الخرافة الثامنة والعشرون

الملكة إليزابيث أحبت مسرحيات شكسبير
مثالان؛ الأول: الملكة إليزابيث الحكيمة على نحو تهكمي تدلف إلى مسرح «كيرتن» أثناء عرض لمسرحية «روميو وجولييت»، كي تمنع مسئول الاحتفالات من الكشف عن أن أحد الممثلين هو في حقيقة الأمر امرأة. وإذ لا تدخر مالًا ولا عُمالًا لها، تدعو الملكة شكسبير لمناقشات مستقبلية في جرينتش، بينما ترسل عاشقته إلى زوجها، ومن هناك إلى العالم الجديد. والثاني: رسالة تُكتشَف وتُنشَر بنهاية القرن الثامن عشر، تخاطب فيها الملكة شكسبير بنبرة التقدير والإجلال: «لقد راقت لنا أشعارك جدًّا، سيد ويليام … وإننا لنهنئك على براعتها وإحكامها الشديديْن.»1

كلا اللقاءين بين المؤلف المسرحي والملكة خياليان؛ الأول: خاتمة فيلم جون مادن الممتع جدًّا «شكسبير عاشقًا» (١٩٩٨) الذي لعبت فيه جودي دينش — الحائزة على جائزة أوسكار — دور الملكة، والثاني: لقاء مُختلق اصطنعه المزور المشهور بالقرن الثامن عشر، ويليام هنري أيرلند، ضمن رزمة من المستندات زعم أنه اكتشفها في المكتبة الخاصة «للسيد إتش» الغامض. وهاتان الروايتان الخياليتان الفاصل بينهما ٢٠٠ عام تشهدان على حيوية الخرافة التي مفادها أن الملكة كانت من أكثر المعجبين بشكسبير. وتمنحاننا استراتيجيتيْن موحِيَتَيْن ومؤكِّدتيْن، يمكن تمييزهما من بعض خرافاتنا الأخرى: حيثما يُعْوِز الدليل المطلوب فلا بد من اختلاقه؛ في النوع الخيالي للكوميديا الرومانسية في الفيلم، وفي خُدَع أيرلند العلمية.

