أغراض شعره

أما أغراض شعره فلا تكاد تخرج عن أغراض الشعر في الجاهلية من: غزل، وحماسة، وفخر، وعتاب، ومدح، وهجاء، ووصف.

(١) الغزل

البداة لا يعرفون مظهرًا من مظاهر الجمال خيرًا من المرأة، فالمرأة هي المثل الأعلى فيه عندهم، والعرب ذوو نفوس حساسة وأذواق لطيفة: إذا رأى أحدهم الجمال أخذ بمجامع قلبه، وملك عليه مشاعره، وشغل نفسه عما سواه، فإذا فارق من أحب جاشت مراجل الحب في نفسه، فقذفت على فيه ما يختلج فيها من آلام البعد، وتباريح الشوق، فأخذ يشكي١ ويبكي، ويترنم بوصف من أحب بالصفات التي تثير في نفسه كوامن الشوق؛ ولذلك كانوا يقدمون الغزل في فاتحة أشعارهم.

ولامرئ القيس آيات رائعة في الغزل؛ فقد بلغ فيه غاية لم يُسبق إليها، وسلك سبيلًا اتبعه من جاء بعده، وشعره وإن كان مطبوعًا بطابع البداوة أحيانًا، فإن غزله يكاد يذوب لطافة ورقة.

وسبيله في الغزل مختلف: منه العفيف الشريف، ومنه ما أفحش فيه وخرج عن الأدب، بالنسبة إلى هذا العصر، ولعل ذلك كان مرغوبًا فيه في عصره، فإن النابغة الذبياني بلغ من الصراحة في وصف «المتجردة» ما لم يبلغه امرؤ القيس في كل أدبه الصريح.

وقد يظهر للباحث أن امرأ القيس مولع بالنساء، شديد الحب لهن، ولكن حبه غير صحيح ولا ثابت، بل هو محب للجمال، يتبعه حيث كان كما يتبع الراعي ساقط الغيث، ومنابت الكلأ.

وقد سئل مرة: ما أطيب لذات الدنيا؟ فقال: بيضاء رعبوبة،٢ بالحسن مكبوبة، بالشحم مكروبة،٣ بالمسك مشبوبة.٤

ولشدة شغفه بالنساء كان يكره أن يمسي وليس لديه من يأنس بها أية كانت، فقد قال من قصيدة:

له الويل إن أمسى ولا أم هاشم
قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
وكان سريع العشق، متى رأى أحب، يشهد لذلك أنه كان في طيء وكلب (لما نفاه أبوه)، فرأى «هر» — وهي أم الحويرث ابنة سلامة بن علند٥ — فأحبها، واصطادت قلبه، وأقصدته بسهم: فأسبل دمعًا كالجمان، ثم دنا منها، فتسداها، ولم يره كاشح، وألحق بها شرًّا، ووصمها بسبة لا تمحى، وقد أجاد في وصفها حيث يقول:٦
وفيمن أقام من الحي هر
أم الظاعنون بها في الشُّطُر؟٧
وهر تصيد قلوب الرجال
وأفلت منها ابن عمرو حجر٨
رمتني بسهم أصاب الفؤاد
غداة الرحيل فلم أنتصر٩
فأسبل دمعي كفض١٠ الجمان
أو الدر رقراقه المنحدر
وإذ هي تمشي كمشي النزيـ
ـف يَصْرعه بالكثيب البُهُر١١
بَرَهْرَهَةٌ١٢ رُودَةٌ رَخْصَة١٣
كَخُرْعُوبة١٤ البانة المنفطر١٥
فَتُور١٦ القيام قطيعُ١٧ الكلا
م تفترُّ١٨ عن ذي غروب١٩ خَصِر
كأن المُدام وصوب الغمام
وريح الخزامى٢٠ ونَشْر٢١ القُطُر٢٢
يُعَلُّ٢٣ بها بَرْدُ أنيابها
إذا طرَّب٢٤ الطائر المستحر٢٥
فبتُّ أكابد٢٦ ليل التَّما
م٢٧ والقلب من خشية مقشعر٢٨
فلما دنوت تسدَّيتها٢٩
فثوبًا نسيت وثوبًا أجُر٣٠
ولم يَرَنَا كالئٌ٣١ كاشح٣٢
ولم يُفْشَ منا لدى البيت سر
وقد رابني٣٣ قولها: يا هَنَا
ه ويحك ألحقت شرًّا بشر!٣٤

وذكر أنه علقها وليدًا إلى أن فني شبابه؛ ولذلك كان يفضل ليالي ذات الطلح؛ إذ كان يصطبح فيها عندها، وعند فرتنى بقوله:

ليالٍ بذات الطلح عند محجرٍ
أحب إلينا من ليالٍ على أُقُر٣٥
أغادي الصبوح عند هر وفرتنى
وليدًا وهل أفنى شبابي غير هر؟
إذا ذقت فاها قلت: طعم مدامة
معتقة مما تجيء به التُّجُر٣٦
هما نعجتان من نعاج تبالة٣٧
لدى جؤذرين أو كبعض دمى هَكِر٣٨
إذا قامتا تضوع المسك منهما
برائحة من اللَّطِيمَة٣٩ والقُطُر
كأن التِّجَارَ أَصْعدوا٤٠ بِسَبِيئَة٤١
من الخص٤٢ حتى أنزلوها على يُسُر٤٣
فلما استطابوا صُبَّ في الصحن٤٤ نصفُه
وشُجَّتْ بماءٍ غير طَرْقٍ٤٥ ولا كَدِر
بماء سحاب زل عن متن صخرة
إلى بطن أخرى طيب ماؤها خصر
وأحب فاطمة٤٦ (وهي من بني كلب) فاستكثر تدللها، وتذلل لها، وسألها أن تجمل صرمه، وتسل ثيابه من ثيابها إن كانت خليقته ساءتها، ثم غامر بنفسه وتجاوز الأحراس إليها، حتى جاءها وقد نضت ثيابها، ثم خرج بها وهي تعفي الأثر بأذيالها، حتى تجاوز ساحة الحي، فصهر بفودي رأسها، ثم نعتها بأجمل ما ينعت به عاشق معشوقته، ولم يدع مظهرًا من مظاهر الحسن في جسمها إلا وصفه وصفًا يستهوي الأفئدة، بأسلوب ينحدر إلى قرارة النفوس، فقال:
أفاطمُ مهلًا! بعضَ هذا التدلُّل
وإن كنتِ قد أزمعت٤٧ صَرْمِي٤٨ فأجْملي٤٩
وإن تك قد ساءتك مني خليقة٥٠
فسُلِّي ثيابي٥١ من ثيابك تنسل٥٢
أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل؟!
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي
بسهميك في أعشار٥٣ قلب مقتَّل٥٤
وبيضة خدر لا يُرام خباؤها
تمتعتُ من لهو بها غير معجل٥٥
تجاوزت أحراسًا وأهوال معشر
عليَّ حِراصًا لو يُسِرُّون مقتلي٥٦
إذا ما الثريا في السماء تعرضت
تعرُّض أثناءِ الوشاح المفصَّل٥٧
فجئت وقد نضَّتْ لنوم ثيابها
لدى الستر إلا لْبسة المتفضِّل٥٨
فقالت: يمين الله ما لك حيلة
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
خرجتُ بها أمشي تَجُرٌّ وراءنا
على أثرَينا ذَيلَ مِرطٍ مرحَّل٥٩
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى
بنا بطنُ خَبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَل٦٠
هَصَرْتُ بفَوْدَي رأسها فتمايلت
عليَّ هضيم الكَشْحِ رَيَّا المُخلخَل٦١
مهفهفة بيضاء غير مفاضة
ترائبها مصقولة كالسجنجل٦٢
تصد وتبدي عن أسيل وتتقي
بناظرة من وحش وَجْرَة مطفل٦٣
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش
إذا هي نصته ولا بمعطَّل٦٤
وفرع يغشي المتن أسودَ فاحمٍ
أثيثٍ كَقِنْوِ النخلة المتعثْكل٦٥
غدائرهُ مستشزراتٌ إلى العلى
تضِل المداري في مُثنى ومُرسل٦٦
وكشح لطيف كالجديل مخصر
وساق كأنبوبِ السقي المُذلل٦٧
وَيُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها
نئومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّل٦٨
وَتَعْطو برَخْصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنَّه
أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسْحِل٦٩
تُضيء الظلامَ بالعشي كأنها
منارةُ مُمسَى راهب متبتل٧٠
إلى مثلها يرنو الحليم صبابة
إذا ما اسبكرَّت بين درع ومِجْوَل٧١
كِبِكْرِ المُقاناةِ البَياضُ بصُفْرَة
غذاها نميرُ الماء غير المحلَّلِ٧٢
تسلت عَمايات الرجالِ عن الهوى
وليسَ صِبايَ عن هواها بِمنْسَلِ٧٣
ألا رُبَّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه
نصيحٍ على تعذَاله غير مؤتَل٧٤
وأحب عنيزة،٧٥ فدخل عليها الخدر، وأشفقت على بعيرها أن ينعقر، ثم ذكر لها أن النساء تشتهيه، حتى الحبالى والمراضع:
ويوم دخلتُ الخدر خدر عنيزة
فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي٧٦
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معًا
عقرتَ بعيري يا امرأ القيس فانزل٧٧
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَه
ولا تُبعديني من جناك المعلل٧٨
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ
فألهيتُها عن ذي تمائمَ مُحول٧٩
إذا ما بكى من خلفها انْحرَفَتْ له
بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ٨٠
ويومًا على ظهر الكثيبِ تعذَّرت
عَليَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ٨١
وأحب سلمى، فوقف على طللها البالي، وحيَّاه، ودعا له بالنعيم، ثم قال: إنه لا ينعم إلا سعيد مخلد قليل الهموم، وكيف ينعم من كان أحدث عهده ثلاثين شهرًا؟! ثم ذكر أنها تحسب نفسها أنها لا تزال في مكان ترى فيه الوحش والبيض، وهو موضع التربع والتبدي، أو أنها ترى نفسها حديثة، ثم شبهها بالريم في قوله:٨٢
ألا عِمْ صَبَاحًا أيهَا الطلَلُ البَالي
وَهل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي٨٣
وَهَل يَنعمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّد
قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجال٨٤
وَهَل يَنعمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه
ثَلاثِينَ شهرًا في ثَلاثَةِ أحوَال؟٨٥
دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَال
ألَحَّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطَّال٨٦
وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا
من الوَحشِ أوْ بَيضًا بمَيثاءِ مِحْلالِ٨٧
وتحسبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا
بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسِّ أوْعال٨٨
لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنَصَّبًا
وجيدًا كجيد الرئم ليس بمعطال٨٩

وزعمت «بسباسة» — وهي امرأة من أسد — أنه لا يحسن اللهو لكبره، فكذبها بقوله:

ألا زعمت بسباسة اليوم أنني
كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي٩٠
كذبتِ! لقد أُصبي على المرءِ عِرْسَه
وأمنع عرسي أن يزنَّ بها الخالي٩١

وبين أنه لجماله يصبي عرس غيره، ويمنع عرسه أن يصيبها غيره، ثم عاد إلى وصف سلمى فقال:

وَيَا رُب يَوْمٍ قَد لهَوْتُ وَلَيْلَةٍ
بِآنِسَةٍ كَأنهَا خَطُّ تِمْثَالِ٩٢
يُضيء الفراشَ وجهها لضجيعها
كمصباح زيت في قناديل ذُبَّال٩٣
كأنَّ على لبَّاتها جمرَ مُصطلٍ
أصاب غضًى جزلًا وكُفَّ بأجذال٩٤
وَهَبتْ لهُ رِيحٌ بمُخْتَلَفِ الصُّوَى
صبًا وشمال في منازلِ قفَّال٩٥
إذا ما الضجيعُ ابتزها من ثيابه
تَمِيلُ عَلَيهِ هُونَةً غَيرَ مِجْبال٩٦
كحِقْفِ النَّقَا يَمشِي الوَليدَانِ فوْقَه
بما احتسبا من لين مسٍّ وتَسهال٩٧
لَطِيفَةُ طَيِّ الكَشْح غيرُ مُفَاضَة
إذَا انْفَتَلَتْ مُرْتجَّةً غَيرَ مِتفالِ٩٨
تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها
بيَثْرِبَ أدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عَال٩٩
نظرت إليها والنجوم كأنها
مصابيح رهبان تُشَتُّ لقُفَّال١٠٠
سموت إليها بعدما نام أهلها
سمو حباب الماء حالًا على حال١٠١
فقالت: سباك الله! إنك فاضحي
ألست ترى السمار والناس أحوالي؟١٠٢
فقلت: يمين الله أبرح قاعدًا
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي١٠٣
حلفت لها بالله حلفة فاجر
لناموا فما إنْ من حديث ولا صال١٠٤
فلما تنازعنا الحديث وأسمحت
هصرتُ بغصن ذي شماريخ ميَّال١٠٥
وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا
ورُضْتُ فذَلَّت صعبة أي إذلال١٠٦

فلما انتهى معها إلى هذا الحد، وشغفها حبًّا، وكاد قلب بعلها يتميز من الغيظ والحنق، ولكن امرأ القيس لم يعبأ به؛ لأن معه سلاحًا وذاك أعزل:

فأصبحت معشوقًا وأصبح بعلها
عليه القتام سيئ الظن والبال١٠٧
يغط غطيط البكر شد خناقه
ليقتلني والمرء ليس بقتَّال١٠٨
أيقتلني والمشرفي مُضاجعي
ومسنونة زُرق كأنياب أغوال١٠٩
وليس بذي رمح فيطعنني به
وليس بذي سيف وليس بنبَّال١١٠
أيقتلني أني شَغَفْتُ فؤادها
كما شغف المهنوءةَ الرجل الطالي١١١
وقد علمت سلمى وإن كان بعلها
بأن الفتى يهذي وليس بفعال١١٢
وماذا عليه أن ذكرت أوانسًا
كغزلان رمل في محاريب أقوال١١٣
وبيت عذارى يوم دجن ولجته
يطُفْنَ بحُبَّاء المرافق مكسال١١٤
سباط البنان والعرانين والقنا
لطاف الخصور في تمام وإكمال١١٥
نواعم يُتبِعن الهوى سبل الردى
يقلن لأهل الحلم ضُلٌّ بتَضْلال١١٦
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى
ولست بمقلي الخلال ولا قال١١٧

وبعد أن سما إليها بعدما نام أهلها، وصار معها إلى الحسنى، وشغف قلبها؛ لم يثبت على مودتها فقد قال:

غلِقْنَ بِرَهْن من حبيب به ادعت
سليمى فأمسى حبلها قد تبترا١١٨
وكان لها في سالف الدهر خُلة
يسارق بالطرف الخِباء المسترا١١٩
وكان امرؤ القيس، على جمال صورته، مفرَّكًا، تبغضه النساء، ولا يحظى عندهن، فلما هرب من المنذر بن ماء السماء، صار إلى جبلي طيء فأجاروه، فتزوج امرأة منهم يقال لها أم جندب، فلما بات عندها قامت في بعض الليل فقالت: أصبحت يا خير الفتيان! فقم. فلم يقم، فكررت عليه فقام، فإذا الليل باقٍ عليه أكثره، فقال لها: ما حملك على ما فعلت؟ فسكتت، فألح عليها وقال: لتخبريني. قالت: كرهتك! قال: ولمَ؟ قالت: لأنك ثقيل الصدر، خفيف العجز، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة.١٢٠ فعرف من نفسه صدق قولها، فسكت عنها، فلما أصبح أتاه علقمة بن عبدة — من زيد مناة بن تميم من نزار — وهو في خيمته، وخلفه أم جندب، فتذاكرا الشعر، وادعاه كل واحد منهما على صاحبه، فقال علقمة: قل شعرًا تمدح به فرسك والصيد، وأقول في مثل ذلك، وهذه الحكم بيني وبينك، فقال امرؤ القيس:
خليليَّ! مُرَّا بي على أم جندب
لنقضي لبانات الفؤاد المعذَّب١٢١
فإنكما إن تنظرانيَ ساعة
من الدهر تنفعْني لدى أم جندب١٢٢
ألم ترياني كلما جئت طارقًا
وجدت بها طيبًا وإن لم تطيَّب؟١٢٣
عقيلة أتراب لها لا دميمة
ولا ذات خُلْق إن تأملت جَأْنب١٢٤
ألا ليت شعري كيف حادث وصلها
وكيف تراعى وصلة المتغيب؟١٢٥
أقامت على ما بيننا من مودة
أميمة أم صارت لقول المخبِّب؟١٢٦
فإن تنأَ عنها حقبة لا تلاقها
فإنك مما أحدثت بالمجرَّب١٢٧
وقالت: متى يبخل عليك ويعتلل
يسؤْك وإن يكشف غرامك تدرب١٢٨

ثم وصف فرسه والصيد، وكان من قوله:

فللساق ألهوب وللسوط درة
وللزجر منه وقع أهوج منعب١٢٩

فلما فرغ من قوله، قال علقمة قصيدة مطلعها:

ذهبت من الهجران في كل مذهب
ولم يك حقًّا كل هذا التجنب

وكان من قوله في وصف الفرس:

فأقبل يهوي ثانيًا من عنانه
يمر كمر الرائح المتحلِّب١٣٠

فتحاكما إليها، فقالت: علقمة أشعر منك؛ لأنك ضربت فرسك بسوطك وامتريته بساقك، وزجرته بصوتك، وأدرك فرس علقمة الصيد ثانيًا من عنانه.

فغضب امرؤ القيس، وقال: ليس كما قلت، ولكنك هويته، فطلقها وتزوجها علقمة، وبهذا سمي «علقمة الفحل».

وأحب ابنة «عفزر»١٣١ و«أم هاشم» و«بسباسة ابنة يشكر»، وقد كان لا يرى شيئًا يشفي من الأولى، ودعا على نفسه بالويل إن لم تكن الثانيتان قريبتين منه.
نشيمُ بروقَ المزن أين مصابه
ولا شيء يشفي منك يا ابنة عفزرا١٣٢
من القاصرات الطرف لو دبَّ مُحْوِل
من الذر فوق الإتب منها لأثَّرا١٣٣
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم
قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا

وعلق بهند والرباب وفرتَنَى، ووقف على أطلالها فشجته، وذكر فيها ليالي كان يدعوه الهوى فيجيبه، وما كان يدفع به كروبه، فقال:

لمن طلل أبصرته فشجاني
كخط الزبور في العسيب اليماني١٣٤
ديار لهند والرباب وفرتنى
ليالينا بالنعف من بدلان١٣٥
ليالي يدعوني الهوى فأجيبه
وأعين من أهوى إليَّ روان١٣٦
وإن أمس مكروبًا فيا رب بُهمة
كشفت إذا ما اسودَّ وجه الجبان١٣٧
وإن أمس مكروبًا فيا رب قينة
منعمة أعملتها بكران١٣٨
لها مزهر يعلو الخميس بصوته
أجش إذا ما حركته اليدان١٣٩

وأحب امرأة من نبهان — ونبهان من طيء — حين كان نازلًا فيهم، فبكى لذكرها، وجمع جميع أوصاف الدمع من كثرة وقلة، يشير إلى أنه كان في أوقات مختلفة، فقال:

أمن ذكر نبهانية حل أهلها
بجزع الملا عيناك تبتدران١٤٠
فدمعهما سحٌّ وسكبٌ وديمة
ورشٌّ وتوْكافٌ وتنهملان
كأنهما مَزَادتا متعجِّل
فرِيَّانِ لما يُسْلَقَا بدِهان١٤١

وأحب امرأة تدعى «ماوية»، وكان في شك من حبها إياه فقال لها:

أماويَّ! هل لي عندكم من مُعَرَّس
أم الصرم تختارين بالوصل نيأسِ١٤٢
أبيني لنا إن الصريمة راحة
من الشك ذي المخلوجة المتلبِّسِ١٤٣

ولقد وقف على ديارها، فاستعجمت عن جوابه، فتحسر لذلك وقال:

يا دار ماويَّة بالحائل
فالسهب فالخبتين من عاقل١٤٤
صَمَّ صداها وعفا رسمها
واستعجمت عن منطق السائل١٤٥

وأحب «لميس» فيمن أحب، وغشي ديارها، فكان من أسفه على سكانها كالسكران من خمرة عانة، وبكى عليها تأسيًا بابن حذام، قال:

لمن الديار غشيتها بسحام
فعمايتين فهَضْب ذي أقدام١٤٦
فصفا الأطيط فصاختين فغاضر
تمشي النعاج بها مع الآرام
دار لهند والرباب وفرتنى
ولميس قبل حوادث الأيام١٤٧
عوجا على الطلل المحيل لأننا
نبكي الديار كما بكى ابن حذام١٤٨
أوما ترى أظعانهن بواكرًا
كالنخل من شوكان حين صرام١٤٩
حُور تعلل بالعبير جلودها
بيض الوجوه نواعم الأجسام١٥٠
فظللت في دِمَن الديار كأنني
نشوان باكره صبوح مدام
أُنُفٌ كَلَوْن دم الغزال معتَّقٌ
من خمر عانة أو كروم شِبام١٥١
وكأن شاربها أصاب لسانه
موم يخالط جسمه بسقام١٥٢

الخلاصة

إذا أنعمنا النظر فيما قاله امرؤ القيس وفيما قيل فيه، يتضح لنا أمور كثيرة منها:
  • (١)

    أن امرأ القيس كان شغفًا بالنساء، وكان طِلْب نساء، وتبع نساء، وزِيرَ نساء، وحِدْث نساء.

  • (٢)

    أنه كان غير صادق في محبته؛ ولذلك لم يقتصر على خُلة واحدة، ولم تدم محبته لواحدة، وإنما كان حبه متصلًا بلذته وشهوته، فكان لا يصبر على طعام واحد، بل يتنقل من حب واحدة إلى أخرى، كالنحلة تلمُّ بالزهرة حتى إذا قضت وطرها منها انتقلت إلى غيرها، وأن الذكريات كانت تهيجه وتثير كوامن نفسه، فيشبب بجماعة من حبِيباته تارة، وبواحدة منهن أخرى، وعلى بعده من الحب الصادق يتراءى في خلال أبياته كلمات تُوهم أنه صادق الحب، وأن بين جنبيه نفسًا تتَّقد فيها جذوة الصبابة واللوعة، وتفيض بعواطف الحب الخالص، وهذا أثر من آثار قدرته على التصرف بفنون القول حتى يجعل الباطل في صورة الحق.

  • (٣)

    أن امرأ القيس استطاع أن يأتي في باب الغزل ما لا يستطيع غيره أن يأتي به: من رقة الألفاظ، ورشاقة الأسلوب، وجمال الديباجة، وشرف المعنى، وسعة الخيال، ودقة التشبيه، وروعة الكناية، وما شاكل ذلك من المحسنات.

  • (٤)

    أنه سلك في الغزل أسلوبًا قصصيًّا فتح به هذا الباب، ومهَّد به السبيل لكل من سلكه من بعده، كعمر بن أبي ربيعة.

فهو يقول في معلقة إنه دخل الخدر على عنيزة، ودعت عليه بالويلات وقالت له: انزل عقرت بعيري، فلم يصغ إلى قولها، وقال لها: سيري وأرخي زمامه، وبين لها أنه طوق أمثالها من الحسان ما بين حبلى ومرضع، ثم ذكر ما دار بينه وبينها من الحوار اللطيف، ثم أفاض في بيان رحلته إليها، فذكر أنه تجاوز إليها معشرًا يحرصون على قتله، فأتاها وقد نضت ثيابها للنوم، فأنكرت ذلك عليه، ثم خرج بها، وكانت تعفي آثار أقدامها بذيلها، حتى انتهيا إلى مكان منخفض، فهصر بفودي رأسها، ونال من جناها المعلل، ثم أخذ يصف أعضاها وصْف ماهر لبق.

ومن تأمل هذه الأبيات تَمثَّل أمام عينيه امرؤ القيس وفاطمة أو عنيزة، وخيل إليه أنه يسمع ما كانا يقولان، ويرى ما كانا يفعلان. وفي المعلقة أيضًا نمط آخر من هذا القبيل، قَصَّ فيه علينا ما وقع له يوم عقر الناقة، فذكر أنه عقر ناقته ليطعم العذارى، فلما شبعن جعلن يرتمين باللحم والشحم.

وفيها مثال آخر أتى عليه بعد أن وصف الجواد بما وصفه به، فذكر أن سربًا من بقر الوحش عرضن له فأرتعنَ، فأدبرنَ فرارًا منه، فألحقه الجواد بالسابقات منها، وترك المتأخرات في صرة، وأن الجواد عادى بين ثور ونعجة، ولم يتعب. ثم ذكر أن الطهاة نوعوا الطعام من لحم الصيد ما بين شواء وقدير.

وفي قصيدته البائية نمط لا يقل في البراعة والجودة عما في المعلقة، إذا لم يزِد عليه فيهما؛ وذلك أنه وصف الجواد وصفًا بديعًا، ثم ذكر أن شدة جريه أخرج الفأر من أنفاقهن، وأنه عادى بين ثور ونعجة، وكان لثيران الرمل غماغم،١٥٣ وكان يطعنها بالرمح، فهي بين ساقط على جبينه ومتقٍّ بقرنه، فقال لفتيانه: انزلوا. فنزلوا، ونصبوا ثوبًا كالخيمة، فكانت أعمدته من الرماح، وأوتاده من الدروع، وأطنابه حبال النوق وأعلاه ثوب أبيض؛ فدخلوه وسندوا ظهورهم إلى رحال أو سيوف حيرية، فلما أكلوا مشُّوا أيديَهم بأعراف الجياد، وطرحوا عيون الوحش الشبيهة بالجزع حول الأخبية، ثم راحوا يحملون الصيد في أعدالهم وحقائبهم.

