الفصل الثالث

الثروة المحتملة

تقبلت كلتا المرأتين الصغرى والكبرى ما بلَّغهم به ماذرفيلد في هدوء. لم تعلِّق رونا بشيء. لكنَّ السيدة كيلي تحدثت باندفاع.

فهتفت قائلة: «لم يكن هناك رجل محبوب بقدره، ومن الجميع! فمن عساه يرغب في إنهاء حياته؟»

قال ماذرفيلد: «هذا هو ما علينا أن نكتشفه يا سيدتي. أريد أن أعرف كل شيء بقدر الإمكان، وأعتقد أنَّ الآنسة هانافورد تستطيع إخباري بالكثير. والآن، لنرى ما نعرفه من خلال ما أخبرتماني به هذا الصباح. كان السيد هانافورد مفوَّض الشرطة لسنوات طويلة في سيليثوايت. وقد تقاعد مؤخَّرًا. نوى أن يعيش في لندن، وقد أتى إليها بصحبتك أيتها الآنسة هانافورد ليبحث عن منزل مناسب؛ فوصلتما قبل ثلاثة أيام، وأقمتما في هذا الفندق. أهذا كله صحيح؟ جيد جدًّا، والآن أريد أن أعرف كلَّ شيء عن تحركاته في غضون الأيام الثلاثة المنصرمة. ماذا فعل؟ أين قضى وقته؟»

أجابته رونا: «لا يمكنني أن أخبرك بالكثير. فقد كان يقضي الوقت في الخارج معظم اليوم، وبمفرده في معظم الأحيان. لم أخرج بصحبته سوى مرتين؛ مرة حين خرجنا للتسوُّق، والأخرى حين عرَّجنا على السيد كينثوايت في شقته في حي تيمبل. فهمت أنه كان يبحث عن منزل؛ فكان يلتقي بوكلاء المنازل وما إلى ذلك. كان يقضي وقته في الخارج في الصباح والظهيرة والمساء.»

«ألم يخبركِ بأي شيء عن الأماكن التي كان يذهب إليها أو الأشخاص الذين التقى بهم؟»

«نعم. كان من نوعية الرجال الذين يحتفظون بأمورهم لأنفسهم. ليس لديَّ أدنى فكرة عن الأماكن التي ذهب إليها أو الأشخاص الذين التقى بهم.»

«ألم يذكر أيَّ شيء عن المكان الذي كان ذاهبًا إليه ليلة أمس؟»

«نعم. لم يذكر شيئًا سوى أنه سيخرج، وأنني سأجده هنا حين أعود من المسرح الذي ذهبت إليه بصحبة السيدة كيلي. وقد عُدنا بعد الحادية عشرة بقليل. لكنه لم يكن قد حضر، مثلما تعلمون.»

«ألم تسمعيه من قبل يتحدث عن وجود أعداء له؟»

«لا أعتقد أنه كان له أعداء قط! كان رجلًا طيبًا ومحبوبًا للغاية، حتى مع الأشخاص الذين كان عليه التعامل معهم بصفته مفوَّض الشرطة.»

«وأعتقد أنه لم يكن لديه ما يقلقه على الصعيد المالي، أو أي شيء من هذا القبيل؟ ولا أي مشكلات أخرى، لا شيء يثير قلقه؟»

قالت رونا في ثقة: «لا أظنُّ أن شيئًا كان يثير قلقه أبدًا. كان يتطلَّع إلى الاستقرار في لندن بحماس كبير. أما عن المشاكل المادية، فلم يكن لديه أيٌّ منها. كان الرجل ميسور الحال.»

علَّقت السيدة كيلي قائلة: «كان دائمًا ما يدَّخر المال وكان حذرًا. حسنًا، أجل، كان ميسور الحال إلى حد كبير، فضلًا عن معاش تقاعده.»

نظر ماذرفيلد إلى هيثرويك الذي كان يستمع بانتباه كبير إلى كل الأسئلة وإجاباتها. وكان في نظرته شيء يدعوه إلى المشاركة.

