عبد الله بك الطوير١

يا قلبُ، ويْحَكَ والمودّةُ ذِمّة
ماذا صنَعْت بعهدِ (عبدِ اللهِ)؟
جاذَبتني جنبي عَشيّةَ نَعْيِهِ
وخَفقْتَ خَفْقَةَ مُوجَعٍ أَوّاه٢
ولَوَ آنْ قلبًا ذابَ إِثرَ حَبيبه
لهَوى بك الركنُ الضعيفُ الواهي
فعليك من حُسن المروءَةِ آمرٌ
وعليك مِن حُسن التجلُّدِ ناه
نزل «الطويِّرُ» في الترابِ منازلاً
تهوِي المكارمُ نحوَها بشفاه
عَرَصاتُها مَمطورةٌ بمدامعٍ
مَوْطوءَةٌ بمفارِقٍ وجِباه
لولا يمينُ الموتِ فوقَ يمينه
فيها؛ لفاضَت من جَنًى ومياه٣
يا كابرًا من كابرين، وطاهرًا
مِن آلِ طُهرٍ عارِفٍ بالله
ومُحكِّمًا عَلَم القضاءِ مكانَه
في المُقسطينَ الجِلَّةِ الأَنزاه٤
وحكيمًا اسْتعصَتْ أَعِنَّتُه على
كذبِ النعيمِ، وتُرَّهاتِ الجاه
وأَخًا سَقى الإِخوانَ مِنْ (راووقِِه)
بودادِ لا صَلِفٍ، ولا تيّاه٥
قد كان شعري شغلَ نفسِكَ، فاقترح
من كلِّ (جائلةٍ) على الأَفواه
أُنزِلْتَ منه حينَ فَاتَكَ جَمْعُه
في منزلٍ بَهِجٍ بنورِكَ زاه
فاقرأ على «حَسّانَ» منه، لعله
بفتاه في مدحِ الرسولِ مُباه٦
وانزل بنور الخلدِ جَدّك، واتَّصِلْ
بملائكٍ من آلهِ أَشباه٧
ناعيكَ ناعي حاتمٍ أَو جعفرٍ
فالناسُ بين نوازِلٍ ودواهِ٨

هوامش

(١) المرحوم عبد الله بك الطوير، كان أحد رجال القانون في مصر، وقد توفي سنة ١٩١٥.
(٢) خفق القلب: اضطرب في موضعه. الأوَّاه: كثير التأوه. وفي القرآن الكريم إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ.
(٣) اليمين: يراد بها هنا القوة. الجني: الثمار.
(٤) المقسطين: أي العادلين. الجلة (بكسر الجيم): قوم ساعدة عظماء ذوو أخطار. الأنزاه: جمع نزه: وهو العفيف المتكرم.
(٥) الراووق: المصفاة، كالباطية ونحوها من الآنية التي يوضع فيها المشروب. الصلف: مجاوزة قدر الظرف والادعاء فوق ذلك تكبرًا.
(٦) حسان: هو ابن ثابت، شاعر الرسول صلوات الله عليه.
(٧) جدك: منصوب على نزاع الخافض، أي انزل على جدك، وكان الفقيد منسوبًا لآل البيت النبوي.
(٨) حاتم: هو الطائي المشهور بالكرم. جعفر: لعله يقصد به جعفر االبرمكي، أو عبد الله ابن جعفر أحد أجواد العرب في العصر الأموي، والمقصود تشبيه الفقيد في كرمه بهذين الرجلين اللذين ضرب المثل بكرمهما.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