وفي قصيدته الرائية يقص علينا أنه خرج إلى الصيد ومعه القانصان: الرجل والفرس، وكان يتبعهم كلب ألوف نشيط، فرأى ثورًا فتبعه حتى أدركه وأنشب أظفاره في نَسَاه، فكرَّ إليه الثور بقرنه فأدخله فيه، فجعل يستدير ويرنح كأنه حمار أصابته النعرة في أنفه.

ولعل أروع شيء له في هذا الباب ما في قصيدته اللامية:

ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي!

فهو يقول فيها إنه سما إليها بعدما نام أهلها، فدعت عليه، وأنكر عمله؛ لأن السمَّار حولها، فأقسم أن لا يبرح قاعدًا عندها ولو قطعوا رأسه وأوصاله، ثم أقسم أن الحي ناموا، ثم تنازعا الحديث، فلانت وانقادت له بعد تمردها وعصيانها، ثم هصر بفوديها وصارا إلى الحسنى ورق كلامها.

فأصبح محبوبًا لديها قد شغف فؤادها، وأصبح بعلها سيئ الظن، كاسف البال، يغط غطيط البكر المشدود خناقه، لغيظه وحنقه، ويود أن يقتله، ولكنه لم يستطع ذلك؛ لأنه كان أعزل ليس بذي رمح ولا سيف ولا نبال، وكان مع امرئ القيس سيف مشرفي ونصال محددة.

ثم ذكر في هذه القصيدة أنه ولج في يوم غيم بيت عذارى فرآهن يطفن بفتاة كثيرة اللحم كسول.

ثم انتقل إلى وصف الجواد وذكر أنه ذعر به سربًا أبيض الجلود موشى الأكارع، فاتقى ذلك السرب بثور مُسنٍّ، فاصطاد الجواد ثورًا ونعجة في طلق واحد، وكان لسرعة لحاقه الصيد كالعقاب التي تصطاد ذكور الأرانب، وتختفي الثعالب خوفًا منها، حتى كثر الصيد لديها، وكانت قلوب الطير حول وكرها كالعناب والحشف.

ويتضح أيضًا أن امرأ القيس كان مع ولعه بالنساء، مولعًا بالخمر والقيان، وأنه كان مفركًا، ومع ذلك يحب أن تحبه النساء، ويكون له حظوة عندهن ويتمدح بذلك فيقول:

ويا رب يوم قد أروح مُرَجَّلًا
حبيبًا إلى البيض الكواعب أملسا١٥٤
يرعن إلى صوتي إذا ما سمعنه
كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا١٥٥

ويقول في الأبيات المتقدمة:

صرفت الهوى عنهن من خشية الردى
ولست بمقليِّ الخلال ولا قالِ
لياليَ يدعوني الهوى فأجيبه
وأعيُن من أهوى إليَّ روان

وكان يرى لذة الحياة في الخمر والنساء فيحض على التمتع بهما إذ يقول:

تمتع من الدنيا فإنك فانِ
من النشوات والنساء الحسان
من البيض كالآرام والأُدْم كالدمى
حواصنها والمبرقات روان١٥٦

(٢) نظره في المرأة

وكان امرؤ القيس، على شدة حبه للمرأة وعلو منزلتها من نفسه، لا يراها أهلًا للوفاء والحب الصادق للرجل، وإنما تحبه ما دام شابًّا كثير المال؛ لأن في ذلك بلوغ أمنيتها وقضاء لذتها، فإذا فقد الرجل ذلك فليس له نصيب من محبتها، وهذا معنى قوله:

أراهن لا يحببن من قل ماله
ولا من رأين الشيب فيه وقوَّسا

ولعل علقمة أخذ هذا البيت وطبع على غراره في قوله:

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله
فليس له من ودهن نصيب

ولاعتقاده هذا في المرأة أنكر على بسباسة ادعاءها أنه كبر، وأنه لا يحسن اللهو حيث يقول:

لقد زعمت بسباسة اليوم أنني
كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي
كذبت! لقد أصبي على المرء عرسه
وأمنع عرسي أن يُزنَّ بها الخالي

ولعل امرأ القيس حكم على المرأة بما يكنه صدره، فإنه لا يحب المرأة إلا لحاجة في نفسه؛ ولذلك كان لا يصْدق في حب، ولا يرعى لخليل حق الخلة — كما أسلفنا — فانظر إلى قوله:

وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي!

وقوله:

فسلِّي ثيابي من ثيابك تنسل

وقوله:

وخليلٍ قد أفارقه
ثم لا أبكي على أثره

وقوله:

أأسماء أمسى ودها قد تغيرا
سنبدل إن أبدلت بالود آخرا

ونحو ذلك … تتمثل لك نفس تحمل بين جوانحها قلبًا لا يعرف للحب معنًى إلا التمتع باللذة، ولا تشعر بحسن الوفاء للخلة والمودة.

(٣) الخمر

وأما الخمرة فهو يراها المثل الأعلى في اللذة، فيشبه بها ريق المحبوبة، ويبالغ في وصفها، ويمعن في شربها حتى يفقد عقله ويرى الفر والجون أشقر إذ يقول:

كأن المدام وصوب الغمام
وريح الخزامى ونشر القُطُر
يُعل بها برد أنيابها
إذا طرَّب الطائر المستحِرْ

وقد وصفها ووصف أثرها في الشارب في أبيات تقدمت.

أُنُفٌ كَلَوْن دم الغزال معتَّقٌ
من خمر عانة أو كروم شبام

… إلخ.

إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة
معتقة مما تجيء به التجر

ويقول:

ونشرب حتى نحسب الخيل حولنا
نِقادًا وحتى نحسب الجَون أشقرا

ويعد شربها مأثرة فيضمها إلى مفاخره، إذ يقول:

كأنيَ لم أركب جوادًا للذة
ولم أتبطن كاعبًا ذات خلخال
ولم أسبأ الزق الرويَّ ولم أقل
لخيليَ كرِّي كرَّة بعد إجفال

فكل ما يتمدح به امرؤ القيس: ركوب الخيل، وشرب الخمر، وقربان النساء، حتى إنه ليعد غشيان منازلهن ودخول الخدور عليهن مفخرة ليس وراءها غاية، فقد دخل الخدر على عنيزة، وولج على عذارى بيتهن في يوم دَجْن …

وأما ركوب الخيل للحرب والصيد، فإنما استفاده من كثرة والأسفار والحروب وإدمان ركوب الخيل والإبل، وقطع الفلوات.

(٤) الوصف

ومن الأغراض التي نظم فيها الشعر الوصفُ، فإنه شغل جزءًا عظيمًا من شعره، وبرع في ضروب منه براعة بذَّ فيها كل من تقدمه، وأبرَّ على من تأخر عنه؛ وصف الخيل والإبل والدروع، والفلوات، والجبال، والوحش، والأودية، والبرق، والسحاب، والمطر، والليل.

وأظهرُ موطن تنجلي فيه براعته وصفُ الخيل، حتى قيل: «أشعر الناس امرؤ القيس إذا ركب.» وفي شعره طائفة تدل على تفوقه في هذا الباب، منها قوله يصف ذهابه إلى الصيد والكلب والصيد والناقة من قصيدة مطلعها:

أَحارِ بن عمرو كأني خمر
ويعدو على المرء ما يأتمر١٥٧
ذكر فيها أنه لا يفر، وأن تميم بن مر وكندة حوله إذا ركبوا تحرقت الأرض واليوم قرٌّ.١٥٨ ثم ذكر أن «هرًّا» أصابت فؤاده بسهم، ثم شبب بها ونعتها، ثم دنا منها فتسداها، ثم قال:
وَقَدْ أغْتَدِي وَمَعي القَانِصَان
وَكُلٌّ بمَرْبَأةٍ مُقْتَفِر١٥٩
فَيُدْرِكُنَا فَغِمٌ دَاجِن
سَمِيعٌ بَصِيرٌ طَلُوبٌ نَكِر١٦٠
ألَصُّ الضُّرُوسِ حَبيُّ الضلُوعِ
تَبُوعٌ طَلُوبٌ نَشِيطٌ أشِرْ١٦١
فأنْشَبَ أظْفَارَهُ في النَّسَا
فَقُلْتُ هبِلْتَ! ألا تَنتَصِرْ؟١٦٢
فَكَرَّ إلَيْهِ بمِبْراتِهِ
كمَا خَلَّ ظَهْرَ اللِّسانِ المُجِر١٦٣
فَظَل يُرَنِّحُ في غَيْطَل
كمَا يَسْتَديرُ الحِمَارُ النَّعِر١٦٤

ثم انتقل إلى وصف الفرس فقال:

وأركب في الروع خَيفانة
كسا وجهَها سعفٌ منتشر١٦٥
لها حافز مثل قعب الوليـ
ـد رُكِّب فيه وظيف عجر١٦٦
لها ثُنَنٌ كخوافي العقا
ب سود يفئن إذا تزبئر١٦٧
وساقان كعباهما أصمعا
ن لحم حَماتيهما منبتر١٦٨
لها كَفَلٌ كصفاة المسيـ
ـل أبرز عنها جُحافٌ مُضر١٦٩
لها ذنب مثل ذيل العروس
تسد بها فرجها من دبر١٧٠
لها متنتان خظاتا كما
أكبَّ على ساعديه النمر١٧١
لها عذر كقرون النسا
ء ركِّبن في يوم ريح وَصِر١٧٢
وسالفة كسَحوق اللُّبا
ن أضرم فيها الغويُّ السُّعر١٧٣
لها جبهة كسراة المجنِّ
حذَّقه الصانع المقتدر١٧٤
لها منخر كوجار السباع
فمنه تريح إذا تنبهر١٧٥
وعين لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ
فشقَّت مآقيهما من أُخُر١٧٦
إذا أقبلتْ قلت دُبَّاءةٌ
من الخدر مغموسة في الغُدُر١٧٧
وإن أدبرت قلت أُثْفيَّة
ململمة ليس فيها أُثُر١٧٨
وإن أعرضت قلت سُرعوفة
لها ذنب خِلفها مُسْبَطِر١٧٩
وللسوط فيها مجال كما
تَنَزَّل ذو بَرَد منهمر١٨٠
لها وَثَبَاتٌ كوثب الظباء
فواد خِطاء وواد مطر١٨١
وتعدو كعدو نُجاة الظبا
ء أخطأها الحاذف المقتدر١٨٢

وقال في معلقته يصف جواده:

وقد أغتدي والطير في وكناتها
بمنجرد قيد الأوابد هيكل١٨٣
مكر مفر مقبل مدبر معًا
كجلمود صخر حطه السيل من عل١٨٤
كميت يزل اللبد عن حال متنه
كما زلَّت الصفواء بالمتنزِّل١٨٥
على العقْب جيَّاش كأن اهتزامه
إذا جاش فيه حَمْيُه غليُ مِرْجل١٨٦
مِسَحٌّ إذا ما السابحات على الونى
أَثَرْنَ غبارًا بالكديد المرَكَّل١٨٧
يطير الغلام الخِفُّ عن صهواته
ويُلوي بأثواب العنيف المثقل١٨٨
دريرٍ كخُذْروف الوليد أمرَّه
تتابع كفيه بخيط موصَّل١٨٩
له أيطلا ظبي وساقا نعامة
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل١٩٠
ضليع إذا استدبرتَه سدَّ فرجه
بضافٍ فُويق الأرض ليس بأعزل١٩١
كأن على الكتفين منه إذا انتحى
مَدَاك عروس أو صلابة حنظل١٩٢
كأن دماء الهاديات بنحره
عصارة حناء بشيب مرجَّل١٩٣

ثم استطرد إلى وصف بقر الوحش التي اصطادها على هذا الفرس فقال:

فعنَّ لنا سرب كأن نعاجه
عذارى دُوارٍ في مُلاءٍ مُذيَّل١٩٤
فأدبرن كالجزع المفصل بينه
بجيد معمٍّ في العشيرة مخول١٩٥
فألحقَنا بالهاديات ودونه
جواحرها في صرَّةٍ لم تزَبَّلِ١٩٦
فعادى عداءً بين ثور ونعجة
دِراكًا ولم يُنضحْ بماء فيغسل١٩٧
وظلَّ طهاة اللَّحم من بين مُنضج
صفيفٍ شِواءٍ أوْ قديرٍ معجَّل١٩٨
ورُحنا يكاد الطِّرف ينفض رأسه
مَتَى ما ترقَّ العين فيه تَسَهَّلِ١٩٩
وباتَ عليه سرجُهُ ولجامه
وباتَ بعيني قائمًا غير مرسلِ٢٠٠

وقال من قصيدة مطلعها:

ألا عِمْ صَبَاحًا أيهَا الطلَلُ البَالي
وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي٢٠١
كأني لم أركب جوادًا للذة
ولم أتبطن كاعبًا ذات خلخال٢٠٢
ولم أسبأ الزقَّ الروي ولم أقل
لخيليَ كِرِّي كَرَّة بعد إجفال٢٠٣
ولم أشهد الخيل المغيرة بالضحى
على هيكل عبل الجُزَارَة جوال٢٠٤
سليم الشظى عبل الشوى شَنِج النسا
له حَجَبَات مشرفات على الفالي٢٠٥
وصمٌّ صلاب ما يقين من الوجى
كأن مكان الردف منه على رال٢٠٦
وقد أغتدي والطير في وكناتها
لغيث من الوسمي رائده خال٢٠٧
تحاماه أطراف الرماح تحاميًا
وجادَ عليه كلُّ أسحمَ هطَّال٢٠٨
بعَجْلَزَة قد أترز الجري لحمها
كميت كأنها هراوة منوال٢٠٩
ذَعَرتُ بها سربًا نقيًا جلوده
وأكْرُعُه الوِشْي البرود من الخال٢١٠
كأنَّ الصُّوار إذ تَجَهَّد عدْوُه
على جُمُد خيل تجولُ بأجلال٢١١
فجال الصوار واتقين بقرهب
طويل القرا والرَّوق أخنس ذيال٢١٢
فعادى عداءً بين ثور ونعجة
وكان عداء الوحش مني على بال٢١٣
كأني بفَتْخَاءِ الجناحين لَقْوَة
صيود من العقبان طأطأت شملالي٢١٤
تَخَطف خزَّان الشَّرَبة بالضحى
وقد جحرتْ منها ثعالب أَوْرال٢١٥
كأن قلوب الطير رطبًا ويابسا
لدى وكرها العناب والحشف البالي٢١٦

وقال يصف الجواد من قصيدة مطلعها:

خليليَّ مرَّا بي على أم جندب
لنقضي لبانات الفؤاد المعذب
وقد أغتدي والطَّير في وكراتها
وماء الندى يجري على كل مِذنب٢١٧
بمنجرد قيد الأوابد لاحه
طراد الهوادي كل شأو مغرب٢١٨
على الأين جياش كأن سراته
على الضمر والتعداء سرحة مرقب٢١٩
يباري الخنوفَ المستقلَّ زماعُه
ترى شخصه كأنه عود مشجب٢٢٠
له أيطلا ظبي وساقا نعامة
وصهوة عير قائم فوق مرقب٢٢١
ويخطو على صُمٍّ صلاب كأنها
حجارة غيل وارسات بطحلب٢٢٢
له كفل كالدِّعص لبَّده الندى
إلى حارك مثل الغبيط المذأَّب٢٢٣
وعين كمرآة الصناع تديرها
بمحجرها من النصيف المنقب٢٢٤
له أذنان تعرف العلق فيهما
كسامعتي مذعورة وسْط ربرب٢٢٥
ومستفلك الذفرى كأن عنانه
ومثناته في رأس جذع مشذب٢٢٦
وأسحم ريان العسيب كأنه
عثاكيل قنوٍ من سُمَيْحَة مُرْطب٢٢٧
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه
تقول هزيز الريح مرَّت بأثأب٢٢٨
إذا ما ركبنا قال ولدان أهلنا:
تعالوا إلى أن يأتي الصيد مُخْطِبِ٢٢٩
يدير قَطَاةً كالمحالة أشرفت
إلى سند مثل الغبيط المذأب٢٣٠
فيومًا على سِرب نقي جلوده
ويومًا على بيدانة أُم تَوْلب٢٣١
فبينا نعاج يرتمين خميلة
كمشي العذارى في الملاء المهدب٢٣٢
فكان تنادينا وعقد عذاره
وقال صحابي قد شأوْنكَ فاطلب٢٣٣
فلأيًا بلأي ما حملنا غلامنا
على ظهر محبوك السَّراة محنب٢٣٤
وولَّى كشؤبوب العشي بوابل
ويخرجن من جعد ثراه منصب٢٣٥
فللسوط ألهوب وللساق درة
وللزجر منه وقع أهوج منعب٢٣٦
فأدركَ لم يَجْهَد ولم يُثنِ شأوه
يمر كخذروف الوليد المثقب٢٣٧
ترى الفأر في مستيفع القاع لاحبًا
على جدد الصحراء من شد ملهب٢٣٨
خفاهن من أنفاقهن كأنما
خفاهن ودق من عشي مجلب٢٣٩
فعادى عداءً بين ثور ونعجة
وبين شبوب كالقضيمة قرهب٢٤٠
وظل لثيران الصريم غماغمٌ
يُداعسها بالسَّمْهَريِّ المُعلَّب٢٤١
فكابٍ على حر الجبين ومتقٍ
بمدْريةٍ كأنَّها ذلق مشعب٢٤٢
وقلنا لفتيانٍ كرامٍ ألَا انزلوا
فعالوا علينا فضل ثوب مطنب٢٤٣
وأوتاده ماذية وعمادُه
ردينية فيها أسنة قعضب٢٤٤
وأطنابه أشطان خوض نجائب
وصهوته من أتحميٍّ مشرعب٢٤٥
فلما دخلناه أضفنا ظهورنا
إلى كل حاريٍّ حديد مشطب٢٤٦
كأن عيون الوحش حول خِبائنا
وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب٢٤٧
نَمشُّ بأعراف الجياد أكفَّنا
إذا نحن قمنا عن شواء مضهب٢٤٨
ورحنا كأنا من جؤاثي عشية
نعالي النعاج بين عِدْل ومُحقب٢٤٩
وراح كَتَيْسِ الَّرْبل ينفض رأسه
أذاةً به من صائكٍ مُتَحَلِّبِ٢٥٠
كأن دماء الهاديات بنحره
عصارة حناء بشيب مخضب٢٥١
وأنت إذا استدبرته سد فرجه
بضاف فويق الأرض ليس بأصهب٢٥٢

وقال من قصيدة مطلعها:

لمن طلل أبصرته فشجاني
كخط الزبور في العسيب اليماني
وإن أمس مكروبًا فيا رب غارة
شَهِدْتُ عَلى أقَبَّ رَخْوِ اللَّبَان٢٥٣
عَلى رَبِذٍ يَزْدَادُ عَفْوًا إذَا جَرَى
مِسَحٍّ حَثِيثِ الرَّكْضِ وَالذَّأَلان٢٥٤
ويردي على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِس
شَدِيدَاتِ عَقْدٍ لَينَاتٍ مثَاني٢٥٥
وَغَيْثٍ منَ الوَسمِي حُوٍّ تِلاعُه
تَبَطنْتُهُ بِشَيْظَمٍ صَلَتَان٢٥٦
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا
كَتَيسِ ظِبَاءِ الحُلَّبِ العَدَوَان٢٥٧
إذَا مَا جَنَبْنَاهُ تَأوَّدَ مَتْنُهُ
كعِرْقِ الرُّخامى اهْتَزَّ في الهَطَلان٢٥٨

وقال من قصيدة مطلعها:

قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان …
وغيث كألوان الفنا قد هبطْته
تعاور فيه كل أوطف حنَّان٢٥٩
على هيكلٍ يعطيك قبل سؤاله
أفانينَ جريٍ غيرَ كزٍّ ولا وان٢٦٠
كتَيْس الظباء الأعفر انضرجت له
عُقاب تدلت من شماريخ ثهلان٢٦١
وخرق كجوف العَيْر قفر مَضِلَّةٍ
قطعتُ بسامٍ ساهمِ الوجه حُسَّان٢٦٢
يدافع أعطاف المطايا بِرُكنه
كما مال غصن ناعم بين أغصان٢٦٣

وقال من قصيدة:

ومَرْقَبة كالزُّجِّ أشْرفتُ فوقها
أُقلِّب طَرْفي في فضاء عريض٢٦٤
فظلْتُ وظلَّ الجَوْن عندي بلبده
كأني أعدِّي عن جناح مهيض٢٦٥
فلما أجَنَّ الشمس عني غيارها
نزلتُ إليه قائمًا بالحضيض٢٦٦
يباري شباةَ الرمح خدٌّ مذلَّقٌ
كصفح السنان الصُّلَّبي النحيض٢٦٧
وقد أغتدي والطير في وكناتها
بمنجرد عبلِ اليدين قبيض٢٦٨
له قُصْرَيَا عَيْرٍ وساقا نعامة
كفحل الهجان القيسري الغضيض٢٦٩
يجم على الساقين بعد كلاله
جموم عيون الحِسْي بعد المخيض٢٧٠
ذعرت بها سربًا نقيًا جلودها
كما ذعر السرحان جنب الربيض٢٧١
فأقصد نعجة فاعرض ثورها
كفحل الهجان ينتحي للعضيض٢٧٢
ووالى ثلاثًا واثنتين وأربعًا
وغادر أخرى في قناة رفيض٢٧٣
فآب إيابًا غير نَكْد مواكل
وأخلف ماءً بعد ماء فضيض٢٧٤
وسِنٍّ كَسُنَّيْق سناء وسُنَّم
ذعرت بمدلاج الهجير نَهُوض٢٧٥

وقال يصف الناقة:

وإنك لم تقطع لُبانة عاشق
بمثل غدو أو رواح مؤَوِّب٢٧٦
بأدماء حرجوج كأن قتودها
على أبلق الكَشْحَين ليس بمُغرَب٢٧٧
يغرد بالأسحار في كل سُدفة
تغرد مياح الندامى المُطَرب٢٧٨
أقبَّ رَباعٍ من حمير عماية
يمجُّ لُعاع البقل في كل مشرب٢٧٩
بمَحنيَّةٍ قد آزر الضالَ نبتُها
مجرَّ جيوش غانمين وخيَّب٢٨٠

وقال من قصيدته الرائية:

سما لك شوق بعدما كان أقصرا
فدَعْ ذا وَسَلِّ الهمَّ عنكَ بجَسْرَةٍ
ذَمُولٍ إذا صَامَ النَّهار وَهَجَّرَا٢٨١
تُقَطَّعُ غِيطَانًا كَأن مُتُونَهَا
إذا أظهرت تُكسى ملاءً منشَّرا٢٨٢
بَعِيدَةُ بَينَ المَنْكِبَينِ كَأنمَا
ترى عند مجرى الظفر هرًّا مشجَّرًا٢٨٣
تُطاير ظرَّانَ الحصى بمناسمٍ
صِلابِ العُجى مَلثومُها غيرُ أمعَرَا٢٨٤
كأن الحَصَى مِنْ خَلفِهَا وَأمامِهَا
إذا نجَلَته رِحلُها خَذْفُ أعسَرَا٢٨٥
كَأن صَلِيلَ المَرْوِحِينَ تُشدُّهُ
صليل زيوفٍ ينتقدنَ بعبقرا٢٨٦

وقال من قصيدة مطلعها:

غشيت ديار الحي بالبكرات
فعارمةٍ فبُرْقةِ العبرات
كأني وردفي والقراب ونُمرقي
على ظهر عير وارد الخَبِرَات٢٨٧
أرن على حُقب حيال طَروقة
كَذَوْد الأجير الأربع الأشِرات٢٨٨
عنيف بتجميع الضرائر فاحش
شتيم كَذَلْقِ الزُّج ذي ذمرات٢٨٩
ويأكلن بُهْمى جَعْدَةٍ حبشية
ويشربْن بَرد الماء في السَّبَرات٢٩٠
فأوردها ماءً قليلًا أنيسه
يحاذرن عَمرًا صاحب القترات٢٩١
تلُتُّ الحصى لتًّا بسُمر رزينة
موازن لا كُزْمٍ ولا مَعِرات٢٩٢
ويرخين أذنابًا كأن فروعها
عرى خِلل مشهورة ضفرات٢٩٣
وعنس كألواح الإران نسأتها
على لاحب كالبُرد ذي الحبرات٢٩٤
فغادرتها من بعد بُدْن رَذِيَّة
تغالي على عوج لها عود لها كَدِنَات٢٩٥
وأبيض كالمخراق بلَّيت حدَّه
وهبَّته في الساق والقَصَرَات٢٩٦

وقال من قصيدة مطلعها:

أماوي هل لي عندكم من معرس
كأني ورحلي فوق أحقب قارح
بشربة أوطى وبعرنان موجس٢٩٧
تعشَّى قليلًا ثم أنحى ظلوفه
يثير التراب عن مبيت ومكنس٢٩٨
يهيل ويذري تربها ويثيره
إثارة نبَّاث الهواجر مُخْمِس٢٩٩
فبات على خد أحم ومنكب
وضِجْعَتُه مثل الأسير المُكَرْدس٣٠٠
وبات إلى أرطاةَ حقف كأنها
إذا ألْثَقتْها غَبْيَةٌ بيتُ معرس٣٠١
فصبَّحه عند الشروق غُدَيَّة
كلاب ابن مُر أو كلاب ابن سِنبس٣٠٢
مغرثة زرقًا كأن عيونها
من الذَّمْر والإيحاء نُوَّارُ عَضْرَس٣٠٣
فأدبر يكسوها الرغام كأنها
على الصمد والآكام جَذْوة مُقْبِس٣٠٤
وأيقنَّ إن لاقيْنَه أن يومه
بذي الرِّمْث أو ماوتْنَه يوم أنفُس٣٠٥
فأدركنه يأخذن بالساق والنَّسا
كما شَبْرَقَ الولدان ثوب المقدس٣٠٦
وغوَّرْنَ في ظل الغضا وتركْنَه
كفحل الهجان الفادر المتشمس٣٠٧

وقال يصف الناقة أيضًا:

ومُجِدَّةٍ نسَّأْتُها فتكمَّشت
رَتْكَ النعامة في طريقٍ حام٣٠٨
تَخْدي على العِّلات سامٍ رأسها
روعاء مَنسمها رثيم دام٣٠٩
جالت لتصرعني فقلت لها اقصري
إني امرؤ صرعي عليك حرام٣١٠
فجزيت خير جزاء ناقة واحد
ورجعت سالمة القرا بسلام٣١١

وقال من قصيدة يصف الفرس والرمح والسيف والدرع:

وأعددتُ للحرب وثَّابة
جواد المحَثَّة والمُرْوَد٣١٢
سبوحًا جموحًا وإحضارها
كمعمعة السعَف الموقَد٣١٣
ومطَّردًا كَرِشاء الجرُو
رِ من خُلُب النخلة الأجرد٣١٤
وذا شُطَب غامضًا كلْمُه
إذا صاب بالعظم لم ينأد٣١٥
ومشدودة السك موضونة
تضاءلُ في الطي كالمبْرد٣١٦
تفيض على المرء أردانها
كفيض الأتي على الجدجد٣١٧

وقال من قصيدة يصف السيف:

متوسدًا عضْبًا مضاربه
في متنه كمدبَّة النمل٣١٨
يدعى صقيلًا وهْو ليس له
عهد بتمويه ولا صقل٣١٩

وقال يصف الغيث:

ديمة هطلاء فيها وطف
طبق الأرض تحرى وتدر٣٢٠
تُخرج الودَّ إذا ما أشْجَذَت
وتواريه إذا ما تَشْتَكر٣٢١
وترى الضَّب خفيفًا ماهرًا
ثانيًا برثنه ما ينعفر٣٢٢
وترى الشَّجْراء في ريِّقها
كرءوسٍ قطعت فيها الخُمُر٣٢٣
ساعةً ثم انتحاها وابلٌ
ساقط الأكناف واهٍ منهمر٣٢٤
راح تَمريه الصبا ثم انتحى
فيه شؤبوب جنوب منفجر٣٢٥
ثجَّ حتى ضاق عن آذيِّه
عرض خيْم فخُفاف فيُسُر٣٢٦
قد غدا يحملني في أنفه
لاحق الأيطل محبوك مُمر٣٢٧

وقال يصف البرق والسحاب:

أعِني على برق أراه وميض
يضيء حبيًّا في شماريخ بيض٣٢٨
ويهدأ تارات سناه وتارة
ينوء كتعتاب الكسير المهيض٣٢٩
وتخرج منه لامعات كأنها
أكف تَلقَّى الفوز عند المُفيض٣٣٠
قعدت وأصحابي بين ضارج
وبين تلاع يثلث فالعريض٣٣١
أصاب قُطيَّات فسال اللوى لها
فَوادي البدي فانتحى للأريض٣٣٢
بِميث دِماث في رياض أثيثة
تُحيل سواقيها بماء فضيض٣٣٣
بلاد عريضة وأرض أريضة
مَدافع غيث في فضاء عريض٣٣٤
فأضحى يَسُحُّ الماء عن كل فيقة
يحور الضباب في صفاصف بيض٣٣٥
فأسقي به أختي ضعيفة إذ نأت
وإذ بعُد المزار غير القريض

وقال يصف البرق والسحاب والغيث وما أثره:

أصاح ترى برقًا أريك وميضه
كلمع اليدينِ في حَبِيٍّ مُكلل٣٣٦
يُضيءُ سَناهُ أوْ كمصباح راهِبٍ
أهان السليط في الذُّبال المفتَّل٣٣٧
قَعَدْتُ لَهُ وصُحبتي بينَ ضارِج
وبين العُذيْب بُعدَ ما متأملي٣٣٨
علا قَطَنًا بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبِهِ
وأيْسَرُهُ على الستارِ فَيَذْبُلِ٣٣٩
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة
يكبُّ على الأذقان دوحَ الكَنَهْبُلِ٣٤٠
كأن مكاكيَّ الجواء غُديَّة
صُبِحنَ سلافًا من رحيقٍ مفلفل٣٤١
وَمَرَّ على القَنَانِ مِنْ نَفَيَانِهِ
فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِن كل مَوئِل٣٤٢
وَتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَة
وَلَا أُطُمًا إلا مَشِيْدًا بِجَنْدَل٣٤٣
كأَنَّ ثَبِيرًا في عَرَانِينِ وَبْلِهِ
كَبِيرُ أُنَاسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ٣٤٤
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيمِرِ غُدْوَة
مِنَ السَّيلِ والغُثاءِ فَلْكَةُ مِغْزَل٣٤٥
كَأَنَّ سباعًا فيهِ غَرْقَى غديةً
بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُل٣٤٦
وَأَلْقَى بِصَحْراءِ الغَبِيْطِ بَعَاعَه
نُزُولَ اليَمَانيْ ذي العِيَابِ المُحَمَّل٣٤٧

وقال يصف الليل:

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله
علي بأنواع الهموم ليبتلي٣٤٨
فقلت له لما تمطَّى بصلبه
وأردف أعجازًا وناءَ بكَلْكَلِ٣٤٩
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
بصبح وما الإصباح منك بأمثل٣٥٠
فيا لك من ليل كأن نجومه
بكل مغار الفتل شدت بِيَذْبُل٣٥١
كأن الثريا علقت في مصامها
بأمراس كتان إلى صم جندل٣٥٢

ولقد أجاد امرؤ القيس غاية الإجادة في وصف الليل؛ إذ شبهه بموج البحر في شدة ظلمته وتتابع أهواله الكثيرة، وإذ جعل له سدولًا لتكون ظلماته أشد، وبرع غاية البراعة في استعارته لليل الصلب والعجز والكلكل، وفي كنايته عن طوله بشد نجومه بيذبل، وفي مخاطبته إياه مخاطبة الند للند، ولا يعلم لشاعر من المتقدمين وصف لليل يساوي وصف امرئ القيس هذا أو يتقدمه.

وقد تشاجر٣٥٣ الوليد بن عبد الملك وأخوه مسلمة في شعر امرئ القيس والنابغة في وصف الليل، أيهما أجود، فرضيا بالشعبي، فأحضر، فأنشده الوليد أبيات النابغة الثلاثة:
كليني لهم يا أميمة ناصب …

وأنشد مسلمة قول امرئ القيس:

وليل كموج البحر …

فضرب الوليد برجله طربًا، فقال الشعبي: بانت القضية!

الخلاصة

إن امرأ القيس بلغ من الإجادة في الوصف، ولا سيما وصف الخيل، ما لم يبلغه غيره من شعراء الجاهلية وغيرهم. وافتنانه في وصف الشيء الواحد، وإيراده في صور مختلفة أو متقاربة، كلها في الدرجة القصوى من البراعة، شاهد عدل على أن امرأ القيس شاعر فذ، خنذيذ مُفْلِق، أتى بما لم تستطعه الأوائل والأواخر.

وصف الفرس

وصف الفرس في مواضع من شعره، ولم يكد يدع وصفًا حسنًا إلا وصفه به وأجاد فيه.

وإذا أمعنت النظر في معلقته، تبين لك أن فرسه فيها منجرد، قيد الأوابد، هيكل، مكر، مفر، مقبل مدبر معًا، سريع كالحجر الذي حطه السيل من مكان عال، كُميت اللون، مصقول المتن، جياش مع ضموره، مِسَح حين يعيا غيره، لا يستطيع أن يستقر على ظهره راكب لسرعته، سريع كخذروف الوليد، يشبه الظبي في ضمور خاصرتيه، والنعامة في قصر ساقيها، والذئب في إرخائه، والتتفل في تقريبه. وهو قوي، سابغ الذنب، ليس بأعزله، يشبه ظهره مداك العروس في اكتنازه وملاسته ولمعانه، مخضب النحر بدماء الصيد، يوالي بين ثور ونعجة في طلق واحد، تام الحسن، إذا نظرتْ العين أعلاه لا بد أن تنظر أسفله؛ لأنه حسن كله، وبعد أن اصطاد عليه بات ينفض رأسه من المرح والنشاط؛ لأنه لم يتعب في الصيد.

وهذا الفرس اصطاد عليه، فوصفه بكل ما يتطلبه الوصف لهذا الغرض: من قوة وصلابة وسرعة ونشاط، وشبَّهه بأجمل ما عند أهل البادية من المشبهات بها، للدلالة على الأغراض التي يقصدها. ولم يصف جميع أعضائه؛ لأن غرضه أن يصفه بما يتطلبه الصيد، وهذا لا يتوقف عليه ذكر الأعضاء وما شاكلها.

وأما فرسه في مَواطن أخرى من شعره، فهو: منجرد، قيد الأوابد، غيَّره مطاردة السوابق من الوحش، جيَّاش مع تعبه، كأن ظهره سرحة مرقب، وكأنه عود مشجب، يشبه الظبي في خاصرتيه، والنعامة في ساقيها، والعير في صهوته، حوافره صلبة مصفرة كحجارة الغَيْل، وكفله كالدعص الملبَّد، وحاركه كالغبيط المذأَّب، وعينه كمرآة الصناع، وأذناه كريمتان حسنتان كأذني البقرة الوحشية المذعورة، وذفراه مستديرة، ورأسه عالٍ، وذنبه أسود، كثير الشعر، ريان العسيب، إذا أسرعَ سمعت له حفيفًا كحفيف الأثأب إذا ضربته الريح، قطاته كالمحالة، يغير ما به يومًا على بقر الوحش، ويومًا على حُمرها، وهو محبوك الظهر، محنب، سريع كشؤبوب العشي، سريع كالخذروف، يدرك الصيد من غير أن يجهد، أزعج الفأر من أنفاقها، وعادى بين ثور ونعجة وبين شبوب، وترك للثيران غماغم، وهي بين كابٍ على جبينه ومتَّقٍ بقرنه، وقد تأذى من رائحة عرقه، فجعل ينفض رأسه، وتلطخ نحره بدماء الهاديات وذَنَبه ضافٍ فويق الأرض.

وقد وصف كثيرًا من أعضائه؛ كعينه، وأذنه، وذفراه، ورأسه، وشعره، وعذره، وسالفته، وجبهته، ومنخره، وظهره، وخاصرتيه، وحاركه، وصدره، وكفله، وقطاته، وذَنَبه، وساقيه، وحوافره، وثننه. ولم يكد يدع شيئًا من أعضائه، وشبهه بتشبيه رائع مؤنق، ووصفه مقبلًا ومدبرًا ومعرضًا، ونعته بالسرعة والنشاط والتقدم.

وقص علينا اصطياده عليه، ووثوقه بالصيد منذ ركبه، وكثرة الصيد الذي ألقيت عيونه حول الخباء، كل ذلك بأسلوب ساحر عذب.

وقد افتنَّ في التشبيه افتنانًا يدل على براعة رائعة، ومَلَكَة مطاوعة، وكثيرًا ما يشبِّه العضو الواحد بأشياء متعددة مختلفة؛ فقد شبه ظهره بمداك العروس، وصلابة الحنظل، وصهوة العير، وعرف الرخامى، وسرحة مرقب.

وشبه حافره بعقب الوليد، وحجارة الغيل الوارسة، والملاطس، وهكذا كثير من أعضائه.

ووصفه بالسرعة بأبيات لا يمكن لغيره أن يحوم حولها أو يدانيها مثل قوله:

على هيكل يعطيك قبل سؤاله
أفانين جرْي غير كزٍّ ولا وانِ

وقوله:

على ربذٍ يزداد عفوًا إذا جرى
مِسَحٍّ حثيث الركض والذألانِ

وقوله:

… … … … …
كجلمود صخر حطه السيل من علِ

وقوله:

درير كخذروف الوليد …
… … … …

وقوله:

يجم على الساقين بعد كلاله
جموم عيون الحسي بعد المخيض

وقوله:

وولَّى كشؤبوب العشي بوابل
… … … … …

وقوله:

سبوحًا جموحًا وإحضارها
كمعمعة السعف الموقد

وقوله:

كأني بفتخاء الجناحين لقوة
صيود من العقبان طأطأت شملالا

وقوله:

كأن غلامي إذ علا حال متنه
على ظهر باز في السماء محلق

وقوله:

يخرجن من خلل الغبار عشية
بالدارعين كأنهن ظباء

وبهذا وأمثاله يتضح لنا معنى قولهم: «أشعر الناس امرؤ القيس إذا ركب.»

وصف الناقة

أما وصف الناقة فلا يقل في إجادته وبراعته عن وصف الفرس؛ فقد وصفها في مواطن من شعره، فهي: أدماء، طويلة، جسرة، ذمول، بعيدة بين المنكبين، كأن قطًّا مربوطًا عند ضفرها، صلبة، قوية، قوية كألواح التابوت، قوائمها صلاب غلاظ.

وهي نشيطة، سريعة تطاير الحصى فيصك بعضه بعضًا، حتى كأنه صليل زيوف في يد النقاد.

وقد شبهها مرة بحمار وحش عنيف بتجميع الضرائر، أورد أُتُنَه ماء، وهن يحاذرن صيادًا من بني ثعل.

وشبهها أخرى بحمار بات إلى أرطاة، فصبحته كلاب ابن مر، أو ابن سنبس، فأدبر يثير التراب، ثم أدركنه، فأخذن بساقه ونساه ثم تركنه. وشبهها بالظليم في قوله:

كأني ورحلي والقراب ونُمْرُقي
إذا شبَّ للمرو الصغار وبيص٣٥٤
على نقنق هيق له ولعرسه
بمنعرج الوعساء بيض رصيص٣٥٥

وصف كلب الصيد

وصف كلب الصيد بأنه فغم، داجن، تبوع، طلوب، نكر، ألص الضروس، وقص علينا كيف أنشب أظفاره في نسا ثور الوحش، وكيف كر هذا بمبراته، وأدخلها في الكلب، فيجعل يرنح ويستدير، كالحمار النعر.

وهو الذي مهد السبيل للنابغة وزهير، وفتح لهما هذا الباب، فوصفا كلاب الصيد، وما دار بينها وبين الثور الذي شبها به الناقة من المواثبة والعراك، وهما طبعًا على غرار امرئ القيس، وترسما خطاه في ذلك.

وصف الغيث والسيل

وقد وصف المطر وصفًا دقيقًا رائعًا، فجعل الديمة الهطلاء طبق الأرض؛ إذا ضعفت أظهرت الجبل، وإذا اشتدت وارته، وجعل الشجر كرءوس فيها خمر مقطعة، ثم كثر المطر حتى ضاقت عن موجه خيم وخُفاف ويسر.

وجعله في موضع آخر يكب دوح الكنهبل، وينزل العصم عن موائلها، ولم يدعْ نخلة بتيماء إلا اقتلعها، ونزل على ثبير فجعله كالشيخ المزمل في البجاد، وأحاط بالمجيمر حتى صار رأسه كلفلكة المغزل، وعامت السباع الغرقى فيه كأنها أنابيش عنصل.

•••

ووصف البرق وشبَّهه بلمع اليدين مرة، وبِتَعْتَاب الكسير مرة أخرى، وبالأكف التي تتلقى الفوز عند مفيض القداح مرة ثالثة.

ووصف النبات وشبهه بعد المطر بما في عياب اليماني من الثياب المنقوشة المختلفة الألوان، وشبهه مرة أخرى بألوان عنب الثعلب.

ووصف الدرع والسيف والوادي والليل والذئب وصفًا يدل على براعة فائقة، ومهارة باهرة. ولعل أظهر موطن تتجلى فيه براعته وعبقريته في الوصف وصْف الخيل ووصف النساء، وقد قدمنا أمثلة من شعره تدل على هذا.

(٥) الفخر

علمنا أن امرأ القيس كان مولعًا بالنساء والصيد وما إليهما، مما تقتضيه الصبوة، وكذلك كان شجاعًا فارسًا، طماحًا إلى معالي الأمور، بعد أن أفاق من سكرته، وأيقظه الدهر من رقدته.

وكان شديد الاعتداد بنفسه، واسع الآمال، لا يسعى إلا إلى مجد مؤثل يدركه أمثاله، ولا يقيم ببلدة يأذى بها، وينازل البطل الشديد ولا تطيش سهامه؛ ولذلك استطاع أن يأتي في شعره بصور من الفخر رائعة، كقوله من قصيدة — بعد أن وصف ناقته:

عليها فتًى لم تحمل الأرض مثله
أبرَّ بميثاق وأوفى وأصبرا٣٥٦
هو المُنزل الآلاف من جو ناعطٍ
بني أسد حزنًا من الأرض أوعرا٣٥٧
ولو شاء كان الغزو من أرض حِمير
ولكنه عمدًا إلى الروم أنفرا٣٥٨
بكى صاحبِي لما رأى الدَّرب دونه
وأيقن أنَّا لاحقان بقيصرا٣٥٩
فقلت له لا تبك عينُك إنما
نحاول ملكًا أو نموت فنعذرا٣٦٠

•••

وكنا أناسًا قبل غزوة قَرْمَل
ورثنا الغنى والمجد أكبر أكبرا٣٦١
وما جبنت خيلي ولكن تذكرتْ
مرابطها في بربعيص وميسرا٣٦٢
ألا رُب يوم صالح قد شهدتُه
بِتأذِفَ ذات التل من فوق طرطرا٣٦٣
ولا مثل يوم في قدَاران ظِلته
كأني وأصحابي على قرن أعفرا٣٦٤
ونشرب حتى نحسب الخيل حولنا
نِقادًا وحتى نحسب الجون أشقرا٣٦٥

وكان حجر استعان ببني حنظلة من بني تميم، فبعثت بنو أسد إلى حنظلة تسألها أن تخلي بينها وبين كندة، فاعتزلت حنظلة وخذلت حجرًا، فلما التقت أسد وكندة انهزمت كندة وقتل حجر، فأقسم امرؤ القيس لابنة العامري أن تميم بن مر وأشياعها لا يدعون أنه يفر إذا كانت كندة مجتمعة حوله؛ لأن الأرض تحترق إذا ركبوا واستلأموا في اليوم البارد، وذلك حيث يقول:

فلا وأبيك ابنة العامر
يِّ لا يدعي القوم أني أفر
تميم بن مر وأشياعها
وكندة حولي جميعًا صُبُر٣٦٦
إذا ركبوا الخيل واستلأموا
تحرَّقت الأرض واليوم قر٣٦٧

وقال:

فلو أنما أسعى لأدنى معيشة
كفاني — ولم أطلب — قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي٣٦٨

وقال:

وشمائلي ما قد علمت وما
نبحت كلابك طارقًا مثلي

وكان بين امرئ القيس وبين سبيع بن عوف بن مالك بن حنظلة قرابة، فأتاه امرؤ القيس يسأله، فلم يعطه شيئًا، فقال سبيع أبياتًا يعرِّض فيها بامرئ القيس، فقال امرؤ القيس مجيبًا له من قصيدة:

أبلغ سبيعًا إن عرضت رسالة
أني كهمك إن عشوت أحامي٣٦٩
فاقْصر إليك من الوعيد فإنني
مما ألاقي لا أشد حزامي٣٧٠
وأنا المنية بعد ما قد نوَّموا
وأنا المعالن صفحة النُّوَّام٣٧١
وأنا الذي عرفت مَعَدٌّ فضله
ونَشَدْت عن حُجر ابن أم قطام٣٧٢
خالي ابن كبشة قد علمتَ مكانه
وأبو يزيد ورهطُه أعمامي٣٧٣
وإذا أذِيت ببلدة ودعتها
ولا أقيم بغير دار مقام٣٧٤
وأنازل البطل الكريه نزالُه
وإذا أناضل لا تطيش سهامي٣٧٥

وقد تقدم أن امرأ القيس يعد حب النساء له مفخرة يفتخر بها كما يفتخر بشجاعته ورباطة جأشه.

وتقدمت كلمته التي ذكر فيها أنه سما إلى محبوبته بعدما نام أهلها، وهصر بفوديها وراضها فذلت، وافتخر بحبها إياه حتى أصبح معشوقًا لها، وأصبح بعلها سيئ الحال، يغط غطيط البكر، ثم تغنى بقوله:

كأنيَ لم أركب جوادًا للذة
ولم أتبطن كاعبًا ذات خلخال

إلى آخر الأبيات …

وقال من قصيدة أخرى يفتخر بنظر أحبائه إليه، وتطربه بالقيان، وكشفه المعضلات، لسداد رأيه، ورجاحة عقله، وشهوده الغارات لشجاعته:

ليالي يدعوني الهوى فأجيبه
وأَعْين من أهوى إليَّ روان٣٧٦
وإن أُمسِ مكروبًا فيا رُب بهمة
كشفت إذا ما اسودَّ وجه الجبان٣٧٧
وإن أُمْسِ مكروبًا فيا رب قَينة
منعَّمة أعملتها بِكران٣٧٨
لها مزهر يعلو الخميس بصوته
أجش إذا ما حركتْه يدان٣٧٩
وإن أمسِ مكروبًا فيا رب غارة
شهدت على أقبَّ رخو اللبان٣٨٠

وقال حين أغار على قتلة أبيه في بني كنانة ولم يظفر بهم:

والله لا يذهب شيخي باطلا٣٨١
حتى أبير مالكًا وكاهلا٣٨٢
القاتلين الملك الحُلاحلا٣٨٣
خير معد حسبًا ونائلا٣٨٤
وخيرهم قد علموا فواضلا٣٨٥
يا لهف هند إذ خطئْن كاهلا٣٨٦
نحن جلبنا القرَّح القوافلا٣٨٧
يحملننا والأسَل النواهلا٣٨٨
مستفرمات بالحصى جوافلا٣٨٩
تستثفر الأواخر الأوائلا٣٩٠

وقال من قصيدة بعد أن وصف الجواد بأبيات تقدمت وذكر فيها أنه قطع خرقًا بعيدًا كجوف العير مضلة:

ومَجْرٍ كغُلَّان الأَنَيْعَم بالغٍ
ديار العدو ذي زُهاء وأركان٣٩١
مطوت بهم حتى تكل مطيُّهم
وحتى الجياد ما يُقَدن بأرسان٣٩٢
وحتى ترى الجون الذي كان بادنًا
عليه عوافٍ من نسور وعقبان٣٩٣

وقال من قصيدة يتوعد بها بني أسد، وقد نسبها في «معاهد التنصيص» إلى امرئ القيس بن عانس الكندي الصحابي الجليل:

تطاول ليلُك بالأثمد
ونام الخليُّ ولم تَرقدِ٣٩٤
وبات وباتت له ليلة
كلَيلة ذي العائر الأرمد٣٩٥
وذلك من نبأ جاءني
وأنبئته عن أبي الأسود
ولو عن نثا غيره جاءني
وجُرْح اللسان كجرح اليد٣٩٦
لقلت من القول ما لا يزا
لُ يؤثر عني يد المُسنَد٣٩٧
بأي علاقتنا ترغبو
ن أعن دم عمرو على مرثد٣٩٨
فإن تدفنوا الداء لا نُخفِهِ
وإن تبعثوا الحرب لا نقعد٣٩٩
وإن تقتلونا نقتِّلْكُمُ
وإن تقصدوا لدمٍ نقصدِ٤٠٠
متى عهدنا بطعان الكما
ة والمجد والحمد والسؤدد
وبَنْي القباب وملء الجفا
ن والنار والحطب المفأد٤٠١
وأعددت للحرب وثابة
جواد المحثَّة والمُرْود

الخلاصة

كان امرؤ القيس شديد الإعجاب بحسنه، شديد الاعتداد بنفسه وبشجاعته، كثير الطموح إلى المعالي، شديد الإباء.

وكل ما يفتخر ويمتدح به ميل الحسان إليه، وشغف أفئدتهن به، وشرب الخمر، وسباء الزق للذة، وتبطن الكاعب، وإعمال القيان بالكران، ونحو هذا مما تقتضيه جهلة الفتوة.

ويتمدح بركوب الجياد، ومطاردة الوحش عليها، وشهود الغارات وكشف البهم، وركوب النوق لتسلية الهموم.

ويفتخر بخلائقه، فهو المنية أو المنبه، وهو الأبي الذي لا يقيم على ضيم، والشجاع الذي ينازل الأبطال، والرامي الذي لا تطيش سهامه، والبطل المنزل الآلاف من بني أسد، ولا ينام على وتر، ويمطر بالمجر حتى تكل جياده، ويهزل سمانها، ونحو هذا مما تطلبه الشجاعة والأنفة.

ويفتخر بعظم آماله وأمانيه، وكبر نفسه، فهو لم تحمل الأرض مثله أبر وأوفى وأصبر، وهو يحاول ملكًا أو يموت، وهو لا يسعى إلا لمجد مؤثل قد يدركه أمثاله.

ونحو هذا مما يلائم النفس العظيمة، العظيمة الأمل.

ويفتخر بقومه وشجاعتهم، ويعتز ببأسهم وصبرهم.