قال هيثرويك: «حسنًا، أنا أدرك هذا.» التفت بعد ذلك إلى رونا وقال: «بخلاف مسألة البحث عن منزل، أتعرفين ما إن كان جدك مشاركًا في أي أعمال في لندن، أم لا؟ ما أفكِّر فيه هو أنه من خلال ما رأيت منه في القطار، بدا أن الرجل يتمتع بالنشاط والحيوية، وليس من نوعية الرجال الذين سيجلسون في بطالة تامة لأنه تقاعد. فهل تعرفين بوجود عمل كان يفكِّر في الشروع فيه، أو عمل فكَّر في الانضمام إليه؟»

راحت رونا تفكِّر في هذا السؤال برهة.

وأخيرًا أجابت: «ليس عملًا بمعنى الكلمة. لكن هناك شيء ربما يكون ذا صلة بما اقترحته. كان لجدي هواية. كان يُجري التجارب في وقت فراغه.»

سألها هيثرويك: «في أي مجال؟» ثم تذكَّر فجأة الأصابع الملطخة التي لاحظها في كلا الرجلين في الليلة السابقة. فأضاف على عجلٍ: «أكانت تلك التجارب كيميائية؟»

أجابت بنظرة تنم عن الاندهاش: «أجل، كانت كيميائية. كيف عرفت ذلك؟»

أجاب هيثرويك: «لاحظت أن يديه وأصابعه كانت ملطَّخة. وكذلك كانت يدا الرجل الذي كان معه وأصابعه. حسنًا، هلا تخبرينني بالمزيد؟»

فأكملت رونا تقول: «كان لديه مختبر صغير في حديقتنا في سيليثوايت. وكان يُمضي فيه كل وقت فراغه، وقد استمر ذلك سنوات. ومؤخَّرًا، عرفت أنه كان يحاول اختراع شيء ما أو اكتشافه، لكني لا أعرف ماهيته بالتحديد. وقبل أن نغادر سيليثوايت مباشرة، أخبرني أنه حلَّ المشكلة، وحين كان يجمع أشياءه ويحزم أوراقه أراني مظروفًا مغلقًا قال إنه يحتوي على تفاصيل اكتشافه، قال إنَّ هناك ثروة محتملة من ورائه وإنه سيموت ثريًّا. وقد رأيته يضع ذلك المظروف في دفتر جيب كان يحمله معه دائمًا.»

قال ماذرفيلد: «لا بد أنَّ هذا هو الدفتر الذي فحصته ليلة أمس. لم يكن فيه مظروف مغلق أو أي مظروف فُضَّ خاتمه. لم يكن به شيء سوى خطابات وإيصالات وأوراق غير مهمة.»

صرَّحت رونا قائلة: «وهو ليس في دفاتره الأخرى أيضًا. لقد فتَّشت في أغراضه كلها بنفسي في وقت مبكر من هذا الصباح، فتشت في كل شيء كان هنا. أعرف أنَّ ذلك المظروف كان معه أمس؛ إذ إنه أخرج بعض الأشياء من جيبه حين كنا نتناول الغداء مع السيد كينثوايت في أحد المطاعم في شارع فليت، ورأيت المظروف. كان مظروفًا سميكًا مربَّع الشكل وقد رُسم على مقدِّمته خطَّان عريضان باللون الأحمر، وكان مختومًا بختم شمعي أسود ثقيل في الجهة الخلفية منه.»

سألها ماذرفيلد بسرعة: «أتقولين إن ذلك كان أمس؟ ظُهْر أمس؟ هذا صحيح! إذن، بما أنَّ المظروف كان بحوزته ظُهْر البارحة ولم يكن في جيبه ليلة أمس وهو ليس بين أشيائه في هذا الفندق، فمن الواضح أنه كان يحمله معه بالخارج فيما بين الثانية ظهرًا أمس ومنتصف الليل تقريبًا. والآن، إلى مَن ذهب؟ هذا شيء علينا أن نعرفه! لكن، هل أنت واثقة من أنه لم يكن يمزح حين أخبرك أن هذا الاكتشاف أو الاختراع أو أيًّا كان، كان يساوي ثروة؟»

أجابته رونا: «على العكس، كان في غاية الجدية. كان جادًّا بصورة غير معهودة عليه. لم يخبرني عن ماهية ذلك الاكتشاف، ولم يذكر لي أيَّ تفاصيل عنه؛ فكل ما قاله هو أنه حلَّ مشكلةً ما وتوصَّل لاكتشاف كان يعمل عليه سنوات، وأن السرَّ كان في ذلك المظروف وأنه لا يُقدَّر بثمن. وقد سألته عما يعنيه بأنه لا يُقدَّر بثمن فقال: «الحق أنه يساوي مائة ألف جنيه، كاملة».»

