيم. ويحرم لمسه للمُحدِث ليس لأنه نجس بل لمزيد من اليقظة والصفاء بعد الغسل.١٠٣

وعلى هذا النحو يتحول المصحف من الحامل إلى المحمول، ومن البشري إلى المقدس في الممارسات الشعبية التي تكتشف أصولها الوثنية.

١  الإتقان، ج١، ١٤١.
٢  السجستاني أبو بكر بن أبي داود سليمان بن الأشعث: كتاب المصاحف، دار الكتاب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ﻫ/ ١٩٨٥م.
٣  السابق، ص٥.
٤  السابق، ص١٤٥–١٦١.
٥  الأول (٢٧)، الثاني (٥٢)، الثالث (٤٥)، الرابع (٤٢)، الخامس (٤٠).
٦  السابق، ص٦٠–٩١، ٩٢–١٠١.
٧  السابق، ص١٣٧–١٨٢، ١٨٣، ٢٢٤.
٨  السابق، ص٦٧–٨٨.
٩  السابق، ص١٣١–١٣٥.
١٠  السابق، ص٣٧–٤٠؛ من النص إلى الواقع، ج٢، بنية النص، ص١٥٠–١٦٦.
١١  «اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف»، ص١٨-١٩.
١٢  الداني (الإمام الشيخ أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان): المحكم في نقط المصحف، دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٤م/١٤٢٥ﻫ.
١٣  «هذا الكتاب علم نقط المصاحف وكيفيته على صيغ التلاوة ومذاهب القراءة فيما اتفقوا عليه وما اختلفوا، وعلى ما سنَّه الماضون، واستعمله الناقطون، وما يوجبه قياس العربية، وتحققه طريق اللغة، مشروط ذلك بأصوله وفروعه، مبينًا بعلله ووجوهه، مع ذكر السنن الواردة عن السلف الماضين والأئمة المتقدمين في النقط ومن ابتدأ به أولًا، ومن كرهه منهم، ومن ترخص فيه إلى غير ذلك مما ينضاف إليه ويتصل به من ذكر رسم فواتح السور ورءوس الآي والخموس والعشور، ومن أبى ذلك ومن أجازه» (السابق، ص٩).
١٤  السابق، ص٤٠.
١٥  السابق، ص١٢١–١٤٦.
١٦  يستعمل في اللغات الأجنبية نفس الشيء بكتابة الحروف كما تقرأ مثل xvossing.
١٧  ومع ذلك الأبواب (٢٠)، والفصول التي تنقسم إليها بعض الأبواب (١٥).
١٨  الحافظ جلال الدين السيوطي، تناسق الدرر في تناسب السور، دار الاعتصام، القاهرة، ج١، ١٣٩٦ﻫ/١٩٧٦م.
١٩  السابق، ص١٥٩.
٢٠  السابق، ص٥٨.
٢١  Intellectual property. انظر أيضًا بحثنًا. Property and the concept of clash of civilizations, cultures and civilizations, Conflict or Dialogne, Vol. i. the meridian thought, pp. 335–344.
٢٢  الإتقان، ج١، ١٤٣–١٦٣؛ البرهان، ج١، ٢٧٣–٢٨٢؛ وصنف فيه الحراني ووصلت إلى نيف وتسعين.
٢٣  السابق، ص١٤٣.
٢٤  بعد أن جمع أبو بكر القرآن طلب تسميته فاقترح البعض «إنجيل» والبعض الآخر «سِفر» وهو تسمية اليهود. واقترح ابن مسعود «المصحف» بناءً على ما رآه في الحبشة من كتب (الإتقان، ج١، ١٤٩).
٢٥  وهو نفس اشتقاق اسم «سفر التثنية» Dèutronomy في العهد القديم.
٢٦  الإتقان، ج١، ٥٠؛ البرهان، ج١، ٢٦٩–٢٧٢.
٢٧  وأيضًا فاتحة الكتاب، خاتمة القرآن، أم الكتاب، أم القرآن، القرآن العظيم، السبع المثاني، الكنز، الكافية، الأساس، النور، سورة الحمد، سورة الشكر، سورة الحمد الأولى، سورة الحمد القصرى، الرقية، الشفاء، الشافية، سورة الصلاة، الصلاة، الدعاء، السؤال، تعليم المسألة، المناجاة، التعويض. وسورة براءة: التوبة، والفاضحة، والعذاب، المشقشقة، والمنقرة، والبحوث، والحافرة، والمثيرة، والمبعثِرة، والمخزية، والمنكِّلة، والمشرِّدة والمدمدِمة. وسورة لم يكن: البينة، والقيامة، والبرية، والانفكاك.
