أسماء عين الخريف

تبدأ بوادر الخريف بنزول التِّريا (الثريا) يوم السابع من يوليو، وتَسبق الخريف عينتا العصا العطشانة والرويانة، وتبدأ العصا العطشانة في الثالث عشر من يونيو وتنتهي في الخامس والعشرين منه، وتتميَّز العصا العطشانة بكثرة الكتاحة التي تُعرف بالسفاية وتُحوِّل اتجاه الرياح من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي. أما عينة العصا الرويانة فتبدأ من السادس والعشرين من يونيو إلى السادس من يوليو ويكون فيها الجو معتدلًا وباردًا، وفيها تنتهي رغبة الإنسان في كثرة شرب الماء.

تبدأ عين الخريف من السابع من يوليو، كل عينة مدتها ثلاثة عشر يومًا وثلث عدا الجبهة، وهي أربعة عشر يومًا.

  • الضُّراع (ذراع الأسد القوي الذي يبطش به الطرائد): هو أول عين الخريف، ويبدأ من السابع من يوليو وحتى الحادي والعشرين منه، وفيه تهبُّ الرياح من جهة الجنوب الغربي مكوِّنة السحب الماطرة التي تبدأ في الهطول، وإن صحَّ يُعد بشارة خير لنجاح الخريف، يقول الأهالي: «إن صح الضُّراع خريف وإن فشل صيف.» وفيه تخضرُّ الأشجار وتنبت الأعشاب ويبدأ الناس بالزراعة.

    وقال الشاعر عبد الله حمد ود شوراني:

    دعاش برق الضراع الفي السحابة بلاوي،
    جاب لي ريحة من اللاذاي بتداوي،
    كان ما الحب صعب من الكبار وبلاوي،
    ما فيش داعي بعد الشيب أكون لها راوي.
  • النَّترة (زئير الأسد المخيف): هي العينة الثانية من الخريف، تبدأ في الثاني والعشرين من يوليو وحتى الثالث من أغسطس، تكثر فيها الآفات مثل الطير والباحوت من صبرة وفار وجداد وادي ونقال (النمل)، ويَصعب فيها تمسيك (عملية إنجاح إنبات المحصول) الزراعة إذا لم تَهطل فيها أمطار غزيرة تُعيق هذه الآفات من استهداف المزروع.

    قال ود شوراني:

    نجم النترة في شفق الحمارات غزه،
    وين الشاف صبيب براق السحابة الرزه،
    جنيبة الفارس الفوق المشمش هزه،
    فرقها مرو ودر من لساني اللزه.
  • الطرفة (طرف الأسد أي عينه الراصدة): وتبدأ من الرابع من أغسطس وحتى السابع عشر منه، وتُسمى «الطرفة البكاية»؛ لأن الأمطار تهطل فيها غالبًا بالنهار، وتستمر في الهطول بحبيبات صغيرة لفترات طويلة، فتحبس الناس في البيوت ولا يستطيعون العمل في البلدات إلا قليلًا، وإن صحَّت يزيد بور البلدات (أي عدم فلاحها ونجاحها)، جوُّها مُغيم وبارد ولا برق ولا رعد إلا قليلًا، وهي تَروي الأرض جيدًا.

    قال ود شوراني:

    ظميانين وابل الطرفة فوقنا يهطل،
    من الخلا كل عمل سار متعطل،
    ست حد الصبا اللغناه ما بنبطل،
    رايو معاها تشفى المنا والله تقتل.
  • الجبهة (جبهة الأسد التي تعطيه الهيبة): وتبدأ من الثامن عشر من أغسطس وحتى الحادي والثلاثين منه، هي أعتى عين الخريف وأوسطها، فيها أمطار غزيرة جدًّا لأن الجو يكون حارًّا بالنهار وكاتمًا بالليل؛ حيث السحب الكثيفة والبرق القوي والرعد الشديد، وتهطُل أمطارها غالبًا بالليل، وما أن يسفر الصبح حتى تكون الشمس مشرقة، وعليه تنمو النباتات بسرعة في هذه العينة وبنجاحها يَستبشر المزارعون بنجاح الخريف.

    قال ود شوراني:

    الجبهة أم سواري سحابا بيت مالي،
    برقا رفا ذكرني الوضيبة مخالي،
    فريدة عصرها ملكة دهرنا الحالي،
    لونا جواهر الدر المزبن وغالي.
  • الخيرسان (الخيرصان): (منتصف رأس الأسد الذي يظهر عند سيره بين الحشائش) ويبدأ من الأول من سبتمبر إلى الثالث عشر منه، هو آخر العين الكبيرة في الخريف، يتميَّز بالمطر ذو الحبيبات الكبيرة، وفيه تجمد الأرض وتكون المياه ناصعة، وأغلب أمطاره بالليل بقليل من الرعد وبرق متفرِّق هنا وهناك، وفيه يَكثُر الندى لدرجة أنه يجعل النباتات ملتصقة بالأرض، بنجاحه تكون المحاصيل ناجمة (أي جيدة البذور) ويكون الإنتاج وفيرًا.

    قال ود شوراني:

    برق الخيرصان الفي سحابو يشلع،
    أسهر نوم عيوني ببريقو البيدي مقلع،
    السبب المحرك نار قلوبنا تولع،
    سمحا لحا دوف جملي المشيهو تدلع.
  • الصرفة (صفحة الأسد التي تعني ابتعاد الأسد): وتبدأ من الرابع عشر من سبتمبر وحتى السابع والعشرين منه، وتُسمى «سهيل»، «مطر البخات» يُقال عنها «سهيل الما وراها سيل» أمطارها تَنزل متفرِّقة وكأنها حظوظ، وتكون عصرًا وأحيانًا فقاع شمس، لكن يَخشاها أصحاب جروف السمسم؛ لأن في تلك الفترة يكون السمسم مقطوعًا، فإما أن يتأثَّر برياحها فتُبعثره وإما أن يتأثر بمطرها فيصوفن. أما أصحاب الذرة فيرجونها لأنها تُفيد محاصيلهم كثيرًا.

    قال ود شوراني:

    برق الصرفة شال تحت السحابة وغتى،
    ذكرنى ابمراتا لي أبت تتغتى،
    ظبي البلجزو العسن سدرهن شتى،
    دكتور علتي اللغيرو ما بتنختى.
  • العِواء (زئير الأسد): وتبدأ من الثامن والعشرين من سبتمبر وحتى العاشر من أكتوبر هي آخرة عينة، وفيها يُسمع صوت الرعد متباعدًا ويقلُّ المطر، وتبدأ السماء تخلو من السُّحُب إلا القليل المتفرِّق.
  • السماك (رِجلا الأسد): هو الفاصل بين الخريف والشتاء، تُغطِّي السماء سحُب خفيفة بيضاء، تهمي قطرات خفيفات مُعلنةً نهاية الخريف، ويقول الأهالي وهم قد هموا بالحصاد: «يا سما امسك ماك ويا مطر كفاك ويا بحر بقفاك.»

    قال الشاعر الطيب المصطفى في عِيَن العِواء والسِّماك:

    الليلة السرِف غَرَّقو العِواء بِي صَبِيِب،
    عندك في السِّماك معشوق عليلو بِطيب،
    يا ريح الجُنب ما شفتيَّ ليَّ حَبيب،
    رَبِّ هَجَرَتْنِي والهجر انكتب ليَّ صَعِيب.

    لقد تمثل أهالي السودان عين الخريف في شكل الأسد الذي هو مصدر قوة وهيبة، لوقع فصل الخريف الطيِّب في نفوسهم؛ لما فيه من خير وفير يسبشرون به كل عام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