نظر الرجلان أحدهما إلى الآخر، وخيَّم الصمت عليهم جميعًا.

وأخيرًا قال ماذرفيلد: «حسنًا! سرٌّ يساوي مائة ألف جنيه كاملة. علينا أن ندقِّق النظر في هذا الشأن. ما رأيك يا سيد هيثرويك؟»

أجابه هيثرويك: «أجل. وليس لديكِ أدنى فكرة بالطبع عما إن كان جَدُّك قد فعل أيَّ شيء بخصوص بيع هذا الاكتشاف أو قام بأي ترتيبات حيال بيعه؟ لا! حسنًا، أيمكنكِ أن تخبريني بالآتي: ما هو نوع المنزل الذي كان جَدُّك يرغب في استئجاره هنا في لندن؟ أعني، أتعرفين المبلغ الذي كان على استعداد ليدفعه إيجارًا للمنزل؟»

علَّقت السيدة كيلي قائلة: «يمكنني أنا أن أجيبك عن ذلك. لقد أخبرني أنه يريد منزلًا جيدًا، بل جيدًا للغاية، ويقع في ضاحية مناسبة، وكان على استعداد لدفعِ ما يصل إلى ثلاثمائة جنيه في العام.»

قال هيثرويك: «ثلاثمائة جنيه في العام.» وتبادل نظرات ذات مغزًى مع ماذرفيلد. أردف قائلًا: «يبدو وكأنه كان مطمئنًا إلى وجود دخل مالي كبير، وكأنه باع اكتشافه بالفعل أو كان واثقًا للغاية من حدوث ذلك.»

قال ماذرفيلد موافقًا: «هذا مؤكد. أنا لا أعرف موارده المالية الخاصة بالطبع، لكنني أعرف مقدار معاش تقاعده، والحق أنَّ ثلاثمائة جنيه في العام للإيجار وحده مبلغ كبير! حسنًا، سيتحتم علينا محاولة تتبُّع ذلك المظروف المختوم.»

قال هيثرويك معلِّقًا: «يبدو لي يا ماذرفيلد أن أول شيء علينا القيام به هو تتبُّع تحركات هانافورد ليلة أمس، منذ غادر الفندق حتى وفاته في القطار.»

أجابه ماذرفيلد: «نحن نعمل على ذلك بالفعل. لدينا حشد صغير من الرجال يعملون على ذلك. لكن بما أننا جميعًا نحتاج إلى كل مساعدة يمكننا الحصول عليها، فسأثير حراك رجال الصحافة يا سيد هيثرويك؛ فدائمًا ما يكون للصحافة يا سيدي قيمة كبيرة في هذا النوع من القضايا! وأريد من الآنسة هانافورد أن تعطيني صورة حديثة لجَدِّها إن كان لديها واحدة كي ننشرها في الصحف. ربما يتعرَّف عليه شخصٌ ما: شخص رآه ليلة أمس مع شخص آخر.»

