١ ١ = ١٠٠١

في الثامنة كان حسن في استقبال الأصدقاء عند السُّلَّمِ الخارجيِّ للفيلَّا … ثم دخلوا جميعًا إلى الصالة الواسعة … حيث شوهد اللصُّ وهو ينزل السلالم ليلةَ سرقة المجوهرات، وطلب «تختخ» من «حسن» أن يُطفئَ الأنوار ويضيء اللمبة الصغيرة التي شاهدت على ضوئها «محسنة» وجه اللص … وقام «حسن» بتنفيذ ما طلبه «تختخ»، وقامت «نوسة» بتمثيل دور «محسنة» فوقفت عند نهاية السُّلَّم … بينما قام «محب» بتمثيل دور اللص وهو ينزل السلالم … ووقف الباقون يتفرَّجون على المشهد التمثيلي.

وسأل «تختخ» «نوسة»: إنك بالطبع تعرفين وجه محب جيدًا، ولكن لنتصور أنه شخص آخر فهل هذا الضوء — ومع ملاحظة أن نظر «محسنة» ضعيف — يمكن أن تقتفي ملامحَ الرجل على هذه المسافة؟

نوسة: بالتأكيد … فالضوء كافٍ جدًّا … إلَّا إذا كانت «محسنة» ضعيفة البصر جدًّا.

أعيدت الأضواء إلى ما كانت عليه … وفي هذه اللحظة ظهر الشيخ «المختار» وتقدَّم من المغامرين الذين أقبلوا يسلِّمون عليه.

وقال «تختخ»: إننا آسفون جميعًا لحادث السرقة.

ردَّ الشيخ «المختار»: هذه إرادة الله … والحمد لله أنَّ السيدة العجوز «محسنة» لم تُصَب بشيء أكثر.

قال «تختخ» متسائلًا: بالمناسبة يا عم الشيخ … ألم تشكَّ لحظةً واحدةً أنَّ الرجل الذي كان يركب معك السيارة — أقصد الأستاذ «كمال رياض» — مختلفٌ ولو قليلًا عن عادته؟

فكَّر الشيخ «المختار» لحظةً ثم قال: لا أدري بماذا أجيبك بالضبط … ولكن عندما مرَرْتُ عليه في المنزل لآخذه معي في سيارتي وجدته ينتظر عند باب الفيلَّا الخارجي حيث يسكن … ولم يكن الضوء في الشارع يسمح لي أن أتبين ملامحه جيدًا … خاصةً أنه كان يضع منديلًا على فمه.

ولمعت عينا «تختخ» وقال: منديل على فمه … ولكن لماذا؟

الشيخ «المختار»: كما قلت للمفتِّش «سامي» من قبل، إن الأستاذ «كمال» كان يعاني ليلتها من ألم في أسنانه … وقد اقترحت عليه أن يبقى في المنزل ولا يذهب للعشاء ما دام متألمًا، ولكنه رفض وأصرَّ على الحضور.

تختخ: أليست لك ملاحظات أخرى؟

ضحك الشيخ «المختار» وقال: إنها ملاحظة قد تكون سخيفة … ولكن المعروف بيننا أن الأستاذ «كمال» ثرثار، يتحدث كثيرًا … ولكنه في تلك الليلة اختار مكانًا منزويًا، وبعيدًا عن الأضواء، وجلس صامتًا … وبرغم أنَّنا تحدَّثنا في موضوعاتٍ يحبُّ هو الحديثَ فيها، إلَّا أنه لم يتكلم مطلقًا …

سكت «تختخ» لحظات ثم قال: شكرًا لك يا سيدي، لقد أوضحت أشياءَ في غاية الأهمية.

