الفصل التاسع

زجاجة الدواء

ابتعد هيثرويك عن أجواء فليجوودز رينتس القذرة، وراح يفكِّر أكثرَ من أيِّ وقت مضى في هذا التطوُّر الجديد، واستمر هذا التفكير والتخمين على مدى ما تبقَّى من ذلك اليوم، ومعظم اليوم الذي يليه. بدت له وفاة جرانيت المفاجئة والتي تلت وفاة هانافورد كأنها دليل دامغ على أن هناك خلفَ هذا اللغز أكثر مما يتصوَّره أيُّ أحد حتى الآن. وعلى الصعيد الشخصي، لم يكن لدى هيثرويك أدنى شك أن أيًّا كان الذي سمَّم هانافورد قد سمَّم جرانيت أيضًا. ولم يفاجَأ على الإطلاق حين دلف ماذرفيلد إلى شقته في وقتٍ لاحق من ظهر اليوم التالي لزيارته لدوركينج، وبدا على وجهه أنه يحمل الكثير من الأخبار.

قال هيثرويك وهو يومئ إلى زائره بأن يجلس على أحد الكراسي الوثيرة: «أعرف ما ستخبرني به يا ماذرفيلد. لقد أجرى الأطباء فحصَ ما بعد الوفاة على جرانيت، ووجدوا أنه مات مسمومًا.»

بُهت ماذرفيلد؛ إذ سُلِبت منه فرصة القيام بعرض درامي.

وأجاب: «الحق أنَّ هذا تحديدًا هو ما كنت سأخبرك به. هذا ما يقولون بالفعل. وهم الأطباء أنفسهم الذين أجروا فحصَ ما بعد الوفاة على هانافورد. ألا يفاجئك ذلك؟»

أجاب هيثرويك: «كلا على الإطلاق. لقد توقَّعت ذلك. هل الأطباء واثقون من ذلك؟»

«واثقون تمامًا! بالرغم من ذلك، فمثلما كان الحال في قضية هانافورد، هم غير متيقنين من نوع السُّم المستخدَم بالتحديد. لكنهم اتبعوا الإجراء الذي اتخذوه في قضية هانافورد أيضًا، وأحالوا القضية برمَّتها إلى اثنين من أكبر الأطباء في هذا المجال؛ أحدهما هو الرجل الذي تستعين به دائمًا وزارة الداخلية في هذه الأمور، والآخر هو متخصِّص شهير في مستشفى «سانت مارثا» نسيتُ اسمه الآن. سيشرعون في العمل؛ إذ إنهم يعملون على حالة هانافورد الآن. أفهم أن هذه المهمة صعبة؛ فهذا سمٌّ غامض للغاية، والأرجح أنه غير معروف إلا على نطاق ضيق للغاية. لكنني أظنُّ أن لدينا تلميحًا عنه.»

قال هيثرويك متعجبًا: «تلميح! عن السُّم؟ ما ذلك التلميح؟»

أجابه ماذرفيلد: «حسنًا، الأمر كما يلي. بعد أن غادرت فليجوودز رينتس ظهر الأمس، وبينما كنتُ أقوم بالترتيبات من أجل رفع جثة ذلك الرجل المسكين ألقيت على الغرفة نظرة أخرى متأنية. والآن، إن كنت قد لاحظت الأشياء بدقة كما كانت، فربما انتبهت إلى أن جزءًا من سرير جرانيت، وبالتحديد مقدمة السرير، كان يقع فيما يشبه الكوَّة. وفي زاوية تلك الكوَّة أو التجويف، وجدت زجاجة وكأسًا حيث كان يمكن لجرانيت أن يضعهما إذا ما مدَّ يده من السرير. كانت الزجاجة هي زجاجة دواء عادية، لكنها لم تكن كبيرة للغاية. كانت السِّدَادة الفلينية موجودة فيها، وكان بها من السائل بوصة تقريبًا، وبعد أن أزلت الفلينة وجدت أن السائل هو الويسكي، ومن خلال رائحته يتسنى لي القول إنه كان من نوعية فاخرة للغاية. لكنني لاحظت أن هناك أثرًا طفيفًا للغاية لراسبٍ ما في قعر الزجاجة. وكان هناك أثر لراسب مشابه في قعر الكأس أيضًا. وحينها بالطبع، وضعت تلك الأشياء بعناية في علبة وأغلقتها وسلَّمتها إلى الأطباء. كان واضحًا تمامًا لي، من خلال إعادة بناء الأحداث كما تعلم، أنَّ جرانيت صنع لنفسه من تلك الزجاجة مشروبًا أو لنقل كأسًا مسائية، وذلك حين خلد إلى فراشه، ثم وضع الزجاجة والكأس من يده بجوار مقدمة السرير في الركن. ومثلما أنوي تتبُّع تلك الورقة النقدية من فئة الجنيهات الخمسة، فإنني أنوي تتبُّع تلك الزجاجة!»