٢٨  البقرة، سنام القرآن، فسطاط القرآن. والمائدة، المنفِذة والعقود. الإسراء سبحان، وبني إسرائيل. وغافر الطَّول، والمؤمن. وفصِّلت، السجدة، والمصابيح. وسأل، المعارج، والواقع. وأرأيت، الدين، والماعون. والكافرون، المشقشقة، والعبادة. والجاثية، الشريعة، والدهر.
٢٩  البرهان، ج١، ٢٦٩–٢٧٢.
٣٠  للبقرة اسمان؛ فسطاط القرآن. واسم آل عمران في التوراة «طيبة». وتسمى «النحل» «النعم». وتسمى «حم عسق» الشورى. وتسمى «الجاثية» «الشريعة»، وتسمى «محمد» «القتال». ولسورة «المائدة» ثلاثة أسماء مع «العقود» «والمنفِذة». ولسورة «غافر» «الطَّول» «والمؤمن»، ولسورة براءة عدة أسماء أخرى مثل «التوبة» أو «القاصمة»، «الحافرة» «العذاب»، «المشعشعة»، «المبقرة»، «المسورة»، «البحوث» (السابق، ص٢٦٩).
٣١  تسمى البقرة وآل عمران الزهراوان (الإتقان، ج١، ١٥٥)، والفلق والناس المعوذتان أو المشقشقتان، تسمى الأنفال بدر، والنحل النعم، والكهف أصحاب الكهف، محمد القتال، وق الباسقات، واقتربت القمر، والمجادلة الظهار، والحشر بني النضير، طه الكليم، الشعراء الجامعة، النمل سليمان، السجدة المضاجع، يس قلب القرآن، والنصر التوديع، وتبت المسد، والإخلاص الأساس، والشعراء الجامعة، والزمر الغرف، وغافر الطول.
٣٢  «ينبغي البحث عن تعدد الأسامي: هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني فلم يعدم القطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتفي اشتقاق أسماء لها.» وهو قول الزركشي في البرهان؛ الإتقان، ج١، ١٥٩-١٦٠. «ولا شك أن العرب تراعي في كثير من المسمَّيات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرَب يكون في الشيء من خُلق أو صفة تخصُّه أو يكون معه أحكم أو أكثر أو سبق لإدراك الرأي للمسمى، ويسمون الجملة من الكلام أو القصيدة الطويلة بما هو أشهر فيها» (السابق، ص١٦٠).
٣٣  الإتقان، ص١٦٠.
٣٤  وهو ما يدل عليه اللفظ الألماني Aufheben.
٣٥  الإتقان، ج١، ٢٤٥، ١٦٣.
٣٦  سور الأنبياء (١٣)؛ نوح، هود، إبراهيم، يونس، سليمان، يوسف، محمد، المزمل، المدثر، مريم، لقمان، يونس، سبأ، آل عمران، أهل الكهف.
٣٧  مثل سورة: الأنبياء، القصص، الأحزاب.
٣٨  مثل: «البقرة»، «الأنعام»، «الفيل»، أو الحشرات مثل العنكبوت، أو الزواحف مثل النمل، أو الطيور مثل النحل.
٣٩  مثل: الأعراف، الحشر، القيامة، الذاريات، الصف، القلم، الحاقة، المعارج، المرسلات، النبأ، النازعات، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الطارق، الغاشية، البينة، الزلزلة، العاديات، القارعة، الواقعة، يوم التغابن، اليوم الآخر، الكوثر، المسد، المجادلة، الجاثية، الزخرف.
٤٠  مثل: الأنفال، الحج، السجدة، الشورى، الفتح، الحجرات، الصف، الجمعة، الطلاق، التحريم، المطففين، التكاثر، الماعون، النصر، الناس.
٤١  مثل: الروم، الأحزاب، قريش، البلد.
٤٢  مثل: التوبة، الإخلاص، الشرح.
٤٣  مثل: المؤمنون، الكافرون، الشعراء، الماعون، المنافقون.
٤٤  مثل: الرعد، النور، الدخان، الطور، النجم، القمر، الحديد، البروج، الشمس، التين.
٤٥  مثل: الفجر، الليل، الضحى، القدر، العصر.
٤٦  مثل: يس، ص، ق، طه، طس.
٤٧  الإتقان، ج١، ١٦٢-١٦٣.
٤٨  السابق، ج١، ٦٤–١٧٢؛ البرهان، ج١، ٢٣٣–٢٤٣.