الشيخ: دعكم من التفكير في هذا الموضوع، وإلَّا أفسدتم شهيتكم للعشاء؟

وانتقلوا جميعًا إلى مائدة العشاء … ولكن «تختخ» ظلَّ صامتًا، كان يمضغ الطعام وكأنه آلة وليس إنسانًا، ثم قال فجأة موجِّهًا الحديثَ إلى «محب»: عندما سألت عن الممثل «سمير» في السيرك … وقالوا إنه كان مريضًا ولم يغادر السيرك ليلتها؛ لأنه مريض … بأي شيءٍ كان مريضًا؟

ردَّ «محب»: قالوا إنَّ أسنانَه كانت تؤلمه؟

نهض «تختخ» واقفًا وقال: أسنانه … أسنانه … تقول أسنانه؟

ذهل جميع الحاضرين، وردَّ «محب» نعم أسنانه … ماذا في هذا؟ …

تختخ: أريد التليفون يا «حسن» فورًا …

حسن: إنه موجود في الصالة …

تختخ: هل خرج والدك؟

حسن: لا … إنه في غرفة المكتب يقوم بعمل بعض الحسابات …

أسرع «تختخ» إلى الصالة وأدار رقم المفتش «سامي» وهو يرجو أن يجدَه في مكتبه … ودقَّ قلبه سريعًا عندما سمع صوت المفتش «سامي» على الطرف الآخر يرد، فقال «تختخ»: مساء الخير يا سيادة المفتش … هل قبضتم على الرجل؟

قال المفتِّش بضيق: لا … لو قبضنا عليه لأخطرتك …

تختخ: إنني أعرف مكان الرجل!

المفتش (في انفعال): تعرف مكانه … ماذا تنتظر إذن؟!

تختخ: إنني أعرفه على سبيل الاستنتاج … وقد أكون مُخطئًا …

المفتش: ليس مهمًّا … قل لي وسنجرِّب …

تختخ: إنه مختبئ في منزل الأستاذ «كمال رياض»، أرجو أن تُرسلَ قوَّةً لتقبضَ على من تجده في المنزل …

المفتش: کلامٌ غریبٌ یا «تختخ». ما الذي يدور في رأسك؟

تختخ: تدور فيه أفكار خرافية … إننا نتعشَّى في فيلَّا الشيخ «المختار» وبينها وبين منزل الأستاذ «كمال رياض» بضع خطوات، فمتى يصل رجالك إلى المنزل؟

المفتش: بعد نصف ساعة …

تختخ: سأكون هناك …

المفتش: لم تقل لي كيف وصلت إلى هذا الاستنتاج …

تختخ: اسمح لي أن أشرح لك هذا بعد أن نتقابل هناك …

المفتش: اتفقنا … وإلى اللقاء …

وضع «تختخ» سماعة التليفون، ثم عاد إلى مائدة العشاء، وما زال مُمْعِنًا في التفكير حتى قالت «لوزة»: من المؤكد أنك قد توصَّلت إلى شيء ما …

ردَّ «تختخ» في غموض: قد أكون … وقد لا أكون، المهم ألا تتركوا «محسنة» تغادر المكان …

وانتهى العشاء، و«تختخ» ينظر إلى ساعته بين لحظة وأخرى، ثم قام قائلًا: أرجو أن تتمتعوا بالسهرة، وسأتغيَّب عنكم نحو ساعة ثم أعود …

وخرج «تختخ» إلى الليل البارد المنعش فتنفَّس بعمق … وكانت فكرة تحديد شخص اللص قد اختمرت في رأسه … وكانت فيما يعتقد هي الفكرة الوحيدة التي يمكن أن تُفسِّر الغموض الذي أحاط بسرقة المجوهرات …

ووصل إلى قرب فيلَّا «كمال رياض» كما حدَّدها له الشيخ «المختار»، ولم يكد يقف لحظة واحدة حتى برز شبح من الظلام اقترب منه قائلًا: ماذا تفعل هنا؟

كان صوت الشاويش «علي»، فردَّ «تختخ» على سؤاله بسؤال: ماذا تفعل أنت هنا يا شاويش؟

ردَّ الشاويش بعنف، ولكن بصوت خافت: لقد طلب مني المفتش «سامي» أن أقف هنا وأمنع أيَّ شخصٍ من مغادرة هذه الفيلَّا …

تختخ: وهل غادر أي شخص هذه الفيلَّا؟

الشاويش (بغضب): ليس هذا عملك … إنكم دائمًا تتدخلون في عملي وإنني …

ولكنه لم يُتمَّ جملته، فقد ظهر في أول الشارع شبحُ سيارةٍ سوداءَ طويلة … خلفها سيارة من سيارات النجدة … ووقفت السيارتان أمام الفيلَّا … ونزل المفتش «سامي» وبعض رجاله، وأسرع الشاويش إليه وخلفه «تختخ»، وقال الشاويش: يا حضرة المفتش، هذا الولد …

