الفصل الثاني

أساليب البلاغة

(١) فنون القول ووجوه الخطاب

الوحي قولٌ بليغ للتأثير في المتلقي، وله وجوهٌ متعددة للخطاب طبقًا لأنواع الخطاب في اللغة العربية. هو فنٌّ من فنون القول وأسلوب من أساليب البلاغة؛ ومن هنا أتى الإعجاز ومنافسة الشعر. هو تعبير وإيصال مثل الفن تمامًا، هو عملٌ فنيٌّ شعري، يعتمد على أساليب البلاغة؛ لذلك أثَّر في العرب وهم أهل فصاحة وبيان، ونافس شعرهم وهو فنهم الأصيل.١

(أ) فنون القول

وتعني أساليب أو فنون البلاغة تجاوز جدل اللفظ والمعنى واختيار أوجز لفظ للتعبير عن أعظم المعاني. وتسمى أيضًا أساليب القرآن وفنونه البليغة. وهو لبُّ علوم القرآن كيفًا وكمًّا.٢ ويتضمن حوالي خمسين فنًّا. وإذا كانت مباحث الألفاظ على المستوى الاستدلالي فإن أساليب البلاغة هي استمرار لمباحث اللغة ولكن على المستوى الجمالي، الأول لاستنباط الأحكام، والثاني للتأثير في النفس.
وتعني بدائع القرآن الاستمرار في أساليب البلاغة في القرآن إلى ما لا نهاية. في كل آية فن من فنونها والتي قد تبلغ المائة لدرجة صعوبة حصرها لتداخلها.٣ لكلٍّ منها تفصيلات وتقسيمات وأنواع. تدخل فيها مباحث الألفاظ عند الأصوليين مثل الحقيقة والمجاز. وهي أساليبُ معروفة في البلاغة العربية اتبعها القرآن لخلب لُبِّ العرب. ومنها ما يخرج على أساليب البلاغة ويكون أدخل في العلوم الإسلامية مثل المذهب الكلامي.٤ وقد تبلغ فنون البلاغة خمسين فنًّا.٥
اللفظ والتركيب أحسن وأفصح موضوع لعلم البيان والبديع. يحتاج إليه المفسر في البحث عن مقتضيات الإعجاز، والحقيقة والمجاز، والتأليف والنظم والسياق، واستقامة الوزن والملاحة. ويدركها أصحاب الفطر السليمة. وهي قاعدة الفصاحة وواسطة عقد البلاغة. ووظيفتها تقوية الأفهام والتأثير في النفس.٦ ومن المعاني التي يتكلم فيها البليغ مثبتًا ونافيًا تحقيق العقائد الإلهية، وبيان الحق فيما يشكل من الأمور غير العقائد، وتمكين الانفعالات النفسانية من النفوس مثل الاستعطاف والإعراض، والإرضاء والغضب، والتشجيع والتخويف، والذم والمدح، والشكاية والاعتذار، والإذن والمنع، واستدعاء المخاطب إلى فضل تأمل. والاستمالة والاسترضاء، والإغضاب العجيب، ويسمى القول البلاغي الضمير أو التمثيل. والضمير أن يختفي أحد الطرفين، والتشجيع، والإبانة والمدح.٧

(ب) وجوه الخطاب وأقسام الكلام

والوحي خطاب. والخطاب له وجوه. وهو أيضًا كلام. والكلام له أقسام:
  • (أ)
    وجوه الخطاب: ووجوه الخطاب في القرآن عديدة.٨ وهي أقرب إلى مباحث الألفاظ تفصيلًا مثل العام والخاص، والمدح والذم، والكرامة والإهانة والتهكم، والواحد والجمع، والواحد والاثنين، وخطاب الأنا والغير، والعام والخاص، والتلوين وهو الالتفات، والجماد والعاقل، والتهييج والتمنن، والتحبب والتعجيز، والتشريف والمعدوم.٩ وهي حوالي أربعين وجهًا. وقد تختلف أعداد أنواع الخطاب طبقًا لمباحث الألفاظ وقواعد البلاغة.١٠ وبالنسبة للرسول هناك خطاب للنبي، وآخر لغيره، وثالث لكليهما.
    ويمكن التصنيف إلى عشرة: نداء، ومسألة، وأمر، وتشفع، وتعجب، وقسم، وشرط، ووضع، وشك، واستفهام. ويمكن تسعة بعد إسقاط الاستفهام مع أنه قسمٌ رئيسي من أقسام الكلام. ويمكن ثمانية وإسقاط التشفع مع أنه قسمٌ رئيسي في الكلام خاصة في ثقافة ترتكز على الشفاعة من موروث الأشاعرة. ويمكن سبعة بعد إسقاط الشك لأنه متضمن في الخبر، مع أن الشك قسم من أقسام الكلام له أهميةٌ خاصة في ثقافة يغلب عليها اليقين. ويمكن ستة بعد حذف التشفع والتعجب والقسم والشرط والوضع والمسألة وإبقاء النداء وإضافة الأمر والنهي والخبر والاستخبار والتمني. ويمكن خمسة بحذف التمني والاستخبار وإضافة التصريح والطلب.١١
    وهناك خطاباتٌ أخرى بلاغية مثل خطاب التلوين وهو خطاب الالتفات عند أهل المعاني، وخطاب العقل للجمادات، وخطاب المعدوم. وهو نوع من أنسنة الطبيعة. وهناك الخطاب المباشر للحث على الفعل مثل خطاب التهييج، والإغضاب، والتشجيع، والتحريض، والتنفير، والتحنن، والاستعطاف، والتحبيب، والتعجيز، والتحسير، والتلهف، والتكذيب، والتشريف. وهو خطابٌ شعوري للانفعالات الإنسانية المتضادة.١٢ وقد يكون الخطاب بالشيء عن اعتقاد المخاطب دون ما في نفس الأمر. فالخطاب لغة.١٣ والتصديق يخرج عن إطار اللغة، اللغة للتخاطب، والتصديق في الواقع، ويقرب منه التهكم.١٤
  • (ب)
    أقسام الكلام: الكلام خبر أو إنشاء.١٥ الخبر ما يحتمل الصدق والكذب. والإنشاء يضم النداء والمسألة والأمر والتشفع والتعجب والقسم والشرط والوضع والشك والاستفهام. وقد يضاف إلى الاستخبار وهو طلب الفهم والنهي مع الأمر والتمني والتصريح. ولا يعني التمييز بين الخبر والإنشاء الفصل التام بينهما. فالقصد بالخبر إفادة المخاطب. وقد يرد بمعنى الأمر والنهي والدعاء والتعجب، والتمني والوعد والوعيد والإنكار، والنفي في الماضي والمستقبل، والجحد. وقد يفصل الاستفهام في صيغٍ عديدة.١٦ قد توجد مباشرة أو بطريق غير مباشر. والتفصيلات العديدة للإنشاء تدل على أنه هو السائد في الخطاب القرآني.١٧
    ويوضع الخبر موضع الطلب في الأمر والنهي.١٨ كما يوضع الطلب موضع الخبر.١٩ فصيغ الكلام متداخلة. قد يكون الخبر طلبًا غير مباشر. وقد يكون الطلب خبرًا لا يقتضي الفعل.
    والأمر هو اقتضاء الفعل. وله عدة أقسام مجازًا. والنهي صيغته لا تفعل. وهو التحريم والحظر والمنع. ويرد مجازًا في عدة صيغ.٢٠ والتمني هو طلب على سبيل المحبة.٢١ ويعبر عنه بحروف «ل» و«لعل» «وهل». والترجي في الممكن، والتمني في المستحيل.٢٢ وقد يرد النداء مجازًا في الإغراء والتحذير والاختصاص والتنبيه والتحسر.٢٣ والاستعطاف ليس قسمًا.٢٤ ويوضع النداء موضع التعجب. فكلاهما صيغتان إنشائيتان انفعاليتان وجدانيتان.٢٥
    ويمكن التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي، وعن الماضي بلفظ المستقبل؛ فالزمان متصل الحلقات. وقسمته إلى ماضٍ وحاضر ومستقبل قسمةٌ وهمية. فالماضي هو مستقبل الحاضر، والحاضر هو مستقبل الماضي، والمستقبل هو ماضي الحاضر. فالحقائق في الزمان وخارجه بنيةٌ تند عن التطور.٢٦

(٢) طرق التوكيد

التوكيد أهم أسلوبٍ بلاغي في القرآن من أجل مزيد من اليقين. والقصد منه العمل على ما لم يقع ليصير واقعًا. لذلك لا يؤكد الماضي ولا الحاضر لوقوعهما. إنما التأكيد في المستقبل. فإذا وقع فهو حقيقة.٢٧ الماضي حدث. والحاضر المشاهد. والمستقبل هو الحامل لأمور المعاد الذي يحتاج إلى توكيد الماضي في قصص الأنبياء. والحاضر مدرَك بالحس والمشاهدة. والتوكيد نوعان باصطلاح النحاة، صناعي ومعنوي.٢٨ والصناعي نوعان لفظي ومعنوي. اللفظي بالمرادف.٢٩ ويكون في الاسم النكرة بالإجماع، وفي اسم الفعل، وفي الجملة، وفي فصل الجملتَين، وقصد تحقيق المخبر، وقصد إغاظة السامع، والإعلام بأن المخبر به كله من عند المتكلم، والتعريض بأمرٍ آخر، والحاجة للتحرر من ذكر ما لا فائدة له، ونزول المنكر لغير المنكر وعكسه.٣٠ ويلحق بالتأكيد الصناعي تأكيد الفعل بالمصدر. والسؤال هو: هل الأولى التأكيد بالمصدر أو الفعل؟ المصدر أولى. وينعت المصدر بالوصف.٣١ وقد يقع الحال بعد الجملة الاسمية فتلزم مؤكداتها بحروف «إن» و«أن» و«كأن» و«لكن» و«لام الابتداء» والفصل، وضمير البيان للمذكر والقصة للمؤنث، وتأكيد الضمير، وتصوير الجملة بضمير مبتدأ يفيد التأكيد، وهاء التنبيه في النداء، و«ياء» الموضوع للبعيد، و«واو» التأكيد، و«إما» المكسورة، و«أما» المفتوحة، و«ألا» الاستفتاحية و«ما» النافية، و«الباء» في الخبر.٣٢ أما مؤكدات الجملة الفعلية فهي «قد»، «السين» للتنفيس، النون «الشديدة»، «لن» لتأكيد النفي.٣٣ والنون للتوكيد، خفيفة لتأكيد الفعل مرتين أو شديدة لتأكيده ثلاثًا.
والخطاب درجة من اليقين في الشعور. تعبر عنه حروف التوكيد مثل «إن» التي تفيد التأكيد والتحقيق. وقد تفيد التعليل ومعنى نعم. ومثلها «أن». وقد تفيد التعليل. فالتوكيد لعله. ويفيد «إنما» قصر الصفة على الموصوف.٣٤ و«ظن»، تفيد الاعتقاد الراجح.٣٥ وهو الشك والحسبان. وهو درجة من درجات اليقين العلمي.٣٦
والصفة هو القسم الثاني من التأكيد، التأكيد المعنوي.٣٧ وتأتي لعدة أسباب، منها مجرد المدح والثناء، ولزيادة البيان، ولتعيينه للجنسية.٣٨ والصفة العامة لا تأتي إلا بعد الصفة الخاصة. وتأتي لازمة لا للتقييد. وقد تأتي بلفظ والمراد غيره. وقد تجيء للتنبيه على التعميم. وقد يحتمل اللفظ أكثر من سبب، وإذا اجتمع مختلفان في الصراحة والتأويل، وإذا اجتمع التابع والمتبوع، وعندما تتكرر النعوت لواحد. وفصل الجمال في مقام المدح والذم أبلغ من جعلهما نمطًا واحدًا. ويوصف الجمع بالمفرد. وتدخل «الواو» على الجملة الواقعة صفة للتأكيد. ولا تقوم الصفة مقام الموصوف إلا على استكراه.٣٩
والبدل نوع من أنواع التأكيد والقصد به الإيضاح بعد الإبهام. يفيد البيان. وهو نوعان: بدل البعض وبدل الاشتمال. وقد ينقسم إلى بدل مفرد عن مفرد، وجملة عن جملة. ويبدل الفعل من الفعل الموافق له في المعنى لزيادة بيان. وقد يتكرر البدل.٤٠ وللتأكيد وسائلُ كثيرة منها:
  • (أ)
    عطف البيان: وهو كالنعت في الإيضاح وإزالة الاشتراك الكائن فيه.٤١ وينقسم العطف ثلاثة أقسام: عطف على اللفظ وهو الأصل، وعطف على المحل، وعطف التوهم، ولا يعني التوهم الغلط. ويجوز عطف الخبر على الإنشاء، والإنشاء على الخبر. ويجوز عطف المفرد على مثله، وعطف الجملة على مثلها. وللجملة ثلاثة أحوال: أن يكون ما قبلها بمنزلة الصفة من الموصوف أو أن يغاير ما قبلها أو أن يغاير مع نوع ارتباط أو أن يكون بتقدير الاستئناف. فالأصل في العطف التغاير. وقد يعطف الشيء على نفسه للتأكيد.٤٢ وربما لا يجوز عطف على معمولَي عاملَين.٤٣
    ويجوز عطف الاسم على الاسم، والفعل على الفعل. ويجوز عطف الفعل على الاسم، والاسم على الفعل.٤٤ ويجوز في الحكاية عن المخاطبين، إذا طالت، الاستغناء عن الواو والفاء.٤٥ ويجوز العطف على ضمير إن كان منفصلًا مرفوعًا.٤٦ وقد يعطف أحد المترادفَين فيه على الآخر أو ما هو قريب منه في المعنى من أجل التأكيد.٤٧
    والتعديد مثل العطف هو إيقاع الألفاظ المعددة على سياقٍ واحد. وأكثرها في الصفات، وعدم عطف بعضها على بعض لاتحادها في المحل. لذلك يقل العطف في الصفات.٤٨
    ومن طرق التأكيد ذكر الخاص بعد العام. والعام بعد الخاص بالعطف بالواو للتنبيه على فضله. وذكر العام بعد الخاص جائز لفائدته. ويقع النوعان في الأفعال والأسماء، في الأفعال في النفي، وفي الإثبات في عطف المطلق على المقيد أو المقيد على المطلق.٤٩
  • (ب)
    ومن وسائل التأكيد الإيضاح بعد الإبهام، مثل التأكيد للعدد بمائة إلا واحدًا.٥٠ والتعبير عن المثنى بإرادة الواحد يعني وجود إرادةٍ كيفيةٍ كلية وراء الإرادة الكمية العددية.٥١ كما يعبر عن الجمع بإرادة الواحد.٥٢ ويطلق لفظ التثنية ويراد به الجمع.٥٣ وقد يجيء لفظٌ دال على التكثير والمبالغة بإحدى صيغ المبالغة مثل «فعَّال» و«فعيل» و«فَعلان» فإنها أبلغ من فاعل.٥٤ وصيغ أخرى «فعال»، «فعول»، «فعيل»، «فُعل»، «فعلى».
  • (جـ)
    وقد يتم التأكيد بالتكرار: وهو من أساليب الفصاحة.٥٥ ويكون مرتَين. وحقيقة إعادة اللفظ أو مرادفه لتقرير معنًى خشية نسيان الأول لطول العهد به. وفائدته التأكيد بإعادة التقرير، وزيادة التنبيه على ما ينفي التهمة. وإذا طال الكلام وخُشي تناسي الأول أعيد ثانيًا تذكيرًا به، وفي مقام التعظيم والتهويل، ومقام الوعيد والتهديد، والتعجب، ولتعدد المتعلق. والتكرار على أنواع. منه تكرار الإضراب بحرف «بل» لإبطال ما قبله، وتكرار الأمثال، وتكرار القصص.٥٦ وفي كل مرة يبرز جانبٌ جديد من الموعظة. وبسبب الهجرة والسفر تتكرر القصة حتى يسمعها أكبر عددٍ ممكن من الناس. وهو أحد أشكال الفصاحة، التعبير عن المعنى بأساليبَ كثيرة. وهو أقرب إلى الفن الشعبي الذي يجمل تكراره على غير الأحكام الثقيلة على النفس. والقصص في النهاية نوع من التسلية والتذوق الفني. وإذا كان المقصود هو الإعجاز فتكرار القصة يثبت الإعجاز. وفي كل رواية زيادة ونقصان وتقديم وتأخير.٥٧
    ولم تتكرر سورة يوسف لحكمة وحدة الموضوع، التشبيب بالنسوة، حصول الفرج بعد الشدة، بيان الإعجاز دون التكرار.٥٨ ولا يوجد نظامٌ خاصٌّ ظاهر لتكرار القصص إلا وحدة الموضوع الشامل للقصص مثل هلاك الأمم أو امتحان المؤمنين، ورسم صورةٍ متكاملة لكل نبي؛ إبراهيم الرحيم، محمد العادل. وقد يصبح تكرار اللفظ ثقيلًا فيحول إلى معناه باشتقاقٍ آخر.٥٩
  • (د)
    ومن طرق التأكيد الزيادة في بنية الكلمة لزيادة في التأكيد على المعنى٦٠: وقد تكون الزيادة بالتشديد والتضعيف والتكثير.٦١ والزيادة للتأكيد. وكيف تكون زيادة في الوحي بمعنى ما لا لزوم له أو حتى اللغو؟ كذلك تسمى الصلة أو المقحم. ويكون الزائد إقحامًا للتأكيد، في الحروف والأفعال، وليست بالضرورة حشوًا. وتكون لتأكيد النفي أو الإثبات. وحروف الزيادة سبعة: إنْ، أنْ، ما، من، الباء، اللام. وقد تكون مؤكدة في موضع، وتحذف في آخر لاقتضاء المقام.٦٢
    ومثل الزيادة التذييل للمبالغة عن طريق جعل شيء ذيلًا لآخر. ويعني في الاصطلاح أن يأتي بعد الكلام كلامٌ مستقل في معنى الأول تحقيقًا للدلالة، منطوقة أو مفهومة.٦٣ وهو مثل التذييل؛ وهو أن يتم الكلام فيلحق به ما يكمله مبالغة أو احترازًا أو احتياطًا.٦٤
    ومن طرق المبالغة التوكيد بإبراز الكلام في صورة المستحيل على طريق المبالغة ليدل على بقية جملة.٦٥ والمبالغة عن طريق الزيادة والتكثير والتضخيم والتضعيف أحد طرق المبالغة.٦٦ والمبالغة من محاسن الكلام. ويخرج اللفظ مخرج الغالب للتأكيد دون ما حاجة إلى زيادة.٦٧
  • (هـ)
    والتفسير أيضًا للتوكيد والتعظيم وبيان العلة والسبب٦٨: وبالرغم من أن التعليل ليس من مباحث الألفاظ إلا أنه مقرن به لأن برهانه لفظ. وهو إضافة الحكم إلى الوصف المناسب.٦٩وذكر العلة أبلغ من عدم ذكرها. والعلة المنصوصة قاضية بعموم المعلول. كما أن النفوس تنبعث إلى نقل الأحكام المعللة. والحرف الثاني للتعليل فاء السببية. وطرق التعليل متعددة: التصريح بلفظ الحكم، الدخول بلام التعليل مع واو العطف، ظهور الحرف «كي» مع باقي أدوات التعليل، ظهور المفعول له علة للفعل، اللام في المفعول له، حرف «إنَّ»، «أنْ» والفعل، من أجل، لعل، الوصف المناسب، غياب المانع، ذكر الغاية. فالعلة قد تكون غائية كما قد تكون فاعلة.
  • (و)
    والقَسَم جملة لتأكيد الخبر: ويعني الحلف. ولا يكون إلا باسم معظم لكمال الحجة وتأكيدها مع أن الله لا يحتاج إلى قسم ولكن لمزيد من إقناع الناس. وقد ينقسم القَسَم إلى مُظهَر ومضمر. وقد يكون مثل الخبر وبالتالي لا تميز فيه. وأكثر الأقسام بواو القسم. وهو جملتان مثل الشرط وجوابه. والقسم بالمخلوقات جائز من باب حذف المضاف مثل وَالْفَجْرِ، والأصل «ورب الفجر»، كما أن مخلوقات الله دليل على صنعه. وقد أقسم الله بذاته وفعله ومفعوله.٧٠ والقسم في القرآن بالمخلوقات يعني القسم برب المخلوقات. وقسم الله بنفسه تحصيل حاصل لأن الله وقسمه من نفس درجة اليقين. وقد يعني القسم بالمخلوقات تعظيمها حتى توحي للإنسان بعظمتها وتقديرها. ومن ضمنها القسم بالنبي. وقد يكون القسم بذات الله أو بفعل أو بمفعوله. وكلها لا تخرج عن ذاته، وقد يكون القسم بواو القسم.٧١
    والقسم إما لفضيلة أو منفعة. والحسن في ذاته أو القبيح في ذاته لا يحتاج إلى قسم.٧٢ والقسم ليس دليلًا على الصدق. بل إنه من الأفضل عدم القسم حتى يكون الصدق داخليًّا ذاتيًّا وليس اعتمادًا على سلطةٍ خارجية.٧٣
  • (ز)
    ووجه التأكيد في الاستثناء والاستدراك أنه ذكر للموضوع مرتين، مرة إجمالًا بالنفي، ومرة تفصيلًا بالاستثناء.٧٤ والمثل الأول على ذلك «لا إله إلا الله».
  • (ﺣ)
    والاعتراض هي الجملة الاعتراضية عند النحاة: تخلل جملةٌ صغرى جملةً كبرى. ويسمى عند البلغاء «الْتفات». وأسبابه تعزيز الكلام، وقصد التنزيه، وقصد التبرك، وقصد التأكيد، وبيان الثاني للأول، وتخصيص أحد المذكورين بزيادة التأكيد، وزيادة الرد على الخصم، والإدلاء بالحجة. ويمكن الاعتراض في الاعتراض وهو الاعتراض المزدوج.٧٥
  • (ط)
    والاحتراس أن يكون الكلام محتملًا لشيء بعيد فيأتي ما يدفع ذلك الاحتمال.٧٦