وعلى نحو أكثر تحديدًا، منذ أن بدأ كُتَّاب سيرة حياة شكسبير الأوائل الكتابة في بدايات القرن الثامن عشر، جرى العرف على تأكيد أن مسرحية «زوجات ويندسور البهيجات» جاءت بتكليف من الملكة التي أرادت إحياء شخصية فالستاف، النجم السمين في مسرحيتَيْ «هنري الرابع – الجزء الأول» و«هنري الرابع – الجزء الثاني»، التي «ستُظهره عاشقًا». لاحظ نيكولاس رو عام ١٧٠٩ أن الملكة إليزابيث «دون شك منحته ثناءها واستحسانها أكثر من مرة»، ولو أنه لا يُقدم أي دليل على ذلك.2 ورغم أنه يستحيل أن تكون الملكة إليزابيث قد ارتادت المسرح العام سيئ السمعة، فقد استدعت المسرح إليها؛ إذ قدمت فرقة شكسبير، «رجال اللورد تشامبرلين»، عروضًا بالبلاط الملكي كل موسم من مواسم عيد الميلاد. ورغم أن المسرحيات المحددة التي عُرِضَت ليست مُسجلة، فالأرجح أن كثيرًا منها من تأليف المؤلف المسرحي المُقيم شكسبير. تصف صفحة عنوان مسرحية «الحب مجهود ضائع» المطبوعة عام ١٥٩٨ المسرحية بأنها «كما عُرِضَت بين يدي جلالتها في عيد الميلاد الماضي»، ويُزْعَم أيضًا أن مسرحية «زوجات ويندسور البهيجات»، التي نُشِرَت أول مرة تحت عنوان «السير جون فالستاف وزوجات ويندسور البهيجات» عام ١٦٠٢، «أُدِّيَت أكثر من مرة … أمام جلالة الملكة، وفي أماكن أخرى.» وكما قال كثير من النقاد، فقد كان إحساس إليزابيث نفسه بالسلطة الملكية، في عصر اشتهر بملوك المسرح، مسرحيًّا إلى حدٍّ بعيد كما ألمحت هي بلسانها: «أقول لكم إننا نحن الأمراء نُوضَع على خشبات المسرح على مرأى ومشاهدة العالم، ونُراقَب عن كثب: أَعْيُن كثير من الناس ترى أفعالنا.»3
fig8
شكل ٧: جودي دينش وهي تؤدي دور تيتانيا التي تلعب دور الملكة إليزابيث بمسرح «روز» في كينجستون-أبون-تيمز (٢٠١٠). الصورة: نوبي كلارك / أرينابال.
وعلى النقيض من كثير من معاصريه، ومنهم بِن جونسون وإدموند سبنسر، لا يبدو أن شكسبير صَوَّرَ الملكة إليزابيث مباشرةً في أعماله. ولا تُناسبه الخاتمة التي خاطب بها بن جونسون الملكة في مسرحيته «كل امرئ بحسب مزاجه»، أو ديكر في مسرحيته «فورتشوناتوس العجوز». ولا يسعنا أن نلمح طيف الملكة إلا في مسرحية «حلم ليلة منتصف صيف». في تلك المسرحية، أُقِيمت الصلة على نحو منطقي ما بين وصف أوبيرون ﻟ «حورية على ظهر درفيل / تنشد أنشودة عذبة جميلة جدًّا / حتى إن البحر الهائج استسلم واستكان تأثرًا بأنشودتها.» (الفصل الثاني، المشهد الأول، الأبيات ١٥٠–١٥٢) بعروض إيرل لستر الترفيهية المسرفة للملكة إليزابيث بقلعة كينلوورث عام ١٥٧٥. ويبدو من الأرجح أن هذا المشهد الباذخ وإطلاق النيران والألعاب النارية التي تراها العين المجردة من بُعد يتجاوز ٢٠ ميلًا (٣٢ كيلومترًا) شَغَلَ ساكني بلدة ستراتفورد القريبة، وربما كان منهم شكسبير ابن الحادية عشرة.4 وقد يكون تعيين أوبيرون ﻟ «عذراء رائعة الجمال» أو «عذراء ملكية … واصلت أفكارها العذرية دون أن تعترضها أفكار الحب والهُيام» (الفصل الثاني، المشهد الأول، الأبيات ١٥٨–١٦٤) إشارة إلى الملكة إليزابيث العذراء. وهناك المزيد من الإلماحات الدفينة في المسرحية أيضًا؛ فلا بد أن تيتانيا ملكة الجنيات استحضرت ملحمة إدموند سبنسر المعاصرة المؤثرة التي خاطب فيها الملكة إليزابيث واصفًا إياها ﺑ «ملكة الجن». وصَوَّرَ إنتاج مسرحي من إخراج بيتر هول بمسرح «روز» الواقع في كينجستون-أبون-تيمز عام ٢٠١٠ هذه العلاقة ما بين الملكات، كما رددت جودي دينش في أدائها لشخصية تيتانيا شيئًا عن دورها المهيب الذي ينطوي على اعتمار شَعْر مستعار في فيلم «شكسبير عاشقًا»، مُستدعيًا لوحات فنية دقيقة التفاصيل للملكة إليزابيث المُرَصَّعَة بالجواهر. ولكن، رغم أن العلاقة كانت بصرية على نحو صارخ، فقد كانت أيضًا مُتعادلة: في المسرحية، تقع تيتانيا التي تُعالَج بجرعة من العشق كجزء من شجار مع عاشقها أوبيرون، في حب بوتوم المنتمي لطبقة أدنى، الذي تَحَوَّلَ رأسه إلى رأس حِمار، فتأخذه إلى عريشها الجني. ولا نرى ما يحدث بعدئذ، لكن تلميحات بوتوم الممتعة لاحقًا — «ظننت أنني كنت، وظننت أنني أمتلك» (الفصل الرابع، المشهد الأول، البيت ٢٠٦) — تفسح المجال جيدًا للتخمين بأن ما حدث يتجاوز مداعبة الآذان. لو كانت هذه صورة مُقَنَّعة للملكة إليزابيث، فإن دلالاتها ليست حميدة جدًّا: ففي هذا الإنتاج المسرحي، لم يُعَرض بيتر هول جودي دينش، أو إليزابيث نفسها، لمثل هذه الفضيحة، فاكتفى بالإنعام على أنف بوتوم الطويل السخيف بقُبلات أرملة عفيفة.
في مَواطن أخرى، يشير شكسبير إلى «إمبراطورتنا الجليلة» في مسرحية «هنري الخامس»، إذ يُشَبِّه النصر التاريخي لهنري في معركة أجينكورت بالنجاح المعاصر المتوقع لإيرل إسيكس في قمع الثورة في أيرلندا (الصفحة الخامسة، المقدمة، البيت ٣٠) في فقرة وُصِفَت على نحو مُقْنِع باعتبارها «الإشارة الأكثر صراحةً والأكثر دراماتيكية وقطعية لحدث معاصر في أي موضع من مجموعة الأعمال الكاملة.»5 وربما أنه من المهم أن الملك المُصَوَّر على نحو مثالي في المسرحية لا يُشَبَّه بالملكة نفسها، ولكن بجنرالها إسيكس. وهذه الفكرة واضحة في مواطن أخرى في العلاقات التي تربط ما بين شكسبير وإليزابيث. على سبيل المثال، اكتسبت قصة مسرحية «ريتشارد الثاني» — الإطاحة بملك ضعيف على يد ابن عمه هنري بولينجبروك — صلة آنية وسط اضطرابات فترة نهاية حكم الملكة إليزابيث، وسُجِنَ أحد الكتاب، جون هيوورد؛ لإهدائه تأريخه النثري للملك هنري الرابع إلى إيرل إسيكس الذي اعْتُبِر مُتحديًا للملكة إليزابيث. في حوار مع عالِم الأثريات ويليام لامبارد عام ١٦٠١، قيل إن الملكة إليزابيث شَبَّهَت نفسها بريتشارد الثاني؛ الملك، لا المسرحية. وعندما دفع أنصار إيرل إسيكس من أموالهم من أجل عرض مسرحيةٍ ما قُبَيْل تمردهم، ربما كان من الحتمي أن يقع اختيارهم على مسرحية «ريتشارد الثاني»، ولو أنه ليس من المؤكد على الإطلاق أنها كانت مسرحية شكسبير. اسْتُدْعِيَ أعضاء فرقة «رجال اللورد تشامبرلين» أمام مجلس شورى الملك للرد على هذه الأجندة السياسية تحديدًا (ادعى المتحدث باسم الفرقة، أوجستين فيليب، البراءة؛ فما كان إلا أن حصلت الفرقة على مال سخي لكي تعرض «مسرحية قديمة»).6

