الخرافة الأولى

كان شكسبير أكثر كُتَّاب عصره شعبية
ثمة موقع شعبي على الإنترنت يتبادل فيه المشاركون طرح الأسئلة والإجابة عنها، يطرح هذا الموقع السؤال الآتي: «هل كان شكسبير شعبيًّا في عصره؟» وجاءت الإجابة الكاملة التي وضعها أحد القراء على النحو الآتي: «نعم؛ فقد كان شكسبير!»1 والإجابة إيجازٌ معقول لافتراضاتٍ عامة: كيف يمكن لشكسبير أن يكون شكسبير — الذي اطلع الناس على أعماله، وظهرت على خشبات المسرح بعد وفاته بأربعمائة سنة، وتُرجمت إلى لغات شتى، ونُقلت عبر وسائل إعلامية شتى في ربوع الأرض — لو لم يكن يتحلى بالشعبية في عصره؟ لكن مسألة كيفية تعريفنا للشعبية، وما إذا كان الدليل القائم عن شكسبير يؤكد هذه الخرافة، بحاجة إلى القليل من البحث، كما أننا بحاجة أيضًا إلى الفصل ما بين الشعبية في ميدان المسرح والشعبية في مجال الأعمال المطبوعة.

لنتجه أولًا إلى المسرح: منذ عام ١٥٩٤ فصاعدًا، حينما انضم شكسبير إلى فرقة «رجال اللورد تشامبرلين» بوصفه شريكًا (مالكًا جزئيًّا) وكاتبًا مسرحيًّا مُقِيمًا، نجد أن شعبيته كانت مرتبطة من حيث الأصل بشعبية الفرقة عينها. ولذا، فإن تطور فرقة «رجال تشامبرلين» وهيمنتها المتزايدة في اقتصاد مسارح لندن لا يمكن عزوهما لمسرحيات شكسبير وحدها، ولا يمكن فصلهما عنها في الوقت نفسه. لقد بلغت سعة مسرح «جلوب» الذي أقامته فرقة «رجال تشامبرلين» بمنطقة بانكسايد عام ١٥٩٩ أكثر من ٣٠٠٠ مشاهد. وفي عام ١٦٠٨، افتتحت الفرقة مسرحًا مغلقًا آخر باسم «بلاكفرايرز» لعروض الشتاء. وفي عام ١٦٠٣، حازت الفرقة على رعاية الملك الجديد — الملك جيمس — فتغيَّر اسمها إلى «رجال الملك»، وقدمت عروضًا بانتظام في بلاط الملك. بدأت ثروة شكسبير نفسها في النمو إبان تلك الفترة؛ ففي عام ١٥٩٦ حازت عائلته شعار النَّبالة، ونال معه أفرادُها الحقَّ في أن يُلَقَّبوا ﺑ «النبلاء». وبعد عام، اشترى شكسبير بيتًا مَهيبًا مكونًا من خمس وحدات في بلدة ستراتفورد-أبون-أفون يُقال له «نيو بليس»، ويُشاع أنه ثاني أضخم بيت بالمنطقة. توحي كل هذه المؤشرات الاقتصادية ومؤشرات الرقي والنبل الاجتماعيين بأن الفرقة ومؤلفها الدراميَّ المقيم كانا في حالة ازدهار، ويوحي ذلك بدوره بأن أعمال شكسبير — شأنها شأن المسرحيات التي عرضتها الفرقة لمؤلفين دراميين آخرين، ومنهم توماس ميدلتون وبن جونسون — كانت شعبية.