(٣) الحذف والإيجاز والإطناب

(أ) الحذف

ويعني لغة الإسقاط. ويقال على الشعر أولًا. واصطلاحًا هو إسقاط جزء من الكلام أو كله لدليل. وشرطه الإيجاز. والفرق بينه وبين الإضمار أن شرط المضمر بقاء أثر المقدَّر في اللفظ في حين أن الحذف إسقاط له. وهو نوع من الإيجاز. وهو خلاف الأصل. فإذا دار الأمر بين الحذف وعدمه كان العدم أولى لأن الأصل عدم التغيير.٧٧ وإذا دار الأمر بين القليل والكثير فإن القليل أولى.٧٨
وللحذف أنواعٌ كثيرة يصعب جمعها في أنواعٍ أقل.٧٩ وتارة يقوم مقام المحذوف شيء وتارةً أخرى لا يقوم.
وفوائد الحذف متعددة، منها: التفخيم والإعظام لما فيه من الإيهام، زيادة لذة بسبب استنباط الذهن للمحذوف، زيادة الأمر بسبب الاجتهاد، طلب الإيجاز والاختصار، التشجيع على الكلام، موقعه في النفس.٨٠
وإيجاز الحذف له أسبابه. ويمثل شجاعةً لغوية تنم عن الشجاعة العربية.٨١ وله شروطه.٨٢ ويمكن الحذف تدريجيًّا قدر الإمكان. والأصل وضع الشيء في محله والحذف هو لوضع الشيء في غير محله. وتقليل المتن قدر الإمكان لتقل مخالفة الأصل. وإذا كان المحذوف بين الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر، فالثاني أولى بالحذف.٨٣
وأسباب الحذف أيضًا متعددة، منها: الاختصار والاحتراز عن العبث بناء على الظاهر، والتنبيه على أن الزمن يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف، وأن الاشتغال بذكره يفضي إلى تفويت المهم وهي فائدة التحذير، والتفخيم والإعظام، والتخفيف، ورعاية الفاصلة، والصيانة للمحذوف، صيانة اللسان، وعدم الصلاحية إلا له، وشهرته بحيث يكون ذكره وعدمه سواءً.٨٤ وأدلة الحذف أيضًا متعددة. ويدل الدليل إما على محذوفٍ مطلق أو محذوفٍ معين. وفي كلتا الحالتَين أدلة الحذف العقل حيث لا يصح الكلام عقلًا إلا بتقدير محذوف. فالعقل يدل على أصل الحذف. والعادة تدل على تعيين المحذوف. كما يدل اللفظ واللغة والسياق وسبب النزول.٨٥ وشروط الحذف متعددة. منها أن تكون في المذكور دلالة على المحذوف من اللفظ والسياق. والدلالة مقالية من إعراب اللفظ، أو حالية من النظر في المعنى، وألا يكون الفعل طالبًا له بنفسه، وأن يكون في الأطراف لا في الوسط.٨٦
وينقسم الحذف إلى اقتطاع، واكتفاء وضمير أو تمثيل أي إضمار القول لبيان أحد أجزائه الأخرى، واستدلال بالفعل لشيئين وهو في الحقيقة لأحدهما، واقتضاء الكلام شيئين والاقتصار على أحدهما، وذكر شيئين ثم عود الضمير إلى أحدهما دون الآخر، حذف مقابلي وهو اجتماع متقابلَين في الكلام فيحذف من أحدهما مقابلة لدلالة الآخر عليه. قد يحذف من الأول لدلالة الثاني عليه أو العكس. والاختزال وهو الافتعال أي حذف كلمة أو أكثر. وتكون الكلمة اسمًا أو فعلًا أو حرفًا.٨٧
  • (١)
    حذف الاسم: وقد يكون الاسم المبتدأ أو الخبر أو كليهما أو الفاعل أو المضاف وإقامة المضاف إليه مكانه أو استمرار الالتفات إلى المضاف أو المضاف إليه أو كلاهما أو الجار والمجرور أو الموصوف أو الصفة أو المعطوف أو المعطوف عليه أو المبدل منه أو الموصول أو المخصوص في باب نعم إذا عُلم من سياق الكلام أو الضمير المنصوب المتصل مع تفاوت الأنواع أو المفعول اختصارًا أو احتقارًا مع ذكر مفعول المشيئة والإرادة عندما يكون المقصود محذوفًا أو غير محذوف، وحذف الحال والمنادى، خاصة المنادى المضاف إلى ياء المتكلم، وحذف الشرط وجوابه والأجوبة، وحذف جواب القسم، والجملة المسببة أو غير المسببة، وحذف القول.٨٨
  • (٢)
    حذف الفعل: وينقسم إلى خاص وعام. الخاص مثل «أعني» مضمرًا. ويُنصب به المفعول في المدح. والعام كل منصوب دال عليه الفعل لفظًا أو معنى أو تقديرًا. ويحذف لعدة أسباب، منها: أن يكون مفسرًا، وأن يكون هناك حرف جر، وأن يكون جوابًا لسؤال، وأن يدل عليه معنى الفعل الظاهر، وأن يدل عليه العقل، ذكره في موضعٍ آخر، والمشاكلة، وأن يكون بدلًا من المصدر.٨٩
  • (٣)
    حذف الحرف: وذلك لأن الحرف نائب عن الفعل بفاعله. ومنه الواو مثل واو العطف، والفاء في جواب الشرط، وهمزة الاستفهام، وألف ما الاستفهامية، والياء وحرف النداء، و«ل» و«قد» و«أن» و«لا». وقد يحذف الجار لإيصال الفعل إلى المجرور. وقد يحذف في آية ويثبت في أخرى إما لأنه محمول على مذكور أو لأنه غير مراد.٩٠

(ب) الإيجاز والإطناب

ليسا من المبادئ اللغوية بل من أساليب البلاغة.٩١ فالبلاغة هي الإيجاز والإطناب. الإيجاز محمود، والإطناب مذموم. وهناك درجة المساواة بينهما. القول على قدر المقام. وهو أقرب إلى الإيجاز المحمود أو لا هو محمود ولا مذموم بل من فنون القول العادي. والإيجاز والاختصار بمعنًى واحد. وقد يكون الاختصار بحذف الجمل، والإيجاز بتركيز المعنى.٩٢ فالإيجاز إيجاز حذف أو إيجاز قصر. إيجاز القصر هو الوجيز بلفظه. تكثير المعنى وتقليل اللفظ. وهو إيجاز القصر. وهو أن يقصر اللفظ على معناه أو التصوير. وهو إيراد معنًى زائدٍ على المنطوق أو الجامع وهو احتواء اللفظ على معانٍ متعددة. ومن أنواع الإيجاز الإشارة، وهو ذكر معنًى زائد في اللفظ دون ذكر لفظ له. والحصر بأدوات الاستثناء وطرح المفعول وجميع أدوات الاستفهام والشرط وألفاظ العموم.٩٣
والإيجاز قسم من الحذف. ويسمى إيجاز القصر. فالإيجاز قسمان؛ وجيز بلفظ، ووجيز بحذف. الوجيز باللفظ وهو أن يكون أقل من المعنى. وهو من «جوامع الكلم». اللفظ المساوي للمعنى هو المقدر، الأقل منه هو المقصود. ومن أقسام الإيجاز الاقتصار على السبب الظاهر للشيء دون باقي الأسباب، والاقتصار على المبتدأ دون الخبر والنائب عن الفاعل، وألفاظ العموم، ولفظ الجمع، وباب الضمائر ولفظ «فعل».٩٤
والإطناب أيضًا نوعان: بسط وزيادة؛ البسط تكثير الجمل أو الزيادة. وتتفصل أنواعها إلى عشرين؛ مما يقضي على وحدة الموضوع والتأثير المباشر للنص دون تقسيماتها العقلية. وتظهر بعض مصطلحات الأصول مثل الطرد والعكس.٩٥
والاستطراد هو التعريض بعيب إنسان بذكر عيب غيره مثل أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ.٩٦ وقد يوضع موضع المضمر لزيادة التقرير. وهو من أقسام الإطناب أيضًا. والأصل في الأسماء أن تكون ظاهرة. ومع ذلك يمكن الخروج عليها لعدة أسباب مثل: قصد التعظيم، وقصد الإهانة والتحقير، الاستلذاذ بذكره، زيادة التقرير، إزالة اللبس حين يوهم الضمير أنه غير المراد، قصد تربية المهابة وإدخال الروعة في ضمير السامع، قصد تقوية داعية المأمور، تعظيم الأمر، قصد التوصل بالظاهر إلى الوصف، التنبيه علة الحكم، قصد العموم، قصد الخصوص، مراعاة التجنيس، تحمل ضمير لا بد منه، كونه أكثر أهمية من الضمير، ما يصلح للعود ولم يُسق الكلام له، الإشارة إلى عدم دخول الجملة في حكم الأولى.٩٧ والاشتغال هو إضمار الشيء ثم إظهاره وتفخيمه وتعظيمه.٩٨

(٤) التقديم والتأخير

وقد تتقدم بعض الألفاظ أو الآيات على أخرى. يقدم الأهم على المهم. وقد يكون للبلاغة أثر في ذلك. فهو أحد أساليبها. وقد يكون السبب في ذلك التبرك، والتعظيم، والتشريف، والمناسبة، والحثُّ والحضُّ، السبق، والسببية، والكثرة والترقي من الأدنى إلى الأعلى، والتدلي من أعلى إلى أدنى.٩٩ وقد يُعدُّ من المجاز بالمعنى الواسع.
وقد تكون هناك أسبابٌ أخرى أكثر صوريةً وأقل وجدانية وأقرب إلى بنية اللغة منها إلى أثرها النفسي مثل: أن يكون أصله التقديم، وأن يكون في التأخير إخلال ببيان المعنى، وأن يكون في التأخير إخلال بالتناسب، ولعظمه والاهتمام به، وأن يكون الخاطر ملتفتًا إليه والهمة معقودة به، وأن يكون التقديم والتأخير لإرادة التبكيت والتعجيب، والاختصاص بتقديم المفعول والخبر والظرف والجار والمجرور ونحوها على الفعل.١٠٠
وهما على ثلاثة أنواع: إما أن يُقدم والمعنى عليه، أو يقدم وهو في المعنى مؤخر أو العكس. الأول ما يقدم والمعنى عليه مثل السبق بالزمان والإيجاد والتقدم بالذات، وبالعلة والسببية، وبالرتبة، وبالداعية وبالتعظيم، وبالشرف، وبالغلبة والكثرة، وسبق ما يقتضي تقديمه، ومراعاة اشتقاق اللفظ، والحث عليه خيفة من التهاون به، وتحقق ما بعده واستغناؤه هو عنه في تصوره، والاهتمام عند المخاطب، والتنبيه على أنه مطلق لا مقيد، والتنبيه على أن السبب مرتَّب، والتنقل، والترقي، ومراعاة الإفراد، والتحذير منه والتنفير عنه، والتخويف منه، والتعجب من شأنه، وكونه أدلَّ على القدرة، وقصد الترتيب، وخفة اللفظ، ورعاية الفواصل. وقد يجتمع أكثر من سبب للتقديم، فيكون الترجيح لأقوى الأسباب وإن تساوى فالخيار.١٠١ والثاني ما قدم بنية التأخير كما يدل على ذلك الإعراب كتقديم المفعول على الفاعل، والخبر على المبتدأ، وما يدل على المعنى وللعناية.١٠٢ والثالث ما قُدِّم في آية وأُخِّر في أخرى بقصد البداية والختم به وبقصد الفصاحة.١٠٣
والترقي نوع من التقديم مثل لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، وهو نوع من تجاوز صورية اللغة ورتابة النحو ونمطية البلاغة.١٠٤ والترقي والتدلي نوعان من التقديم والتأخير. وهو أيضًا العكس. والتقسيم هو استيفاء أقسام الشيء الموجودة لا الممكنة.١٠٥ والترتيب هو إيراد الأوصاف على ترتيب الخلقة الطبيعية.١٠٦ وحسن النسق أن تأتي الكلمات متتالياتٍ معطوفاتٍ متلاحمات.
والجمع هو أن يجمع بين شيئين أو أشياء في حكم جمع المؤتلف والمختلف للتسوية. وقد يقرن بالتقسيم أولًا. والتفريق وهو العكس.١٠٧ واللفُّ والنشر إما تفصيلًا بالنص على كل واحد أو إجمالًا بذكر لفظ يشتمل على متعدد ثم تذكر أشياء على حسب العدد. والمزاوجة بين معنيين في الشرط والجزاء.١٠٨