وهذه الخلال التي يتمدح بها أهل عصره وبيئته، وقد أجاد فيها كلها.

ولم ينقصه إلا التمدح بالجود، ولعله لم يرَ إطعام الطعام لصحبه ومعتنفيه مَنقبة تستحق أن يباهي بها، على أنه ذكر في معلقته عقر ناقته للعذارى، وذكر فيها وفي غيرها ما كان من عمل الطهاة وإنضاجهم صفيف شواء أو فديرًا معجلًا، وذكر في بائيته ما كان من مشهم أيديهم بأعراف الجياد، ولكنه لم يورد شيئًا من هذا على سبيل الفخر إلا في قوله السابق:

وبني القباب وملء الجفا
ن والنار والحطب المُفْأد

(٦) المدح

قال يمدح عوير بن سبخة من بني عوف الطائي، وكان أجاره وأجار هندًا أخته، فوفى لها حتى أتى بها نجران:

إن بني عوف ابتنوا حسبًا
ضيعه الدُّخْلُلُون إذ غدروا٤٠٢
أدَّوا إلى جارهم خفارته
ولم يضع بالمَغيب من نصروا٤٠٣
لم يفعلوا فعلَ آلِ حنظلةٍ
إنهمُ، جَيْرِ، بئس ما ائتمروا٤٠٤
لا حِمْيَرِي وفَى ولا عُدَس
ولا است عَيْر يحكها الثَّفَر٤٠٥
لكن عُوَيرٌ وفى بذمته
لا عورٌ شانه ولا قِصر٤٠٦

وقال يمدحه أيضًا ويمدح رهطه:

ألا إن قومًا كنتمُ أمسِ دونهم
همُ منعوا جاراتكم آل غدران٤٠٧
عُوَير ومن مثل العوير ورهطه
وأسعد في ليل البلابل صفوان٤٠٨
ثياب بني عوف طهارى نقية
وأوجههم عند المشاهد غُرَّان٤٠٩
همُ أبلغوا حي المضلل أهلهم
وساروا بهم بين العراق ونجران٤١٠
فقد أصبحوا والله أصفاهم به
أبر بميثاق وأوفى بجيران٤١١

وقال يمدح المعلى أحد بني تيم من بني ثعلبة، وقد أجاره من المنذر بن ماء السماء حين طلبه:

كأني إذ نزلت على المعلَّى
نزلت على البواذخ من شمام٤١٢
فما ملك العراق على المعلَّى
بمقتدر ولا الملك الشآمي٤١٣
أصد نشاص ذي القرنين حتى
تولَّى عارض الملك الهمام٤١٤
أفرَّ حشا امرئ القيس بن حجر
بنو تيم مصابيح الظلام٤١٥

ونزل امرؤ القيس على رجُل من جديلة يقال له «طريف بن مالك»، فأكرمه وأحسن إليه، فقال امرؤ القيس يمدحه:

لنعم الفتى نعشو إلى ضوء ناره
طريف بن سالٍ ليلة الجوع والخصِرْ٤١٦
إذا البازل الكوماء راحت عشية
تلاوذ من صوت المُبِسِّين بالشجرْ٤١٧

وقال يمدح سعد بن الضباب وكان نزل به:

مَنَعتَ الليثَ من أكلِ ابنِ حُجْرِ
وَكادَ الليثُ يُودِي بِابنِ حُجْر٤١٨
مَنَعْتَ فَأنْتَ ذُو مَنٍّ وَنُعْمَى
عَلَيَّ ابنَ الضَّبَابِ بحَيثُ نَدْرِي٤١٩
سأشْكُرُكَ الذِي دَافَعْتَ عَني
وَمَا يَجْزِيكَ مِني غَيرُ شُكْرِي٤٢٠
فَمَا جَارٌ بِأوْثَقَ مِنْكَ جَارًا
وَنَصْرُكَ للفَرِيدِ أعَزُّ نَصْرِ٤٢١
ونزل امرؤ القيس على خالد بن سدوس بن أصمع النبهاني، فأغار عليه باعث بن حويص الجديلي الطائي في رجال معه، فذهبوا بإبله، فلما علم ذلك امرؤ القيس أخبر جاره خالدًا، فقال له خالد: «أعطني رواحلك ألحق بها القوم، فأردَّ إبلك»، فأعطاه رواحله، فركبها خالد، فلما أدركهم قال: «يا بني جديلة! أغرتم على جاري فردوا إليه إبله»، فقالوا: «ما هو لك بجار»، فقال: «بلى والله! ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتي!» فقالوا: «أكذاك؟» فرجعوا إليه فأنزلوه عنها وذهبوا بها أيضًا، فلما عاد إلى امرئ القيس أخبره بما وقع، فتحول عنه إلى جارية بن مر الثعلي، فأجاره وأكرمه، فقال يمدحه ويمدح بني ثعل:٤٢٢
دع عنك نهبًا صيح في حجراته
ولكن حديثًا ما حديث الرواحل٤٢٣
كأن دِثارًا حلَّقت بلَبُونه
عُقاب تنوفي لا عقاب القواعل٤٢٤
تلعَّب باعثٌ بذمة خالد
وأودى عصام في الخطوب الأوائل٤٢٥
وأعجبني مشي الحزُقَّة خالدٍ
كمشي أتان حُلِّئت في المناهل٤٢٦
أبت أجأ أن تُسْلم العام جارَها
فمن شاء فلينهض لها من مقاتل٤٢٧
تبيت لبوني بالقُرَيَّة أُمَّنًا
وأسْرَحها غبًّا بأكناف حائل٤٢٨
بنو ثعلٍ جيرانها وحماتها
وتمنع من رماة سعدٍ ونائل٤٢٩
تلاعب أولاد الوعول رِباعها
دوين السماء في رءوس المجادل٤٣٠
مُظلَّلَة حمراء ذات أسرَّة
لها حبكٌ كأنها من وصائل٤٣١

(٧) الهجاء

قال يوم ظفر ببني أسد (قاتلي أبيه حجر)، وكان قد حرم على نفسه شرب الخمر حتى يدرك ثأره:

يا دار ماويَّة بالحائل
فالسُّهب فالجَنْبَتيْن من عاقل٤٣٢
صم صداها وعفا رسمها
واستعجمت عن منطق السائل٤٣٣
قولا لدودان عبيد العصا
ما غرَّكم بالأسد الباسل؟!٤٣٤
قد قرَّت العينان من مالك
ومن بني عمرو ومن كاهل٤٣٥
ومن بني غُنْم بن دودانَ إذ
نقذف أعلاهمْ على السافل٤٣٦
نطعنهم سُلكي ومَخْلوجةً
كرَّك لأْميْن على نابل٤٣٧
إذ هن أقساط كرِجل الدبى
أو كقطا كاظمة الناهل٤٣٨
حتى تركناهم لدى معرك
أرجلهم كالخشب الشائل٤٣٩
حلَّت لي الخمرُ وكنتُ امرأً
عن شربها في شغُلٍ شاغل٤٤٠
فاليوم أُسقى غير مستحقب
إثمًا من الله ولا واغل٤٤١

وقال يهجو البراجم لأنهم قعدوا عن نصرة عمه شرحبيل، وهم خمسة إخوة: الظليم، وكلْفة، وغالب، وعمرو، وقيس من بني حنظلة، وهم من أم واحدة، ولهم إخوة لأبيهم:

ألا قبَّح الله البراجم كلَّها
وجدَّع يربوعًا وعفَّر دارِما٤٤٢
وآثر بالملحاة آل مُجاشع
رِقاب إماءٍ يَقْتَنِينَ المَغَارِمَا٤٤٣
فما قاتلوا عن ربِّهم وربيبهم
ولا آذنوا جارًا فيَظعنَ سالما٤٤٤
ولا فعلوا يوم العُوَيْر بِجاره
لدى باب هندٍ إذ تجرَّد قائما٤٤٥
ونزل٤٤٦ بعامر بن جُوَيْن الطائي فأراد أخذ ماله، فارتحل ونزل بسعد بن الضباب الإيادي، فقال من قصيدة يمدحه ويهجو عامرًا، وقيل إنه يهجو هانئ بن مسعود:
لعمرك ما سعد بخلة آثم
ولا نأنأٍ يوم الحفاظ ولا حصر٤٤٧
لعمري لقوم قد نرى في ديارهم
مرابط للأمهار والعكر الدثر٤٤٨
أحب إلينا من أناس بقُنَّة
يروح على آثار شائهم النَّمِر ٤٤٩
يفاكهنا سعد ويغدو لجمعنا
بمثنى الزقاق المترعات وبالجزر٤٥٠
لعمري لَسَعد بن الضباب إذا غدا
أحب إلينا منك فا فرس حمر٤٥١
ونعرف فيه من أبيه شمائلًا
ومن خاله ومن يزيد ومن حجر٤٥٢
سماحة ذا وبرَّ ذا ووفاء ذا
ونائل ذا إذا صحا وإذا سكر

ونزل في بني عدوان فلم يحمدهم فقال:

بُدلْتُ مِنْ وَائِلٍ وكنْدَةَ عَدْ
وَانَ وَفَهْمًا، صَمِّي ابنَةَ الجَبَل٤٥٣
قَوْمٌ يُحَاجُونَ بِالبِهَام ونسـ
ـوَانٌ قِصَارٌ كَهَيْئَةِ الحَجَلِ٤٥٤

وقال يهجو بني حنظلة:

أبْلِغْ بَني زَيْدٍ مَا لَقِيتَهُم
وَأبْلِغْ بَني لُبْنى وَأبْلِغْ تُماضِرَا٤٥٥
وَأبْلِغْ وَلا تَتْرُكْ بَني ابنَةِ مِنْقَر
أُفَقِّرُهُمْ إني أُفَقِّرُ نابِرَا
أحَنظلَ لَوْ كُنتُم كِرَامًا صَبرْتُمُ
وَحُطْتُمْ وَلا يُلفى التَميميُّ صَابِرَا

الخلاصة

إذا استقرأنا كلام امرئ القيس في المدح والهجاء، يتضح لنا أن مدحه كان اعترافًا بالجميل، وشكرًا على الصنيع، وإشادة بالمعروف الذي أسدي إليه؛ ولذلك نجد الصور التي تمثل مدحه خالية من الغلو، قريبة المنال، ليس فيها شيء من البراعة التي تتمثل في بقية أغراضه، وإنما هو عبارة عن التعبير عما يخالج نفسه بصورة بسيطة، فقد مدح بني عوف بأنهم ابتنوا حسبًا، وأدوا الخفارة إلى جارهم، وأن ثيابهم نقية، وأنهم أبلغوا حيه أهلهم، وأنهم أبر الناس بميثاق وأوفاهم لجار.

ومدح المعلى بأنه منيع الحمى، لا يقتدر عليه ملكا العراق والشام.

ومدح قومه بأنهم مصابيح الظلام، وأنهم أقروا حشاه.

ومدح طريف بن مالك بأنه كريم عند الجدب والشتاء.

ومدح سعد بن الضباب بأنه حماه ومنعه، وأنه أوثق الناس جارًا، وأعزهم نصرًا للفريد.

وهذه الصور التي أوردها، وإن كانت قوية الأسر، متينة التأليف، جميلة الأسلوب، إلا أنها خالية من الروعة التي تلمس في غزله ووصفه وقصصه، وأقل رونقًا، وأنزر نوطة في القلب، وهزة في النفس.

وكذلك إذا تصفحنا هجاءه، لا نجد فيه من جمال الديباجة، وروعة الأسلوب، ما نجده في غزله ووصفه وطردياته.

فلقد هجا «دودان» فجعلهم عبيد العصا، ومثل ضعفهم إذ جعلهم يطعنون سلكى ومخلوجة، وهم فرق كرجل الدبى، حتى أصبحت أرجلهم كالخشب الشائل.

ودعا على البراجم ويربوع وطرام، وجعل آل مجاشع رقاب إماء، وجعل بني عدوان وفهم يحاجون بالبهام، والنساء القصار، وهكذا دواليك …

فمديحه عبارة عن الثناء على معروف، وهجاؤه عبارة عن اللوم على خذلانه والقعود عن نصرته.

وكلامه في المدح والهجاء مثل أعلى في بلاغته، وجلاء معناه، وحسن ترصيفه، ولطف كناياته، إلا أنه أدنى في الصناعة والبراعة من بقية شعره.

ولعل السبب في هذا أن امرأ القيس لم يتكسب في شعره، فيجهد قريحته في المدح، وكان ملكًا وابن ملك، فترفع عن الإسفاف في هجائه.

ومديحه وهجاؤه يمثلان لنا صورة المدح والهجاء في عصره؛ فقد كان كل منهما بسيطًا قريبًا من الطبع، بريئًا من التعمل والغلو، وظل هذا سبيله حتى قام عبيد الشعر، فأجهدوا أنفسهم، وكدوا قرائحهم في الابتكار والتنقيح والمغالاة؛ تزلفًا من الممدوحين، وإرهابًا للمهجوين، فأصبح كل من المدح والهجاء غرضًا مقصودًا، وأمنية متوخاة، وميدانًا يتبارى فيه الطامعون في التكسب.

(٨) الشكوى

ولامرئ القيس في باب الشكوى من الزمان ومن تنكر الإخوان، وتجهم الأخدان والنزوح عن الأوطان والتحسر على ما أصابه من المحن ونعي نفسه وحظه، أبيات هي من مقلدات الشعر، فتح بها هذا الباب ومهد السبيل لمن بعده وإن كان لا يشق غباره فيها.

منها قوله:

ألا هل أتاها والحوادث جمة
بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا؟٤٥٦
تذكرتُ أهلي الصالحين وقد أتت
على خملي خوص الركاب وأوْجرا٤٥٧
فلما بدت حوران والآل دونه
نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا٤٥٨
تقطع أسباب اللبانة والهوى
عشية جاوزنا حماة وشيزرا٤٥٩
بسير يضج العود منه يَمُنُّه
أخو الجهد لا يلوي عليَّ تعذرا٤٦٠
… … … … …
… … … … …
لقد أنكرتني بعلبك وأهلها
ولَابن جريج في قرى حمص أنكرا٤٦١
… … … … …
… … … … …
إذا قلت هذا صاحب قد رضيته
وقرَّت به العينان بدلت آخرا
كذلك جَدي ما أصاحب صاحبًا
من الناس إلا خانني وتغيرا٤٦٢

ومنها قوله:

ألا أبْلِغْ بَني حُجْرِ بنِ عَمْرٍو
وَأبْلِغْ ذلِكَ الحَيَّ الحَدِيدَا
بِأنِّي قَدْ هَلَكْتُ بِأرْضِ قَوْم
سَحِيقًا مِن دِيَاركُم بَعِيدا
ولَوْ أنِّي هَلَكْتُ بِأرْضِ قَوْمي
لَقُلْتُ: المَوْتُ حَقٌّ لا خُلُودا
أُعالِجُ مُلْكَ قَيْصَرَ كُلَّ يَوْمٍ
وأَجْدِرْ بِالمَنِيةِ أنْ تَقُودا
بِأرْضِ الشامِ لا نسَبٌ قَرِيب
ولا شافٍ فَيُسْنِدَ أوْ يَعُودا

ومنها قوله:

فلا تنكروني إنني أنا ذاكمُ
ليالي حلَّ الحي غَولًا فألعسا٤٦٣
تأوَّبني دائي القديم فغلَّسا
أحاذر أن يرتد دائي فَأُنْكَسا٤٦٤
فإمَّا تَرَيْنِي لا أغمِّض ساعة
من الليل إلا أن أُكَبَّ فأَنْعَسا٤٦٥
فيا رُبَّ مكروب كررت وراءه
وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا٤٦٦
ويا رب يوم قد أروح مرجلًا
حبيبًا إلى البيض الكواعب أملسا
… … … … …
… … … … …
وما خلت تبريح الحياة كما أرى
تضيق ذراعي أن أقوم فألبسا٤٦٧
فلو أنها نفس تموت جميعة
ولكنها نفس تساقط أَنْفُسَا٤٦٨
وبدلت قرحًا داميًا بعد صحة
فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا

ومنها قوله:

ألم أُنضِ المطي بكلِّ خرق
أُمَقَّ الطُّولِ لمَّاعِ السَّراب٤٦٩
وأركبُ في اللهام المجر حتى
أنالَ مآكِلَ القُحَمِ الرِّغابِ٤٧٠
وكُلُّ مَكارِمِ الأخْلاقِ صارَت
إلَيْهِ هِمَّتي، وَبِهِ اكتِسابي
وقد طَوَّفْتُ في الآفاقِ، حَتى
رضيتُ من الغنيمة بالإياب

إلى آخر الأبيات المتقدمة.

وقوله المتقدم:

أجارتنا إنا غريبان ها هنا
وكل غريب للغريب نسيبُ

(٩) الرثاء

لم يقع إلينا شيء من قصائد امرئ القيس في الرثاء لنتبين كيف كانت سبيله فيه، وإنما رويت له أبيات في هذا الباب أو قريبة منه، منها قوله حين قتل المنذر إخوته بالحيرة أو أقرباءه بجفر الأملاك:

ألا يا عين بَكِّي لي شنينا
وبكِّي لي الملوك الذاهبينا٤٧١
ملوكًا من بني حجر بن عمرو
يساقون العشية يقتلونا

وقد تقدمت بقية الأبيات.

ومنها قوله حين بلغه نعي أبيه وهو بدمون:

أتاني وأصحابي على رأس صيلع
حديث أطار النوم عني فأنعما٤٧٢
فقلت لعجليٍّ بعيد مآبه:
أبن لي وبيِّن لي الحديث المجمجما٤٧٣
فقال أبيت اللعن عمرو وكاهل
أباحا حمى حجر فأصبح مسلما

وقوله السابق:

أرقت لبرق بليل أَهَل
يضيء سناه بأعلى الجبل

إلى آخر الأبيات المتقدمة.

وكان الحارث بن حبيب السلمي خرج مع امرئ القيس إلى الشام فمات، فرثاه بقوله:

ثوى عند الودية جوف بُصْرى
أبو الأيتام والكَلِّ العجاف٤٧٤
فمن يحمي المُضاف إذا دعاه
ويحمل خطة الأنس الضعاف٤٧٥

وهذه الأبيات وأمثالها تمثل لنا أسلوب الرثاء في عصر امرئ القيس، ويتمثل لنا في بعضها شبح ضئيل مما يسمونه عاطفة حزن، وإن كانت طافحة بالتحسر والتلهف مكتظة باستفظاع الخطب وتهويله واستصغار كل ما سواه.

