عقبات في الطريق

عندما عادت «لوزة» إلى الأصدقاء كانوا جميعًا مشتاقين إلى سماعها، فلم يكن لهم نشاط في حل اللغز … وكانت «لوزة» هي أملهم الوحيد في الحصول على معلومات تُؤدِّي إلى العصابة في الوقت المناسِب لإنقاذ «عصام»!

قالت «لوزة» لقد حصلت على معلومات هامة … ولكنها للأسف ناقصة … فقد كان لا بد أن أترك «مجدي» لقرب عودة والده.

قال «تختخ»: لا بأس، عليك أن تقولي لنا ما سمعته … بالضبط … وعلينا جميعًا أن نستمع جيدًا، فقد تكون كلمة واحدة كافية لحل اللغز.

وبدأت «لوزة» تعيد ما سمعته بالضبط من «مجدي». كأنها جهاز تسجيل قد سُجِّل عليه الحديث … لم تترك كلمة لم تقلها … وعندما توقفت صاح الأصدقاء في نفس واحد: أفي الإسكندرية وجد نفسه أم في الفيوم؟

ردت «لوزة»: هذا ما لم أعرفه!

قال «محب»: لماذا؟

لوزة: لأنه توقف عن الحديث في هذه اللحظة، فقد حان موعد عودة والده!

عاطف: لقد اختار وقتًا مناسبًا حقًّا … ليتركنا في أشد الحيرة.

لوزة: هذا ما حدث بالضبط … وغدًا نعود إلى إتمام الحديث!

تختخ: على كل حال … حصلنا على معلومات لا بأس بها … فهناك مقر للعصابة في إمبابة، وأرجح أن العصابات قد غيَّرته طبعًا؛ لأن «مجدي» يعرفه، أو تظن العصابة أنه يعرفه … وهناك عضوان في العصابة يعملان في القاهرة فقط … مهمتهما سحب الأولاد المطلوب خطفهم إلى مقر العصابة في القاهرة، ثم تقوم العصابة بنقلهم إلى مكان بعيد بعد تعصيب عيونهم، حتى لا يعرفوا إلى أين يذهبون.

نوسة: لكن ينقصنا الكثير … تنقصنا معرفة مقر العصابة في المكان البعيد الذي ينقلون إليه الأولاد … وتنقصنا الطريقة التي تتسلم بها العصابة الفدية … وهي كلها معلومات ضرورية … بل هي المعلومات الهامة.

لوزة: على كل حال سوف أحصل على هذه المعلومات غدًا … فهل هناك أسئلة أخرى تريدون الحصول على الإجابة عنها من «مجدي» حتى أسأله عندما أقابله؟

تختخ: ليست هناك أسئلة معينة … المهم أن تجعليه يروي كل شيء … وإذا أحسست أن هناك نقطة غير واضحة، فاسأليه أن يوضحها لك.

لوزة: هذا ما أفعله بالضبط!

محب: والآن ماذا نفعل؟

عاطف: لا شيء … سوى أن نطرقع أصابعنا في انتظار الغد!

وضحك الأصدقاء وانهمكوا في بعض الألعاب المسلية، ثم تفرقوا على أن يلتقوا مرة أخرى في منتصف الغد، بعد أن تعود «لوزة» من مقابلة «مجدي».

وفي صباح اليوم التالي … في التاسعة كالمعتاد، كانت «لوزة» تتجول حول الفيلا الكبيرة التي يسكنها «مجدي» وهي تحمل «الهارمونيكا» … ولكنها لم تعزف عليها، فقد كانت على موعد معه.

مرت بضع دقائق بدون أن يظهر «مجدي» … لكن «لوزة» لم تقلق، فقد تصوَّرت أنه مشغول، وسوف يظهر بين لحظة وأخرى … لكن دقائق أخرى مرت بدون أن يظهر … وبدأت «لوزة» تحس القلق … ونظرت إلى الحديقة … لم يكن هناك أحد على الإطلاق …

دارت «لوزة» حول الفيلا دورة واسعة، وهي تتطلَّع إلى نوافذها … كانت بعض النوافذ مفتوحة مما يدل على وجود أسرة «مجدي» بها … وخيل إليها أنها رأت من خلال نافذة مفتوحة رأس «مجدي» وهو يَعبُر الغرفة سريعًا. فأخرجت «الهارمونيكا» وبدأت تعزف عليها، وهي تُلقي ببصرها إلى النافذة … وفعلًا رأت «مجدي» يُسرع إلى النافذة وينظر منها … ثم رأت الحارس يقترب سريعًا ويجذبه إلى الداخل، ثم يغلق النافذة!

أدركت «لوزة» أن أسرة «مجدي» قرَّرت منعه من مقابلتها … وفعلًا ظهر الحارس في الحديقة، وأقبل نحوها مسرعًا ثم صاح بها: ابتعدي من هنا … لا تعودي مرة أخرى … إن «مجدي» يرفض مقابلتك.

أحسَّت «لوزة» بالاضطراب، وأسرعت تبتعد، وقد دارت في رأسها عشرات الأفكار والخواطر … هل يشكُّون فيها؟ هل يعتقدون أنها من العصابة مثلًا؟ شيء غير معقول!

أخذت «لوزة» تجري حتى وصلت إلى منزلها … لم يكن أحد من الأصدقاء قد حضر بعد … حتى شقيقها «عاطف» كان قد خرج … وجلست تحت شجرة في الحديقة، ووضعت رأسها بين كفيها وأخذت تفكر … ماذا يجب عمله الآن؟ ولم يكن هناك حل سوى انتظار الأصدقاء.

مضى نحو ساعة وهي تجلس وحيدة حتى حضر «عاطف» ولم يكد يشاهدها حتى صاح: لقد عدت مبكرة، لا بد أن عندك أخبارًا هامة!

لوزة: نعم … هامة جدًّا!

عاطف: ما هي؟

لوزة: إننا لن نحصل على معلومات أخرى!

عاطف: لماذا؟ هل أصيب «مجدي» بالخرس فجأة؟

لوزة: ليس هذا وقت اللهو يا «عاطف»!

عاطف: لماذا إذن لن نحصل على معلومات جديدة؟

لوزة: لأن «مجدي» لم يقابلني … وأظنه لن يُقابلني بعد الآن أبدًا، لقد منعوه من مقابلتي، وكاد حارسه الخاص أن يفتك بي!

عاطف: هل ضربك؟

لوزة: لا، طبعًا! … هل كنت تريده أن يضربني أيضًا؟

عاطف: حتى أذهب إليه وأكسر عظامه!

لوزة: إنك تقول هذا الكلام لأنك لم تره … إنه يستطيع أن يضربك بإصبع واحدة!

واحتد «عاطف» ووقف، وقبل أن يقول كلمة واحدة كان «تختخ» و«محب» و«نوسة» قد وصلوا … وبنظرة واحدة استطاعت «نوسة» أن تعرف أن أخبارًا سيئة في انتظارهم، وفعلًا روت لهم «لوزة» ما حدث.

فقال «محب»: إنه لغز معقَّد من أوله … فليست هناك معلومات … وحتى المعلومات التي نحصل عليها مجرد أصوات سمعها ولد صغير … مشكلة صعبة حقًّا!

تختخ: ليس هذا وقت اليأس … إن هناك ولدًا مخطوفًا لا بد أن يعود إلى أهله، وعلينا أن نجد وسيلة لاستكمال المعلومات.

عاطف: كيف؟! بالقمر الصناعي مثلًا؟

تختخ: بدون قمر صناعي … هناك وسائل أخرى للوصول إلى «مجدي» والحديث معه.

عاطف: كيف؟

تختخ: هناك التليفون مثلًا … وهناك أن نزوره ليلًا … وهناك أن نحاول توصيل رسالة إليه!

لوزة: نعم … لا بد أن نحاول!

نوسة: سنُحاول طبعًا!

لوزة: لنُحاول أن نحادثه تليفونيًّا!

تختخ: هناك مشكلة ألا يردَّ هو على التليفون، ففي الأغلب سوف ترد والدته أو والده أو الحارس … وسيعرفون أننا نحاول الاتصال به … ومن الأفضل أن نبحث عن حل آخر.

محب: لنرسل إليه ساعي البريد يحمل رسالة منا، ويطلب الرد عليها.

عاطف: أي ساعي بريد؟

محب: «تختخ» طبعًا، وهل هناك ساعي بريدٍ غيره؟

لقد أدى هذا الدور بمهارة في ألغاز سابقة!

تختخ: تمامًا … هذا هو الحل … وسنُنفِّذه فورًا … وستكون الخطة كالآتي: سأذهب الآن بسرعة إلى المنزل … وأتنكر … وعليك يا «محب» أن تسبقني إلى فيلا «مجدي». وتراقب … وسأقف أنا بالدراجة بعيدًا، فإذا رأيته فأشِر لي بمنديلك، وسوف أسرع إليه.

ودبت الحياة في الأصدقاء من جديد، فأسرع «تختخ» إلى منزله، واصطحب «محب» «لوزة» معه، واتجها إلى فيلا «مجدي»، لتشير له عليها من بعيد حتى لا يراها أحد.

قال «محب» وهما في الطريق: وهل هذا موعد توزيع بريد؟

لوزة: لا أظنُّهم سيلتفتون إلى هذه الملاحظة!

محب: قد يلاحظون أن ساعي البريد ليس هو الساعي المعتاد!

لوزة: عليك قبل أن تشير إلى «تختخ» أن تتأكَّد أن الحارس مشغول بشيءٍ آخر.

محب: هناك فكرة أخرى … أن تشغليه أنت … اذهبي إلى قرب السور، وعندما يراك الحارس سوف يندفع إليك وينشغل بك … وسوف أشير إلى «تختخ» ليتَّجه إلى الفيلا.

وهكذا اتجها إلى الفيلا، وهما يأملان أن يكون «مجدي» في الحديقة.

ولحسن الحظ كان هناك، والحارس يقف بعيدًا عنه يلاعب الكلاب.

ووقفت «لوزة» و«محب» في انتظار ظهور «تختخ». وبعد قليل سمعا صفارة أدركا منها أن «تختخ» قريب … وهكذا ظهرت «لوزة» متجهة إلى جانب بعيد من السور محاولة لفت نظر الحارس إليها.

رأى الحارس «لوزة» فاندفع ناحية سور الحديقة وهو يَصيح، ودارت بينهما مناقشة حادَّة استولت على كل اهتمامه. وفي هذه اللحظة أشار «محب» بمنديله، فأسرع «تختخ» إلى الحديقة، ودفع الباب في جرأة، واتجه إلى «مجدي»، ودفع إليه بورقة قائلًا: من «لوزة».

ثم أسرع مبتعدًا … وفي الوقت نفسه ابتعدت «لوزة» عن السور. ولم تمض لحظات حتى كان الثلاثة يجتمعون في أحد الشوارع الجانبية وهم يَضحكون، فقد نفذوا الخطة بإتقان بدون أن يشك الحارس في شيء … بل إنه لم يرَ ساعي البريد المزيف.

قال «محب»: ماذا كتبت له في الرسالة؟

تختخ: كتبت له … اكتب لنا بقية ما سمعت في ورقة … وغدًا صباحًا في التاسعة بالضبط، سيظهر ساعي البريد مرةً أخرى … إذا استطعت الوصول إليه فسلِّمها له … أو اقذفها خارج السور، وسوف نحصل عليها. ثم وقعت على الورقة باسم «المغامرين الخمسة».

لوزة: كانت خطة بارعة!

واتجه «محب» و«لوزة» إلى الحديقة، في حين أسرع «تختخ» إلى منزله حيث أزال التنكر، ثم عاد إلى الأصدقاء، فقضوا بعض الوقت يتناقشون. وعندما حان موعد الغداء تفرقوا على أن يقوم «تختخ» في اليوم التالي بالذهاب إلى فيلا «مجدي» للحصول على الرد.

عندما وصل «تختخ» إلى منزله وجد أن المفتش «سامي» قد اتصل به، فأسرع إلى التليفون وطلبه، وقال المفتش: لقد تحركت العصابة اليوم، وطلبت فدية من والد «عصام» إنهم يطلبون خمسة آلاف جنيه.

تختخ: وهل حدَّدوا كيف يتسلمونها؟

المفتش: لا … لقد طلبوا تجهيزها فقط إلى أن يتصلوا بهم مرة أخرى في وقت قريب.

تختخ: إننا نحاول الحصول على معلومات من «مجدي»، برغم صعوبة الاتصال به، لكن غدًا قد نحصل على المعلومات المطلوبة، فما وصلنا إليه حتى الآن ليس كافيًا.

المفتش: للأسف سوف أُسافر غدًا في مهمة ضرورية جدًّا.

تختخ: لا بأس … سنُحاول حتى تعود.

المفتش: إلى اللقاء.

تختخ: إلى اللقاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