(٥) التورية والإيهام، والكناية والتعريض، والتشبيه والاستعارة

(أ) التورية

التورية هي الإيهام والتخييل والمغالطة والتوجيه. هي التكلم بلفظٍ مشترك بين معنيين قريب وبعيد. يريد البعيد ويوضح بالقريب. والفرق بين التورية والاستخدام أن التورية استعمال أحد المعنيين في اللفظ وإهمال الآخر. وفي الاستخدام استعمالهما معًا بقرينتَين.١٠٩
والإيهام هو التورية، ذكر لفظ له معنيان بالاشتراك أو بالتواطؤ بالحقيقة أو المجاز. والتورية أشرف أنواع البديع.١١٠ والالتفات هو نقل الكلام من أسلوب إلى آخر، من المتكلم إلى المخاطب أو إلى الغائب للتخفيف من حدة التقابل بين ضمائر الخطاب.١١١ والاطراد هو ذكر أسماء آباء الممدوح بترتيب الولادة.١١٢ والانسجام هو انسياب الكلام كسيلان الماء لعذوبة الألفاظ وكأنها أشعارٌ عربية تخضع لأوزان العرب وبحورهم.١١٣ والإدماج هو دمج غرض في غرض، والكلام في أحد الغرضَين. والافتنان هو الإتيان بفنَّين مختلفَين مثل الفخر والتعزية.١١٤ والاقتصاص هو أن يكون كل كلام في سورة مقتصًّا في سورةٍ أخرى أو في تلك الصورة. والإبدال هو إقامة بعض الحروف مقام بعض.١١٥ والجناس تشابه اللفظين في اللفظ. وهو من المحاسن اللفظية لا المعنوية.١١٦

(ب) الكناية والتعريض

وهما من أنواع البلاغة وأساليب الفصاحة. والكناية أبلغ من التصريح. وهو لفظ أريد به لازم معناه في الدلالة على الشيء من غير تصريح باسمه. وإنكار المجاز إنكار للكناية. وأسباب الكناية عدة: التنبيه على عظم القدرة، ترك اللفظ لما هو أجمل، التكنية عما يُستقبح ذكره، قصد البلاغة والمبالغة في التشنيع، قصد الاختصار، التنبيه على المصير، واستعمال جملة ورد معناها على خلاف الظاهر.١١٧ ومن أنواع البديع التي تشبه الكناية الإرداف وهو إرادة معنًى دون لفظه أو إشارته بل بلفظ يرادفه. استعمل في القرآن وفي الحديث.١١٨ ومن عادة العرب أنها لا تكني عن الشيء بغيره إلا إذا كان يقبح ذكره.١١٩
والفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية ذكر الشيء بغير لفظه، والتعريض ذكر شيء للدلالة به على شيء لم يُذكر. هي ما دلَّ على معنى حقيقة أو مجازًا لوصف جامع. وهو لفظ دالٌّ على معنًى لا من جهة الوضع الحقيقي أو المجازي، والسؤال هو: هل يشترط في الكناية قرينة كالمجاز؟ هو لفظ استعمل في معناه، والتعريض لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره. والغاية إما التلطف أو استدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم أو للذم أو للإهانة والتوبيخ.١٢٠ أما التعريض فهو للدلالة على المعنى عن طريق المفهوم مثل مخاطبة الشخص والمراد غيره، وإعلام السامع على صورته لا تقتضي مواجهته بالخطاب.١٢١ والتوجيه ما احتمل معنيَين، ويؤتى به عند فطنة المخاطب.١٢٢

(ﺟ) التشبيه والاستعارة

التشبيه من أرفع أساليب البلاغة.١٢٣ وهو الدلالة على مشاركة أمرَين في أمرٍ ما. هو الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار. وإذا كان المجاز أبلغ فإن الاستعارة أعلى مراتب الفصاحة. الكناية أبلغ من التصريح، والاستعارة أبلغ من الكناية، والفرق بين الاستعارة والتشبيه المحذوف الأداة، أن من شرط الاستعارة إمكان حمل الكلام على الحقيقة. وقد تكون الاستعارة أبلغ لأنها مجاز، والتشبيه حقيقة. أدواته حروف وأسماء وأفعال.١٢٤ في الحروف يدخل حرف التشبيه أو يضاف إليه حرف توكيد. والتشبيه بغير حرف يقصد به المبالغة، وينقسم باعتبار طرفَيه إلى أربعة أقسام لأنهما إما حسيَّان أو عقليَّان أو المتشبه به حسي والمتشبه عقلي أو العكس. ولم يقع في القرآن القسم الرابع لأن العقل مستفاد من الحس، والمحسوس أصل المعقول.١٢٥ وينقسم إلى مفرد ومركب، والمفرد تشبيه شيء بشيء.١٢٦ والمركب أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض.١٢٧
التشبيه إلحاق شيء بذي وصف في وصفه أو إثبات حكم للمشبه من أحكام المشبه به.١٢٨ والغرض منه تأنيس النفس بإخراجها من خَفيٍّ إلى جَلي، وإدناء البعيد من القريب كمزيد من البيان. وهو الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار، وهو حقيقة لا مجازًا. وكما كان من فنون البلاغة فقد يكون مجازًا أيضًا. وقد يرد التشبيه في المعنى.
وينقسم أيضًا إلى خمسة أقسام: الأول تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع اعتمادًا على معرفة النقيض والضد مثل التشبيه برءوس الشياطين. والثاني عكسه تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه مثل التشبيه بسرابٍ بقيعة. والثالث إخراج ما لم تجرِ العادة به إلى ما جرت مثل التشبيه بارتفاع الجبل فوق الرءوس كظل. والرابع إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها مثل تشبيه الجنة بعرض السموات والأرض. والخامس إخراج ما لا قوة له إلى حالة قوة مثل التشبيه بالسفن في البحر.١٢٩
وينقسم أيضًا إلى مؤكد وهو ما حذفت فيه الأداة، ومرسل وهو ما لم تحذف فيه الأداة، والأول أبلغ. فالاستعارة بلاغة، والبلاغة تركيز. والأصل دخول أداة التشبيه على المشبه به. وقد تدخل على المشبه بقصد المبالغة فيقلب التشبيه، ويصبح المشبه به هو الأصل مثل تشبيه البيع بالربا، أو لوضوح الحال مثل تشبيه الذَّكر بأنه ليس كالأنثى، أو لمراعاة الفواصل، أو اعتمادًا على فهم المخاطب.١٣٠
وهناك بعض قواعد في التشبيه مثل المدح، تشبيه الأدنى بالأعلى، وفي الذم، تشبيه الأعلى بالأدنى.١٣١ ولا يشبه شيئان بشيئين بل شيء بشيء. فالتشبيه فردي. وقد تشبه أشياء بأشياء. وأعلى درجة في التشبيه في البلاغة ترك وجه الشبه وأدواته. وقد تدخل الأداة على شيء ليس هو عين المشبه. وإذا كانت فائدته تقريب الشبه في فهم السامع وإيضاحه له فحقه أن يكون وجه الشبه في المشبه به أتم. وتدخل أداة التشبيه على المشبه به وهو الكامل. وقد يدخل التشبيه على لفظ وهو محذوف.
وإنكار المجاز يؤدي إلى إنكار الاستعارة.١٣٢ وهي نوع من المجاز العقلي. وإطلاقها إيهام للحاجة. وهي نوع من أنواع البلاغة، وكثيرة في القرآن. وهي من العادية ثم نقلت إلى نوع من التخيل لقصد المبالغة والتشبيه مع الإيجاز. وهي استعارة شيءٍ معروف إلى شيء غير معروف من أجل إظهار الخفي أو للمبالغة. حكمتها جعل ما ليس بمرئي مرئيًّا لأجل حسن البيان. وتنقسم إلى مرشحة، وهي أحسنها وهي مراعاة جانب المستعار، وتجريدية وهي النظر إلى جانب المستعار له ثم الإتيان بما يناسبه. والاستعارة بالكناية عدم التصريح بذكر المستعار بل تذكر بعض لوازمه فقط.١٣٣
والاستعارة جمع بين المجاز والتشبيه. هي مجازٌ لغوي لأنها موضوعة للمشبه به وليس للمشبه. هي قسم من أقسام المجاز لاستعمال اللفظ في غير ما وضع له. وهي مجازٌ عقلي لأن التصرف في أمرٍ عقلي لا لغوي. وحقيقتها استعارة كلمة من شيءٍ معروف إلى شيء غير معروف مثل تفجير الأرض عيونًا.١٣٤ وقد تكون الاستعارة بلفظَين مثل القوارير من فضة وسوط العذاب. وأركانها ثلاثة: مستعار وهو لفظ المشبه به، ومستعار منه وهو معنى اللفظ المشبه، ومستعار له وهو المعنى الجامع.١٣٥ وتنقسم هذه الأركان الثلاثة إلى خمسة أقسام: استعارة محسوس لمحسوس مثل اشتعال الرأس شيبًا، واستعارة محسوس لمحسوس بوجهٍ عقلي مثل سلخ الليل من النهار، واستعارة معقول لمعقول بوجهٍ عقلي مثل البعث من الرقاد، واستعارة محسوس لمعقول لوجهٍ عقلي مثل الحس بالبأساء والضراء، واستعارة معقول لمحسوس لجامعٍ عقلي مثل طغيان الماء. والكل علاقة بين الحس والعقل.١٣٦
وتنقسم الاستعارة باعتبار اللفظ إلى أصلية وهي ما كان اللفظ المستعار فيها اسم جنس مثل «حبل الله»، وتبعية وهي ما كان اللفظ فيها غير اسم جنس فعلًا أو حرفًا مثل فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ وتنقسم أيضًا إلى مرشحة وهي الاقتران بما يلائم المستعار منه، ومجردة وهي الاقتران بما يلائم المستعار له، ومطلقة وهي ما لا يقترن بشيء. وتنقسم أيضًا إلى تحقيقية وهي ما تحقق معناها حسًّا، وتخييلية بإضمار التشبيه في النفس، ومكنية لأنه لم يصرح به، وتصريحية للتصريح به. وتنقسم إلى وفاقية بأن يكون الاجتماع في شيءٍ ممكن، وعنادية وهو ما يستحيل اجتماعها، ومنها التهكمية والتحليلية مثل البشارة بالعذاب الأليم. وقد تكون تمثيلية وهو ما كان الشبه من متعدد مثل الاستمساك بحبلٍ وثيقٍ مدلَّى من مكانٍ مرتفع يأمن انقطاعه. وأبلغ الأنواع التمثيلية ثم المكنية. الترشيحية أبلغ من المجردة والمطلقة. والتخيلية أبلغ من التحقيقية. وتعني أبلغ زيادة التأكيد والمبالغة في كمال التشبيه لا زيادة في المعنى.١٣٧

(٦) الشرط والنفي

(أ) الشرط

الشرط يلازم جملتَين فعليتَين واسمية أو فعليتين جازمة وغير جازمة، ظرفية أو شرطية. الأولى شرط، والثانية جزاء. الأولى مقدمة والثانية نتيجة. ويتوقف الثاني على الأول. ولا يتعلق إلا بمستقبل، وأحيانًا يتعلق بحاضر لجعل غير الحاصل كالحاصل، وإظهار رغبة المتكلم في وقوعه، والتعريض.١٣٨
أدوات الشرط حروف مثل «إنْ»، وأسماء في معناها، ومنها ما ليس بظرف مثل «مَن»، «ما»، «أي»، «مهما». ومنها أسماء هي ظروف مثل «أين»، «أينما»، «متى»، «حيثما»، «إذ ما». وأقواها «إنْ» لبساطتها. وقد تُستعمَل في مقام الجزم على طريق الشرطي المتصل أو تبيين الحال أو لتصوير المقام أو للتوبيخ والتجهيل أو تنبيه المخاطب. ولا تستعمل إلا في المعاني المحتملة إذا كان الفعل مضارعًا أو المعاني المحققة الواقعة إذا كان الفعل ماضيًا. وتدل «إذا» على المضارع والماضي معًا في المعاني المحقَّقة. فالشرط في الزمان وليس صوريًّا خارج الزمان. والزمان متصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.١٣٩ وإذا تعلق الشرط بفعلٍ محال كان الجواب محالًا آخر.١٤٠
وقد يدخل الاستفهام على الشرط جمعًا بين التحقق والتساؤل.١٤١ وقد يذكر فعل الشرط دون جوابه لإثارة الوضع والتنبيه عليه وعدم تقدير جوابه في اتجاهٍ معين وترك ذلك لعدة احتمالات.١٤٢ وكذلك إذا دخلت واو الحال على أداة الشرط لا يتطلب جوابًا ويكون أقرب إلى الحكم الأخلاقي.١٤٣
ويتغاير الشرط والجزاء لفظًا، وقد يتحدان ويكونان في حاجة إلى تأويل. وقد يتقاربان في المعنى. وقد يعترض الشرط على الشرط، ويكون شرطَين وجوابًا واحدًا. ويمكن ضبط ذلك بحرف «الفاء».١٤٤ وقد يسمى الشرط يمينًا.١٤٥ وكلها مباحثُ لغوية ناتجة عن إسقاط علم اللغة، تراث القدماء على القرآن، والعصر الآن عصر العلوم الإنسانية التي تسقط أيضًا على القرآن.١٤٦

(ب) النفي

إذا كان الشرط يمثل الإيجاب فإن النفي يمثل السلب، قد يكون نفي الذات الموصوفة نفيًا للصفة دون الذات نظرًا للتمييز بينهما عند الأشاعرة. وقد يكون نفيًا للذات بناءً على التوحيد بينهما عند المعتزلة. وهي مشكلةٌ لغوية قبل أن تكون مشكلةً كلامية. وهو على أربعة أقسام: نفي المسند، نفي المسند إليه فينتفي المسند، نفي المتعلق دون المسند والمسند إليه، نفي قيد المسند إليه أو المتعلق.١٤٧ وقد ينفى الشيء رأسًا لأنه عدم كمال وصفه أو لانتفاء ثمرته.١٤٨ ونفي العام يدل على نفي الخاص. وثبوته لا يدل على ثبوته. وثبوت الخاص يدل على ثبوت العام ولا يدل نفيه على نفيه. ولما كانت زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به كان نفي العام أحسن من نفي الخاص، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام.١٤٩ والمجاز يصح نفيه بخلاف الحقيقة.١٥٠ ونفي الاستطاعة قد يراد به نفي الامتناع أو عدم إمكان وقوع الفعل مع إمكانه.١٥١ فالنفي ليس فقط نظريًّا بل هو نفيٌ عملي، ليس حكمًا منطقيًّا بل هو توجهٌ عملي.

(٧) الالتفات والتضمين والتجريد والمقابلة

(أ) الالتفات

وتتكاثر أساليب البلاغة بحيث يصبح لا شيء بليغًا. منها الالتفات وهو نقل الكلام من أسلوب إلى آخر تطرية واستدرارًا للسامع وتجديدًا لنشاطه وصيانة لخاطره من الملال والضجر بدوام الأسلوب الواحد على سمعه.١٥٢ وأقسامه عديدة: الالتفات من المتكلم إلى المخاطب، ومن المتكلم إلى الغائب، ومن المخاطب إلى المتكلم، ومن المخاطب إلى الغائب، ومن الغائب إلى المتكلم، ومن الغائب إلى المخاطب في حوار بين المتكلم والمخاطب والغائب. وقد يبنى الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلُّمه.١٥٣
وأسبابه عديدة، عامة وخاصة. من العامة التفنن والانتقال من أسلوب إلى آخر لتنشيط السامع واستجلاب صفائه، واتساع مجاري الكلام، وتسهيل الوزن والقافية، والتنبيه على ما حق الكلام أن يكون واردًا عليه، وأن يكون الغرض به التتميم لمعنى مقصود المتكلم، وقصد المبالغة، وقصد الدلالة على الاختصاص، وقصد الاهتمام، وقصد التوبيخ.١٥٤ وشرط الالتفات أن يكون الضمير في المتنقل إليه عائدًا في نفس الأمر إلى المتنقل عنه، وأن يكون في جملتَين أي كلامَين مستقلَّين.١٥٥
ويقرب من الالتفات نقل الكلام إلى غيره.١٥٦ ويحدث ذلك إذا ما ابتلي العاقل بخصمٍ جاهلٍ متعصب فيقطع معه الكلام. فالخوض معه يبعده ولا يفيده. ومثله الانتقال من خطاب الواحد والاثنين والجمع إلى خطابٍ آخر. وهو ستة أقسام: الانتقال من خطاب الواحد إلى خطاب الاثنين، ومن خطاب الواحد إلى خطاب الجمع، ومن الاثنين إلى الواحد، ومن الاثنين إلى الجمع، ومن الجمع إلى الواحد، ومن الجمع إلى الاثنين. ويقوم كله على التبادل بين الإفراد والجمع. ومن الالتفات تعقيب الكلام جملة مستقلة ملاقية له في المعنى عن طريق المثل أو الدعاء. ومن الالتفات التحول من الماضي إلى الأمر أو من المستقبل إلى الأمر أو من الماضي إلى المستقبل أو من المستقبل إلى الماضي بإدخال عامل الزمان بأبعاده الثلاثة.