إلى الآن، لا توحي تصويرات شكسبير الأدبية لإليزابيث بأن رضاها كان محل اهتمام خاص لديه. وردة فعله تجاه وفاتها عام ١٦٠٣ كاشفة أيضًا؛ ففي خِضَمِّ سَيْل من المديح الشعري للملكة المتوفاة والملك الاسكتلندي الجديد، كان شكسبير مثيرًا للانتباه بغيابه. وينتقد هنري شيتل إذ يكتب مرثيته «عباءة حداد إنجلترا» عام ١٦٠٣ شكسبير، رامزًا إليه باسم ميليسيرت؛ لإخفاقه في «الحزن على موتها، تلك التي أنعمت على صحرائه.» إن القول بأن إليزابيث «أنعمت» على شكسبير مثير للانتباه؛ حيث يمهد لفرضية نيكولاس رو اللاحقة عن العلاقة ما بين الملكة والمؤلف المسرحي.

يأتي أطول وصف لإليزابيث على لسان شكسبير بعد وفاتها بفترة طويلة. وما عُدَّ حنينًا جيكوبيًّا لعصر إليزابيث الذهبي هو سمة مميزة لعدد من مسرحيات أوائل القرن السابع عشر، ومنها مسرحية صامويل رولي «عندما تراني ستعرفني» المستندة إلى أحداث فترة حكم الملك هنري الثامن، ومسرحية توماس هيوود «إذا لم تكن تعرفني، فأنت لا تعرف أحدًا»، وهي رواية درامية مشهورة لحياة الملكة إليزابيث. وتتمثل مساهمة شكسبير في هذا النوع الأدبي في مسرحيته التاريخية الرومانسية المتأخرة «هنري الثامن» أو «كل شيء حقيقي» التي شاركه في تأليفها جون فليتشر. تنتهي هذه المسرحية الشبيهة بخُطَب المهرجانات بتمثيل مذهل لمشهد تعميد الرضيعة إليزابيث، بَشَّرَ فيه كبير الأساقفة، كرينمر، بأن «هذه الرضيعة الملكية» هي «العنقاء العذراء» التي «تَعِد / هذه الأرض بألف ألف نعمة / سَتَيْنَع بمرور الوقت.» ولكن بعين تتنبأ بالملك الحالي، وراعي الفرقة التي تُعْرَف الآن باسم «رجال الملك»، يكتب شكسبير في ذروة كلمة كرينمر عن جيمس، خليفة الملكة إليزابيث، قائلًا: «أينما سطعت شمس السماء اللامعة / سيسطع شرفه وعظمة اسمه / وسيصنع أممًا جديدة.» (الفصل الخامس، المشهد الرابع، الأبيات ١٧–٥٢).