٤٩  هم أربعة من الأنصار: أُبي بن كعب، معاذ بن جبل، زيد بن ثابت، أبو زيد. وقد حل أبو الدرداء محل أبي بن كعب. وربما كان منهم عثمان، وتميم الداري، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وقد يتفرد عثمان بالجمع، وقد يدخل عليٌّ وعاصم الذي قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي الذي قرأ على علي، وعبد الله بن مسعود، وأبو يوسف الأشعري، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر، وعقبة بن عامر، وأبو هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن السائب (البرهان، ج١، ٢٤١–٢٤٣).
٥٠  مثل «طوبى للشام» ثم يأتي التعليل لأن ملائكة الرحمة باسطة أجنحتها عليه. ثم تأتي الزيادة «تؤلف القرآن في الرقاع» (البرهان، ج١، ٢٥٦).
٥١  أبى عمر أن يكتب الرجم لأنه كان وحده (الإتقان، ج١، ١٦٨).
٥٢  تذكر الروايات أن آخر سورة التوبة لم توجد إلا مع أبي خزيمة الأنصاري. وكذلك آية مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ لم توجد إلا مع خزيمة بن ثابت (الإتقان، ج١، ١٦٥–١٧٠؛ البرهان، ج١، ٢٣٩). وقد يكون مجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتَين أو ثلاثًا (السابق، ص٢٤١).
٥٣  الإتقان، ج١، ١٦٩، ١٧٢؛ البرهان، ج١، ٢٤٠.
٥٤  أين أسباب النزول؟ (من النص إلى الواقع، ج٢، بنية النص، ص١٣٦–١٣٨).
٥٥  الإتقان، ج١، ١٧٢-١٧٣؛ من النص إلى الواقع، ج٢، بنية النص، ص١١٠–١١٢.
٥٦  السابق، ص١٨٤–١٨٦.
٥٧  البرهان، ج١، ٢٦٢-٢٦٣.
٥٨  الإتقان، ج١، ١٥٠-١٥١؛ البرهان، ج١، ٢٦٣–٢٦٥.
٥٩  البرهان، ج١، ٢٦٦–٢٦٨.
٦٠  السبع الطوال: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، براءة (الإتقان، ج٢، ١٧٩–١٨٣)؛ (البرهان، ج١، ٢٤٤–٢٧٢).
٦١  وهي حوالي اثنتي عشرة سورة: ق، الحجرات، القتال، الجاثية، الصافات، الصف، تبارك، الرحمن، الإنسان، سبح، الضحى.
٦٢  قال السخاوي: «لا أعلم لعدد الكلمات والحروف من فائدة؛ لأن ذلك إن أفاد فإنما يفيد في كتاب يمكن فيه الزيادة والنقصان، والقرآن لا يمكن فيه ذلك» (الإتقان، ج١، ١٩٧).
٦٣  الإتقان، ج١، ١٩١–١٩٥.
٦٤  الإتقان، ج١، ١٨٤–١٩٨؛ البرهان، ج١، ٢٤٩–٢٥٢.
٦٥  العدد ١١٤ سورة، وإذا ضمت «الأنفال» و«براءة» يكون ١١٣ سورة، وعدد الآيات ستة آلاف، وعدد الحروف ٣٠٠٢٣٦٠٠٠ أو ٣٠٠٢١٠٠٠، وعدد كلمات القرآن ٧٧٩٣٤ كلمة (الإتقان، ج١، ١٩٧-١٩٨)؛ (البرهان، ج١، ٢٤٩).
٦٦  وهو موضوع الجهة الثالثة من مشروع «التراث والتجديد»، الموقف من الواقع أو نظرية التفسير التي تقوم بالتفسير الموضوعي للقرآن حول دوائرَ ثلاث: الوعي الذاتي، الوعي بالآخر، الوعي بالعالم، انظر: Method of Thematic interpretation, Islam in the Modern world vol. Religion, Ideology and Derelopment pp. 484–509. وهي نفس البنية السياسية في «نظرية الدوائر الثلاث، قراءة بعد نصف قرن، مصر والعرب والعالم».
٦٧  الأول أربعون سورة، والثاني أربع سور، والثالث سبعون سورة.
٦٨  البرهان، ج١، ٢٥٣–٢٥٦.
٦٩  الإتقان، ج١، ١٧٧، ١٨١-١٨٢؛ البرهان، ج١، ٢٥٦–٢٦٢.