مع ذلك، من الصعب أن نتحرى مزيدًا من التحديد؛ فما من أحد تقريبًا ممن ترددوا على المسارح آنذاك كتب عما ذهب لمشاهدته. ويُعد جون مانينجهام، الطالب بكلية الحقوق، الذي شاهد مسرحية «الليلة الثانية عشرة» بقاعة ميدل تمبل في فبراير ١٦٠٢ استثناءً نادرًا للقاعدة؛ حيث ذكر أنه كان «من الرائع فيها أن يُدفع مدير المنزل إلى الاعتقاد بأن سيدته المطلَّقة واقعة في حبه، بتزييف رسالة من سيدته، تُخْبره فيها عمومًا بالخِصال التي تحبها فيه دون غيرها، واقفةً على لَفَتاته إذ يتبسم، وبَهَاء ملبسه، وما إلى ذلك. وبعدها، عندما ظهر ليخطب وُدَّها، جعلوه يؤمن بأنهم كانوا يرونه مجنونًا».2 استمتع مانينجهام بالفكاهة المَوْقِفِيَّة التي تضمنتْها الخدعة التي مُورِست على مالفوليو، لكن من المُحْبِط أنه لم يكن لديه أي تعليق على تَنَكُّر فيولا في هيئة رجل يُدعى سيساريو، أو على تجسيد الأخوين التوءمين. كانت لمحة ما يَعْلَق بالذاكرة بخصوص المسرحية، أو ما يشتهر عنها، تَتَبَدَّد سريعًا. ولا يختلف الحال كثيرًا عن الروايات الجيكوبيَّة التي كتبها عالم الفلك الطبيب سيمون فورمان عن عروض مسرحيات «حكاية الشتاء» و«ماكبث» و«سيمبلين» (طالع الخرافة الثالثة عشرة). إن التفاصيل المؤكدة الوحيدة التي لدينا عن اقتصاديات المسرح الإليزابيثي مصدرها الفرقة المنافِسة، «رجال الأدميرال»، ووثائق ترتبط بمدير أعمالها فيليب هينسلو. توحي تلك الوثائق بأن مسرحية «يهودي مالطا» لكريستوفر مارلو، بشخصيتها المُحْوَرِية المحِبَّة للحياة والمُتَحَلِّلة من الأخلاق، باراباس، كانت ضمن أكثر المسرحيات عرضًا على الإطلاق، حيث عُرضت ١٠ مرات في ستة أشهر، وهو عدد يتجاوز بمراحل العدد المسجَّل لمرات عرض أيٍّ من مسرحيات شكسبير. وعندما عُرِضَت لأول مرة مسرحية «لعبة شطرنج» لمؤلفها توماس ميدلتون، وهي مسرحية ساخرة لاذعة تتناول العلاقات الأنجلو-إسبانية، بمسرح جلوب عام ١٦٢٤، كان من المذهل أنها عُرِضَت تسع مراتٍ متتاليات، ولا يمكن الزعم بأن ثمة مسرحيات لشكسبير نالت مثل هذا النجاح المُدَوِّي. وبينما أن نقطتنا المرجعية الأيقونية للدراما الأدبية الكلاسيكية، ربما كانت صورة هاملت ممسكًا بجمجمة المهرج يوريك (طالع الخرافة السابعة والعشرين)، نجد أنه بالنسبة إلى بدايات الحقبة الحديثة، لم يكن العمل الدرامي الذي يمكن الإفصاح عنه من أول وهلة شكسبيريًّا، بل كان تراجيديَا الانتقام الدموي لتوماس كيد «التراجيديا الإسبانية» (التي كُتِبَت عام ١٥٩٠ تقريبًا). لقد أَفْرَخت مسرحية كيد نصًّا أَوَّلِيًّا، نسخة غنائية شعبية أعاد صياغتها لاحقًا المؤلفون المسرحيون بغية إطالة بقائها على خشبة المسرح، واقتبسها الكُتَّاب، وتناولوها بسخرية، وجعلوا منها لازمة حتى أُغْلِقت المسارح. ولا يوجد دليلٌ معاصر على أن أيًّا من مسرحيات شكسبير بلغت هذا المدى في الاقتباس والتوسُّع، وإن كنا نعلم أن مؤلفين آخرين نسخوا مسرحياته وأعادوا صياغتها. على سبيل المثال، تتجلى أصداء مسرحية «هاملت» في مسرحيتَيْن معاصرتَيْن تقريبًا، ألا وهما مسرحية «انتقام أنطونيو» لجون مارستون، ومسرحية «مأساة هوفمان» لهنري شيتل. وفي أوائل القرن السابع عشر، كتب جون فليتشر مسرحية «جائزة المرأة»، وهي تتمة لكوميديا شكسبير التي تُجَسِّد الصراع بين الجنسيْن «ترويض النمرة».