(ب) التضمين

والتضمين إعطاء الشيء معنى الشيء في الأسماء أو الأفعال أو الحروف، ويراعى في التضمين المحذوف لا المذكور. ويطلق على غير ما سبق، وإدراج كلام الغير أثناء الكلام لتأكيد المعنى أو ترتيب نظم، وإيقاع الظن موقع اليقين في الأمور المحقَّقة.١٥٧
وهناك عشرات أخرى من المفاهيم الموازية بحيث يصعب تطبيقها كلها في أساليب البلاغة. منها الاقتدار وهو إبراز المعنى الواحد في عدة صور، وائتلاف اللفظ مع اللفظ، واللفظ مع المعنى. والاستدراك والاستثناء هو تضمن ضرب من المحاسن زيادة على ما يدل عليه المعنى اللغوي.١٥٨ والتفويف إتيان المتكلم بمعاني شيء من المدح والوصف في جملٍ منفصلة.١٥٩ والتعديد إيقاع الألفاظ المفردة على سياق واحد.١٦٠ والتضمين إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه مثل المجاز أو حصول معنى فيه من غير ذكر اسم له مثل الإيجاز، وإدراج كلام الغير أثناء الكلام. والفرائد تختص بالفصاحة دون البلاغة وهو الإتيان بلفظة تتنزل منزلة الفريدة من العقد.١٦١ والمشاكلة ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقًا أو تقريرًا.١٦٢

(ﺟ) التجريد

التجريد هو الاعتقاد بأن في الشيء من نفسه معنًى آخر كأنه مُبايِن له فتخرج ذلك إلى ألفاظه بما اعتقدت ذلك.١٦٣ وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة أخرى مثله مبالغة في كمالها.١٦٤
وهناك عدة مفاهيم أخرى موازية تتشعب وتتعدد بحيث يصعب معرفة أين أساليب البلاغة فيها، منها التدبيج وهو ذكر المتكلم ألوانًا يقصد التورية بها والكناية. والتنكيث هو قصد المتكلم شيئًا بالذكر دون غيره، والمبالغة ذكر وصف مع زيادة لتكون أبلغ في المعنى.١٦٥ لذلك كانت صفات الله على المبالغة. والمطابقة الطباق، وهو الجمع بين متضادَّين في الجملة، وهو قسمان: حقيقي ومجازي، لفظي أو معنوي، إيجابي أم سلبي، والمواربة قول شيء يتضمن الإنكار عليه. المراجعة في الحوار لاختيار عبارة أو خبر وألفاظ أغرب. والنزاهة خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش. والإبداع شمول الكلام عدة ضروب من البديع.١٦٦

(د) المقابلة

هي ذكر الشيء مع ما يوازيه في بعض صفاته ويخالفه في بعضها. والفرق بينها وبين الطباق أن الطباق لا يكون في الغالب إلا بين ضدَّين، والمقابلة تكون بين أكثر من ذلك. الطباق لا يكون إلا بين الأضداد، والمقابلة بالأضداد وبغيرها. وهي ثلاثة أنواع: نظيري ونقيضي وخلافي. والخلافي أتمُّها في التشكيك، وألزمها بالتأويل ثم النقيضي ثم النظيري. وقد تُقسَّم المقابلة إلى أربعة أنواع: أن يأتي بكل واحد من المقدمات مع قرينه من الثواني، أن يأتي بجميع الثواني مرتبةً من أولها، أن يأتي بجميع المقدمات ثم بجميع الثواني مرتبةً من آخرها وهو رد العجز على الصدر، أن يأتي بجميع المقدمات ثم بجميع الثواني مختلفةً غير مرتبة، وهو اللف. وقد يكون التقابل نوعَين فقط، مقابلة في اللفظ دون المعنى ومقابلة في المعنى دون اللفظ.١٦٧
وقد تكون المقابلة اثنين باثنين، وأربعةً بأربعة، وخمسًا بخمس، وستًّا بست.١٦٨ وقد يكون نظم الكلام على غير صورة المقابلة في الظاهر وهو من أكملها. والعكس أن يقدَّم في الكلام جزء ثم يؤخر.١٦٩ ويقابَل الجمع بالجمع، والمفرد بالمفرد. ويقابل كل فرد من الجمع بكل فرد من الجمع. ويقابل الجمع بالمفرد، بثبوت الجمع لكل واحد.١٧٠
ويشمل جمع التكسير أولى العلم.١٧١ إذ يمكن مخاطبة غير العاقل من ظواهر الطبيعة باعتبارها أقل لأن العقل مثل التأنيس هو الأساس، ونون ضمير الجمع في جميع العلاقات.١٧٢ ويعامل جمع التكسير باعتباره مفردًا.

(٨) الإبدال، والنحت، والمحاذاة، والتجنيس، والمدرج، والاقتصاص، والترديد، ومشاكلة اللفظ، واللفظ، والطباق، والترادف، والعدد

(أ) الإبدال

ويتم إبدال الحروف بعضها مكان بعض مثل الحاء والهاء في «مدحه» والجيم والحاء في «حاس». ويرجع ذلك إلى اللهجات العربية مثل الجيم والغين في «هيجل»، والجيم والقاف في «قاموس»، «عقول» والتي يتندر بها البحاروة والصعايدة كلٌّ منهما على الأخرى.١٧٣

(ب) النحت

هو صياغة لفظ من أوائل حروف لبعض الكلمات مثل «الحوقلة»، «البسملة»، «الحمدلة».١٧٤ فعلوم القرآن تسمح بالصياغات اللفظية. فاللغة عاملٌ مشترك بين الوحي والكلام، وهو ما يحاوله بعض المحدثين مثل «بخمس» أي كتب الإصحاحات الخمسة.

(ﺟ) المحاذاة

وتعني الإتيان بلفظ على وزن لفظٍ آخر للانضمام إليه توصيفًا للسمع، وهو أحد أساليب البديع لَأُعَذِّبَنَّهُ، لَأَذْبَحَنَّهُ.١٧٥ وذلك من أجل استمرار موسيقى القرآن.

(د) التجنيس

هو تساوي حرفَي الكلمتَين، وأن يجمع الكلمتَين أصلٌ واحد مثل الروح والريحان. وهو من المحاسن اللفظية. وإذا نفي التجنيس أصبح طباقًا.١٧٦

(ﻫ) المدرج

وهو مصطلح من الحديث وهو زيادة لفظ من الراوي في متن الحديث فتُنقَل وكأنها منه.١٧٧ وفي علوم القرآن أن تجيء الكلمة إلى جنب أخرى كأنها في الظاهر معها وهي في الحقيقة غير متعلقة بها.١٧٨

(و) الاقتصاص

وهو أن يكون كلام في سورة مقتصًّا من كلام في سورة أخرى أو في السورة نفسها.١٧٩ فالقرآن وحدةٌ واحدة. تتكرر معانيه بصيغٍ مختلفة حسب سياق الكلام.

(ز) الترديد

وهو تعليق لفظة من الكلام ثم تردُّ لتعليقها بمعنًى آخر.١٨٠

(ﺣ) مشاكلة اللفظ باللفظ

وهي قسمان: مشاكلة الثاني للأول وهو الأكثر، ومشاكلة الأول للثاني وهو الأقل، مثل الفعل المتعدي لمفعولين.١٨١ وقد يشاكل كل اللفظ المعنى. فإذا كان اللفظ خبر «لا» أصبح المعنى كذلك. فالمعنى محمول على اللفظ، واللفظ حامل للمعنى. وبقدر ما يكون الحامل لينا يكون المعنى أيضًا مستريحًا. وإذا اجتمع الحمل على اللفظ والمعنى بدأ باللفظ ثم بالمعنى.١٨٢

(ط) الطباق

هو الجمع بين متضادَّين مع مراعاة التقابل. وهو قسمان: لفظي ومعنوي.١٨٣ والطباق الخفي مثل الجمع بين الماء والنار.١٨٤

(ي) الترادف

وقد يُظَن ببعض الألفاظ الترادف وهي ليست كذلك مثل الخوف والخشية، والخشية أعلى وأعمق، والسبيل والطريق، الأول للحيز غالبًا. وجاء وأتى، ومدَّ وأمدَّ، وعمل وفعل، والقعود والجلوس، والتمام والكمال، والإعطاء والإتيان، والضياء والنور، والغبط والمنافسة، والحسد والحقد، والشح والبخل، سواء في الأفعال أو في الأسماء.١٨٥

(ك) العدد

والاسم الفاعل المشتق من العدد له استعمالان: الأول أن يراد به واحد من هذا العدد، والثاني أن يكون بمعنى التصيير.١٨٦ ما يضاف إليه العدد من الثلاثة إلى العشرة اسم جنس أو اسم جمع.١٨٧ وألفاظ العدد نصوص، لا يدخلها التأكيد لدفع مجاز.١٨٨

(٩) منطق العواطف

  • (أ)
    الشك للمساهمة وحسم المضاد: وقد يخرج الكلام مخرج الشك في اللفظ دون الحقيقة لضرب من المسامحة وحسم العناد. فاللغة ليست آليةً صورية بل هي جدل العواطف في الحوار بين الذوات.١٨٩
  • (ب)
    الإعراض عن صريح الحكم: ويمكن الإعراض عن صريح الحكم تركًا إياه للقارئ. فالتأكيد على الفعل وليس نتيجته، وعلى القصد وليس جزائه.١٩٠
  • (جـ)
    الألغاز: والألغاز اشتقاقًا من اللغز وهو الطريق المنحرف. سمي كذلك للانحراف عن نمط الكلام. ويسمى أيضًا الحجية من الحجى أي العقل لأن هذا النوع يقوي العقل بالتمرن عليه والارتياض بحلِّه والتفكر فيه مثل قول إبراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، أو قول نمرود أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ.١٩١
  • (د)
    الهدم: وهو أن يأتي الخبر بكلامٍ يتضمن معنًى ثم يأتي الثاني بضده لهدم ما بناه.١٩٢
  • (هـ)
    التغليب: وهو إعطاء الشيء حكم غيره أو ترجيح أحد المغلوبين على الآخر أو إطلاق لفظ عليهما معًا أو إجراء المختلفَين مجرى المتفقَين. وهو من المجاز، ومراعاة الأشرف. وهو على أنواع: تغليب المذكر، تغليب المتكلم على المخاطب، والمخاطب على الغائب، تغليب العاقل على غيره، تغليب المتصف بالشيء على ما لم يتصف به، تغليب الأكثر على الأقل، تغليب الجنس الكثير الأفراد على فرد من غير هذا الجنس مضمون فيما بينهم بأن يطلق اسم الجنس على الجميع، تغليب الموجود على ما لم يوجد، تغليب الإسلام، تغليب ما وقع بوجهٍ مخصوص على ما وقع بغير هذا الوجه، تغليب الأشهر.١٩٣
  • (و)
    القلب: وهو أحد أساليب البلاغة. ولا يعيب القرآن أو ينال من التنزيه والعبث والتهكم والمحاكاة أو الحال. وهو على أنواع: قلب الإسناد، وهو أن يشمل الإسناد إلى شيء والمراد غيره، وقلب المعطوف عليه معطوفًا والمعطوف معطوفًا عليه، والعكس وهو أمرٌ لفظي، والمستوى وهو أن تقرأ الكلمات من أولها إلى آخرها ومن آخرها إلى أولها، ومقلوب البعض وهو أن تكون الكلمة الثانية مركبةً من حروف الأولى مع بقاء بعض حروف الأولى.١٩٤
  • (ز)
    التقسيم: وهو القسمة العقلية عند المتكلم لأنها قد تقتضي أشياء مستحيلة.١٩٥
  • (ﺣ)
    الحصر والاختصاص: الحصر أو القصر هو تخصيص أمر بآخر بطريق مخصص. وهو إثبات الحكم للشيء ونفيه عما عداه. وينقسم إلى قصر الموصوف على الصفة، وقصر الصفة على الموصوف حقيقة أو مجازًا. وينقسم أيضًا ثلاثة أقسام: حصر أفراد لمخاطبة من يعتقد الشركة، وقصر قلب لمخاطبة من يعتقد إثبات الحكم للغير، وقصر تعيين لمخاطبة من تساوى عنده الأمران. وطرق الحصر كثيرة.١٩٦ وقد يكون تقديم المعمول منها وقد يختصر الحصر إلى ثلاثة أقسام: «ما» و«إلا»، «إنما»، «التقديم».١٩٧
  • (ط)
    وضع جمع القلة موضع الكثرة: ويوضع جمع القلة موضع الكثرة لاشتراكهما في الجمع. فالجمع جمع لا يهم المقدار. ويكون ذلك في النكرة غالبًا. أما في المعرفة فيستكفي بالعموم.١٩٨ ويعني تنبيه الخطاب على الطلب أو في الخبر بالتنبيه بالقليل على الكثير أو بالكثير على القليل. وهو نوع من أنواع البديع. وفي القرآن إفراد وجمع، لأرض دون جمع، في حين أن السماء مفرد وجمع. وتختلف الدلالتان. الجمع أكثر قوة من المفرد مثل ريح ورياح. ومقابلة الجمع بالجمع تقضي بمقابلة الفرد بالفرد.١٩٩

(١٠) المتشابهات والمبهمات والأمثال والجدل والعلوم المستنبطة والتأدب في الخطاب

  • (أ)
    المتشابهات: وتعني الآيات المتشابهات الآيات المتشابهة في الموضوع أو الصياغة أو ما يسمى بظاهرة التكرار في القرآن، مثل إيراد القصة بصياغاتٍ شتى وفواصلَ مختلفة، بالتقديم والتأخير وبالزيادة والنقصان أو بالتصريف والتنكير أو بالجمع والإفراد أو بالإدغام والفك أو بحروف دون حرف أو كلمة مكان أخرى، وأن يكون في وضع على نظم وفي آخر على عكسه.٢٠٠ والسبب اختلاف السياق، وإظهار القدرة على التعبير عن الحدث بطرقٍ عديدة. فلا توجد رؤيةٌ واحدة للحدث الواحد أو صياغةٌ واحدة له. ويدخل في أساليب البلاغة أكثر مما يدخل في التدوين، وتسمى أيضًا علم المتشابه. ومنها ما يجيء على حرفَين أو على ثلاثة أو على أربعة أو على خمسة أو على ستة أو على سبعة أو على ثمانية أو على تسعة أو على عشرة أو على أحد عشر حرفًا، ومنها ما يجيء على خمسة عشر وجهًا أو ثمانية عشر وجهًا أو عشرين وجهًا أو ثلاثة وعشرين وجهًا.٢٠١
  • (ب)
    المبهمات: لا تعني المبهمات المتشابهات بل تعني العموم دون الخصوص، عموم الحكم دون خصوص السبب. فالمحمول أهم من الحامل، والروح أهم من البدن وإن كانت محمولًا فيه. وأسبابه كثيرة مثل الاستغناء ببيانه في موضعٍ آخر، عدم التعين لاشتهاره، التستر عليه، غياب الفائدة في التعيين، العموم دون الخصوص، التعظيم بالوصف الكامل دون الاسم للمعنى وليس للشخص، تحقيره بالوصف الناقص. ولا تعرف إلا بالنقل والرواية دون العقل وهو مما لا فائدة منه، لا نقلًا وعقلًا. ويمكن تصنيفها إلى قسمَين: الأول فيما أُبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جني أو مثنى أو مجموع عرف أسماء كلهم والإشارة إليهم بكلمات مثل «مَن» أو «الذي». وإذا كان القرآن قد اكتفى بالمحمول دون الحامل فإن تعيين الحامل يكون ضد قصد القرآن.٢٠٢ والثاني المتعينات في الغالب لأشخاص أفرادًا أو مجموعات أو الملاك، ذكرًا أم أنثى، إنسانًا أو حيوانًا، مكانًا أم زمانًا.٢٠٣ وقد يكون للشخص اسمان ويقتصر على أحدهما دون الآخر. وقد يبالغ في الصفات لتعيين إنسان بعينه. لم يذكر القرآن اسم امرأة إلا مريم في حين ذكر كثيرًا من أسماء الرجال.٢٠٤
  • (جـ)
    الأمثال: والمثل حكم يتضمن في ذاته وسائل الإمتاع عن طريق التخيل والتشبيه والمقارنة وتحويل الأمر والنهي إلى إحساس بالجمال والقبح وإلى قبول أو نفور بالطبيعة. فالغاية من المثل عند القدماء التذكير والوعظ والحث والزجر والاعتبار والتقرير، وتقريب المواد إلى العقل، وتصويره بصورة المحسوس. والمثل قادر على كشف المعاني وبيان إمكانياتها وإشعاعاتها. وهي نوعان: ظاهر مصرح به وكامن.٢٠٥
  • (د)
    الجدل: وهو أدخل في علم أصل الدين والفرق والرد على الخصوم.٢٠٦ ويضم أنواع البراهين والأدلة وتقسيم وتحذير ودلالة. فالقرآن كتاب حوار واستدلال، مقدمات ونتائج، لذلك استخرج المتكلمون من القرآن الأدلة على وجود الله وخلق العالم وخلود النفس والثواب والعقاب. واعتمد على عديد من الأقيسة مثل قياس الأولى، وقياس الإعادة على الابتداء، ودليل التمانع لإثبات الوحدانية. ومن ضمن علم الجدل السبر والتقسيم الذي اعتمد عليه علماء أصول الفقه، وفحوى الخطاب ولحن الخطاب في علم أصول الفقه، وحمل اللفظ على خلاف مراده، والتسليم والإسجال وهو الإتيان بألفاظ تسجل على المخاطب، والانتقال من استدلال إلى آخر، والمناقضة، ومجاراة الخصم ليعتبر. وهو ما تحول إلى علمٍ مستقل وهو «الحجاج» أو «الجدل والمناظرة». وقد عرفه المتكلمون مثل الاستدلال على أن صانع العالم واحد بدليل التمانع، والاستدلال على المعاد الجسماني بقياس الإعادة على الابتداء، وبطريق الأولى في خلق السموات والأرض وإحياء الأرض بعد موتها، وإخراج النار من الشجر الأخضر. وهي استدلالاتٌ اضطرارية.٢٠٧ وإلجام الخصم الحجة هو الاحتجاج على المعنى المقصود بحجةٍ عقلية تقطع المعاند له فيه. ومنه نوعٌ منطقي وهو استنتاج النتيجة من مقدمتَين.٢٠٨
  • (هـ)
    العلوم المستنبطة: والقرآن به كل شيء.٢٠٩ ويمكن استنباط كل العلوم منه. وهو الأصل فيما يقال هذه الأيام من أن كل العلوم والتقنيات الحديثة في القرآن عند أصحاب الإعجاز العلمي في القرآن.٢١٠ من العلوم الإنسانية علوم اللغة وعلم أصول الدين مع علم الجدل وعلم أصول الفقه وعلوم التصوف علوم أصحاب الحقيقة. ومن العلوم النقلية علم الفقه وعلم التاريخ والقصص وعلم التعبير أي تفسير الأحلام أي تعبير الرؤيا، والعلوم العقلية الخالصة الرياضية والطبيعية، الرياضية الهندسية الجبر والمقابلة والحساب وفروع الحساب مثل الجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتصنيف والمضاعفة. والطبيعية مثل الطب والهيئة أي الفلك والنجامة. والتطبيقية مثل أصول الصنائع وأسماء الآلات.٢١١ وهو من أوجه الإعجاز. وقد تنفصل العلوم إلى خمسين أو أربعمائة أو سبعة آلاف أو سبعين ألفًا على عدة كلمات القرآن مضروبة في أربعة. إذ لكل كلمة ظهر وبطن وحدٌّ ومطلع. وقد يصغر العدد إلى ثلاثة: توحيد وتذكير وأحكام أو التوحيد والإخبار والديانات.٢١٢ وقد تكون العلوم ثلاثين علمًا تجمع بين العلوم الإنسانية والعقلية والعقلية النقلية.٢١٣ وهي موضوعات في علوم مثل الأخلاق أو أصول الفقه أو أصول الدين وليست علومًا.
  • (و)
    التأدب في الخطاب: وقد يكون بإضافة الخير إلى الله.٢١٤ فالله هو المثل الأعلى. والقاعدة ذكر الرحمة قبل العذاب، والخير قبل الشر، والعدل قبل الظلم. والاستثناء تقديم العذاب ترحيبًا وزجرًا.٢١٥ ويعني التوسع الاستدلال بالنظر في الملكوت. ويكون ذلك عادة في العقائد الإلهية لتتمكن في النفوس. كذلك يتوسع في ترادف الصفات.٢١٦

