امرؤ القيس

لقدْ كانَ — ولا يَزالُ — لأدباءِ كلِّ عصرٍ الدَّورُ الأهمُّ في التوثيقِ لحياةِ شُعوبِهم، وكذا كانت حالُ شعراءِ الجاهليةِ الذينَ استطاعُوا أن يَنقُلُوا إلينا صورةً مُتقَنةً لِحيَواتِهم. فإذا ما ذُكِر «امْرُؤ القيس» ذُكِر الوَلعُ بالخَيلِ والنُّوقِ والصَّيد، ومَتاعُ الدنيا من نساءٍ وخَمْر، وشجاعةٌ حنَّكتْها التَّجارِب؛ لم يَكُنْ لِصاحبِها أن يَترُكَ ثأرَ أبِيهِ الذي قُتِل غَدرًا، فتَبدَّلتْ بذلك حياتُه وتَبدَّلَ شِعرُه. وحيثُ إنَّه بَلغَ مِنَ الإجادةِ ما لم يَبلُغْه غيرُه، فقد أُثِيرتْ حولَه الأقاويل، حتى إنَّهم أَنكَروا وُجودَه بِالمرَّة؛ إلا أنَّ مَن يَستقرِئُ تاريخَ الأدبِ العربي، يُدرِكُ قِيمتَه كعَلَمٍ أدبيٍّ في مَصافِّ النَّوابِغ. يُذكَر أنَّ هذا الكِتابَ يأتي ضِمنَ سلسلةِ «عُمْدة الأديب» التي اخْتطَّها «محمد سليم الجندي» بهدفِ إحياءِ التُّراثِ الأدبيِّ العربيِّ وأعلامِه، غيرَ أنَّ مُعظَمَ هذهِ السلسلةِ بَقيَ مَخْطوطًا ولم يَرَ النورَ بَعْد.


هذه النسخة من الكتاب صادرة ومتاحة مجانًا من مؤسسة هنداوي بشكل قانوني؛ حيث إن نص الكتاب يقع في نطاق الملكية العامة تبعًا لقوانين الملكية الفكرية.

تاريخ إصدارات هذا الكتاب‎‎

  • صدر هذا الكتاب عام ١٩٢٤.
  • صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠١٨.

عن المؤلف

محمد سليم الجندي: أديبٌ وشاعرٌ سوري، من أعلام «معرة النعمان» في النصف الأول من القرن العشرين، أثرى المكتبةَ العربية بالعديد من الكُتُب والمخطوطات القَيِّمة.

وُلِد «محمد سليم بن محمد تقي الدين بن محمد سليم الجندي» في «معرة النعمان» بمحافظة إدلب السورية سنة ١٨٨٠م، لأسرةٍ تنتمي بنَسَبها إلى «العباس بن عبد المطلب» عمِّ نبيِّ الإسلام. تعلَّمَ القرآن الكريم على شيوخ المعرة حتى أتَمَّه عليهم، ثم الْتحق بالمكتب الرشدي فاجتاز سنوات الدراسة الأربع في سنتين. كان ذا حافظة قوية، فحَفِظ الكثير من المُصنَّفات العربية في اللغة والأدب والفقه والفرائض والعقائد، وكان والده كُلَّما أُعجِب بقطعةٍ من الشعر حثَّه على حفظها، فاستوعب من ذلك الكثير، وبخاصةٍ شعرُ «أبي العلاء المعرِّي»، وعندما انتقل إلى دمشق سنة ١٩٠١م، قرأ على عددٍ من علمائها وارتبط بكبار رجال الفكر والأدب فيها، وشرع في التفقُّه بمذهب الإمام «أبي حنيفة».

عُيِّن مُنشئًا أولَ ثم مميزًا في عهد الحكومة العربية، حتى اختارته وزارةُ المعارف أستاذًا للأدب العربي واللغة والبلاغة والخطابة في عددٍ من مؤسساتها التعليمية في دمشق، وعُيِّن ناظرًا للكلية الشرعية ثم مديرًا لها، وظلَّ في عمله التعليمي حتى بلوغِه سنَّ التقاعد عام ١٩٤٠م.

انتُخِب لعضوية المَجْمع العلمي العربي سنة ١٩٢٢م، وكان أحدَ مؤسِّسي الرابطة الأدبية. تعدَّدتْ نِتاجاتُه الأدبية، ومنها: «المَنْهل الصافي في العَروض والقوافي»، و«عُدَّة الأديب»، و«تحقيق رسالة الملائكة لأبي العلاء المعرِّي»، و«إصلاح الفاسد من لغة الجرائد»، و«رسالة الأطعمة والأشربة في بلاد الشام»، وسلسلة «عُمْدة الأديب» التي ضمَّتْ عدة تَرجمات لأُدباء وشعراء ومُفكِّرين، لا يزال معظمها مخطوطًا حتى الآن، ومما طُبِع منها: «امْرُؤ القيس» و«عبد الله بن المقفَّع»، و«النابغة الذبياني». كما شارَكَ في وضْعِ سلسلة «كتاب الطرف» بالاشتراك مع طائفة من الأساتذة، وله كذلك شِعرٌ قليل جمَعَه في ديوانٍ مخطوطٍ لم يُطبَع، إلى جانبِ عددٍ كبير من المقالات التي نُشِرت في مجلة «المَجْمع العلمي»، و«الهلال»، و«الرابطة الأدبية» وغيرها.

كرَّمتْه بلاده بأنْ منحَتْه وِسامَ الاستحقاق السوري سنة ١٩٤١م.

تُوفِّي «محمد سليم الجندي» في دمشق سنة ١٩٥٥م.

رشح كتاب "امرؤ القيس" لصديق

Mail Icon

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