كان لدى رونا صورة حديثة للرجل المتوفَّى كانت قد أُخذت له بزي مدني قبل أن يغادر سيليثوايت، وقدَّمت لماذرفيلد عدة نسخ منها. ظهرت نسخ هذه الصور في صحيفة «ميتيور» وغيرها من الصحف المسائية في تلك الليلة، وكذلك في بعض الصحف الصباحية لليوم التالي. ونتيجة لذلك، تقدَّم رجل إلى مقر التحقيق بعد بضع ساعات وصرَّح بتأكيد إيجابي أنه رأى هانافورد في ساعة مبكرة من مساء يوم وقوع الجريمة. كان ظهور الرجل أمام قاضي التحقيق هو الشيء المثير الوحيد في تلك الإجراءات التمهيدية الضرورية؛ وحتى اللحظة التي تقدَّم فيها الرجل، لم يحدث شيء لم يكن هيثرويك على دراية به بالفعل. لقد أدلى بشهادته، ومما أثار دهشته بعض الشيء بخصوص ذلك أنَّه لا قاضي التحقيق ولا الشرطة أبدوا اهتمامًا كبيرًا بروايته بشأن حديث الرجلين عن صورة المرأة؛ إذ بدا أنهم ينظرون إلى ملاحظات هانافورد على أنها مجرَّد ثرثرةٍ عن ذكرى له مع أحد المجرمين. وبعد ذلك جاء دور شهادة رونا التي كانت تكرارًا لما أخبرت به ماذرفيلد وهيثرويك في فندق مالتر: وكان من الواضح أن الشرطة وقاضي التحقيق ركَّزوا على المظروف المغلق والمفقود وما يحتوي عليه من سر غامض، بصفته عاملًا مهمًّا للغاية في القضية. وجاءت من بعد ذلك شهادة الخبراء من الطبيبين عن سبب الوفاة، والتي اقتصرت على تصريحات مؤكِّدة بأنَّ هانافورد تُوفِّي بفعل إعطائه سمًّا خفيًّا، مع إرجاء ذكر التفاصيل الدقيقة حتى يستطيع الخبيران معرفة المزيد من المعلومات والإدلاء بها في الجلسات المؤجَّلة. كان قاضي التحقيق على وشك أن يؤجل القضية مدة أسبوعين حين دخل رجل إلى الجلسة وتحدث مع المسئولين ودخل مقصورة الشهود ليروي قصَّةً أضافت معلومات وزادت من غموض اللغز في الوقت نفسه.

بدا الرجل وقورًا في مظهره، وكان في منتصف العمر ويُدعى مارتن تشارلز ليدبيتر، وهو مدير مكتب تأمينات في ويستمنستر ويقيم في ساتُن في سُري. قال إن من عادته أن يسافر كل مساء من فيكتوريا إلى ساتُن على متن قطار السابعة والثلث. ودائمًا ما كان يصل إلى فيكتوريا قبل السابعة بقليل ويتناول كوبًا من الشاي في غرفة المرطبات. وقد فعل ذلك في الليلة السابقة لليلة أمس. وبينما كان يتناول الشاي على المنضدة، جاء رجل كبير في السن ووقف بجواره، وكان متأكدًا تمامًا من أنه هو الرجل نفسه الذي رأى صورته في بعض صحف مساء أمس وكذلك في بعض صحف صباح اليوم. لم يكن لديه أدنى شك في ذلك. في البداية لاحظ الرجل أصابع الآخر الملطَّخة بينما كان يرفع كأس الويسكي والصودا التي طلبها، وفي تلك اللحظة فكَّر في التناقض بين تلك الأصابع وبين ملابس الرجل النظيفة ومظهره الأنيق؛ كما أنه لاحظ أيضًا عصاه ذات الرأس الذهبي الذي يتخذ شكل التاج. وقف الرجلان جنبًا إلى جنب بضع دقائق، ثم خرج الرجل. وبعد دقيقة أو اثنتين رآه مرة أخرى، لكن هذه المرة عند كشك الكتب الموجود على الجانب الأيمن من الغرفة، وكان من الواضح أنه كان يبحث حينها عن شخصٍ ما.

في تلك اللحظة، بدأت الإثارة بحق؛ فانتبه الجميع للغاية بينما وجَّه قاضي التحقيق سؤالًا مباشرًا للشاهد.

«يبحث عن شخصٍ ما؟ هل رأيته يلتقي بأحد؟»

«فعلت!»

«خبِّرني بما رأيت.»