سأله هيثرويك باهتمام كبير: «كيف ذلك؟ إلى ماذا ستتبَّعها أو لمن؟»

أجابه ماذرفيلد: «إلى الكيميائي الذي أتت من عنده. لقد أتت من عند أحدهم، وسأجده!»

قال هيثرويك: «هناك مئات من الكيميائيين في لندن، إنها مسألة عويصة.»

قال ماذرفيلد مؤكِّدًا: «ستتم هذه المهمة على أي حال. وقد لا تكون عويصة بقدْرِ ما تبدو عليه من الوهلة الأولى. انظر! كان يوجد على تلك الزجاجة ملصقان، صحيح أن كليهما ممزَّق ومشوَّه، لكن لا يزال لدينا ما يكفي لتضييق نطاق البحث. لقد طلبت تصوير وجه الزجاجة، وإليك نسخة من الصورة.»

أخرج نسخة من صورة فوتوغرافية حديثة الطباعة قد وُضعت على بطاقة، وسلَّمها إلى هيثرويك الذي أخذها ورفعها في الضوء وراح يفحصها بعناية. كانت الصورة لواجهة زجاجة الشراب، وعليها ملصق في أعلاها وآخر في أسفلها. كان كلا الملصقين ممزَّقين، وكأنَّ الهدف من ذلك هو طمس الأسماء والعناوين، لكن كان لا يزال يوجد الكثير من الأحرف المتبقية.

سي. إيه
المحترم،
المزيج كالسابق
برقم إيه.١١٥٢

احذر. رُكِّب هذا الشراب على يد كيميائي مؤهَّل تمامًا مع … إلى الأدوية المحتملة … مضمون … أمنيات … بريس …

إم. بي. إس.
إس تي. دبليو. سي.

علَّق ماذرفيلد قائلًا: «ذلك الملصق السفلي هو المفتاح يا سيد هيثرويك. سأملأ تلك المسافة باسم الكيميائي وعنوانه، وسرعان ما سأكتشف مَن يكون سي. إيه المحترم هذا! يوجد محل ذلك الكيميائي في حي ويست سنترال، وهو أحد أعضاء جمعية الصيادلة، سيوجد في سجلاته شخص يكون الحرفان الأولان من اسمه: «سي» و«إيه»، وسيتعرف على الرقم: «إيه ١١٥٢» الموضوع على الوصفة الطبية. هذا دليل ثابت؛ وحتى إن كان هناك عشرات الكيميائيين في حي ويست سنترال، كما هو الحال بلا أدنى شك، فسوف أتعقَّب ذلك الملصق حتى النهاية!»

أعاد هيثرويك الصورة وبدأ يذرع أرضية الحجرة جَيئة وذهابًا. وفجأة التفت إلى زائره وكان قد قرَّر أن يخبره بما كان يقوم به هو نفسه.