وحقيقة الأمر أن رعاية الملك جيمس المباشرة للفرقة المسرحية تميز مرحلة جديدة مهمة في العلاقة ما بين شكسبير والملكية، ويمكننا أن نستشف أن عددًا من المسرحيات التي خرجت للنور في السنوات الأولى لحكم جيمس، ومنها «ماكبث» و«الملك لير»، تخاطب اهتمامات جيمس مباشرةً. كان جيمس كاتبًا ذا مؤلفات منشورة؛ في مجال الشعر، ومنه السونيتات، وفي دراسات عن السحر، وعن الفلسفة السياسية، وعن التبغ المستورد العصري. ويمكننا أن نرى أن شكسبير يرصد هذا الإنتاج المنشور بعناية شديدة في مسرحياته التي ألفها لفرقة «رجال الملك» العتيدة؛ ففي مسرحية «العين بالعين»، على سبيل المثال، تردد كراهية الدوق المتقاعد لزحام المدينة صدَى خجل الملك الجديد المشهور عنه. وفي مسرحية «عُطيل»، يُعيد شكسبير توطين شخصية الجنرال وعروسه في قبرص، حيث وقعت معركة ليبانتو البحرية بين الإمبراطورية العثمانية وتحالف الدول الكاثوليكي، التي كتب عنها جيمس قصيدة طويلة. وفي «ماكبث»، يقتنص شكسبير ويُعيد تشكيل واحدة من الحوادث القليلة في التاريخ الاسكتلندي التي يمكن أن تكون مقبولة لدى كل من جمهور مسرح لندن المعتاد على المشاعر المُعادية لاسكتلندا، والملك الاسكتلندي. وتُطَوِّر تعديلاته على مادته المصدرية دور الساحرات — وهو الموضوع الفاتن للملك جيمس — وتُؤَسِّس لشخصية بانكو المُنَقَّحَة باعتبارها المُعادِل الأخلاقي لطموح ماكبث — تَتَبَّعَ جيمس نسبه وصولًا إلى بانكو الذي كان، من حيث الأصل في المصادر التاريخية، الشريك السفَّاح لماكبث. وفي مسرحية «الملك لير»، نجد ظلًّا لمحاولات جيمس توحيد إنجلترا واسكتلندا في عناية المسرحية بمسألة «انقسام المملكة» (الفصل الأول، المشهد الأول، البيتان ٣-٤). وفي «أنطونيو وكليوباترا»، ربما يكون الاهتمام بالمقابر النسائية الملَكية نابعًا من أثر تكليف الملك جيمس بإقامة نُصُب تذكارية للملكة إليزابيث، ولأمه ماري، ملكة الاسكتلنديين في دير وستمنستر.

وكما أبدى شكسبير المؤلف المسرحي اهتمامًا كبيرًا براعيه الملكي، فهناك أدلة على اهتمام جيمس الإيجابي بالدراما أكثر مما يتوفر عن اهتمام إليزابيث بها، ولو أنه اشتهر بأنه لم يكن يستمتع إلا بالمسرحيات القصيرة. وعلاوة على رعايته للفرقة المسرحية، ازدهرت أيضًا التمثيليات، وهي الشكل الدرامي المجازي الأوبرالي على نحو مُنَمَّق، الذي استمتع به البلاط الملكي للغاية، خلال فترة حكمه. لِمَ، إذًا، لا نجد خرافة مفادها أن الملك جيمس أحب مسرحيات شكسبير؟ ببساطة، لأن جيمس شخصية أقل أيقونية من إليزابيث. وإذا كانت الخرافة المتعلقة ببلاط إليزابيث ترتبط بالعصر الذهبي الوطني للملكة العذراء، فقد صُوِّر بلاط الملك جيمس على نحو كاريكاتيريٍّ باعتباره فاسدًا، حافلًا بالفضائح الجنسية والسياسية، ومبنيًّا حول علاقات الملك الوثيقة بالرجال المفضلين لديه. لقد صَنَعَ استثمارنا في الحماس للرومانسية بين المؤلف المسرحي الذَّكَر الجذَّاب والملكة العذراء العاطفية خرافة إليزابيثية أكثر جاذبية، ورغم حقيقة أن نصف مشوار شكسبير الأدبي كان تحت حكم الملك جيمس، نجد ميلًا دائمًا للنظر إلى شكسبير باعتباره ظاهرة إليزابيثية، إلى جانب دريك وهو يلعب البولينج بينما كان الأسطول الإسباني يقترب، والشهم المبادِر ببسط عباءته فوق الوحل. لم يصنع أحد فيلمًا عن العلاقة التي تربط شكسبير بالملك جيمس، أو زوَّر رسائل بين الاثنين، ولو أن مرثية بِن جونسون لشكسبير تناجيه «شاعر أفون الرقيق / يا له من مشهد / أن نراك في جوارنا مجددًا. ونراك تقوم بتلك الرحلات بين ضفتيْ نهر التيمز / اللتيْن طالما احتوتا إليزابيث ومليكنا جيمس.»