١  لغة في يشكو.
٢  تارة شطنة: طويلة غضة.
٣  كربه: فتله؛ وإذا كان الحيوان وثيق المفاصل قيل إنه لمكروب المفاصل.
٤  يقال شب لون المرأة خمار أسود: لبسته؛ أي زاد في بياضها ولونها فحسنها، وفي «عيون الأخبار» ٣ / ٢٥٩: «بالطيب مشوبة.» ولم يذكر: «بالحسن مكروبة.»
٥  وفي التبريزي في شرح القصائد العشر ص١٠: «وأم الحويرث هي الهر أم الحارث بن حصين بن ضمضم الكلبي.»
٦  في شرح الوزير أبي بكر: «قال ابن الكلبي: أعزاب كلب ينشدون هذه القصيدة لابن حذام.» وفي شرح شواهد المغني للسيوطي: «وزعم أبو حاتم أنها لرجل من النمر بن قاسط يقال له ربيعة بن جشم.»
٧  ج. شطر؛ وهو الغريب.
٨  أبو امرئ القيس.
٩  أي أصابته بمحاسنها فلم ينتصر منها.
١٠  تفرق.
١١  انقطاع النفس.
١٢  رقيقة الجلد.
١٣  شابة، أو رخصة؛ ناعمة.
١٤  قضيب غض.
١٥  المتشقق: الذي ينفطر بالورق وهو ألين ما يكون.
١٦  متراخية لثقل عجزها.
١٧  قليلة لشدة حيائها.
١٨  تبسم.
١٩  حدة الأسنان وماؤها.
٢٠  خيري البر.
٢١  ربح.
٢٢  عود يتبخر به.
٢٣  يسقى بالمدامة مرة بعد مرة؛ يقال علَّت الإبل: شرب الشربة الثانية؛ وعلَّها صاحبها: سقاها السقية الثانية؛ يتعدى ولا يتعدى.
٢٤  صوت.
٢٥  المصوت بالسَحَر: أي الديك.
٢٦  أقاسي.
٢٧  ليل التمام: أطول ليالي الشتاء؛ وقيل هي ثلاث ليالٍ لا يستبان زيادتها من نقصها، وقيل هي إذا كانت ١٢ ساعة إلى خمس عشرة ساعة، ويسمى ليل المغموم ليل التمام لطوله.
٢٨  وجل.
٢٩  تناولتها أو علوتها.
٣٠  ذهب عقله فنسي ثوبًا وعفى الأثر بثوب، ويُروى صدرُه:
فأقبلت زحفًا على الركبتين …
يريد: أنه اجتهد في الوصول إليها في الليل الطويل، وقاسى شدة من خوف الرُّقَبَاء، فزحف على ركبتيه حتى وصل إليها، ونسي بعض ثيابه عندها؛ لأنها ذهبت بفؤاده، فلم يدرِ كيف خرج من عندها.
٣١  حافظ حارس.
٣٢  عدو.
٣٣  أوقع الريبة، وهناه: اسم لا يستمعل في غير النداء، معناه يا فلان.
٣٤  يعني: كنا متهمين فحققت الأمر.
٣٥  موضع.
٣٦  ج تجار أو أصلها تجر ج تاجر، كصحْب وصاحب.
٣٧  موضع تألفه الوحش؛ والجؤذر: ولد البقر، والنعجة: الأنثى من الظباء أو بقر الوحش.
٣٨  موضع.
٣٩  عير تحمل المسك. والقطر: العود.
٤٠  ذهبوا.
٤١  خمر اشتريت للشرب.
٤٢  بلد بالشام جيد الخمر.
٤٣  بلد كان يسكنه الشاعر.
٤٤  الصحن: القدح.
٤٥  بالت فيه الإبل.
٤٦  في الجمهرة هي عنيرة، وفي التبريزي هي فاطمة بنت عبيد بن ثعلبة بن ثعلبة بن عامر، وهو الأجدار بن عوف بن عذرة، ولها يقول:
لا وأبيك ابنة العامري
لا يدعي القوم أني أفر
٤٧  عزمت.
٤٨  قطيعتي.
٤٩  فأحسني.
٥٠  طبيعة.
٥١  قلبي.
٥٢  انسل الريش: سقط، وأنسله: أسقطه، ونَسَل ينسِل نسلًا، ونسل الطائر ريشه، يتعدى ولا يتعدى.
٥٣  السهمان: العينان. والأعشار: الكسور. قدح أعشار: مكسور؛ أي لتجعلي قلبي فاسدًا مخروقًا، يقول: إنكِ لم تبكي لأنك مظلومة، وإنما بكيتِ لتقدحي في قلبي كما يقدح القادح في الأعشار. وقيل في معناه: إن هذا مثل لأعشار الجزور، وهي تقسم على عشرة أنصباء، ثم يجال عليها بالسهام، يريد: أنك ذهبت بقلبي أجمع. وعن الأصمعي، معناه: دخل حبك في قلبي كما يدخل السهم. قال التبريزي: وأجود هذه الوجوه أن يراد بالسهمين المعلى والرقيب؛ لأنه جعل بكاءها سببًا لغلبتها على قلبه، فكأنها حين بكت فاز سهماها.
٥٤  مذلل.
٥٥  غير خائف، أو لم يكن مما فعلته مرة أو مرتين فأعجل عنه.
٥٦  الأحراس: ج حارس، وأبى بعضهم هذا الجمع، وقيل ج حرس. يسرون: يكتمون، ويُروى: يُشِرُّون؛ أي يظهرون.
٥٧  تعرض الشيء: دخله فساد وتعوَّج. وتعرضت الثريا: لم تستقم في سيرها ومالت كالوشاح المعوجِّ أثناؤه على جارية توشحت به. أثناء: ج ثني؛ وهو الجانب، والوشاح ينسج من أديم عريضًا ويرصَّع بالجوهر تشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها. وفصَّل الوشاح: جعل بين كل لؤلؤتين مرجانة أو شذرة أو جوهرة تفصل بين كل اثنتين من لون واحد.
٥٨  تضت: نزعت وألقت، قال الجوهري: ويجوز عندي تشديده للتكثير. المتفضل: الذي يبقى في ثوب واحد لينام أو يعمل عملًا، واسم الثوب المفضلُ والمفضلة.
٥٩  يروى: فقمت بها أمشي … ويروى على إثرنا أذيال … المرط: إزار خزله علم ويكون من صوف. مرحل: فيه صور الرحال.
٦٠  أجزنا: قطعنا. وانتحى: اعترض. والخبت: بطن من الأرض غامض، ويروى حقف، والحقف: ما اعوج من الرمل وانثنى. وأقفاف: ج قف؛ وهو ما انقطع من الرمل. وعقنقل: متعقد داخل بعضه في بعض.
٦١  هصر الغصن: أماله نحوه. والفودان: جانبا الرأس. وهضيم: لطيفة. والكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع (وأراد الكشحين). وريا المخلخل: ممتلئة موضع الخلخال؛ أي الساق، ويروى:
إذا قلت هاتي نوليني تمايلت
٦٢  مهفهفة: لطيفة الخصر، أو خفيفة اللحم. مفاضة: واسعة البطن، أو طويلته مضطربة. ترائبها: ألواح صدرها. السجنجل: المرآة.
٦٣  تصد: تعرض. تبدي: تظهر. أسيل: سهل. وجرة: موضع بين مكة والبصرة، وأراد بوحشها: الظباء. مطفل: ذات طفل.
٦٤  فاحش: قبيح. نصته: رفعته. المعطل: الخالي من الحلي.
٦٥  الفرع: الشعر التام. يغشي: يغطي. فاحم: شديد السواد. أنيث: كثير. القنو: العذق. المتعثكل: الداخل بعضه في بعض، وقيل المتدلي.
٦٦  غدائره مستشزرات: ذوائبه مرتفعات أو مفتولات. إلى العلى: ما فوقها. تضل المداري: تغيب الأمشاط، أو شيء كالشوكة تصلح به المرأة شعرها.
٦٧  الجديل: الزمام من سيور. مخصر: معتدل. السقي: النخل المسقي. المذلل: الذي ذلل بالماء فتعنوه الرياح وتميله.
٦٨  لم تنتطق: لم تجعل نطاقها وسطها. تفضل: بقي في ثوب واحد للنوم أو العمل (وعن بمعنى بعد).
٦٩  تعطو: تتناول. رخص: غض. شثن: غليظ. أساريع: ج أسروع؛ دودة بيضاء لينة طويلة مستوية رأسها أحمر كأنه ظفر مخضب، وهو تشبيه جيد، إلا أن الحضر لا تأنس بهذا التشبيه الجيد (العمدة ١ / ٢٠٤)، ظبي: موضع. إسحل: شجر يستاك بغصونه.
٧٠  المتبتل: المنقطع عن الناس.
٧١  يرنو: يديم النظر. اسبكرت: امتدت؛ أي هي بين المرأة والجارية الصغيرة. والدرع: للمرأة. والمجول ثوب للجارية.
٧٢  كبكر المقاناة: كبيضة النعام؛ وهي البكر أو الدرة. والمقاناة: التي قوني بياضها بصفرة؛ أي خولط؛ أي بياضها ليس بخالص؛ والمعنى كبكر البيض الذي قوني هو البياض. والنمير من الماء: الذي ينجع في شاربه. وغير محلَّل: لم يحله أحد فيكدره، ورُوي محْلِل؛ أي إنه قليل ينقطع سريعًا.
٧٣  العماية: الجهل. بمنسل: إما من انسلَى مطاوع سلا أو سلَّلت، وخفف للقافية، أو من أَنْسَل الوبر: أسقطه.
٧٤  ألوى: شديد الخصومة. رددته: لم أقبل نصحه. التعذال: العذل. مؤتل: مقصر.
٧٥  في الجمهرة والزوزني أن اسمها فاطمة، وكذلك في التبريزي، ورواه: «ويوم دخلت الخدر يوم عنيزة …» وعنيزة على هذه الرواية هضبة سوداء بالشجر ببطن فلج. والخدر: الهودج.
٧٦  أرجله: صيره رجلًا؛ أي: محوجي إلى أن أمشي راجلة.
٧٧  الغبيط: الهودج أو قبة أو مركب من مراكب النساء.
٧٨  الجنى «هنا»: ما اجتني من القُبَل. والمعلل: الذي علل بالطيب؛ أي طيِّب مرة بعد أخرى، ويروى المعلل: الذي يعللني وأتشفى به.
٧٩  مثل: مجرورة برب مضمرة بعد الفاء، وقيل بالفاء المبدلة من الواو، المبدلة من رب. وطرقه: أتاه ليلًا. والتمائم: جمع تميمة؛ وهي التعويذة. ومحول: أتى عليه حول؛ أي ألهيتها عن ولدها، يريد أن الحبلى والمرضع، على قلة رغبتهما في الرجال، تميلان إلي لجمالي، حتى تلهى المرضع عن ولدها. ويروى: «مُغْيَل»: من أغالت المرأة ولدها وأغيلته؛ إذا سقته الغيل وهو لبن الحبلى.
٨٠  يروى: «انصرفت له …» ويروى: «لم يحلحل»: أي لم يحرك، يريد أنه يقبلها وخدها تحته، فإذا بكى ولدها أمالت طرفها إليه. وما قالوه من أن المراد أنها تنصرف إلى ولدها بشق ويبقى تحته شق، بعيد لا يتأتى؛ ولهذا لا يعد متعيهرًا في هذا البيت، ويريد بالمثل: المثل بالجمال أو السن أو الدلال، إذ لم يثبت أنها كانت حبلى ومرضعًا حين خاطبها بذلك.
٨١  تعذرت: تصعبت. لم تحلل: لم تستثنِ.
٨٢  ذكر بعض الرواة أن امرأة القيس قال هذه القصيدة في طريق الشام، عند مسيره إلى قيصر بعد قتل أبيه، وأكثرهم — كابن قتيبة وصاحب الخزانة — يقول: إن حجرًا بلغه ما فعل امرؤ القيس يوم الغدير بدارة جلجل، فدعا مولى يقال له: «ربيعة»، فقال له: اقتل امرأ القيس وائتني بعينيه، فذبح جؤذرًا، فأتاه بعينيه، فندم حجر على ذلك، فقال: أبيت اللعن! إني لم أقتله! قال: فأتني به، فانطلق، فإذا هو قد قال شعرًا في رأس جبل:
فلا تسلمني يا ربيع لهذه
وكنت أراني قبلها بك واثقا
فرده إلى أبيه، فنهاه عن قول الشعر، ثم إنه قال: ألا عم صباحًا … فبلغ ذلك أباه فطرده.
٨٣  وعم كوزن بمعنى نعم.
٨٤  الخِلَدَة: جماعة الحلي. والمقرَّط: جارية مخلدة: مقرَّطة. وقيل الخلد السوار، يريد الصبي المسور أو المقرط، أو مِن خلَّده: أبقاه؛ فالمعنى: السعيد المبقي وهو غير موجود. الأوجال: ج وجل؛ الخوف.
٨٥  «في» بمعنى «من» أو «مع».
٨٦  ذي خال: موضع أو جبل. أسحم: أسود. هطال: كثير السيلان.
٨٧  الطلا: ولد الظبية. الميثاء: الأرض السهلة. محلال: موضع يكثر فيه الحلول.
٨٨  رس: بئر. أوعال: اسم هضبة.
٨٩  منصبًا ثغرًا منسقًا. المعطال: الخالي من الحلي.
٩٠  اللهو السر النكاح.
٩١  أصبي أردها إلى الصبا لجمالي. يزن: يتهم. الخالي العزب.
٩٢  الآنسة: المرأة يؤنس حديثها. الخط: النقش.
٩٣  لضجيعها مضاجعها. الذُّبَّالة الفثيلة كالذبالة.
٩٤  للبات: ج لبة؛ وسط الصدر والمنحر، جعلوا كل جزء منها لبة، ثم جمعوا على لبات. الجزل: الحطب اليابس أو ما عظم منه، وكف بأجزال؛ أي جعل له كفاف من أصول الشجر، شبه توقد الحلي على صدرها بجمر المصطلي لأنه يذكيه فيتوقد.
٩٥  الصوة: حجر يكون علامة في الطريق؛ قفال: راجعين.
٩٦  ابتزها: سلب عنها ثيابها. هونة: لينة ضعيفة. محبال: غليظة.
٩٧  الحقف: ما استدار من الرمل. احتسبا: اكتفيا؛ أي جسمها أو عجيزتها لينة صلبة، كالحفف يمشي الوليدان ولم تسخ أرجلها فيه.
٩٨  الكشح: الخصر. مرتجة: يترجرج لحمها. مثفال: معنثنة الريح.
٩٩  تنورتها: نظرت نارها، قيل تخيُّل وليس رؤية بالعين. عالٍ: مرتفع؛ أي كيف أراها وأدنى دارها نظر مرتفع؟
١٠٠  قفال: راجعين.
١٠١  سموت: علوت ونهضت. حباب الماء: فقاقيعه؛ أي خفيف الوطء والحركة أو طرائقه؛ أي أندفع كما يندفع الماء شيئًا بعد شيء. حالًا على حال: شيئًا بعد شيء.
١٠٢  سباك الله: جعلك سبيًا، أو أبعدك غريبًا. أحوالي: ج حول.
١٠٣  يمين الله: (بالرفع) مبتدأ خبره محذوف؛ أي: علي. وأبرح على حذف «لا»؛ أي: لا أبرح. الأوصال: ج وصل: كل عظم يفصل من آخر.
١٠٤  فاجر: كاذب. لناموا: لقد ناموا. صال: يصطلي النار.
١٠٥  تنازعنا: تعامينا. أسمحت: لانت وانقادت وسهلت. هصرت: جذبت وثنيت، والباء زائدة. شماريخ: غصون رقاق، ضربها مثلًا للشعر. شبهها بالنخلة وشعرها بالسعف. ميال: ناعم.
١٠٦  ذلت: ضد صعبت.
١٠٧  القتام: الغبار. يروى: كاسف الظهر؛ أي: سيئ الخاطر. البال: الحال.
١٠٨  يغط: الغطيط صوت يردد في الصدر. البكر: الفتى من الإبل. الخناق: ما يخنق به.
١٠٩  زرق: يقال زرق لصفائها ممددة. الأغوال: الشياطين، أراد بها التهويل.
١١٠  النبال: صانع النبل، والمراد نابل له نبل، وفي السيوطي: الرامي بالنبل.
١١١  شغفت: بلغ حبي شغاف قلبها؛ أي حجابه، هكذا روي بالغين المعجمة، والأكثر يروونه «شعفت» بالعين المهملة، وفي أمالي القالي:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها
كما شعف المهنوءة الرجل الطالي
وفي اللسان: «ليقتلني وقد شعفت …» والشعف: إحراق القلب مع لذة يجدها، كما أن البعير إذا هنئ بالقطران يجد له لذة في حرقه، فامرؤ القيس يقول: أحرقت فؤادها بحبي كما أحرق الطالي هذه المهنوءة. ففؤادها طائر من لذة الهناء؛ لأن المهنوءة تجد للهناء لذة مع حرقه، وقال في اللسان: «الشعف: الذعر. والشعف: شعف الدابة حين تذعر، ثم نقلته العرب من الدواب إلى الناس، وأنشد هذا البيت:
لتقتلني وقد شعفت فؤادها …
فالشعف الأول من الحب والثاني من الذعر. المهنوءة: المطلية بالهناء: القطران.
١١٢  يهذي: يتكلم بكلام غير معقول.
١١٣  المحراب: الغرفة. أقوال: أقيال؛ دون الملوك.
١١٤  الدجن: الغيم. الجباء: الغائبة عظم المرافق من كثرة لحمها. مكسال: ليست بوثابة في قيامها.
١١٥  سباط: طوال. العرانين: الأنوف. القنا: القامات. إكمال: تمام أرداف وإكمال صدور.
١١٦  ضل: إذا هَوِينَ شيئًا تبعنه وإن يردين فيها ويدعين على أهل الحلم بالضلال، ويقال بالباطن: ضل بتضلال.
١١٧  الردى: الفضيحة والهلاك. الخلال: المخالة والمصادقة. قالٍ: باغض.
١١٨  غلقن: غلق الرهن: لم يوجد له فكاك. تبترا: تقطَّع.
١١٩  خلة: خليل. يسارق: يختلس. المسترا: كثير الاستتار.
١٢٠  وسأل أخرى: ما يكره النساء مني؟ فقالت: يكرهن منك أنك إذا عرقت فحت بريح كلب. فقال: أنت صدقتني، إن أهلي أرضعوني لبن كلب. ولم يصبر عليه إلا امرأته من كندة، وكان أكثر ولده منها.
١٢١  اللبانة: الحاجة، ويروى: لنقضي حاجات.
١٢٢  تنظراني: تنتظراني، ويروى تنظراني: تؤخراني.
١٢٣  طارقًا: الطروق الإتيان ليلًا. لقيت امرأة مدينية يقال لها «تطام» صاحبة عبد الرحمن بن ملحم بن ملجم المرادي كثيرًا، فأنشدها قوله في عزة بعد حوار طويل بينهما:
فما روضة بالحزن طيبة الثرى
يمج الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزة موهنًا
وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها
(الجثجاث: ريحانة برية طيبة الريح، العرار: البهار البري، وهو النرجس البري.)
(المندل: العود.)
فقالت: بالله ما رأيت شاعرًا قط أنقص عقلًا ولا أضعف وصفًا منك، فض الله فاك! أرأيت لو أن زنجية بخرت أردانها بالمندل الرطب أما كانت تطيب، ألا قلت كما قال امرؤ القيس:
ألم ترياني كلما جئت طارقًا
وجدت بها طيبًا وإن لم تطيب
فقال: «الحق والله خير ما قيل، هو والله أنعت لصاحبته مني.» وقيل إنه خرج وهو يقول:
الحق أبلج لا يخيل سبيله
والحق يعرفه ذوو الألباب
(لا يخيل: لا يشبه.)
١٢٤  عقيلة: كريمة. أتراب: ج ترب؛ وهو اللدة؛ وهو من يولد مع الشخص في زمن واحد. دميمة: قصيرة، ويروى ذميمة. الجأنب: القصير. والجانب: المجتنَب المحقور.
١٢٥  حادث: حديث جديد. المتغيب: الذي تغيب عنها.
١٢٦  المخبب: المفسد. والتخبيب: إفساد الرجل عبدًا أو أمة لغيره. وخبب على فلان صديقه: أفسده عليه.
١٢٧  حقبة: مدة من الدهر. على المجرَّب: أي التجربة؛ أي بحيث جربت، وقيل بالمجرِّب فالمعنى بالمجرب، والباء بمعنى الكاف، وقيل زائدة في خبر «إن».
١٢٨  يعتلل: يعتذر. الدربة: العادة؛ درِب بالشيء يدرَب: اعتاده. ومعنى أن يكشف غرامك: إن أعطيت ما تريد تعودت، وإن منعت ساءك. والغرام: الحب والعشق والعذاب اللازم.
١٢٩  ألهوب: شدة جري. درة: رفعة. أدمن: در اللبن. أهوج: أحمق. منعب: يستعين بنعبه، أو أحمق مصون، ويروى: «وقع أخرج.»
١٣٠  الثور الوحشي إذا مطر. الرائح: السحاب. تحلب: سال وقطر.
١٣١  «عفزر»: رجل من أهل الحيرة له ابنة مغنية مشهورة، وهي هذه التي شبب بها امرؤ القيس.
١٣٢  شام البرق: نظر إليه أين يقصد وأين يمطر. مصابه: مكان صوبه؛ أي انصبابه.
١٣٣  الإتب: قميص غير مخيط الجانبين.
١٣٤  العسيب: سعف النخل كانوا يكتبون فيه صكوكهم وعهودهم.
١٣٥  النعف: المرتفع. بدلان: جبل.
١٣٦  روان: مديمات النظر.
١٣٧  بهمة: الأمر المصمت لا يدرى كيف يحتال له والشجاع كذلك.
١٣٨  الكران: العود.
١٣٩  المزهر: العود. أجش: فيه بحة.
١٤٠  يجزع: منعطف الوادي، الملا: ما استوى من الأرض تبتدران: تستبقان.
١٤١  مزادتا: قربتا. فريان: مضربتان فرع من عملهما. يسلقا: يلطخا ويدهنا. بدهان: شبه ما يقطر من عينه بما يخرج من مزادتين جديدتين لم تسند ثقوب خرزهما.
١٤٢  معرس: منزل في الليل للمسافر. الصرم: القطع. نيأس: مجزوم بجواب الاستفهام.
١٤٣  الصريمة: القطيعة. ذي المخلوجة: الأمر يتخالج فيه ولا يجتمع فيه على شيء.
١٤٤  عاقل: موضع بطريق مكة.
١٤٥  صم صداها: هلكت.
١٤٦  غشيتها: قصدتها. ذي أقدام: جبل.
١٤٧  أي قبل أن تغيرها الأيام وقبل أن يتصرف أهلها فتصيبهم حوادث الأيام.
١٤٨  المحيل: الذي أتى عليه حول. لأننا: لعلنا. ابن حذام: يروى حزام حمام.
١٤٩  شوكان: موضع. صرام: قطاف. شبه الهوادج بما عليها من الوشي بنخل شوكان حين صرامه.
١٥٠  تعلل: تطبب مرة بعد أخرى، وفي نسخةٍ تغللن العبير: تطيبن.
١٥١  أُنُفٌ: يقال كأس أنف؛ أي لم يشرب، قيل وشبهه بدم الغزال لأنه أشد الدماء حمرة. عانة: قرية على الفرات ينسب إليها الخمر. شِبام: موضع بالشام، وجبل باليمن، وبلد لحمير، وبلد في حضرموت.
١٥٢  موم: برسام؛ علة يُهذى فيها.
١٥٣  أصوات تتردد في حلوقها.
١٥٤  مرجلًا: رَجَّل شعره سرحه. الكواعب: ج كاعب؛ وهي التي نهد ثديها وتكعب. أملسا: الملاسة ضد الخشونة.
١٥٥  عيط: ج عيطاء: ناقة لا تحمل. أعيسا: جمل أبيض إلى الحمرة.
١٥٦  الحاصن: العفيفة. المبرقات: اللاتي يبرقن حليهن؛ أي يبرزنه للرجال. روان: مديمات النظر.
١٥٧  خمر: خامره داء أو وجع. يعدو: يصيبه. يأتمر: يهم به ويعزم عليه.
١٥٨  قر: بارد.
١٥٩  الصائدان: أراد بهما الرجل وفرس. مربأة: مكان مرتفع؛ مقتفر: متتبع آثار الوحش.
١٦٠  فغم: حريص، يريد به كلبًا. داجن: ألوف. طلوب: إذا طلب أدرك. نكر: منكر عالم داه أو كريه الصورة.
١٦١  ألص: التصقت أسنانه بعضها إلى بعض. حبي: منتفخ، ويروى: «حنيُّ الضلوع»؛ أي محنيُّها. أِشر: مرح.
١٦٢  النسا: عرق في الفخذ يأخذ إلى القوائم. هَبلت: ثَكلت غيرك أو هُبلت: ثُكلت، والخطاب للفارس. تنتصر: تقصد الثور، ويجوز أن يراد بالمخاطب الثور على جهة الهزء.
١٦٣  بميراته: بقرنه. المجر: الخل أن يفرز في منخر الفصيل خلال يخرج من أرنبته، والإجرار أن يشق طرف لسانه. يقول: كر الثور على الكلب بقرنه فخله كما خل ظهر اللسان المجر.
١٦٤  يرنح: يستدير. غيطل: شجر ملتف. الحمار النعر: الذي أصابته في أنفه النُّعَرة؛ وهي ذبابة خضراء تدخل أنفه فيزوي لذلك ويستدير، ويجوز أن تكون هذه الصفة في الكلب.
١٦٥  الخيفانة: الجرادة انسلخت عن ثوبها الأصفر والأسود وصارت إلى الحمرة، والفرس الطويلة القوائم الضامرة والخفيفة، شبهها بالجرادة. سعف: شبَّه ناصيتها بسعف النخلة، وقد عيب عليه ذلك. منتشر: متفرق.
١٦٦  قعب: قدح، يصفه بالصغر. وظيف: ما بين الرجل إلى العرقوب. عجز: صلب شديد أو غليظ.
١٦٧  ثنن: ج ثُنَّة؛ وهي شعر خلف الرسغ. يفئن: يرجعن إلى مواضعهن، ويروى: «يفين»؛ أي يكثرن. تزبئر: تنتفش.
١٦٨  كعباهما: عرقوباهما. أصمعان: محددان أو صغيران. حماتيهما: الحماة لحم الساق. منبتر: بائن من الساق لصلابته.
١٦٩  كفل: عجز، ويروى: «لها عجز.» الصفاة: الصخرة. جحاف: سيل يذهب بكل شيء ويقشره. مضر: دانٍ؛ يقال أضر السيل من الحائط؛ أي دنا، أو مضر بمعنى ضار.
١٧٠  ذيل: طويل. فرجها: ما بين قوائمها. دبر: من خلف؛ مؤخر.
١٧١  متنتان: المتنةُ المتن، وقد عيب عليه وصف المتن بالغلظ. خظاتا: خظا لحمه خظوًّا وخظِي خظًى: اكتنز. والخظاة: المكتنزة من كل شيء، قيل أصله خظتا، ولما حركت التاء ردت الألف، وقيل خظاتان، فحذفت النون للتخفيف، وقيل إن لغة طيء يقلبون الياء ألفًا فيقولون في «رضيَتا»: «رضاتا»، فعلق ذلك امرؤ القيس منهم لمجاورته فيهم. النمر: أي كساعدي النمر البارك، أو كأن نمرًا باركًا فوق متنها.