«رأيت الآتي. حين توجَّهت نحو كشك الكتب لأشتري صحف المساء، كان الرجل الذي رأيته في غرفة المرطبات يقف بالقرب مني. كان ينظر حوله، لا سيما إلى المداخل المؤدية إلى المساحة الكبيرة الواقعة بين المكاتب والأرصفة. وقد نظر في ساعته مرة أو اثنتينِ. حينها كانت الساعة السابعة وعشر دقائق وفقًا لساعة المحطة. بدا الرجل نافد الصبر؛ إذ راح يتجوَّل حوله في تململ. مررت بجواره وذهبت إلى كشك الكتب. وحين التفت مرة أخرى كان يقف على بُعد ياردات قليلة مني، ويسلِّم بيده على رجل آخر. ومن الطريقة التي كانا يُسلِّم بها أحدهما على الآخر استنتجت أنهما كانا صديقين مقرَّبين ربما لم يلتقيا منذ فترة طويلة.»

«أكانت تحيتهما لبعضهما حارة؟»

«أقول إنها كانت فياضة.»

«هل يمكنك أن تصف الرجل الآخر؟»

«يمكنني أن أصف انطباعًا عامًّا عن كلا الرجلين. كان الرجل الآخر طويلًا — أطول من هانافورد — لكنه لم يكن عريض الجسم مثله. وكان يرتدي معطفًا طويلًا فضفاضًا له حزام من الخلف؛ وكان لونه إما أزرقَ داكنًا أو أسودَ. وكان يرتدي أيضًا قبعة حريرية جديدة ولامعة. حين رأيته كان انطباعي عنه أنه رجل أنيق الملبس؛ إذ كان يرتدي حذاءً أنيقًا وجوربينِ وما إلى ذلك، وليس هذا سوى انطباع عام من نظرة سريعة. أما عن ملامحه، فلا يمكنني أن أذكر عنها شيئًا.»

سأله قاضي التحقيق: «ولمَ؟»

«في المقام الأول؛ لأن الرجل كان يرتدي نظارة كبيرة للغاية زرقاء اللون حجبت عينيه تمامًا، ثم إنَّ حلقه وذقنه كانا ملفوفين بكوفية بيضاء ثقيلة، وكانت تلك الكوفية تغطي الجزء السفلي من وجهه أيضًا. وبين حافة القبعة وياقة المعطف كان كلُّ ما أراه هو النظارة والكوفية!»

بدت على القاضي خيبةُ الأمل. وبدا أنَّ اهتمامه بالشاهد قد تبخَّر.

فسأله: «هل لاحظت أي شيء آخر؟»

«لم ألاحظ شيئًا سوى أن الوافد الجديد أخذ بذراع هانافورد وأنهما سارا باتجاه رَدهة الدخول الموجودة على الجانب الأيسر، ومن الواضح أنهما كانا يتحادثان محادثة جادة. كان هذا هو آخر عهدي بما رأيت منهما.»

قال قاضي التحقيق: «ثمة سؤال واحد فقط أريد أن أختتم به. أنت تقول بأنك واثق من أن الصورة التي رأيتها في الصحف هي صورة الرجل الذي رأيته في فيكتوريا. والآن، هل رأيت جثة المتوفَّى؟»

«رأيتها. لقد أخذتني الشرطة حين تطوَّعت للإدلاء بشهادتي.»

«وهل وجدت أن الجثة هي للرجل الذي رأيته؟»

«من دون أدنى شك! لا شك لديَّ في ذلك مطلقًا.»

بعد خمس دقائق أُرجئ التحقيق، واجتمع المعنيون بالأمر معًا في القاعة التي بدأت تفرغ ليناقشوا شهادة المتطوع بالشهادة. وقد بدا على ماذرفيلد شيء من التفاؤل والبهجة.

قال وهو يفرك يديه وكأنه على وشك أن يكتشف شيئًا: «هذا أفضل! أفضل بكثير. نحن نعرف الآن أن هانافورد التقى برجلين في تلك الليلة على أي حال. ومن الأسهل أن نبحث عن رجلين بدلًا من رجل واحد!»

بدت رونا، التي كان هيثرويك قد اصطحبها إلى جلسة التحقيق، مندهشة. فسألت قائلة: «كيف يمكن ذلك؟»

أجابها ماذرفيلد وهو يضحك: «السيد هيثرويك يفهمني. سيخبرك هو بذلك.»

لكن هيثرويك لم يقُل شيئًا. كان دائم التفكير في أمرِ تلك المرأة التي يحمل صورتها في جيبه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