(١١) إعجاز القرآن

(أ) التأليف في الموضوع

(١) «إعجاز القرآن» للباقلاني (٤٠٣ﻫ)

وبدأ موضوع إعجاز القرآن عند المتكلمين الأشاعرة مثل الباقلاني. وهي نفس المادة التي دخلت فيما بعدُ في علوم المتأخرين عندما استقلَّت علوم الدين عند الزركشي (٧٩٤ﻫ) في «البرهان»، والسيوطي (٩١١ﻫ) في «الإتقان»، نفس الفصول والأبواب مع نفس الترتيب المنطقي. وهو من الموضوعات الكلامية في الدليل على صدق النبوة والفرق بين المعجزة والإعجاز، في إطار من الأشعرية السائدة.٢١٧ ويبدأ الحجاج الكلامي بصياغة «فإن قال … قيل …» وقد أصبحت موضوعًا في النبوة في علم الكلام.٢١٨
وتتفاوت الفصول كمًّا. أكبرها كيفية الوقوف على إعجاز القرآن «ثم» البديع من الكلام «حتى أصغرها»، «رد شبهة حول الإعجاز».٢١٩ تمتلئ بالآيات القرآنية والشواهد الشعرية ما يزيد على المئات؛ مما يدل على أن أهم تجربة في علوم القرآن البلاغة والشعر كرابطَين بينهما. وعندما تكثر الآيات يقلُّ الشعر. وعندما يكثر الشعر تقلُّ الآيات.٢٢٠ وموضوع الشعر والقرآن موضوع من موضوعات علوم القرآن. فقد ورث القرآنُ الشعرَ بلغته وبلاغته، واستطاع إثارة خيال العرب أهل الفصاحة والبيان وثقافة الشعر والشعراء. ويذكر الشعراء وعلوم النحو والبلاغة أكثر الفقهاء والمتكلمين والمفسرين، وينتقد الشعر كما ينقد القرآن.٢٢١ ويظهر النثر الفني أيضًا في خطابة الرسول وبلاغته، وخطب الصحابة والتابعين لبيان مظاهر التواصل والانقطاع في الخطابَين، ما تفرد به النثر القرآني عن النثر النبوي، والنثر النبوي عن نثر الصحابة والتابعين.٢٢٢ وإذا كان الشعر تجربة القدماء الفنية والثقافية والاجتماعية فإن أزمة العصر هي تجارب المحدثين الاجتماعية والسياسية. تؤثر فيهم كما أثر الشعر في القدماء.٢٢٣ وقد كان «إعجاز القرآن» نفسه جزءًا من مشروعٍ أهم لدراسة «معاني القرآن» والأصول.٢٢٤

(٢) «أسرار البلاغة» للجرجاني (٤٧١ﻫ)

«أسرار البلاغة» و«دلائل الإعجاز» هما الشهيران التكوينيان، واجهتان لعملةٍ واحدة. «أسرار البلاغة» النظرية، و«دلائل الإعجاز» التطبيق. الأول تنظير للغة، والثاني تنظير للشعر. وكلاهما تنظير لإعجاز القرآن. وقد أصبح الحامل اللغوي أحد الحوامل الرئيسية للوحي، الألفاظ والمعاني، وأساليب البلاغة، والتفسير.٢٢٥ وقد اعتنى به المصلحون؛ محمد عبده ورشيد رضا. درَّسه الأول في الأزهر، ونشره الثاني في «المنار». عند رشيد رضا تدريسه في الأزهر أحد علامات النهضة ورفعه من البرنامج أحد عوامل الانهيار. كما اهتمَّ به المحدثون المعاصرون لأنه «بنيوي» قبل البنيوية. وقارنوه بالمذاهب الغربية.٢٢٦ تم فيها التحول من التعليل كمفهومٍ أصولي إلى «التخيل» كمفهومٍ نقدي. وبالرغم من أن المؤلف أشعري إلا أن اتجاهه معتزلي، ليس فقط لاعتماده على نظرية الحسن والقُبح ولكن أيضًا لاعتماده على التصوير الفني والتأويل حرصًا على التنزيه وتجنُّبًا للتشبيه كما فعلت المعتزلة.٢٢٧ والعنوان الفرعي لكتاب «أسرار البلاغة»، «في علم البيان». والبيان والبديع من علوم البلاغة. ويعتمد على الشعر أكثر من اعتماده على القرآن عشرات المرات أو الحديث مئات المرات.٢٢٨ وهذا يدل على أولوية المادة الشعرية. ومن الشعراء يتقدم الشعر المجهول المؤلف، فالشعر أهم من قائله، دلالته من طبيعة الشعر وليس من ذوق الشاعر.٢٢٩

(٣) «دلائل الإعجاز» للجرجاني (٤٧١ﻫ)٢٣٠

وإذا كان «أسرار البلاغة» في علم البيان فإن «دلائل الإعجاز» في علم المعاني. وفيه صاغ عبد القاهر نظرية «النظم». وقد كان أحد مواطن الاهتمام في الحركة الإصلاحية عند محمد عبده ورشيد رضا «النظم» أولًا نظرية في البلاغة ثم طبقت في الشعر. فقد استعمل القرآن أساليب البلاغة العربية كما استعملها الشعر. لذلك يفسر القرآن بالشعر، والشعر بالبلاغة. فاللغة هي الحامل الرئيسي للشعر والقرآن. وقد ساعدت نظرية النظم على نقد الشعر وفهم بلاغة القرآن. ويستعمل القرآن قبل الشعر كمادةٍ تطبيقية للبلاغة، شعرٌ أكثر، وآياتٌ أقل، وأحاديثُ نادرة.٢٣١ استعمل الشعر أولًا والقرآن ثانيًا أساليب البلاغة العربية. لا فرق بين الشعر الجاهلي والشعر العربي بعد الإسلامي، بين شعراء الجاهلية امرؤ القيس، وشعراء العرب بعد الإسلام كالمتنبي، والشعراء المخضرمين كحسان وكعب بن زهير. لذلك يفسر القرآن بالشعر «عليكم بديوان جاهليتكم ففيه تفسير كتابكم.» كما قال عمر. كما يفسر الشعر بأساليب البلاغة العربية. وإذا كان القرآن قد نقد الشعراء وليس الشعر لإسرافهم في الخيال، وانفصال قولهم عن عملهم إلا أنه استثنى الشعراء المؤمنين. كما أيَّد الرسول الشعر والشعراء ومدحهم وقرَّبهم إليه واستعملهم في نشر الدعوة.٢٣٢
وعند عبد القاهر إحساس بالجدة، جدة المحدثين بالنسبة لتقليدية القدماء.٢٣٣ والأسلوب هو أسلوب «قيل … قلنا …»، الرد على تساؤلات واعتراضاتٍ متخيَّلة، ويخاطب القارئ. فالقضية مشتركة بين المؤلف والقارئ. وهو أسلوبٌ مسهب غير مركز وكأن الكتاب أَمَالٍ أو محاضراتٌ شفاهية. ونظرية النظم في النهاية نظريةٌ «شكلانية» تجعل الكلام بليغًا في صياغاته وتآليفه وتراكيبه وأساليبه باعتبار اللغة عالمًا مغلقًا بذاته وعلى ذاته كما هو الحال في «تحليل الخطاب» في الغرب المعاصر دون بيان الآثار النفسية والاجتماعية كما هو الحال في «علم اللغة النفسي وعلم اللغة الاجتماعي». وإذا كانت اللغة والبلاغة والشعر ثقافة القدماء فإن العلوم الإنسانية، النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا والسياسة والفلسفة والثقافة والحضارة والتاريخ والقانون علوم المحدثين.

(٤) «معترك الأقران في إعجاز القرآن» للسيوطي (٩١١ﻫ)

ويدخل موضوع إعجاز القرآن في علومٍ كثيرة، علم أصول الدين في موضوع النبوة والدليل عليها، وفي علوم البلاغة لمعرفة أسرارها، وفي علوم القرآن في الحوامل الذاتية وهي اللغة، في أساليب البلاغة. والعنوان غريب «معترك الأقران». وهو كتابٌ تعليمي تجميعي. يجمع أقوال القدماء كما هي العادة في مؤلفات السيوطي عصر التدوين الثاني في مصر وتركيا. وقد بلغت مؤلفاته أكثر من ثلاثمائة بعد أن تفرغ للتأليف والكتابة وترك الفتيا والتدريس.٢٣٤ ويبدأ الكتاب بمقدمةٍ نظرية في التأليف، لا صلة لها بموضوع الإعجاز.٢٣٥ أهميتها بيان الحوامل الذاتية للوحي المحفوظ في الصدور، المقروء بالألسنة، المكتوب في المصاحف؛ لأن الشيء له وجودات أربع: في الأذهان، وفي الأعيان، وفي اللسان، وفي البنان.٢٣٦ ومراتب تأليف الكلام خمس: ضم الحروف لتحصل الكلمات، الاسم والفعل والحرف، تأليف الكلمات فتحصل الجمل المفيدة، ضم الجمل في منظوم، تأليف أواخر المنظوم في السمع، إخضاع ذلك للوزن فيصبح شعرًا. والمنظوم إما محاورة وهي الخطابة أو مكاتبة وهي الرسالة. والقرآن جامع لأنواع هذه الأشكال الأدبية.٢٣٧
وأوجه الإعجاز خمسة وثلاثون وجهًا. أكبرها الأخير الذي يشمل تقريبًا جزأين من ثلاثة أجزاء.٢٣٨ فكل شيء معجز في القرآن: العلوم المستنبطة منه، مع أنها من وضع العقل واجتهاد العلماء، حفظه من الزيادة والنقصان مع أنه من وضع مناهج النقد التاريخي وشروط التواتر، أحسن تأليفه مع أنه من إدراك علوم البلاغة وفنون القول، مناسبة آياته وسوره وارتباط بعضها ببعض مع أن ذلك جهدٌ بشري في الفهم، افتتاح السور وخواتيمها مع أن ذلك من فنون القول وأساليب البلاغة، مشتبهات آياته وتعارضها وذلك خاضع لمنطق الألفاظ، ناسخه ومنسوخه، والزمان أحد الحوامل الموضوعية للوحي، والمحكم والمتشابه جزء من منطق الألفاظ، واختلاف الألفاظ في الحروف وكيفياتها وتقديم بعض ألفاظه وتأخيرها وهو خاضع أيضًا لمنطق الألفاظ، حصره واختصاصه واحتواؤه جميع لهجات العرب وذلك لهجرات القبائل العربية نحو طرق الحجيج، والعموم والخصوص، والإجمال والتبيين، والمنطق والمفهوم، ووجوه المخاطبات، كل ذلك جزء من مباحث الألفاظ عند الأصوليين، والإخبار عن الأمم السالفة جزء من قصص الأنبياء، روعته وهيبته، وأن سامعه لا يمجُّه، وتيسير حفظه؛ كلها أمورٌ نفسية لا إعجاز فيها، والحقيقة والمجاز، والتشبيهات والاستعارات، والكناية والتعريض، والإيجاز والإطناب، والبلاغة، والخبر والإنشاء كلها من أساليب البلاغة العربية التي وضعها البلغاء، وأقسام الكلام، وأنواع البراهين والأدلة، وضرب الأمثال، والآيات الجامعة للرجاء والخوف، والآيات المبهمة، واحتواؤه على أسماء الأشياء، والألفاظ المشتركة، كلها علوم وضعها علماء القرآن، وأخضعوها لقوانين البلاغة أو المنطق. فأين الإعجاز على وجه الخصوص؟ وإذا كان كل شيء معجزًا فلا شيء معجز؛ إذ يستوي الكل ولا شيء. وكيف يكون كل شيء فيه معجزًا ولا يكون للإنسان أي دور في حفظه وروايته وقراءته وكتابته وفهمه وتفسيره؟ أصبح مفهوم الإعجاز فضفاضًا يضمُّ كل شيء ولا شيء.
والوجه الخامس والثلاثون مجرد شرح لألفاظ القرآن طبقًا لترتيب الحروف الأبجدية. فأين الإعجاز؟ والحروف الأبجدية تصنيفٌ عرضي غير دالٍّ مثل الأرقام المتوالية. وبعض الحروف مثل الكاف بها تنبيه ومسألة وفائدة.٢٣٩ وكذلك اللام بها فائدة وتنبيه ونكتة ووصل وتذنيب وإعلام.٢٤٠ تضخم الوجه الخامس والثلاثون لأنه مجرد شرح لألفاظ القرآن، تجميعًا من كتب المفسرين مثل القواميس والمعاجم. تناثرت الموضوعات وتفككت دون رابط بينها. وربما يكون هذا التجميع والرصد والحشد والنقل عن السابقين هو المقصود بعنوان «معترك الأقران»، والاعتماد على المفسرين واللغويين، نحاةً وبلاغيين يجعل القرآن قابلًا لأن يوضع في أي علم، ويخضع لقوانين مثل قوانين النحو وأساليب البلاغة. وتظهر بعض موضوعات علوم القرآن من خلال النقل للمفسرين مثل أسباب النزول.٢٤١ ويختلف تفسير الألفاظ كمًّا بين الطول والقصر، والغالب هو القصر.
ويستمد المؤلف مادته من كتب التفسير.٢٤٢ ويقتبس نصوصًا من السابقين. ويعتمد على الشعر الذي يخضع هو الآخر لقواعد البلاغة العربية.٢٤٣ ويقسم وجه الإعجاز إلى قاعدة وتنبيه وفصل وفرع. كما يعتمد على الحديث ولكن بصورةٍ أقل. وبعضها ضعيف مثل تلك التي تتدخل فيها الملائكة ويتحدث فيها الله، مثل الأحاديث القدسية التي تغرق في الخيال والإخراج المسرحي لمزيد من التأثير. ويظهر في رواياتها وصياغتها التوجهات السياسية مثل حديث القدرية مجوس هذه الأمة.٢٤٤ وأحيانًا يتم الاعتماد على الحديث وحده في التفسير.٢٤٥ وكثير منها معلومات خارج موضوع الإعجاز مثل أسماء السور، مجرد تجميع لمعلوماتٍ قديمة.٢٤٦ ربما أراد المؤلف إعطاء غطاءٍ نظري خلا الكتاب منه في المقدمة تحت عنوان «أقوال كلية محتوية على ألفاظٍ قرآنية».٢٤٧ تعطي المعية الزمانية بعد التوالي الزماني.٢٤٨ وتضم عدة فصول منها «قواعد مهمة يحتاج المفسر إلى معرفتها» مثل قاعدة الضمير، وهي قاعدةٌ لغوية، والتعريف، والتذكير.٢٤٩ هل هي محاولة لوضع منهج في التفسير؟

(٥) «إعجاز القرآن والبلاغة النبوية» لمصطفى صادق الرافعي (٨١٩ﻫ)٢٥٠

ويستمر موضوع إعجاز القرآن عبر مراحل التاريخ من الماضي حتى العصر الحاضر. وهما موضوعان مستقلان؛ الأول «إعجاز القرآن» وهو جزء من تاريخ آداب العرب (ثلاثة أجزاء). والثاني دراسةٌ ملحقة بالأولى وتدل على استمرار بلاغة القرآن إلى بلاغة الحديث. فقد أوتي الرسول جوامع الكلم، وهو أفصح فصحاء العرب؛ فالبلاغة تنسب إلى النبي وليس إلى اللغة العربية، وكأنها مستقلة عنها. فالإعجاز ليس فقط في القرآن بل أيضًا في الحديث.