ثمة جانب مُحَدَّد من جوانب عمل شكسبير الدرامي يمكننا أن نتلمس فيه شعبية معاصرة كبيرة، ألا وهو تجسيد الفارس سيئ السُّمعة المحبوب البدين، السير جون فالستاف. واضح أن فالستاف ظهر لأول مرة في مسرحية أُطْلِق عليها، على ما يبدو، «هنري الرابع»، حيث يتجلى بوصفه نقيضًا لا بطوليًّا وساخرًا لتجسيد المسرحية للنبلاء الذين يقاتلون في أعقاب الإطاحة بالملك ريتشارد الثاني. وانطلاقًا من كونه رفيق الأمير هال، الابن الأكبر — السفيه نوعًا ما — للملك هنري، يقدم لنا فالستاف عالَمًا بديلًا من الحِيَل والحانات، يسحب كلًّا من وريث العرش وجمهور المسرحية بعيدًا عن محتوى المسرحية السياسي. ويبدو أن شعبية فالستاف كانت فورية. وُضِعَت تتمة — «هنري الرابع – الجزء الثاني» — وزُرِعَ فالستاف مجددًا في محلة مختلفة تمامًا، ألا وهي مدينة ويندسور البرجوازية في كوميديا «زوجات وندسور البهيجات» (طالع الخرافة الثامنة والعشرين). هناك دليل قائم في بعض الرسائل التي تنتمي لتلك الحقبة على أن اسمه صار شعبيًّا. وكما جاء في فهرس المجموعة الكلاسيكية للإشارات المعاصرة للمسرحيات، المُعَنْوَنة «كتاب الإشارات الضمنية لشكسبير»: «لأغراض هذا الفهرس، يُعامل فالستاف، وكأنه عمل.» والإشارات إليه تتجاوز بكثير، من حيث عددها، الإشارات الضمنية لأي جانب أو مسرحية أخرى. ومن بين المداخل الموجودة بالفهرس تعليقاتٌ في مسرحياتٍ لمؤلفين مثل ماسينجر وميدلتون وساكلينج، وكذا إشاراتٌ خاصة، تتضمن حاشية لثرثرة كونتيسة ساوثامبتون في رسالة إلى زوجها: «كل الأخبار التي أعتقد أنني أستطيع أن أَزُفَّها إليك، وأحسب أنها ستُسْعِدُك، هي أن السير جون فالستاف أمسى أبًا لطفل عظيم الرأس مُكْتَنِز الجسم من السيدة ديم بينتبوت.»3 ويمكن الزعم أيضًا بأن فالستاف كان فاتحة للدراسات الشكسبيرية؛ فالنقاشات التي تناولت تجسيد شخصيته تطورت إلى واحد من أوائل الكتب عن شكسبير، ألا وهو «مقالٌ عن الشخصية الدرامية للسير جون فالستاف»، وهو مقالٌ دفاعي لموريس مورجان خَطَّه عام ١٧٧٧.
ثمة مسرحيات نعرف أنها كانت شعبية في المسرح وضاعت لأنها لم تُطبع قط كما هو واضح. ومثال ذلك مسرحية «حكيم ويست تشيستر» التي عُرِضَت مرارًا على مدار فترة زمنية طويلة بين عامَيْ ١٥٩٤ و١٥٩٧.4 نتناول في الخرافة الرابعة مسألة كيفية طباعة مسرحيات شكسبير بالتفصيل. وإذ نحاول استغلال الدليل المُسْتَقى من طباعة أعمال شكسبير لتأكيد شعبيته المعاصرة، جدير بالملاحظة أنَّ نِصْفَ أعماله المسرحية فقط نُشر في حياته؛ فلم تكن ثمة سوق لطبعات من قَطْع الرُّبْع لمسرحية «ماكبث» مثلًا، لكن يمكن تفسير هذه الحقيقة بالزعم بأن المسرحية لم تكن شعبية (لم يُقْبِلْ أحدٌ على شرائها)، أو أنها كانت شعبية (ومن ثَمَّ، لم تُرِدِ الفرقة بيعها). ذهب لوكاس إرن إلى أنه في سنة ١٦٠٠ — التي ذاع فيها صِيت شكسبير في سوق المواد المطبوعة أكثر من أية فترة أخرى — كانت أعماله تُمثل ٤٪ من إجماليِّ المواد المطبوعة المنشورة ذاك