ولكننا، كالمخرج السينمائي جون مادن والمزور ويليام هنري أيرلند، ما زلنا نبحث عن دليل على العلاقة بين شكسبير وإليزابيث. لقد كانت «مجموعة الأعمال الكاملة» الصادرة عام ٢٠٠٧ عن فرقة شكسبير الملكية، والتي حررها جوناثان بيت وإيريك راسموسن، الطبعة الكبيرة الأولى التي تحوي قصيدة معنونة في مخطوطتها «إليك أيتها الملكة من ممثليكِ»، وهي مقدِّمة عرضٍ بلاطيٍّ لمسرحية مجهولة عام ١٥٩٩. وتُسْتَهَلُّ القصيدة البالغ عدد أبياتها ١٨ بيتًا هكذا: «بينما يخبرنا عقرب الساعة بالوقت / والساعات الأخرى التي توقف عندها من قبل» وتُخاطب «الملكة المهيبة» باعتبار أن لها وجودًا أبديًّا على أمل أن «يكبر أطفال هؤلاء اللوردات / الجالسين في مجالسك الاستشارية / لنراهم رجالًا أجلاء مهيبين / للمرأة التي كانت مليكة آبائهم.» ويصف بِيت نسبة هذه القصيدة بأنها «دامغة تمامًا»، وفي متابعة صحافية للطبعة، تحت العنوان الجذاب «هل ثمة شكسبير مفقود في سقيفتك؟» يحكم على القصيدة بأنها «مقدمة صغيرة بديعة لبلاط الملكة» تتمتع «بتأكيد مميز لشكسبير في مرحلة نضجه.»7 لا شك أن البحر الخفيض التفعيلة للقصيدة هو بحر استعان به شكسبير في مسرحيته «حلم ليلة منتصف صيف»، ولكن الدليل على أن قصيدة «عقرب الساعة» هي من بنات أفكار شكسبير ليس «دامغًا على الإطلاق»، ولطالما كان العلماء، بحسب مراجعات هيلين هيكيت مؤخرًا، مرتابين عمومًا بشأن هذه النسبة (تقترح هاكيت على نحو مُقْنِع أن توماس ديكر هو المؤلف الأرجح لهذه القصيدة).8 ورغم ذلك، فالرغبة في إيجاد علاقة ملموسة بين المؤلف المسرحي والملكة لن تذوي أبدًا.

هوامش

(1) Helen Hackett, Shakespeare and Elizabeth: The Meeting of Two Myths (Princeton, NJ: Princeton University Press, 2009), pp. 39-40. See also Michael Dobson and Nicola J. Watson, England’s Elizabeth: An Afterlife in Fame and Fantasy (Oxford: Oxford University Press, 2002).
(2) Nicholas Rowe, “Some Account of the Life, & c. of Mr. William Shakespear,” in The Works of Mr. William Shakespear. Volume the first (London, 1709), pp. ix-x.
(3) Holinshed (1587), p. 1583 (www.english.ox.ac.uk/holinshed).
(4) Katherine Duncan-Jones, Ungentle Shakespeare: Scenes from his Life, Arden (London: Thomson Learning, 2001), p. 9.
(5) Henry V, ed. Gary Taylor (Oxford: Oxford University Press 1984), p. 7.
(6) Blair Worden, “Which Play Was Performed at the Globe Theatre on 7 February 1601?”, London Review of Books, 10 July 2003, doubts the play was Shakespeare’s, and indicts Shakespeareans for so wanting their author to be involved in this political controversy that they have overlooked the evidence. Paul J. Hammer, “Shakespeare’s Richard II, the Play of 7 February 1601, and the Essex Rising,” Shakespeare Quarterly, 59/1 (2008), pp. 1–35, reassesses that evidence, and agrees with Worden’s claim about Shakespeareans’ over-reading of the incident while arguing that the play performed was indeed Shakespeare’s Richard II.
(7) Complete Works: The RSC Shakespeare, ed. Jonathan Bate and Eric Rasmussen (Basingstoke: Macmillan, 2007), p. 2395; Daily Telegraph, 21 April 2007
(8) Helen Hackett, “‘As the diall hand tells ore’: The Case for Dekker, Not Shakespeare, as Author,” Review of English Studies, 63 (2012), pp. 34–57.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