٧٠  وهو ما قام إليه بلاشير في ترجمته للقرآن وإعادة ترتيب سوره وآياته ترتيبًا تاريخيًّا. وما وعى إليه أيضًا خلف الله أحمد خلف الله في بعض مقالاته الصحفية.
٧١  الإتقان، ج١، ١٧٢–١٧٦؛ البرهان، ج١، ٢٦٠–٢٦٢.
٧٢  الإتقان، ج١، ١٧٦-١٧٧.
٧٣  السابق، ج١، ١٧٧.
٧٤  السابق، ج٣، ٣٢٢–٣٣٨. ألَّف فيه أبو جعفر بن الزبير شيخ أبي حيان «البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن»، وبرهان الدين البقاعي «نظم الدرر في تناسب الآي والسور»، ولخص السيوطي في «تناسق الدرر في تناسب السور».
٧٥  «لا يطلب للآي الكريم مناسبة لأنها حسب الوقائع المفرقة. وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلًا وعلى حسب الحكمة ترتيبًا وتأصيلًا» (السابق، ص٣٢٣).
٧٦  البرهان، ج١، ٣٥–٥٢، وصنَّف أبو جعفر بن الزبير.
٧٧  الإتقان، ج١، ٣٣٢–٢٣٤.
٧٨  السابق، ص٢٣٤–٣٣٧.
٧٩  وذلك مثل افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح، والكهف بالتمجيد، السابق، ص٣٣٧-٣٣٨.
٨٠  البرهان، ج١، ٥٠-٥١.
٨١  في مصحف عبد الله بن مسعود تتقدم «النساء» على «آل عمران». وترتيب بعضها بعد بعض ليس أمرًا أوجبه الله بل هو أمر راجع إلى اجتهادهم واختيارهم. ولهذا كان لكل مصحف ترتيب (البرهان، ج١، ٢٦٢).
٨٢  الإتقان، ج١، ٢٩٠–٣١٥؛ البرهان، ص٩٨–١٠١.
٨٣  وأيضًا مثل: الاقتصار على أحد الوجهَين، الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، اعتبار الظاهر مضمرًا، إبدال الفاعل بالمفعول … إلخ (الإتقان، ص٢٩٦–٣٠٢).
٨٤  الإتقان، ج١، ٣٠٢–٣١٠؛ البرهان، ج١، ٩٢–٩٨.
٨٥  البرهان، ج١، ٦٨–٧٥، ٧٨–٨٤.
٨٦  الإتقان، ج٣، ٣١١–٣١٥.
٨٧  الإتقان، ج٣، ٣١٦–٣١٩؛ البرهان، ج١، ١٦٤–١٨١. ألَّف فيه ابن أبي الأصبع «الخواطر السوانح في أسرار الفواتح».
٨٨  إثبات صفات الكمال ونفي صفات النقص (١٤سورة)، حروف الهجاء (٢٩)، النداء (١٠).
٨٩  أودع علم أصول الدين في رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ومعرفة النبوة في الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، ومعرفة المعاد في مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وعلم العبادات في إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وعلم السلوك أي حمل النفس على الآداب الشرعية في إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وعلم القصص وأخبار الأمم السابقة في صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (السابق، ص٣١٨).
٩٠  وكذلك في سورة اقْرَأْ براعة الاستهلال، والأمر بالقراءة، والبداية باسم الله، والإشارة إلى علم الأحكام، وتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته، والإشارة إلى الأخبار (السابق، ص٣١٩).
٩١  الإتقان، ج٣، ٣٢٠-٣٢١؛ البرهان، ج١، ١٨٢–١٨٦.
٩٢  البرهان، ج١، ١٧٣–١٧٨.
٩٣  الإتقان ج٤، ١٤٥–١٦٦. صنَّف فيه الكثيرون من المتقدمين والمتأخرين مثل أبي العباس المراكشي «عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل».
٩٤  كانت «بسم الله الرحمن الرحيم» تكتب «بسمللهرحمنرحيم» (السابق، ص١٤٥).
٩٥  الإتقان، ج٤، ١٤٥.
٩٦  السابق، ص١٤٦–١٥٧.
٩٧  الإتقان، ج٤، ١٦٠–١٦٢.
٩٨  السابق، ص١٥٧-١٥٨.
٩٩  السابق، ص١٥٨–١٦٠.
١٠٠  السابق، ص١٦٠.
١٠١  السابق، ج١، ٢٥٠-٢٥١.
١٠٢  Proto-Evangelium, Ud. Evangelium.
١٠٣  الإتقان، ج٤، ١٦٣–١٦٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