والأسلوب أدبيٌّ أخلاقي مثل كتب السيرة المعاصرة «على هامش السيرة» لطه حسين و«حياة محمد» و«في منزل الوحي» لمحمد حسين هيكل. لا فرق بينه وبين «تحت راية القرآن». ولا يخلو من منهج الدفاع والتفريط ضد اتهامات المستشرقين بالرغم من اتباع التاريخ الميلادي بين الحين والآخر بدلًا من الهجري. ويستعمل أسلوب المقال الأدبي وليس البحث العلمي. فالمؤلف أديب. ومعظم أعماله في الأدب والبلاغة. والموضوع لغوي. يعتمد على تحليل التجارب الإنسانية أكثر من الاعتماد على الحجج النقلية، القرآن أو الشعر.٢٥١ لذلك لا تُنقل أقوال القدماء. وقد تُستعمل الآية كأدب. فاللغة والقرآن، كلاهما يعودان إلى الفطرة. وفي الإشارة إلى القدماء، يميز بين القدماء والمحدثين إحساسًا بالتطور.٢٥٢ ويشير إلى بعض الفرق الكلامية القديمة مثل المعتزلة.٢٥٣ والفصول أقل لصالح تجميع الموضوعات.٢٥٤
ويقدم للكتاب ثلاثة كتاب من التيارات الفكرية الثلاثة الرئيسية الإصلاحي (رشيد رضا)، والليبرالي (سعد زغلول)، والعلمي العلماني (يعقوب صروف).٢٥٥
ويخلو الكتاب من أي موقف. بل هو أقرب إلى الدراسات الموضوعية العارضة الحديثة المعتمدة على المصادر والمراجع والتي لا تظهر في الغالب في الهامش كالعادة بل في صلب الصفحة مع اقتباساتٍ مباشرة مع التنبيه عليها بلفظ «انتهى» أو بالحرفين «أﻫ» أو تلخيص غير مباشر لمضمونها وأحيانًا أخرى لا يشار. يحلل الكتب كموضوعات في ذاتها.٢٥٦ وتُشرح الألفاظ في الهامش مساعدة للقارئ، وتتم المقارنة مع الوافد الغربي سواء الكتب المقدسة مثل التوراة والإنجيل دون تقديرٍ كافٍ لهما بمناسبة شبهة التحريف، أو أعلام الأدب والفلسفة الغربية أو القواد مثل نابليون. ويميل إلى علم اللسانيات النفسي والمنطق.٢٥٧ والإعجاز ليس بلاغيًّا فقط بل هو تشريعي أيضًا. بل يمتد الإعجاز الأدبي إلى الإعجاز العلمي السائد في هذا العصر.٢٥٨

(ب) وجوه الإعجاز

والتعرف على أسرار البلاغة في القرآن وردُّها إلى فنون البلاغة العربية هو محاولة لفهم أسرار الإعجاز. والتناقض هو إذا كان القرآن يسير وفقًا لأساليب البلاغة العربية فما الإعجاز؟

