الأدب الشعبي

هو الأدب الذي يُصدره الشعب، فيُعبِّر عن وجدانه ويَعكِس اتجاهاته ومستوياته الحضارية. وقد أقرَّ مجمع اللغة بالقاهرة «المأثورات الشعبية لكلمة فولكلور». وأول من استعمل كلمة فولكلور للدلالة على الآثار الشعبية القديمة هو العالم الإنجليزي تومذ، وقد صاغ تومذ كلمة فولكلور من كلمتين هما فولك بمعنى الشعب أو الصف من الناس، ولور بمعنى الحكمة. إلا أن اللغات العالَميَّة بوجه عام تُعبِّر عنها بالفنون الشعبية.

خصائص الفنون الشعبية

هذه المأثورات يجب أن تتَّصف بالعراقة حتى تكشف لنا عن حياة الأجداد، سواءٌ كانت هذه الأصالة تتَّصل بالموسيقى، أو بأعمال الفخار، أو بأغاني المُناسَبات، أو نحوها من الفنون الشعبية الأصلية. ثانيًا: أن تتَّصف بصفة الحيوية بأن تكون جارية فى الاستعمال اليومي؛ فالمأثورات الشعبية الجامدة لا تُعدُّ من التراث الشعبي. ثالثًا: يجب أن تُؤخذ الأقوال من أفواه قائليها، فيَنبغي إذن على الذي يريد أن يَجمع هذه المأثورات أن يَذهب إليهم فى القرى وفي الصحاري والوديان، ويُسجِّل منهم ما يُريده. فالأدب الشعبي يؤدي إلى وظائف اجتماعية أهمها تكوين وخلق قوالب انفعالية وسلوكية تُعين المجتمع على الاحتفاظ بتماسُكه، ويقوم بوظيفة التربية، كما أنه يُساعد على حلِّ كثير من مشاكلنا الأدبية والفنية.

الأدب الشعبي أداة تثقيفية وصور جمالية، وفوائده تَشمل الفنون القولية كفنون الشعر الشعبي من المواليا، الزجل، التواشيح، الدوبيت، الأغنية الشعبية، الأهازيج، أغاني الآبار، أغاني ترقيص الصِّبية، أغاني الفلاحين. وفنون النثر الشعبية، الملحمة، السيرة الشعبية، أدب النواح، أدب المدائح، الأسطورة الأمثال والحكم، الأحاجي والقصص الخرافية، الألغاز والنوادر.

