معرض صور

لا تظني أن في هذي الصُّوَرْ
ما يؤاسي النفس أو يُغري النظرْ
هي تاريخٌ لماضينا كما
قلتِ إلا أنه عافي الأثر
والذي أحمل في ذاكرتي
هو أبقى منه معنى وخبر
أبعديها، صورًا عارية
من جمال اللون، من عِطر الزهر
من ظِلال الأيك في صبح المُنى

من حديث الكأس

في نجوى السَّمرْ

إن تكن ذاكرتي قد نسيت
بعض أشياء فنسْيٌ يغتفر
إنها أبقت على حلم الهوى
وملذات الليالي والسحَر
كلما ناديتها عادت إلى
خاطري تحمل آياتٍ غُررْ
من هبوب الريح، من رائحة
البحر والأشجار، من ضوء القمرْ
من رحيق القُبل الحمراء في
منحنى الوادي وأعطاف الشجرْ
ودموع وابتسامات لها
لذة العفو ومعسول الخفَرْ
ودروب كم تخاصمنا بها
وتصالحنا كما شاء القدر
ومن البيت إلى المعبد في
نزهةٍ ما بين صحوٍ ومطر
وعلى درَّاجتينا عقَدَ
الزهرُ في البستان إكليل الظفر
كل أعياد التصابي والرضا
وأغانينا، ورنات الوَتر …
أين هذا العرض منها يا ترى
أين من تذكارها هذي الصورْ؟
صور لم تُبقِ لي مما مضى
ما به أحيي حياتي وأسر
هي نعش درج الماضي به
مثلما يُدرج حيٌّ في الحُفرْ
ضاق عنه رحبُها حتى غدا
غائبًا عنها وإنْ فيها حضَرْ
أبعديها، حسب أصحابك منها
أن يروها فيقولوا عجبا
أبعدي هذي النواويس التي
حُنطت فيها ملذات الصبا
أبعدي عن ناظري هذا الجمادْ
من إطار في بياض وسوادْ
طُمرت فيه مصابيح الهوى
مثما تُطمر نار في الرمادْ

•••

لا تقولي تلك الأيام مضت
قد حفظناها بهذي الباقياتْ
هي في رأسي حلمٌ خالدٌ
لم تنل منه الليالي الخالياتْ
ذكريات المرء من شِعرٍ، فلا
تطلبي التاريخ بين الذكريات

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