والإعجاز غير المعجزة.٢٥٩ المعجزة السابقة خرق لقوانين الطبيعة التي يعرفها الإنسان. فإذا ما ازدادت معرفته بها عرف أن كل حادثة تقع طبقًا لها. ولا شيء بمعجز في الطبيعة. كانت مهمتها قديمًا إثارة الخيال واسترعاء الانتباه وإدخال الناس في الإيمان.٢٦٠ ونجحت للأقلية، البقية الصالحة دون الأغلبية. ولما أتت أكبر معجزة؛ المسيح، بولادته وحياته ومعجزاته ورفعه إلى السماء ولم يؤمن بنو إسرائيل وظلوا على ماديتهم؛ تغير طريق الوحي إلى العرب، وتحوَّلت المعجزة إلى إعجاز، والدليل الحسي إلى دليلٍ عقلي. ففي آخر مرحلة من تطور الوحي أصبح العقل قادرًا على الفهم، والإرادة قادرةً على الاختيار، ولم يعد في حاجة إلى معجزةٍ حسية تخلب اللب، وتثير الخيال، بل إلى إعجاز يتحدى العقل والإرادة. المعجزة الحسية توقفت والمعجزة العقلية مستمرة إلى يوم الدين.٢٦١
ليس الإعجاز في كلام الله كصفة للذات بل في الوحي بعد أن تمت صياغته باللغة العربية في الزمان والمكان، ولدى شعبٍ معين، وفي ثقافةٍ محدودة. فلا يجوز التحدي بشيءٍ غير معلوم.٢٦٢
ليس الإعجاز بتحدي العرب بالكلام القديم الذي هو صفة للذات. فقد خرج هذا الكلام من العلم الإلهي، وتم تدوينه في اللوح المحفوظ المخلوق، ولم يعد قديمًا. ثم خرج من اللوح المحفوظ إلى ذهن جبريل المخلوق، فلم يعد قديمًا مرةً ثانية. ثم خرج من ذهن جبريل على لسانه باللغة العربية إلى محمد المخلوق، فلم يعد قديمًا للمرة الثالثة، ثم خرج من ذهن محمد على لسانه وبلغته للآخرين ومستوى فهمهم وثقافتهم فلم يعد قديمًا للمرة الرابعة.٢٦٣ ويقوم الكلام بثلاثة أشياء: لفظٌ حاصل، ومعنًى قائم، ورباطٌ ناظم.٢٦٤
وينظر إلى الإعجاز من وجهين؛ الأول الإعجاز في نفسه، والإعجاز بصرف الدواعي عن معارضة. الأول داخلي، والثاني خارجي.٢٦٥ ولا يعني الإعجاز الصرفة؛ لأن التحدي يتطلب الحرية. والصرف قيد منذ البداية، وتقيد الإنسان ومطالبته بالسير. فالصرفة تعني زوال الإعجاز بانقضاء زمن التحدي. وقد انقضى الزمن، والتحدي ما زال موجودًا.٢٦٦
الإعجاز مقولةٌ إنسانية للإنس وليس لموجوداتٍ أخرى متعالية على الحس وهو ما يسمى الجن.٢٦٧ وشروطه العلم باللغة العربية والذوق العربي والفطرة العربية السليمة.٢٦٨
والإعجاز صفة للوحي في آخر مرحلة في تطوره خلال مراحل النبوة وتدوين الوحي في التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى وكل ما يذكره القرآن. إذ لم تدون هذه الكتب في لحظة إعلانها. ولم تُحفظ بألفاظها بل بمعانيها. فهي أشبه بالتواتر المعنوي وليس بالتواتر اللفظي. والبعض منه لم يحتفظ بلغته الأصلية مثل الإنجيل. فقد تحدَّث المسيح بالآرامية. وفُقدت الأناجيل الآرامية. ولم تبقَ إلا الصيغ اليونانية (السبعينية)، ثم تُرجمت إلى اللاتينية (الفولجات)، ثم تُرجمت إلى باقي اللغات الأوروبية والشرقية.٢٦٩
ليس الإعجاز في الإخبار عن تاريخ الأولين من خلال القصص. فليس الوحي كتابًا في التاريخ. والتاريخ نفسه ليس معجزًا إذا ما توافرت الوثائق والحفريات. غاية القصص هي العبرة بالتاريخ، وبلورة الوعي التاريخي للعرب والمسلمين، ومعرفة قوانين التاريخ، والوحي في تطوره في آخر مرحلة تمت صياغته بناءً على التجريب في الزمان التاريخي.٢٧٠
ولا يعني الإعجاز الغيبي التنبؤ بالمستقبل. فتلك كانت وظيفة النبي عند بني إسرائيل. وما زالت بقاياها مستمرة عند قدماء المفسرين. بل يعني معرفة قوانين التاريخ ابتداءً من التحققات الماضية والحاضرة وإمكانية استشراف المستقبل. والإخبار بقصص الأولين لإثبات تحقق قوانين التاريخ في الماضي، وتحويل الوحي إلى وعي بالتاريخ. والإخبار بالغيب عن أمور المعاد جزء من العقائد مثل النبوة، يمثل مسار التاريخ من الماضي إلى المستقبل، وتؤكده التجربة الإنسانية. فكل مقدمات لها نتائج، وكل عمل له جزاء، وكل سبب له نتيجة. وكل نقص له تعويض، وكل ظلم له يوم يسود فيه العدل، «لك يوم يا ظالم!»٢٧١
والإخبار عن الضمائر دون إظهارها ليس إعجازًا منفصلًا عن الإعجاز البلاغي.٢٧٢ وقد انتبه القدماء إلى أن الإعجاز بلاغي لما في القرآن من نظم وتأليف وترصيف من أصناف البديع الموجودة في الشعر والحذق في البلاغة. وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلوب والسلامة من العيوب. هو التأليف الخاص وليس التأليف على الإطلاق، نظمه وصحة معانيه وفصاحة الألفاظ. وهي باقية بالرغم من تغير العصور وضعف التمكن من اللغة العربية وأساليب البلاغة وعلوم البيان جيلًا وراء جيل.٢٧٣ الإعجاز في النظم المخصوص في مراتب تأليف الكلام.٢٧٤ وهي خمس: ضم الحروف في كلمات، ثم ضم الكلمات في جمل، ثم ضم الجمل في مقاطع لها بدايات ونهايات، مداخل ومخارج وهو المنظوم، ثم تطابق آخر الجمل في السجع وهو المسجوع، ثم جُعل له وزن مثل الشعر وهو النظم أو الشكل الأدبي، المحاورة أو المخاطبة والمكاتبة أي الرسالة. وجه الإعجاز هو الإيجاز مع البلاغة، والرصف مع النظم، والتفرد كجنس في كلام العرب من نظم ونثر وخطب وشعر.٢٧٥ وجه الإعجاز في التأليف الخاص وليس مطلق التأليف.٢٧٦ وهو إعجازٌ دائم غير محدد بفترةٍ زمنيةٍ محددة.٢٧٧ ويكون الإعجاز في اللفظ والمعنى والملاءمة.٢٧٨ الألفاظ بالنقل، والمعاني بالعقل.
والتحدي ليس فقط بلاغيًّا أسلوبيًّا أدبيًّا بل هو أيضًا تحدٍّ تشريعي في العلوم الإنسانية. فلا يوجد حكمٌ شرعي إلا ويطابق التجربة البشرية الفردية والجماعية. يجمع بين المثالية والواقعية، بين ما ينبغي أن يكون وما هو كائن، بين القيم الإنسانية العامة والخصوصيات الثقافية، بين العزائم والرخص. ركز القدماء على الإعجاز البلاغي لأن العصر كان عصر لغة. في حين ينتبه المحدثون إلى الإعجاز التشريعي الإنساني لأن العصر عصر العلوم الإنسانية. وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي. ليس بمعنى العلوم الطبيعية كما هو سائد هذه الأيام، بل بمعنى احتوائه لعديد من العلوم الإنسانية كعلوم النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد والقانون.٢٧٩
وقد يكون الإعجاز في اختلاف المقامات وفي نفس الوقت وضع كل شيء في موضع يلائمه. وهو تعدد وتوحد في نفس الوقت مثل الموسيقى المتعددة الأصوات «البوليفونية» التي تجمع بين التقابل الصوتي «الكونترابونت» والانسجام «الهارموني». والأمثلة في القرآن على ذلك كثيرة.٢٨٠
ويشتمل القرآن على أعلى أنواع الإعجاز.٢٨١ وهو التركيب القائم على النسبة والاعتدال في إفادة المعنى. وتتفاوت مراتب الفصاحة. فالقرآن هو الأفصح والأصلح والأرشق والأجلى والأعلى.
وقد يكون الإعجاز بكل الوجوه السابقة. فالإعجاز مقصد، ومداخله متعددة.٢٨٢ والقرآن معجز كله وليس كمًّا. وليس الإعجاز في السور الطوال وحدها دون القصار بل إن القصار قد تكون أبلغ من الطوال، صحيح أن التحدي وقع بجزء أو بسورةٍ منه، فالعاجز عن القليل عاجز عن الكثير.٢٨٣
وقد يدرَك الإعجاز ولا يمكن وصفه. يُدرك بالفطرة السليمة وبالأثر المباشر في النفس.٢٨٤ يُدرَك بالذوق وليس بالتحليل العقلي لأساليب البلاغة وعلوم البيان والبديع. هو صنيعة في القلوب وتأثير في النفوس، لذة وحلاوة، وروعة ومهابة.٢٨٥ لذلك يُعلم الإعجاز بالإحساس والشعور والوجدان وليس بالاستدلال العقلي والتحليل اللغوي أي عن طريق علوم القرآن، وقد لا يمكن التعبير عنه.٢٨٦
والقرآن فن من القول لا يدركه إدراكًا مباشرًا إلا ذوو الفطر السليمة أو الشعراء. فقد أتى ليرث الشعر والقول الشعري.٢٨٧ الفرق عمليٌّ صرف، في تحول القرآن إلى عمل، وإقامة العمل على الأخلاق. في حين أن الشعر خيال، والخيال لا حدود له. وهو معنى الآية الشهيرة وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. ومع ذلك يلتقي الوحي والشعر إذا ما ارتبط بعض الشعراء بالأخلاق إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ. كلاهما يتبع صناعة الإيقاع وصناعة العروض. كلاهما يلتقي في موسيقى القرآن. والإيقاع ليس من فنون الملاهي بل هو إيقاع النفس. كتب فيه إخوان الصفا «رسالة الموسيقى»، تجمع بين الذوق والرياضيات والإحساس النفسي كما هو الحال في تصور القدماء للموسيقى عند الفارابي وغيره.٢٨٨ وكان الرسول إذا أَنشد شيئًا موزونًا على إيقاعٍ معين غيَّره. فالشعر والوحي يقومان على نفس الذوق.
وتنزيه القرآن عن أن يكون شعرًا، والنبي عن أن يكون شاعرًا، رغبةٌ طبيعية في إعلاء القرآن على حساب الشعر، والنبي على حساب الشاعر، تأكيدًا على الانفصال بين الماضي والحاضر، بين الجاهلية والإسلام، بين الأصالة والمعاصرة، وهو غير طريق الوحي الذي يؤكد على التواصل بين الماضي والحاضر، بين مراحل الوحي السابقة والمرحلة الأخيرة، بين اليهودية والمسيحية من ناحية والإسلام من ناحيةٍ أخرى.٢٨٩ والفصل بين الوحي والشعر هو فصل بين المحمول والحامل، بين النفس والبدن، بين المثال والواقع. ولا يعني ذلك إدخال القرآن في الشعر في صياغةٍ واحدة. حينئذٍ يبدو الشعر ركيكًا، ولا يبدو القرآن شعرًا.٢٩٠ بل يعني أن كليهما يقومان على الروح الشعرية.٢٩١
١  البرهان، ج٢، ٣٨٢–٥١٦، ج٣، ج٤، ٣–١٧٤.
٢  هو أكبر الأنواع كمًّا (٧٨٣ ص).
٣  الإتقان، ج٣، ٢٤٩–٢٨٩ صنَّف فيه ابن أبي الأصبع وأورد مائة نوع.
٤  ومنها: المجاز، الاستعارة، التشبيه، الكناية، الإرداف، التمثيل، الإيجاز، الاتساع، الإشارة، المساواة، البسط، الإيغال، التتميم، التكميل، الاحتراس، الاستقصاء، التذييل، الزيادة، الترديد، التكرار، التفسير، الإيضاح، نفي الشيء بإيجابه، المذهب الكلامي، القول بالموجب، المناقضة، الانتقال، الإسجال، التسليم، التمكين، التوشيح، التسهيم، رد العجُز على الصدر، تشابه الأطراف، لزوم ما لا يلزم، التخيير، التشجيع، التشريع والإيهام والتورية، الاستخدام، الالتفات، الاطراد، الانسجام، الإدماج، الافتنان، الاقتداء، ائتلاف اللفظ مع اللفظ، ائتلاف اللفظ مع المعنى، الاستدراك، الاستثناء، تأكيد المدح بما يشبه الذم، التفويف، التغاير، التقسيم، التدبيج، التبكيت، التضمين، الجناس، جمع المؤتلف والمختلف، حسن النسق، عتاب المرء نفسه والعكس، العنوان، الفوائد، القسم، المبالغة، المطابقة، المقابلة، المواربة، المراجعة، النزاهة، الإبداع، المقارنة، حسن الابتداء، حسن الختام، حسن التخلص، الاستطراد (السابق، ص٢٤٩).
٥  البرهان، ج٢، ٣٨٣، وهي: التوكيد، الحذف، الإيجاز، التقديم والتأخير، القلب، المدرج، الاقتصاص، الترقي، التغليب، الالتفات، التضمين، وضع الخبر موضع الطلب، وضع الطلب موضع الخبر، وضع النداء موضع التعجب، وضع القلة موضع الكثرة، تذكير المؤنث، تأنيث المذكر، التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي، التعبير عن الماضي بلفظ المستقبل، مشاكلة اللفظ للمعنى، النعت، الإبدال، المحاذاة، قواعد في النفي والصفات، إخراج الكلام مخرج الشك في اللفظ دون الحقيقة، الإعراض عن صريح الحكم، الهدم، التوسع، الاستدراج، التشبيه، الاستعارة، التورية والتجريد، التجنيس، الطباق، المقابلة، إلجام الخصم بالحجة، التقسيم، التعديد، مقابلة الجمع بالجمع، قاعدة فيما ورد في القرآن مجموعًا تارة ومفردًا أخرى، قاعدةٌ أخرى في الضمائر، قاعدة في السؤال والجواب، الخطاب بالشيء في اعتقاد المخاطب، التأدب في الخطاب، تقديم ذكر الرحمة على العذاب، الخطاب بالاسم، الخطاب بالفعل، قاعدة في ذكر الموصولات والظرف تارة وحذفها أخرى، قاعدة في النهي ودفع التناقض عما يوهم ذلك، وملاك ذلك الإيجاز والإطناب، الإجمال والإيجاز، التفصيل والإشباع.
٦  البرهان، ج١، ٣١١–٣١٧. وقد صنف فيه شمس الدين محمد بن النقيب مجلدَين مقدمة لتفسيره، وحازم الأندلسي «منهاج البلغاء وسراج الأدباء».
٧  «ولا شك أن هذه الصناعة تُفيد قوة الإفهام على ما يريد الإنسان ويراد منه ليتمكن بها من اتباع التصديق به وإذعان النفس له» (البرهان، ج١، ٣١٢–٣١٧).
٨  في وجوه مخاطباته، الإتقان، ج٣، ٩٩–١٠٧؛ البرهان، ج٢، ٢١٧–٢٥٣، ٣١٦–٣٨١.
٩  هناك عام يراد به العموم، وعام يراد به الخصوص، وخاص يراد به الخصوص، وخاص يراد به العموم، وخطاب الجنس والنوع والعين (السابق، ص٩٩).
١٠  ومنها المقطوع والموصول، السبب والإضمار، الوعد والوعيد، الحدود الأحكام، الخبر والاستفهام والأبهة، والحروف المصرفة، والإعذار والإنذار، والحجة والاحتجاج، والمواعظ والأمثال، والقسم (السابق، ص١٠٦-١٠٧).
١١  السابق، ج٢، ص٣١٦.
١٢  السابق، ج٢، ص٢٤٦–٢٥٣.
١٣  السابق، ج٤، ٥٥–٥٨ مثل أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.
١٤  السابق، ص٥٨، مثل: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ.
١٥  الإتقان، ج٣، ٢٢٥–٢٤٨؛ السابق، ج٢، ص٣١٧–٣٢٦.
١٦  مثل: الإنكار، التوبيخ، الاعتراف، التعجب، العتاب، التذكير، الافتخار، التفخيم، التهويل والتخويف، التسهيل والتخفيف، التهديد والوعيد، التكثير، التسوية، الأمر، التنبيه، الترغيب، النهي، الدعاء، الاسترشاد، التمني، الاستبطاء، العرض، التحضيض، التجاهل، التعظيم، التحقير، الاكتفاء، الاستبعاد، الإيناس، التهكم، الاستهزاء، التأكيد (السابق، ص٢٣٥–٢٤٠).
١٧  السابق، ج٢، ص٣١٧.
١٨  السابق، ج٣، ص٣٤٧–٣٤٩.
١٩  السابق، ص٣٥٠–٣٥٢.
٢٠  مثل: الندب، الإباحة، الدعاء، التهديد، الإهانة، التسخير، التعجيز، الامتنان، العجب، التسوية، الإرشاد، الاحتقار، الإنذار، الإكرام، التكوين، الإنعام، التكذيب، المشورة، الاعتبار، التعجب (الإتقان، ج٣، ٢٤٢-٢٤٣؛ البرهان، ج٢، ٣٢٠–٣٢٦).
٢١  مثل: الكراهة، الدعاء، الإرشاد، التسوية، الاحتقار والتقليل، وبيان العاقبة، واليأس، والإهانة (السابق، ص٢٤٣-٢٤٤).
٢٢  البرهان، ج٢، ٣٢٣.
٢٣  السابق، ص٣٢٣–٣٢٦.
٢٤  السابق، ص٣٢٦.
٢٥  السابق، ج٣، ٢٥٣-٣٥٤.
٢٦  السابق، ج٣، ٣٧٢–٣٧٦.
٢٧  السابق، ج٢، ٣٨٤–٥١٦، ج٣، ٣–١٠٢.
٢٨  السابق، ص٣٨٥.
٢٩  السابق، ص٣٨٥–٤٢٢.
٣٠  السابق، ص٣٨٥–٣٩١.
٣١  السابق، ص٣٩١–٤٠٤.
٣٢  السابق، ص٤٠٥–٤١٧.
٣٣  السابق، ص٤١٧–٤٢٢.
٣٤  الإتقان، ج٢، ١٧٣-١٧٤؛ البرهان، ج٤، ٢٢٩-٢٣٠.
٣٥  البرهان، ج٤، ٢٣١.
٣٦  الإتقان، ص٢٠٠-٢٠١.
٣٧  البرهان، ج٢، ٤٢٢–٤٥٣.
٣٨  السابق، ج٢، ٤٢٢–٤٢٩.
٣٩  السابق، ج٢، ٤٢٩–٤٥٣.
٤٠  السابق، ص٤٥٣–٤٦٢.
٤١  السابق، ص٤٦٢–٤٦٤.
٤٢  الإتقان، ج٢، ٣١٩–٣٢٣؛ البرهان، ج٤، ١٠١–١١٧.
٤٣  البرهان، ج٤، ١١٧.
٤٤  السابق، ص١٠٧–١١٠.
٤٥  السابق، ص١١٣-١١٤.
٤٦  السابق، ص١١٤–١١٧.
٤٧  السابق، ج٢، ٤٧٢–٤٧٧.
٤٨  السابق، ج٣، ٤٧٥–٤٧٧. مثل: الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ.
٤٩  السابق، ج٢، ٤٦٢–٤٧٢.
٥٠  السابق، ص٤٧٧–٤٨٢.
٥١  السابق، ج٣ ص٣–٦.
٥٢  السابق، ص٦–٨.
٥٣  السابق، ص٨.
٥٤  السابق، ج٢، ص٥٠٢–٥١٦.
٥٥  وفي المثل الشعبي «التكرار يعلم الشطار» وفي نقلٍ آخر بالرغم من قلة ذوقها «التكرار يعلم الحمار».
٥٦  مثل قصة إبليس في السجود لآدم، وقصة موسى (٧٠ مرة)، وقصة نوح (٢٥ مرة).
٥٧  البرهان، ج٣، ص٢٥–٢٩.
٥٨  السابق، ص٢٩-٣٠.
٥٩  السابق، ص٣٠–٣٣. تذكر قصص قوم نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وموسى في سورة الأعراف وهود والشعراء دون قصة إبراهيم المذكورة في سور الأنبياء ومريم والعنكبوت والصافات.
٦٠  مثل فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا، السابق، ص٣٣-٣٤.
٦١  السابق، ص٣٤–٣٦.
٦٢  السابق، ص٧٠–٩٠.
٦٣  السابق، ص٦٨–٧٠.
٦٤  السابق، ص٧٠.
٦٥  السابق، ص٤٧-٤٨.
٦٦  السابق، ص٥٢–٥٦.
٦٧  السابق، ص٣٨–٤٠.
٦٨  السابق، ص٣٦–٣٨.
٦٩  السابق، ج٢، ٩، ج٣، ٩١–١٠١.
٧٠  السابق، ج٣، ٤٠–٤٦.
٧١  الإتقان، ج٢، ١٨٨.
٧٢  السابق، ج٤، ٤٦–٥١؛ البرهان، ج٢، ٣٧٤. صنف فيه ابن القيم «التبيان» (مجلدان).
٧٣  وهذا مثل نظرية الصدق الإلهي عند ديكارت الذي جعل يقين العلوم معتمدًا على الصدق الإلهي.
٧٤  البرهان، ج٣، ٤٨–٥١.
٧٥  السابق، ص٥٦–٦٤.
٧٦  السابق، ص٦٤–٦٨.
٧٧  السابق، ص١٠٢–٢٣٢.
٧٨  السابق، ص١٠٢–١٠٤.
٧٩  مثل: الاقتطاع لبعض حروف الكلمة، الاكتفاء بذكر شيء من شيئَين بينهما تلازم، والاحتباك وهو الحذف المقابلي، حذف من الأول، ثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما ثبت نظيره في الأول، والاختزال لحذف الاسم أو الفعل أو الحرف أو أكثر من ذلك، وحذف الاسم مثل المضاف والمضاف إليه والمبتدأ والموصوف والصفة والمعطوف عليه والبدل والفاعل والمفعول والحال والعائد والحال. وحذف الفعل إذا كان مفسرًا أو يكثر في جواب الاستفهام والقول، وحذف الحرف مثل همزة الاستفهام وحرف الجر والعاطف وإلغاء حرف النداء، وقد ولا النافية ولام الأمر ونون التوكيد والتنوين ونون الجمع وحركة الإعراب والبناء وحذف أكثر من كلمة مثل حذف مضافين أو ثلاثة والجار والمجرور والعاطف والمعطوف، وفعل الشرط وجواب الشرط، وجملة القسم (الإتقان، ج٣، ١٨٠–١٩٢).
٨٠  البرهان، ج٣، ١٠٤-١٠٥.