فقال وهو يهوي على الكرسي مرة أخرى وينتقي نبرةً تنم عن الثقة: «ماذرفيلد، ماذا تفهم من كل هذا؟ أقصد، ما نظريتك؟ أمنْ رأيك أن وفاة هذين الرجلين متسقة إن جاز التعبير؟»

أجابه ماذرفيلد بإيماءة مؤكِّدة: «هذا هو رأيي! صرت متأكدًا من ذلك بقدرِ ما أنا متأكد من أنني أراك الآن يا سيد هيثرويك. حالتا الوفاة متسقتان بكل تأكيد! ومَن سمَّم هانافورد سمَّم جرانيت أيضًا! سأخبرك كيف أدركت ذلك حيث إن الأطباء لم يخبروني برأيهم عن حالة جرانيت إلا قبل ساعتين فقط. بهذه الطريقة: كان كلٌّ من هانافورد وجرانيت على معرفة أحدهما بالآخر في سيليثوايت قبل عشر سنوات. وتلك الليلة التي ترك فيها جرانيت آبليارد على طريق هورسفيري ودلف إلى شارع فيكتوريا، قابل هانافورد بمحض الصدفة.»

سأله هيثرويك: «لماذا بمحض الصدفة؟»

قال ماذرفيلد: «حسنًا هذا ما أظن. لقد فكَّرت في الأمر بهذه الطريقة. وربما التقيا وفقًا لموعد بالطبع. لكنهما التقيا على أي حال، ونحن نعرف هذا. والآن، أين قضيا الوقت بين ساعة لقائهما وساعة ركوبهما عربةَ القطار في «سانت جايمس بارك»؟ لا نعرف. لكن هنا يدخل عامل غير معروف؛ ماذا عن ذلك الرجل الغريب في فيكتوريا؛ ذلك الرجل المغطَّى حتى عينيه؟ ثمة أمران أفكِّر فيهما يا سيد هيثرويك. هل كان هانافورد هو مَن اصطحب جرانيت لمقابلة ذلك الرجل، أم التقى هانافورد وجرانيت لدى ذلك الرجل؟ ذلك أنني أرى أن ذلك الرجل — أيًّا مَن كان — هو المسئول عن كل شيء.»

سأله هيثرويك: «ولمَ التقيا لدى ذلك الرجل؟»

•••

فأجابه ماذرفيلد: «في الواقع، أظنُّ أن السر الخاص بهانافورد له علاقة بهذا الأمر. كان معه المظروف المغلق حين غادر فندق مالتر، وكان المظروف قد اختفى حين فتَّشنا ملابسه بعد وفاته. تقول الحفيدة إن الأمر له علاقة بمواد كيميائية. فماذا لو كان ذلك الرجل الطويل الموشَّح أحد الأشخاص الذين أراد هانافورد رأيهم العلمي، وأنهما التقيا في فيكتوريا وذهبا إلى شقته في مكانٍ ما في ذلك الحي؟ وماذا لو أن جرانيت، وهو أيضًا يعمل في مجال الكيمياء، أتى إلى هناك وهو يعرف كلاهما؟ وماذا لو أن الرجل الموشَّح سمَّمهما كليهما ليحتفظ بالسر بنفسه؟ أترى ما أرنو إليه؟ جيد جدًّا! أنت تفهمني الآن. يكمن السر في تتبُّع ذلك الرجل، أيًّا كان هو. أتمنى لو كنت أعرف سرَّ هانافورد ذلك، أو طبيعته بالتحديد.»

قال هيثرويك: «سأخبرك يا ماذرفيلد! لقد كنت صريحًا معي للغاية، وسأبادلك هذه الصراحة بشرط أن نعمل معًا من هذه النقطة. الواقع أنني كنت أعمل أيضًا. أنا مهتم للغاية بهذه القضية. منذ اللحظة التي رأيت فيها هانافورد يموت في القطار وبتلك الطريقة المريعة الغريبة، فقد أثار الأمر اهتمامي، وسأعمل حتى أصل إلى حل هذه القضية. والآن سأخبرك بكلِّ ما كنت أقوم به وما أتيت على اكتشافه. فاستمع إليَّ بعناية.»

وأكمل يقول لزائره تفاصيل زيارته كلها إلى سيليثوايت، وعن نتائج تحقيقاته هناك، وعما ستفعله رونا وعن ملاحظتها في قصر ريفرسريد. وراح ماذرفيلد يستمع في صمت وانهماك.