١٧٢  عذر: شعرات قدام القربوس، وهو آخر العرف. والعذرة: الناصية والعرف، جمعها عذر. وصر: بردًا وشدته.
١٧٣  السالفة: صفحة العنق، والمراد هنا العنق. السحوق: الطويلة. اللبان: شجر الصنوبر، والأولى «الليان» ج. لينة؛ وهي النخلة، وكذا رواه السيوطي. السعر: ج سعير شدة الوقود، أراد أنه أشقر أو أن حفيفها إذا جرت كحفيف النار.
١٧٤  السراة: الظهر. المجن: الترس، يمدحها بسعة الجبهة. حذقه: صنعه بحذق ومهر فيه.
١٧٥  الوجار: الجحر. تريح: تستريح أو تتنفس. تنبهر: يتتابع نفسها من الإعياء، وقيل بضيق نفسها.
١٧٦  حدرة: واسعة أو مكتنزة. بدرة: يبادر نظرها نظر الخيل، أو تامة كالبدر. المؤق: طرف العين الذي يلي الأنف، وقد أفرد العين وأعاد عليها ضمير المثنى. من أخر: من خلف؛ أي من آخرهما يريد انفتحت فكأنها اتسعت من مؤخر العين.
١٧٧  دباءة قرعة، يريد أنها ملساء شبهها بالدباءة؛ لأن أولها رقيق وآخرها غليظ، من الخدر في نسخة «من الخضر». مغموسة؛ أي ريا مغموسة في غدير من النبت يكنها من الشمس. والغُدُر: ج غدير. والغُدَر: ج غدرة؛ وهي ما أغدرته؛ أي تركت من شيء كالغدر.
١٧٨  أثفية: صخرة مدورة. والأثفية: الحجر توضع عليه القدر. ململمة: مجتمعة. الأثر: أثر الجراح يبقى بعد البرء.
١٧٩  السرعوفة: المرأة الناعمة الطويلة والجرادة. مسبطر: ممتد.
١٨٠  مجال: أي لها عن السوط مجال، وجولانها كسرعة البرد المنصب.
١٨١  الوثب: القفز. الخطاء: ج خطوة — كرِكَاء وركوة — أي تخطو مرة فتكف عن العدْو وتعدو مرة عدوًا يشبه المطر.
١٨٢  نجاة: ج ناجٍ؛ أي سريع. الحاذف: يقال حذفه بالعصا: أي رماه بها.
١٨٣  أغتدي: أذهب وقت الغداة. الوكنات: ج وكنة (مثلثة)؛ عش الطائر في جبل أو جدار، ويروى: «وَكَراتها»، ج وُكَر ج وَكْر. المنجرد: الفرس القصير الشعر أو المتقدم الماضي غير الواني. الأوابد: الوحوش، وقيدها لأنه من سرعته يلحقها فكأنه قيد لها. هيكل: ضخم.
١٨٤  مكر مفر: صالح للكر والفر كأنه آلة لهما. الجلمود: الصلب. حطه: حدره وأنزله. من عل: من فوق.
١٨٥  كميت: أحمر ضارب إلى السواد. يزل: يزلق. اللبد: ما يوضع تحت السرج. حال: وسط، ويروى: «حاذ» بمعنى «حال»، وهما موضع اللبد. المتن: الظهر. الصفواء: الصخرة الملساء لا ينبت فيها شيء. المتنزل: الطائر الذي ينزل على الصخرة، وقيل المتنزل السيل؛ لأنه ينزل الأشياء، وقيل هو المطر.
١٨٦  العقب: جري بعد جري، ويروى: «على الذبل»؛ أي الضمور. جياش: يجيش في عدوه؛ يغلي كما تجيش القدر في غليانها. اهتزامه: صوته. حميه: غليه. المرجل: القدر من الحجارة والنحاس، وقيل معناه إذا حركته بعقبك جاش وكفى ذلك من السوط.
١٨٧  مسح: يصب الجري صبًّا. السابحات: الخيل تبسط أيديها في الجري كالسابح. الوني: الفتور. أثرن: هيجن. الكديد: الموضع الغليظ. المركل: ما ركل بالأرجل؛ أي كد وضرب، يريد أن هذا الفرس يصب الجري؛ أي يسرع لنشاطه حين تتعب الخيل وتركل الأرض بأيديها من التعب والفتور، ويروى: «بالكديد السموَّل» وهي الأرض السهلة التراب، وفي التبريزي: الأرض الصلبة.
١٨٨  يَروى: يَزِل. ويُروى: يُزَل. الخف: الخفيف. والصهوات: ج صهوة؛ وهي موضع اللبد، وجَمَعَها باعتبار ما حولها، أو اعتبر كل جزء صهوة، وصهوة كل شيء أعلاه. يلوي: يرمي بها فيبعدها. العنيف: الذي ليس برفيق. المثقل: الثقيل، وقيل المراد بأثواب العنيف نفسه.
١٨٩  درير: در الفرس عدا عدوًا شديدًا أو سهلًا. درير مستدر في عدوه. والخذروف: الخرارة التي يدورها الصبي بخيط في يديه فيسمع لها دوي. الوليد: الصبي. أمرَّه: أحكم فتله، وتتابع كفيه متابعتهما بالتخرير، ويروى: «تقلب كفيه»؛ أي تقلبهما بالخذروف، ومعنى موصل أن الصبي لعب به حتى تقطع خيطه فوصل فهو أسرع لدورانه.
١٩٠  الأيطل: الكشح؛ وهو ما بين آخر الضلع إلى الورك. والإرخاء: جري غير شديد. السرحان: الذئب. التقريب: أن يرفع يديه معًا ويضعهما معًا. والتتفل: ولد الثعلب. شبه أيطله بأيطل الظبي لأنه طاوٍ ليس بمنفضج متسع، وساقها بساق النعامة وهي قصيرتهما لأن قصر الساق أشد لرميها بوظيفها؛ السرحان أحسن الدواب إرخاء، والتتفل أحسن الدواب تقريبًا.
١٩١  ضليع: قوي منتفج الجنبين، وقيل ضليع تام الخلق مجفر غليظ الألواح كثير العصب، فرجه ما بين رجليه. ضاف: سابغ. والأعزل: الذي يكون ذَنَبه مائلًا إلى جانبه. وفي تعبيره بلفظ فويق من البراعة في الصنعة ما لا يطول إليه غيره، وربما كان هذا البيت أحسن ما قيل في وصف الذَنَب.
١٩٢  الكَتْف — كحمل وحبل: لغة في الكَتِف. انتحى: اعتمد، ويروى: «كأن سراته لدى البيت قائمًا» السراة: الظهر. المداك: الحجر الذي يسحق به. والمِدْوَك: الحجر الذي يسحق عليه. وشبهه بمداك العروس؛ لأن مداك العروس قريب العهد بالطيب. والصلاية والصلاءة: حجر يدق به الحنظل فيخرج دهنه فيبرق على الصلاءة، ويروى: «صراية حنظل.» والصراية: الحنظلة التي اصفرت فهي تبرق كأنها قد صقلت، شَبَّه ظهر الفرس بمداك العروس أو صلاءة الحنظل في الصفاء والملاسة والبريق.
١٩٣  الهاديات: المتقدمات من كل شيء، وهنا المتقدمات من الوحش إذا لحقها طعنت فأصابت دماؤها نحره. العصارة: ما اعتصر من شيء وتحلب، والمراد هنا ما بقي من أثر الحناء. والمرجل: المسرح. ويروى: «كأن دماء العاديات» (نهاية الأرب ٣–١٢٢)، ومعناه أنهم كانوا إذا أرسلوا الخيل على الصيد فسبق واحد منها خضبوا صدره بدم الصيد علامة له، واستشهدوا على ذلك بقوله: كأن دماء العاديات، وهذا من أوابد العرب.
١٩٤  عنَّ: اعترض. السرب: القطيع من بقر الوحش. نعاجه: إناثه، ج نعجة. عذارى: ج عذراء؛ أي بكر. دوار: صنم كانوا يدورون حوله. الملاء: ج ملاءة؛ وهي الملحفة. ومذيل: سابغ له هدب أو له ذيل أسود، وهذا أشبه بالمعنى يصف بقر الوحش، وهي بيض الظهور سود القوائم.
١٩٥  أدبرْنَ: ولَّيْنَ. الجزع: خرز فيه سواد وبياض. المفصل: الذي فصل بينه وفرق. المعم المخول: الكريمُ الأعمامِ والأخوالِ؛ أي الكريم الأبوين بصيغة الفاعل والمفعول، وإنما قال ذلك لأن الصبي إذا كان كريم الأبوين كان الجزع في قلادته أصفى وأحسن. شبَّه البقر حين تفرقها بالجزع المذكور.
١٩٦  يروى «فألحقه» (والضمير للغلام؛ أي ألْحق الغلامُ الفرسَ، أو للفرس؛ أي ألحق الفرسُ الغلامَ). الجواحر: المتخلفات التي لم تلحق، الصرة: الشدة أو الصيحة أو الجماعة. تتزبل: تتفرق. يقول: لحق هذا الفرس أوائل الوحش فبقيت أواخرها لم تتفرق فهي خالصة له.
١٩٧  عادى بين صيدين: طعنهما طعنتين متواليتين، العداء أن يتابع بين اثنين يصرع أحدهما على إثر الآخر في طلق واحد. دراكًا: مداركة؛ متابعة. لم ينضح: لم يعرق فيغسل؛ أي فيصير كأنه قد غسل، و«الفاء» للعطف؛ أي لم ينضح ولم يغسل.
١٩٨  طهاة: ج طاهٍ؛ وهو الطباخ. ونضج اللحم: أدرك وأنضجه. الصفيف: الذي قد صفف وفرق على الجمر ليشوى. الشواء: اللحم المشوي. القدير: المطبوخ في القدر، وإنما جعله معجلًا لأنهم كانوا يستحسنون تعجيل الطعام إذا كان من الصيد. «أو»: بمعنى الواو، ويروى ما بين والمعنى من بين.
١٩٩  الطِّرف: الكريم. ينفض: يحرك من المرح والنشاط. وترق: تنظر إلى أعلاه. تسهل: تنظر إلى أسفله؛ يريد أن هذا الجواد بعد أن اصطاد عليه كان في العشي يحرك رأسه من نشاطه لأنه لم يتعب، وهو كامل الصورة والحسن إذا نظر الإنسان إلى أعلاه رأى ما يعجبه، ولم يسعه إلا أن ينظر إلى أسفله ليستتم النظر إلى جميع جسده لأنه كله حسن. ويروى: «ورحنا يكاد الطَّرف يقصر دونه»؛ والطَّرف: العين؛ أي إذا نظر إلى هذا الفرس إنسان أطال النظر إلى ما ينظره منه لحسنه فلا يكاد يستوفي النظر إلى جميعه.
٢٠٠  فبات: أي الفرس. وبات بعيني: أي حيث أراه بعيني. غير مرسل: أي مهمل.
٢٠١  قال الواحدي: لما أنشد المتنبي لسيف الدولة قوله:
وقفت وما في الموت شك لواقف
كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة
ووجهك وضاح وثغرك باسم
أنكر عليه سيف الدولة، وقال له: كان ينبغي أن تقول:
وقفت وما في الموت شك لواقف
ووجهك وضاح وثغرك باسم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة
كأنك في جفن الردى وهو نائم
ثم قال: وأنت في هذا مثل امرئ القيس في قوله:
كأني لم أركب جوادًا للذة …
قال: ووجه الكلام في البيتين على ما قاله العلماء بالشعر أن يكون عجز الأول مع الثاني وعجز الثاني مع الأول ليستقيم الكلام؛ فيكون ركوب الخيل مع الأمر للخيل بالكر، ويكون سباء الخمر مع تبطن الكاعب، فقال أبو الطيب: «أدام الله عز مولانا! إن صح أن الذي استدرك هذا على امرئ القيس أعلم منه بالشعر فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا! ومولانا يعرف أن الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك؛ لأن البزاز يعرف جملته والحائك يعرف جملته وتفصيله؛ لأنه أخرجه من الغزلية إلى الثوبية، وإنما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد وقرن السماحة في شراء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وأنا لما ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكر الردى ليجانسه، ولما كان وجه المنهزم لا يخلو من أن يكون عبوسًا وعينه من أن تكون باكية، قلت: «ووجهك وضاح وثغرك باسم» لأجمع بين الأضداد في المعنى.»
فأعجب سيف الدولة بقوله، ووصله بخمسين دينارًا من دنانير الصلات وفيها خمسمائة دينار، قال في الصناعتين (ص١٠٨) — بعد أن ذكر مثل ما تقدم في بيتي امرئ القيس — قال أبو أحمد: والذي جاء به امرؤ القيس هو الصحيح؛ وذلك أن العرب تضع الشيء مع خلافه فيقولون: الشدة والرخاء، والبؤس والنعيم، وما يجري مع ذلك.
٢٠٢  أتبطن: أجعلها بطانة؛ أي أجعل بطني عليها. الكاعب: التي كَعَبَ ثديها.
٢٠٣  لم أسبأ: لم أشتر. الزق: السقاء؛ ظرف للخمر. الروي: يروي شاربه. كري: ارجعي. إجفال: إسراع.
٢٠٤  هيكل: فرس طويل عظيم. عبل: غليظ. الجزارة: القوائم وكثرة عصبها. ولا يراد رأسه لأن ذلك في الخيل هجنة، وأصل الجزارة اليدان والرجلان والعنق؛ لأنها لا تدخل في أنصباء الميسر، وإنما يأخذها الجزار جزارته أي أجره. جوال وعبل: كثير العصب قليل اللحم.
٢٠٥  الشظى: عظم لازق بالذراع. الشوى: اليدان والرجلان. شنج: قصير منقبض. النسا: عرق في الفخذ. حجبات: رءوس عظام الوركين. مشرفات: مائلات مقبلات. الفالي: اللحم الذي على الورك، أصله الفائل فقلب.
٢٠٦  صم: حوافر. الوجي: الحفا أو وجع الحافر؛ أي لا يتقين. الرال: فرخ النعامة.
٢٠٧  لغيث: بقل ونبت. الوسمي: أول مطر الخريف. رائده: الذي يرتاده. الخالي: الذي يكون في الخلاء.
٢٠٨  تحاماه: تتجنبه. جاد: أمطر. أسحم: أسود. هطال: كثير الهطل والسيلان.
٢٠٩  العجلزة: فرس شديد الخلق صلب. أترز: أيبس. الهراوة: العصا. منوال: خشبة السدى والحائك.
٢١٠  ذعرت: أخفت. السرب: القطيع من بقر الوحش. نقيًّا جلوده: بيضًا لا خطوط فيها. أكرع: ج كراع؛ ما دون الكعب من الدواب. الخال: الثوب الناعم المخطط، وفي نسخة: «وشي البرود»؛ أي فيها نقط سود وبيض.
٢١١  الصوار: قطيع بقر الوحش. تجهد: روي «إذ تجاهدن»: بالغ في عدوه. جمد: ما غلظ من الأرض، ويروى: «تجهد عدوه على جَمْزَى»؛ أي عدو شديد. تجول بأجلال: ج جُل؛ أي ظهورها بيض وقوائمها سود منقطعة، فأسافلها تشبه البرود وأعاليها تشبه الأجلال، وهي ما تلبسه الدابة، يشبه الصوار في عدوه بخيل تجول بأجلال بيض.
٢١٢  القرهب: الكبير الضخم من بقر الوحش. القرا: الظهر. الروق: القرن. أخنس: قصير الأنف. ذيال: طويل الذيل.
٢١٣  يروى: «فعاديت منها»؛ أي واليت. على بال: أي إذا صرعت منها شيئًا فمن شأني أن آسي.
٢١٤  الفتخ: لين وطول في الجناح؛ يشبه فرسه بعقاب لينة الجناح موصوفة بما ذُكر. لقوة: سريعة تخطف كل شيء. صيود: كثيرة الصيد، ويروى: «دَفوف»؛ أي تدنو من الأرض وهي طائرة إذا انقضت. طأطأت: دانيت أو حثثت وأسرعت. شملال: سريعة.
٢١٥  تخطف، ويروى: «تكفت»: أي تضم وتجمع. الخزان: ج خزن؛ وهو ذكر الأرنب. الشربة: موضع بنجد. جحرت: تخلفت أو توارت ثعالب أورال؛ فلا تسرح خوفًا من هذه العقاب أو دخلت جحرها. أورال: موضع.
٢١٦  العناب: ثمر أحمر. الحشف: ما يبس من التمر ولم يكن له طعم ولا نوًى.
٢١٧  وكراتها: وكناتها. المذنب: كهيئة الجدول يسيل عن الروضة ماؤها إلى غيرها فيغرق ماؤها فيها والتي يسيل عليها الماء مذنب أيضًا.
٢١٨  لاحه: أهزله. الهوادي: طراد: متتابعة. السوابق: المتقدمة. شأو: طلق؛ وهو جري مرة إلى الغابة. مغرب: بعيد.
٢١٩  الأين: التعب والإعياء. سراته: ظهره. الضمر: الهزال. التعداء: الجري. سرحة: شجرة. مرقب: موضع يرقب منه.
٢٢٠  يباري: يعارض. الخنوف: خنف بيديه في السير. مال بهما نشاطًا أو رمى بهما فيه فهو أوسع. المستقل: المرتفع. زماع: ج زَمَعَة؛ وهي الشعرة التي خلف الرسغ أو الثنة؛ والثنة: الشعرات في مؤخر رسغ الدابة، وليس للفرس زماع، وإنما أراد بالمستقل بالشعر. المشجب: خشبات موثقة منصوبة تضم رءوسها ويفرج بين قوائمها توضع عليها الثياب وتنشر، وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء وهي الشجاب.
٢٢١  أيطلا: خاصرتا. صهوة عير: ظهر حمار. مرقب: مكان مرتفع.
٢٢٢  غيل: ماء جارٍ على وجه الأرض. وارسات: مصفرات. طحلب: خضرة تعلو وجه الماء.
٢٢٣  كفل: عجز. الدعص: كثيب رمل صغير. حارك: أعلى الكاهل. الغبيط: قتب الهودج. المذأب: الموسع؛ له ذؤابة.
٢٢٤  الصناع: المحسنة الصنعة بيدها. المحجر (كمجلس ومنبر): ما دار بالعين وبدا من البرقع من جميع جوانب العين. النصيف: الخمار. المنقب: الذي ينتقب به، وأراد موضع عينيها من الخمار.
٢٢٥  العتق: الكرم؛ والمراد الحسن والنقاء. سامعتي: أذني؛ أي بقرة خائفة.
٢٢٦  مستفلك: مستدير. الذفرى: العظم الشاخص خلف الأذن، وكل مستدير فلكة. مثناة: حبل مشدود في رأسه. مشذب: نزع عنه شوكه؛ أي له رأس مستفلك ذفراه: كأن عنانه من طول عنقه في رأس جذع مشذب، فتبين طوله.
٢٢٧  أسحم: ذنب أسود. ريان: ممتلئ. العسيب: عظم الذنب. عثاكيل: أغصان. قنو: عنقود. سميحة: بئر غزيرة فيها نخل. مرطب: فيه رطب.
٢٢٨  شاوين: طلقين. هزيز: صوت. أثأب: شجر؛ أي له حفيف كالريح إذا مرت بهذا الشجر.
٢٢٩  ويروى: «إلى أن يأتِنا الصيد»، واستشهد به بعض النحاة على الجزم بأن، ويروى: «إلى ما يأتنا الصيد»، وجعل بعضهم ما شرطية وما بعدها شرطًا وجوابًا، والرواية التي اخترناها غنية عن الاحتياج إلى مثل هذا التكلف، والمراد من البيت: أنهم واثقون بالصيد على هذا الفرس لسرعته؛ ولذلك إذا ركبوه للصيد شرعوا في جمع الحطب وإعداده لشي الصيد، وذلك مدح للفرس.
٢٣٠  القطاة: مقعد الرديف. المحالة: البكرة. سند: حارك. الغبيط: الهودج. المذأب: له ذؤابة.
٢٣١  نقي جلوده: بيض. بيدانة: حمارة.
٢٣٢  نعاج: إناث بقر الوحش. خميلة: رملة فيها شجر. مهدب: لها هدب.
٢٣٣  تنادينا: مناداة بعضنا بعضًا. عذار: سير في اللجام. شأونك: سبقنك.
٢٣٤  اللأي: البطء والجهد، وهو مصدر في موضع الحال، وما زائدة؛ أي حملنا غلامنا مبطئين أو مجهودين. محبوك: مجدول موثق. السراة: الظهر. محنب: بعيد ما بين الرجلين، أو معوج الساقين؛ وهو مدح.
٢٣٥  الشؤبوب: الدفعة من المطر بشدة. الجعد: المتراكم بعضه فوق بعض، والمراد الغبار. منصب: انتصب على كل شيء وغطاه، ويروى: «عصبصب»؛ أي شديد، يصف الفرس بأنه يندفع كالشؤبوب في آثار الصيد.
٢٣٦  ألهوب: شدة جري. درة: در جريه: إذا أسرع. أهوج: أحمق. منعب: أحمق مصوت. ويروى: «أخرج مهذب»؛ أي ظليم سريع.
٢٣٧  أدرك طريدته بغير مشقة. ثنى الشيء (كَرَمَى): صار معه ثانيًا. الخذروف: الدوارة يلعب بها الصبيان.
٢٣٨  اليفع واليفاع: ما ارتفع من الأرض أو التل، وكل مرتفع يفاع. القاع: السهل. لاحبًا: ظاهرًا. الجدد: المستوي من الأرض. ألهب الفرس: اشتد جريه فهو ملهِب أو ملهَب، بمعنى إلهاب؛ أي شدة جري؛ أي شدة وقوع حوافره؛ أخرج الفأر من حجرتها لأنها ظنته مطرًا.
٢٣٩  خفاهن: أظهرهن. أنفاقهن: ج نفق؛ سَرَب له مخلص إلى مكان آخر استَعَاره لحجر الفأرة. ودق: مطر. مجلب: له جلبة؛ أي رعد.
٢٤٠  عادى: والى. شبوب: ثور فتيٌّ. القضيمة: الصحيفة. قرهب: مسن أو ضخم.
٢٤١  الصريم: رمل منقطع عن الرمال. غماغم: أصوات تتردد في الحلق. يداعسها: يطاعنها، ويروى: «يدعسها»؛ أي يطعنها. المعلب: المشدود بالعلباء.
٢٤٢  كاب: ساقط. حر الجبين: ما بدا من الجبين. مدرية: قرن. ذلق: حد. مشعب: مخرز يشعب به النعال.
٢٤٣  عالوا: ارفعوا. مطنب: ذي أطناب.
٢٤٤  مازية: دروع بيض. ردينة: رماح. قعضب: رجل جاهلي يصنع الرماح.
٢٤٥  أطنابه: حبال أوتاده. أشطان: حبال. خوص: ج خوصاء؛ وهي الناقة الغائرة العيون. صهوته: أعلاه. أتحمي: ضرب من الثياب؛ قال المبرد: هذا من التشبيه العجيب. مشرعب: مصنف أو مقطوع طولًا.
٢٤٦  أضفنا: سندنا. حاري: سيف منسوب إلى الحيرة أو رحل. مشطب: فيه شطب أو طرائق.
٢٤٧  الجزع: خرز أسود فيه بياض.
٢٤٨  نمش: نمسح. العرف: شعر العنق. الشواء: اللحم المشوي. مضهب: لم ينضج.
٢٤٩  جؤاثي: موضع بالبحرين يمتار منه التمر. أحقبه: أردفه؛ وأحقب زاده خلفه: جعله وراءه؛ أي رحنا نحمل في الصيد أعدالنا وحقائبنا، كأنَّا رحنا من جؤاثي؛ لأن الرائح منها يملأ أعداله وحقائبه تمرًا.
٢٥٠  وراح: في اللسان (وظل). الربل: ورق يتفطر في آخر القيظ بعد الهيج ببرد الليل من غير مطر، أو شجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف، تفطرت بورق أخضر. رأسه: في اللسان (متنه). الصائك: الذي تغير لونه وريحه؛ يقول: الفرس في نشاطه كالتيس الذي تحلب عليه صائك المطر من الشجر، وقيل ينفض رأسه من ريح عرقه الذي تحلب منه؛ لأنه يتأذى به. تحلب: سال.
٢٥١  الهاديات: المتقدمات.
٢٥٢  الصهبة: بياض إلى حمرة.
٢٥٣  أقب: ضامر البطن. رخو: ليِّن. اللبان: الصدر.
٢٥٤  ربذ: سريع. عفوًا: جمامًا، ويروى: «عدوًا.» الذألان: المشي السريع.
٢٥٥  يردي: يرجم الأرض بحوافره، ويروى: «ويجري.» ملاطس: على حوافر صلاب. والمِلْطَس: معول تكسر به الحجارة وتنقر به الأرحاء. عقد: عقد الأرساغ. مثانٍ: مفاصل تثنى.
٢٥٦  حو: خضر. تلاعه: ج تلعة؛ ما ارتفع من الأرض. تبطنته: تبطن الكلأ جول فيه. شيظم: طويل. صلتان: منجرد قصير الشعر أو ماضٍ أو حديد الفؤاد.
٢٥٧  الحلب: نبات في القيعان تأكله الشاء والظباء. مَغْزَرَة: مسمنة؛ يقال تيس حُلَّب وتيس ذو حلب. العدَّاء: الشديد العدْو، وروي العذوان؛ أي النشيط المسرع.
٢٥٨  جنب الدابة: قادها. تأود: تثنى. الرخامى: ضرب من الخلعة غرَّاء الخضرة، زهرته بيضاء، له عرق أبيض تأكله الوحش كلها لحلاوته. الهطلان: تتابع المطر.
٢٥٩  الغيث: الكلأ. الفنا: عنب الثعلب؛ وهو شجر ذو حَب أحمر يتخذ منه قلائد. تعاور: تداول. أوطف: في وجهه كالحمل الثقيل أو فيه استرخاء من جوانبه لكثرة الماء. حنان: فيه صوت الرعد.
٢٦٠  هيكل: ضخم. أفانين: أنواع وضروب. كز: منقبض. وانٍ: فاتر.
٢٦١  انضرجت: اتسعت في طَيَرانها أو انقضت. الشماريخ: الرءوس. ثهلان: جبل.
٢٦٢  خرق: قفر. مضلة: لا يهتدى فيها. سامٍ: مرتفع مشرف. ساهم الوجه: قليل لحم الوجه أو متغيره؛ محمول على كريهة الجري. حسان: حسن الخلق.
٢٦٣  يدافع: يدفع. أعطاف: جوانب ونواحٍ. بِرُكنه: بمنكبه أو جانبه.