المفتش: دعِ الأستاذ «توفيق» وشأنه …

ثم التفت إلى «تختخ» قائلًا: تعالَ يا «توفیق» …

ووقف جانبًا، وقال المفتش: والآن ما هي فكرتك؟

وأخذ «تختخ» يتحدث بضعَ دقائقَ متصلة بصوت هامس، فقال المفتش: مدهش جدًّا … رائع، فكرة عبقرية …

ثم التفت إلى رجاله ووزَّعهم حول الفيلَّا، واستدعى اثنين من الضباط، ثم دخل من باب الفيلَّا الخارجي، ولم يكن هناك بوَّاب، ثم سار الجميع حتى باب الفيلَّا ذاتها، ودقَّ المفتش الجرس ومضت لحظات، ثم فُتح الباب وعلى عتبته ظهر رجل … قد يكون «كمال رياض»، وقد يكون الممثل «سمير»، فسأله المفتش: من أنت؟

ردَّ الرجل في صوت مرتجف: أنا «كمال رياض» صاحب محل …

وقبل أن يُتِمَّ جملتَه ضغط «تختخ» على ذراع المفتش، فقال المفتش: أنت لست «کمال رياض» … لم يردَّ الرجل، فدفع المفتش الباب، ودخل والرجل يتراجع أمامه، وقال المفتش: أنت «نوفل أبو إسماعيل» لص الخزائن … وصاحب السوابق … والممثل التنكُّري «سمير»، ولص مجوهرات الشيخ «المختار» …

انهار الرجل على الفور … وشحب وجهه وتسارعت أنفاسه، وصاح مستعطفًا: أنا مظلوم يا سيدي المفتش … مظلوم …

المفتش: أين «كمال رياض»؟

الرجل: لقد خرج منذ الصباح، وسيعود في العاشرة …

التفت المفتش إلى أحد الضباط قائلًا: أبعِدوا السيارتين عن الباب … واختبئوا بحيث لا يراكم الرجل عندما يعود …

وأغلق المفتش الباب خلفه ثم قال ﻟ «نوفل»: والآن، أين المجوهرات؟ …

ردَّ الرجل: أقسم لك يا سيدي المفتش إنني بريء … إنني لم أسرق مجوهرات ولا عَلاقةَ لي بهذا الموضوع …

المفتش: أين كنت إذن ليلة الجمعة الماضية؟

تردَّد الرجل، وأخذ ينظر حوله بعينين زائغتين، فقال له المفتش: سأقول لك أنا … كنت تتعشَّى في نادي الصيد مع الشيخ «المختار» وبعض أصدقائه …

فتح الرجل فمه في ذهول … فقال المفتش: كنت تقوم بدور صديقك «كمال رياض» … أليس هذا ما حدث؟ رُدَّ بسرعة …

قال الرجل مستسلمًا: هذا صحيح يا سيدي المفتش … ولكني لم أسرق المجوهرات، ولا دخل لي بها … إنني بريء، ولم أكن أعلم أن «كمال» سيسرقها …

المفتش: احكِ لنا كلَّ ما حدث ليلتها … وما هي عَلاقتُك ﺑ «كمال رياض»؟

أخذ الرجل يروي القصة: التقيت ﺑ «كمال رياض» منذ عشر سنوات تقريبًا … وقد حدث هذا بالصدفة، ولاحظنا التشابه الشديد الذي بيننا، وأصبحنا أصدقاء، وكان يُكلِّفُني أحيانًا أن أقوم بدوره في أحد الأماكن … أو في إحدى الصفقات … وفي يوم الخميس الماضي طلبني تليفونيًّا لأحضُرَ إلى منزله فحضرت … وطلب مني أن أستعدَّ ليلةَ الجمعة لتناولِ العشاء مع بعض أصدقائه على أنني هو … وقدَّم لي ملابس سهرة من عنده، وأخبرني أنَّ الشيخ «المختار» سيمرُّ بسيارته ليأخذني معه، وقد طلب مني أن أتظاهر بأنني أتألَّم من أسناني، وألَّا أتكلم مُطلقًا … فالفارق الوحيد بيني وبينه هو الصوت …

هزَّ المفتش رأسه، ونظر إلى «تختخ» بإعجاب، وقال: يا لك من ولد داهية … ثم التفت إلى «نوفل»، وقال له: أكمل …

نوفل: وتظاهرتُ في السيرك بأنني مريض بأسناني … ووضعتُ أحدَ الأقنعة على المخدة في سريري، ووضعت بعض الثياب وعليها الغطاء وكأني نائم … ثم جئت إلى منزل «كمال»، ولبست ملابس السهرة، وانتظرت حتى حضر الشيخ «المختار» ونزلتُ إليه وأنا أضع منديلًا على فمي متظاهرًا بالألم … وذهبت معه إلى النادي، وأخذت مكانًا مظلمًا جلست فيه زيادةً في الحَيْطة … وظلِلْتُ أضعُ المنديل على فمي متظاهرًا بالألم … ثم عدت إلى منزل «كمال» بعد العشاء فوجدته مبتهجًا جدًّا، وأعطاني مائةَ جنيهٍ؛ مكافأةً لي على القيام بدوره!

المفتش: ألم يقل لك لماذا يريدك أن تقومَ بهذا الدور؟

نوفل: لا مطلقًا … وفي كل مرَّةٍ كان يطلبني للقيام بدوره كان يعطيني مكافأةً طيِّبةً، ولا يقول لي عن السبب.

المفتش: في الليلة التي ذهبت فيها لتناول العشاء على أنك «كمال رياض» … قام هو بالسَّطْوِ على فيلَّا الشيخ «المختار» وسرق مجموعةً نادرةً من اللآلئ …

شحب وجه «نوفل» أكثر، وقال: ولكن الجرائد لم تنشر شيئًا عن السرقة …

المفتش: هذا صحيح … فقد طلب منا الشيخ «المختار» ألا يُنشرَ شيءٌ عنها حتى لا يتعرَّض اسمُه لكلام الناس …

نوفل: إنني بريء يا سيدي المفتش …

المفتش: سيقول القضاء إذا كنتَ بريئًا أم لا … ولا تنسَ سوابقَك الكثيرة …

في هذه اللحظة سمعوا مفتاحًا يدور في قُفْلِ الباب … ثم ظهر «كمال رياض»، ولم يستطع «تختخ» أن يمنع شهقةً قويةً خرجت من فمه … فلأول مرَّة في حياته يرى شخصًا كأنه شخصان … وشخصَين كأنهما شخصٌ واحد … كانا متشابهَيْن تمامًا … إلَّا من بعض التفاصيل البسيطة التي قد تخفَى على العين …

حاول «كمال رياض» أن يتراجع، ولكن حركة أقدام رجال المفتش ارتفعت خلفه … ووقف المفتش وقال: ادخل یا «کمال» أنت مقبوض عليك …

كمال: بأيَّة تهمة؟

المفتش: أولًا، بتهمة سرقة مجوهرات الشيخ «المختار» … ثانيًا، سنجد لك تُهَمًا أخرى، فلا بد أن الأدوار التي قام بها «نوفل» نيابةً عنك خلفها جرائمُ أخرى سنعرفها … والآن أين المجوهرات؟ …

تردَّد «کمال» لحظات، ولكن نظرة المفتش القاسية حرَّكته من مكانه، فدخل إلى إحدى الغرف، ودخل خلفه المفتش، وخرجا بعد لحظات وبين يدَي المفتش لفَّةٌ أدرك «تختخ» أنها لفَّةُ المجوهرات …

وطلب المفتش من رجاله اقتيادَ الرجلين إلى مبنى المباحث الجنائية، ثم التفت إلى «تختخ» قائلًا: هيَّا بنا لمقابلة الشيخ …

وسار الاثنان في الظلام … وكان المفتش يضع يده على كتف «تختخ» ويُحدِّثه قائلًا: إنك ولد لا مثيلَ لك … وكل ما أتمنَّاه عندما تكبر أن تُصبح ضابطًا في الشرطة …

ودخلا إلى فيلَّا الشيخ، وكان الشيخ يجلس مع الأصدقاء، فلمَّا شاهد المفتش قال: مرحبًا بك يا سيدي المفتش … هل هناك أخبار؟

مدَّ المفتش يده بالمجوهرات قائلًا: هذه هي الأخبار …

الشيخ (مندهشًا): ما هذا؟

المفتش: المجوهرات يا سيدي الشيخ …

أخذ الشيخ يفتح اللفَّة وهو لا يكاد يصدِّق نفسه … واتَّجهتْ أنظارُ كلِّ الموجودين إليه، وما كادت اللفة تُفتح حتى تلألأ بريقُ المجوهرات يخطَفُ الأبصار … والتفت الشيخ إلى المفتش قائلًا: أشكرك …

قال المفتش: أرجو أن توجِّهَ الشكرَ إلى «توفيق» … إنه الذي قام بكلِّ شيء …

أحنى «تختخ» رأسه في خجلٍ، وقالت «لوزة»: ماذا حدث؟ كيف عثرتم على المجوهرات؟ … هل تُخفي عنَّا شيئًا یا «توفیق»؟

تختخ: أبدًا … لقد كانت مجرد فكرة قد تُخطئ … وقد تُصيب …

المفتش: وقد أصابت تمامًا …

قال الشيخ: اجلسوا من فضلكم، ودعونا نسمع ما حدث …

المفتش: سيروي لكم «توفيق»؛ فهو البطل الحقيقي للقصة …

قال «تختخ»: بدأت أشكُّ في وجود شخصين في العملية، وليس شخصًا واحدًا منذ البداية، ولكن هذا كان يحتاج إلى إثبات … لقد أكَّدت «محسنة» أنها رأت «كمال رياض» وهو يحمل المجوهرات … وفي نفس الوقت كان «كمال رياض» يتعشَّى على بعد عشرات الكيلومترات، ولا يمكن أن يوجد شخص في مكانين في وقت واحد … فلمَّا رأيتُ صورةَ «سمير» الممثل، واسمه الأصلي «نوفل أبو إسماعيل» من أرباب السوابق … بدأت أفكر مرَّة أخرى في وجود الشخصين، خاصةً عندما علمتُ أنَّ «كمال رياض» كان يسكن في الفيلَّا … وكان في إمكانه أن يحوزَ مجموعةَ مفاتيحَ لها، فإذا استطاع شخصٌ أن يقومَ بدور «كمال رياض» في حفل العشاء … فإنَّ «كمال رياض» يمكن أن يقوم بالسرقة دون أن يشكَّ فيه أحد … وزاد شكِّي عندما علمت من الشيخ «المختار» أنَّ «كمال رياض» لم يتكلم طول ليلة العشاء برغم أنه مشهور بالثرثرة … معنى ذلك أنَّ الشخص الذي كان معهم على العشاء لم يكن «كمال رياض»، بل كان الممثل «سمير» الذي يُشبهه، ويُمكن أن يقومَ بكل الأدوار … ولكنه لا يستطيع أن يتحدَّث في نفس الموضوعات التي يتحدث فيها الأصدقاء … وحتى لا يكشف اختلاف صوته … وجهله بالموضوعات التي يتحدثون فيها … فقد تظاهر بآلام أسنانه ووضع المنديل على فمه … وهكذا قام بدوره خيرَ قيام …

المفتش: ألم أقل لك إن «محسنة» بريئة …

تختخ: نعم … بريئة فعلًا … ولولاها ما عرفنا كيف نستردُّ المجوهرات … فلولا أنها استيقظت ورأت «کمال رياض» … لكُنَّا ما زلنا حتى الآن نتخبَّط في الظلام …

الشيخ: سوف أقدِّم لها مكافأةً سخية …

تختخ: إنها تستحقُّها عن جدارة …

الشيخ: ولكم أيضًا …

تختخ: إننا لا نأخذ شيئًا مقابل جهودنا … يكفي أنْ نردَّ لضيفٍ عزيزٍ مثلك — ومن دولة شقيقة — ما سُرِق منه … إنَّ هذا هو أعظمُ مكافأةٍ لنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