ثم تساءل فجأة بعد انتهاء هيثرويك من حديثه: «هل ستحصل الآنسة هانافورد على تلك الوظيفة إذن؟ أحُسِم ذلك الأمر؟»

أجابه هيثرويك: «من الناحية العملية، أجل. لقد وصلني خطاب من الليدي ريفرسريد هذا الصباح، ووصل السيد كينثوايت خطاب أيضًا. وقد أعطينا الآنسة هانافورد، والمعروفة لدى الليدي ريفرسريد باسم الآنسة فيذرستون، توصيات جيدة للغاية من أجل الحصول على الوظيفة، وأتوقَّع أنها ستتصل تليفونيًّا بالآنسة هانافورد فور أن تصلها خطاباتنا وتخبرها بأن عليها المجيء في الحال. وحينها ستذهب.»

سأل ماذرفيلد: «لتعمل … جاسوسة؟»

قال هيثرويك موافقًا إياه: «أجل، إن أردت أن تطلق عليها ذلك. بالرغم من ذلك، فقد كوَّنت الآنسة هانافورد رأيًا إيجابيًّا عن الليدي ريفرسريد بناءً على ما رأته منها بالأمس. غير أنني واثق تمامًا بأنها مرتبطة بهذه المسألة بطريقة أو بأخرى، وربما كان ارتباطها بريئًا، لكن علينا ألَّا نضيِّع أيَّ فرصة.»

سأله ماذرفيلد: «وهل ستمدك الآنسة هانافورد بالتقارير؟»

«بالضبط! إن عمل الآنسة هانافورد لا يشتمل على القيام بالأعمال أيام الأحد؛ لذا فستأتي هي إلى المدينة في أيام الآحاد، وستخبرني بأي شيء يستحق الذكر. إنها فتاة ذكية وماهرة يا ماذرفيلد، وستبقى حذرة ومنتبهة.»

أومأ ماذرفيلد وجلس صامتًا لحظة، وبدا جليًّا أنه كان غارقًا في أفكاره.

ثم قال فجأة: «حسنًا، إنها فتاة ماهرة، هذا صحيح بالطبع! أممم! أتساءل الآن مَن تكون تلك السيدة ريفرسريد حقًّا؟»

قال هيثرويك ضاحكًا: «تلك الليدي ريفرسريد! إنها امرأة من صاحبات الملايين!»

«حقًّا، هكذا إذن؛ لكن مَن كانت قبل زواجها؟ إن كانت هي المرأة المعروفة باسم السيدة ويتينجهام …»

«أفي ذلك شك بعد ما توصلت إليه؟»

«المرء لا يعرف أبدًا يا سيد هيثرويك! باركك الرب! إنهم يتحدثون عن طائلة الصدف. عجبًا، لقد عرفت في أثناء خدمتي بأشياء تجعلني أشعر بأنه لا يوجد شيء مثير للدهشة حتى في أكثر الصدف إثارة للدهشة! لكن، إذا كانت الليدي ريفرسريد هي السيدة ويتينجهام قبل ذلك، فسأرغب في أن أعرف كل شيء حدث للسيدة ويتينجهام حتى أصبحت الليدي ريفرسريد، ومَن كانت قبل أن تكون السيدة ويتينجهام، إن كانت هي السيدة ويتينجهام في الأساس!»

قال هيثرويك: «هذه مهمة عويصة يا ماذرفيلد. أعتقد أننا سيكون لدينا من العمل ما يكفي بمراقبة الليدي ريفرسريد.»

سأله ماذرفيلد: «أتتوقَّع شيئًا هناك؟»

فأجابه هيثرويك: «أظنُّ أن شيئًا قد يكشف عن نفسه.»

هنا نهض ماذرفيلد واقفًا.

وقال: «حسنًا، أعلمني بالمستجدات، وسأعلمك أنا أيضًا بالمستجدات. فلدينا دليل نتَّبعه، والرب وحده يعلم ما سنتوصَّل إليه من ذلك!»

وسأله هيثرويك: «هل تبذل قصارى جهدك في تتبُّع ذلك الرجل الطويل؟»

صاح ماذرفيلد بامتعاض: «قصارى جهدي! لقد بذلنا قصارى جهدنا ثم بذلنا المزيد! لقد وضعت عملاء سريين في كل مكان في حي فيكتوريا، وأظن أن كل رجل طويل في تلك المنطقة كان تحت المراقبة. وأظن أن السيد ليدبيتر كان عازمًا على إيجاده حتى إنه كان يُمضي وقت فراغه كلَّه في التجول في الحي وفي زيارة المطاعم والبارات بحثًا عن الرجل الذي رآه، لكن من دون أي نتيجة بالطبع!»