٢٦٤  المرقبة: ما أرقبت عليه من علم أو رابية لتنظر من بعد. الزج: حديدة تجعل في أسفل الرمح؛ يريد أنها محددة الرأس مثل الزج.
٢٦٥  الجون: اسم فرسه. أعدي: اتنحى. المهيض: المكسور؛ يريد أنه تنحى عنه كما يتنحى عن جناح الطائر المكسور إبقاءً عليه.
٢٦٦  أجن: ستر. غيارها: غروبها. الحضيض (في الأصل): قرار الأرض عند سفح الجبل، والمراد هنا الأرض.
٢٦٧  باراه: عارضه وجاراه وفعل مثل فعله. شباة الرمح: حده. مذلق: محدد. السنان: الحجر الذي يسن عليه، ويروى «كحد السنان.» الصلبي: حجارة المسن، أو الصلبي الذي جُلِيَ وشحذ بحجارة الصُّلَّب؛ وهي حجارة تتخذ منها المسان. النحيض المرقق: المحدد؛ يصف خد الفرس.
٢٦٨  عبل: ضخم غليظ. قبيض: سريع نقل القوائم.
٢٦٩  القصرَى: الضلع التي تلي الشاكلة بين الجنب والبطن. العير: حمار الوحش. الهجان من الإبل: البيض الكرام. القيسري: الضخم الشديد القوي. غضيض: بمعنى فتي؛ من قولهم: شيء غضيض طري، أو بمعنى دليل؛ من قولهم: رجل غضيض؛ أي ذليل.
٢٧٠  جَمَّ الفرس يَجِمُّ إذا ترك فلم يركب، فعفا من تعبه وذهب إعياؤه، وقد يكون الجموم في السير الارتفاع، جم الفرس إذا سار وارتفع؛ ومنه قوله هذا. الكلال: الإعياء. وجمت البئر: كثر ماؤها واجتمع. الحسي: سهل يستنقع فيه الماء أو غَلْظ فوقه رمل يجتمع فيه ماء السماء، فكلما نزحت دلوًا جمتْ أخرى. مخض بالدلو: نهز بها في البئر. ومخض البئر بالدلو: أكثر النزع منها وحركها.
٢٧١  ذعرت: أخفت. الجنب: معظم الشيء، والناحية والقطعة من الشيء. الربيض: الغنم في مرابضها.
٢٧٢  أقصد السهمُ: أصاب فقتل مكانه. وأقصدت الرجل: طعنته أو رميته بسهم فلم تخط مقاتله. أعرض: ظهر واعترض. ينتحي: يعتمد ويقصد. العضيض: القِرن والقرين.
٢٧٣  والى: تابع. غادر: ترك. قناة رفيض ورمح رفيض: متكسر متقصد؛ يريد أنه صرع ثلاثة على الولاء وترك الأخرى قناة مكسورة.
٢٧٤  آب: رجع. النكد: الشؤم، والنكد: قلة العطاء. مواكِل: عاجز كثير الاتكال على غيره. والمواكل من الخيل: الذي يتكل على صاحبه في العدو. والمواكل: المسيء السير والذي يلجأ إلى التأخر. الفضيض: ما انتشر من الماء إذا تطهر به، المتفرق من ماء المطر والعرق.
٢٧٥  السن: الثور الوحشي. سنيق: جبل أو اسم أكمة. سناء: رفعة. السنم: البقرة، وقوله: «مدلاج الهجير» رواه في اللسان ﺑ «مزلاج الهجير»، وفي التاج ﺑ «مدلاج الهجين».
٢٧٦  لبانة: حاجة. الرواح: من زوال الشمس إلى الليل. الأوب: الرجوع. والرواح المؤوب: الذي يمد السير حتى يبلغ فيه إلى ما يراد.
٢٧٧  أدماء: ناقة بيضاء مشربة بسواد. حرجوج: طويلة. قتود: أداة الرحل. الكشحين: الخاصرتين. مغرَب: أبيض الأشفار. والمغرب: الذي كل شيء منه أبيض.
٢٧٨  يغرد: يطرب ويصوت. سدنة: ظلمة. مياح: يميح في ناحية من النشوة.
٢٧٩  أقب: ضامر البطن. رباع: سنه رباع. عماية: جبل بنجد. يمج: يطرح. اللعاع: أول النبت وبقي في الإناء لعاعة؛ أي قليل، وفي الأرض لعاعة من كلأ؛ أي شيء رقيق؛ أي يرمي خضرة البقل في الماء إذا شرب؛ أي في الربيع، فهو أقوى وأنشط.
٢٨٠  بمحنية حيث ينحني الوادي. آزر: ساوى. الضال: شجر. مجر: من مرَّ بها من الجيوش لم يلوِ عليها.
٢٨١  جسرة: تجسر على الهول أو طويلة أو ماضية. ذمول: سريعة. صام النهار: قام قائم الظهيرة.
٢٨٢  غيطان: ج غائط؛ المطمئن من الأرض. أظهرت: دخلت في الظهيرة.
٢٨٣  الضفر: حبل من شعر من حبال الهودج. هرًّا مشجرًا: قطًّا مربوطًا، فهي تثب وتسرع.
٢٨٤  ظران: ج ظرر؛ حجر له حد، وروي «شذان الحصى»؛ أي المتفرق منه. مناسم: ج منسم؛ طرف خف البعير. العجى: ج. عجاية؛ عصبة في باطن يد الناقة. ملثومها: خفها الذي تلثمه الحصى. غير أمعرا: لم يذهب شعره.
٢٨٥  نجلته: رمته. خذف: رمي. أعسرا: الذي يعمل بيده اليسرى.
٢٨٦  صليل: صوت. المرو: حجارة براقة تقدح منها النار. تشده — وروي «تشذه»: أي تنحيه وتطيره. زيوف: ج زيف؛ درهم صلب لا فضة فيه. عبقر: موضع باليمن؛ يريد أن رميها غير منتظم إلى جهة واحدة كخذف الأعسر.
٢٨٧  الخبرات: ج خَبِرَة؛ وهي أرض تنبت الخبر الدر.
٢٨٨  أرنَّ: صوَّت. الحقباء: بيضاء العجز. حيال: ج حائل؛ طروقة يضربها الفحل. الذود: ما بين ٣–١٠. الأجير: الراعي، وخص الأربع ليكون أقوى على تعهدها.
٢٨٩  عنيف: قليل الرفق. ضرائر: ج ضَرَّة. فاحش: متجاوز القدر. شتيم: كريه المنظر. ذلق: حد. زمرات: ج زمرة؛ الزجرة.
٢٩٠  بهمى: نبت. جعدة: ندبة. حبشية: شديدة الخضرة أو كثيرة ملتفة. السبرات: الغدوات الباردة.
٢٩١  عمرو: هو عمرو بن الشيخ من بني ثعل من طيء من أرمل العرب. القترة: بيت الصائد الذي يكمن فيه.
٢٩٢  تلت: تسحق تدق. سمر: حوافر ثقال. موازن: صلاب لا تؤثر فيها الحجارة. كزم: قصار. معرات: يمرط شعرهن.
٢٩٣  الخلة: بطانة؛ يغشى بها جفن السيف، وكل جلد منقوش. ضفرات: مفتولات، ويروى: «صفرات»؛ أي مكشوفة.
٢٩٤  عنس: ناقة قوية. ألواح: شبهها بألواح التابوت؛ لصلابتها وضمرها. الأران: سرير الموتى. نسأتها: زجرتها. لاحب: طريق واضح. حبرة: وشي في الثوب.
٢٩٥  بدن: سمن. رذية: مهزولة. تغالي: تجدُّ وتسرع. عوج: قوائم. كدنات: ج كدنة؛ غلاظ صلاب.
٢٩٦  أبيض: سيف. مخراق: منديل يلف فيضرب به، وأورده في اللسان شاهدًا على أن المخراق السيف. بليت: اختبرت. هبته: سرعة مضيه في ساق الإبل يمر فيها للضيوف. القصرات: ج قصرة؛ أصل العنق؛ يريد أنه ضَرَب به أعناق الأبطال فيفخر بالكرم والشجاعة.
٢٩٧  الرَّحْل: مركب للبعير والناقة؛ ويقال لأعواد الرحل بغير أداة: رحل. أحقب: حمار أبيض الحقوين؛ أي الخاصرتين. قارح: متناه في قوته. شربة (بفتح أوله وضمه): موضع. طاوٍ: ضامر البطن. والطاوي: الذي يطوي عنقه عند الربوض ثم يربض؛ يقال ظبي طاوٍ. عرنان: غائط واسع منخفض من الأرض. أوجس: وقع في نفسه الخوف. وأوجس فزعًا: أحس به. وأوجست الأذن: سمعت حسًّا.
٢٩٨  تعشى: أكل طعام العشاء، وقيل دخل في العشاء. أنحى: اعتمد. ظلوف: ج ظلف؛ وهو من الشاء والبقر والظباء بمنزلة القدم من الإنسان، وفي المصباح كالظفر من الإنسان. المكنس: مولج الظباء والبقر تستكنُّ فيه من الحر، يريد أنه اعتمد بأظلافه يثير التراب ليتخذ فيه مبيتًا يبيت فيه ومكنسًا يأوي إليه.
٢٩٩  هال التراب: حرك أسفله فسال من أعلاه، أو أرسله فجرى. وهال الرمل: دفعه. يذري: يفرق التراب عن وجه الأرض. نَبَث التراب: نبشه وحفره بيده. ونبَّاث الهواجر: الذي ينبث التراب في وقت الهاجرة لتباشر إبله برد الثرى فيُسكن عطشَها الثرى. المخمس: الذي ترد إبله الخمس؛ قال رؤبة عن أبيه: ما وصف الثور الوحشي بأحسن من هذا الوصف في هذا البيت. ورواه في اللسان:
يثير ويبدي تربها ويهيله
٣٠٠  أحم: أسود. كردس الأسير: أوثقه؛ يريد أن ضجعته مثل ضجعة الأسير، وقد تكردس؛ أي تجمع وتقبض.
٣٠١  الأرطأة: نوع من الشجر. الحقف: ما اعوج من الرمل. ألثقتها: ندَّتها وبلتها. الغبية: الدفعة من المطر. المعرس: الباني بأهله؛ يقول: إذا أصابها مطر فاحت منها رائحة طيبة كأنها بيت معرس.
٣٠٢  ابن مر وسنبس: صائدان معروفان.
٣٠٣  مغرثة: مجوعة. زرقًا: ازرقت عيونهم من العطش، ورواه في اللسان وغيره «مغرثة حصًّا» ج أحص؛ أي انحص شعرها؛ أي انجرد وتناثر. الذمر: الحث مع لوم واستبطاء. الإيحاء: الإيماء والإشارة، وأن تكلمه بكلام تخفيه عن غيره، ويروى: «من الدم والإيساد» يقال أوسد الكلب: إذا أغراه، ويروى: «من الزجر والإيحاء.» العضرس: شجرة لها زهرة حمراء، وقيل نبات له لون أحمر تشبه به عيون الكلاب.
٣٠٤  الرغام: التراب. الصمد: ما غلظ من الأرض وارتفع لا يبلغ أن يكون جبلًا. آكام: ج أكمة؛ وهي التل. الجذوة: الجمرة أو عود غليظ أخذ فيه نار؛ وهي القبس. وأقبسه: أعطاه قبسًا.
٣٠٥  الرمث: شجر من الحمض. وذو الرمث: الموضع فيه ذلك. يومه: حتفه وموته. ماوته: صابَرَه وثابَتَه. يوم أنفس: يُريد يومًا تُقتل فيه أنفس كثيرة من الكلاب التي يقتلها هذا الثور.
٣٠٦  أدركه: لحقه. يأخذن بالساق: أي أخذت تعضه بساقه. النَّسا: عرق في الفخذ. شبرق: قطع ومزق. المقدس: الراهب ينزل من صومعته إلى بيت المقدس فيأخذ الصبيانُ خيوطًا من ثيابه يتبركون بها حتى يتمزق عنه ثوبه، ورواه في اللسان «ثوب المقدسي»، والنسبة إلى بيت المقدس «مقدسي» و«مُقدَّسي»، وقيل يعني بهذا البيت يهوديًّا.
٣٠٧  غور: نزل في القائلة ونام في ذلك الوقت. الهجان: البيض الكرام من الإبل، وروي: «كقرم الهجان.» والقرم: الفحل يترك من الركوب والعمل ويودع للفحلة. الفادر: العاجز عن الضراب. المتشمس: القوي الشديد.
٣٠٨  جدَّ: أسرع. وأجدَّ: أسرع. وأجدَّ: صار ذا جد واجتهاد. ويقال للناقة: إنها لَمُجدة بالرجل: إذا كانت جادة في السير، فمن قال مَجِدَّة فهي مِن جَد يجد، ومن قال مُجدة فهي من أجدَّت؛ أي أسرعت. نسأها: زجرها وساقها؛ كَنَسَاهَا. تكمشت: أسرعت. رتكت الناقة، ترتك رتْكًا ورتَكًا: مشت في اهتزاز، وقد يستعمل في غير الإبل. حامٍ: شديد الحر.
٣٠٩  تخدي: تسرع. على العلات: أي على كل حال. سامٍ: مرتفع. روعاء: حديدة الفؤاد شهمة ذكية. المنسم: طرف الخف أو الظفر الذي في يد الناقة. رثيم: كل ما لطخ بدم أو كسر فهو رثيم، ومنسم رثيم أدْمته الحجارة. ودَمِيَ (كَتَعِبَ): خرج منه الدم فهو دامٍ، ويروى:
يأتي عليها القدم واهٍ خفها
عوجاء منسمها رثيم دام
٣١٠  هكذا روي، وفيه إقواء.
٣١١  القرا: الظهر، ولعله أول من دعا للناقة بالسلام وسلامة الظهر.
٣١٢  أعددت: هيأت. وثب: طفر وقفز؛ أي إنها تثب وثبًا في مشيها لمرحها. وفرس: جواد رائع بيِّن الجودة. المحثة: مِن حَثَّه إذا حضه. وفرس جواد المحثة: إذا حث جاءه جري بعد جري. المرود: مصدر من أرود إذا رفق؛ يريد أنه جواد إذا حث على السرعة وإذا رفق في سيره.
٣١٣  سبح الفرس: مد يديه في جريه كالسابح. جمح: اعتز فارسه وغلبه. الإحضار: ارتفاع الفرس في عدْوه. المعمعة: صوت الحريق في القصب ونحوه والعمل في عَجَل. السعف: جريد النخل أو ورقه، وأكثر ما يقال إذا يبست.
٣١٤  رمح مطرد: مستقيم مستوٍ. الرشاء: الحبل. الجرور: الفرس يمنع القياد والبطيء، والبئر البعيدة القعر. وبئر جرور: يستقى منها على بعير يجر دلوها على شفيرها لبعد قعرها. وبعير جرور: يسنى به. الخلب: لب النخلة والليف والحبل منه الصلب الرقيق. الأجرد — في الأصل: قصير الشعر أو الذي لا شعر عليه.
٣١٥  الشُّطْبة والشطَبة: طريق السيف، والجمع شطب، كغُرَف وكُتُب. غمض السيف في اللحم: غاب. الكلم: الجرح؛ أي يغيب في اللحم فيكون جرحه غامضًا عميقًا غير ظاهر. صاب يصيب: أصاب. ينأد: يعود ويعطف.
٣١٦  السك: السد والدرع الضيقة الحِلَق، ويروى: «مسرودة السك.» والسرد: نسج الدرع وسائر الحلق. الموضونة الدرع: المنسوجة حلقتين حلقتين أو بالجواهر. تضاءل: تصغر وتنحف إذا طويت حتى تصير كالمبرد.
٣١٧  تفيض: تسيل. الأردان: ج ردن؛ أصل الكم. الأتي: السيل. الجدجد: الأرض الصلبة المستوية.
٣١٨  توسد الشيء: جعله وسادة له. والعضب: السيف القاطع. ومضرب السيف: حده ومتنه. مدب النمل: مجراه.
٣١٩  صقيل: مصقول مجلوٌّ.
٣٢٠  الديمة: المطر الدائم في سكون بلا رعد وبرق أو يدوم يومًا وليلة أو أكثر. الهطل: تتابع المطر المتفرق العظيم، والمطر الضعيف الدائم؛ ديمة هطلاء وهطل. الوطف: الاسترخاء لكثرة مائها. وفيها وطف: تدلت ذيولها. الطبق: غطاء كل شيء. والطبق من كل شيء: ما ساواه. والطبق من المطر: العام، يريد أنها عمت الأرض كأنها طبق لها. تحرى: تقصَّد وتعمَّد. وتحرى بالمكان: تمكث. ندر: تصب وتسيل.
٣٢١  الود: الوتد وجبل. أشجذت: ضعف مطرها. أو أنجمت: أقلعت بعد الإثجام. تواريه: تستره وتغطيه. تشتكر: يكثر ماؤها ويجدُّ مطرها، ويروى تعتكر: أي تشتد.
٣٢٢  الماهر: الحاذق بكل عمل والسابح المجيد. ثانيًا: لاويًا عاطفًا. البرثن: الكف مع الأصابع والمخلب. ينعفر: يتمرغ في التراب؛ أي لا يصيبه ولا يلصق به.
٣٢٣  الشجراء: الشجر. ريقها: أولها. الخمر: ج خمار.
٣٢٤  انتحاها: قصدها واعتمدها. الوابل: المطرُ الشديدُ الضخمُ القطرِ. الأكناف: النواحي. وهَى الشيءُ: تخرقَ وانشقَّ واسترخى. ووهى السحاب: انبثق شديدًا. منهمر: سائل منسكب.
٣٢٥  راح: جاء بالعشي. تمريه: تستخرج ماءه. الصبا: ريح مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. الشؤبوب: الدفعة من المطر، وحد كل شيء وشدة دفعه. الجنوب: ريح تخالف الشمال مهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا. منفجر: سائل.
٣٢٦  ثج: سال. آذيه: موْجه. العرض: الجبل أو سفحه أو ناحيته. والعرض: السعة. خيم وخفاف ويسر: مواضع.
٣٢٧  أنف المطر: أول ما أنبت. لاحق: ضامر. الأيطل: الخاصرة، ويروى: «الإطلين»؛ أي الخاصرتين. محبوك: شديد الخلق. ممر: مِن أَمَرَّ الحبل إذا أحكم فتله، أو مِن المِرَّة وهي القوة.
٣٢٨  أعني: أسعدني. ومض وميضًا: لمع خفيفًا ولم يعترض في نواحي الغيم. الحبي (بفتح الحاء وضمها): السحاب يشرف من الأفق على الأرض، أو الذي بعضه فوق بعض. الشماريخ: رءوس الجبال وأعالي السحاب.
٣٢٩  يهدأ: يسكن. التارة: المرة والحين. السنا: الضوء. ينوء: ينهض، يجهد. التعتاب: مصدر من عتب يعتُب ويعتِب: إذا مشى على ثلاث قوائم من العُقر وإذا وثب برِجل ورفع الأخرى. الكسير: المكسور. المهيض: الذي كسر بعد جبر.
٣٣٠  تلقى: تتلقى وتتناول. الفوز: الظفر والربح. المفيض: الذي يفيض قداح الميسر؛ أي يضرب بها.
٣٣١  ضارج: موضع. تلاع: ج تَلْعَة؛ ما ارتفع من الأرض، وما انهبط منها (ضدٌّ)، ومسيل الماء في الصحاري إلى الأودية. يثلث (على وزن يضرب ويمنع): موضع، وكذا العريض.
٣٣٢  قطيات: وادٍ. اللوى: ما التوى من الرمل، أو ما استرق منه. وادي البدي: موضع. الأريض (ويروى اليريض): بلد أو وادٍ.
٣٣٣  ميث: ج ميثاء؛ الأرض السهلة. دماث: ج دَمِثَة؛ المكان السهل. الرياض: ج روضة؛ وهي الأرض الخضرة والموضع يجتمع إليه الماء فيكثر نبته. أثيثة: كثيرة النبات مُلْتَفَّتْهُ. تحيل: تصب. الفضيض: العذب، وكل متفرق من ماء المطر والبرد.
٣٣٤  عريضة: واسعة. أرض أريضة: زكية معجبة للعين خليقة للخير. مدافع: ج مدفع؛ وهو مسيل يدفع فيه الماء ويجري. الفضاء (كسحاب): ما اتسع من الأرض، و(ككساء): الماء يجري على وجه الأرض. العريض: الواسع، ويروى: «مدافع ماء.»
٣٣٥  يسح: يصب. الفيقة: ما اجتمع من الماء في السحاب، وأصلها اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين. عن بِمعنى بعْد. يحور: يرجع. الضباب: سحاب رقيق كالدخان. الصفصاف: ج صفصف؛ المستوي من الأرض.
٣٣٦  وميضه: لمعه الخفيف. لمع اليدين: تحريكهما. الحبي: السحاب بعضه فوق بعض، والسحاب الذي يعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء. والسحاب المكلل هو السحابة يكون حولها قطع من السحاب، فهي مكللة بهن. وسحاب مكلل: ملمع بالبرق، وفي التبريزي المكلل: «المستدير كالإكليل والمتبسم بالبرق.»
٣٣٧  سناه: ضوءُه. المصباح: السراج، ويروى: «أو مصابيح راهب.» أهان: أذل. السليط: الزيت؛ أي أكثره. الذبال: ج. ذبالة؛ الفتيلة. المفتل: المفتول، شدد للكثرة.
٣٣٨  ضارج والعذيب: موضعان. بُعد ما متأملي: أي يا بعد ما أتأمله!
٣٣٩  قطن: جبل لبني أسد في نجد. شام البرق شيمًا: نظر إليه أين يقصد وأين يمطر.
٣٤٠  يكب: يقلب. الأذقان: ج ذقن؛ مجتمع اللحيين من أسفلهما. الدوح: ج دوحة؛ الشجرة العظيمة. الكنهبل: شجر عظام؛ أي إن هذا المطر اقتلع هذه الأشجار فألقاها على الأرض كأنما كبها على وجوهها وأذقانها.
٣٤١  مكاكي: ج مكاء؛ طائر حسن الصوت. الجواء: البطن الواسع من الأرض، وموضع. غُديَّة: مصغر غداة. وأما غَديَّة: فلغة في غدوة؛ كضحيَّة وضحْوَة. صبحن: سقين صبوحًا؛ وهو ما بات من الشراب فشربوه، وما شرب صباحًا. السلاف: الخمر أو ما سال منها من غير عصر. الرحيق: أطيب الخمر أو الصافي. مفلفل: يَلْذَعُ لَذْعَ الفلفل؛ يريد أن المكاكي في وقت الغداة تتابع التصويت كأنما سُقيت شرابًا مفلفلًا يلذعها فتصيح.
٣٤٢  القنان: جبل. نفيانه: ما تطاير منه. العصم: ج أعصم؛ الوعل في ذراعيه أو أحدهما بياض وسائره أحمر أو أسود. الموئل: مستقر السيل والملجأ. يريد أن نفيان المطر أصاب هذا الجبل، فكاد يغرق الأوعال في مقارها الحصينة، فنزلت منها هربًا منه، ولا ينزلها إلا الأمر الجلل.
٣٤٣  التيماء: الأرض التي لا ماء فيها ولا نحو ذلك. وتيماء: بُليد في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى. جذع النخلة: ساقها. الأطم: الحصن المبني بالحجارة والقصر، وكل بيت مربع مسطح. شاد الحائط: طلاه بالشيد، وهو ما يطلى به من جص ونحوه فهو مشيد. الجندل: الحجارة.
٣٤٤  ثبير: جبل بظاهر مكة. عرانين: ج عرنين؛ وهو من كل شيء أوله. الوبل: المطر الشديد، والضخم القَطْر، ويروى:
كأن أبانًا في أفانين ودقه
أبان: جبل. أفانين: ج أفنون؛ وهو الضرب من الشيء. وأفنون السحاب: أوله. الودق: المطر. البجاد: الكساء المخطط. المزمل: الملفوف.
٣٤٥  ذرى: ج ذروة (بضم الذال وبكسرها)؛ أعلى الشيء، رأس الشيء أعلاه. المجيمر: جبل. السيل: الماء الكثير السائل والمجتمع من المطر الجاري في الأودية. الغثاء (كغرَاب ورمَّان): القمش، والبالي من ورق الشجر الذي إذا خرج السيل رأيتَه مخالطًا زبده. المغزل (مثلث الميم): ما يغزل به. فلكة المغزل: ما استدار منه؛ يريد أن هذا الجبل أحاط به السيل والغثاء، فلم يبقَ إلا رأسه المستدير كفلكة المغزل.
٣٤٦  كأن سباعًا في … يروى: «كأن السباع.» غرقى: ج غريق. بأرجائه: بنواحيه. القصوى: البعيدة. والقصوى: طرف الوادي. أنابيش: ج أنبوش؛ أصل البقل أو الشجر المقتلع بأصله. العنصل: البصل البري، ويقال بصل الفار والإسقيل والإسقال.
٣٤٧  الغبيط: الأرض المطمئنة الواسعة المستوية، يرتفع طرفاها، ومسيل من الماء بشق في القف، وأرض لبني يربوع. البعاع: ثقل السحاب من المطر. وألقى السحاب بعاعه: كل ما فيه من المطر. اليماني: التاجر اليماني. العياب: ج عيبة؛ ما يجعل في الثياب.
٣٤٨  شبه الليل بموج البحر في كثافة ظلمته أو في هوله ونكارة أمره. أرخى: أرسل وأسدل. السدول: ج سدل؛ الستر. والباء في قوله «بأنواع» بمعنى «مع». الهموم: الأحزان. ليبتلي: ليختبر ما عندي من الصبر والجزع.
٣٤٩  تمطى: تمدد؛ من مطا الشيء إذا مده، أو محول من التضعيف، أصله تمطَّط، كما يقال تظنَّى، من الظن، وتقضَّى من التقضض. الصلب: عظم من لدن الكاهل إلى العجب، ويروى: «تمطى بجوزه»؛ أي وسطه. أردف: أتبع. أعجاز: ج عجز. ناء: بمعنى بعد، مقلوب نأى، أو تهيأ لينهض، أو من ناء بالحمل: نهض به مثقلًا. الكلكل: الصدر. قال بعضهم: معنى البيت: ناء بكلكله، وتمطى بصلبه، وأردف أعجازًا، فقدم وأخر، واستعار لليل صلبًا وأراد وسطه، وكلكلًا وأراد به أوله، وأعجازًا وأراد مآخيره. قال الأصمعي: «معناه حين رجوت أن يكون قد مضى أردف أعجازًا.»
٣٥٠  انجلِ: انكشِفْ. الإصباح: الصبح. أمثل: أفضل وأدنى إلى الخير. ومعنى البيت: ليس الصبح بأمثل منك عندي؛ لأني أقاسي فيه من الهموم ما أقاسي فيك، ويروى:
وما الإصباح فيك بأمثل!
ومعناه أن جاءني الصبح وأنا فيك فليس ذلك بأمثل؛ لأن الصبح قد يجيء والليل مظلم، وقيل معناه: وما الإصباح في جنبك أو بالإضافة إليك أفضل منك؛ لأني أقاسي فيه مثل ما أقاسي فيك، وهو لا يعقل، ومخاطبته الليل مخاطبة مَن يعقل يدل على شدة الوله والتحير.