٨١  مثل مجرد الاختصار والاحتراز عن العبث، والتنبيه على أن الزمان يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف والتفخيم والإعظام، والتخفيف لكثرة الدوران في الكلام، أنه لا يصلح إلا له، وشهرته، والصيانة عن الذكر تشريفًا، صيانة اللسان، وقصد العموم، ورعاية الفاصلة، وقصد البيان بعد الإبهام (الإتقان، ج٣، ١٧٠–١٧٤).
٨٢  مثل: وجود دليل مثل العقل على التعيين والعادة والشروع في الفعل والصناعة النحوية، ألا يكون المحذوف كالجزء، ألا يؤدي المحذوف إلى اختصار المختصر، ألا يكون عاملًا ضعيفًا، ألا يكون عوضًا عن شيء، ألا يؤدي إلى تهيئة العامل القوى (السابق، ص١٧٤–١٧٨).
٨٣  السابق، ص١٧٨–١٨٠.
٨٤  البرهان، ج٣، ١٠٥–١٠٨.
٨٥  السابق، ص١٠٨–١١١.
٨٦  السابق، ص١١١–١١٧.
٨٧  السابق، ص١١٧–١٣٤.
٨٨  السابق، ص١٣٥–١٩٨.
٨٩  السابق، ج٣، ١٩٨–٢٠٩.
٩٠  السابق، ص٢٠٩–٢٢٠.
٩١  الإتقان، ج٣، ١٦١–٢٢٤.
٩٢  وبهذا المعنى يكون اختصار ابن سينا «الشفاء» في «النجاة» اختصارًا وليس إيجازًا، في حين أن الملخصات بالنسبة للشروح عند ابن رشد، والجوامع بالنسبة للملخصات إيجاز.
٩٣  السابق، ص١٦١–١٧٠.
٩٤  البرهان، ج٣، ٢٢٠–٢٣٢.
٩٥  وتكون الزيادة بحروف التوكيد والأحرف الزائدة. والتأكيد الصناعي بالمعنى واللفظ والفعل والحال. والتكرار بالتقرير والتنبيه والتذكير والتعظيم والتهويل. والصفة للتخصيص في الفكرة والتوضيح والمدح والثناء والذم، والبدل، وعطف البيان، وعطف أحد المترادفين فيه على الآخر، وعطف الخاص على العام والعام على الخاص، والإيضاح بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال، والتفسير، ووضع الظاهر موضع المضمر لزيادة التقرير، والتعظيم والإهانة والتحقير وإزالة اللبس، وتربية المهابة وتقوية داعية المأمور، والاستلذاذ بالذكر، والتوصل من الظاهر إلى الوصف، وقصد العموم والخصوص، والإشارة والجناس واستبدال الضمير، والإيغال وهو الإمعان، والتذييل، والطرد والعكس، والتكميل، والتتميم، والاستقصاء، والاعتراض، والتعليل (الإتقان، ج ٣، ١٩٣–٢٢٤).
٩٦  البرهان، ج٣، ص٣٠٠.
٩٧  السابق، ج٢، ٤٨٢–٤٩٩.
٩٨  السابق، ج٣، ٩٠.
٩٩  السابق، ص٣٣–٤١؛ الإتقان، ج٣، ٢٣٣–٣٨٧.
١٠٠  البرهان، ج٣، ٢٣٣–٢٣٧.
١٠١  السابق، ص٢٣٨–٢٧٥.
١٠٢  السابق، ص٢٧٥–٢٨٣.
١٠٣  السابق، ص٢٨٤–٢٨٧.
١٠٤  السابق، ص٢٩٦.
١٠٥  الإتقان، ج٣، ٢٦٧.
١٠٦  السابق، ص٢٦٩-٢٧٠.
١٠٧  السابق، ص٣٧٤–٣٧٧.
١٠٨  السابق، ص٢٧٩–٢٨٢.
١٠٩  البرهان، ج٣، ٤٤٤–٤٤٧.
١١٠  الإتقان، ج٣، ٢٥٠–٢٥٢.
١١١  السابق، ص٢٥٣–٢٥٩.
١١٢  السابق، ص٢٥٩.
١١٣  مثل الطويل والبسيط والوافر والكامل والهزج والرجز والرمل … إلخ (السابق، ص٢٥٩–٢٦١).
١١٤  السابق، ص٢٦١.
١١٥  السابق، ص٢٦٤-٢٦٥.
١١٦  السابق، ص٢٧١–٢٧٤.
١١٧  السابق، ص١٤٣–١٤٧؛ البرهان، ج٢، ٣٠٠–٣١٥، ألَّف فيها أبو عبيد وغيره كتابًا في الأمثال.
١١٨  كنَّى الرسول بشد المئزر عن الامتناع عن الجماع، وكنى بالعُسيلة عن الجماع حياء (البرهان، ص٣٠٠).
١١٩  السابق، ص٣١٠-٣١١.
١٢٠  السابق، ص١٤٧-١٤٨؛ البرهان، ج٢ ص٣٠١، ٣١٠.
١٢١  البرهان، ج٢، ٣١٢–٣١٤.
١٢٢  السابق، ص٣١٤-٣١٥.
١٢٣  الإتقان، ج٣، ١٢٨–١٤٢.
١٢٤  السابق، ص١٢٨-١٢٩؛ البرهان، ج٣، ٤١٦.
١٢٥  الإتقان، ص١٢٩؛ البرهان، ج٣، ٤٢٠-٤٢١.
١٢٦  الإتقان، ص١٣٠؛ البرهان، ج٣، ٤٢٢-٤٢٣.
١٢٧  وصنف فيه أبو القاسم بن البندار البغدادي «الجمان»، الإتقان، ج٣، ١٢٨؛ البرهان، ج٣، ٤١٤–٤٣١.
١٢٨  البرهان، ج٣، ٤١٤–٤٢٠.
١٢٩  الإتقان، ج٣، ١٣١-١٣٢؛ البرهان، ج٣، ٤٢١-٤٢٢.
١٣٠  الإتقان، ج٣، ص١٣٢-١٣٣.
١٣١  السابق، ج٣، ١٣٣؛ البرهان، ج٣، ٤٢٣–٤٣١.
١٣٢  الإتقان، ج٣، ١٤٠-١٤١؛ البرهان، ج٣، ٤٣٢–٤٣٤.
١٣٣  البرهان، ج٣، ٤٣٨.
١٣٤  الإتقان، ج٣، ١٣٣–١٣٥؛ البرهان، ج٣، ٤٣٢–٤٤٤.
١٣٥  الإتقان، ص١٣٥–١٣٧؛ البرهان، ج٣، ص٤٣٥–٤٣٧.
١٣٦  الإتقان، ص١٤٠؛ البرهان، ج٣، ٣٤١–٣٤٤.
١٣٧  الإتقان، ج٣، ١٣٧–١٤١.
١٣٨  البرهان، ج٢، ٣٥١–٣٥٩.
١٣٩  السابق، ص٣٥٩–٣٦٤.
١٤٠  السابق، ص٢٦٤-٢٦٥.
١٤١  السابق، ص٣٦٥-٣٦٦.
١٤٢  السابق، ص٣٦٦-٣٦٧.
١٤٣  السابق، ص٣٦٧.
١٤٤  السابق، ج٢، ٣٦٨-٣٦٩.
١٤٥  السابق، ص٣٦٩–٣٧٤.
١٤٦  السابق، ص٣٧٤.
١٤٧  السابق، ج٣، ٣٩٣-٣٩٤.
١٤٨  السابق، ص٣٩٥–٤٠١.
١٤٩  السابق، ص٤٠٢–٤٠٧.
١٥٠  السابق، ص٤٠٨.
١٥١  السابق، ص٤٠٧.
١٥٢  السابق، ج٣، ٣١٤–٣٣٧.
١٥٣  السابق، ص٣١٤–٣٢٥.
١٥٤  السابق، ج٣، ٣٢٥–٣٣١.
١٥٥  السابق، ص٣٣١–٣٣٣.
١٥٦  السابق، ج٣، ٣٣٣–٣٣٧.
١٥٧  السابق، ج٣، ٣٣٨–٣٤٦.
١٥٨  الإتقان، ج٣، ٢٦٢–٣٦٤.
١٥٩  السابق، ص٢٦٦.
١٦٠  السابق، ص٢٦٩–٢٧١.
١٦١  السابق، ص٢٧٨.
١٦٢  السابق، ص٢٨١-٢٨٢.
١٦٣  البرهان، ج٣، ص٤٤٨-٤٤٩.
١٦٤  الإتقان، ج٣، ٢٦٨-٢٦٩.
١٦٥  السابق، ص٢٨٢–٢٨٤.
١٦٦  السابق، ص٢٨٤–٢٨٩.
١٦٧  البرهان، ج٣، ٤٥٨–٤٦٦ مثال النظيري لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ.
١٦٨  السابق، ج٣، ٤٦٤–٤٦٦.
١٦٩  السابق، ص٤٦٧ مثل لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ.
١٧٠  السابق، ج٤، ٣–٢٢ مثل سماء وسموات، جنة وجنات.
١٧١  السابق، ج٤، ٢٢. مثل إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ.
١٧٢  السابق، ص٢٣-٢٤ مثل وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ.
١٧٣  السابق، ج٣، ٣٨٨–٣٩٠.
١٧٤  السابق، ج٣، ٣٨٧.
١٧٥  السابق، ص٣٩١-٣٩٢.
١٧٦  السابق، ج٣، ٤٥٠–٤٥٤. مثل: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ.
١٧٧  ظاهريات التأويل، ص١٨٦–٢١٠.
١٧٨  البرهان، ج٣، ٢٩٤-٢٩٥.
١٧٩  السابق، ج٣، ٢٩٧-٢٩٨.
١٨٠  السابق، ج٣، ٣٠١. مثل: حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
١٨١  السابق، ج٣، ٣٧٧.
١٨٢  السابق، ص٣٧٨–٣٨٦.
١٨٣  السابق، ص٤٥٥–٤٥٧. مثل: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا.
١٨٤  مثل: مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا، مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا.
١٨٥  الإتقان، ج٢، ٣٠٦–٣١٠؛ البرهان، ج٤، ٧٨–٨٧.
١٨٦  البرهان، ج٤، ١١٧–١٢٠. مثل ثَانِيَ اثْنَيْنِ.
١٨٧  مثل: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ.
١٨٨  مثل: تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ.
١٨٩  السابق، ج٣، ٤٠٩-٤١٠، مثال ذلك وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ.
١٩٠  السابق، ج٣، ٤١١ مثل وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ.
١٩١  السابق، ج٣، ٢٩٩.
١٩٢  السابق، ج٣، ٤١٢ مثل وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ … ، مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ، إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ.
١٩٣  السابق، ج٣، ٣٠٢–٣١٣.
١٩٤  السابق، ج٣، ٢٨٨–٢٩٣.
١٩٥  السابق، ج٣، ٤٧١–٤٧٤.
١٩٦  الإتقان، ج٣، ١٤٩–١٦٠.
١٩٧  مثل: النفي والاستثناء، إنما للتعريض، إن للإثبات وما للنفي، إن للتأكيد، تقديم المعمول، ضمير الفصل، تقديم المسند إليه، تقديم المسند، ذكر المسند إليه، تعريف الجزأين، التأكيد بالنفس، قلب بعض حروف الكلمة.
١٩٨  البرهان، ج٣، ٣٥٥–٣٥٨.
١٩٩  الإتقان، ج٢، ٢٩٩–٣٠٦، وقد ألَّف أبو الحسن الأخفش كتابًا في الإفراد والجمع مع أمثلة كثيرة.
٢٠٠  السابق، ج٣، ص٣٣٩–٣٤٤؛ البرهان، ج١، ١١٢ ألَّف فيه كثيرون مثل الكسائي، ونظمه السخاوي، وألَّف الكرماني في توجيهه «البرهان في متشابه القرآن»، والرازي «درة التنزيل غرة التأويل» وأبو صقر بن الزبير «ملاك التأويل»، وابن جماعة «كشف المعاني من متشابه المثاني»، وألَّف السيوطي «قطف الأزهار في كشف الأسرار».
٢٠١  البرهان، ج١، ١٣٣–١٥٤.
٢٠٢  الإتقان، ج٤، ٧٩–١٠٠، البرهان، ج١، ١٥٥–١٦٣، ألَّف فيه السهيلي «التعريف والإعلام» وابن عساكر «التكميل والإتمام»، وابن جماعة والسيوطي.
٢٠٣  يعطي السيوطي ٢٤٣ مثلًا.
٢٠٤  البرهان، ج١، ١٦٠–١٦٣.
٢٠٥  الإتقان، ج٤، ٣٨–٤٥. وصنَّف فيه أبو الحسن الماوردي.
٢٠٦  الإتقان، ج٤، ٥٢–٥٧. صنف فيه الطوخي.
٢٠٧  البرهان، ج٣، ٢٤–٢٧.
٢٠٨  السابق، ج٣، ٤٦٨–٤٧٠.
٢٠٩  الإتقان، ج٤، ٢٤–٣٧.
٢١٠  «قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء. أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها …» (السابق، ج٤، ٣٣).
٢١١  كالخياطة والحدادة والتجارة والغزل والنسج والفلاحة، وعلوم الصيد مثل الغوص والصياغة والزجاجة والفخارة والملاحة والكتابة والخبز والطبخ والغسل والقصارة والجزارة والبيع والصبغ والحجارة والكيالة والوزن والرمي، وضروب من المأكولات والمشروبات والمنكوحات.
٢١٢  في التوحيد معرفة المخلوقات ومعرفة الخالق أسماءه وصفاته وأفعاله. والتذكير هو الوعد والوعيد والجنة والنار وتصفية الظاهر والباطن. والأحكام هي التكاليف وبيان النافع والضار والأمر والنهي والندب.
٢١٣  وهي: الإعلام، التشبيه، الأمر والنهي، الوعد والوعيد، الجنة والنار، الإقرار باسم الله وصفاته وأفعاله، الاعتراف بإنعامه، الاحتجاج على المخالفين، الرد على الملحدين، الرغبة والرهبة، الخير والشر، الحسن والقبح، نعت الحكمة، فصل المعرفة، مدح الأبرار، ذم الفجار، التسليم، التحسين، التوكيد والتفريغ، ذم الأخلاق، شرف الأدب (السابق، ج٤، ٣٢-٣٣).
٢١٤  السابق، ج٤، ٥٩–٦٣.
٢١٥  السابق، ج٤، ٦٣–٦٦.
٢١٦  السابق، ج٣، ٤١٣، إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
٢١٧  كيفية الوقوف على إعجاز القرآن (١٢٩)، البديع من الكلام (٤٤)، الدلالة «على أن القرآن معجز»، وصف وجوه البلاغة (١٩)، جملة وجوه إعجاز القرآن (١٨)، نفي السجع عن القرآن (١١)، نفي الشعر عن القرآن (٨)، الإعجاز (٦)، كلام الرسول وأمور تتصل بالإعجاز (٥)، نبوة النبي معجزتها القرآن، قدر المعجز من القرآن، حقيقة المعجز (٤)، شرح ما بينَّا من وجوه الإعجاز (٣)، التحدي، ما ينطق به الإعجاز (٢).
٢١٨  الشعر ص٦٧–٦٩، ٧٠، ٧٦، ٨٢–٨٤، ٩٠، ٩٢-٩٣، ٩٦، ١٠٣، ١٤١، ١٤٥، ١٤٦، ١٤٨، ١٥، ١٧١، ١٧٨، ١٨٦، ١٩٥، ١٩٧–٢٠٨، ٢٣٣–٢٣٥، ٢٣٧–٢٦٣، ٢٦٥. ولا تكاد تخلو صفحة من عدة آيات.
٢١٩  يذكر أبو الحسن الأشعري ٤ مرات (إعجاز القرآن، ص٨٩، ٢٧٥، ٢٧٦، ٢٧٩)، والمعتزلة مرةً واحدة ص٢٧٥، ويشار إلى المتكلمين.
٢٢٠  من العقيدة إلى الثورة، ج٤ النبوة والمعاد، ص١٨٢–٢٠٤.
٢٢١  الباقلاني، إعجاز القرآن، ص١٤٤.
٢٢٢  السابق، ص١٥٩–١٦٤.
٢٢٣  السابق، ص٧٧، ٢٣٤، ٢٦٨.
٢٢٤  وقد جمع سيد قطب بين تجارب الشاعر والناقد والمفسر والسياسي.
٢٢٥  الإمام عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة في علم البيان. صححها على نسخة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده التي قرأها ودرسها في الجامع الأزهر وأودع فيها جُلَّ تعليقاته على حواشيها ووضع بجانبها حرف (شي) المقتطع من كلمة شيخنا، وعلَّق على حواشيه السيد محمد رشيد رضا، منشي المنار، رحمه الله تعالى، محمد علي صبيح وأولاده، ط٦، ١٣٧٩ﻫ/١٩٥٩م.
٢٢٦  ذلك مثل كمال أبو الديب، وجابر عصفور في أحد مراحل حياته العلمية.
٢٢٧  أسرار البلاغة، ص٣، ٢٣٨، ٢٤٣.
٢٢٨  الأشعار (٤٣٧)، الآيات (٤٤)، الأحاديث (٦).
٢٢٩  الشعر المجهول المؤلف (١٠٠)، ابن المعتز (٤٤)، ابن الرومي، البحتري (٢٨)، امرؤ القيس (١٦)، قيس ابن الحطيم (١٥)، المتنبي (١٤)، الفرزدق (١٢)، ابن لنك، ابن نباته (٦)، مزرد، الصنوبري، النسبي (٤)، الحطيئة، لبيد، رؤبة، الخوارزمي، القاضي أبو الحسن، أبو العتاهية، كشاجم، ابن فارس، المهيلي، الوزير، علي محمد بن جعفر، التنوخي (٢).
٢٣٠  الإمام عبد القاهر الجرجاني. صحح أصله علَّامتا المعقول والمنقول الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، والأستاذ اللغوي المحدث الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي. ووقف على تصحيح طبعه وعلق على حواشيه السيد محمد رشيد رضا، منشي المنار، رحمه الله ورضي عنه، مكتبة القاهرة ١٣٨١ﻫ/١٩٦١م.
٢٣١  الأشعار (٤٢٧)، الآيات (١١٩)، الأحاديث (١٩).
٢٣٢  الشعراء: المتنبي (٣٦)، البحتري (٣٣)، أبو تمام (٣١)، الفرزدق (١٢)، أبو نواس (١١)، بشار (٨)، امرؤ القيس، ابن المعتز (٦)، ابن الرومي، حسان، لبيد (٤)، جرير، ابن هرمه (٣)، النابغة الجعدي، أرطأة بن سُهية، كعب، الخنساء، الأعشى، دعبل، الحطيئة (٢)، الحسن البصري، ذو الرمة، أمية بن أبي الصلت، خالد بن يزيد، مصعب بن الزبير، الحميري، قس بن الحصين، وعشرات آخرون (١).
٢٣٣  دلائل الإعجاز، ص٤٣.
٢٣٤  الشيخ الإمام العلامة حافظ عصره ووحيد دهره أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبو بكر السيوطي: معترك الأقران في إعجاز القرآن، ضبطه وصححه وكتب فهارسه أحمد شمس الدين (ثلاثة أجزاء)، دار الكتب العلمية، بيروت ١٤٠٨ﻫ/١٩٨٨م.
٢٣٥  السابق، ج١، ٣–١٢.
٢٣٦  السابق، ج١، ٤.
٢٣٧  السابق، ج١، ٦.
٢٣٨  التحليل الكمي للأبواب: (١) (١٠)، (٢) (١)، (٣) (٢٠)، (٤) (١٥)، (٥) (١٨)، (٦) (٧)، (٧) (١٠)، (٨) (٢٠)، (٩) (١٨)، (١٠) (٧)، (١١) (٨)، (١٢) (١١)، (١٣) (٩)، (١٤) (٨)، (١٥) (٦)، (١٦) (٣)، (١٧) (٨)، (١٨) (١)، (١٩) (١)، (٢٠) (٢)، (٢١) (١)، (٢٢) (١)، (٢٣) (١٦)، (٢٤) (١٤)، (٢٥) (٦)، (٢٦) (٤١)، (٢٧) (٣٨)، (٢٨) (٢٢)، (٢٩) (٥)،(٣٠) (٥)، (٣١) (٦)، (٣٢) (٩)، (٣٣) (١٩)، (٣٤) (٢)، (٣٥) (١١٦٤).
٢٣٩  السابق، ج٢، ٢٢٦–٢٥١.
٢٤٠  السابق، ج٢، ٢٥٢–٢٩٩.
٢٤١  السابق، ج٢، ٣٨٧، ٦١٦.
٢٤٢  السابق، ص٩٨، ٢٩٢-٢٩٣.
٢٤٣  السابق، ج١، ١٩، ٤٤، ٦٣، ١١٥، ١١٧، ٢٧٧، ٣١٢؛ ج٢، ١٧، ٣٦، ٧٦، ٢٤١، ٢٤٣، ٢٩٥، ٣٤٦، ٣٧٠، ٣٨٨، ٤٧١، ٥١٠، ٥١١؛ ج٣، ١٥، ٩٥، ١٠٥، ١٧٧، ١٩٤، ٢٢٥، ٢٧٠-٢٧١، ٣٠١، ٣٠٤، ٣١٨، ٣٢٤، ٤٧٣، ٤٩٨.
٢٤٤  السابق، ج٣، ١٦، ٢٧، ١٤٩.
٢٤٥  السابق، ج٣، ٥٠١.
٢٤٦  السابق، ج٣، ١٩٧–٢٠٠.
٢٤٧  السابق، ج٣، ٤٥٢–٤٦٢.
٢٤٨  المعية الزمانية Synchronic، التوالي الزماني Diachronic.
٢٤٩  السابق، ج٣، ٤٦٣–٤٧٢.
٢٥٠  مصطفى صادق الرافعي: إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١. ٢٠٠٣م/١٤٢٤ﻫ.
٢٥١  استعمل الشعر خمس مرات (السابق، ص١٤٣، ١٠٣، ٢٠١، ٢١٢، ٢١٦) والقرآن والحديث مراتٍ عديدة.
٢٥٢  السابق، ص٨٤.
٢٥٣  السابق، ص١٠١.
٢٥٤  خمسة في إعجاز القرآن، واثنان في البلاغة النبوية.
٢٥٥  إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، ص٥، ١٢–١٧.
٢٥٦  السابق، ص٢١٩.
٢٥٧  الفلاسفة الغربيون، السابق، ص٧٣، ٧٥-٧٦، ٧٨، الأدب الفرنسي، ص٦٧، نابليون ٦٩.
٢٥٨  السابق، ص١٨٤–١٨٧.
٢٥٩  الإتقان، ج٤، ٣–٢٣؛ البرهان، ج٢، ٩٠–١٢٤. ألَّف فيه الخطابي، والرماني، والزملكاني، والرازي، وابن سراقة، والباقلاني، وعزيزي.
٢٦٠  اعلم أن المعجزة أمرٌ خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضين. وهي إما حسية وإما عقلية. وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبَلادَتهم وقلَّة بصيرتهم. وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خُصَّت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذوو البصائر كما قال : «ما من الأنبياء نبي إلا أُعطي ما مثله آمن عليه البشر. وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ. فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا» (السابق، ص٣).
٢٦١  «إن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، فلم يشهدها إلا من حضرها. ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة. وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته …» (السابق، ص٣).
٢٦٢  السابق، ج٢، ٩٣.
٢٦٣  الإتقان، ج٤، ٦، ١١.
٢٦٤  السابق، ص١٣.
٢٦٥  البرهان، ج٢، ٩٢.
٢٦٦  الإتقان، ج٤، ٦–٧، ١١، ١٥؛ البرهان، ج٢، ٩٣–٩٥، ١٢٣ وهو قول النظام.
٢٦٧  الإتقان، ج٤، ١٩؛ البرهان، ج٢، ١١١.
٢٦٨  البرهان، ج٢، ١١١-١١٢، ١٢٣.
٢٦٩  الإتقان، ج٤، ٢١.
٢٧٠  البرهان، ج٢، ٩٦.
٢٧١  الإتقان، ج٤، ٧، ١٥-١٦؛ البرهان، ج٢، ٩٥.
٢٧٢  البرهان، ج٢، ٩٦.
٢٧٣  الإتقان، ج٤، ٨، ١٦؛ البرهان، ج٢، ٩٧–١٠٠.
٢٧٤  السابق، ص١٠-١١.
٢٧٥  السابق، ١٤.
٢٧٦  البرهان، ج٢، ٩٥.
٢٧٧  السابق، ج٢، ١٠٥.
٢٧٨  السابق، ج٢، ١٧٤-١٧٥.
٢٧٩  من العقيدة إلى الثورة، ج٤، النبوة والمعاد، ص٢٠١–٢٠٤.
٢٨٠  البرهان، ج٢، ١١٨–١٢٠.
٢٨١  السابق، ج٢، ١٢١–١٢٣.
٢٨٢  السابق، ج٢، ١٠٦-١٠٧.
٢٨٣  الإتقان، ج٤، ١٧-١٨، ٢٣؛ البرهان، ج٢، ١٠٨–١١١.
٢٨٤  الإتقان، ج٤، ١٢، ١٤، ١٦-١٧؛ البرهان، ج٢، ١٢٤.
٢٨٥  «قارئه لا يكلُّ، وسامعه لا يملُّ وإن تكررت عليه تلاوته» (السابق، ص١٥؛ البرهان، ج٢، ١٠١-١٠٢).
٢٨٦  السابق، ص١٨؛ البرهان، ج٢، ١٠٠–١٠٦.
٢٨٧  السابق، ج٢، ١١٢-١١٣.
٢٨٨  يُروى عن الرسول قوله «لستُ من دَدٍ، ولا ددٌ مني.» ويعني الإيقاع.
٢٨٩  البرهان، ج٢، ١١٣–١١٧.
٢٩٠ 
وقلت لما حاولوا سلوتي
(هيهات هيهات لما توعدون)
أو: وفتية في مجلس وجوههم
ريحانهم، قد عدموا التثقيلا
دانية عليهم ظلالها
(وَذللت لهم قطوفها تذليلًا)
السابق، ص١١٤.
٢٩١  وهو الفرق عند المحدثين بين الشعر Poetry والشعرية Poetics.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