قال هيثرويك: «الأمر سيان! ذلك الرجل يقبع في مكانٍ ما!»

غادر ماذرفيلد، ولم يرَه هيثرويك مرة أخرى لعدة أيام، إلا في أثناء التحقيق الخاص بجرانيت والذي لم يسفِر عن شيء لم يكن معروفًا بالفعل. ولم يحرز هيثرويك أيَّ تقدُّم في تحقيقاته التي يقوم بها خلال تلك الفترة. كانت رونا هانافورد قد ذهبت إلى قصر ريفرسريد باعتبارها سكرتيرة الدار التي افتتحتها سيدة القصر، ولم يسمع هيثرويك عنها شيئًا حتى يوم الأحد الذي تبِع يوم رحيله. بعد ذلك، أتت رونا إلى المدينة صبيحة يوم الأحد، ووفقًا لترتيبهما السابق، قابلها هيثرويك في فيكتوريا، واصطحبها لتناول الغداء في فندق مجاور.

سألها هيثرويك حين استقرَّا وأخذا يتناولان الحساء: «هل هناك شيء تخبرينني به؟ هل حدث أي شيء؟»

أجابته رونا: «لا شيء! كل شيء يبدو طبيعيًّا للغاية، والأمور تسير بمهنية وانتظام. وتبدو لي الليدي ريفرسريد قدوة من نوعٍ ما؛ فتفانيها لتلك الدار ونزلائها بارز ورائع! لا أظن أن شيئًا سيحدث، أو أنه سيكون لديَّ ما أنقله لك.»

قال هيثرويك: «حسنًا، سيكون لذلك إيجابياته. سيترك لنا وقتًا أطول لأنفسنا، أليس كذلك؟»

نظر إليها واستجابت رونا لنظرته بخجلٍ لكن بطريقةٍ لا لبس فيها؛ إذ كانت تعرف مثلما يعرف هو، أنهما مولعان أحدهما بصحبة الآخر. وظلا يلتقيان أيام الآحاد، ومر ثلاثة أسابيع أو أربعة دون أن يكون لديها أي معلومة ذات صلة بلغز هانافورد وجرانيت.

انقضت أسابيع ثلاثة قبل أن يكون لدى ماذرفيلد أيُّ أخبار هو أيضًا. وذات صباح دلف إلى شقة هيثرويك وقد بدا وجهه أنه يحمل أخبارًا.

فقال: «تتبعتها! كنت أعرف أنَّ عليَّ فعلَ ذلك! تلك الورقة النقدية فئة الخمسة الجنيهات، التي كانت جديدة تمامًا. لم تكن إلا مسألة وقت بالطبع.»

سأله هيثرويك: «وهل من أخبار؟»

أكمل ماذرفيلد يقول: «كانت واحدة من بين خمسة وعشرين جنيهًا دفعها الصرَّاف في بنك «لندن آند كانتري» في بيكاديلي إلى سكرتير «فيفيان». وكان ذلك بتاريخ اليوم السابق لمقتل هانافورد. اسمح لي أن أخبرك بأن «فيفيان» نادٍ ليلي مرموق. فكيف وصلت تلك الورقة النقدية إلى يد جرانيت؟ ستكون مهمة معرفة ذلك عويصة!»

قال هيثرويك بشيء من الدعابة: «عويصة لدرجةِ أنه يؤسفني إخبارك ألا تطلب مني الاشتراك فيها. ينبغي عليَّ أن ألتزم بخطتي، حين تأتي الفرصة.»

وحانت الفرصة في يوم الأحد التالي، حين قابل رونا وفقًا للعادة التي ترسَّخت بينهما. رمقت رونا هيثرويك بنظرة مميزة فور أن خرجت من القطار.

قالت وهما ينصرفان عن الرصيف: «لديَّ أخبار، أخيرًا! لقد حدث أمرٌ ما، لكنني لا أعرف ما يعنيه ذلك.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