العام باختلاف أنواعها. ويحدد إرن ٤٥ طبعة منفصلة من مسرحيات شكسبير المطبوعة في حياته، وهو رقم يتجاوز المواد المطبوعة لأي مؤلف مسرحي معاصر له. من أبرز الأعمال الشعبية، بمعيار عدد الطبعات، المسرحيات التاريخية الأولى «ريتشارد الثاني» (ست طبعات قبل عام ١٦١٦)، و«ريتشارد الثالث» (خمس طبعات)، و«هنري الرابع» التي يعود الفضل في كثرة طبعاتها إلى شخصية فالستاف (ويبدو أن الجزء الثاني منها لم يحقق نجاحًا مثيلًا، شأنه شأن الكثير من التَّتِمَّات).5 ولأغراض المقارنة، بلغ عدد الطبعات المنشورة لمسرحية «المأساة الإسبانية» ستًّا على مدار الفترة الزمنية نفسها، وكانت الكوميديا الرومانسية الريفية، المجهولة الكاتِب، «موسيدوراس» (المنشورة لأول مرة عام ١٥٩٨)، هي العمل المسرحي الأكثر مبيعًا؛ استنادًا إلى أعداد الطبعات الجديدة؛ إذ طُبِعَ منها أكثر من اثنتي عشرة طبعة خلال ثلاثة عقود. وقد تشير نسْبة مسرحياتٍ مطبوعة إلى شكسبير، أو إلى الأحرف الأولى من اسمه «دبليو إس»، لمزيد من التلميح — وهي مسرحياتٌ لا يُعتقد عمومًا أنها من أعماله، ومنها القصة الأسطورية لتأسيس لندن، «لوكرين» (١٥٩٥)، والكوميديا المدينية «سفيه لندن» (١٦٠٥)، وقصة الجريمة الحقيقية «مأساة يوركشير» (١٦٠٨) — إلى حقيقة أن اسم شكسبير كان يُحَقِّق مبيعات جيدة.
علاوة على ذلك، ثمة دليل على وجود علاقة عكسية ما بين الصمود التاريخي للنصوص وبين شعبيتها المعاصرة؛ فبعض النصوص المطبوعة يبدو أنها ظلت تُقْرَأ حتى الممات. وتوجد على سبيل المثال نسختان فقط صامدتان، وهما غير مكتملتين، للطبعة الأولى من مسرحية «هاملت» (١٦٠٣)، وثمة نسخة واحدة فقط من الطبعة الأولى من قصيدة «فينوس وأدونيس» لشكسبير (١٥٩٣)، وهي أول ما طُبِعَ من أعماله، وتُعَدُّ العمل الإبداعي الذي ربما كان أكثر ما اشْتَهَر به طوال حياته، إلى جانب القصيدة الروائية المأساوية «اغتصاب لوكريس» (التي طُبِعَت لأول مرة عام ١٥٩٤). إن غالبية الإشارات المُعاصرة لشكسبير تومئ إليه باعتباره مؤلف هاتَيْن القصيدتَيْن اللتين طُبِعَتا طبعةً تاسعة وخامسة على الترتيب قبل عام ١٦١٦. الاشتقاق المعجمي لكلمة «شعبي» popular في الإنجليزية هو: «ينتمي إلى الناس إجمالًا.» ومن الصعب بمكان الزعم بأن أي كاتِب في الحِقْبة الإليزابيثية كان شعبيًّا بهذا المعنى، حيث ربما بلغت معدلات المعرفة بالقراءة والكتابة، حسب تقديرات ديفيد كريسي، حوالي ٣٠٪ بين الرجال وأقل من ١٠٪ بين النساء عام ١٦٠٠.6 إضافةً إلى ذلك، لم يُسْمَح خلال تلك الحقبة بأن تزيد طبعات أي عمل فني عن ١٥٠٠ نسخة (لا ننسى أن مسرح جلوب كان باستطاعته أن يَسَعَ ٣٠٠٠ مشاهد). لم تكن الأعمال الأدبية على أية حال تمثل سوى جزء محدود من سوق النشر التي هيمنت عليها الأعمال الدينية — كالعِظات، وكتب الصلوات، والأناجيل، والتفسيرات، وتراجم المزامير — والأدلة المنزلية، وكتب السلوك، والأعمال التعليمية، لكن شكسبير كان في هذا السياق المُقَيَّد لاعبًا مهمًّا بلا شك.
ليس بالضرورة أن يُقْصَد بالشعبية والشهرة الشخصية أو الإقرار بالمكانة الفنية الشيء نفسه؛ فلو ألقينا نظرة على الكتب الأكثر مبيعًا في عصرنا الحالي، لما توقعنا، على الأرجح، أن تتداخل تلك الفئة بقدر كبير مع الأعمال الأدبية «الكلاسيكية»، أو الحائزة على إطراءات نقدية واسعة النطاق. ثمة دليلٌ على أن أعمال شكسبير كانت تحظى بتقدير معاصريه، ويشير فرانسيس ميريس إلى هيمنة شكسبير؛ إذ كَتَبَ في عام ١٥٩٨:

كما يُشار إلى بلاوتوس وسينيكا بأنهما الأفضل في تأليف الكوميديا والتراجيديا من بين من كتبوا باللاتينية، يُشار كذلك إلى شكسبير بوصفه الأكثر تميُّزًا بين الإنجليز في كلا اللونين المسرحِيَّيْن. أما عن الكوميديا، فلنتأمل مسرحياته: «السيدان الفيرونيان»، و«الأخطاء»، و«الحب مجهود ضائع»، و«حلم ليلة منتصف صيف»، و«تاجر البندقية». وأما عن التراجيديا، فلنتأمل مسرحياته: «ريتشارد الثاني»، و«ريتشارد الثالث»، و«هنري الرابع»، و«الملك جون»، و«تيتوس أندرونيكوس»، و«روميو وجولييت».

ويُلاحَظ أن هُوِية مؤلف مسرحية «الحب مجهود رابح» ليست واضحة. ولكن، في موضع آخر في تحليله، يبدو أن ميريس يضع شكسبير على قدم المساواة مع مُعاصريه من الكُتَّاب، لا في مرتبة أعلى منهم من حيث الجودة أو الشعبية. على سبيل المثال، إليكم قائمته التي يُورد فيها «أفضل كُتَّاب الكوميديا في عصرنا»:
إدوارد، إيرل أكسفورد، والدكتور جيجر الأكسفوردي، والسيد رُولي، الذي كان في فترة من الفترات من الدارسين النادرين بكلية بيمبروك هول المتعمقة في جامعة كامبريدج، والسيد إدواردز، أحد رجال كنيسة صاحبة الجلالة، والبُلَغَاء ذوو البديهة الحاضرة: جون لِيلي، ولودج، وجاسكوين، وجرين، وشكسبير، وتوماس ناش، وتوماس هيوود، وأنطوني مانداي، أبرع مَنْ يضع الحبكات الدرامية لدينا، وشابمان، وبورتر، وويلسون، وهاثواي، وهنري شيتل.7

هذا بيان بأسماء المؤلفين المسرحيين لتلك الحقبة، وليس كوكبة مُنتقاة. ووجود النسخة المطبوعة لأعمال شكسبير الدرامية المُجَمَّعَة بعد وفاته (١٦٢٣) بنَسَق قِطْع النِّصف الأنيق الباهظ الثمن، الأكثر ارتباطًا بالأناجيل والأعمال التاريخية أو الطوبوغرافية الجادة، دليلٌ على قيمته الأدبية — والمالية — أكثر من كونه برهانًا على شعبيته. وحتى بعد أن نرى أن محرري نسخة قطع النصف يهدونها إلى «التنوع العظيم من القراء» «من الأبرع إلى القارئ الذي لا يسعه إلا التهجي»، ويَتَنَدَّرون بأنهم يتمنون لو كان بالإمكان وزنُ جمهور القُرَّاء لا عَدُّهم، ويكتبون ذلك في صدر مُؤَلَّف تتجاوز تكلفته ما يجوز أن نسميه «شعبيًّا» بمعناه الصحيح؛ أي «مُخَصَّص لعموم الناس».

هوامش

(2) Quoted in Emma Smith (ed.), Blackwell Guides to Criticism: Shakespeare’s Comedies (Oxford: Blackwell Publishing, 2004), p. 1.
(3) F. J. Furnivall, C. M. Ingleby, and L. T. Smith, The Shakspere Allusion-Book (London: Oxford University Press, 1932), vol. 2, p. 536; vol. 1, p. 88.
(5) Lukas Erne, “The Popularity of Shakespeare in Print,” Shakespeare Survey, 62 (2009), pp. 12–29 (pp. 13-14).
(6) David Cressy, Literacy and the Social Order: Reading and Writing in Tudor and Stuart England (Cambridge: Cambridge University Press, 1980), p. 177.
(7) Francis Meres, Palladis Tamia. Wits Treasury (London, 1598), pp. 282, 284 (sigs. 2O2r, 2O3v).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