٣٥١  يا لك من ليل: فيه معنى التعجب المستفاد من اللام؛ أي يا عجبًا لك من ليل! المغار: المحكم الفتل. يذبل: جبل في بلاد نجد؛ أي كأن نجومه ربطت بحبل محكم الفتل بيذبل، فلا تسير من أماكنها، كَنَى بذلك عن طول الليل، ويروى:
… … … كأن نجومه
بأمراس كتان إلى صم جندل
والرواية الأولى أعرف وأشهر وأسير. الأمراس: ج مرَس: ج مرسة. وقد يكون المرس للواحد. الصم: الصلاب المصمتة. الجندل: الحجارة.
٣٥٢  الصوم: القيام بلا عمل. وصام الفرس: أمسك عن العمل مع قيامه. ومصام الفرس: مقامه وموقفه. ومصام النجم: معلقه. ويروى: «على صم جندل» يقول: كأن الثريا مشدودة معلقة في موقفها بحبال من كتان على حجارة صلبة، فهي لا تنتقل ولا تسير، يريد طول الليل. ويروى هذا البيت عند وصفه الفرس، والمعنى حينئذ أنه شبه تحجيل الفرس في بياضه بالثريا، وشبه حوافره بالحجارة، وقد علقت الثريا في مقام الفرس بحبال من كتان من تلك الحوافر. الثريا: تصغير ثروى؛ مقصورة.
٣٥٣  الخزانة والموشح.
٣٥٤  القراب: غمد السيف. النمرق: الطنفسة فوق الرحل. شب: أوقد. المرو: ج مروة؛ حجارة بيضاء براقة توري النار. وبيص: لمعان وبرق.
٣٥٥  نقنق: ذكر النعام أو النافر. الهيق: ذكر النعام أيضًا. والدقيق: الطويل. المنعرج: المنعطف. الوعساء: رابية من رمل لينة، وموضع. بيض: ج بيضة. رصيص: بعضه فوق بعض.
٣٥٦  الميثاق: العهد.
٣٥٧  ناعط: جبل باليمن؛ أي أنزل الآلاف بني أسد في هذا الجبل على كثرتهم ليتحصنوا فيه، وبني أسد بدل من آلاف، أو نصب على النداء، وزعم بعضهم أن الرواية «المنزل الألاف»، وأنهم القصاد الذين ألفوا إحسانه، والأُولى أليق بالفخر، وأقرب إلى البلاغة. الحزن: ما غلظ من الأرض. أوعر: أكثر وعورة، وهي ضد السهولة.
٣٥٨  أنفر أصحابه: أغزاهم.
٣٥٩  صاحبه: عمرو بن قميئة، وقد تقدم خبره. الدرب: كل مدخل إلى بلاد الروم.
٣٦٠  يروى: «لا تبك عيناك.»
٣٦١  قَرْمَل: مقول استنجد به امرؤ القيس فثبطه، أو غزا، كندة قبل امرئ القيس فأصاب منهم.
٣٦٢  بربعيص وميسر (كمقعد): موضعان بالشام، وقد أُكرم فيهما.
٣٦٣  تاذف (كتضرب): بلد على بريد من حلب. طرطر: موضع في الشام وقد أوقع فيهما بعدوِّه.
٣٦٤  قداران: موضع ظفر فيه أكثر من ظفره بتاذف. الأعفر: الظبي الأبيض ليس بالشديد البياض، أو الذي يعلو بياضه حمرة، وكأنه على قرن ظبي؛ أي على غير طمأنينة، ورواه في التاج:
ولا مثل يوم في قدار ظللته
كأني وأصحابي بقُلَّة عندرا
وقدار: موضع. القلة: أعلى الجبل، أو كل شيء. عندر: جبل.
٣٦٥  نقاد: ج نقد؛ جنس من الغنم قبيح الشكل.
٣٦٦  أشياع: ج شيعة؛ بمعنى أتباع وأنصار، يقع للواحد والمذكر وغيرهما. صبر: ج صبور.
٣٦٧  استلأم: لبس اللأمة؛ أي الدرع. تحرقت: احترقت. قر: بارد.
٣٦٨  المؤثل: المعظم.
٣٦٩  كهمك: أي كما هممت به وحسبته. عشى النار: رآها ليلًا من بعيد فقصدها مستضيئًا. أحامي: أدافع.
٣٧٠  اقصر إليك من الوعيد: أمسك وعيدك؛ يريد: إني مما ألاقي لا أحتاج أن أتشدد للأشياء ولا أتحزم لها.
٣٧١  نوَّموا: ناموا. عالته: أعلن إليه الأمر وجاهره. الصفحة: الوجه؛ يريد أنه يغير عليهم، فيوقظهم، فيقاتلهم وهم مستيقظون لشجاعته وقدرته عليهم، ويروى: «وأنا المنبَّه» (بفتح الباء)؛ أي اليقظان، ويروى: «المنبِّه» (بكسر الباء)؛ أي أنبه من نام، ومَن روى هذه الرواية قال: المعالي صفحة النوام؛ أي ارفع خدودهم من الأرض إذا استثقلوا من النوم.
٣٧٢  عرفت معد: خص معدًّا لأن امرأ القيس من اليمن؛ يريد: أن البُعَداء عرفت فضله، فما لك بالقُرَباء. نشد الشعر: أشاد بذكره. وأنشد: رفع صوته. ويروى: «أشدت»؛ أي رفعت وفخرت به.
٣٧٣  ابن كبشة وأبو يزيد من أشراف كندة. رهط الرجل: قومه وقبيلته.
٣٧٤  أذيت: تأذيت. البلدة: كل قطعة من الأرض مستحيزة عامرة أو غامرة، وجنس المكان. ودعتها: رحلت عنها. المقام: محل الإقامة.
٣٧٥  أناضل: أرمي. لا تطيش سهامي: لا تجاوز الغرض.
٣٧٦  روان: ج رانية؛ مديمة النظر.
٣٧٧  الكرب: الحزن يأخذ بالنفس. البهمة: الخطة الشديدة، والأمر المشكل، والشجاع أو الفارس الذي لا يُهتدى من أين يؤتى له من شدة بأسه، والجيش. كشف: أظهر، ورفع الشيء عما يواريه.
٣٧٨  القينة: المغنية. الكران: العود.
٣٧٩  المزهر: العود. الخميس: الجيش. أجش: غليظ الصوت.
٣٨٠  أغار على القوم غارة وإغارة: دفع عليهم الخيل. شهدت: حضرت. أقب: ضامر البطن. الرخو (بتثليث الراء): الهش اللين من كل شيء. اللبان: الصدر أو وسطه.
٣٨١  يريد بشيخه أباه. باطلًا: ضائعًا؛ أي لا يذهب دمه هدرًا.
٣٨٢  أبير: أهلك. مالك وكاهل: قبيلتان من أسد من قتلة أبيه.
٣٨٣  الحلاحل: السيد الشجاع أو الضخم الكثير المروءة، يريد أباه.
٣٨٤  معد: قبيلة من مضر خصها بالذكر لأن أباه يمني من قحطان. الحسب: ما تعده من مفاخر آبائك، والشرف في الفعل. النائل: العطاء.
٣٨٥  الفواضل: ج فاضلة: الدرجة الرفيعة، واليد الجسيمة أو الجميلة.
٣٨٦  هند: أخت امرئ القيس، قيل زوجة أبيه.
٣٨٧  القرح: ج قارح؛ المسن من الخيل. القافل: اليابس الجلد؛ يريد الضوامر.
٣٨٨  الأسل: الرماح. النواهل: العطاش، يروى بعده: «وحي صعب والوشيج الذابلا.» صعب: من أحياء أسد، كانوا مع امرئ القيس. الوشيج: شجر الرماح، والمراد الرماح. الذابل: الرقيق اللاصق بالليط؛ أي القشر.
٣٨٩  الفرام: دواء تتضيق به المرأة. والفرامة: خرقة تحتشي بها أوان الحيض، استفرمت فهي مستفرمة، يريد أن هذه الخيل تضرب فروجها بالحصى من شدة سيرها وسرعته، فكأنها تستفرم به. جوافل: سريعة.
٣٩٠  الاستثفار: أن يدخل إزاره بين فخذيه ملويًا، وأن يدخل الكلب ذنبه بين فخذيه حتى يلزقه ببطنه، والثفر للسباع كالحياء للناقة، والسير في مؤخر السرج؛ يريد أنها تضرب أثفارها بالحصى، ويروى: «يستشرف الأواخر الأوائلا»؛ أي يعلو.
٣٩١  المجر: الجيش الكثير العظيم. الغلان: منابت الطلح، أو أودية غامضة في الأرض، ج غالٍ وغليل، ونبات ج غال. الأنيعم: موضع. يقال قوم ذوو زهاء: أي ذوو عدد كثير. الأركان: ج ركن: الجانب الأقوى، والعز والمنعة، وما تقوى به من ملك وجند وغيره. وركن الرجل: قومه وعدده ومادته.
٣٩٢  مطا: جد في السير وأسرع. تكل: تعيا وتتعب. الجياد: ج جواد؛ الفرس البين الجودة الرائع. يقدن: مِن قاد الدابة؛ جرها من أمامها. أرسان: ج رسن.
٣٩٣  الجون من الخيل: الأدهم. البادن: الجسيم. عواف: ج عافٍ؛ وهو الرائد والوارد والضيف، وكل طالب فضل أو رزق.
٣٩٤  الأثمد: موضع. الخلي: الفارغ من الهم. لم ترقد: لم تنم.
٣٩٥  العائر: الرمد، وبثر في الجفن الأسفل، وغمضة تمض العين، كأنما وقع فيها قذًى. الأرمد: من الرمد؛ وهو وجع العين وانتفاخها.
٣٩٦  النثا: ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيئ.
٣٩٧  روي في «معاهد التنصيص»: «لقلت في القول.» يؤثر: يروى وينقل. المسند: الدهر؛ يقال: لا آتيه يد المسند ويد الدهر أبدًا.
٣٩٨  العلاقة: النيل، وما تعلقوا به عليهم، مثل علاقة المهر؛ أي ما يتعلقون به على المتزوج، ورواه في اللسان «ترغبون عن دم.»
٣٩٩  رواه في «المعاهد»: «وإن تبعثوا الداء.»
٤٠٠  رواه في «المعاهد»: «نقاتلكم.»
٤٠١  الجفان: ج جفنة؛ القصعة الكبيرة، وفي «المعاهد» «والحطب الموقد»، وهو أحسن؛ لأننا لم نجد «أفأد الحطب» بمعنى أوقده، وإنما يقال لحم مفأد، إذا شوي فوق الجمر.
٤٠٢  ابتنوا حسبًا: أي بسبب إجارتهم لي. الدخلل: الذي يداخل الرجل في أمره ويصاحبه عليه، وهم الخاصة.
٤٠٣  جارهم: يريد نفسه. الخفارة (مثلثة): اسم من خفره إذا آمنه وأجاره ومنعه؛ يريد: ذمته وعهده. المغيب: أي من غاب عن أهله وأنصاره، فإنهم ينصرونه.
٤٠٤  اقتتل في يوم الكلاب الأول بنو ثعلب والنمر بن قاسط وسعد بن زيد مناة، وكانوا مع أبي حنش الثعلبي وبكر بن وائل وحنظلة بن مالك وبنو أسد وطوائف من تميم، وكانوا مع شرحبيل بن عمرو، فقتل أبو حنش شرحبيل وخذلته طوائف من تميم، وقد أشار إلى ذلك امرؤ القيس بقوله:
فما قاتلوا عن ربهم وربيبهم
ولا آذنوا جارًا فيظعن سالما
جير: بمعنى أجل؛ أي إن بني عوف لم يفعلوا من الغدر ما فعلته بنو حنظلة من خذلان شرحبيل.
٤٠٥  حميري وعدس: رجلان من حنظلة. واست العير: منهم أيضًا؛ سماه بذلك استهانة. يحكها الثفر: أي يمتهن في الخدمة. والثفر: السير الذي في مؤخر السرج.
٤٠٦  يريد: أنه آمن أخت امرئ القيس حتى أوصلها إلى نجران.
٤٠٧  آل غدران: بطن من العرب.
٤٠٨  البلابل: الهموم والوساوس. عوير وصفوان: سيدا بني عوف.
٤٠٩  المشاهد: محاضر الناس، ج مشهد. غران: ج أغر؛ أي أبيض.
٤١٠  أبلغوا: أوصلوا. المضلل: امرؤ القيس نفسه، ويقال له الملك المضلل والضليل، ويقال إنه سمي الملك الضليل بهذا البيت.
٤١١  أصفاه بالشيء: آثره به.
٤١٢  الباذخ: الجبل الطويل والعالي. شمام: جبل معلوم.
٤١٣  ملك العراق: المنذر بن ماء السماء. والملك الشآمي: الحارث الغساني.
٤١٤  أصد: منع وصرف وردَّ، ويروى: «أشذ»؛ أي نحَّى وفرق. نشاص: ما ارتفع من السحاب. ذو القرنين: المنذر الأكبر، سمي بذلك لضفيرتين كانتا له. العارض: السحاب المعترض في السماء؛ شبه الجيش بالسحاب لعظمه وسواده. تولَّى: انهزم.
٤١٥  أفر: سكن وطامن؛ يريد أمَّنوه فسكنت نفسه، وقد شهروا بقول امرئ القيس هذا حتى سموا مصابيح الظلام.
٤١٦  نعشو: ننظر؛ يقال عشا ناره وإلى ناره: رآها ليلًا من بعيد فقصدها مستضيئًا. الخصر: البرد.
٤١٧  البازل: التي انتهى سنها. الكوماء: العظيمة السنام عادت من المرعى عشية إلى مراجلها. لاوذ به: امتنع به. أبسها: قال لها عند الحلب: بَسْ بَسْ، أو بُسْ بُسْ؛ لتدر، وقوله: المبسين بالشجر، لعله يريد الحظائر المتخذة من الشجر، ويروى: «بالسحر.»
٤١٨  أراد بابن حجرٍ نفسَه. يودي به: يذهب به.
٤١٩  المن: الإنعام واصطناع الصنيعة. النعمى: اليد البيضاء.
٤٢٠  الشكر: عرفان الإحسان ونشره.
٤٢١  الجار: المجاور والمجار والمستجير. وثق به: ائتمنه. ووثق: صار وثيقًا؛ أي محكمًا، أو أخذ بالثقة. الفريد: المنفرد أو الواحد.
٤٢٢  وفي السيوطي: أن خالدًا رد الإبل ثم انتقل امرؤ القيس إلى بني ثعل.
٤٢٣  نهبا: ما يغار عليه وما انتهب. حجراته: نواحيه. والرواحل: ج راحلة؛ الإبل الصالحة لأن ترحل.
٤٢٤  دثار بن فقعس بن طريف: من بني أسد، راعي امرئ القيس. حلقت: ارتفعت في طيرانها. اللبون: الإبل ذوات اللبن. والعقاب: طائر. وتنوفي: جبل عالٍ؛ وفي القاموس ثنية مشرفة قرب القواعل، ويقال يَنوفي، وفيه أيضًا: وينوفي أو تنوفي أو تنوف: موضع بجبلي طيء. القواعل: ج قوعلة؛ الجبل الصغير، أو الأكمة الصغيرة. والقاعلة: الجبل الطويل، ويقال «عقاب قوعلة» على الصفة والإضافة؛ أي نأوي إليها ونعلوها. قال ابن الكلبي: أخبث العقبان ما أرى في الجبال المشرفة — وهذا مثل — أراد كأن لبون دثار ذهبت بها ذاهبةٌ؛ أي آفة، وأراد أنه أغير عليه من قبل تنوفي، ويروى: «عقاب ملاع.» مَلاع: أرض أضيفت إليها عقاب، أو نعت عقاب؛ أي سريعة.
٤٢٥  تلعَّب: لعب. باعث: تقدم ذكره، ويروى بجيرة خالد، وقد تقدم ذكره. عصام: راعٍ آخر لامرئ القيس، ويروى: «وأودى دثار.» أودى: هلك. الخطوب: الأمور.
٤٢٦  الحزقة: القصير العظيم البطن، إذا مشى أدار بأليتيه، أو السيئ الخلق، والضيق الأمر. الأتان: الحمارة. حلئت: طردت عن الماء. المناهل: الموارد.
٤٢٧  أجأ: جبل لطيء؛ والمراد أهله. تسلم: تخذل أو تسلِّم وتعطي. والجار: المستجير والمجاور. فلينهض: فليقم؛ أي من شاء أن يعرف كيف نحمي الجار ونمنعه فلينهض لها.
٤٢٨  القرية: موضع. أمنًا: آمنة. أسرحها: أسومها وأسرحها إلى المرعى. غبًّا: حينًا أو يومًا بعد يوم. أكناف: جوانب. حائل: موضع بجبلي طيء.
٤٢٩  جيرانها: ج جار؛ وهو المجير والناصر والمجاور. حماتها: ج حامٍ. سعد ونائل: من بني نبهان.
٤٣٠  الوعول: ج وعل؛ تيس الجبل. رباعها: ج رُبَع؛ الفصيل ينتج في الربيع، وهو أول النتاج. المجادل: ج مجدل؛ القصر، وفي السيوطي: «المجادل: الجبال العالية.»
٤٣١  مظللة: مغطاة، ويروى: «مكللة»؛ أي متوج أعلاها. أسرة: خطوط وطرائق، وكذا حبك. وصائل: ثياب يمانية حمر مخططة.
٤٣٢  الحائل والسهب والجنبتين: مواضع. عاقل: موضع بطريق مكة، ويروى:
فالفرد فالجنبتين من حائل
٤٣٣  الصدى: الدماغ، يكون السمع عنه. والصدى: ما يرده الجبل على المصوت. وصم صداه: هلك. عفا: درس. استعجمت: خرست وسكتت، ويروى: «بعدك صوب المسبل الهاطل.»
٤٣٤  دودان: قبيلة من بني أسد قتلت حجرًا أبا امرئ القيس، وهو المراد بالأسد الباسل، وقيل أراد نفسه. عبيد العصا: أي لا يعطون إلا على الضرب والإذلال.
٤٣٥  مالك وبنو عمرو وكاهل: أحياء من بني أسد اشتركوا بقتل أبيه، فقتلهم وأخذ ثأره منهم فقرت عيناه.
٤٣٦  بنو غنم: قبيلة من بني أسد. نقذف: نرمي من علو إلى أسفل.
٤٣٧  نطعنهم سلكي: طعنًا مستويًا تلقاء الوجه. مخلوجة: طعنًا معوجًّا إلى يمين أو شمال. كرك: ردك. اللَّأْم: السهم عليه ريش، لؤام؛ وهو ما كان بطن الريشة منه يلي ظهر الأخرى، يلزق بالغراء على السهم قصد السرعة؛ أي كمناولة السهام لراميها في السرعة. نابل: صاحب نبل.
٤٣٨  إذ هن: أي الخيل. أقساط: فرق. الرجل: القطعة من الجراد. الدبى: ج دباة؛ صغار الجراد. كاظمة: موضع قريب من البصرة من ناحية البحر. الناهل: العطشان.
٤٣٩  معرك: موضع قتال. الشائل: الذي ألقى بعضه على بعض وارتفع إلى فوق.
٤٤٠  كان حلف ألَّا يشرب حتى يدرك ثأر أبيه، فلما أدركه حلَّت له.
٤٤١  مستحقب: مكتسب للإثم، مِن استحقب الشيء؛ إذا حمله في حقيبته؛ أي غير حامل إثمًا. الواغل: من يدخل على قوم يشربون بغير دعوة — هكذا رواه المبرد في الكامل — وروي: «فاليوم أشرب»، وخرِّج على الجزم على تقدير الوقف ثم الوصل، وقيل السكون ضرورة.
٤٤٢  قبَّحه الله: نحاه عن الخير. جدع: قطع الأنف؛ والمراد أذلها. عفرها: أذلَّها وألصقها بالعفر وهو التراب.
٤٤٣  آثر: اختص. الملحاة: مِفْعلة من لحاه إذا لامه، ويروى: «بالمخزاة.» رقاب: نصب على الذم. المغارم: خِرَق الحيض، لا واحد لها، وقال الوزير أبو بكر: جعلهن يتخذن ما يتضيقن به، ولا يضع هذا إلا العواهر.
٤٤٤  سيدهم؛ يريد به شرحبيل بن عمرو الذي قتله أبو حنش الثعلبي. الربيب: المربوب. ربيت الصبي: ربيته حتى أدرك. والربيب: الملك، آذنوا: أعلموا بخذلانهم إياه فيرحل سالمًا بل فروا وانهزموا.
٤٤٥  هو العوير بن شجنة الطائي الذي أجار امرأ القيس، ويروى: «ولا فعلوا فعل العوير.» بجاره: هو امرؤ القيس نفسه. تجرد: أي جدَّ في نصرته.
٤٤٦  شرح الكامل: ٧ / ١٢٨.
٤٤٧  الخلة: الصديق؛ أي ما سعد مخال رجلًا إثمًا. والخلة: الصداقة؛ ومعناه ما خلة سعد بخلة رجل آثم. النأنأ: العاجز الضعيف الجبان، الحفاظ الذب عن المحارم عند الحرب ومنعها من العدو. وحصِر: عييٌّ في منطقه، أو ضيق الصدر، أو بخيل.
٤٤٨  المربط (بفتح الباء وكسرها): موضع ربط الدابة. الأمهار: ج مهر؛ ولد الفرس. العكر: ج عكرة؛ القطعة من الإبل ما بين الخمسين إلى المائة، وقيل أكثر وأقل، والدثر: الكثير، وحرك الثاء للضرورة.
٤٤٩  القنة: الجبل الصغير أو السهل المنبسط، وقنة الجبل أعلاه. والشاء: ج شاة؛ الغنم ذكرًا أو أنثى. النمر سبع أخبث من الأسد، لا يُلقى إلا متنكرًا غضبان.
٤٥٠  يفاكهنا: يمازحنا. والزقاق: ج زق؛ سقاء الخمر. المترعات: المملوءة. والجزر: ج جزور؛ الناقة أو الحمل يجزر؛ أي ينحر ويقطع، ويروى:
يفاكهنا سعد ويُنعم بالَنا
ويغدو علينا بالجفان وبالجزر
٤٥١  فا: فم؛ أراد يا فم فرس. حمر: الحَمَر داء يعتري الدابة من كثرة الشعير فينتن فمه، حمِر يحمر حمرًا بعيره بالبخَر، ولقبه بفي فرس حمِر لنتن فمه.
٤٥٢  الشمائل: ج شمال؛ الطبع والخلق.
٤٥٣  وائل وكندة وعدوان وفهم: قبائل. ابنة الجبل: الداهية والحية. صمِّي: زِيدي، ويقال: صمَّت حصاه بدم؛ أي كثرت الدماء، حتى لو ألقيت فيها حصاة لم يسمع لها صوت، ومنه قوله: «صمي ابنة الجبل.»
٤٥٤  حاجاه: فاطنه. والحجا: المعاركة. البهام: ج بهمة؛ ولد الضأن والمعز. الحجل: طائر معروف، وصغار الإبل.
٤٥٥  بنو زيد وما بعدهم: قبائل.
٤٥٦  بيقر: خرج من الشام إلى العراق، وخرج من بلد إلى بلد.
٤٥٧  قال الوزير في شرحه: خملي: جبل بأرض الشام، وقالوا: خملي وأوجر موضعان، وفي بعض النسخ: «على خمل بنا الركاب وأعفرا»، الخوص: ج خوصاء؛ أي غائرة العيون.
٤٥٨  حوران: كورة بدمشق، قال الوزير: إنه مذكر، وحوران: ماء بنجد، وموضع ببادية السماوة. الآل: ما يشبه السراب، ويروى: «فلما بدا حوران والآل دونه»، ويروى: «والآل دونها»؛ أي المرأة، يريد لم تنظر منظرًا يسرك فكأنك لم تنظر.
٤٥٩  اللبانة: الحاجة. حماة وشيزرا: بلدتان في الشام، يقول: لما جاوزنا هذين البلدين تقطعت أسباب الهوى للاشتغال بسواه.
٤٦٠  يضج: يصيح. العود: الجمل المسن. يَمُنُّه: يُضعفه ويعييه. وأخو الجهد: المجتهد. يلوي: يعطف أو ينتظر أو ينحبس. تعذر: اعتذر، ويروى: تغدر؛ أي بقي. يقول: بسير يضعف العود منه إذ الصبر والجلد لا يحتبس فيه على من بقي أو اعتذر.
٤٦١  بعلبك: بلدة بالشام، يريد: أنكرتني بعلبك لأنها لم توافقني وأنكرني أهلها إنكار من لا يعرف وأنكرني ابن جريج، ومفعول أنكر محذوف، ويروى: «ولابن جريج كان في حمص أنكرا»، والمعنى: والله لابن جريج كان أشد إنكارًا.
٤٦٢  الجد: البخت والحظ.
٤٦٣  روي: «أنا ذلكم»، وروي: «أنا جاركم.» روي: «عشية حل.» وغول وألعس: موضعان.
٤٦٤  تأوَّبني: أتاني ليلًا. وغلَّس: سار بغلس، وهو ظلام آخر الليل. ونكس المريض: عاودته العلة بعد النقه.
٤٦٥  كبَّه: صرعه وقَلَبه، وأكب هو على وجهه، وأكب: نكس. ونعس: نام أو قارب النوم، والنعسة: الخفضة؛ وهي إمالة الرأس من النعاس.
٤٦٦  تنفس الرجل: استمد النفس؛ يريد أنه فُرج عنه.
٤٦٧  التبريح: الشدة والمشقة. وضاقت ذراعه ضعفت طاقته، ولم يجد من المكروه فيه مخلصًا ولم يطقه ولم يقوَ عليه.
٤٦٨  جميعة: أراد جميعًا فبالغ بإلحاق الهاء، والجميع ضد المتفرق وحذف الجواب للعلم به، كأنه قال: لفنيت واسترحت، وقال الأصمعي: معنى قوله: تموت جميعة، أي لو أني أموت بدفعة، ولكن نفسي لما بها من المرض تقلع قليلًا قليلًا، وتخرج شيئًا شيئًا من طول المرض، ومعنى تساقط: يموت بموتها بشر كثير، وفي «العمدة»: تموت سويةً، كأنه قال لهان الأمر ولكنها تمو موتات ونحو هذا، وهو من الإيجاز.
٤٦٩  أنضي: أُهْزِل من طول السير. والخرق: الأرض الواسعة تتخرق فيها الرياح. والأمق: الطويل. والسراب: ما يرى نصف النهار في الفلاة كأنه ماء.
٤٧٠  اللهام: الجيش الكثير العدد العظيم. والمجر: الثقيل. والقحم: جمع قحمة؛ الانقحام في السير، والمهلكة والقحط، وقال الوزير: القحمة: الدفعة الكثيرة من المال وغيره. والرغاب: الواسعة.
٤٧١  الشنين: قَطَران الماء شيئًا بعد شيء، ويقال: دم شنين؛ أي مصبوب.
٤٧٢  صيلع: جبل أو موضع. أنعم: بالغ أو زاد.
٤٧٣  مآبه: مرجعه ومنقلبه. المجمجم: الذي لم يبين. مسلمًا: مخذولًا.
٤٧٤  ثوى: أقام. الودية: النخلة الصغيرة. بُصْرى: موضع في الشام. الكَلَّ: العيال. العجاف: جمع أعجف، وعجفاء؛ غير السمان.
٤٧٥  المضاف في الحرب: من أُحيطَ به الْمُلْجَأ. الخطة: الأمر والإقدام على الأمور. الأنس الجماعة الكثيرون، الحي: المقيمون.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