الرقصات الشعبية

  • رقصة النقارة: هي رقصة شعبية عادةً تُقام في الأفراح، مثلًا في الأعياد الرسمية والشعبية في الزواج والختان والانتصار في الحرب، وهي تُعبِّر عن الأفراح أيًّا كانت نوعها أو طريقة أدائها، وهي رقصة سريعة تَشترك فيها الفتيات وتعتمد على الإيقاع، حيث تبدأ ضربات إيقاع آلة النقارة التي تُصاحب الرقص، وعادةً ما تُستخدَم أكثر من نقارة متفاوتة الأحجام في وقت واحد لتُكوِّن مع بعضها إيقاعات متقاطعة مُركَّبة، وتكون جموع الشبان في شكل دائري يتوسَّطُهم النقار وهو الشخص الذي يَضرِب النقارة، ونجد الفتيات في دائرة داخلية وهنَّ مصدر الغناء والطرب، بينما الفتيان في الدائرة الخارجية. وأحيانًا يتشكَّل صفٌّ من الفتيات وصفٌّ من الشبان ويرقصون بالرقاب والرءوس إلى أعلى ويقترب الصفان ثم يتباعدان على إيقاع النقارة.
  • رقصة كليبو: هذه الرقصة للنساء فقط، بحيث تأخذ النساء شكلًا دائريًّا يتوسطهن الضارب على النقارة رجلًا كان أم امرأة، ويَبدأ اللعب في شكل هروَلة وتمايُلات في الخصر والأطراف في شكل إشارات وإيماءات مع قفزات خفيفة. وتزداد ضراوةً كلما اشتدَّت الأغاني وارتفعَت الأصوات.
  • رقصة شوشنقا: هي رقصة تُشابه رقصة كليبو، إلا أنها تَختلِف في سرعتها وفي الحركات وإيقاعات النقارة المتنافسة، مع حركة الرقصات السريعة مع اللعب بالضَّفاير المُرسَلة يمينًا وشمالًا على حسب هزة الرأس، ويُهرولن في شكل دائري حول ناقر النقارة، ويبدأ الرقص للنساء فقط، وهذا لا يعني عدم تدخل الرجال نهائيًّا، بل يَتنافسون للدخول لحظة بعد الأخرى لرفع الرُّوح المعنوية للرقص، وإعطاء بعض الهدايا للنقار أو الراقصة الماهرة، وغالبًا ما تكون نقديًّا.
  • رقصة التونيجي: وهي رقصة مختلفة تؤدَّى بحماس وقوة، ويكون الرجال في الصف المعاكس وتتقدم إحدى الفتيات نحو الرجال للتنبيه على المجموعة التي تم تعيينها، والمطلوب إنزالها في ساحة الرقص من الرجال، حيث يَتماوَج الرجال بأجسامهم مع الضَّرب على الأرض بالأرجل، بينما النساء يَقفِزن قفزات خفيفة وقصيرة مُصاحِبة بالتصفيق بالأيادي، واهتزاز الرأس واللعب بضَفاير الشَّعر، مع تحريك كل أعضاء الجسم بإشارات معبِّرة. ويُلوِّح الشاب بالقرجة، وحينها يشعر الشاب بأنه في قمة النشوة والاستمتاع بالرقص.
  • رقصة الصلبونج: وهي من أجمل وأرقى الرقصات عند الميدوب، وهو رقص يمتاز بالقفز العالي تُصاحبه بعض الأصوات التي تنبعث من حناجر الشباب وتهتز حلبة الرقص، وتشارك الفتيات والفتيان في هذا الرقص على نفس المنوال والنمط، فقط الفتاة ترقص هذه الرقصة وهي صامتة، بينما يقوم الشباب ببعض الصيحات دلالةً على إبراز القوة والعزيمة ومدى انسجامهم مع الرقص أثناء الأداء.
  • الصقرية: من الرقصات المرتبطة بالفروسية، وتَنتشِر في سهل البطانة وشرق السودان، وسُمِّيت بالصقرية لأن الراقصين يَهزُّون سيوفهم وهم في وضعية أشبه بمشية الصقر الجارح، بل يَتمادون في أن يَفرد أحدهم ملفحته مشبهًا جناحَي الصقر ويَرقد الآخر على الأرض كما الضحية ويَحوم حوله الثاني فاردًا جناحيه كالصقر الكاسر منقضًا على فريسته.
  • الجراري: هو نوع من الإيقاع يُطلق عليه «الكر» أو «الكرير»، ومصدر اشتقاقه يكون من كر، يَكرُّ أو من كرَّر من التكرار، أي الترداد، فالجراري يعتمد على ترداد نبرة محدَّدة من الصوت وفي نفس الوقت يعتمد على سحب النفس وإرجاعه «زئيرًا»، مما يمكن إرجاعه في الحالة الأولى لكلمة «كرر» من التكرار، وفي الحالة الثانية للمعنى الآخر «الكر». وصِفَة الكرير في الجراري تَعتمد على إصدار الفِتيان بشكل جماعي لصوت جهور يَصدر من الجوف أشبه بخوار الثور، ولها عدة صِيَغ، المشهور منها ثلاث؛ الأولى: هي صيغة الكرير، أما الثانية: فيُطلَق عليها الحسيس، والحسيس كلمة معروفة في اللغة العربية ومعناها الصوت، وصيغة الحسيس تشبه لحد ما الصيغة الأولى من ناحية أن الصوت في كلَيهما يصدر من الجوف لكنهما يَختلفان في سرعة الإيقاع؛ فإيقاع الحسيس سريع جدًّا يُشبه لحد كبير نهيق حمر الوحش. أما الصيغة الثالثة: فهي العرضحال وتعودُ إلى كلمتَي «عرض، حال»، وهي ترمز بهذه الصفة للمعنى الحقيقي لذلك الغرض. والعرضحال في الجراري هو نوع من الإيقاع ممزوجٌ بين المدح والجواب عبارة «أعهم» التي لا تُنطق مباشرة وإنما يُصدرها الشبان من خلال نبرة صوتية مُعيَّنة تَصدر من الحلق كنُطق حرف العين في العربية مع عبارة همَّ (مشدَّدة)، بشكل أشبه ما يكون برغاء البعير، ومثال لذلك كأن يُردِّد مجموعة من الشباب بعض عبارات الشكر مثل «هيا بوبي ما رد لي سلام.» فتُجيب المجموعة الأخرى بعبارة «أع همَّ». وسُمي عرضحال بذلك نظرًا لصِيَغ المشكار (المدح) التي تلازمه، فكلماته تنمُّ عن عرض حال حقيقي حيث يشكو الشبان حالهم خلالها بمُختلف العبارات.

غناء الجراري ورقصته:

بينما يقوم الرجال بعملية الكرير وهو إيقاع الرقصة فإنَّ الفتيات على الجانب المقابل يَقُمن بأداء الرقصة بصورة رائعة جدًّا حيث تعتمد طريقة أدائها على الرقبة كما الحال في بقية أنحاء السودان، فيعود الشبان بمكافأتهنَّ بدق «السَّكة»، والسكة هي عملية ضرب أحد القدمين بالأرض بشكل عنيف ويعتمد وقعها وتأثيرها لدى الفتيات على مدى قوتها، فتقوم الفتيات بالمكافأة برمي «الشبال»، وكيفية الشبال هي أن تقوم الفتاة بهزِّ رأسها يمنةً ويسرة بإيقاع سريع لمرة أو أكثر بحيث يتحرَّك معها الشَّعر بوضع مُتناثرًا يفوح منه رائحة الكركار (الزيت المعطر)، وهنا يزداد حماس الشبان.

  • رقصة المردوم: هي من الرقصات الشعبية في كردفان التي يقوم فيها الراقص من الشبان بضرب الأرض بقدمَيه بطريقة معيَّنة، ووفقًا لإيقاع محدَّد يلتزم به كل الراقصين الذين يَرتدون ثيابًا مزركشة وكشاكيش مصنوعة من المواد المحلية تُلبس في الأرجل، بالإضافة للسكين التي تُوضع على الذراع بوضوح كرمز للشجاعة كما درج أهالي تلك المناطق.

وللمردوم عدة أغنيات، منها الأغاني القصيرة السريعة الإيقاع، ويَتعارف عليها أهالي كردفان بالفنفان ويَظهر دور الفتيات (البنات) بوضوح في رقصات المردوم حيث يَقُمن بأداء الأغنيات بعد أن يَصطفِفنَ في شكل دائري داخل الحلبة وخلفهنَّ يقف الشبان الذين يكونون في كامل هندامهم وزيهم التقليدي المعروف، ويُعتبر التصفيق وسيلة مهمة لرفع مستوى الحماسة عند الرجال، وترتدي الفتاة التي تؤدي الرقصة كل ما يجعلها زاهية وفي كامل هندامها وزينتها حيث ترتدي حليًّا شعبية مثل الودع والتلال والسكسك والشف والزمام والعاج الذي يَلبسنه في شكل أساور، علاوة على مسميات أخرى للزينة المحلية مثل التميمي والجبيري، وتُعدُّ «القلالة» بمثابة المايسترو والمُغني على السواء، حيث تتحكَّم في كل تفاصيل الغناء وتمتلك زمام المبادرة في الحلبة وتتميَّز عن غيرها من رصيفاتها بحلاوة الصوت والجراءة فيما يقمن الأخريات بدور «الشيالة» مردِّدين للأغنية خاصة للحبيب المفارق حيث يقلن:

بت أم سبيب مقلوبة قلب شديد،
سافر بعيد خلاني بلد الصعيد،
البلد كردفان وليالي عيد،
شفتوا الحبيب خشيمه لبن جديد.

ويردُّ الشباب أيضًا على أغنيات الفتيات بعبارات تُخلِّد بعض الأسماء ولكن دون تخصيص لاسم المحبوبة؛ لأنه إذا خصَّص الاسم فإنها ستكون بداية لمعركة طاحنة، ومن أغنيات الشباب:

مريوما حب القليب كواني،
الشماشة خاصموه علْي شاني،
القمير الضَّو فرقاني.

وداخل حلبة الرقص تَتناوَب البنات تدخل إحداهنَّ وتخرج الأخرى دون أن تغيب الرقصة أو يختل إيقاع الأغنيات.

  • رقصة الكمبلا: تُعتبر الكمبلا من الرقصات الشعبية السودانية الشهيرة والتقليدية في جنوب البلاد، تشتهر بها قبائل النوبة في جنوب كردفان، وهي تقليد اجتماعي عبارة عن احتفالات متواصلة لفصل الخريف ومناسبات الزواج والمناسبات السعيدة المختلفة. كما تُعتبَر هذه الرقصة مهرجانًا للأزياء الخاصة التي تحمل دلالات القوة والشجاعة، ويَنتظرها أعضاء القبيلة بترقُّب كبير، وتُرافقها أغانٍ عن الشجاعة والكرم والأمل، وهي ترتبط بنضوج الصِّبية ويتشبَّه مؤدُّوها بالثيران القوية، حيث يضع الرجال قرونًا على رءوسهم ويَحملون على ظهورهم جلود حيوانات ثقيلة جدًّا دلالة على التحمل والقوة والشجاعة. وهنالك الكشكشة (الرنين) المصاحبة، وهي صادرة من إيقاع «الكشكوش» المصنوع من القواقع أو مجموعة من أغطية زجاج البيبسي تُربَط مقرونة بعضها مع بعض على الكاحل. ومن طقوس هذه الرقصة المميَّزة لا يحقُّ لمن هو دون سن العاشرة ممارسة رقصة الكمبلا، وفيها تُوزَّع النساء في حلقات ويقمن بترديد أغنيات فيما الرجال يَرقصون في الوسط ويقومون بحركات إيقاعية بالرجلَين وينتقلون من مكان إلى آخر، وعليهم بالرقص لأطول فترة مُمكِنة، ومن يصمد كثيرًا يُترك له مسئولية حماية القبيلة.
  • الكرنق: هي رقصة لأبناء جبال النوبة، تُمارَس من الجنسَين (الشبان والفتيات) بنغمات وإيقاعات تُضرب على الصفيح (الصفيحة) أو أداة تشبه الدلوكة، حيث يَصطفُّ الرجال والنساء في حلقة وتبدأ بخروج الفتيات في إيقاع سريع منتظم بضرب إحدى الرجلَين ويخرج من الجانب الآخر الشبان بنفس إيقاع ضرب الرِّجل مع صوت الصفارة، تُشاهَد بكثرة في أوقات الحصاد واكتمال البدر والاحتفالات بتنصيب الكجور أو الأعراس.
  • رقصة الأرجيد: تُعتبر من أشهر الرقصات فى بلاد النوبة، وهي عبارة عن صفين من البنات والأولاد يرقصون على الدف وهم يغنون أغنيات من التراث النوبي.
  • رقصة التحطيب: وهي رقصة خاصة بالشباب فقط، ولا تَشترك فيها السيدات لأنها عبارة عن مجموعة من الشباب الذين يقفون فى دوائر ممسكين بعصيِّ التحطيب على أنغام المزمار والربابة.
  • رقصة الكف، أو الأيدي: وهي عبارة عن صفَّين من الشباب والفتيات الذين يَرقصون مُستخدِمين أيديهم، وتُغطِّي الفتيات وجههنَّ، ومِن المُمكن أن يختار الشاب فتاةً منهن.
  • العرضة: هي نوع من الرقصات الشعبية وتكون قفزًا بالسيف للرجال وهم يبشرون على النساء الراقصات في الحفل.
  • الشبال: هو استعراض النساء لشَعرهنَّ المضفور والمزيَّن بالخرز في ساحة الرقص بصورة درامية تجعل الرجال يَتدافعون للرقص معهن.
  • الطنبور: هو اصطفاف الرجال في ساحة الرقص وهم يُغنُّون بصفقة مُدوِّية الأغاني الشعبية.
  • الطنابرة: هم الرجال الذين يؤدُّون الطنبور بإخراج الصوت من الحنجرة مع إيقاع الصفقة وضرب الأرجل.

آلات الإيقاع الشعبية

  • أم كيكي: هي آلة موسيقية وتَرية شعبية منتشرة في غرب السودان وسط قبائل البقارة، وتُسمى أيضًا «أم روابة»، ويذكر البعض أن أصلها من شبه الجزيرة العربية، ويُعرف الأشخاص الذين يعزفون على آلة أم كيكي ﺑ «الهدايين» المفرد «هَداي» وهم شعراء ومغنُّون في الوقت نفسه، أم كيكي عبارة عن صندوق يُصنَع من ثمر نبات القرع ويُغلَّف بجلد الأغنام، ولها وتر واحد مُثبَت على عمود متَّصل بالصندوق ويَعزف عليه بوتر مُثبَّت على قوس مصنوع من فروع الأشجار.
  • الدلوكة: هي آلة إيقاعية شعبية تنتشر في مختلف أرجاء السودان خاصة الوسط ويتمُّ صنع جسمها المخروطي الشكل المجوَّف بفتحتَين من الفخار تُغلَّف إحداها بجلد الأغنام، وهي الجانب الذي يُعزف عليه بالضرب بكفِّ اليد اليسرى واليُمنى وأحيانًا مع الضرب بكوع أو بوع اليد.
  • الشتم: آلة إيقاعية صغيرة تُصاحب عادةً الدلوكة ويُعزف عليها بالنقر عليها بعصيٍّ رقيقة وصغيرة.
  • الطمبور: آلة شعبية وتَرية مُنتشِرة في كافة أرجاء السودان وخاصةً في الشمال وتُعرَف فيه بهذا الاسم، لكنَّها تُسمى «باسنكوب» في شرق السودان والربابة في غرب السودان وفي الجنوب تُعرف باسم توم، وتَختلِف من منطقة لأخرى من حيث الحجم وتتكوَّن من خمسة أوتار وصندوق خشبي أو معدني في أغلب الأحيان يتمُّ تغليفُه بجلد الأغنام.
  • البالمبو: آلة شعبية تُصنَع من الخشب بأطوال مُتفاوتة وتُثبَّت على قاعدة خشبية مُستطيلة الشكل ويتمُّ العزف عليه بالطَّرق على الأخشاب باستخدام عصًا خشبية قصيرة.
  • الكوندى: آلة شعبية لها صندوق خشبي تُثبَّت عليها شرائح من الحديد مُتفاوتة في الطول، ويتمُّ العزف عليها بأصابع اليد اليُمنى واليُسرى في وقتٍ واحد.
  • الوازا: آلة نفخ شعبية تنتشر بشكل خاص في منطقة جنوب النِّيل الأزرق بالسودان تتكوَّن من عدة أبواق قمعية الشكل مُلتصقة بعضها ببعض طوليًّا، وتتفاوت في الطول والحجم وتُصنع من نبات القرع، وكلُّ بوق يصدر صوتًا واحدًا.
  • الزمبارة: وهي عبارة عن مزمار أو ناي يُصنع من قصب نبات القنا على شكل أنبوب أسطواني أجوف صغير الحجم والطول.
  • الجنقر: شبيه بآلة الطمبور ولكنه كبير الحجم وغليظ الصوت ويتكوَّن من خمسة أوتار تُصنع من أمعاء الحيوان.
  • النقارة: آلة إيقاع شعبية مُنتشِرة في كل أرجاء السودان وبشكل خاص في غربه، وتُصنع من جذوع الأشجار المجوَّفة، ويكون شكلها مخروطيًّا به فتحة واسعة في الأعلى وأُخرى ضيقة في الأسفل ويشد على هذه الفتحات جلد ويُربط بسيور جلدية ويتمُّ الضرب عليها بعصًا.
  • الكيتة: هي عبارة عن بوق من جلد الغنم به فتحات يُنفَخ ليُصدِرَ أنغامًا حادَّة.

الشعر الشعبي

  • الهَداي: هو شاعرٌ ومُغنٍّ يعزف على آلة أم كيكي، مُشكِّرًا ومادحًا وأحيانًا هاجيًا، وله دورٌ اجتماعيٌّ متميِّز، ويَجد كثيرًا من الاحترام والتقدير، ولدَيه مكانة عالية في مجتمع البادية.

من شِعره قوله في البقر:

البقر ليهن شنة وليهن ونَّة،
البقر كل شيء بسونا،
والماشي أقروب
في عاتي الخيل ركبنا،
البقر للجيعان شبعنا
والعطشان أرونا،
والشايب الغلبان بقول يا لله.
البقر في ضفاير البنات السمحات رقدنا،
والمسجون في السجن البقر فكَّنا،
والبدور ليه حجة والبدور ليه جنة
البقر بودنا.

وقال وهو يرى فتاة مليحة تَحفر تيراب الفول وتأكلُه:

يا صبيرة الغلَّاب
لا تبحتي التيراب
كان أمك دايرة حساب
التملي رأسها تراب
  • الحكَّامة: وهي شاعرة ذات دورٍ اجتماعيٍّ متميز وتجد كثيرًا من الاحترام والتقدير، ولدَيها مكانة عالية في مجتمع البادية ومنوطٌ بها وتُوكَل إليها مهمة مراقبة قوانين وأسُس المجتمع، بل قد يتعدَّى الأمر إلى مراحل أبعد حيث يُمكنها أن تتعمَّد إثارة الحرب والنزاع بين قبيلة وأخرى أو تُساعد على إخمادها عبر الأشعار والأقوال المُرتجَلة والمنولوجات الشعبية التي تُخاطِب الوجدان، الأمر الذي جعَل مكانتَها عالية ومُهابة وسط المجتمعات هناك، ويَخشى الناس لسانها وهي تترصَّد الأخطاء، ونجد أن البعض في تلك المُجتمَعات يُمارِسون على الدوام التودُّد والتقرُّب إليها حتى كبار القبائل يفعلون ذلك بغرض تلميع صورتهم وسط أفراد القبيلة والقبائل الأُخرى، وتَحفَظ الحكَّامة توازُنَ تلك القبائل في كثير من المواقف، وهي لا تقول قولَها لغرضٍ أو طلب بل تتمتَّع باستقلاليتها حتى تَتمكَّن من أداء دورها بموضوعية تامة. وللحكَّامة مقدرة فائقة في حفظِ ورواية تاريخ الأبطال والشخصيات في الأفراح والأَتراح، وهي التي تُخلِّد سيرة الموتى بقَصائد غاية في البلاغة والرَّوعة. وعلى الرغم من أن مُعظَم الحكَّامات أُميات لكنهنَّ يَنظِمن الشِّعر بالفطرة وتتنوَّع أشعارهن ما بين المدح والفخر والرثاء والهجاء والكرم والجود ومدح الصِّفات الكثيرة لأفراد تلك القبائل، وهنَّ دائمات الفخر بالأهل والعشيرة ويَتمتَّعن بجرأة نادرة وشجاعة في إبداء إعجابهنَّ بالرجال من دون تحفُّظ أو خجل، والحكَّامات يتغزَّلن في أخلاق الرجال وكرمهم وشجاعتهم واحترامهم للمرأة في قصائد مُمتعة الصياغة ومرتَّبة القافية.

تقول الحكَّامة في مدح السعية (البقر):

فُجر بقولن باح،
وعشية بقولن باح،
ستات المسقى
البتبكي مع الصباح،
الشرب لبنهن
برقد باله مرتاح،
وسيدهن كن ورل
بقولوا فلان تمساح،
وسيدهن كن أبكم
يعدوه مع الفُصاح،
وكن ظالم يقولوا
فلان نصَّاح.

قالت الحكَّامة للنساء من حولها وهنَّ يُحدِّثنها بزواج زوجها عليها:

نحش ونجوِّد
كما عجبني نحوِّد
نضحك ببياض السن
لكن القليب متسوِّد

وقالت وهي تُوبِّخ الخائف لغلطِه:

نسمع حسيسو مسافة
زي قطير الريَّافة
شال السوج بي كتافه
وخشم البيت ما شافه

وقالت أيضًا:

ناولوني لي تيراب
لاب حفرا سلكاب

وقالت وهي تمدح ناظر البلد:

دخل الوكر أم جضيض
دا الناظر دابي الصعيد
غنت ليك أم وريد
يا بنبونة الجريد
كل ما صبح جديد
يعلى فوقهم يزيد
راكز الغرب البعيد
يا الدافر بحر المحيط

وقالت أيضًا:

خشمي بجر ليهو كلام
في النمر ال كله شام
ضيفو ما نبشو قام
وقدحه سبق السلام

وقالت وهي تُحرِّض القائد على قتال الأعداء:

صقر الجوخ جا بطير
وقال ما بأكل الحمير
إلا الشيخ والوكيل
وأخوان أم ضمير

وقالت أخرى تذمُّ الجبان:

يا خضرة العجورة
الزول الخواف كن قبة ما بزوره
حصلة الإرادة
والطير ورد بحوره

وقالت تُخاطب الحبيب الأسمر:

السحاب الشايل وزرقن
أمرق بالفريق خلِّي القلوب يتحرقن

نشحد الله الكريم أرواحنا ما يتفرقن.

  • الجابودي: شعر يتكون من ثلاثة أبيات فقط، مع إطالة قصيرة في الوزن للبيت الثالث، ويكون هنالك اثنان من مردِّدي الجابودي عن اليمين وعن اليسار تتوسَّطُهم فرقة مكوَّنة من خمسة فأكثر من الرجال يُسمَّون الطمبارة، وتقف أمامهم امرأة كبيرة في السن غالبًا تَمتشِق سيفًا أو سوطًا، ومع ترديد نغمات الجابودي تتحرَّك فرقة الطمبارة للأمام والخلف طبقًا لحركة المرأة مُصدِرين أصواتًا من أقصى الحلق تُشبه الحمحمة، ويمكن أن يرتجل شعراء الجابودي شعرهم في المناسبة نفسها كقولهم:
    حليل تومي، اللقا الخريف وقَّنب،
    اللخدر عيش الحدب،
    يا القايم فوق اللدب.
  • الدوبيت: هو ضرب شعري غنائي اشتُهر به سكان المناطق الرعوية في السودان (سهل البطانة)، أصله كلمة فارسية مكوَّنة من شطرين أولهما «دو» ويعني اثنين، والمعنى واضح وهو الشعر الثنائي الأبيات؛ حيث يتكون الدوبيت من قصيدة غنائية طويلة مكوَّنة من مقاطع صغيرة تتألَّف من بيتَين من الشعر بذات القافية مع اشتراط انتهاء الشَّطر الأول لكلٍّ منهما بنفس القافية التي يَنتهي بها البيت، وهذا ما يَجعل المقطع الواحد من الدوبيت مكوَّنًا من أربعة أجزاء صغيرة موحَّدة القافية مثاله:
    الناس العلى الساحر بشقُّوا الصي،
    أمسوا الليلة فوق رايًا نجيض ما ني،
    ناس أب ترمة جاموس النحاس أب دي،
    عقدوا الشورة ميعادهم جبال كربي.

وهناك حالات يكون فيها المقطع ثلاثيًّا أو خماسيًّا، وفي حالات نادرة يكون سداسيًّا، ويَشتهِر بهذا النوع سكان بوادي السودان الغربية في كردفان ودارفور، وفي بعض المناطق من أواسط السودان الغربية المتاخمة لكردفان، كما أن أغلب شعر «الحكَّامات» بغرب السودان يَنتمي لهذا الدوبيت الثلاثي، ومثاله من غرب السودان هذا المقطع الجميل الذي يُمدَح به العرسان ليلة عرسهم وتُغنِّيه لهم بنات الفريق:

سقتا نم على الجاغوس،
الشجرة الظليلة الما نقرها السوس
في رأسها النمر وفي ظلها الجاموس.

ويُسمى «الدوبيت بالدوباي»، وأصواته مُنتزَعة من حركة ري الإبل وملء السعون ومن حركة أرجُل الإبل في الخب والدج والست والرقد والطبق والجدادية والكربيت والمواغَلة والزُّوع، وهذه كلها أصواتٌ سير للإبل.

ومن أشهر شُعراء الدوبيت أو الدوباي هو الشاعر الفذ محمد أحمد أبو سن الملقب بالحاردلو. وصف الحاردلو في شعره جمال البادية، وتغنَّى بالشجاعة والكرم، أما في الكرم فمثلًا قوله:

ما أكل حلو بيتو والمعاه جيعان،
وما لبس الرفيع والمعاه عريان،
ما مون السجايا اليستودع النسوان،
ضباح الخلايا عشا الضيفان.

ويقول الحاردلو واصفًا الشبل المُستضعَف:

جابوك للسوق ساكت درادر ضيعة،
وأمك في الحريم ما ها المرة السميعة،
نترة ناس أبوك اللي رجال لويعة،
وإت كان كبر جنبا تقلب البيعة،
… … … … … …
جابوك في السوق ساكت وللفراجة،
وأمك في الحريم مرة بتقضي الحاجة،
كفتت ناس بوك للعافية ما بتتعاجة،
وإت كان كبر ما بتنجلب لخواجة.
  • الشاشاي: هو غناء للعمل، ويَمتاز برقَّة وعذوبة الصوت وقصْر البحر الشِّعرى وهو ذو تأثير كبير على الآخرين، وله أنواع هي شاشاي العد والبير، وشاشاي الأناقيب، وشاشي الحصاد وغيرها من الأنواع التي تَرتبط بجو العمل لطردِ الملل والكسل؛ فالشاشاي مثلًا من شاشى أي أصدر صوتًا كصوت الناقة وهي تُحانن جناها.
  • المسدار: جمعُه مسادير هو نوعٌ من الشِّعر الشعبي مُنتشر بين القبائل الرعوية في السودان وخاصةً أرض البطانة، وهي المنطقة الواقعة بين نهرَي عطبرة والنِّيل الأزرق في شرق البلاد. يُعتبَر هذا الشِّعر الشَّعبي من الموروثات التراثية الاجتماعية لأنه يَحفظ لغة البادية ويُؤرِّخ لزمان ومكان إنسانها وتغيُّرات المجتمع المصاحبة لتطوُّره. وكلمة المسدار تعني قصة أو حكاية شِعرية، ودالَّة الاسم مقلوب سرد، بمعنى حكى، وربما هي من سدر أي انطلَق. واصطلاحًا المسدار غناء ذو نفَس طويل يصف رحلة الشاعر على ظهر دابَّته وتحرُّكه من مكان إلى آخر، وتعني مرعى السعية على حد قول العاقب ود موسى:
    ما دام أم قجة صادرة وسادرة في المسدار،
    شن جابر على الحش والملود الحار.

    وفن المسدار يَنبني على شعر الدوبيت، له أربعة مقاطع مثل قول عبد لله حمد ود شوراني في مشهور قوله:

    غاب نجم النطح والحر علينا اشتد،
    ضيقنا وقصر ليله نهارو امتد،
    نظرة المنو للقانون بقيت اتحدَّى،
    فتحت عندي منطقة الغنا الانسد.

    وتبدأ الرحلة بمكان وتنتهي بآخر، وبين المكانَين يندلق الزمن وسيل من الشوق والحنين لمحبوب بعيد تشرئبُّ الرُّوح للُقياه، ويُشاطِر الجمل صاحبه توقًا وشوقًا، وتنداح أمواج من المعارف تبدأ بالجمل نفسه هيئته وقوَّته وسرعته وأمه وأبيه وجدِّه وحبُّوبته، ووصْف الأرض. فالمسدار دائرة معارف متكاملة ينكبُّ عليها شاعرها، يَتحلَّق حول شاعرها أو راويها أهل الحي جميعهم.

    والمسادير أنواع كثيرة نذكر منها مسادير المنازل والعين، وهي رحلة وسفر عبر فصول السنة ومنازلها، ورصد للأحوال التي تعتري الشاعر في كلِّ منزل من تلك المنازل شِعرًا، كمسدار العين لعبد لله حمد ود شوراني وهو يتحدث عن عينة الغفر:

    دخل نفس الغفر سارق نسيم وهبيِّب،
    جاي يعوَّر الجرح القبيل مو طيِّب،
    لجت عيني حار بيا الدليل يا مصيِّب،
    من اللدعج الفوق ريدو أصحى وأغيِّب.

    وعندما واتاه نجم البُلدة وهو يحمل له بُردًا ذكَّره بحبيبٍ نأي فقال:

    بعد رقنا وعِقلنا ونِمْنا واستهدينا،
    عُقب البُلدة فكت زيف صُقوتا علينا،
    الليلة البتشفي سقمنا وينا ووينا،
    جدية صي ومهرة نيم ولبخ وجنينة.

    كذلك مسادير السفر والإبل، وهي رحلة شِعرية وتُنقَل من مكان لآخر، وفيها يُخاطب الشاعر بعيره … ويقول ود الشوراني في رحلته ببعيره (الهضليم):

    بعلوك الملوك عدْينا إِسبوعين،
    في فايق احترام لكن مُساهرة العين،
    العادْ ليَّ الوله والوَحَّة والقربين،
    بكرة حتمنا يا الهضليم نجي اللتنين.

    (الهضليم هو ذكَرُ النعام، وقد أطلق الشاعر اسم الهضليم على جَمَله لسُرعته.)

    ومسدار «الصيد» للشاعر الفذ الجاردلو الذي يقول:

    الشَّم خَوَّخت بَردن ليالي الحرَّة،
    والبراق برق من مِنَّا جاب القِرَّ،
    شوف عيني الصَّقير بي جناحو كفت الفرَّة،
    تلقاها أم خدود الليلة مرقت برَّة.

    (الشم: الشمس في العامية. خوَّخت: ضعفت حرارتها وأشعتها. وبرد الجو وذهبت الليالي الحارة وخوخة: في العامية تعبير للضعف والمرض. البراق: جمع برق. من منا: من لا شيء وتُستخدم «من منا» في حالة بُعد الشيء واستحالته. القرة: برد شديد. الصقير: تصغير صقر. كفت: ضرب بالكف. أم خدود: الظبية ذات الخدود الجميلة. مرقت: خرجت. برة: خارج مخابئها.)

    تَعرِف لي مشاهيد الرقاد والفرَّة،
    فلَّاخ المصب بيهو بتبين تِتورَّى،
    فوق حيا فوق محل من الصَّعيد مِنجرَّة،
    شاحد الله الكريم ما تلقي فيهو مَضرَّة.

    (مشاهيد: أماكن. الرقاد: المكان الذي تَرقُد فيه. الفرة: السرحة، المكان الذي تمرح فيه وترعى. فلاخ: جمع فلخ وهو ما تفرَّع من الخور قرب المكان الذي يصبُّ فيه. تتورَّى: تظهر كأنما تعرض نفسها على الناس. حيا: النبات الأخضر. محل: عدم النبات. الصعيد: هو الجنوب، وهنا تعني جهة الدندر والرهد وما جاوَرَها من مناطق تقضي فيها الظباء الصيف. منجرة: سائرة ببطء. مضرَّة: أذى.)

    أب عرَّاق فتقْ قرنُو المبادر شرَّة،
    والباشندي عمت مهششيب الدرَّة،
    من النَّقرة كل حين فوق عِليو مِنصرَّة،
    وها الأيام محاريها القِليعة أم غُرَّة.

    (أب عراق: نوع من النبات. فتق: بدت زهرته. شرَّ: امتد طولًا وعرضًا. الباشندي: زهرات شجر الكتر في أول الخريف. عمت: انتشرت. المهششيب: المكان اللين في الشجر، وهو أول ما تظهر عليه الزهرات. النقرة: صوت الإنسان أو الحيوان. عليو: مكان عالٍ، وهي مصغرة من علو. منصرة: منكمشة كالصرة. ها: هذه. محاريها: مظانها. القليعة: الجبل الصغير، والقليعة أم غرة جبل معروف.)

    قدمت من هِنا وبي ضانْها سِمعت كَرَّة،
    وفوق كرتوت شِخيتيرا تِخيَّن خَرَّة،
    قلَّاتو الوُهاط بي لُشْغَة قَبْلو مَحَرَّة،
    يا باسط النعم تَسقيها في ها المرَّة.

    (قدمت: تقدمت وسارت. ضانها: أذنها. كرة: صوت الرعد. كارتوت: اسم جبل. شخيتير: القطعة من السحاب المُمطر. تخين: كثيف. خر: أمطر. قلات: جمع قلت وهو المكان المُنخفِض في الصخر يمسك الماء. الوهاط: الواسعة والمفرد وهيط. لشغة: قليل من الماء. محر: متوقَّع.)

    بِت المن قِرين مَرقن على الجبَّال،
    وفوق بِيَّه وبَلوسْ ما بِرجَن الوَبَّال،
    صُفرا درْعَتن تِدلَّى لا لبَهَّال،
    وبُيْضت شاش قَرابِيبن تريع البَال.

    (قرين: جبل قرية قرين. مرقن: خرجن. الجبال: جمع جبل مضعَّف. بية وبلوس: أسماء قرى جنوب قلع النحل في ولاية القضارف. برجن: ينتظرن. الوبال: المطر. درعتن: الدرعة هي اللون الأصفر أو الأسود على ظهر الشاة مع اللون الأبيض. البهال: عظم الفخذ. قرابيب: جمع قرباب والإزار للمرأة. الشاش: قماش أبيض.)

    مَرَقنْ يا مُجيب لي جُمْلة السُّعَّال،
    شاحْدَكْ تجمعِن من مَطبق الحلَّال،
    ما يِنقص حساب الدُّرج ولَو بي عجال،
    ونِحن نجيبْ لَهِن في كُل يوم مُنْوال.

    (مرقن: خرجن. جملة: جمع. السعال: السائلين. مطبق: المكان الضيق. الحلال: جمع حلة وهي القرية. الدرج: الظباء التي لا شَعر لها؛ أي قصيرات الشعر. عجال: العجال هو الجنين الذي تُجهضُه الظبية قبل تمامه. منوال: الكسب ويَعني هنا الشَّعر في هذه الظباء.)

    من بيلا الصَّباح إسَّربَقَن هُمَّال،
    والدُّوف فوق حَقايِبهِن كَتَرتو جَمال،
    الخور العَطيش بلدا عَزاز ورْمال،
    ومَدْروك ما هو من حر النَّهار بِكَمال.

    (بيلا: جبل قرية بيلا غرب قلع النحل في ولاية القضارف. اسربقن: من السربقة وهي السير في خط واحد واحدة تلو الأخرى. همال: هملًا ليس لهنَّ قائد. الدوف: اللحم المكتنز. الحقايب: الأعجاز أي مكان الحقب. الخور العطيش: هو خور العطش خور معروف في المنطقة. عزاز: مكان كثير الحصى. مدروك: يُخشى عليه. بكمال: بأن ينفد.)

    فالمسدار هو خزانة للقيم والمفاهيم، وتسلية للمُسافر، ووصْف جغرافي وتاريخي، ومصدر خصب للغة العامية ذات الارتكاز الفصيح، وهو كذلك مصدر وثائقي مُهم، وجنس من الأجناس الفولكلورية الشفهية التي تُميِّز الثقافة الشعبية السودانية، وأُفُق ثَقافي ومعرفي وتربوي.

  • الشقليب: وهو من فقرات السِّيرة ويَختلِف عنها بأنه لا يَتضمَّن إيقاع الدلوكة أو الطمبور لذلك هو أقرب للعرضة رغمًا عن احتوائه على أغاني النساء، حيث يشترك فيه قريبات العريس المتزوِّجات وأمه والحبوبات والخالات فيَمدحْنَ العريس، ومن أمثلة غنائه:
    كنز الحجلها رطن،
    خاتنه للحارات إن جن،
    كان السيف أبى هز على بقناعي،
    في الدوسة أم عجاج بتنبر الواعي.
  • عرض الفال: وفيه تقف أم العروس أو الحكَّامة لمدح العريس في مراسيم «الضريرة»، وهي خضاب خاص مصحوب بطقوس العديل والزين، هنالك من يُضيفون له مدح أهل العريس أيضًا.
  • الدوباي: وهو من صور الغناء الشَّعبي وإن اختلف نمُّه عن الدوبيت حيث يَتناوله الشبَّان في المشرع، ويَتبادلون فيه الأشعار أثناء جرِّ الدلو فيُصبح ذلك بمثابة تسرية تُعينهم على تحمُّل العناء، وهو موشَّح يُقال في كورال جماعي من الشبان كمثل قولهم:
    يا لله لينا ولي الدلو كفتير جماعتك أربعة نشلو الدلو واترابعو.
    يا لله لينا ولي الدلو الليلة أم جريس جات طابقه الضما،
    بسقيها بي دبل العصا بسقيها كان الدم جرى،
    يا لله لينا ولي الدلو ذنبي على الفتل الرشا ذنبي على القطعو وحتا.

    (أم جريس: البقرة، طابقة الضَّما بمعنى شديدة العطش، القطعو وحتا أي صانع الدلو.)

  • الدابو: وهو أقصر من الدوبيت بحرًا؛ حيث يتناوله الرجال في جلساتهم الخاصة بالأفراح باعتباره غناءً يَختلف عن الدوبيت وتَقترب نمته من نمَّة الجراري ويُرتجل ارتجالًا، ويُقال بعيدًا عن الأضواء الاحتفالية كمثل قولهم:
    ما رغاي بي ملامة ما ملاي لي حزامة،
    لحق البي عوامة سبق الكاظمة لجامها.
    قارض الشوك بي سنك والكرباج وا جنك،
    سوي دي وكفي منك سجم عربًا راجنك.
  • شعر راكب الجالسة: يكون خفيفًا ويَختلف عن الدوبيت في طريقة نظم المناسبات وجاءت تسميتُه من ركوب الجالسة وهي إحدي جانبَي السرج، وفي البادية عندما تقول: «فلان راكب جالسة.» أي على سرجة فقط بدون زاد وعفش، وغالبًا «راكب الجالسة» يكون مراده أو وجهته قريبة خلاف من تكون وجهته بعيدة سوف يَعدُّ العُدة من زاد وماء وفرش … إلخ، وهذه درة من شعر الجالسة:
    رَاق السَّحاب روق رَدم،
    ومن الصعيد جن العِجم،
    راعي البقر راعي الغنم،
    وإتَهول الَطْمباري هم.
    كمَ يا أم سوالِف ؤ كم ؤكم؟
    يا النَّزرة قطَّاعة العَشم،
    حَدباتها ما فيِهنَّ مَجم،
    جَدَية وَمَراقِدك في السَّلَم،
    رُقابة قنُدولهَا إنْبَرم،
    بَكرة رِشيد في امات كزَم،
    خَلبوسة في وادي البَشم،
    ضَرِبك على الشرشوف سَهم،
    كتَبك شَراع عَضِبك علم.
    يا نَاري هبي اللَّيل قَسم،
    وين الزلال سمح النَّغم،
    عسل النحل حلو الطَّعم،
    جرعتها بِداوي السَّقم،
    سَالْكةَ عيوب خلاقَها تم؟
    ولله كان فرَّة وَبَسم
    شَرَطْن تقول ترميلها دم.
  • الراوي: الذي يقول الشعر من وجدانه ومَن يحفظ شعر غيره أيضًا يُطلقون عليه «راوٍ».
  • اللبيب: الذي يقول الشِّعر ويُغنِّيه بنفسه ويرويه غيره.
  • المادح: الذي يقول المديح أو يَرويه عن غيره في الشئون الدينية، كمدح النبي والأولياء ومشايخ الطُّرق في أذكارهم.
  • النميم: الذي يَترنَّم بالدوبيت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